الفائدة الثانية
طريق النجاة
فائدة في غاية الأهمية
بعد أن تحدث العلامة ابن القيم-رحمه الله-عن عقوبات المعاصي
ووسائل الشيطان في إيقاع بني آدم فيها تكلم عن فاحشتي
الزنا واللواط بعدها سأل سؤالاً مهماً وهو :
فإن قيل : وهل مع هذا كله دواء لهذا الداء العضال ؟
ورقية لهذا السحر القتال ؟..
فأجاب : قيل : نعم . . الجواب من أصله
(( ما أنزل الله من داء إلا جعل له دواء ))
علمه من علمه وجهله من جهله )) .
والكلام في دواء هذا الداء من طريقين :
احدهما ــ حسم مادته قبل حصولها .
والثاني ــ قلعها بعد نزولها .
وكلاهما يسير على من يسره الله عليه ، ومتعذر على من لم يعنه ،
فإن أزِِِمَّة الأمور بيديه .
فأما الطريق المانع من حصول هذا الداء ، فأمران :
أحدهما : غض البصر :
فإن النظرة سهم مسموم من سهام ابليس ، ومن أطلق لحظاته
دامت حسراته ، وفي غض البصر عدة منافع ــ وهو بعض أجزاء
الدواء النافع ــ
• احدها : أنه امتثال لأمر الله الذي هو غاية سعادة العبد في معاشه
ومعاده ، فليس للعبد في دنياه وآخرته , أنفع من امتثال أوامر ربه ............
• الثانية : أنه يمنع وصول أثر السهم المسموم ــ الذي لعل فيه هلاكه ــ
إلى قلبه .
• الثالثة : أنه يورث القلب أنساً بالله وجمعيَّةً عليه ــ الله ــ
• الرابعة : أنه يقوي القلب ويفرحه , كما أن إطلاق البصر يضعفه ويحزنه
• الخامسة : أنه يكسب القلب نوراً ، كما أن إطلاقه يكسبه ظلمة ، .............
• السادسة : أنه يورث فراسة صادقة يميز بها بين الحق والباطل ،
والصادق والكاذب .
• السابعة : أنه يورث القلب ثباتاً وشجاعة وقوة ، فجمع الله له بين
سلطان النصرة والحجة ، وسلطان القدرة والقوة ، كما في الأثر :
(( الذي يخالف هواه يَفْرِقٌ الشيطان من ظله )) .
• الثامنة : أنة يسد على الشيطان مدخله إلى القلب ....
• التاسعة : أنه يًفرَّغ القلب للفكرة في مصالحه والاشتغال بها .....
• العاشرة : أن يعين العين والقلب منفذاً وطريقاً يوجب انفصال
أحداهما عن الآخر ، وأن يصلح بصلاحه ، ويفسد بفساده ، فإذا فسد
القلب فسد النظر ، وإذا فسد النظر فسد القلب .
وكذلك في جانب الصلاح فإذا خربت العين وفسدت خرب القلب وفسد ،
وصار كالمزبلة التي هي محل النجاسات والقاذورات والأوساخ ،
فلا يصلح لسكنى معرفة الله ومحبته والإنابة إليه ، والأنس به والسرور
بقربه فيه ، وإنما يسكن فيه أضداد ذلك .
فهذه . . إشارة إلى بعض فوائد غض البصر تطلعك على ما ورائها .
الطريق الثاني : ــ من حصول تعلق القلب ــ اشتغال بما يبعده عن ذلك .
ويحول بينه وبين الوقوع فيه ، وهو إما خوف تعلق أو حب مزعج ،
فمتى خلا القلب من خوف ما فواته اضر عليه من حصول هذا المحبوب ،
أو خوف ماحصوله آخر عليه من فوات هذا المحبوب ، أو محبة ماهو
أنفع له وخير له من هذا المحبوب ، وفواته آخر عليه من فوات هذا
المحبوب ، أو محبة ماهو أنفع له وخير له من هذا المحبوب ، وفواته
آخر عليه من فوات هذا المحبوب ، لن يجد بداً من عشق الصور .
وشرح هذاأن النفس لا تترك محبوباً إلا المحبوب أعلى منه ،
أو خشية مكروه حصوله اضر عليها من فوات هذا المحبوب .
وهذا يحتاج صاحبه إلى أمرين إن فقدهما أو أحداهما لم ينتفع بنفسه :
أحدهما
بصيرة صحيحة
يفرِّق بها بين درجات المحبوب والمكروه ، فيؤْثِر أعلى المحبوبين
على أدناهما ، ويحتمل أدنى المكروهين ليخلُص من أعلا هما ، وهذا
خاصة العقل ، ولا يعد عاقلاً من كان بضد ذلك بل قد تكون البهائم
أحسن حالاً منه
الثــاني : قوة عزم وصبر:
]يتمكن به من هذا الفعل والترك ، فكثيراً مايعرف الرجل قدر التفاوت ،
ولكن يأبى له ضعف نفسه وهمته وعزْمته على إيثار الأنفع ، من جشعه
وحرصه ووضاعة نفسه خسة همته.