من أجمل الألغاز التي تُروى عن العرب في الجاهلية قبل الإسلام ما جاء في " ديوان امرؤ القيس بن حُجر الكِنديّ " - صاحب المعلقة - أن عبيد بن الأبرص لقي امرؤ القيس فقال له : " كيف معرفتك بالأوابد؟ " فقال امرؤ القيس : " قل ما شئت تجدني كما أحببت "
فقال عبيد بن الأبرص مُلغزاً :
ما حيّةٌ ميتةٌ قامت بميِتتِها = درداءُ ما أنبتتْ سناً وأضراسا ؟
فقال امرؤ القيس :
تلك الشعيرةُ تُسقى في سنابلها = فأخرجتْ بعد طول المُكث أكداسا
***
فقال عبيد :
ما السُّودُ والبيضُ والأسماءُ واحدةٌ = لا يستطيعُ لهُنّ النّاسُ تَمسَاسَا ؟
فقال امرؤ القيس :
تلك السحابُ إذا الرّحمانُ أرسلها = روّى بها من مُحول الأرضِ أيْبَاسَا
***
فقال عبيد :
ما مُرتجاتٌ على هَولٍ مراكِبُها = يقطعنَ طولَ المدى سَيراً وَإمرَاسَا ؟
فقال امرؤ القيس :
تِلكَ النّجُومُ إذا حانَتْ مَطالِعُهَا = شَبّهتُهَا في سَوَادِ اللّيلِ أقبَاسَا
***
قال عبيد بن الأبرص :
ما القَاطِعاتُ لأرضٍ لا أنيس بها = تأتي سِراعاً وما تَرجِعنَ أنْكاسَا ؟
فقال امرؤ القيس :
تلك الرّياحُ إذا هَبّتْ عَوَاصِفُها = كفى بأذيالهَا للتُّربِ كنّاسَا
***
فقال عبيد :
ما الفَاجِعاتُ جَهَاراً في عَلانِيَةٍ = أشدُّ من فَيْلَقٍ مَملُوءةٍ بَاسَا ؟
فقال امرؤ القيس :
تِلكَ المَنايَا فَمَا يُبقِينَ مِنْ أحدٍ = يَكفِتنَ حمقَى وما يُبقينَ أكيَاسَا
***
فقال عبيد :
مَا السّابِقَاتُ سِرَاعَ الطَّيرِ في مَهَلٍ = لا يَشتَكينَ وَلَو ألجَمتَها فَاسَا ؟
فقال امرؤ القيس :
تِلكَ الجِيادُ عليَها القَومُ قد سبحوا = كانوا لهُنّ غَدَاةَ الرَّوْعِ أحلاسَا
***
فقال عبيد :
مَا القَاطِعَاتُ لأرْضِ الجَوّ في طَلَقٍ = قبل الصّباحِ وَما يَسرِينَ قِرْطَاسَا ؟
فقال امرؤ القيس :
تِلكَ الأمَانيُّ يَترُكنَ الفَتى مَلِكاً = دُونَ السّمَاءِ وَلم تَرْفَعْ لَه رَاسَا
***
فقال عبيد :
مَا الحاكمُونَ بلا سَمْعٍ وَلا بَصَرٍ = ولا لِسَانٍ فَصِيحٍ يُعْجِبُ النّاسَا ؟
فقال امرؤ القيس :
تِلكَ الموَازِينُ وَالرّحْمَانُ أنْزَلهَا = رَبُّ البَرِيّةِ بَينَ النّاسِ مِقيَاسَا
تم نقله