عرض مشاركة واحدة
  #44  
قديم 01-09-2010, 05:54 AM
فاستبقوا الخيرات فاستبقوا الخيرات غير متصل
 
تاريخ التسجيل: Aug 2010
المشاركات: 261
معدل تقييم المستوى: 14
فاستبقوا الخيرات is on a distinguished road
رد: لكل معلم .. لكل طالب "متجدد"

الخصائص الاجتماعية لمرحلة المراهقة وأساليب رعايتها: (1)

تمثل مرحلة المراهقة نقطة انطلاق الفرد اجتماعيا من النطاق الأسري الضيق إلى نطاق المجتمع حيث تتميز العلاقات الاجتماعية بأنها أكثر اتساعاً وشمولاً عنها في مرحلة الطفولة ، فيبدأ المراهق بالشعور بالارتياح مع أشخاص خارج نطاق الأسرة -الأصدقاء - أكثر مما يجده مع والديه وإخوته ، ومن مظاهر ذلك : زيادة الوقت الذي (يمضيه المراهق مع رفاقه وزملائه ، وقلة الوقت الذي يمضيه مع أفراد الأسرة).



هذا وأبرز خصائص النمو الاجتماعي في مرحلة المراهقة ما يلي:

1 ـ الانتماء:

يظهر في مرحلة المراهقة الشعور بالانتماء إلى بعض الجماعات القائمة في المجتمع ، وهذا الانتماء يعتمد على ما يسود في المجتمع . ففي بعض المجتمعات يكون الانتماء مبنياً على الرابطة الدموية كالقبيلة أو المكان أو المنطقة ، أو النشاطات كالأندية

ومن مظاهر سلوك المراهق حيال هذه الانتماءات المسايرة والتي تعنى إتباع معايير الجماعة بحذافيرها ، ومحاولة الظهور بمظهرها والتصرف كما يتصرف أفرادها.

وتعود مسايرة المراهق للجماعة التي ينتمي إليها إلى:

أ ـ أنه دخل إلى عالم جديد ، فهو ينظر إلى ما يفعله الآخرون فيتبعه :

ب‌ ـ محاولة تجنب كل ما يؤدي إلى إثارة النـزاع بينه وبين أفراد هذه الجماعة . بغية تحقيق التوافق الاجتماعي. .

وهذه المسايرة ليست صفة ملازمة للمراهق ، ولا تكون تامة إلا في أول المراهقة وتخف تدريجياً مع تقدم الفرد في سلم المراهقة بحيث يساير في الأمور التي يقتنع بها ، أما الأمور التي لا يقتنع بها فقد يخالف فيه.

2 ـ تكوين الجماعات (جماعة الرفاق):

من أهم ما يميز النمو الاجتماعي في مرحلة المراهقة الميل الشديد عند معظم المراهقين إلى الانخراط بعضهم مع بعض في جماعات ؛ لأن الفرد في هذه المرحلة لم يعد طفلا ، ولم يصبح راشداً ، فيشترك مع جماعة لكي يتفاعل معها ، ويجد مكانته الاجتماعية عندها.

وتتميز جماعة الرفاق بمميزات خاصة تميزها عن غيرها من الجماعات ، وهذه المميزات ليس بالضرورة أن تنطبق جميعا أو بنفس الصورة على جميع فئة المراهقين. فهي تختلف من مجموعة إلى مجموعة أخرى ، ومن فرد إلى فرد آخر. وهذه الخصائص أو الميزات تقل أو تتلاشى تدريجياً كلما تقدم المراهق في السن. ومن هذه الخصائص ما يلي:

أ‌) التجانس بين أعضائها فهم من جنس واحد ، وأعمارهم وخلفياتهم الاجتماعية وميولهم ومستوياتهم الدراسية متقاربة . ويزداد التجانس مع مرور الوقت لعدة أسباب منها : تأثر بعضهم ببعض ، ومسايرتهم للسلوك الغالب في المجموعة ، وانسحاب الأفراد البعيدين بعض الشيء عن غالبية المجموعة في بعض الصفات.

