مجالس العجمان الرسمي

مجالس العجمان الرسمي (http://www.alajman.ws/vb/index.php)
-   مجلس الدراسات والبحوث العلمية (http://www.alajman.ws/vb/forumdisplay.php?f=41)
-   -   اساليب تربية الاباء للأبناء (http://www.alajman.ws/vb/showthread.php?t=2217)

د.فالح العمره 02-04-2005 01:20 PM

اساليب تربية الاباء للأبناء
 


إن التربية عملية طويلة تحتاج إلى جهد متواصل؛ لأن بناء النفوس من أشق وأعسر عمليات البناء، فالتعامل مع المادة الجامدة أسهل من التعامل مع كائن حر مريد؛ لأن المادة الجامدة تطوعها كما تشاء, أما النفس البشرية فلن يتيسر لك ذلك معها؛ لأنها تملك الحرية والإرادة فلابد أن نتعامل معها ابتداءً من هذا المنطلق.

إن أبناءنا لا تنقصهم القدرات ولا يعوزهم الذكاء ـ كما يتوهم البعض ـ ولكنهم يحتاجون إلى تربية متوازنة تلبي حاجات الروح إلى جانب حاجات الجسد، فالإنسان روح وجسد.

يجب أن يحتل الاهتمام بالتربية المتوازنة قمة سلم الضروريات؛ حيث إن نتائج ذلك تصل إلى المجتمع كله سلبًا أو إيجابًا، ولن يكون في صالح أحد أن تلبى الحاجات المادية وتهمل الجوانب الأهم.

إن من يتوهم أن واجبه كأب ينحصر في تأمين حاجات أسرته المادية يكون قد غفل عن جوانب أهم بكثير من الغذاء واللباس.

فما هي الأسس التي علينا أن نراعيها لنحقق لأبنائنا التربية المتوازنة؟
1ـ الحنان:

فاقد الحنان يجب أن يعوض بشيء مما فقد، إذا فقد الطفل حنان أمه أو حنان أبيه أو حنانيهما؛ فعلى المجتمع أن يعوضه ببعض ما فَقَدَ حتى لا يصبح فريسة لأهواء لا ضابط لها، وقد يتوهم أن في ذلك تحقيقًا لذاته.

ومن هنا ندرك أهمية التوجيه النبوي الكريم: 'أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا', وأشار بالسبابة والوسطى وفرج بينهما. رواه البخاري.

2ـ ثقة أبنائنا بنا:

أن ننهج نهجًا واقعيًا في تعاملنا مع أبنائنا, فكثيرًا ما نصور لهم الصعب سهلاً والألم لذة، فإذا اضطر الطفل مثلاً أن يقلع ضرسه؛ نسرع إلى القول: إن قلع الضرس لا يسبب ألمًا ونسوق البراهين على ذلك؛ وسرعان ما يكتشف الطفل زيف ما ادعيناه وبطلان ما أكدناه، ويعرف بالتجربة أن قلع الضرس يسبب ألمًا قد يصعب تحمله على الأقل بالنسبة للصغار، وعندها يبدأ تصدع الثقة التي بيننا وبين الطفل، ويتعلم أن عليه أن يتردد كثيرًا قبل أن يقبل ما نعرضه عليه, ومن الأفضل له أن يمعن النظر في كل حالة مشابهة على الأقل.

وفي كل مرة نبتعد فيها عن الواقع خلال تعاملنا مع صغارنا يكبر تصدع الثقة التي تربطنا بهم، وليس هناك فرق كبير بين أن يكون الابتعاد عن الواقع كبيرًا أو طفيفًا؛ فالتصدع حاصل ومستمر حتى يأتي على الثقة كلها، عندها تصبح دنيا الأطفال كلها في اضطراب، فإذا كان ما نقوله نحن ليس صدقًا فمن يقول الصدق إذن؟!!

