مجالس العجمان الرسمي

مجالس العجمان الرسمي (http://www.alajman.ws/vb/index.php)
-   المجلس العــــــام (http://www.alajman.ws/vb/forumdisplay.php?f=6)
-   -   أربعون عاما في الكويت : فيلويت ديكسون(أم سعود)"11" (http://www.alajman.ws/vb/showthread.php?t=74896)

محمود المختار الشنقيطي 10-04-2013 08:13 AM

أربعون عاما في الكويت : فيلويت ديكسون(أم سعود)"11"
 
أربعون عاما في الكويت : فيلويت ديكسون(أم سعود)"11"
بعد زيارة نائب أمير المنطقة الشرقية،غادرت المؤلفة،ومرافقوها الظهران .. ( في حوالي الساعة التسعة صباحا وبعد استكمال إجراءات الخروج الرسمية من النعيرية،انطلقنا عبر طريق التابلاين الممتاز إلى أن وصلنا قرب محطة الضخ في ورية. ومن هناك سلكنا طريقا صحراويا يتجه جنوبا عبر سلسلة جبال ورية التي كانت مغطاة بشكل كثيف بحجارة كبيرة يسيطر عليها اللون الأسود والأبيض وتشبه في ذلك جبال الليح في شمالي الكويت (..) وبعد أن نصبنا الخيمة وجمعنا روث الجمال والحطب لإشعال النار قمنا بإعداد بعض الشاي وتناولنا عشاءنا. وقد وضع ناصر في خيمتنا بعناية احتياطيا من الوقود الجاف لإشعال نار الصباح تحسبا من سقوط المطر أو الندى الكثيف بالخارج خلال الليل. وقد قال إن والده بين له عندما كان صبيا صغيرا كيف أنه كان دائما يحتفظ تحت فراشه بكمية صغيرة من الحطب الجاف ليشعل بها النار في الصباح ويصنع القهوة. وفي وقت لاحق من المساء تجمع ضباب كثيف وسحب في الشمال وحجبت الهلال الذي كان في رابع أيامه. وقد نام علي في الخيمة قريبا مني،أما ناصر فقد أعد لنفسه مكانا خارج الخيمة محميا من الريح. وقد نام كل من علي وناصر فوق بطانية وغطى نفسه باثنتين،ولم يتقلبا أبدا حتى مطلع الفجر. وقد نمت أنا أيضا نوما عميقا. ولم يسقط المطر في تلك الليلة ولكن الندى كان كثيفا جدا. مما بلل الخيمة كما تساقط الندى المتجمع فوق السيارة وجرى كالماء على الأرض.
وبعد الإفطار قررنا أن نأخذ سيارة واحدة ونواصل رحلتنا تاركين الخيمة منصوبة لتجف تحت الشمس وبجورها سيارة الهمبر الصالون(..) فعلى مرتفع من الأرض وجدنا ثماني خيام سوداء كبيرة منصوبة في صفين متقابلين (..) لم يكن سلوكا مهذبا بالنسبة لناصر أن يظهر فرحته وانفعاله،ولكني عرفت أنه كان سعيدا جدا لرؤية والده من جديد .. وقد تقدم راشد لتحيتنا وقبل ناصر عدة مرات كما رحب بي أيضا ترحيبا حارا وقادني من يدي إلى الخيمة. وهناك أعد لنا القهوة بسرعة بينما قام ناصر بزيارة نساء العشيرة وأقربائه في الخيام الأخرى.){ص 313 - 314}.
كان من الطبيعي أن أتذكر بيت من الشعر وأنا أقرأ هذه الرحالات التي لا تنتهي!! يقول ابن زريق الغدادي :
كأنما هو موكل بفضاء الله يذرعه
في سنة 1963 قررت المؤلفة أن تقوم برحلة جديدة في الصحراء .. ( وكانت هذه المرة إلى القيصومة وحفر الباطن ومن ثم إلى القرعاة في صحراء الدهناء التي سقطت عليها أمطار غزيرة وانتقل إليها البدو بظعنهم وأغناهم. والباطن هو وادٍ عريض يشكل الحدود الغربية لدولة الكويت ويمتد إلى داخل الأراضي السعودية،ويبلغ امتداده شمالا عدة أميال بينما يضيق كلما اتجهنا جنوبا.
