الإبداع كمفهوم ورؤى
مفهوم الإبداع:لا يوجد تعريف جامع مانع لمفهوم الإبداع واختلاف العلماء في تحديد مفهوم الإبداع وبالتالي عدم اتفاقهم على تعريف واضح محدد له هو في حد ذاته مؤشر على تعقد هذا المفهوم (الإبداع ) فهناك عدد كبير من التعريفات التي اقترحها الباحثون والدارسون للإبداع من تحديد هذا المفهوم لأن له تعريفات مختلفة من جهة ويساعد المربين على التعرف إلى الأفراد التلاميذ المبدعين أو ذوي القدرات والاتجاهات الإبداعية من جهة أخرى ومن استعراض التعريفات المختلفة المنشورة في أدبيات الإبداع نجد أن الباحثين يختلفون في تحديد هذا المفهوم من جهة وإلى مناهج الباحثين واختلافاتهم واهتماماتهم العلمية والثقافية ومدارسهم الفكرية من جهة ثانية وتعدد الجوانب هذه الظاهرة وتعقدها من جهة ثالثة .
يتفق الكثيرون على أن الإبداع هو نوع من التفوق العقلي وقد اختلف العلماء والباحثين في تعريف الإبداع ولعل اختلافهم راجع إلى اختلاف في طبيعة المعايير المستخدمة في تحديد الإبداع وكذلك في الطرق المستخدمة في دراسته ومهما يكن من أمر هذا الاختلاف الذي يعتبر دلالة سوية وصحية ولا يعتبر مؤشرا سلبيا فإن وجود عدد كبير من التعريفات يؤدي في النهاية إلى وضوح وتحديد دقيق لهذه الظاهرة النفسية ومن التعريفات :
- فروم (1959) الإبداع هو إنتاج شيء جديد
- كارل روجرز (1951) : ظهور إنتاج جديد في العمل نتيجة تفاعل الفرد
-جيلفورد (1950 ) قدرة عقلية مركبة من عدد القدرات كالطلاقة والمرونة الأصالة والتأليف .
ومن هذه التعريفات المختلفة يستخلص بعض الملامح المميزة للإبداع :فمن المعايير المستخدمة في تحديد الإبداع وتعريفه:النتاجات غير العادية للفرد المبدع والأصالة والجدة,القبول الاجتماعي للنتاجات الإبداعية الفائدة الاجتماعية .
هناك ثلاث طرق لدراسة الإبداع,أولها تركز على الطريقة,وثانيها تركز على الإنتاج,وثالثها تركز على الشخص نفسه،والإبداع هو إيجاد حل جديد أو أصيل لمشكلة ما في أي مجال؛ سواء العلمي أو الاجتماعي أو الفني .
الإبداع يستهدف إنتاج شيء جديد أو أداة جديدة عادية كانت أم معنوية،فاختراع الميكروسكوب ومقياس بينية للذكاء يعتبر ابتكارات فالهدف الأساسي للإبداع هو خلق أشياء جديدة أو حل مشكلة جديدة أو علاقات جديدة لم تكن موجودة أصلا .
في الإبداع يتحرر الفكر من قيود الماضي ولا يتقيد بالواقع ومتى تحرر الفكر منها يستطيع أن يفرغ على عناصر المشكلة معاني جديدة ووظائف جديدة .
الإبداع القدرة على إدراك الوحدة بين الأشياء التي لم يتوقع احد إن تكون بينها وحدة وكما يقول الفيلسوف (شوبنهاور ) ليس المهم أن نرى شيئا جديدا بل الهم أن نرى في شيء يراه كل الناس .
الذكاء شرط أساسي للإبداع ولكنه غير كاف إذ لابد أن يتوافر لدى الفرد القدرات الإبداعية المتنوعة وبعض الصفات الشخصية الأخرى
يرى بعض المهتمين في مجال الإبداع كأمثال جيلفورد ومالتزمان وميدينيك وتورانس وروجرز … يرى هؤلاء الباحثين وغيرهم أن الإبداع يعتمد على الأصالة والجدة وعلى القبول الاجتماعي والمفيد للنتاجات الإبداعية بمعنى آخر أن الإبداع لا يعتمد على الأصالة فقط إنما يجب أن يكون مفيد لأفراد المجتمع ويقوم على التقبل والاستحسان الاجتماعي لأن الإبداع يعتمد على رضا المجتمع وتقديره للنتاجات الإبداعية.