وإذا سألنا الطفل مستفسرًا عن شيء ما نسكته بأي جواب ولو كان بعيدًا عن الواقع، وتفسير ذلك أننا لا نريد أن نتحمل تبعات التربية الصحيحة، لذا ترانا نتناول أقرب ما تصل إليه عقولنا دون تمحيص ولا تدقيق, نتوهم بأن ذلك يدفع تساؤلات الطفل بأقل جهد.

وترانا فوق ذلك لا نلتزم بقواعد ثابتة في تعاملنا مع أبنائنا, فنمنع أمرًا اليوم ونسمح به غدًا, ونعاقب على سلوك في الصباح ثم نباركه في المساء، هذا النمط من التربية يجعل الطفل في خوف دائم من كل تصرف جديد, حيث إنه لن يستطيع أن يتوقع رد فعل أبويه أو مربيه نحوه ما دام الأمر خاضعًا للمزاج.

فإن تدنى مستوى التعامل إلى هذا الحد لا حق لنا أن نتوقع من أطفالنا اتزانًا ولا طمأنينة, بل الحال على العكس من ذلك تمامًا سوف تصبح نفسية الطفل مضطربة خائفة؛ فينشأ الطفل كثير التردد ضعيف الثقة بالنفس لا يثبت على سلوك ولا يعترف بخطأ؛ لأن المقياس الثابت لتمييز الصواب من الخطأ والغث من السمين ما نما عنده.

فمن الخير لنا أن نلتزم بقواعد سلوكية ثابتة حتى يسهل على الصغار سلوكهم، وليشعر كذلك كل من يتعامل معنا أن قراراتنا قد أعدت ودرست بما فيه الكفاية، بل هذه أفضل صورة ممكنة لها، عندها نكون قد بنينا الثقة على أسس ثابتة، وسوف تقوى هذه الثقة كلما تأكد الطفل من صحة قراراتنا وصدقها.


3ـ الثناء والعقاب:
علينا أن نحسن استخدام الثناء والعقاب، ولعل آثار المبالغة في الثناء وكيل المديح لا تقل سلبية عن آثار الإهمال التام، والحقيقة أننا عندما نشجع الآخرين إنما نشجع أنفسنا، وذلك لأن أعمالهم جاءت مطابقة لما أردناه أو لما يمكن أن نفعله نحن لو كنا مكانهم، فمن الخير لنا الاعتدال في ذلك، وعلينا ألا نعاقب الطفل حتى يقر بخطئه ويتهيأ لذلك.

الأمر إذا ألقي يجب أن ينفذ، لذا فإن من الأفضل لنا أن نتريث قبل أن نصدر أوامرنا فننظر هل يمكن تنفيذها، فإذا تحقق الطفل بتجربته أن أوامرنا درست بدقة وأنها تستهدف مصلحته حُق لنا أن نتوقع منه الاستجابة لكل ما نطلب.


4ـ الوفاء بالوعود:
علينا أن نحرص وفي كل الظروف على الوفاء بالوعود، فإذا وعدت فعليك أن تفي؛ فإن استحال عليك الوفاء فعليك أن توضح سبب ذلك، وإلا فإن الثقة التي من المفروض أن تقوى بيننا وبين أبنائنا تصبح مهددة.

5 ـ الإيجابية في الحوار:
من المفيد لنا ألا نوجه أوامرنا كلها بلفظ سلبي: لا تفعل، لا تلعب، لا تأكل، لا تتكلم، فإن ذلك يولد عند الطفل رد فعل قوي ويدفعه إلى العناد دفعًا، وقد تفيدنا عبارات إيجابية مثل، من الخير لك..، من الأفضل لك..، لعل ذلك يناسبك أكثر..، سيكون ذلك جميلاً..؛ فإن ذلك يشعر الطفل بالرضا والراحة النفسية.


6ـ التشهير عند الخطأ:
علينا ألا نُشهِّر بالطفل عند الخطأ: كأن نناديه كسلانًا إذا تأخر في مناولتنا حاجة طلبناها، أو نناديه كذابًا إذا كذب، أو نناديه محتالاً إذا أخذ من أخته الصغيرة شيئًا فوق حصته، أو نناديه شيطانًا إذا بدت عليه حركة زائدة، أو نناديه شريرًا إذا لطم أخاه الصغير.

