الموضوع: الصلاة
عرض مشاركة واحدة
  #28  
قديم 29-09-2008, 02:11 AM
shireen shireen غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Jan 2007
المشاركات: 56
معدل تقييم المستوى: 18
shireen is on a distinguished road
رد: الصلاة

فمن الذي كان يعتني بتربيتك آن ذاك؟
. أهي أمك أم أبوك؟. ومن هو المربي لك؟. في ذلك الطَوْر؟. أليس هو الله تعالى صاحب العطف والحنان؟. هل جلست تفكر بعنايته بك في هذه الفترة من حياتك وهل جلب انتباهك هذا الدور؟. فعندما نزلت إلى هذه الدنيا وواجهتْ عيناك النور من هو الذي كان يحضر لك اللبن سائغاً رويّاً في ثديي أمك؟. من هو الذي كان يبدل لك معاييره يوماً من بعد يوم؟. أمَّن هذا الذي أودع في قلب أمك العطف عليك والحنان وجعلها تحزن لحزنك وتفرح لفرحك وتمرض لمرضك وترضى أن تضحي براحتها راغبة في سبيل تأمين راحتك؟. والآن وقد بلغت أشدك وأصبحت رجلاً هل فكرت في من يقدّم لك صنوفاً وألواناً وأنواعاً متنوعة من الأغذية والثمار؟. ومن ينزِّل لك من السماء الثلوج والأمطار؟. ومن الذي سلك لك في الأرض الينابيع والأنهار(1)؟. ومن الذي جعل لك الأرض، هذه الكرة السابحة في الفضاء تدور حول نفسها فيتولد في ذلك الليل والنهار؟.

وهل نظرت إلى الشمس وما يأتيك منها من حرارة وضياء وإشعاع والقمر وما هو عليه من نظام تتعرف به إلى السنين والحساب
.. والهواء وما فيه من غازات نافعة بنسب معينة لا تستطيع أن تظل بدونها ساعة من نهار؟. من الذي شحن الهواء بهذه الغازات الضرورية للحياة؟. ومن الذي جعل الليل والنهار خلفةً وبهذا القدر المناسب للراحة والحياة؟. من الذي خلق لك البحار وملأها بالماء وجعل ماءَها ملحاً أجاجاً لا يفسد؟. ما هذه الرياح المستمرة في طوافها على سطح الأرض تأتي بالخير وتبشِّر بالمطر وتجدِّد الهواء؟. ما هذه المعادن المودوعة في باطن الأرض ما هذه الأتربة وما هذه الأملاح؟. من الذي ألقى في الأرض من كل زوج اثنين من النبات وبث فيها من كل دابة؟. أليس ذلك كله ضروري للحياة؟. أليس ذلك الممد المربي هو الله؟ وهل فكَّرت بشيء من عنايته بك وعرفت معنى كلمة (الرَّب)؟. الذي يربِّيك في هذه الحياة.

وأوجز القول وأنتقل إلى كلمة
(العالمين).. إن كلمة (العالمين)هي جمع عالم والعالم كل شيء من المخلوقات اشترك بعضه مع بعض في الحياة في صفات واحدة ومن جنس واحد.

فالنمل عالم والطير عالم والأسماك في البحار عالم والنباتات عالم والمواشي عالم والإنسان عالم والنجوم السابحات في الفضاء عالم والجراثيم عالم
.. حتى أن عالم الطير يضم عوالم عديدة وكذلك عالم الأسماك يشتمل على أنواع شتى وعوالم مختلفة.

وفي الإنسان عوالم كثيرة من كريات بيض وكريات حمر ولكل من الكريات أنواع وأشكال ووظائف وأعمال وتوالد وتكاثر وغذاء ووسط مناسب للحياة، وفي الإنسان ما فيه من عوالم لا تحصى وما يعلم بها إلا الله ولو أنك دققت وفكرت بعض الشيء لشاهدت ورأيت ولطأطأت نفسك مقرَّةً بجلال الله وعظمته وقدرته ولرأيت أن الله تعالى واسع عليم وأنه سبحانه العزيز الحكيم والرؤوف الرحيم
.

وهكذا ففي هذا الكون الخضم عوالم وفي كل شيء عوالم لا يعلم بعددها إلا خالقها وموجدها ولكل عالم من هذه العوالم شرائط للحياة وإمداد خاص بها وأصول للتوالد والتكاثر وأنواع منوَّعة من الأغذية
. وعلى سطح الأرض مقادير وأعداد ونسب معينة وقوانين للحياة. قال تعالى: {..وَكُلُّ شَيءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ، عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الكَبِيرُ المُتَعَالِ}(1).

وهذا الرب الممد لهذه العوالم كلها القائم عليها والمتكفل برزقها والممد لها بالحياة هو الله تعالى وحده رب العالمين
.

أما كلمة
(الله)في كلمة (الحمد لله) فهي مأخوذة من الإله والإله هو الذي يؤول إليه أمر كل ما في الكون من حيث رزقه ومعاشه وإمداده بالحياة وقيامه وتسييره في أعماله ومنحه ما يتطلبه في حياته بما يتناسب وكمال كافة المخلوقات فمن كمال لكمال أوسع وليس بالإمكان أبدع مما كان.. أي ليس بإمكان أحد من البشر أن يبدع مثل هذا الإبداع أبداً. فسبحانك ربي ما أعظم كمالاتك ولا إله لي وللكائنات كلها سواك.

فالابن الرشيد العاقل حين ينضج ويكبر يحمد كل ما قام به والده بسن صغره تجاهه من تصرفات على اختلاف وجوهها من عطاء أو منع، شدة أو رحمة، غضب أو رضى، أي يقرّ نفسياً بحسن هذه التصرفات ويحترم تلك المعاملة التي عامله بها أبوه حتى رفع من سويته العلمية والخلقية
.

فأنا حينما أرى أن المرض قد زال عني وخلصت منه، وحينما أرجع إلى معالجة الطبيب وعنايته بي حتى خلَّصني مما كنت أشكو منه وشعرت بالصحة قد عادت لي من بعد ألم ومرض أجد في نفسي تقديراً واعترافاً بفضل هذا الطبيب وأرى جميع تصرفاته ومعالجاته إياي مهما كان نوعها إنما كانت حسنة، إذ أن غايته جميعها كانت شفائي وخلاصي مما كان بي، فأرى الخير فيما وصف لي من الأدوية الكريهة المرّة، وأرى الخير في تلك المعالجات الشديدة حتى أرى الخير بما قام به هذا الطبيب من جرحٍ جرحني به وألم أثاره في بعض نواحي جسمي تبيّن لي الآن عواقب ذلك كله وقد عادت عليَّ بالخير والشفاء والسعادة، وكذلك الطالب حينما يصبح رجلاً وجيهاً في المجتمع ذا منصب رفيع في عمله ومعرفة عالية بين ذويه وعندما يرى شأنه العالي ومكانته السامية التي أصبح عليها هنالك يحمد معلِّمه، أي يرى الخير فيما قام به تجاهه من تصرُّفات مهما كان نوعها ومهما كانت صورتها، حتى أنه ليقرَّ معترفاً في قرارة نفسه بأن ضرب معلِّمه ومعاقبته وحرمانه إياه في بعض الأحيان من الحرية وشدته عليه إنما كانت كلَّها خيراً وهي لا تختلف عنده في شيء عن مدحه ومكافأته وثنائه عليه
.

رد مع اقتباس