أطفال أم الهيمان يموتون من إهمال آبائهم
الاثنين, 7 سبتمبر 2009
د.فالح العمرة العجمي
جريدة الرؤية
نعم.. الأطفال في أم الهيمان وهي ضاحية (علي صباح السالم) يموتون من الألم والأمراض المنتشرة في اجواء المنطقة، لأن هذه المنطقة موبوءة وملوثة بيئيا، وانتشرت فيها أمراض الربو والحساسية الجلدية والسرطان والتشوهات الخلقية في أرحام الأمهات، وذلك بسبب الغازات السامّة المنبعثة من المصانع المخالفة لشروط السلامة الدولية، ولأن أصحاب هذه المصانع استهانوا بأرواح الأطفال الأبرياء من أجل جمع الأموال.
انا في هذا المقال لن أتكلم عن دور الحكومة في حماية أرواح المواطنين، لأنني لا أعوّل كثيرا على دور الحكومة، لأنها ليست أمينة على أرواح الناس، والكوارث الحالية خير شاهد من محطة مشرف الى مرض انفلونزا الخنازير الى محرقة الجهراء وهلم جرا، ولن اعول كثيرا على نواب الدائرة، لأنهم باعوا المنطقة بمن فيها بأبخس الأثمان، ولكن اللوم كل اللوم هو على أولياء الأمور من رجال ونساء، وأوجه لهم هذه الرسالة:
ماذا تقولون لأطفالكم المرضى الذين يقضون جل أوقاتهم في المستشفيات ويشكون من ألم المرض ولا يعلمون ما يدور حولهم، ما هي إجابتكم وهم يتجرّعون مرارة الموت البطيء؟ ماذا فعلتم من اجلهم يا آباء؟ هل وفرتم لهم مسكنا مناسبا؟ هل وفرتم لهم هواء نقيا؟ هل وفرتم لهم بيئة نقية؟ هل.. وهل.. قبل فوات الأوان، لا تكفي لقاءاتكم الصحافية، ولا تكفي ندواتكم الانتخابية، ولا تكفي زياراتكم للمسؤولين المنتفعين من وراء هذه المصانع، ولا تكفي لقاءاتكم بالنواب المتخاذلين، ولا تكفي دموع النساء التي اختلطت بدموع الرجال، انهم فلذات اكبادكم، قوموا قيام رجل واحد، واطردوا كل نائب خان الأمانة وفرّط بأرواح أبنائكم، قفوا صفا واحدا من اجل حياة زهور حياتكم، كيف يطيب لكم عيش وانتم ترون ابناءكم امام اعينكم يتساقطون الواحد تلو الآخر، لا تقل هذا عند جاري وليس عندي، فالذي وصل الى جارك سيصلك، والسموم منتشرة في سماء المنطقة، وتزيد ولا تنقص (ظلمات بعضها فوق بعض)، ما ذنب الاطفال الابرياء يُقتلون من دون ذنب ولا خطيئة، لقد حذّر الكثير من الهيئات واللجان التي تابعت تقارير الأجواء في ام الهيمان بأن المنطقة مسمومة، فمتى سيكون لكم موقف يا أهالي أم الهيمان، أليس فيكم رجل يخاف على أبنائه؟
لقد استخدمتم الكثير من الوسائل المتاحة من تصريحات واجتماعات بالمسؤولين والنواب والندوات والمؤتمرات الصحافية دون جدوى، ولكنكم غفلتم أساليب أخرى مشروعة في القانون، أو بمعنى أصح تغافلتم عنها، ولا أظنكم جبناء بتغافلكم عنها، والوسائل المتاحة كثيرة، ومنها: لو أنكم أعددتم أشكالا مجسّدة كجنائز اطفال ملفوفين بالكفن وترفع معها اللوحات مكتوب عليها (ضحايا الغازات السامة اطفال كانوا بحاجة الى هواء نقي) بحضور قنوات إعلامية عالمية وعربية وهيئات عالمية في الشأن البيئي، لكن هذا أبلغ وأنفع لهذه القضية والكارثة البيئية التي هي أعظم من كارثة محطة مشرف، وإن كانت كلها كوارث، يا أهالي أم الهيمان تحرّكوا من أجل أبنائكم، فحياتكم ليست بأعز من حياة فلذات أكبادكم.