الموضوع: الأعجاب بالنفس
عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 01-11-2007, 12:51 PM
نبض العجمان نبض العجمان غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Sep 2006
المشاركات: 662
معدل تقييم المستوى: 18
نبض العجمان is on a distinguished road
رد: الأعجاب بالنفس

-------(آثار الأعجاب بانفس)



ثالثاً : آثار الإعجاب بالنفس :

هذا وللإعجاب بالنفس آثار سيئة ، وعواقب وخيمة ، سواء على العاملين أو على العمل الإسلامي ، ودونك طرفاً من هذه الآثار ، وتلك العواقب :

على العاملين :

فمن آثاره على العاملين :

1- الوقوع في شراك الغرور بل والتكبر :

أي أن الأثر الأول للإعجاب بالنفس ، إنما هو الوقوع في شراك الغرور بل والتكبر ، ذلك أن المعجب بنفسه كثيراً ما يؤدى به الإعجاب إلى أن يهمل نفسه ، ويلغيها من التفتيش و المحاسبة ، وبمرور الزمن يستفحل الداء ، ويتحول إلى احتقار واستصغار ما يصدر عن الآخرين ، وذلك هو الغرور ، أو يتحول إلى الترفع عن الآخرين ، واحتقارهم في ذواتهم وأشخاصهم وذلك هو التكبر.

وللغرور و التكبر آثارهما الخطيرة ، وعواقبهما المهلكة التي سنقف عليها بالتفصيل عند الحديث عن هاتين الآفتين إن شاء الله تعالى .

2- الحرمان من التوفيق الإلهي :

أي أن الأثر الثاني للإعجاب بالنفس ، إنما هو الحرمان من التوفيق الإلهي :

ذلك أن المعجب بنفسه كثيراً ما ينتهي به الإعجاب إلى أن يقف عند ذاته ، ويعتمد عليها في كل شئ ناسياً أو متناسياً خالقه وصانعه ، ومدبر أمره ، و المنعم عليه بسائر النعم الظاهرة و الباطنة .

ومثل هذا يكون مآله الخذلان ، وعدم التوفيق في ظل ما يأتي وفي كل ما يدع ، لأن الحق - سبحانه - مضت سنته في خلقه ، أنه لا يمنح التوفيق إلا لمن تجردوا من ذواتهم ، واستخرجوا منها حظ الشيطان ، بل ولجأوا بكليتهم إليه ، تبارك اسمه ، وتعاظمت آلاؤه ، وقضوا حياتهم في طاعته وخدمته ، كما قال في كتابه { و الذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا } .

وكما قال في الحديث القدسي .... وما يزال عبدي يتقرب إلى بالنوافل حتى أحبه ، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ، ورجله التي يمشى بها ، وإن سألني لأعطينه ، ولئن استعاذ بي لأعيذنه ) .

3- الانهيار في أوقات المحن و الشدائد :

أي أن الأثر الثالث للإعجاب بالنفس ، إنما هو الانهيار في أوقات المحن و الشدائد :ذلك أن المعجب بنفسه كثيراً ما يهمل نفسه من التزكية ، و التزود بزاد الطريق ، ومثل هذا ينهار ويضعف مع أول شدة أو محنة يتعرض لها ، لأنه لم يتعرف على الله في الرخاء حتى يعرفه في الشدة ، وصدق الله إذ يقول :{ إن الله مع الذين اتقوا و الذين هم محسنون } ، { وإن الله لمع المحسنين } .

