المناقشة وطرائق التدريس
المناقشة: هى طريقة تقوم فى جوهرها على الحوار . وفى ما يعتمد المعلم على معارف التلاميذ وخبراتهم السابقة ، فيوجه نشاطهم بغـية فهم القضية الجديـدة مستخدما الأسئلة المتنوعة وإجابات التلاميذ لتحقيق أهداف درسه . ففيها إثارة للمعارف السابقة . وتثبيت لمعـارف جديدة ، والتأكد من فهم هذا وذاك . وفيها اسـتثارة للنشاط العقلي الفعال عند التلاميذ ، وتنمية انتبـاههم ، وتاكيد تفكيرهم المستقل.
والمناقشة فى أحسن صورها اجتماع عدد من العقول حول مشكلة من المشكلات ، أو قضية من القضايا ودراستها دراسة منظمة ، بقصد الوصول لحل المشكلة أو الاهتداء إلى رأى في موضوع القضية . وللمناقشة عاده رائد يعرض الموضوع ، ويوجه الجماعة إلى خط الفكر الذى تسير فيه المناقشة حتى تنتهى إلى الحل المطلوب .
ومن مزايا المناقشـة الدور الايجابي لكل عضو من أعضاء الجماعة ، والتدريب على طرق التفكيـر السليمة ، وثبات الآثار التعليميـة ، واكتساب روح التعلون والديمقراطيـة ، وأساليب العمل الجماعى والتفاعل بين المعلم والتلاميذ ، والتلاميذ بعضهم والبعض الآخر ، وتشمل كل المناشـط التى تؤدى الى تبادل الآراء والأفكار.
وتصلح المناقشة فى جميـع المراحل التعليمية ، وتأخذ الصفوف العليـا _ وخاصة فى المرحلة الثانويـة _ صورة الجدل وتبادل القضايا والاتفاق حول رأى موحد فى احـد الموضعات المطروحـة للجدل ، والتى تستخدم أسئلة تتنـاول جوانـب الموضوع المدروس . ويـعتمد نجاح المناقشة على تحديد موضوعها بدقة ووضوح بحيث تكشـف للتلاميذ الخطوات المـراد إنجازها .
ومن العيوب طريقة المناقشة عدم صلاحيتها إلا للجماعات الصغيرة ، وتحديد مجالها بالمشكلات والقضايا الخلاقية ، وطول الوقت الذى تستغرقه دراسة الموضوع ، والافتقار فى كثير من الأحيان إلى الرائد المدرب الذى يتيح الفرصة لكل عضو كى يعطى ماعنده مع التقدم المستمر فى سبيل الوصول إلى الغرض الذى تسعى إليه الجماعة . ويمكن التغلب على هذه العيوب باختيـار الموضوعات التى تسمـح طبيعتها بالمناقشة عن طريـق جمع المعلومات المطلوبة ، وتحضير الوثائق اللازمة ، وتسجيل بعض مناقشات الجماعة ثم إعادتها على أسماع الجماعة ، ومناقشة نقط الضعف والقـوة في الطريقة التي سارت بها هذه المناقشـات .
وللمناقشة أنواع مختلفة هى ( ) .
( أ ) المناقشة التلقينية : نؤكد هذه الطريقة على السؤال والجواب بشكل يقود التلاميذ إلى التفكير المستقل ، وتدريب الذاكرة . فالأسئلة يطرحها المعلم وفق نظام محدد يساعد على استرجاع المعلومات المحفوظة فى الذاكرة ، ويثبت المعارف التي استوعبها التلاميذ ويعززها ، ويعمل على إعادة تنظيم العلاقات بين هذه المعارف . وهذا النوع من المناقشة يساعد المعلم ان يكتشف النقاط الغامضة في الأذهان لدى التلاميذ ، فيعمل على توضيحها بإعادة شرحها من جديد أو عن طريق المناقشة . فالمراجعة المستمرة للمادة المدروسة خطوة خطوة تتيح الفرصة أمام التلاميذ لحفظ الحقائق المنتظمة ، وتعطى المعلم إمكانية الحكم على تلاميذه فى مدى استيعابهم للمادة الدراسية .
( ب ) المناقشة الإكتشافية الجدليـة : يعتبر الفيلسوف سقـراط أول من استخدم هذه الطريقة . فهو لم يكن يعطـى تلاميذه أجوبة جاهزة ، ولكنه كان بأسئلة تارة ومعارضته تـارة أخرى يقودهم إلى اكتشـاف الحلول الصحيحة . كما أن هدفه لم يكن إطلاقا إعطاء التلاميذ المعارف ، وإنما كان إثارة حب المعرفـة لديهم ، وإكسابهم خبرة فى طرق التفكيـر التي تهديهـم إلى الكشف عن الحقائـق بأنفسهم والوصول إلى المعرفـة الصحيحة . وقد سمى هـذا الشكل التوليدي للمناقشة بالطريقـة السقراطيـة .