ب‌) محدودية العدد.

ج) المجموعة الوحيدة :حيث تتعدد المجموعات التي يرتبط بها الفرد في المراحل التالية للمراهقة ، أما المراهق فإنه يرتبط بمجموعة واحدة ، ولا يستطيع الاستغناء عنها ببديل

د) تسير وفق نظام معين ضمني غير مصرح به . أي أنه يوجد نظام يربط علاقة أفراد هذه المجموعة دون أن يشعروا بذلك . حيث يُعرف من يستطيع أن ينظم معهم ، والذي لا يستطيع ، ولذلك معروف من القيادي في هذه المجموعة الذي يرجع إليه عندما يقترح أحدهم موضوعاً معيناً مثل الذهاب إلى رحلة أو زيارة صديق.

هـ) شديدة التماسك : فالعلاقات بين أفراد المجموعة قوية لدرجة أنه يصعب سحب أي عضو منها ، ويزداد التماسك عندما يشعرون بتدخل من قبل الآخرين.

و) تمارس ضغطاً على أفرادها . وغالباً يتأثر المراهق بهذه الضغوط من قبل مجموعته إلا إذا كانت علاقته بالمجموعة لم توثق بعد أو كان يتميز بقوة الإرادة.

وظاهرة تكوين مجموعة الرفاق ليست سلبية أو سيئة ، بل الظاهرة في حد ذاتها طبيعية وصحية ، ولكن مجموعة معينة بذاتها قد تكون طيبة أو سيئة حسب طبيعة أفرادها . لأن لمجموعة الرفاق دورًا مهماً لنمو المراهق الاجتماعي ، فهي تنمي فيه روح الانتماء للجماعة ، بما يؤدي به إلى حبها ومراعاة معاييرها ، والإذعان لآرائها ، وهذا يخلص المراهق من الأنانية والعزلة . ويزرع فيه حب مساعدة الآخرين والعمل في سبيل الغير ، كما تساعد المراهق على أن يتعلم كيفية التفاعل الاجتماعي مع الأتراب أو غيرهم ، كما تساعده على اكتساب بعض المهارات والاهتمامات والاتجاهات التي تتناسب مع هذه المرحلة ، وكيفية تبادل المشكلات والمشاعر . كما وأن هناك دوراً مهماً جداً لمجموعة الرفاق ألا وهو شعور المراهق بأن له قيمة واعتباراً في هذه المجموعة وهذا الدور كثيراً ما يفقده في غير مجموعة الرفاق.

3 ـ التمركز حول الذات (الاعتناء بالمظهر الخارجي)

يسعى المراهق أن يكون له مركز ومكانة اجتماعية ، وهو من أجل ذلك يقوم بالأعمال التي تلفت وتجذب نظر الآخرين إليه ،(وذلك بحسب نوعية المجموعة التي يتعايش معها ويقتدي بها) فإن كانت ذات عناية بالملبس والمظهر زادت عنايته بذلك، فيختار الأنواع والألوان الزاهية ، وأحدث الموديلات . كما يعتني بشعره فيقوم بتصفيفه وعمل القَصَّات تقليدًا للموضة .

والعناية بالمظهر في إطاره الشرعي ليس مذموما ، وإنما يكون مذموما إذا تشبه الشاب بالنساء، أو زادت العناية عن حدها وأصبحت الشغل الشاغل للمراهق، بحيث تكون سبباً في ضياع كثير من الأوقات فتفوته بعض الأمور الواجبة.