غادرت الكويت في الساعة السابعة من صباح يوم 25 مارس مع علي وناصر وبعد أن غادرنا مركز الشرطة في قلمة شايع،سلكنا طريقا جيدا وإن كان غير مستوي في بعض الأماكن يؤدي إلى حفر الباطن. وبعد حوالي ثلاثين ميلا من الحفر استوقفتنا سيارة دورية سعودية مكدسة بالرجال المسلحين. وقد تفحص أحدهم الورقة التي أعطاها لي الشيخ سعد وأشار إلى أن الورقة تقول إننا كنا ذاهبين إلى الظهران عن طريق النعيرية. فقلت له إن الشيخ قد أخطأ حيث أنني كنت ذاهبة إلى الحفر وما بعدها بغرض التنزه. وقد بدا عليهم الاقتناع فتركونا نواصل سيرنا. وفي الحفر وجدنا أن الأمير قد غادر مكتبه فقررنا أن نذهب لزيارته في بيته الذي أرشدنا إليه أحد المتفرجين بعد أن ركب معنا في السيارة لهذا الغرض. وفي بيت الأمير المبني على الطراز الحديث على مشارف القرية،استقبلنا الأمير فهد بن عبد الواحد بنفسه استقبالا حارا،وقدمت لنا القهوة والشاي الذي احتسيناه ونحن جالسون على أرض غرفة الاستقبال البديعة. وقد أوضح الأمير أنه طالما كنا نحمل رسالة من الشيخ سعد فإننا على الرحب والسعة. وسأل الأمير عن وجهتنا وعندما أخبرناه أننا كنا ذاهبين للنزهة قال إنه سيعطينا كتابا لإظهاره في حالة ما إذا أوقفتنا دوريات أخرى. وقد أوفى الأمير بكلمته وأعطانا الكتاب فعلا. (..) كانت هناك خمس خيام سوداء كبيرة في صف واحد. واثنتان أخريان بعيدتان قليلا إلى الشرق. وقد غمرت الفرحة ناصر وهتف قائلا : "هذه خيامنا وتلك هي وضحة (أخته) إلى الشمال،وفي هذه الناحية إحدى البنات الخمس (المهيوبة) زوجة أخي".
وسرعان ما أصبحنا هناك وأوقفنا السيارات بجوار خيمة مهيوبة. وقد تبودلت الكثير من القبلات بين ناصر ومحمد والرجال الذين كانوا في الخيام. وحتى الفتيات أيضا رفعن براقعهن ونلن قبلات طويلة. وقد دعيت للذهاب إلى خيمة الشيخ علي بن هندي حيث كانت القهوة تعد بينما تولى محمد {هكذا - محمود} وناصر نصب خيمتي البيضاء وإنزال أمتعتنا.(..) كان الصباح صافيا وبديعا،وبعد أن تناولنا طعام الإفطار في خيمتي أخذنا راشد إلى إبله التي كانت بعيدة عن المعسكر في واد يعرف باسم (زاروق) (..) وفي هذا المكان عثرنا على ناقة وصغيرها. وقد حلبت في قصعتي {هذه "فيوليت" أم "عمشة"؟!! - محمود} وجلسنا واستمتعنا بشرب اللبن الطازج. وكانت الأرض مغطاة بنبات السعدان وهو من النباتات الزاحفة كثيرة العصارة التي كانت الإبل تستمتع بها. وقد استمتعت أنا أيضا بمضغ البذور الحلوة النضرة.
وقد رفض راعي الإبل الصغير،هادي،أن يشرب اللبن في البداية ولكنه بعد أن شربنا جميعا وتغطت أنوفنا بالزبد،غرف ما تبقى من الزبد بيده وأكله.
وبينما نحن جالسون هناك دنا منا وانيت أحمر ونزل منه رجلان واتجها إلينا.
وصاح أحدهما "مرحبا يا أم سعود ماذا تفعلين هنا ..؟" وكان ذلك الشخص هو عبد الله ابن رجل عجمان العجوز (زنيفر).
