مجالس العجمان الرسمي - خبر صغير مفزع

--------------------------------------------------------------------------------

كان الخبر صغيراً في زاوية الصحيفة، تماماً مثل أي خبر آخر، مثل خبر الفيلم الذي رُشِّح لأكثر من جائزة أوسكار، أو الفرقة الأجنبية الشهيرة التي ستعزف في المساء أجمل المقطوعات، ومثل الإعلان عن أمسية شعرية أو هروب كلب من صاحبته.. لكن الحقيقة غير ذلك فالخبر كان خطيراً وغريباً في الوقت ذاته!

يقول الخبر الذي أوردته وكالة الأنباء الإماراتية (وام) ونشرته «البيان» أمس الجمعة في صفحتها الأخيرة «حذرت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة من تناول مواد غذائية يتم توريدها إلى ليبيا، وثبت ضررها دولياً، إذ ان معظمها مسرطنة وتحدث زيادة في نسبة الكولسترول».

أما المواد الغذائية التي جاءت في النشرة العلمية الصادرة عن المنظمة العالمية والتي صنفتها بأنها خطيرة وضارة فهي: «عصائر مانجو (دلتا)، ومانغو (مازا)، سوبرسكواش، راب فيمتو، جيلي نون من الأردن، عصير شتورا من لبنان، شيبس ليز من السعودية، كاستر كريم من تركيا».

أولاً فإن هذه المواد لم تأت ضمن نشرة أصدرتها إحدى جمعيات حماية المستهلك في الوطن العربي حتى لا يُقال إنها حرب دعائية على منتجات ناجحة، أو حرب تشهير وما إلى غير ذلك، هذه نشرة علمية صادرة من منظمة عالمية.

وثانياً فإن أي بيت لا يمكن أن يخلو من أحد هذه المنتجات، وأي طفل لا يمكن أن تمر عليه ساعة من الزمن لا يتناول فيها واحداً أو أكثر من هذه المنتجات «المسرطنة» والمتسببة في زيادة نسبة الكولسترول بحسب النشرة العلمية، إذن فالسؤال:

هل نعتبر ما جاء في الخبر من تحذير خاص بليبيا فقط؟ بمعنى، هل هذه المواد بالأسماء نفسها ومن بلدان المنشأ نفسها ضارة فقط ومسرطنة فقط في ليبيا؟ أما في غيرها فلا ضرر منها، وهي مأمونة ومضمونة وخالية من أي ملوثات ومسرطنات؟

هذا السؤال موجه تحديداً لوزارة الصحة ودوائر الصحة والخدمات الطبية وبلديات الدولة عندنا هنا في الإمارات، إضافة إلى المختبرات الأخرى ذات العلاقة، فهي الجهات المعنية والمسؤولة عن الصحة العامة، ولا نخلي وزارة الاقتصاد طبعاً من المسؤولية.. فالأطراف التي لها علاقة بهذا المنتج البسيط في حجمه والخطير في ضرره عدة، وما نضعه في أيدينا في نهاية المطاف لنأكله أو نشربه تقرر استيراده ومراقبته وبيعه لنا جهات كثيرة بعضها مسؤول وكثير منها مستفيد!

نحن نضع القائمة التي وردت في الخبر بين أيدي الجهات المعنية لتؤكد لنا مدى صحة الخبر، ومدى خطورة هذه المواد التي تُباع وتتداول بشكل كبير جداً بين أفراد المجتمع، لأن انتشار مرض خبيث كالسرطان في أيامنا هذه لا يمكن أن يأتي من فراغ.. لكن من العبث أن نسمح بانتشاره لأن هناك من لا يؤدي دوره كما يجب في الرقابة، ومن يريد أن يثرى ويستفيد على حساب الصحة العامة للناس.

لقد أصابني الذعر حين وجدت ثلاثة من هذه الأصناف الغذائية في خزائن مطبخي، ولن تلومني جهة ما على هذا الذعر، لأن الخبر كان واضحاً بما يكفي. ولأن صحة الإنسان صارت في زمن الأسواق المفتوحة والتجارة الحرة أرخص من أي شيء آخر.. ومع ذلك فنحن حريصون على صحتنا ونريد توضيحاً رسمياً هو من حق أفراد المجتمع!
منقول