وخير من ذلك كله أن ننبه برفق إلى أن ذلك ينفر الآخرين منه، وأن عليه أن يكون أكثر رفقًا وأطيب معشرًا وألين جانبًا، وأن نتجنب القسوة في كل ذلك؛ لأن أسلوب التأنيب القاسي والمتكرر يدفع الطفل إلى الاستهتار والتمادي.

7ـ التناقض في التوجيه الدراسي والأسري:

علينا أن نحرص على وحدة التوجيه داخل المدرسة بين المدرسة والأسرة وبين الأسرة والمجتمع كله ممثلاً بالمؤسسات التي لها تأثير مباشر أو غير مباشر على تربية الأطفال وتأديبهم.

فإذا حصل تناقض في التوجيه أو حتى اختلاف فيه فسوف تكون التربية ملخلخة متناقضة لا تقوم على ذلك الأساس الراسخ والمتين الذي يعطي الفرد وبشكل دائم القدرة على الاختيار.

يقول علماء الأخلاق: إن الفرد كثيرًا ما يفعل الشر توهمًا منه أنه خير له، وهذا يعني أن الفرد في هذه الحالة لا يملك المقياس الحقيقي الذي يستطيع بواسطته أن يميز بين الخير والشر، وما ذلك إلا بسبب التوجيه المتناقض الذي سلطته عليه الأسرة والمدرسة.

وسوف يكون الطفل هو الخاسر الوحيد إذا لم تدعم الأسرة كل توجيهات المدرسة؛ لأن الفرد مفطور على قبول العلم ممن يثق بهم، وهذا ما يفسر لنا ارتياح أحدنا إلى قراءة صحيفة دون أخرى وسماع إذاعة دون أخرى واقتناء كتاب أو موسوعة وثق بمؤلفهما.

8 ـ تقويم سلوك الطفل بالقصص الإيجابية:

الفكر لا يتغير إلا بالفكر, فلا بد أن ننمي القناعة عند الطفل نحو كل ما نرغب أن يصبح سلوكًا لديه، وعلينا ألا نتضجر إذا كانت استجابة الطفل بطيئة حيال ذلك, فخير لنا ألف مرة أن نبني القناعة ولو سارت ببطء شديد من أن نكره الابن على سلوك ما اتضح له جدواه؛ لأننا في هذه الحالة لا نضمن استمرارية ذلك أبدًا، بل على الأرجح سينتكس إلى أشد مما كان عليه في المرة الأولى حال غياب الرقابة مهما كانت درجتها.

علينا ألا نظهر أمام أبنائنا إلا ما نرغب أن يصبح سلوكًا لديهم، ففي جعبة كل منا السمين والغث من أقوال وأفعال، فمن الخير لنا أن نحرص كل الحرص ألا نبدي أمام كل من لنا تأثير عليهم إلا خيرة ما عندنا، لأن ذلك سينتقل إليهم ليس بالوراثة، ولكن بالمحاكاة. وليكن معلومًا لدى كل مربٍّ أن إمكانية تقليد السلوك الخاطئ أقوى من إمكانية تقليد السلوك الصحيح؛ لأن الخير يحتاج إلى ضبط للنفس وإلى التزام داخلي يثقل على النفس، ومن هنا أوصي المربين باعتماد القصص الإيجابية في تأديب الأطفال، والابتعاد ما أمكن عن القصص السلبية.

فالقصة الإيجابية تصور السلوك المطلوب القيام به وترغب فيه وتجعله جذابًا، أما القصة السلبية فهي تصور عكس السلوك المطلوب وتنفر منه وتجعله ممقوتًا.

