مجالس العجمان الرسمي - ليست زلة لسان يا بابا الفاتيكان

لقد مرت ازمة الرسوم المسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم مرور الكرام ولم نتفاءل وقتها بالمواقف الرسمية تجاه هذه الازمة والتي مرت وكأن شيئا لم يكن بعد ثورة الشعوب الاسلامية ثورة عارمة فخرج علينا وقتها المتنورون من المثقفين وأهل النخبة وأصحاب الحكمة والحنكة وأصحاب النوايا التي لايعلمها الا رب العالمين والذي حثوا الامة على التريث والتثبت وضبط النفس لأن الامر يبدو بسيطا من وجهة نظرهم ولا يحتاج الى كل هذه الضجة وكل ما في الامر ان ما حدث من قبيل حرية الرأي والتعبير عندهم ويجب علينا ان نحترمها والا نجعلها ازمة.وقتها أيقنت ان سلسلة الاساءات والتعدي على الاسلام ورسول الاسلام صلى الله عليه وسلم ستستمر وستتصاعد الى ان طلع علينا بابا الفاتيكان بندكت السادس عشر بإساءة جديدة بطريقة واضحة ومباشرة للإسلام ولرسول الاسلام صلى الله عليه وسلم.

وإن كان الكثير من المسلمين قد تفاجأوا بهذه التصريحات غير المسؤولة كونها صادرة من رجل يعتلي أعلى منصب ديني للطائفة الكاثوليكية ولكنني في الحقيقة لم أفاجأ بمثل هذه التصريحات لأنني لم اكن من المتفائلين بهذا الرجل عندما اعتلى هذا المنصب لأنه خاطب جميع الملل والنحل وتجاهل المسلمين عن عمد وعندما اراد ان يوجه نصائح للشباب وجه للطلاب المسلمين نصيحة سخيفة وهي ان يتخلصوا من حقدهم وكراهيتهم للآخر وهذا للأسف الشديد يدل على اعتقاد سوداوي تجاه المسلمين.

وعلى الرغم من تظاهر هذا الرجل وادعائه الحماس في قضية تحاور الأديان الا انه لم يستطع ان يخفي قناعته بما صرح به في هذه المحاضرة في جامعة ألمانية ولا يستطيع أحد كائنا من كان ان يقنعنا بأن ما قاله هو زلة لسان لعدة أسباب:

أولها: ان هذه المحاضرة التي ألقاها معدة مسبقا إعدادا جيدا دقيقا ومراجعة من مستشاريه ولا مجال للخطأ والزلات فيها.

ثانيها: ان هذه التصريحات ليس لها ادنى علاقة بموضوع المحاضرة وليست من صلب الموضوع وكان يمكن تجنبها تماما ولكنها قد وضعت عمدا وعن قصد.

ثالثها: انه يفترض لرجل مثل بابا الفاتيكان والذي يتولى اعلى سلطة بابوية في العالم ان يمسك لسانه ويحكم كلامه كي لا يقع في مثل هذه الاخطاء الفادحة كأن يقدح في دين او عقيدة الآخرين وينالها بشيء من الافتراء البالغ.

رابعها: ان الرئيس الاميركي وهو رئيس اكبر دولة في العالم قد زل عدة زلات عندما أعلنها حربا صليبية على الاسلام وعندما اتهم الاسلام بالفاشية ويبدو ان زلات اللسان قد وضعت للمسلمين فعندما يكون الكلام عن الاسلام فتزل الألسن وعندما يكون الكلام على غير الاسلام فتمسك الألسن وينضبط الكلام.

والمصيبة الأعظم ان كبير الفاتيكان لم يعترف بخطئه ويتداركه بعد ردود الفعل الغاضبة او يتراجع عما قاله بل زاد الطين بلة انه تأسف على عدم فهم المسلمين لكلامه كما اراده وكأننا قوم لا نعي او نفهم ما يقال وكان ينبغي علينا ان نصفق له اعجابا ونهز رؤوسنا استحسانا لما قال وقد قال قولا عظيما.

ثم اراد ان يخرج من مأزقه مبررا ان ما قاله من أفكار هي منقولة وليس شرطا ان يكون قانعا بها وهذا كلام غير مقبول وغير معقول فهل يعقل ان يستشهد بكلام غير مقتنع به.

وهل من العدل يا بابا الفاتيكان ان تردد كلاما مغايرا للحقيقة تماما؟

وهل من الحق والعدل ان تقلب الامور وتغير الحقائق وتزيف التاريخ؟

هل هو جهل أم تزييف وتدليس أم مجاملة من اجل شيء ما او هي على سبيل الرشوة السياسية من أجل التستر وتكميم الأفواه؟

أم صار المسلمون ملطشة وجدارا مائلا لكل من هب ودب؟

أليس من الظلم البين ان تردد كلاما ساذجا قد قاله الاجداد على سبيل التضليل والتزييف والتعصب الأعمى.

ومن الجميل ان يرد على هذه الأباطيل رجال ليسوا من رجال الاسلام.

