مبادئ الإدارة والأعمال الإدارية
ذكر جمع من الكتاب، بشأن الإدارة،احتياج الإدارة إلى مبادئ أربعة عشر، نذكرها بإيجاز:
الأول: مبدأ الهدف، فإنه لا يمكن أن يوجد شيء عقلاني، إلاّ أن يكون هناك هدف يتوخى العقلاء من إيجاد ذلك الشيء، الوصول إلى ذلك الهدف، سواء كان في الأعمال الفردية أم الاجتماعية، والأعمال الاجتماعية أولى بالاحتياج إلى الهدف، لبعدها عن العبثية، ومن الواضح أن الإدارة لا توجد، إلا لقصد شيء مادي أو معنوي، على اختلاف الجهات في كلٍّ من الماديات والمعنويات، من سياسية، أو اقتصادية، أو اجتماعية، أو ثقافية، أو عسكرية، أو عمرانية، أو زراعية، أو مصرفية، أو غيرها، وإذا كانت المنظمة تتكون من جملة من الوحدات الإدارية، فإنه يجب أن تساهم تلك الوحدات في تحقيق ذلك الهدف الرئيسي العام للمنظّمة، وتنصب الأهداف الصغيرة لتلك الوحدات كلها في الهدف الكبير الذي وجدت المؤسسة لأجله، ويتم ذلك بتحديد الأهداف الفرعية الثانوية لتلك الوحدات، بحيث تكون الأهداف الفرعية متكاملة و متناسقة، وتؤدي إلى تحقيق الهدف الرئيسي لتلك المنشأة، ويطلق على مساهمة الوحدات الإدارية، في الوصول إلى الهدف الرئيسي للمنظمة اسم (مبدأ وحدة الهدف) والهدف باصطلاح الفلاسفة، هو: الأول في التفكير والآخر في العمل.
الثاني: مبدأ ضرورة التنظيم، فإنه إذا زاد عدد الأفراد، في أي عمل عن فرد واحد، وجب تقسيم العمل بينهم، وجعل كل فرد مسؤولاً عن جزء منه، حتى لا يكون العمل فوضى، والوصول إلى الهدف بعيداً، أو لا يمكن الوصول إلى الهدف أصلاً.
الثالث: مبدأ الوظيفة، فإنه يجب أن يتم التنظيم الإداري لأية منظمة حكومية أو شعبية، سواء كانت لها فاعلية خاصة أم عامة في فروعها الرئيسية، أو الفروع الثانوية، على أساس وظائف من نوع الأعمال المطلوب القيام بها، وليس حول الأشخاص الموظفين، فإن الوظيفة غير الموظف، وإنما الموظف يقوم بالوظيفة، فالوظيفة هي الوحدة الأساسية التي يتكوّن منها كل تنظيم، وهي عبارة عن منصب أو عمل معين، يتضمن واجبات ومسؤوليات محدّدة، ويجعل في قبال تلك الواجبات والمسؤوليات الحقوق، ويعين لها الأنشطة المعينة الموصلة إلى الهدف من تلك الوظيفة، وقد تكون الوظيفة مشغولة أو شاغرة، كما قد يكون الموظف مشغولاً أو غير مشغول، ولا تتأثر الوظيفة بمن يشغلها من الموظفين، إذ أن القواعد الأساسية في الإدارة العامة، تنص على أن الوظائف العامة تنشأ وتحدد حقوق ومسؤوليات من يشغلها، قبل أن يُعيَّن فيها أحد، وهي لا تتأثر بالشخص المعين عليها، فهي ثابتة رغم تقلب الموظفين عليها، ورغم أن الموظفين قد يكونون أصحاب كفاءات رفيعة أو كفاءات متوسطة أو دون المتوسطة.
أما الموظف فهو الشخص، الذي يشغل الوظيفة بحقوقها وواجباتها، وللوظيفة غالباً شخصية حقوقية مرتبطة بالوظيفة، فالموظف ما دام في الوظيفة يكون مسؤولا، بينما إذا خرج عن الوظيفة، تكون المسؤولية من شأن الموظف الذي يأتي بعد ذلك، مثلا رئاسة الوزارة إذا عقدت عقداً مع شركة أو مع فرد، فإن رئاسة الوزارة هي طرف مع تلك الشركة، أو ذلك الفرد، سواء كان رئيس الوزراء زيداً أو عمراً، فإذا كان رئيس الوزراء زيداً، كان هو المسؤول، وإذا خرج عن الوظيفة، لم تكن عليه المسؤولية.
