عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 17-10-2005, 06:30 AM
سهيل الجنوب سهيل الجنوب غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Apr 2005
المشاركات: 873
معدل تقييم المستوى: 20
سهيل الجنوب is on a distinguished road
حوار الحضارات بين الواقع والطموح




**اسم الكتاب: حوار الحضارات بين الواقع والطموح
اسم المؤلف: سهيل العروسي
** الناشر: دار الينابيع - سوريا 2001م
** بعد أحداث التفجيرات التي حدثت في مدينة نيويورك وواشنطن العاصمة في شهر سبتمبر 2001م ظهرت كتابات وأدبيات مركزة عن صراع الحضارات، وأن ما حدث نتيجة طبيعية للاختلاف بين حضارتين تتفقان في مواضع، وتتعارضان في مواضع أخرى، وتعارضهما أكثر من اتفاقهما، وهذا الصراع هو صراع أبدي ويمتد إلى مئات السنين الماضية.
وأن ما حدث في شهر سبتمبر ما هو إلا حلقة من حلقات الصراع الحضاري بين فكرين غربي وشرقي، أو بين عصري ومتخلف، أو بين إسلامي ومسيحي، أو بين مجتمع صناعي وبين مجتمع استهلاكي، وهكذا تتنوع وتتغير المسميات حسب نوع وثقافة الكاتب، فكل كاتب يرى هذا الصراع من زاوية رؤيته وثقافته أو ميوله.

الحضارة تحتاج إلى تعريف:
في هذا الكتاب يقدم لنا كاتبه معارضته لما يدور من حوار حول صراع الحضارات، ويبدأ كتابه في البحث عن ما هي الحضارة، ويسعى إلى تتبع بدايتها ونشوء الحضارة الإنسانية، ويقدم التعريفات العديدة لها، ومن هذه التعريفات نجد أن كلمة الحضارة من الكلمات المبهمة غير الواضحة، فهي قد تعني لشخص ما لا تعنيه عند شخص آخر، فإن الحضارة قد تكون برؤية ابن خلدون " وهي التفنن والترف وإحكام الصنائع المستعملة في وجوهه ومذاهبه، من المطابخ والملابس والمباني والفرش … وسائر عوائد المنزل وأحواله."
واما رجل التاريخ توينبي، فهو يرى ان الحضارة هو التفوق على الطبيعة وتسخيرها لخدمة الإنسان، والتمتع وتذوق الجمال والفنون، كما يرى أن المجتمع المتحضر هو الذي يستطيع مجابهة ومواجهة التغيرات والتحديات بما يفيده.
ومفهوم الحضارة كما هو مطروح في الكثير من أدبيات الزمن الحاضر هو أن الحضارة هي نتيجة المزج بين أنماط حياتية منوعة نمت مع ظروف بيئية واجتماعية خاصة في كل منطقة، انصهرت في بوتقة واحدة، لتكون ثقافة مقبولة من مجموعة من الجماعات، تآلفت بينها على مستوى حضاري يحقق لها الاستقرار المعيشي والأمني والفكري.
كما أن المؤلف يتعرض لكلمة الثقافة والحضارة ويبين الفرق بينهما، فالحضارة هي أعم وأشمل، ولو أن الثقافة هي الملون الأساسي للحضارة، وتصطبغ الحضارة في أي مكان بالثقافة السائدة.

