كتبت أمل خالد: المتابع الدقيق للأوضاع السياسية في الكويت، يدرك اليوم أن مخطط قوى الفساد لإسقاط الدولة (نعم الدولة وليس الحكومة) يرتكز على ثلاث محاور رئيسية، الأول ضرب الوحدة الوطنية، الثاني تفكيك الأسرة الحاكمة لتيارات، والمحور الأخير وهو الأهم ضرب شعب مفكك بأسرة حاكمة مفككة للوصول إلى نتيجة إسقاط الدولة.
قد يقال أننا نبالغ في رؤيتنا للأوضاع السياسية المستقبلية، ولكن في الحقيقة رؤيتنا انعكاس لأوضاع بدأت تتضح يوما بعد يوم وعلينا عدم الاستهانة بها أو تجاهلها، والوقوف ضد هذا المخطط لكي لا ننفذ لهم مشروع "إسقاط الدولة" بأيدينا.
قوى الفساد وزعت تنفيذ محاور مخطط إسقاط الدولة على جبهتين، جريدة الوطن الصفراء، والفاسدين من الأسرة الحاكمة ومن يقتات على فسادهم من الشعب وسنقوم بعرض أدوار كل منهم على حدا.
جريدة الوطن الصفراء
دأبت جريدة الوطن منذ فترة ليست بالقصيرة على إثارة قضايا طائفية تمس سنة وشيعة الكويت، وتقسيم الشعب إلى حضر وبدو، مناطق داخلية وأخرى خارجية، وتوجيه رسائل سلبية لكل فئة وطائفة ضد الأخرى، وما أدل من ذلك سوى مانشيتات الوطن الرئيسية والكاريكاتير السخيف "ابو قتادة وابو نبيل"، تلك التوجهات تهدف إلى تقسيم المجتمع الكويتي إلى فئات وطوائف لضرب الوحدة الوطنية، وإحلال مبدأ الانتماء إلى الطائفة أو القبيلة محل الانتماء الفعلي .. الوطني.
وفي موازاة التحرك ضد الشعب الكويتي، نجد تحركات أخرى باتجاه ممثلي الشعب، نواب مجلس الأمة، ضرب هذا النائب بذاك، وتلك الكتلة بالأخرى بهدف خلق جو غير صحي في العلاقات ما بين الكتل البرلمانية بشكل عام والنواب بشكل خاص، فالاتفاق النيابي يشكل خطورة بالغة على وجودهم.
كل تلك التحركات تهدف إلى حماية الفاسدين من الأسرة، وليس بناء مجتمع متماسك أساسه الوحدة الوطنية أو مجلس أمة يمارس دوره الرقابي والتشريعي، حتى أصبح محور جريدة الوطن الصفراء الدفاع عن أي "شعره" مرتبطة بشيوخ الفساد.
إضعاف الدولة من خلال محور الشعب سمة طغت على أخبار وتقارير جريدة الوطن التي بدأت مؤخرا بتوزيع أعدادها مجانا على الدواوين ومجمع الوزارات وغيره من أماكن تجمع المواطنين لتوصل رسائلها الهدامة الى أكبر قدر من المواطنين.
أحمد الفهد وعصابته
مشكلة أحمد الفهد عدم قدرة عقله على استيعاب التوجه العام للشارع الكويتي برفض وجوده على الساحة السياسية، فما حققه من قاعدية خلال وجوده على رأس اتحاد كرة القدم وتوليه أول مناصبه الوزارية لم يعد بذاك الرقم الصعب المؤثر.
تراجع شعبية أحمد الفهد رافقها تراجع في أدواته النيابية وتفكك كتلة المستقلين وخسارة عدد كبير منهم في الانتخابات الماضية،كل تلك الظروف وضعت أحمد الفهد في "قرقور" بعد أن كان يبحر فساده في مؤسسات الدولة.
منذ خسارة أحمد الفهد دوره السياسي "العلني"، بدأ باستقطاب الفاسدين من الأسرة حوله بشكل أكبر مما مضى لتكوين لوبي "صباحي" في الأسرة ذو ثقل يستخدم متى ما استدعت الحاجة، وحاجة الفهد تظهر كلما دخل مجلس الأمة كهفا من كهوف الفساد.
عصابة أحمد الفهد تحاول جاهدة لوضع خط فاصل ما بين الأسرة الحاكمة والمجتمع الكويتي، ولأن المجتمع الكويتي أكبر من السيطرة عليه كونه متعدد التوجهات تركت هذا المحور إلى جريدة الوطن الصفراء واتجهت "خفافبش" كهوف أحمد الفهد باتجاه الأسرة لخلق حالة عدم توازن بين أطرافها وتثبيت مفهوم "الانقلاب الشعبي" على الأسرة، وضعف سمو رئيس مجلس الوزراء ووزراءه من الأسرة من المحافظة على هيبة ومكانة الأسرة الحاكمة في النظام السياسي مما يساعد على "الانقلاب الشعبي".