أبعاد الإبداع الأساسية:تتمثل في الإنسان المبدع,العملية الإبداعية,الإنتاجية المبدعة,الموقف الإبداعي.
الإنسان المبدع (Creative person) :مفهوم الإبداع بناء على سمات الشخصية أو الشخص المبدع وكنموذج لتحديد مفهوم الإبداع وفق هذا المنحى يعرف سيميسون الإبداع بأنه المبادأة التي يبيدها الفرد بما فيه الفرد المتعلم في قدرته على التخلص من السياق العادي للتفكير وإتباع نمط جديد من التفكير ومن هنا ينادي سيمبسون في البحث عن الأفراد المبدعين بما يسميه ( نمط العقول) التي تستقضي وتكتشف وتركب وتؤلف ولهذا اعتبرت بعض المفاهيم ذات الصلة كما في مفاهيم حب الاستطلاع والاكتشاف والاختراع والخيال هي مفاهيم أساسية في مناقشة مفهوم الإبداع أما جيلفورد فيعرف الإبداع بأنه تفكير في نسق مفتوح يتميز الإنتاج فيه بخاصية فريدة هي تنوع الإجابات المنتجة والتي لا تحددها المعلومات المعطاة وعليه يذكر جيلفورد أن الإبداع يتضمن عدة سمات عقلية أهمها الطلاقة والمرونة والصالة كما إن الإبداع وفق هذا المنحى يلاحظ انه يتضمن بعض السمات عقلية أم وجدانية .
عرف ماسلو الإنسان المبدع بأنه من يصل إلى مرحلة تحقيق الذات وأردف البعض على تعريف ماسلو بأن المبدعين الذين يحققون ذواتهم هم الأصحاب عقلينا والمتكيفون بصورة حسنة من جميع الجوانب في الحياة بصورة ابداعية غلا أنهم قد يمتلكون أو لا يمتلكون الموهبة الإبداعية وعلى الرغم من اختلاف المبدعين في أنواع إبداعاتهم واختلاف الظروف البيئية المشكلة لشخصياتهم إلا أن هناك جوانب مشتركة بين المبدعين فهناك خصائص متسمة بالدافعية مع أنها لا تنطبق بشكل دقيق على جميع المبدعين في حين أنها تؤخذ على أنها خصائص يجب العمل على ملاحظتها حيث أنها تساعد في معرفة الأفراد المبدعين وبالتالي يجب العمل على تنميتها .
هناك خصائص شخصية سلوكية وخصائص معرفية وردت في دراسات كل من (ank mackinnon barron Torrance ) مثل الاستقلالية حب المغامرة المخاطرة الطاقة العالية حب الاستطلاع العمل المنفرد استخدام جميع الحواس في الملاحظة الميل للفن والجمال عدم الخوف من النتائج المختلفة الانجذاب للأمور الجديدة والمعقدة والاستعداد الكلامي العالي تحمل الغموض قدرات عالية في التخيل والتحليل والتركيب والتقييم وبعد الرؤيا
والتميز بالتفكير المجازي قدرة على التجول والتوسع في الحدود تركيز على الاتقأن حساسية عالية للمشكلات تنبؤ وحدس كما يتميز المبدعون بأن لديهم اهتمامات كثيرة بشكل خاص ويتميزون بالقدرة على رؤية أكثر من وجهة أشياء وينقذون الأفكار الغبية ويتميزون بروح الفكاهة .
