الساعات الأخيرة من حياة عمر المختار
شبكة البصرة
تأليف : باولو باقانيني
ترجمة بتصرف : د. إبراهيم أحمد المهدوي
مجلة البحوث التاريخية ، العدد 2 ، يوليو 1988 م
:
:
قام الكاتب بتقسيم مقاله إلى فقرات صغيرة
لكي يمكن إدراك تلميحاته إلى بعض النقاط التي يوردها
على لسان السجان الذي قام بحراسة عمر المختار
طيلة بقائه لبضع ساعات في سوسة ..
ليفي سجان الشهيد سرد حكاياته عن الساعات الأخيرة في حياة البطل عمر المختار
حيث يصف شخصية البطل المسلم المؤمن بالقضاء والقدر بقوله
" وفي الحقيقة كان عمر رجلا يصلي لله منذ انبلاج الصبح إلى غروب الشمس
مع نهاية كل يوم ، رجلا يصلي لله ليلا بدلا من أن يتمشى ..
رجلا يصلي لله من أجل أسرته وماشيته ثم الطريق الذي سوف يسلكه ..
رجلا يصلي لله من أجل حماية حياة المسلمين جميعا
ومن أجل مواصلة الكفاح العادل المقدس الذي أمر به الله سبحانه وتعالى ..
الله أكبر .. الله أكبر .. ألقى عمر المختار نظرة إلى الخارج ..
إن بزوغ الصبح لقريب هكذا قال وهو يتململ في مكانه ثم أضاف قائلا :
" إن بزوغ النهار يكون طريا منعشا مثل صوت شابة تغني على البئر ..
ثم يكون توالي النهار فيما بعد باعثا على السأم والملل مثل سير خطوات الجمل البطيئة ..
أو حارق مثل حدوة الحصان الذي يركض مسرعا ..
وأخيرا يأتي المساء وهو مثل لون الرماد ..
إن الحياة مثل تعاقب النهار ..
شعارها فعل وإرادة يكونان معا شيئا مهما في حياة الإنسان
ثم يتدخل القدر فيما بعد ليدل على مصير حياة الإنسان ..
إن حتمية النهاية أو المكتوب "المقدر"
بالنسبة للإنسان تأتي تلقائيا مثل نافورة مياه أو مسجد في الصحراء
عندما تصل إليهما تجد نفسك تعبان
وبالتالي غير قادر على مواصلة السير ..
فتبقى تنتظر بجوارهما حلول المساء أو بمعنى آخر النهاية أو المصير
فأنت كما ترى أن حياتي قد رسمت مسيرتها منذ الولادة حتى النهاية
فحياتي ليست مثل حياة أولئك الشبان تبدأ مع شهر رمضان
ولكنها كانت قد بدأت قبل ذلك
فأنا ولدت لأقود الآخرين ولأفهم ما جاء به القرآن الكريم من معان ..
بينما البعض الآخر يكتفي بتعلم قراءته فقط .
ثم قام عمر بخلع جرده عن كتفه
وبينما انهمك ليفترشه فوق حصيرة الديس استعدادا للنوم خرجت أنا – ليفي –
لأقوم بالدورية الليلية المعتادة ممتطيا صهوة حصاني
وذلك للتأكد من أن كل شيء يدور حول المعسكر على ما يرام
وما إن رجعت إلى عمر بعد أن تأكدت من الهدوء الذي كان يحيط بالمعسكر
حتى وجدته مستغرقا في النوم
بينما لا زال رفاقه لم يعرفوا بعد المكان الذي كان يعتقد أن المختار لم يقبض عليه
بل تائه لم يستطع الوصول إليهم بسبب الجروح التي أصيب بها
بينما كانت أسرته تشعر بالقلق عليه لعدم عودته مع رفاقه كالعادة .
" وفي الفجر عندما سمع عمر المؤذن ينادي المسلمين لأداء الصلاة
بقوله : الله أكبر .. الله أكبر .. .
قام عمر من نومه وتوظأ وتوجه نحو القبلة بمكة وأدى الصلاة كبقية المسلمين .
وفي الحقيقة وجدت نفسي ( ليفي ) معجبا بفلسفته في الحياة ..
فهو يشعر في وجدانه بأنه محارب قد هزم
ولكنه مع ذلك لم يفقد الهدوء وعزة النفس والوقار التي كانت تتميز بها شخصيته .
وعند تمام الساعة السادسة صباحا قمت بمرافقته إلى الطراد الحربي
أورسيني حيث تم التسليم والاستلام مع الجنود الذين اقتادوه إلى داخل الطراد الحربي
بينما كان يلقي علي تحية الوداع ..
وعندما عدت إلى المعسكر ، كنت أفكر في عمر المختار
بينما كنت أهمس إلى نفسي في هدوء ..
لربما أراه وربما لن أراه
أحقا أن الموتى لا يرجعون ؟
وما إن وصلت إلى المعسكر حتى قلت لنفسي .. يموت عمر .. لا مفر من ذلك .
أما أن يقاسي إهانة الشنق كأي مجرم عادي أو أي شرير جاحد لله ..
فهذا ما يعتبره المسلمون إهانة ..
حيث يعتقدون أن حبل المشنقة عندما يلتف حول الرقبة
لا يسمح بخروج الروح من الحلق ..
وهكذا كما يعتقدون أن روح عمر سوف لن تستطيع الرجوع إلى الخالق ... !!
:
:
(( ولا تحسبن الذين قتلو في سبيل الله امواتا بل احياء عند ربهم يرزقون ))
:
:
((( اقوال المناضل عمر المختار)))
اننا نقاتل لان علينا ان نقاتل فى سبيل ديننا وحريتنا حتى نطرد الغزاة او نموت نحن ,
وليس لنا ان نختار غير ذلك
:
:
سؤال من الحكومة الايطالية الى عمر المختار ...
لمــــاذا حاربت بشدة متواصلة الحكومة الايطالية ؟
فكــــــــان رد عمر المختار ..." من اجل دينى ووطنى "
::
نحن لن نستسلم ... ننتصر او نموت سوف تاتى اجيال من بعدى تقاتلكم
اما انا فحياتى سوف تكون اطـــول من حياة شـانقى
:
:
أسال الله إلى العلي القدير أن يسكنه فسيح جناته ويتقبل منه الشهادة خالصة لوجهه الكريم
:
:
تقبلو تحياتي