فهذا برنارد شو الذي قال: إن رجال الدين في القرون الوسطى ونتيجة للجهل أو التعصب قد رسموا لدين محمد صلى الله عليه وسلم صورة قاتمة، لقد كانوا يعتبرونه عدوا للمسيحية لكنني اطلعت على أمر هذا الرجل فوجدته أعجوبة خارقة وتوصلت الى انه لم يكن عدوا للمسيحية بل يجب ان يسمى منقذ البشرية وفي رأيي انه لو تولى أمر العالم اليوم لوفق في حل مشكلاتنا بما يؤمن السلام والسعادة التي يرنو البشر اليها.

ويقول المستشرق الاميركي مستر سنكس في كتابه ديانة العرب:

ظهر محمد بعد المسيح بخمسمائة وسبعين سنة وكانت وظيفته ترقية عقول البشر بإشرابها الأصول الاولية للأخلاق الفاضلة وبإرجاعها الى الاعتقاد بإله واحد وبحياة بعد هذه الحياة.

إلى أن قال:

«إن الفكرة الدينية الاسلامية أحدثت رقيا كبيرا جدا في العالم وخلصت العقل الانساني من قيوده الثقيلة التي كانت تأسره حول الهياكل بين يدي الكهان. ولقد توصل محمد بمحوه كل صورة في المعابد وإبطاله كل تمثيل لذات الخالق المطلق الى تخليص الفكر الانساني من عقيدة التجسيد الغليظة» انتهى كلام مستر سنكس.

ثم قل لي أيها البابا: من أنبأك بأن الآية الكريمة «لا إكراه في الدين» قد نزلت في مكة في صدر الاسلام كما تدعي؟ أليس هذا تضليلا وتدليسا لا ينبغي ان يكون من مثلك ونحن نستطيع ان نخبرك عن آيات كتابنا متى نزلت وفيمن نزلت وفي اي مناسبة كانت؟ فهذه الآية الكريمة لم تنزل بمكة في صدر الاسلام كما تدعي بل نزلت في المدينة المنورة بعد غزوة بني النضير في السنة الرابعة الهجرية وكان للمسلمين قوة عظيمة قد قهرت المشركين المعتدين ببدر.

وقل لي بالله عليك يا بابا الفاتيكان ماذا تقول في الحروب الصليبية ومحاكم التفتيش والحروب العالمية وهيروشيما وناجازاكي وأفغانستان والعراق وفلسطين ولبنان.

وماذا تقول فيما جاء في العهد القديم الذي يؤمن به اليهود ومنه:

ما جاء في سفر صموئيل بالإصحاح 18

ان داوود عليه السلام خطب ابنة الملك شاؤول فطلب اليه مهرا مائة غلفة (هي الجلدة التي تغطي قضيب الرجل) من غلف الفلسطينيين فانطلق داوود مع رجاله فقتل مائة رجل من الفلسطينيين وأتى بغلفهم وقدمها للملك فزوجه شاؤول عندئذ من ابنته ميكال وأدرك شاؤول يقينا ان الرب مع داوود.

وما جاء في سفر صموئيل الإصحاح 18

ان يوشع هاجم مدن عجلون وحبرون ودبير وقتل ملوكها وكل نفس فيها بحد السيف فلم يفلت منها ناج.

وما جاء في سفر العدد بالإصحاح 31

وان موسى قال للإسرائيليين «الآن اقتلوا كل ذكر من الاطفال وكل امرأة ضاجعت رجلا ولكن استحيوا لكم كل عذراء لم تضاجع رجلا».

وماذا تقول فيما جاء في العهد القديم سفر الخروج الإصحاح 34

الأمر بقتل الكفار وحرق ممتلكاتهم ورجمهم بالحجارة حتى الموت

وما جاء في انجيل متى الإصحاح 34

ما نسب الى المسيح عليه السلام زورا وهم يؤمنون بهذا الزيف بقوله «لا تظنوا اني جئت لأرسي سلاما على الارض ما جئت لأرسي سلاما بل سيفا فإني جئت لأجعل الانسان على خلاف مع أبيه والبنت مع أمها والكنة مع حماتها وهكذا يصير أعداء الانسان أهل بيته».

مع علمنا نحن المسلمين واعتقادنا بأن كل ما جاء في أسفارهم هو تزييف وتحريف وان انبياء الله موسى وعيسى وغيرهما عليهم السلام أبرياء مما نسب اليهم من كذب وزور وأن محمدا صلى الله عليه وسلم هو الذي أنصف انبياء الله وأعطاهم مكانتهم اللائقة..وفي الختام كنت أتمنى عليك يا بابا الفاتيكان ان تخفي قناعتك بما صرحت به وان تعمل حسابا لردود فعل المسلمين الذين يزيد عددهم على المليار نفس والذين يعون تماما ما يقال ويفهمون زلات اللسان من مقاصد الكلام.

وحسبنا الله ونعم الوكيل