وأكدت فريمان أن التميز اللغوي والمعاناة الاجتماعية من خصائص المبدعين كما اكتشفت أيضا أن هناك تعارض بين النجاح الأكاديمي العالمي والإبداع وان هناك 23% من الطلبة في دراستها يجدون في التحصيل الأكاديمي منتهى السعادة والسرور وهم المنجزون الأكاديمي ونفي حين 7% منهم وجدوا سعادتهم في النشاطات الإبداعية وهم المبدعون .كما وضح ross parker 1980 أن مفهوم الذات الأكاديمي أعلى من مفهوم الذات الاجتماعي عند الطلبة المتميزون أكاديميا وان مفهوم الذات الاجتماعي عامل مهم في حفز الإبداعية
إن الأطفال المبدعين في سن ما قبل المدرسة كما يصفهم rank يظهرون في الغالب ميلا لتشكيل أصدقاء لعب خياليين ويميلون إلى التمثيل إلا أن المبدع بشكل عام لديه شخصية قوية وايجابية ومتكاملة مع نفسه ويعمل بانسجام كامل مع قدراته وأفكاره ولا يقدم إلا الإنتاج القيم مع كل ما سبق من وصف للمبدعين إلا أن torrance1981 smith 1966 يذكرون جملة خصائص سلبية تظهر لدى المبدعين مثل عدم المبالاة بالتقاليد والمجالات العناد حب السيطرة أو الهيمنة اهتمام متدني في التفاصيل شرود الذهن السخرية عدم الرغبة في التواصل مع الآخرين المزاجية مفرطين في العاطفة والشعور والفوضى ويذكر رانك أن المبدعين يمتازون بتناقضات عصابية أحيانا إلا أن آخرين أكدوا بأن المبدعين وأدرجها ضمن 12 بعد هي على التوالي الصالة الحدس الفن تفكير منفتح المغامرة حيوي فضولي مستقل روح الدعابة والمرح والسخرية منجذب نحو التعقيد ويحتاج وقت للانعزال مدرك للإبداعية لعل جميع ما ذكر يلخصه torrance1964 بقوله أن الشخص المبدع الحقيقي هو أول من يعطي للموضوع وينتج به وهو آخر المقلعين والمتراجعين عنه .
العملية الإبداعية (Creative Process :وكنموذج لتحديد مفهوم الإبداع وفق هذا المنحى يعرف ماكينون الإبداع بأنه عملية تمتد عبر الزمان وتتميز بالأصالة وبالقابلية للتحقق ويعرف ميدنك الإبداع بأنه عملية صب عدة عناصر متداعية في قالب جديد يحقق احتياجات معينة أو فائدة ما وتعد هذه العمليات عمليات ابتكارية بمقدار أصالة العناصر التي يشملها هذا التركيب أما بول تورانس فيعرف الإبداع بأنه عملية يصبح فيها الفرد المتعلم حساسا للمشكلات وبالتالي هو عملية إدراك الثغرات والاختلال في المعلومات والعناصر المفقودة وعدم الاتساق الذي لا يوجد له حل متعلم ثم البحث عن دلائل ومؤشرات في الموقف وفيما لدى الفرد من معلومات ووضع الفروض حولها واختيار صحة هذه الفروض والربط بين النتائج وربما إجراء التعديلات وإعادة اختبار الفروض ثم يقدم نتائجه في آخر الأمر
لقد كثرت الأبحاث والتحليلات للعملية الإبداعية رغم غموضها كمحدثات عقلية حيث وصف Torrance 1977 العملية الإبداعية بأنها الشعور بالوحدة والأقلية والشعور بعدم الارتياح وهذا يتطلب الشجاعة ووصفها البعض بخطوات حل المشكلة أو الاختراع عن طريق مطابقة الأفكار والقدرة على ربط وتوصيل الأشياء الغريبة مع الشيء السائد وإنتاج المعاني وتبلور تفسير العملية الإبداعية بأنها الفهم لعلاقتين متبادلتين لعمل ومضة من خلال تجاوز هاتين العلاقتين وما هذه التفسيرات المتشابكة إلا خلاصة لأفكار العلماء التي استعرضها كل من davis 1988 Rothenberg ..
رأى Ehrenberg العملية الإبداعية على أنها شبكة ملتوية معقدة الطرق ومعرفة المسار الأفضل عبرها دون امتلاك جميع المعلومات الكاملة للاختيار وظهرت العملية الإبداعية للآخرين على شكل سلسلة من الخطوات يقوم بها الشخص المبدع وتحدث بمجملها تغيرا ادراكيا سريعا نسبيا وعرفها ديوي بأنها ظهور حالة من الشك والحيرة ينشأ معها التفكير وتتبع الحالة بالبحث لإيجاد مواد تبدد الشك وتهدى الحيرة وتشير إلى مقومات العملية الإبداعية حيث تتطلب البعد المعرفي والتدريب والخبرة والخصائص الشخصية والدافعية والمثابرة وبالتالي فهي قدرة الفرد على الحضور في البيئة الاجتماعية بمستوى من الدافعية يوجه نحو المهمة وبناء التصورات لأداء المهمة إن أكثر الباحثين شهرة في معرفة وتحليل العملية الإبداعية هم Catherine Patrick wallas حيث صنفوها الأربع مراحل هي :
1. مرحلة التحضير أو الإعداد preparationوهي الخلفية المعرفية الشاملة والمتعمقة في الموضوع الذي يبدع فيه الفرد وفسرها Gordon بأنها مرحلة الإعداد المعرفي والتفاعل معه
2. مرحلة الكمون أو الاحتضان incubation وفسرها Gordon بأنها حالة من القلق والخوف اللاشعوري والتردد بالقيام بالعمل والبحث عن الحلول وركز تور انس على عملية الاحتضان كأصعب مراحل العملية الإبداعية وقدم بالتعاون مع سمنتر تدريبيا موجها للتدريب على الإبداع منطلقا من مرحلة الكمون حيث أنها تحتاج لمقومات أساسية وخاصة .