9ـ التردد في التعامل مع أبنائنا:

وأخيرًا فمن الخير لنا ألا نتردد في تعاملنا مع أبنائنا لأن التردد يوحي بعدم وضوح الهدف وغموض الغاية كأن نقول للطفل: افعل كذا، فإذا انصرف إلى ما طلبناه منه ناديناه ثانية لنخبره بألا يفعل ذلك لأنه ليس ضروريًا ولا داعي له, ثم بعد دقائق نخبره بأنه من الأفضل لو فعل ما طلبناه منه أول مرة حيث العمل بسيط ولا يتطلب جهدًا.

هذا السلوك المتردد ينم على عدم وضوح الرؤية، وبالتالي يفرض على كل من نعامله أن يكون متوقعًا بشكل دائم أننا قد نعدل عن كل قراراتنا دفعة واحدة, وليس من الصعب علينا أن نهدم كل ما طلبنا بناءه. وينضوي تحت ذلك صغير الأمور وكبيرها, كأن نبدي رغبتنا مثلاً لابننا الكبير أن يختص بفرع معين من فروع العلم, فإذا ما اقتنع بما رغبنا حولنا رغبتنا إلى فرع آخر دون مبررات مقبولة.

ولعل من المفيد أن يذكر كل مربٍّ أمرين:

أولهما: أن الابن الأكبر في الأسرة هو القدوة لجميع أفراد الأسرة، فعليه أن يحسن تربيته وتأديبه وتعليمه.

وثانيهما: أن يوجه أبناءه حسب قدراتهم, فمن يصلح لمهنة الطب وجهه لها، ومن يصلح للهندسة وجهه لها, ومن يصلح للتجارة وجهه لها، وعليه ألا يُغلب عاطفة عقله، فمن الظلم أن نجبرهم على تحقيق ما عجزنا نحن عن تحقيقه، أما إذا كان ذلك عن رغبة منهم فلا بأس. أسأل الله تعالى أن يعيننا على تربية أبنائنا التربية الصالحة

السطور القادمة تـحـــوي كثيراً مــن الـقــواعـــد الــتـربـويــة الــتـي تــعـبــد الطريق أمــــام فـــهــــم الأبـــنـــاء ، وتــفـــتـــح قـــنــوات الاتــصــال مــعــهــــم.


قبل أي محاولة من جانب الآباء لتغيير سلوك معين في الأبناء المراهقين أو زرع سلوك آخر، لابد وأن تكون قنوات الاتصال بينهم وبين الأبناء مفتوحة، ولفتح هذه القنوات إليك هذه المفاتيح.

تذكر دائماً:
عندما يصبح ابنك قليل الصبر حاد الطباع، غير قادر على التحدث معك، تذكر ذلك الطفل الصغير الذي كان يبحث عن نظرات الإعجاب في عينيك عندما خطا بقدميه أول مرة! أو ذلك الابن الذي كان يبحث عنك بين الجالسين، حينما كان يستلم شهادته الدراسية، إنه نفس الابن ، وإنه يحاول الآن أن يثيرك ويتصل معك، ولكن بأسلوبه الخاص هذه المرة.

أسئلة بشكل خاص
هناك ثلاثة أسئلة يتفق جميع المراهقين على إجابتها:
•كيف كانت المدرسة؟... ( عادي ).
•هل انتهيت من واجباتك؟.. ( تقريباً ).
•إلى أين أنت ذاهب؟.. ( للخارج ).

ولإدخال بعض التحسينات على أساليب الحوار بينك وبين ابنك تذكر هذه القواعد:


1-أن ابنك مدير نفسه ، فربما يعطيك الكثير من المعلومات عن نفسه أو القليل منها، ولذلك عليك أن تتقبل وتتجاهل مزاجه المتقلب.

2-دعهم يشاركونك في يومك ، فعندما تصطحب ابنك من المدرسة وتسأله عن يومه الدراسي ويخبرك أنه يوم عادي، أخبره أنت عن يومك وكيف كان العمل لديك، وبنفس الطريقة والحماس الذي تحب أن يكون لديه، وهنا سيبدأ ابنك في التحدث معك عن ما يحدث له في المدرسة، ويكون بداية لفتح حوار معه.