وقد ذكرنا في الفقه: إن ذلك حيث يكون معاملة عقلائية والشارع أمضى المعاملات العقلائية فاللازم صحة ذلك، ولا يستشكل بأن مثل ذلك، لم يكن في أول الإسلام، إذ قد تحقق في الفقه، عدم الحاجة إلى ذلك كما ذكره كل من الشهيد في المسالك، والسيد الطباطبائي في العروة، وعلى أي حال فالمعاملة، قد ترتبط بالوظيفة، وقد ترتبط بالفرد، وقد ترتبط بهما معاً على نحو الشرط أو الجزء أو القيد، على تفصيل ذكرنا الفرق بينها، في الأصول والفقه، مما لا حاجة إلى تكراره في المقام.
نعم في كل من الأقسام الثلاثة، يجب حصول الشرائط العامة في المعاملة، كعدم الغرر ونحو ذلك.
الرابع: مبدأ التخصص، وكلما زاد التخصص، زادت الكفاية، والعكس صحيح، فإن الكفاءات الإدارية، رهينة بالتخصصات في الأفراد، وعندما يقتصر عمل الموظف على نوع واحد من الأعمال له تخصص فيه ويتفرغ له، فإن ذلك يؤدي إلى إتقانه وإجادته، وقد قال الشيخ البهائي (رحمه الله): (غلبت كل ذي فنون، وغلبني كل ذي فن).
الخامس: مبدأ وحدة التوجيه، فإنه يجب أن يكون للموظف، سواء كان رئيساً فوقه رئيس، أو موظفاً عادياً فوقه رئيس، توجيه واحد، سواء كان ذلك التوجيه الواحد، من فرد واحد أو كان ذلك التوجيه من جماعة يقطعون الأمور بالشورى، فيتسلم هذا الشخص ـ مديراً متوسطاً أو مديراً في القاعدة أو فرداً ـ الأوامر والتعليمات من جهة واحدة، ويكون مسؤولاً عن أعماله أمام تلك الجهة، فان عدم وحدة الموجّه يؤدي إلى الإخلال بالنظام والفوضى، سواء في الموظفين أو في الرؤساء، فإذا استلم الموظف أوامر من عدة رؤساء في آن واحد ـ ومن الطبيعي أن تكون تلك الأوامر متعارضة ـ فإن الموظف يضطرب ويرتبك، ولا يستطيع التصرف في مثل تلك الحالات، وإذا تصرف حسب كلام هذا الآمر، يكون مسؤولاً أمام الآمر الآخر والعكس صحيح، ولذا فمن الضروري أن لا يكون هناك مبدأ تعدد الرئاسة، سواء الرئاسة العرضية أو الرئاسة الطولية.
نعم في تصوّرٍ عقليٍّ، يمكن أن يكون هناك رئيسان طوليان أو عرضيان، لكن يكون حكم أحدهما مقدما على حكم الآخر، إذا اجتمع الحكمان، كما يمكن أن تكون الإطاعة على نحو الكفائية، لكن ذلك خارج عن نطاق القوانين والمقررات العرفية، وإن كان تصوراً عقلياً صحيحاً في نفسه، لكن في النهاية يرجع إلى وحدة التوجيه أيضاً، وما ذكر في المدير، يصح في الموظف أيضاً، فإن الموظف يجب أن يكون واحداً لا متعدداً، سواء وحدة شخصية أو اجتماعية، وإلاّ فكلٌّ يلقي بالمسؤولية على الآخر، ويقع نفس الارتباك والفوضى،وهنا أيضا يصح الأمر على نحو الترتيب أو الكفائية، لكن فيه المحذور السابق.