3. مرحلة الإشراف illumination وهي الحالة التي تحدث بها الومضة أو الشرارة التي تؤدي إلى فكرة الحل والخروج من المأزق وهذه الحالة لا يمكن تحديدها مسبقا فهي تحدث في وقت ما في مكان ما لدى الفرد دون سابق إنذار وربما تلعب الظروف المكانية والزمان والبيئة المحيطة بتحريك هذه الحالة ووصفها الكثيرون بلحظة الإلهام وميزOsborn بين الإشراف والإلهام وحيث إن الإشراف يأتي مصادر غير معروفة أما الإلهام فيأتي من مثيرات يمكن تتبعها ونحن بحاجة إلى قادة يملكون الأفكار ويعلمون كيف يستخدمونها ويبدعون فيها .
4. مرحلة التحقيق verification وهي مرحلة الحصول على النتائج الأصلية المفيدة والمرضية وحيازة المنتج الإبداعي على الرضا الاجتماعي .
وبينت freeman أن العملية الإبداعية مبنية على أساس الشعور والسببية حيث إن الشعور يقترح الاتجاه وما نشعر به أنه صحيح وذو قيمة أما السببية فترشد وتوجه القرارات وتختبر ما أملاه الشعور فيما إذا كان مناسبا وفعالا وله نتيجة أم لا لقد ركزت فريمان على القلق الذي يلف الموضوع بأكمله عندما يقوم الإنسان بالعمل الإبداعي حيث يبحث عن المخارج للخلاص من القلق المرغوب باحثا عن إجابات أو حلول والانتهاء بنتائج أصلية مرضية إلا أن الأهمية تكمن في التنسيق بين الشعور والسببية حيث إن التنسيق ينمو ويتطور بالخبرة والحساسية العالية للعمل وبالتالي فان فريمان ترى إن العملية تمثل مرحلة حل الصراعات حيث يرى المبدع متناقضين يضعهما في وحدة عمل اعتمدت فريمان أيضا في تفسيرها للعملية على التفكير الاستبصاري كأساس وشبهة بالومضة أو الشرارة التي ندركها وبشكل كبير غير مباشر حيث تأتي هذه الومضة بسرعة وبشكل مرض وساحر وهي مهمة لكل أبعاد الحياة وربما تشكل خبرة عميقة تساعد في الاندماج نحو الإنجازات المبدعة .
إن مراحل العملية الإبداعية كما يقترحها تشاين تمر بثلاث خطوات هي :
1. مرحلة تكوينات الفرضية hypothesis formation وتبدأ هذه المرحلة بعد مرحلة الاستعداد وتنتهي بفكرة أو خطة جديدة
2. مرحلة اختبار الفرضية hypothesis testion وتتضمن هذه المرحلة فحص واختبار الفكرة الفرضية )بدقة
3. مرحلة توصيل النتائج communication of results وهي المرحلة التي يحدث فيها تبادل المعلومات والخبرات وبالتالي عرض الصورة للآخرين .
كما يرى كالفن تيلر calvin taylor أن عملية الإبداع تمر في فترات تتفق إلى حد كبير مع المراحل (والاس وماركسبري ) الأربع المقترحة وهذه الفترات كما يراها تيلر taylor ووثقها رومي romey هي :
1. فترة العمل العقلي Mental lab our والاستغراق والاندماج العميق في المشكلة
2. فترة الاحتضانincubation period
3. فترة الإشراق illumination period
4. فترة التفاصيل elaborations وتنقية الأفكارrefinement
أما هاريسHarris فيرى إن عملية الإبداع تتكون من ست خطوات ذكرها حلمي المليجي 1968 كما يلي :
أ – وجود الحاجة إلى حل مشكلة
ب- جمع المعلومات
ج- التفكير في المشكلة
د- تمثيل الحلول
هـ- تحقيق الحلول أي إثباتها تجريبيا .