3-دعهم يشاركونك ذكرياتك ، فإذا كان لابنك مدرس صعب المزاج، تحدث معه عن ذلك الأستاذ الذي درسك في الماضي، وكان لك معه بعض الذكريات.

4-باعد بين الفترات التي تكون فيها المناقشات حادة بينك وبين ابنك.

5-أدخل بعض الترفيه في حياتك ، فضحكاتكم معاً على موقف قمت به أنت أو ابنك يسهم في تقوية علاقاتكم.

6-عبّر عن رأيك بوضوح ، واستخدم كلمة " أنا أشعر"، " أنا لا يعجبني"، وامزج آراءك بالكثير من كلمات الحب مثل " أنا أحب"، " ولكن أعتقد أنا ما".


رجاءاً لا تفعل
1-لا تلقِ محاضرات في الأخلاق والتصرفات السليمة في غير مناسبة.

2-لا تتكلم بصيغة المتحكم في كل شيء " يجب أن تقوم به لأنني أريد هذا".

3-لا تبدأ حديثك معه باتهام: " لقد قال لي مدرسك إنك..... ".

4-لا تتجاهل مشاعر ابنك وآراءه.

5-لا تنس أن تعتذر عندما تخطئ حتى ولو بعد فترة.

6-لا تنتقد .. وتذكر أنه كلما زاد تذمرك من أشياء لا تعجبك في ابنك كلما أصر ابنك على المضي قدماً فيها، ولكن عبّر عن رأيك بهدوء دون تجريح

د.فالح العمره 03-04-2005 06:44 PM

المقترحات العشرة في تنمية مواهب الأطفال


اعرف ابنك .. اكتشف كنوزه .. استثمرها

الموهبة والإبداع عطيَّة الله تعالى لجُلِّ الناس ، وبِذرةٌ كامنةٌ مودعة في الأعماق ؛ تنمو وتثمرُ أو تذبل وتموت ، كلٌّ حسب بيئته الثقافية ووسطه الاجتماعي .

ووفقاً لأحدث الدراسات تبيَّن أن نسبة المبدعين الموهوبين من الأطفال من سن الولادة إلى السنة الخامسة من أعمارهم نحو 90% ، وعندما يصل الأطفال إلى سن السابعة تنخفض نسبة المبدعين منهم إلى 10% ، وما إن يصلوا السنة الثامنة حتى تصير النسبة 2% فقط . مما يشير إلى أن أنظمةَ التعليم والأعرافَ الاجتماعيةَ تعمل عملها في إجهاض المواهب وطمس معالمها، مع أنها كانت قادرةً على الحفاظ عليها، بل تطويرها وتنميتها .

فنحن نؤمن أن لكلِّ طفلٍ ميزةً تُميِّزه من الآخرين ، كما نؤمن أن هذا التميُّزَ نتيجةُ تفاعُلٍ ( لا واعٍ ) بين البيئة وعوامل الوراثة .

ومما لاشكَّ فيه أن كل أسرة تحبُّ لأبنائها الإبداع والتفوُّق والتميُّز لتفخر بهم وبإبداعاتهم ، ولكنَّ المحبةَ شيءٌ والإرادة شيءٌ آخر . فالإرادةُ تحتاج إلى معرفة كاشفةٍ، وبصيرة نافذةٍ ، وقدرة واعية ، لتربيةِ الإبداع والتميُّز ، وتعزيز المواهب وترشيدها في حدود الإمكانات المتاحة ، وعدم التقاعس بحجَّة الظروف الاجتماعية والحالة الاقتصادية المالية .. ونحو هذا ، فـرُبَّ كلمـة طيبـةٍ صادقــة ، وابتسامة عذبةٍ رقيقة ، تصنع ( الأعاجيب ) في أحاسيس الطفل ومشاعره ،وتكون سبباً في تفوُّقه وإبداعه .

وهذه الحقيقة يدعمها الواقع ودراساتُ المتخصِّصين ، التي تُجمع على أن معظم العباقرة والمخترعين والقادة الموهوبين نشؤوا وترعرعوا في بيئاتٍ فقيرة وإمكانات متواضعة .