4 ـ الشعور بالمسؤولية الاجتماعية:

يزداد نمو الوعي والبصيرة الاجتماعية عند المراهق ، ويظهر ذلك في التعرف على الحقوق والواجبات الاجتماعية ، كحقوق الوالدين والأقارب ، وممارستها كحضور المناسبات الاجتماعية والقيام بزيارة المرضى وغيرها . ومحاولته فهم ومناقشة المشكلات الاجتماعية والسياسية ، ووضع حلول لها بناء على المعايير التي تكونت عنده.

كما يتطلع المراهق في هذه المرحلة إلى تحمّل مسئولياته الاجتماعية والتي تشعره بأنه قادر على الاعتماد على نفسه . فإذا حصل لديه تناقض بين ما ينبغي أن يكون من وجهة نظره وبين الواقع الذي يعيشه يبدأ بتوجيه النقد وفي بعض الأحيان محاولة الإصلاح . فقد يقوم بتوجيه نقده إلى والديه ، من حيث مظهرهما كاللبس والسلوك وطريقة تربيتهما لإخوته الصغار ، بناء على مقارنة والديه بآباء وأمهات أصدقاء والديه من حيث المظهر والسلوك وطرق تربيتهم ، فإذا رأى أن الصواب والمناسب ما عند أصدقاء والديه قام بتوجيه النقد إليهما ، ومحاولة إقناعهما بتغيير ما عليه والديه . ومع عدم تقبل والديه لهذا النقد أو إقناعه والتوضيح له حقيقة الأمر قد يحدث النـزاع والخلاف.

ويستمر المراهق بتوجيه النقد إلى كل ما يراه غير مناسب سواء في البيت أو المدرسة أو البيئة، وسواء إلى الأوضاع الاجتماعية أو السياسية ونحوها أو إلى الأشخاص.

وقد يرجع ذلك إلى رغبته في فهم ما يحدث من حوله ، ومحاولة الإصلاح ، وذلك من خلال طرح الآراء أو المشاركة التي تساعد في تقويم الحال التي يراها غير مناسبة .

ولعل ذلك يعود إلى التناقض بين ما تكون لدى المراهق من مفاهيم وأفكار وبين ما يتلقاه من وسائط التربية كالأسرة والمسجد والإعلام . وليس إلى ميل المراهق إلى نقد الآخرين.





5 ـ المنافسة :

تعتبر المنافسة من مظاهر العلاقات الاجتماعية في مرحلة المراهقة ، فالمراهق غالبا يقارن نفسه بغيره من أصدقائه أو زملائه ، ويحاول أن يكون مثلهم ، أو أحسن منهم، ويقارن قدراته بقدرات الآخرين ، وسلوكياته بسلوكيات الآخرين . وتظهر في الألعاب الرياضية والتحصيل الدراسي وفي الملبس وفي بعض الممتلكات.

وللمنافسة أشكال صحيحة وهي التي تعود على المراهق بالفائدة كالتي تدفعه إلى التحصيل الدراسي ، والتي تدفعه للاستزادة من الأعمال الصالحة.

وأشكال غير صحيحة وهي التي (( تقوم على الأنانية ، أو التي يصاحبها الشعور بالخوف والخجل ، أو الشعور بالإثم والعدوان أو التي تنتهي بالعداء وحب الانتقام )) وتؤدي بالمراهق إلى المعاناة والتوتر والضياع.

ومن محاسن وفوائد المنافسة الصحيحة أنها تشعر المراهق بذاته وقيمته كما تدفعه إلى أن يكون جدياً ومنتجاً في حياته.

ومن هنا ينبغي الاهتمام برعاية النمو الاجتماعي للمراهق من خلال التربية الاجتماعية والتي تهدف إلى بناء العلاقات الاجتماعية بين أفراد الأسرة الواحدة وأفراد المجتمع على أساس تقوى الله عزَّ وجلّ ، والحب والمودة ، والعطف والتضحية والتعاون والتسامح والبر ، وتنمية الإحساس بروح المسؤولية الفردية والاجتماعية.



الباحث: عبدالرحمن الحجيلي

رد مع اقتباس