عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 15-04-2007, 05:46 PM
الجنادري الجنادري غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Jul 2006
المشاركات: 1,526
معدل تقييم المستوى: 19
الجنادري is on a distinguished road
عروة بن الزبير .. جبل من الصبر

عروة بن الزبير .. جبل من الصبر !!
- - - - -
بسم الله الرحمن الرحيم

عروة بن الزبير أحد علماء وعباد التابعين, وهو أحد أبناء الصحابي الجليل الزبير بن العوام رضي الله عنه (حواري الرسول صلى الله عليه وسلم) , وأمه أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنها (ذات النطاقين) وخالته عائشة بنت أبي بكر الصديق رضي الله (أم المؤمنين زوج رسول الله عليه الصلاة والسلام)وأخوه الأكبر عبدالله بن الزبير (الصحابي العالم المجاهد وهو من طاف بالكعبة المشرفة سباحة حين أحاطت بها السيول من كل جانب)...نعود إلى عروة -يرحمه الله- , وسوف استجزئُ من حياته هذا الموقف العجيب وهذا الجبل من الصبر على قضاء الله وقدره, ثم أختم برأس الطفل الذي في فم الذيب.
كانت هذه القصة في عهد الخليفة الوليد بن عبدالملك, فقد طلب الخليفة الوليد بن عبدالملك عروة بن الزبير لزيارته في دمشق مقر الخلافة الأموية, فتجهز عروة للسفر من المدينة النبوية إلى دمشق, واستعان بالله وأخذ أحد أولاده معه (وقد كان أبنائه السبعة إليه) وتوجه إلى الشام, فأصيب في الطريق بمرض في رجله أخذ يشتد ويشتد حتى أنه دخل دمشق محمولاً , لـــم يعد لديه قدرة على المشي. أنزعج الخليفة حينما رأى ضيفه يدخل عليه دمشق بهذه الصورة فجمع له أمر الأطباء لمعالجته, فا جتمع الأطبـــاء وقرروا أن به الآكلة ( ما تسمى في عصرنا هذا الغرغرينة) وليس هناك من علاج إلا بتر رجله من الساق, فلم يعجب الخليفة هذا العلاج, ولسان حاله يقول (كيف يخرج ضيفي من بيت أهله بصحه وعافية ويأتي إلي أبتر رجله وأعيده إلى أهله أعرج؟!).. ولكن الأطباء أكدوا أنه لا علاج له إلا هذا وإلا سـرت ركبته حتى تقتله, فأخبر الخليفـــةُ عروة بقرار الأطباء, فلم يـزد على أن قال (اللـهــم لك الحمد). اجتمع الأطباء على عروة وقالوا: اشرب المرقد.
فلم يفعل وكره أن يفقد عضواً من جسمه دون أن يشعر به.
قالوا: فاشرب كأساً من الخمر حتى تفقد شعورك. فأبى مستنكراً ذلك.
وقال: كيف أشربها وقد حرَّمها الله في كتابه؟!!.
قالوا: فكيف نفعل بك إذاً ؟!..
قال: دعوني أصلي فإذا أنا قمت للصلاة فشأنكم وما تريدون!!
(وقد كان -يرحمه الله- إذا قام للصلاة سها عن كل ما حوله وتعلق قلبه بالله تعالى). فقام يصلي وتركوه حتى سجد فكشوا عن ساقه وأعملوا مباضعهم في اللحم, حتى وصلوا العظم فأخذوا المنشار وأعملوه في العظم حتى بتروا ساقه وفصلوها عن جسده, وهو ساجد لم يحرك ساكناً, وكان نزيف الدم غزيراً فأحضروا الزيت المغلي وسكبوه على ساقه ليقف نزيف الدم, فلم يحتمل حرارة الزيت, فأغمي عليه. في هذه الأثناء أتى الخبر من خارج القصر أن ابن عروة بن الزبير كان يشاهد خيول الخليفة, وقد رفسه أحد الخيول فقضى عليه وصعدت روحه إلـــى برائها!!! فاغتم الخليفة كثيراً من هذه الأحداث المتتابعة على ضيفه, واحتار كيف يوصل له الخبر المؤلم عن انتهاء بتر ساقه, ثم كيف يوصـــل له خبر موت أحب أبنائه إليه؟!!. ترك الخليفة عروة بن الزبير حتى أفاق, فاقترب إليه وقال: أحســــن الله عـــزاءك في رجلك. فقال عروة: اللهم لـك الحمد وإنّا لله وإنّا إليه راجعون.
قال الخليفة: وأحسن الله عزاءك في ابنك.
فقال عروة: اللهم لك الحمد وإنّا لله وإنّا إليه راجعون,أعطاني سبعة أخذ واحداً, وأعطاني أربعة أطراف وأخذ واحداً. إن ابتلى فطالما عافى, وإن أخذ فطالما أعطى, وإني أسأل الله أن يجمعني بهما في الجنة.
ثم قدموا لع طستاً فيه ساقه وقدمـــه المبتورة, قـال: إن الله يعلم أني ما مشيــــت بك إلى معصية قط وأنا أعلم. بدأ عروة -يرحمه الله- يعوّد نفسه على السير متوكئاً على عصـــا, فدخـــل ذات مرة مجلس الخليفة شيخاً طاعناً في الســن مهشــم الوجه أعمى البصــر, فقال الخليفة: يا عروة سل هذا الشيخ عن قصته.
قال عروة: ما قصتك يا شيخ؟
قال الشيـــخ: يا عروة أني بت ذات ليلة في وادٍ , وليس في ذلك الوادي أغنى مني ولا أكثر مني مالاً وحلالاً وعيالاً, فأتانا السيل بالليل فأخذ عيالي ومالي وحلالي, وطلعت الشمس وأنا لا أملك إلا طفلاً صغيراً وبعيراً واحداً, فهــــرب البعير فأردت اللحـــاق به, فلم أبتعد كثيراً حتى سمعت خلفي صراخ الطفل فالتفتُ فإذا برأس الطفل في فم الذئب بأنيابه, فعدت لألحــق بالبعير فضربني بخفه على وجهي, فهشم وجهي وأعمى بصري !!!.
قال عروة: وما تقول يا شيخ بعد هذا؟
فقال الشيخ: أقول: اللهم لك الحمد تركت لي قلباً عامراً ولساناً ذاكراً.


الحمدلله الذي أعطاني يد للكتابة

رد مع اقتباس