ونلفت نظر السادة المربين إلى مجموعة ( نِقاط ) يحسن التنبُّه لها كمقترحات عملية :
1- ضبط اللسان : ولا سيَّما في ساعات الغضب والانزعاج ، فالأب والمربي قدوة للطفل ، فيحسنُ أن يقوده إلى التأسِّي بأحسن خُلُقٍ وأكرم هَدْيٍ . فإن أحسنَ المربي وتفهَّم وعزَّز سما ، وتبعه الطفل بالسُّمُو ، وإن أساء وأهمل وشتم دنيَ ، وخسر طفلَه وضيَّعه .

2- الضَّبط السلوكي : وقوع الخطأ لا يعني أنَّ الخاطئ أحمقٌ أو مغفَّل ، فـ " كلُّ ابنِ آدمَ خطَّاء "، ولابد أن يقع الطفل في أخطاءٍ عديدة ، لذلك علينا أن نتوجَّه إلى نقد الفعل الخاطئ والسلوك الشاذ ، لا نقدِ الطفل وتحطيم شخصيته . فلو تصرَّف الطفلُ تصرُّفاً سيِّئاً نقول له : هذا الفعل سيِّئ ، وأنت طفل مهذَّب جيِّد لا يحسُنُ بكَ هذا السُّلوك . ولا يجوز أبداً أن نقول له :أنت طفل سيِّئٌ ، غبيٌّ ، أحمق … إلخ .

3- تنظيم المواهب : قد يبدو في الطفل علاماتُ تميُّز مختلِفة ، وكثيرٌ من المواهب والسِّمات ، فيجدُر بالمربِّي التركيز على الأهم والأَوْلى وما يميل إليه الطفل أكثر، لتفعيله وتنشيطه ، من غير تقييده برغبة المربي الخاصة .

4- اللقب الإيجابي : حاول أن تدعم طفلك بلقب يُناسب هوايته وتميُّزه ، ليبقى هذا اللقب علامةً للطفل ، ووسيلةَ تذكيرٍ له ولمربِّيه على خصوصيته التي يجب أن يتعهَّدها دائماً بالتزكية والتطوير ، مثل :
( عبقرينو) – ( نبيه ) – ( دكتور ) – ( النجار الماهر ) – ( مُصلح ) – ( فهيم ) .

5- التأهيل العلمي : لابد من دعم الموهبة بالمعرفة ، وذلك بالإفادة من أصحاب الخبرات والمهن، وبالمطالعة الجادة الواعية ، والتحصيل العلمي المدرسي والجامعي ، وعن طريق الدورات التخصصية .

6- امتهان الهواية : أمر حسن أن يمتهن الطفل مهنة توافق هوايته وميوله في فترات العطل والإجازات ، فإن ذلك أدعى للتفوق فيها والإبداع ، مع صقل الموهبة والارتقاء بها من خلال الممارسة العملية .

7- قصص الموهوبين : من وسائل التعزيز والتحفيز: ذكر قصص السابقين من الموهوبين والمتفوقين، والأسباب التي أوصلتهم إلى العَلياء والقِمَم ، وتحبيب شخصياتهم إلى الطفل ليتَّخذهم مثلاً وقدوة ، وذلك باقتناء الكتب ، أو أشرطة التسجيل السمعية والمرئية و CD ونحوها .
مع الانتباه إلى مسألة مهمة ، وهي : جعلُ هؤلاء القدوة بوابةً نحو مزيد من التقدم والإبداع وإضافة الجديد ، وعدم الاكتفاء بالوقوف عند ما حقَّقوه ووصلوا إليه .

8- المعارض : ومن وسائل التعزيز والتشجيع : الاحتفاءُ بالطفل المبدع وبنتاجه ، وذلك بعرض ما يبدعه في مكانٍ واضحٍ أو بتخصيص مكتبة خاصة لأعماله وإنتاجه ، وكذا بإقامة معرض لإبداعاته يُدعى إليه الأقرباء والأصدقاء في منزل الطفل ، أو في منزل الأسرة الكبيرة ، أو في قاعة المدرسة .

