عندما تثور الشعوب غضبا!
29/01/2011
لا تحدثني عن الحكمة ولا العقل، لا تحدثني عن الرفق واللين، لا تحدثني عن التريث والترقب، لا تحدثني عن التقكير في العواقب، تحت هذا العنوان ينطلق صوت القهر وصرخات الظلم، ينطلق صوت الألم والجراح، هنا تطيش العقول، هنا تتمرد الشعوب تمردا غير مسبوق، تنسى هذه الشعوب الحياة ولا تريد الا حرية تكفل لها كرامتها والا فالموت أفضل عندها من الحياة (متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم امهاتهم أحرارا) انطلقت هذه العبارة من الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه الذي لم يقبل العبودية على نفسه ولم يقبلها على رعيته.
نعم إن الحاكم الحر القوي الشريف لا يقبل على نفسه العبودية والقهر ولا يقبلها على رعيته، ولكن في عالمنا العربي والإسلامي رزقنا ببعض الحكام يرضون بالعبودية والذلة وكذلك يقبلونها لشعوبهم بل يمارسونها ضدهم، بل يتوصلون ويمارسون كل ما هو جديد من أساليب القهر والظلم والعبودية الحديثة ضد شعوبهم ، الشعوب الغربية تترقب رفاهية وحريات أكثر، اما الشعوب العربية فتنتظر آخر صرعات القهر والظلم، أي امة أمتنا العربية !، إن الأحرار إذا ثاروا لا يقبلون بغير الصدارة والا الموت أفضل لديهم من لحظة ذل.
ونحن أناس لا توسط عندنا
لنا الصدر دون العالمين أو القبر
هكذا يفكّر الأحرار، الكرامة لا يعادلها ثمن، الكرامة ثم الكرامة ثم الكرامة ثم الموت، لا خيار آخر هكذا يعيش الأحرار ويموتون، لا مساومات ولا مجاملات ولا مداهنات ولا اتفاقيات على حساب الكرامة والشرف.
لقد عاش العالم العربي في السنوات الأخيرة تحت النار والحديد والظلم والقهر من حكام جاؤوا باسم الحرية والديمقراطية وكرامة الشعوب، وسرعان ما انقلبوا على شعوبهم وسرقوا مقدراتهم وهتكوا كرامتهم وقتلوا حريتهم واحرقوها على الطريقة الهندوسية ، ألهذه الدرجة هانت الشعوب على الحكام؟
اذا الشعب يوما اراد الحياة فلا بد أن يستجيب البشر
ولا بد لليل أن ينجلي ولابد للقيد أن ينكسر
إذا ما طمحت إلى غاية ركبت المنى ونسيت الحذر
ومن لا يحب صعود الجبال يعش أبد الدهر بين الحفر
أبارك في الناس أهل الطموح ومن يستلذ ركوب الخطر
وألعن من لا يماشي الزمان ويقنع بالعيش ، عيش الحجر
ومن لم يعانقه شوق الحياة تبخر في جوها واندثر
فويل لمن لم تشقه الحياة من صفعة العدم المنتصر
إن الظلم ظلمات في الدنيا والآخرة ، ولن ينجو صاحبه من عقاب الله، ولن ينجو من عقاب البشرية.
إن ما حدث في تونس ويحدث في اكثر من بقعة من عالمنا العربي إنما هو فقط نموذج للأنظمة الظالمة التي تحكم الدول العربية والإسلامية وأن مصيرها سيؤول الى ما آل إليه نظام زين العابدين. ان الله يمهل ولا يهمل ، وهذه رسالة من رب العالمين الى كل من هتك ستر العباد وأهدر كراماتهم واستعبدهم وطغى وتجبر عليهم، ومن هنا سينطلق قطار تغيير الأنظمة الظالمة الفاسدة التي عاثت في الارض الفساد.
والله المستعان
د. فالح العمرة
جريدة المستقبل الكويتية