السادس: مبدأ عدم التدخل، فإن من الضروري على المدير، أن لا يتدخل في شؤون الموظفين، مما يؤدي إلى مضايقتهم، وإنما يجب أن يكون التدخل بقدر متوسط بين الإفراط والتفريط، وإلا فضيق الموظف بعمله يوجب قلة الإنتاج، ويقلل شعوره بالمسؤولية، كما يقلل اعتماده على نفسه، فإن الموظف إذا رأى المدير يتدخل في كل صغيرة وكبيرة لا بد، وأن ينسحب عن الميدان، فالمدير له أن يتدخل في الخطوط العريضة، أما الجزئيات فيتركها للموظفين، وقد ذكر في أحوال الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه كان يحتفظ لنفسه بالمهمات، أما الجزئيات فكان يتركها للمسلمين فيعملون بها كما يشاؤون، وذلك جمع بين التطور إلى الأمام، مما يقصده الرئيس أو المدير غالباً، وبين حرية المرؤوسين، حتى لا يحسّوا بضيق وضنك، ويسبب ذلك برودهم عن العمل، مما يضر الهدف أخيراً.
السابع: مبدأ قصر الخط، وذلك يقتضي، بأن تختصر المراحل التي تمر بها الأمور، قبل إنجازها إلى أقل عدد ممكن، فإنه كلما قلت المستويات والمراحل، وأحرقت العقبات التي تمر فيها المعاملات والاتصالات، بين الرئيس الإداري، وبين أصغر موظف في المنشأة زادت الكفاءة والفاعلية الإدارية، لأن الاتصالات في هذه الحالة، تكون أسرع وتمر في طريق أقصر، ولا يكون هنالك مجال لتأخير المعاملات، أو انحرافها، أو البرود في الموظفين الذين يتلقون الأوامر وهذا مبدأ عام يأتي في كل الأعمال الإجرائية، ويسمى أحياناً بـ (روتينية العمل) فإنها مضيعة للوقت وللمال وتعطيل عن الإنتاج، بالإضافة إلى تطرق الانحراف والالتواء، كلما زادت الوسائط وابتعدت الخطوط، وقد جرّب بعض العلماء ذلك في مثال خارجي، فأعطى أمراً سرياً إلى زيد وقال ليعطه إلى عمرو، وهو بدوره يعطيه إلى بكر، وهكذا فلاحظ أنه كلما ازدادت الأفراد، ازداد الانحراف، فبينما قال مثلاً لمن هو في أول الخط:
(محمد يأتي إلى البلد في يوم الخميس) تلقى الكلام من الأخير بعد الاستطلاع بأن، عليّاً ذهب إلى الحج في العام الماضي مثلاً، وهذا الكلام وإن كان مستغرباً جداً ولعلّ فيه عنصر المبالغة، إلاّ أنه مثال لمزيد من الانحراف، كلما زاد الخط، ومن الممكن أن يجرب الإنسان بنفسه هذا الأمر، فيصف عدة أشخاص ويسرّ في أذن أحدهم بشيء، ثم يأمره بأن يقوله للثاني، والثالث، والرابع وإلى آخر الخط، ليرى الانحراف الشاسع بين الأول والأخير.
الثامن: مبدأ (تقابل المسؤولية والسلطة) فالمسؤولية عن عمل معين، يلزم أن تقابلها السلطة الكافية، لإنجاز ذلك العمل، فتفويض الاختصاص، يجب أن يقرن بتفويض السلطة المناسبة، فكلما كانت السلطة أوسع أو المسؤولية أوسع أو كان بينهما عموم من وجه، أورث ذلك خبالاً وفساداً، فإن السلطة، إنما توضع في يد الموظف، أو الرئيس الأعلى، أو المدير في الوسط، أو في القاعدة، وبقصد تحقيق غايات وأهداف محدّدة سلفاً، ومن ثم يصبح المأمور مسؤولاً عن تحقيق تلك الغايات والأهداف، وليس من الصحيح أن يكون مسؤولاً عن أقل من سلطته، أو عن أكثر من سلطته، أو أن يكون بين السلطة والمسؤولية، العموم من وجه حيث يكون من كل جانب جهة سلبية، والالتقاء إنما يكون في الإيجابيات.