و- تنفيذ الأفكار وعليه يرى ها ريس أن الفرق بين العقول البصيرة الوقادة لبعض العباقرة والعمليات العقلية لدى الأفراد العاديين هو السرعة التي ينتقلون بها من الخطوة إلى الخطوة
وكخلاصة لمراحل العملية الإبداعية وتوفيق المراحل السابقة يلخص صائب الألو سي 1981 خطوات ومراحل عملية الإبداع في المراحل الخمس التالية :
1.مرحلة الإحساس بالمشكلة: شعور أو إحساس عام لدى الفرد المتعلم بوجود مشكلة ما تتطلب حلا .
2.مرحلة تحديد المشكلة : تفرض المشكلة نفسها على الفرد المتعلم للبحث في جوانب المشكلة وعناصرها .
3.مرحلة الفرضيات: وفيها تقترح الحلول المناسبة للمشكلة المبحوثة .
4.مرحلة الولادة: هذه المرحلة يظهر الحل على شكل إنتاج فريد وجديد وذلك من بين الحلول المقترحة في المرحلة السابقة.
5.مرحلة التقويم:وتتضمن هذه المرحلة الإضافات الضرورية إلى الولادة الجديدة لتفي بمتطلبات الحاجة التي جاءت من اجلها العملية الإبداعية.
و بناء على العرض السابق لمراحل وخطوات عملية الإبداع يمكن استنتاج وإبداء
بعض الملاحظات على مراحل عملية الإبداع وهي :
1. لا يوجد اتفاق تام بين الباحثين على خطوات العملية الإبداعية أو مراحلها وبالتالي فان مراحل عملية الإبداع ليست خطوات جامدة ينبغي إتباعها بالتسلسل السابق الذكر وبخاصة أنها أعقد مجالات دراسة الإبداع وأكثرها صعوبة.
2. مراحل عملية الإبداع مراحل متداخلة ومتفاعلة مع بعضها وبالتالي فان فكرة المراحل كما يراها بعض الناقدين ما هي إلا فكرة تحليلية تعمل على تجزئة السلوك الإبداعي.
3. ينتقد كثير من الباحثين فكرة المراحل في عملية الإبداع فيرى جيلفورد على سبيل المثال إن تقسيم الإبداع إلى مراحل هو تقسيم مفتعل لصالح فكرة قياس مراحل أداء الأفراد المبدعين أثناء حلهم لبعض المشكلات كما يرفض بعض العلماء استخدام كلمة مراحل أو أطوار ويفضلون الحديث عن أوجه أو جوانب العملية الإبداعية وبخاصة أن العملية قد تحدث في فترة وجيزة حيث يصعب الفصل فيها إلا نظريا وعليه إن العملية الإبداعية تشير إلى تعقدها وأنها تتألف من مجموعة متشابكة من العمليات المعرفية و المدافعية التي تتضمن كثيرا من عناصر الإدراك والتذكر والتخيل الخ.
4. يرى بعض الباحثين في موضوع الإبداع إلى اختصار مراحل عملية الإبداع إلى مرحلة واحدة هي لحظة الخلق moment of creation وبالتالي فان دراسة الإبداع تكون أكثر فائدة في ضوء النتائج الإبداعي بدلا من عملية الإبداع ونقد ذكر عن فوكس بأنه لا يعترف مطلقا بوجود أي خطوات لعملية الإبداع .
5.يطالب بعض الباحثين أمثال فبناك وهو من أشد المعارضين لفكرة المراحل بإعادة النظر في مراحل عملية الإبداع والتفكير الإبداعي ويقترح تصورها على أنها عمليات لا محل للتسلسل في حدوثها وبالتالي فان التفكير الإبداعي هو نوع من النشاطات العقلية المتضافرة أكثر من مراحل تتفاوت درجة الانفصال والتقطع فيها وان هذه النشاطات تتداخل وتمتزج مع بعضها وأن العمل الإبداعي لا يبزغ فجأة بل يكتمل بالتدرج ويمر بتناول من الاحتضان والإشراق.مما تقدم ونظرا لصعوبة الاتفاق على مراحل عملية الإبداع أو عملياتها لجأ الباحثون وبخاصة الجدد إلى التركيز على دراسة الإنتاج الإبداعي وذلك باعتباره نتاجا ملموسا للعملية الإبداعية والذي يمكن الاتفاق بشأنه إلى حد كبير كما أنه يمثل محكما واضحا للإبداع ومن المحكمات والمعايير التي استخدمت في هذا الصدد وكما يوثقها أدب الإبداع ما يلي :
أ عدد البحوث والتقارير والمنشورات العلمية
ب- العضوية في الجمعيات المهنية
ج- الجوائز العلمية أو الأدبية
د- عدد براءات الاكتشاف والاختراع المسجلة
هـ- تقديرات الكفاية الإنتاجية من المشرفين .