وأجبته "إنني مع أصدقائي المريين". (..) وقد قرر الشيخ علي الهندي أن ينقل المعسكر كله في اليوم التالي ويتجه إلى الجنوب حيث الكلأ أفضل. (..) وبعد إفطار مبكر أنزل علي وناصر خيمتي وحملوها من جديد فوق (الوانيت) وكانت الخيمتان السوداوان البعيدتان قد أنزلتا أيضا وشحنت الأمتعة أولا في سيارة النقل ثم شحنت الخيام،وأخيرا النساء والخراف،والدجاج،والكلاب فوق الأمتعة. (..) وقد اقترح ناصر عدة أماكن ولكن علي أخيرا اختار بقعة جميلة كانت تنبت فيها مجموعة من نباتات التيكرويوم الزرقاء في واد رملي ضحل،على بعد ميلين من براميل الماء. حططنا رحلنا في هذا المكان وسرعان ما نصب الرجال خيمتي. ومن ناحية أخرى استغرق تفريغ الشاحنة وقتا طويلا. وعندما تم تفريغها نشرت النساء خيامهن الكبيرة على الأرض وبدأن في دق الأوتاد الحديدية التي تشد إليها حبال الخيام. وقد وجدن ذلك شاقا لوجود حجارة تحت الرمال وعندما انتصبت الخيام أخيرا جرت النساء {أيضا!!- محمود} الأكياس الثقيلة والحقائب وصناديق الصفيح إلى أماكنها داخل الخيام. وقد عادت الشاحنة إلى الموقع القديم مرة أخرى لإحضار خيمتين أخريين. وكانت إحداهما قد نقلت على ظهر جمل وركبت الزوجة وطفلها في (المكسر) أو الهودج. وقد نقل راشد ووضحة خيمتهما على ظهر الإبل أيضا ونصباها على بعد نصف ميل إلى الشرق وكان الوقت ظهرا عندما عادت الشاحنة بآخر خيمتين.){ص 315 - 320}.
مع أنني – في الحقيقة – "لاجئ" – ولست "سفيرا"- لدى إمبراطورية سيدي الكتاب .. فرارا من (الكتابة)!!! ومع ذلك فإن بعض الأفكار أبت إلا أن تراود قلمي عنه نفسه .. وأنا أقرأ ما تقوم به المرأة البدوية من أعمال شاقة .. وكان لذلك أن يعود بي إلى مقولة لأحد رؤساء قبيلة (تشبوا)،من الهنود الحمر يقول فيها :
(( خلق النساء للعمل،فالواحدة منهن في وسعها أن تجر من الأثقال أو تحمل منها ما لا يستطيعه إلا رجلان،وهن كذلك يُقمن لنا الخيام،ويصنعن الملابس ويصلحنها،ويدفئننا في الليل .. إنه يستحيل علينا أن نرحل بغيرهن،فهن يعملن كل شيء،ولا يُكلّفن إلا قليلا،لأنهن ما دمن يقمن بالطهي دائما،فإنهن يقنعن في السنين العجاف بلعق أصابعهن.)) {ص 61 ( قصة الحضارة ) / ول ديورانت / ترجمة : د/ زكي نجيب محمود / طبعة جامعة الدول العربية / 1965م / ط 3 / جـ1 مجلد 1}.
يا لهذا (الكائن) العجيب!! إن أردته رمزا للرقة كان كذلك .. ويكفي أن الحق سبحانه وتعالى قال في كتابه الكريم (ليسكن إليها) .. هذه العبارة (السكن) المضمخة بالمعاني .. هذا الكائن (الضعيف) نفسه .. هو الذي رأينا تحمله في ما حدثتنا به"أم سعود" وهي نفس الصورة التي نقلها (الشيخ الهنود الحمر) .. هذا على المستوى (العضلي) .. وعلى الجانب الآخر لا ننسى فعل سيدتنا هند – قبل أن تصبح سيدتنا – بنت عتبة يوم أحد .. ولا فعل سيدتنا صفية بنت عبد المطلب – عمة الحبيب صلى الله عليه وسلم – حين قتلت يهوديا بعمود!!!
قبل أن أعود إلى رحلات "أم سعود" لابد من (آهة) على المرأة (اللي في بالي) تلك التي لم ترع غنما .. ولم تنصب خيمة .. ولم تحلب ناقة ... بل كانت حين تريد الركوب على الدابة .. يجلس (سي السيد) راكزا قدمه في الأرض جاعلا فخذه وساقه على شكل زاوية قائمة .. لتتخذ من ذلك (سلما) يقربها إلى ظهر دابتها!! وهاهي الآن .. تعدو مع العاديات .. بنفس (السيناريو) المعروف .. (حقوق المرأة) (ظلم المرأة) (المساواة) .. ألفاظ فضفاضة ... ويتم تضخيم (الظلم) وطمس (الإيجابيات) .. إنه الطريق إلى (جحر الضب)!!