التاسع: مبدأ حصر المرؤوسين، فإنه لا يستطيع أي رئيس إداري أن يشرف إشرافاً كاملاً، إلاّ على عدد محدود من المرؤوسين، وكلما كان الكيف، أقوى يكون العدد أقل، مثلاً حدد بعضهم أنّ الإشراف، يجب أن يتراوح بين ثلاثة أشخاص إلى ستة أشخاص للرئيس الإداري، أما بالنسبة للمشرف على العمال، فإنّه يستطيع الإشراف على ثلاثين عاملاً، لكن بعضهم قال: بأن الرئيس الإداري يستطيع الإشراف على ما بين خمسة إلى عشرة، والرئيس المشرف على العمال ـ مما لا يحتاج الأمر إلى كيف ـ يستطيع أن يشرف، على ما يقارب خمسين عاملاً، ولكن الظاهر أن التحديد غير مطرد، فلا يوجد هناك عدد مثالي للأشخاص الذين يكونون في نطاق الإشراف المناسب، بل يجب أن يحول نطاق الإشراف بالنسبة إلى اختلاف الرئيس والمرؤوسين، ونوعية العمل، فربما يكون الرئيس قوياً، يتمكن من الإشراف على عدد أكبر، وربما يكون ضعيفاً أو متوسطاً، فإشرافه يكون على عدد أقل، كما أن المرؤوسين يكونون بهذا الحكم أيضاً، وإذا أريد قوة التدريب أو كان الموقع الجغرافي موقعاً غير مناسبٍ، يلزم أن يكون الإشراف على عدد أقل، مثلاً إذا كان المرؤوسون موزعين على مناطق جغرافية بعيدة، فإن الإشراف الفعال يكون على عدد قليل منهم، وكذلك بالنسبة إلى التيارات المضادة، فربما يكون هناك تيار مضاد أو تيارات مضادة بالنسبة إلى المرؤوسين، كما في كثير من الأحزاب والمنظمات وما أشبه، فالإشراف يكون على عدد أقل، بينما الإشراف يكون على عدد أكثر، إذا لم تكن هذه الأمور.
العاشر: مبدأ تفويض السلطة، فإنه يجب على المدير الأعلى، تفويض السلطة إلى المديرين المتوسطين، كما أنه يجب تفويض السلطة منهم إلى المديرين في المستويات الأدنى، ذلك بإعطاء الرئيس السلطات الإدارية إلى مساعديه ووكلائه والمديرين العاملين تحت يده، وهذا التفويض يجب أن يكون بقدر الحاجة، لا أكثر حتى يُفسد، ولا أقل حتى يَفسد، ويتحتم التفويض في حال وجود وحدات إدارية بعيدة عن المركز الرئيسي للمنشأة، كرؤساء الأقسام في الوحدات المتعددة، أو في الوحدة المفردة البعيدة عن المركز، وقد تقدم في مبدأ آخر وجوب التكافؤ بين السلطة، والواجب من المسؤولية.
ثم إن التفويض للسلطة، قد يكون من الرئيس الأعلى وقد يكون من الرئيس المتوسط وأي منهما فوّض السلطة، يكون هو الذي يتمكن من استردادها أو تحديدها، حسب القرار المقرر في منهاج الإدارة، ومن الممكن أن يعطي السلطة أحدهما ويجعل الحق للآخر في الاسترداد أو التوسعة أو التضييق.
الحادي عشر: مبدأ العلاقات الإنسانية، التي يجب مراعاتها من المبادئ العالية، لمن كان رئيساً أو مديراً أو رئيس قسم أو غير ذلك، سواء بالنسبة إلى المدراء أم سائر الموظفين، وهي أمور كثيرة، مثل مبدأ عدم توجيه الانتقاد إلى الموظفين أمام الآخرين، سواء كانوا زملاء أم مرؤوسين أم غيرهم، ومبدأ عدم الحدّة في الكلام معهم، وإنما يجب أن يكون الاقتراح في عبارات ملائمة مذكورة في علم الاجتماع، ومبدأ تنمية الموظفين، ومبدأ إشراك الموظفين في الرأي، ومبدأ عدم الترفع عليهم، ومبدأ قضاء حوائجهم، ومبدأ جعل المؤسسات الخيرية لأجل حياتهم، مثل مؤسسة لزواج عزابهم وعازباتهم، ومؤسسة لإقراضهم، ومؤسسة لتهيئة السكن لهم، إلى غير ذلك مما هو كثير ـ وسيأتي الإلماع إلى بعضها -.