وما لقاءات سمو الأمير بأفراد الأسرة خلال الأشهر الماضية سوى دليل واضح على وجود أزمة داخل الأسرة وصراع تيارات "صباحية" لن ينتج عنها سوى تدمير الأسرة وهو ما يسعى الى تجنبه سمو الأمير ووضع حد لتلك الخلافات .. إلا أن الرغبة الأميرية لم تجد لها الطاعة المطلوبة من قبل أحمد الفهد وعصابته كونه المسألة بالنسبة لهم حياة أو موت.
ضعف الأسرة الحاكمة أصبح واقع لا يمكن لأي سياسي إنكاره، وتفكك الأسرة الواحدة إلى أسر صغير بداية لتحقيق المحور الثاني من مخطط إسقاط الدولة.
الصدام بين الشعب والأسرة
المحور الأخير من مخطط إسقاط الدولة، بدء يأخذ مجراه من خلال ما تسوق له جريدة الوطن الصفراء، من أن أي مساءلة سياسية لا يراد بها إصلاح بقدر ما يراد بها نفي الأسرة الحاكمة من النظام السياسي، والمفارقة في هذا الأمر أن أغلب الأزمات الأخيرة كان يقف وراؤها أطراف من الأسرة الحاكمة منتمين إلى كهوف أحمد الفهد.
التحقيق مع المتهم الخامس علي الخليفة الصباح، الأزمة التي استمرت ما يقارب الـ 15 عاما لسرقته أموال عامة في الناقلات والاستثمارات الخارجية، إحالة ملف هاليبرتون إلى النيابة العامة مع ملاحظات ديوان المحاسبة بتحميل أحمد الفهد الصباح المسؤولية، ملف خليجي 16 والاختلاسات التي حدثت خلال وجود طلال الفهد الصباح، استجواب علي الجراح الصباح والذي كشف العلاقة بينه وبين المتهم الخامس علي الخليفة ودوره في فتح حسابات وهمية.
توصيات إحالة ملف الخطوط الجوية الكويتية إلى النيابة وتحميل مجلس إداراتها مسؤولية الفساد الإداري والمالي برئاسة طلال المبارك الصباح، واعتراف رئيس تحرير جريدة الأهرام المصرية أسامة سرايا بمسؤولية مدير عام كونا مبارك الدعيج الصباح نشر الإعلانات المسيئة إلى الديمقراطية الكويتية ومن دفع أجورها من حسابات المال العام.
التحقيق المستمر مع محمد العبدالله الصباح حول تدخله في سير الانتخابات الماضية وتأثيره من خلال مركزه كرئيس لجهاز خدمة المواطن على نتائج الانتخابات والدفع نحو إنجاح مرشحين وإسقاط آخرين، التجاوزات المالية في ميزانية مؤسسة الموانئ الكويتية ومديرها العام صباح جابر العلي الصباح .. وغيرهم
كل تلك القضايا ارتبطت بشيوخ من الأسرة الحاكمة، ومنها ما سبب أزمات سياسية خانقة في الدولة ومنها ما ينتظر أن يسبب أزمات في المستقبل.
وجود تلك التجاوزات من قبل أفراد من الأسرة الحاكمة سهل لجريدة الوطن الصفراء – الجناح الإعلامي للفاسدين – وأحمد الفهد وعصابته من خلق أزمات عدم ثقة داخل الأسرة وما بين مجلس الأمة والأسرة للوصول إلى المرحلة الأخيرة من المخطط لإسقاط الدولة بضرب الشعب الكويتي ومجلس الأمة بالأسرة الحاكمة وخلق الصدام المطلوب بين الطرفين.
آل الصباح جزء من الشعب
آل الصباح كأي أسرة من الأسر الكويتية التي تشكل نسيج المجتمع، بها الصالح والطالح، ومهما بلغت قوة الفاسدين من أبناءها الا أن الشعب الكويتي لن يتنازل في يوم من الأيام عن عقده القديم، ولن ينظر الى الأسرة نظرة سلبية، بل النظرة ايجابية دائما، فإذا كان هناك خمسة فاسدين فنحن على يقين أن هناك أضعافهم من الإصلاحيين الذين يريدون الخير للشعب الكويتي والدولة.
وكون أغلب الأزمات السياسية وأكبر قضايا الفساد ارتبطت بأسماء من الأسرة وأن وراء كل شيخ فاسد أزمة لا يعني ذلك أن جميع الأسرة يسيرون على ذات النهج، بل أن ما يقوم به مجلس الأمة من كشف لتلك الأسماء الفاسدة من الأسرة وملاحقتها سيعود بالفائدة على بيت آل الصباح لعزل تلك "الدماميل" من جسدهم والقضاء عليها، والعهد ما بين المجتمع الكويتي والأسرة باق إلى ما شاء الله، ولكن الفاسدين منهم مرض لا يمكن علاجه إلا بالاستئصال.
المجتمع الكويتي والأسرة الحاكمة يواجهون اليوم غول الفساد بشكل مباشر وعلني، وما الوحدة الوطنية بين المجتمع والالتفاف حول الإصلاحيين من الأسرة الحاكمة سوى الوسيلة الوحيدة لمواجهة غول أحمد الفهد وجريدة الوطن الصفراء.
منقول