التاريخ يقول غير ذلك:
يعود الكاتب الى متابعة حركة التاريخ من بدء نشوء الحضارة، ويتابع التطور الإنساني ويسعى إلى إثبات أن أساس الحضارة ومنبعها واحد، أي أن الانطلاقة واحدة، وكأنه يصفها بأن جميع البشر يرجعون إلى آدم عليه السلام، فهو يقول إن منشأ الحضارة ومنبعها ليس بلد اليونان والإغريق، بل إن الشرق هو أساس ظهور الإنسان الحضاري الذي انطلق يحمل رسالة العمران إلى كل أنحاء الأرض، لذا فإن القول إن هناك حضارة غربية وشرقية هو فكر مناقض للواقع التاريخي، ولكنه لا يتعارض من اختلاف المصالح، فالمصالح اختلفت باختلاف أهداف المجتمعات.
ويصل المؤلف في كتابه إلى نتيجة حاسمة لما يقدمه من براهين تاريخية عن نشوء الحضارة وانتشارها بأنها بدأت في الشرق وخاصة الشرق العربي وما بين النهرين(أرض العراق والشام حاليا)، ويرى بأن القول إن هناك حضارة شرقية وحضارة غربية، هو افتعال تاريخي ليس له إثبات، فالحضارة منبعها ومنشؤها واحد وترجع جميع الحضارات إلى الحضارة الأولى وإلى المنشأ الأول.

وجهة نظر عربية:
يرى المؤلف أن العرب في تاريخهم الطويل لم يعرفوا ما يسمى حاليا صراع الحضارات، فهم قد تداخلوا مع مجتمعات غريبة عنهم، وقبلوا منهم وأخذوا عنهم وأعطوهم، وكان الفضاء العربي يقبل الغريب، ولا يرفضه، حتى بداية الحروب الصليبية. فقد كان العرب هم المشكل الحضاري للغرب، وليس العكس، فالغرب جهز جيوشه ليغزو العالم العربي، أي ان الاعتداء وصراع الحضارات كان نتيجة عدم قبول الغرب لما هو قائم في الشرق.
يقدم الكاتب في كتابه مجموعة من الأفكار والأدبيات العربية والتي يقدم أصحابها وجهة نظرهم فيما يسمي صراع الحضارات، ويقدم آراء قيمة لأفكار بعض الكتاب العرب ومنهم الكاتب والمفكر الفلسطيني ادوارد سعيد، والدكتور أحمد برقاوي، والدكتور برهان غليون.

الاستشراق:
يتطرق المؤلف إلى موضوع الاستشراق، وهو ما يقدمه الفكر الغربي من أفكار ودراسات وبحوث عن العالم العربي والإسلامي، ورؤيتهم التي كثيرا ما تكون متحاملة أو كارهة، فهي بعيدة عن الحياد، فبعض الأبحاث لا تقوم لمعرفة الحقيقة بل لإثبات أمر خاص يمس بالفكر الإسلامي أو الفكر العربي عموما.
ويقدم لنا المؤلف نماذج من الفكر الاستشراقي، ويبين أنها تحمل في طياتها الكثير من المغالطات وعدم الفهم، كما يستشهد المؤلف بفكر المستشرق رينان الذي يرى أن الإسلام يحتقر العلم، ولا يؤمن بالمجتمع المدني.
كما يناقش أيضا أفكار الفيلسوف الأمريكي ( هنتنجتون ) الذي ابتدع فكرة صراع الحضارات، وجعل الإسلام أحد أطراف الصراع الحضاري. ويرى المؤلف أن هذه الأفكار هي نتيجة تفسير الوضع الحالي بما يتناسب مع الاتجاهات الفكرية والاقتصادية الحالية، بدون الرجوع إلى التاريخ والنظر إلى الصورة كاملة.

كتاب مميز:
هذا الكتاب ينشر في الوقت المناسب، فإن الأحداث السياسية الكبيرة والتي تحرك وتصنع التاريخ في هذا الزمن يجب أن تلاقي الاهتمام الفكري والمجادلة الحضارية والإنسانية، وهذا الكتاب هو اجتهاد عربي للدفاع عن وجهة النظر العربية التي تكون دائما تحت المجهر وتحت الشك والريبة، وهذا الكتاب هو دفاع عن الحضارة العربية والإسلامية من التهم الموجهة لها من العنصر القوي في هذا الزمن .

 

التوقيع

 

سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم

 
 
رد مع اقتباس