وصدق النبي صلى الله عليه وسلم إذ ينصح عبد الله بن عباس فيقول :

( ... احفظ الله تجده أمامك ، تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة ... )[11]

4- النفور و الكراهية من الآخرين :

أي أن الأثر الرابع للإعجاب بالنفس ، إنما هو النفور و الكراهية من الآخرين ، ذلك أن المعجب بنفسه قد عرَّض نفسه بصنيعه هذا لبغض الله له ، ومن ابغضه الله أبغضه أهل السموات ، و بالتالي يوضع له البغض في الأرض ، فترى الناس ينفرون منه ، ويكرهونه ولا يطيقون رؤيته بل ولا سماع صوته جاء في الحديث إن الله إذا أحب عبداً ، دعا جبريل فقال : إني أحب فلاناً فأحبَّه ، قال: فيحبه جبريل ، ثم ينادى في السماء فيقول : إن الله يحب فلاناً فأحبوه فيحبه أهل السماء ، قال : ثم يوضع له القبول في الأرض ، وإذا أبغض عبداً دعا جبريل فيقول : إني أبغض فلاناً فأبغضْه ، قال فيبغضه جبريل ، ثم ينادى في أهل السماء ، إن الله يبغض فلاناً فأبغضوه ، قال : فيبغضونه ثم توضع له البغضاء في الأرض ) [12].

5- العقاب أو الانتقام الإلهي عاجلاً أو آجلاً :

أي أن الأثر الخامس للإعجاب بالنفس ، إنما هو العقاب أو الانتقام الإلهي عاجلاً أو آجلاً : ذلك أن المعجب بنفسه قد عرَّض نفسه بهذا الخلق إلى العقاب والانتقام الإلهي عاجلاً بأن يخسف به كما كان في الأمم الماضية ، أو على الأقل يصاب بالقلق ، و التمزق والاضطراب النفسي ، كما في هذه الأمة ، أو آجلاً بأن يعذب في النار مع المعذبين وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ يقول بينما رجل يمشى في حلة تعجبه نفسه ، مرجِّل جمَّته إذ خسف الله به فهو يتجلجل إلى يوم القيامة )[13]

على العمل الإسلامي :

وأما آثاره على العمل الإسلامي فتدور حول :

1- سهولة اختراقه وبالتالي ضربه ، أو على الأقل إجهاضه ، فلا يؤتى ثماره إلا بعد تكاليف كثيرة ، وزمن طويل ، نظراً لانهيار العاملين المعجبين بأنفسهم في أوقات المحن و الشدائد ، بل وحرمانهم من خاصية نفاذ البصيرة ، تلك التي تساعد على معرفة الأدعياء ، وتمييز الدخلاء من غيرهم .

2- توقف أو على الأقل بطء كسب الأنصار والأصدقاء ، نظراً لنفور الناس وكراهيتهم للعاملين المعجبين بأنفسهم وهذا فيه ما فيه من طول الطريق وكثرة التكاليف ، تلكم هي آثار الإعجاب بالنفس على العاملين ، وعلى العمل الإسلامي

مرجع الأدله [11] الحديث أخرجه الإمام أحمد في المسند

[12] الحديث أخرجه البخاري في الصحيح في كتاب بدء الخلق باب الملائكة 4/135 وكتاب الأدب : باب المقت من الله تعالى 8/17 ، وكتاب التوحيد ، باب كلام الرب مع جبريل 9/173 -174 من حديث نافع وأبى صالح كلاهما عن أبى هريرة مرفوعاً ، ومسلم في الصحيح ، كتاب الأدب : باب إذا أحب الله عبداً 4/2030 رقم 2637 من حديث أبى صالح عن أبى هريرة مرفوعاً واللفظ لمسلم .

[13] مرجل جمته : أي مسرح ما سقط على المنكبين من شعر رأسه ، إذ الجمة من شعر الرأس ما سقط على المنكبين ، انظر النهاية 1/179 ، يتجلجل : أي يغوص في الأرض يخسف به ، و الجلجلة حركة مع صوت ، انظر النهاية 1/170

الحديث أخرجه البخاري في الصحيح ، كتاب اللباس ،باب من جرّ ثوبه من الخيلاء 7/183، ومسلم في الصحيح ، كتاب اللباس و الزينة : باب تحريم التبختر في المشي مع إعجابه بثيابه 3/1653 -1654 كلاهما من حديث أبى هريرة مرفوعاً واللفظ للبخاري .

رد مع اقتباس