الموضوع: الصلاة
عرض مشاركة واحدة
  #25  
قديم 29-09-2008, 02:10 AM
shireen shireen غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Jan 2007
المشاركات: 56
معدل تقييم المستوى: 18
shireen is on a distinguished road
رد: الصلاة

فإذا قال المؤذن
: أشهد أن محمداً رسول الله وكرَّرها انطلقت نفس المؤمن سارية إلى البيت الحرام مجتمعة برسول الله صلى الله عليه وسلم مقبلة برفقته على الله فتكون له بذلك صلة وحياة.

فإذا أتبع ذلك المؤذن بقوله
: حيَّ على الصلاة.. سمعت ذلك منه وهي تشعر وترى أن لا حياة لها ولا حياة للخلق إلا بالصلة بالله فتقول: لا حول ولا قوة إلا بالله، ويكرر المؤذن وتكرر معه.

ثم يتابع فيقول
: حيَّ على الفلاح.. فتقرُّ له وهي ترى أن سعادتها موقوفة على ما تقوم به من أعمال البرّ والفلاح في هذه الحياة، فتلتجئ إلى الله طالبة منه أن يمدّها بالعون على ذلك وهي تقول، لا حول ولا قوة إلا بالله، ويشارف المؤذن أن يختم الأذان فيقول: الله أكبر الله أكبر فتزداد إقراراً بالعظمة والرحمة التي لا حدَّ لها ولا انتهاء.

فإذا قال المؤذن
: لا إله إلا الله، عاد هذا المؤمن المستمع فدخل في ذلك الحصن الحصين ورأى أنه وأن الكون كله في قبضة هذا الرب العزيز الرحيم، نواصي الخلق كلهم بيده وهو وحده المسيِّر يسيِّرهم فيما يعود عليهم بالسعادة والخير.

وأخيراً يختم المؤذن بالصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم اعترافاً بفضل هذا السيد العظيم الذي كان دليلاً لتلك الأنفس إلى الله وسبباً في قربها من الله وشهودها لجلال الله ووصولها إلى ما وصلت إليه من سعادة مدى الحياة. وذلك طرفٌ مما تشعر به النفس المؤمنة إزاء الأذان. أمَّاالإقامة: فليس المراد منها ألفاظاً تتلى ولا نهوضاً من بعد جلوس كما يتبادر لأذهان طائفة من الناس إذ تراهم قعوداً لا ينهضون إلاَّ إذا سمعوا كلمة قد قامت الصلاة وهنالك يقفون منتظمين في صفوفهم وما وعوا شيئاً مما يتلى عليهم. الإقامة في حقيقتها إيقاظ مشاعر النفس وعودة بها إلى الطريق الذي مرَّت به خلال الأذان لتعود بها هذه الذكرى إلى مشاهداتها فلعلَّها انصرفت من بعد الأذان بعض الشيء عن هذه الوجهة فإذا ما وقفت بين يدي الله للصلاة فسرعان ما تعود بها ألفاظ الإقامة إلى ذلك المجال. مجال الإقبال على الله والدخول في ذلك الجناب. وما أسرع ما تعود بها الذكرى إلى ذلك الشهود العالي شهود الرحمة والعظمة والجلال والقدرة والله أكبر الله أكبر مما شاهدت هذه النفس من هذه المعاني لتلك الأسماء وتعود النفس بكلمة أشهد أن لا إله إلا الله تذكر شهودها للتسيير الإلهي لملكوت السموات والأرض، وتنغمس بهذا التكرار في تلك الرؤية وذلك الشهود، وتشتبك هذه النفس المؤمنة من جديد بنفس رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما تذكّرها كلمة أشهد أن محمداً رسول الله، وتستشفع بالصلة به إلى الله فإذا هي قائمة بين يدي الله، مستغرقة في تلك المشاهد لتلك الأنوار الإلهية منغمسة في لجج الجمال والكمال الإلهي فتعبّر عن أذواقها وتشعر بكلماتها عما يجري في قراراتها وتقول حيَّ على الصلاة حيَّ على الصلاة فما الحياة إلا بالصلة بالله حيَّ على الفلاح، حيَّ على الفلاح، وما الحياة بمتحصِّلة إلا لمن قام بعمل الخير والإحسان وحيث أن هذا المؤمن قد تحقق بما يقول وقدَّم من عمل الخير والإحسان ما جعله يخوض غمار هذه الصلة ويقف هذا الموقف العالي بين يدي بارئ الكون وخالق الأرض والسموات وحيث أن نفسه أضحت في ذلك الجناب العالي تستمتع بشهود ذلك الجلال الإلهي وتنعم برؤية ذلك الجمال، فهنالك تعبر عن ذلك بقولها: قد قامت الصلاة، قد قامت الصلاة: أي لقد أصبحت نفسي الآن في صلة مع الله. لقد قامت في نفسي تلك الصلة بالله، لقد أصبحت منغمساً في لجج الإقبال على الله والشهود لجلال الله، الله أكبر الله أكبر مما أشاهده وأراه إذ لا حدَّ لعظمة وفضل هذا الرب الكريم ولا انتهاء لا إله إلا الله.
ذلك طرف وبعض الشيء مما يتذوّقه المؤمن أثناء الأذان وإقامة الصلاة، وليس الوصف كالذوق وليس البيان والشرح كالمشاهدة والعيان ولكلٍ درجات ومشاهدات وأذواق بحسب ما هو فيه من حبّ لخالقه وتقدير وإيمان
.

رد مع اقتباس