الإنتاج الإبداعي ( المحصلة الإبداعيةCreative Product):وكنموذج لتحديد مفهوم الإبداع وفق هذا المنحى يعرف بيرس الإبداع بقدرة الفرد على تجنب الروتين العادي والطرق التقليدية في التفكير مع إنتاج أصيل جديد أو غير شائع يمكن تنفيذه وتحقيقه كما يعرف روجز الإبداع بأنه ظهور لإنتاج جديد نابع من التفاعل بين الفرد أو التلميذ ومادة الخبرة أما شتاين فيعرف الإبداع بأنه إنتاج جديد مقبول ونافع يحقق رضا مجموعة كبيرة في فترة معينة من الزمن وبناء عليه فان هذه التعريفات وفق هذا المنحى تؤكد على أهمية توافر خصائص وصفات معينة في الإنتاج الإبداعي كالأصالة والجدة والواقعية والقابلية للتعميم وإثارة الدهشة وفي هذا الصدد يلخص سيد خير الله 1981 تعريف الإبداع بأنه قدرة الفرد المتعلم على الإنتاج إنتاجا يتميز بأكبر قدرة من الطلاقة الفكرية والمرونة التلقائية والأصالة وبالتداعيات البعيدة وذلك كاستجابة لمشكلة أو موقف مثير .
وصف كل منfox wallas marry barronكما ورد عن (davis 1986) أن الإنتاج الإبداعي هو الإتيان بالشيء الجديد أو تركيب وتطوير الجديد ذي القيمة أو الأفكار ذات القيمة أو قد يكون الحل الناجح للمشكلة بطريقة مفيدة وأصيلة وركز (renzulli 1985) على أهمية الإنتاج الإبداعي في تقييم الإبداعية على أساس نتائج أدوات تقييم الإنتاج الإبداعي وذكر رينزولي أن الإنتاج يسجل الأشخاص المبدعين والمنتجين في العالم ولا يسجل أولئك الذين يحققون درجات عالية على اختبارات الذكاء أو الذين يحفظون دروسهم جيدا .
العوامل المؤثرة في الإنتاجية الإبداعية :يرى (gordon1995) أن الإبداع هو الموهبة للإنتاج ويحدث التغيير القوي والمفيد في حل أقوى المشكلات.ووضع(stenberg1993) إن الإنتاجية الإبداعية عند الأفراد المبدعين تتطلب وتعتمد على ستة أسس رئيسية هي :
- الذكاء أو العمليات الفكرية وخاصة الاستبصار وأن اختبارات الذكاء التقليدية لا تقيس عمليات المعرفة المتضمنة في الإبداع لذا فهي أدوات ضعيفة للشف على المتميزين المبدعين .
- المعرفة
- أساليب التفكير
- الشخصية
- الدافعية
- البيئة / محتوى البيئة
أما (kogan1996) فقد وجد في دراسة غزيرة أن الإنتاجية الإبداعية في الفنون مرتبطة بالموهبة الوراثية والخصائص الجسمية والشخصية للفرد والحساسية الفنية وحب المشاركة في أنشطة الأدوار التخيلية والاهتمام المسرحي المبكر والتأثر بالأهل والتعرض للأشكال الفنية وتأثيرات البيت .هذا وأكد (0sborn 1991) على أهمية الخيال والمثابرة والاسترخاء في الإنجاز الإبداعي والتطور الإبداعي وأشارت (parnes1981) إلى أهمية تسريع التفكير والحكم المؤجل وكم الأفكار والربط بين الأفكار ورؤية العلاقات ودورها في الإنتاجية المبدعة خاصة فيما يتعلق بحل المشكلة كما قدمت اقتراح ميزان الحكم على سلامة الحلول المناسبة لمشكلة ما إلا أن(delcourl1981) بحثت بالحقائق المرتبطة بالسلوك الإنتاجي المبدع عند الأطفال الملتحقين في برنامج الثالوث لرينزولي وتبين أن العوامل المؤثرة في الإنتاج الإبداعي هي :
o الوعي الأبوي .
o تميز مبكر في القراءة والموسيقى اهتمامات الطفولة المبكرة
o اهتمامات علمية مبكرة
o اهتمامات بالتكنولوجيا
o خلفية الأسرة / الأهالي تعليم متوسط وأعمالهم جيدة
o الاهتمام بالتخيل والمغامرة .