الثاني عشر: مبدأ المرونة، فإنه يجب أن يكون التنظيم مرناً، وقابلاً للتكيف، حسب متطلبات الظروف المختلفة، حتى يتمكن من مواجهة التغيرات التي تحدث داخل المنظمة أو خارجها، سواء كانت تغيرات بالحسبان أم المفاجآت، كما أشرنا إلى ذلك في فصل سابق، دون الحاجة إلى إحداث تعديلات جوهرية على الهيكل التنظيمي للمنظمة، نعم قد يجب أن تكون المرونة بحيث يمكن أن يحدث تعديلاً جوهرياً أيضاً على الهيكل التنظيمي للمؤسسة، مثلاً إذا كانت المؤسسة مخصصة لإنتاج الأخشاب لكن الأخشاب شحت أو انقطع موردها، أو ما أشبه، احتاجت الإدارة إلى تغيير الهيكل التنظيمي من المؤسسة المنتجة للأخشاب، إلى مؤسسة تعليب الفواكه أو ما أشبه، ولذا نرى أن في حالة الحرب تتغير الهياكل التنظيمية لمعامل البضائع الاستهلاكية إلى معامل لصنع الأسلحة، ومتعلقاتها وبالعكس فيما إذا انتهت الحرب، وهكذا بالنسبة إلى حالات الطوارئ، التي توجب تغيير الهيكل التنظيمي بصورة عامة.
الثالث عشر: مبدأ الكفاءة، فإن التنظيم يعتبر ذا كفاءة، عندما يتمكن من الوصول إلى الأهداف، بأقل ما يمكن من التكاليف، وتكون النتائج حسنة مرغوبة في الجتمع المنظّم بالكفاية، بحيث يكون فيه تقسيم للسلطة واضح المعالم، وتنفيذ سليم للمسؤولية واشتراك مع الكل في حل المشاكل وتكاليف أقل للوصول إلى الهدف، وهذا ليس بالشيء السهل، وإنما يجب توفير جوانب متعددة ضاغطة، حتى تتمكن المنشأة من السير بكفاءة ولياقة، مثلاً إذا كانت المنشأة بحاجة إلى نصف سيارة لنقل بضائعها إلى الزبائن، فاللازم اشتراك المؤسسة مع مؤسسة أخرى مشابهة أو غير مشابهة لشراء السيارة وتحملهما معاً تكاليف الصيانة والموقف والوقود وسائر النفقات المطلوبة، مثل الضرائب الحكومية وما أشبه، فإن ذلك يوجب الكفاءة، أما إذا تحملت المؤسسة وحدها هذه المسؤولية تكون الكلفة كثيرة، مما يؤثر على الإنتاج السليم، فلا كفاءة في النهاية لمثل هذه المؤسسة، ويقال مثل ذلك في مختلف الأبعاد.
الرابع عشر: مبدأ الصيانة، فإنه يجب على المدير الاهتمام الكافي لصيانة الأجهزة المرتبطة بالمؤسسة، سواء كانت مطاراً أو قطاراً أو معملاً أو معهداً أو مدرسة أو دائرة حكومية أو غيرها، بأن يحفظها من العطب أو الاستهلاك أكثر مما ينبغي مما ينقص من عمرها العادي، إذا لم تكن الصيانة الكافية، وذلك يحتاج إلى الخبراء والفنيين والمراقبة المناسبة، وتخصيص رصيد لمثل ذلك.
الخامس عشر: الإتقان، فإن الإتقان سواء كان في قطاع الخدمات أو الوظائف أو الصناعة أو غيرها، من أهم ما يسبب التفاف الناس حول المشروع، وبذلك ينمو ويصل إلى الهدف المنشود، فإن الدعاية مهما كانت قوية، لا تحل حتى عُشر محلّ الإتقان.
ثم إن الإتقان هو الذي يوجب النمو لا الشكليات، فكما أن البيضة هي التي تفرّخ، وحبّة الحنطة، هي التي تنمو لا شكل البيضة أو الحبّة فإنه ليس لهما يعودان الفرخ والسنبلة، كذلك الإتقان، فإن الإنسان إذا ذمت سلعته بأقذع الذم، لكنه أتقنها التفّ الناس حولها، ولا ينظرون إلى الكلام والدعاية المضادة، ولو لم يتقنها وجعل لها أكبر الدعايات، انفض الناس من حولها،