وفيها يطرح المعلم مشكلة محددة أمام التلاميذ ، تشكل محورا تدور حوله الأسئلة المختلفة الهدف ، فتوقظ فيهم هذه الأسئلة معلومات سبق لهم أن اكتسبوها ، وتثير ملاحظتهم وخبرتهم الحيوية ، ويوازي التلاميذ بين مجموعة الحقائق التي توصلوا إليها ، حتى إذا أصبحت معروفة وواضحة لديهم يبدأ هؤلاء في استخراج القوانين والقواعد وتعميم النتائج ، وهكذا يكتشفون عناصر الاختلاف والتشابه ، ويدرسون أوجه الترابط وأسباب العلاقات ، ويستنتجون الأجوبة للأسئلة المطروحة بطريق الاستدلال المنطقي . وبهذا يستوعبون المعارف بأنفسهم دون الاستعانة بأحد .
وهناك أنواع أخرى من المناقشة هي :
( ج ) المناقشة الجماعية الحـرة : فيها يجلس مجموعة التلاميذ على شكل حلقة لمناقشة موضوع يهمهم جميعا ، ويحدد قائد المجموعة : المدرس أو أحـد التلاميذ أبعاد الموضوع وحدوده . ويوجه المناقشـة ؛ ليتيح اكبر قدر من المشاركـة الفعالة ، والتعبير عن وجهات النظر المختلفة دون الخروج عن موضوع المناقشة ، ويحدد في النهايـة الأفكار الهامة التي توصلت لها الجماعة .
( د ) الندوة : تتكون من مقرر وعدد من التلاميذ لا يزيد عن ستة يجلسون في نصف دائرة أمام بقية التلاميذ . ويعرض المقرر موضوع المناقشة ويوجهها بحيث يوجد توازنا بين المشتركين في عرض وجهة نظرهم في الموضوع . وبعد انتهاء المناقشة يلخص أهم نقاطها . ويطلب من بقية التلاميذ توجيه الأسئلة التي ثارت في نفوسهم إلى أعضاء الندوة ، وقد يوجه المقرر إليهم أسئلة أيضا ، ثم يقوم بتلخيص نهائي للقضية ونتائج المناقشة .
( ه ) المناقشة الثنائية : وفيها يجلس تلميذان أما تلاميذ الفصل . ويقوم أحدهما بدور السائل ، والأخر بدور المجيب ، او قد يتبادلان الموضوع والتساؤلات المتعلقة به .
( و ) السمبوزيم : يتكون من ثلاثة أو أربعة تلاميذ يناقشون موضوعا معينا أمام باقي التلاميذ في الفصل ، بحيث يناقش كل منهم واحدا من جوانب الموضوع سبق الاتفاق عليه . ويقدم المقرر كلا منهم ليعرض جانب الموضوع الذي كلف به إياه .
والمناقشة من الطرق الفعالة في تدريس جميع العلوم والمقررات وبخاصة علم النفس بحيث تنمى معلومات التلاميذ ، وتحثهم على البحث والإطلاع ، وتكسبهم مهارة المناقشة ، وتعودهم التعبير عن رأيهم وحسن عرض وجهة نظرهم ، وتبادل النظر ، واحترام رأى الآخرين . كما أن استخدام الأسئلة والأجوبة يشد انتباه التلاميذ نحو الدرس ، و يشعرهم بأثر مساهمتهم في سيره .
غير أن هذه الطريقة صعبة التطبيق ؛ لأنها تتطلب من المعلم مهارة ودقة في إعداد الدرس ، والعناية الخاصة بالأسئلة من حيث الصياغة والترتيب المنطقي بما يناسب فهم التلاميذ . كما أن طريقة المناقشة تحتاج إلى زمن طويل حيث يسير الدرس ببطء والاستخدام السيئ لها يبعثر المعلومات ، ويفقد الدرس وحدته ، ولذلك فهي تحتاج إلى مدرس جيد يمتلك مهارات التدريس والمفاهيم والمعارف الجديدة ، والقدرة على التفكير المنطقي ، وقيادة المناقشة ليشارك اكبر قدر من التلاميذ ، وتقريب الحقائق إلى التلاميذ رغم الفروق الفردية . كما يجب أن يتمكن المدرس من فن السؤال بمعنى :
أن يكون السؤال واضحا بسيطا موجزا فى صياغته ؛ ليثير التلاميذ فى اقصر وقت ممكن إلى شيء محدد .
ان تكون هناك علاقة منطقية بين السؤال المطروح وما سبقه من أسئلة بحيث يسير الدرس فى نظام متتابع يثير نشاط التلاميذ ، ويساعدهم على حسن الفهم .
ان تكون لغة السؤال واضحة سليمة محددة ؛ لتكون استجابات التلاميذ متقاربة أو واحدة ؛ لأنه لا يحتمل إلا تأويلا واحدا .
أن يكون إلقاء السؤال بلغة سليمة وبشحنة انفعالية مناسبة تستثير التلميذ وتحفزه إلى البحث والإجابة بسرعة يسر .
ألا يعتمد السؤال عند إلقائه إلى مفاجأة التلميذ وإرباكه .
إن توزع الأسئلة توزيعا عادلا على أساس عشوائي ؛ حتى يضمن المدرس المشاركة الفعالة لكل التلاميذ وشد انتباههم ناحية الدرس .
أن تتنوع الأسئلة ؛ لتستثير معارف قديمة سبقت دراستها ، وتثبيت معارف جديدة ، وتطبيق هذه المعارف وتلك .
معنى ما سبق أن الأسئلة تهدف إلى وضع التلميذ في موقف مشكل يجعله يفكر ويبحث ويكشف الحل المطلوب .
محمد حسن عمران حسن