الموقف الإبداعي :مفهوم الإبداع بناء على الموقف الإبداعي أو البيئة المبدعة :وهو الحالة والظروف البيئية التي تلف عملية الإنتاج العقلي المبدع في الكشف عن لغز ما أو بزوغ حل ما أو ولادة فكرة ما أو شعور الشخص في استعداده أو مقدرته على الشروع في الإنتاج المبدع ويقصد بالبيئة المبدعة أو المبتكرة المناخ بما يتضمنه من ظروف ومواقف مختلفة تيسر الإبداع العلمي أو تحول دون إطلاق طاقات الأفراد الإبداعية وتقسم هذه الظروف كما حددها الدريني 1982 إلى قسمين هما :
ظروف عامة ترتبط بالمجتمع وثقافته بصفة عامة فالإبداع العلمي أو الأعمال الإبداعية ينمو ويترعرع في المجتمعات التي تتميز بأنها تهيئ الفرصة والتربية المناسبة لأبنائها للتجريب دون خوف أو تردد وتسمح بمزيد من الاحتكاك الثقافي والخد والعطاء بين الثقافات المختلفة وتقدم نماذج مبدعة من أبنائها من الأجيال السابقة كنماذج يتلمس الجيل الحالي لخطاهم كما يتميز المجتمع بروح العصر أو الطابع الفعلي والثقافي للعصر التي تسمح بتعريض الفرد للعديد من المؤثرات الثقافية والعلمية وبالتالي تشجع على نقد وتطوير الأفكار العلمية وتكافيء الإبداع والمبدعين والعمال الإبداعية وتسمح بالتجريب العلمي وتشجع عليه ولضمان ذلك لابد لأفراد المجتمع إن يمتلكوا اتجاهات ايجابية نحو الإبداع والعملية الإبداعية والمبدعين وفي هذا الصدد يذكر حنورة وعيسى 1984 عن تقرير أعده تور انس 1980 عن زيارة قام بها إلى اليابان يقارن بين تأثير كل من الثقافتين الأمريكية واليا بانية على الإنجاز الإبداعي أن تور انس قد توصل إلى إن هناك 115 مليونا من فائقي الإنجاز وهم جميع سكان اليابان وبعبارة أخرى يرى تور انس إن جميع سكان اليابان منجزون على عكس سكان الولايات المتحدة الأمريكية وعليه أصبحت اليابان الدولة الأولى في عدد كبير من مظاهر الإنجاز الإبداعي ويفسر الباحث تور انس ذلك على أساس الظروف التي ترتبط بالمجتمع الياباني وثقافته والذي يتمثل في المناخ الثقافي وكما يتمثل في مظاهر الجدة والدقة والنظام والصرامة والجهد المكثف وزيادة الكفاءة منذ الصغر وتعميق الانتماء للجماعة واحترام روح الفريق منذ بداية العمر والتدريب على حل المشكلات الذاتي والتركيز على تنمية المهارات الحسية والإنتاج ومهارات التعاون في الجماعة لدى التلاميذ الصغار بدءا من مرحلة رياض الأطفال.
