العنوان: علاج ضعف الذكاء على منهج الوحيين ..
--------------------------------------------------------------------------------
الذكاء : - كما يعرفه بعض علماء النفس – هو ديناميكية الفاعلية العصبية للقشرة الدماغية ، وأثرها على عمليات التحليل والتركيب
إن الذكاء وراثي وكسبي ، فهناك قسم منه قد يأتي بالوراثة بينما القسم الأهم موضوع البحث هو ما يتعلق بالجانب الكسبي
وبعرضنا للمشكلة على الوحي الكريم
1- التقوى : قال الله تعالى : (( واتقوا الله ويعلمكم الله )) أي اتقوا الله فيعلمكم الله ، فهذا وعد عظيم منه جل شأنه على أن من يتقي ربه ويعبده وحده ولا يدعو سواه ويخشاه وحده في السر والعلانية ولا يجعل معه أنداد يحبهم كحب الله ، ولا يعظم أحدا كما يعظم الله فيرفع المخلوق فوق مستوى بشريته ويوكل له أمورا لا يقدر عليها إلا الخالق العظيم ، وعد الله ذلك العبد أن يعلمه ويرفعه في سلم الرقي ويستخلفه في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم . . .
وفيما يلي نروي حادثة تاريخية تبين أثر التقوى في النفس وما تفرزه من ذكاء فطري عجيب : عندما قدم الإمام البخاري – صاحب كتاب الصحيح المشهور – مدينة بغداد ، أراد بعض طلاب الحديث اختبار ذاكرته فأعدوا له عشرة طلاب ، كل منهم قد حفظ عشرة أحاديث بشكل مغلوط وصورة الغلط هي خلط متون الأحاديث بأسانيدها ، وروى له الطالب الأول الأحاديث العشرة الأولى المغلوطة وكلما روي له حديث يقول الإمام البخاري لم أسمع بهذا ، فإما العلماء فقالوا لننظر في أمر هذا الرجل وأم الجاهلون فقالوا : إن الرجل لا يعرف شيئا !! وهكذا سرد عشرة طلاب مائة حديث مغلوط ، ولما انتهوا قال الإمام البخاري للطالب الأول : لقد ذكرت الحديث الفلاني وروى له ذلك الحديث بمتنه ولقد ذكرت أنه عن فلان وروى له السند الذي رواه الطالب ، والحديث ليس كذلك بل هو عن فلان عن فلان وصحح له الحديث ، وهكذا استمر في تصحيحه لكل طالب حتى انتهى من المائة حديث . فهذا الإمام البخاري رحمه الله ، اتقى ربه فعلمه ما لم يكن يعلم [2] ، إن أحاديثه الصحيحة التي أثبتها في كتابه وهي في حدود خمسة آلاف حديث ، اختارها رحمه الله من مائة ألف حديث يحفظه ، وكان يستيقظ في الليلة الواحدة عدة مرات ليسجل في كراسه كلمة أو جملة أو اسم عالم أو بعض ألفاظ حديث أو أشياء أخرى .
2- ومن جملة العوامل التي تدخل في تنمية الذاكرة التكرار ، فترداد قطعة من الشعر أو النثر عشرون مرة يثبتها في الذهن أكثر مما لو كررت عشر مرات .
3- الاهتمام : فكلما اهتم الإنسان بالشيء وتعلق مصيره به حفظه أكثر والعكس بالعكس .
4- الارتباط بالأحداث : إن ارتباط حادثة بخوف أو فرح أو حزن أو معركة ترسخ ذكريات أكثر . وهذه طريقة القرآن الكريم لأنه كان يتنزل مع الأحداث .
5- فهم الكلام: كلما ازداد فهم القطعة كان حفظها أسهل والعكس بالعكس .
6- مصدر الكلام : إن سماع الكلام من قائد غير سماع الكلام رجل عادي ، ومعرفة أن الكلام الذي تقرأه هو كلام الله عز وجل ، يعطي ذلك سلطانا على القلوب غير كلام البشر.
7- الحب والكره والخوف والرجاء: فحب البحث العلمي جعل الكثيرين يحفظون المعلومات الكثيرة ، والخوف من الرسوب جعل الطلاب يحفظون برنامج دراستهم .
8- السلامة الجسمية : الجوع يحرم الإنسان من تركيز فكره ، وبالتالي جودة الحفظ ، والاضطراب العام يحرم الإنسان من الانكباب على الحفظ ، وكذا المرض والضعف والوهن.
9- سلامة الدماغ : كلما تأثرت الخلايا العصبية بشيء ما ، سبب هذا اختلال الذاكرة ، كالعته والتهاب الدماغ.
10- السن : في الطفولة تنطبع أحداث كثيرة ، وتتوقى الذاكرة حتى تصبح أشد ما يكون ما بين (20-30) وتبقى كما هي حتى سن متأخرة ما لم يحدث الخرف العقلي.
11- الوقت : فالصباح الباكر أوقات ممتازة للحفظ والمذاكرة ، وكذلك هدوء الليل وفصل الربيع كلها أوقات مناسبة للتأمل والدراسة وهكذا .
12- المكان : فالحفظ والدراسة والمطالعة في المعمل الذي يغص بضجيج الآلات وأصوات المحركات وصياح العمال ، يختلف تماما عن المدارسة والمطالعة في بستان بعيد عن المدينة تزينه الورود ويتخلله عبق النسيم الهادئ ).
من كتاب منهج الوحيين للدكتور مأمون حموش