نعود إلى "أم سعود" والتي قررت زيارة صامودا .. (وقد قدنا السيارة إلى حانوت حيث كان جابر يريد شراء بعض القهوة. وبقيت جالسة في السيارة ولكن جابر عاد ليخبرني بأنه يجب علينا أن نتقدم فورا إلى الأمير،الذي أخبره جواسيسه بوصول سيارة غريبة. وبعد أن أطلعته على كتاب أمير الحفر سارت الأمور على ما يرام ولكن أحد المتفرجين سأل ناصر لماذا أحضر (العنقريز) (امرأة إنجليزية) إلى قريتهم،وقال إنهم لا يريدونهم. وأخشى أن يكون ناصر قد أجاب بقول لا يعاد ذكره.
وفي عودتنا التقطنا ثلاث حزم من صوف الخراف النظيف. وكان من الواضح أنها سقطت من إحدى الشاحنات وكانت النساء يسرهن الحصول على هذه الصوف لغزله.
وعندما عدنا إلى المضارب كان طعام الغداء يطهى لنا جميعا في خيمة علي سعيد.. (..) وفي عصر نفس اليوم جاءت سيارة جيب من معسكر سليم أبو حديدة المجاور وتوقفت عند خيمة علي هندي ونزل منها رجل عراقي وسمعته يقول شيئا عن (سن). وعندما ذهب تساءلت عما كان يريد فقيل لي إن باينة زوجة علي هندي التي كانت خبيرة في خلع الأسنان قد خلعت للرجل اثنين من أسنانه كانا يؤلمانه في الأيام الثلاثة الأخيرة. فذهبت إلى رؤيتها ومعرفة كيف فعلت ذلك. وقد أخرجت (باينة) من صندوق الصفيح الخاص بها زوجا من الملاقيط ذات مقابض طويلة ومقوسة عند الأطراف. وقالت (بهذه جذبت أسنانه وأخرجتها،ثم وضعت قليلا من الملح لإيقاف النزف) وقد سألتها : كم تقاضيت مقابل هذه الخدمة؟ فأجابت إنها فعلتها"لله" ..){ص 320 - 321}.
وفي طريقها إلى الكويت تعطينا المؤلفة (لقطة) ربما أظهرت أحد مفاتيح شخصيتها،أو أحد أسباب عيشها في الكويت .. (وقد توقفنا بعد ذلك في (نقطة طالع) وهي نقطة حرس الحدود التي كان يديرها عرب الرشايدة من عشيرة ابن مسيلم،وذلك لتفتيشنا قبل دخول الكويت. وقد بقيت أنا جالسة في السيارة وشعرت بخيبة أمل لأنهم لم يدعوني لدخول النقطة لتناول القهوة. ولأنني كنت متعبة فقد نزلت من السيارة وسالت ما إذا كان هناك قهوة وعندما تعرف الحراس عليّ أظهروا أسفهم الشديد واعتذارهم وأسرعوا بوضع سجادة في الظل جلست عليها وأحضرت لي القهوة. وقد تبادلنا حديثا ممتعا بينما كنا نستمتع بالراحة والانتعاش قبل أن نغادر إلى الكويت.){ص 322}.
هل كانت المؤلفة لتلقى هذا الكم من الترحيب لو كانت في بلدها؟ لا أظن ذلك .. بل إنها ذكرت أنها – وزوجها- عندما زارا بلدهما بعد الحرب .. كان الناس ينظرون إلى الذين كانوا خارج البلاد ولم يعانوا من ويلات الحرب .. على أنهم أقل وطنية ... وأين تجد (الكرم العربي) .. وتلك اللقطة التي تتسلل فيها امرأة لتهدي أم سعود سواريها .. لخجلها بأنهم لم يقوموا بواجب الضيافة؟!!!



إلى اللقاء في الحلقة القادمة .. إذا أذن الله.

س/ محمود المختار الشنقيطي – المدينة المنورة
((سفير في بلاط إمبراطورية سيدي الكتاب))

فيصل السليماني 12-04-2013 08:16 PM

رد: أربعون عاما في الكويت : فيلويت ديكسون(أم سعود)"11"
 
لا هنت على الموضوع

محمود المختار الشنقيطي 14-04-2013 08:35 AM

رد: أربعون عاما في الكويت : فيلويت ديكسون(أم سعود)"11"
 
السلام عليكم .. ألف شكر أخي (فيصل السليماني) .. جزاك الله خيرا,
دمت بخير.


الوقت في المنتدى حسب توقيت جرينتش +3 الساعة الآن 12:20 AM .

مجالس العجمان الرسمي