القدرات الإبداعية :لقد لجأ الكثير من الباحثين والتربويين على تسميتها بالمهارات الإبداعية كما يمكن التعامل مع القدرات الإبداعية على أنها سمات شخصية إبداعية مثل الدعابة والسخرية الأصالة والطلاقة والمرونة والاهتمام الفني .إلا أن (Barron 1988) تجنب الخلط بين السمات والقدرات واكتفى بمجموعة خصائص أسماها مقومات الإبداع هي :إدراك النماذج عمل الارتباطات تحدي الافتراضات انتهاز أفضل الفرص النظر بطرق جديدة وفي الخلاصة من المهم أن نؤكد على أهمية النظر إلى الأداء الإبداعي على انه قدرات وليس مهارات وفيما يلي توضيح لبعض هذه القدرات :
أولا: الطلاقة ( Fluency):ويقصد بها تعدد الأفكار التي يمكن أن يأتي بها الفرد أو التلميذ المبدع وتتميز الأفكار والإجابات المناسبة بملاءمتها لمقتضيات البيئة الواقعية .هذا وتقاس الطلاقة بأساليب مختلفة منها على سبيل المثال :سرعة التفكير بإعطاء كلمات في نسق محدد كأن تبدأ أو تنتهي بحرف معين
تصنيف الأفكار وفق متطلبات معينة كالقدرة على ذكر اكبر عدد ممكن من أسماء الحيوانات الصحراوية أو المائية
القدرة على إعطاء كلمات تربط بكلمة معينة كان يذكر التلميذ اكبر عدد ممكن من التداعيات لكلمة نار الخ..
القدرة على وضع الكلمات في اكبر قدر ممكن من الجمل والعبارات ذات المعنى .
وتفسير خلاصة بحوث جيلفورد (Guilford) إلى وجود أربعة عناصر أو عوامل للطلاقة هي :
الطلاقة اللفظية :ويقصد بها قدرة الفرد المبدع على إنتاج اكبر عدد ممكن من الألفاظ أو المعاني
الطلاقة الفكرية وهي قدرة الفرد أو التلميذ المبدع على ذكر عدد ممكن من الأفكار في وقت محدد .
طلاقة التداعي : وهي قدرة الفرد (التلميذ) المبدع على إنتاج اكبر عدد ممكن من الألفاظ.
الطلاقة التعبيرية :وهي القدرة على التفكير السريع في الكلمات المتصلة والملائمة لموقف معين ويمكن تظهر هذه في صور كما ذكرها حسن عيسى 1979في صور أخرى
ثانيا : المرونة(Flexibility:ويقصد بها ( المرونة) تنوع أو اختلاف الأفكار التي يأتي بها الفرد ( التلميذ ) المبدع وفي هذا الصدد تشير البحوث التربوية النفسية إلى وجود عاملين للمرونة هما:
المرونة التكيفية وتشير على قدرة الفرد التلميذ على تغيير الوجهة الذهنية (العقلية ) وبعبارة أخرى تحتاج المرونة التكيفية إلى تعديل مقصود في السلوك يتفق مع الحل السليم
المرونة التلقائية :وتشير إلى سرعة الفرد التلميذ على إنتاج أكبر عدد ممكن من أنواع مختلفة من الاتجاهات الأفكار التي ترتبط بمشكلة أو مواقف مثيرة وتتمثل المرونة التلقائية في قدرة التلميذ على أن يعطي تلقائيا عددا متنوعا من الإجابات كما تتمثل المرونة التلقائية لدى الأدباء والفنانين لا تنتمي إلى إطار أو شكل واحد .
ثالثا :الأصالة (Originality) :يقصد بها التجديد أو الانفراد بالأفكار كأن يأتي الفرد التلميذ بأفكار جديدة متجددة بالنسبة لأفكار زملائه .هذا وتختلف الصالة عن عاملي الطلاقة والمرونة بما يلي :
أ)- الأصالة لا تشير إلى كمية الأفكار الإبداعية التي يعطيها الفرد
ب)- الصالة تشير إلى النفور أو الابتعاد من تكرار ما يفعله الآخرون وهذا ما يميز الأصالة عن المرونة ويمكن قياس الأصالة عن طريق .
1- كمية الاستجابات غير الشائعة
2- اختيار عناوين لبعض القصص القصيرة مع احتمال استبدال القصة بصورة أو بشكل .
رابعا:التفاصيل (الإكمال) (Elaboration):يقصد بالتفاصيل\"البناء على أساس من المعلومات المعطاة لتكملة(بناء ما) من نواحيه المختلفة\"،وتتضمن اقتراحات ومكملات وزيادات قد تقود بدورها إلى تنمية أخرى.والتلميذ المبدع ذو القدرة على التفصيل تتناسب درجته مع مقدار التفصيلات التي يعطيها.
خامسا:التأليف (Synthesis):ويقصد بها القدرة على دمج أجزاء مختلفة في وحدات جديدة .
سادسا:الحساسية للمشكلات (Problem Sensibility):ويقصد بها قدرة الفرد على إدراك الثغرات أو مواطن الضعف في الظاهرة أو الموقف المثير .
ليلى الصم