[فهيد الكفيف]

على عكس تيار حياتهما

كان هذا الرجل هو بلسما لتلك الخدوش والجروحات التي ألمت بمنى وابنتها

كان كريما حنونا

اسكنهما في بيته رغم وجود ابنائه وكانوا كبارا في السن فكان اصغرهم يفوق منى سنا بثلاث سنوات

فجعل لها قسما خاصا في البيت لتأخذ حريتها فيه

لم يبخل عليها ولا على ابنتها

مرت سنوات وهم في كنف هذا الرجل الطيب الذي لم يتوانى عن عمل اي شئ لهن

وفي هذه الاثناء سافرت منى وابنتها الى اهلها الذين لم ترهم منذ سفرها بعد ولادة امل وكانت تتصل بهم فقط كلما سنحت لها الفرصه

فقد وفر هذا الرجل لمنى وابنتهما الحياه الكريمه واعطاها المال لتسافر وترى واهلها ولتتعرف امل على اهل والدتها

بل انه كان يحث أمل دائما لتزور والدها وان لا تقطع رحمها فيه
وكان يوصلها بنفسه اليه ويعود بعد فتره ليأخذها

تبدلت الدموع الى ضحكات

صارت منى وامل يتمتعون بالاعياد كباقي الناس
فهن لم يعرفن معنى العيد وفرحته في الفتره السابقه


وبفعل سنة الحياه وقضاء الله وقدره

فلابد لكل قريب ان يبتعد
ولكل حبيب ان يفترق عن من يحب

فكل بدايه لها نهايه
وكل حياة الى فناء
فمن التراب خلقنا واليه نعود


مات ذاك العطوف الطيب
مات ظل منى وصدر أمل الحنون

كانت امل في السنة الاخيره في الثانويه العامه

كانت في سنوات دراستها ورغم كل ما عاشته هي وامها لكنها كانت متفوقه وتحتل المراتب الاولى في الدراسه

ولكن

وقع موت هذا الرجل الذي كانت امل تعتبره والدها قويا
فقد هزها هزة لم تستطع فيه تمالك نفسها والسيطره على حياتها في ذلك الوقت


فما كان الا انها وبصعوبه بالغه استطاعت ان تنجح ولكن بدرجات متدنيه

فقتلت مع هذه الدرجات فرحة التخرج وابتسامة النجاح على محيا أمل
ومع هذه الدرجات ضاعت احلامها الدراسيه وهي التي كانت تمني نفسها ان تكون اما طبيبه او مهندسه..
لتجعل امها فخورة بها وبما انجزته ولترسل الى كل انسان ظلمها هي وامها انه حققت مالم يستطع هو تحقيقه او الوصول اليه

وما كادت منى وامل ان يفيقوا من هذه الصدمه
حتى تحرك ابناء ذاك الرجل الطيب الذي مات ورائحه عطفه مازالت تغلف الحياة التي تعيشها منى وابنتها
ليطالبوا بتقسيم الميراث وبيع البيت

وهنا تبادرت الى ذهن منى تلك الحياة التي كانت تعيشها قبل ان تتزوج هذا الرجل الطيب

وبعد تقسيم الميراث...

بدأت رحله جديده لمنى وابنتها في هذا العالم