9- التواصل مع المدرسة : يحسُنُ بالمربي التواصل مع مدرسة طفله المبدع المتميِّز ، إدارةً ومدرسين، وتنبيههم على خصائص طفله المبدع ، ليجري التعاون بين المنزل والمدرسة في رعاية مواهبه والسمو بها.

10- المكتبة وخزانة الألعاب : الحرص على اقتناء الكتب المفيدة والقصص النافعة ذات الطابع الابتكاري والتحريضي ، المرفق بدفاتر للتلوين وجداول للعمل ، وكذلك مجموعات اللواصق ونحوها ، مع الحرص على الألعاب ذات الطابع الذهني أو الفكري ، فضلاً عن المكتبة الإلكترونية التي تحوي هذا وذاك ، من غير أن ننسى أهمية المكتبة السمعية والمرئية ، التي باتت أكثر تشويقاً وأرسخ فائدة من غيرها .





د.فالح العمره 03-04-2005 06:45 PM

بسم الله الرحمن الرحيم

حتى نعمر بيوتنا بالإيمان


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وعلى آله وصحبه والتابعين وسلم تسليما كثيرا وبعد...!!
إن المتعارف عليه عند العامة في عمارة البيوت هو عمارتها عمارة مادية (نوعية الخامات والتخطيط السليم وسعة البنيان واللون المناسب) بينما نسوا أو تناسوا أن العمارة الحقيقة هي ما يقدمونه مما ينفعهم في الدنيا والآخرة" يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم"وذلك بعمارة البيوت العمارة المعنوية والتي جهلها من جهلها وذكرها من ذكرها ‘بحيث ننشّئ الأسرة تنشئة صالحة بالإتباع لا الابتداع ؛ فكيف نعمر بيوتنا عمارة معنوية؟ ولماذا البيوت وقد أعدت للسكنى ؟
نقول إن الإنسان محاسب يوم الدين على الأوقات ماذا عمل فيها وبما شغلها لأن للوقت أهمية في حياة المسلم والوقت أنفس من الذهب والألماس قال تعالى:" وَالْعَصْرِ * إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ " وقال صلى الله عليه وسلم " نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة، والفراغ ".

والوقت إن لم تشغله في الطاعة شغلك في المعصية.

وفي إحدى الإحصائيات ذكر أن الإنسان له في كل يوم 7 ساعات تقريبا يقضيها في عمله الصباحي، وساعتان إلا ثلث تقريبا لأداء الصلاة المفروضة في أوقاتها و 7 ساعات تقريبا للنوم منها ساعة قبيل العصر، وبقية الأوقات -وخاصة أيام الإجازة الأسبوعية تقضى مع الأهل في المنزل كيفما اتفق ولربما تذهب هكذا...بلا حفظ ولا استغلال عند كثير من الناس إلا من رحم .

إن المسكن مع توفر وسائل الراحة به والهدوء والأمن والمرافق والكماليات إنه لجو مناسب لاستغلاله فيما يرضي رب العزة والجلال .وكذلك وجود عدد من أفراد العائلة- في الغالب- يساعد كذلك على أن نفكر في كيفية الاستفادة من المكان والزمان وكيف نستغلهم في الطاعة داخل المنزل وبم نشغلهم عن أن يشغلوا أنفسهم فيما لا فائدة فيه .

ولقد قمت بتدوين بعضا من البرامج النافعة والتي من الممكن أن نستفيد منها حينما نقوم بتنفيذها حسب الطريقة التي يرغبها رب المنزل، وبما فيها من الخلل إلا أنها مفتاحا للخير- ولعل قارئها يرى خيرا منها وأفضل منها طريقة – فما هي إلا جهد مقل .
ومن الأفضل أن يكون رب المنزل المتعلم مشرفا عليها ولا سيما في أوقات تواجده في المنزل مع الزوجة والأولاد فوقت العائلة في المنزل كبير ولا سيما يومي الخميس والجمعة.

فإذا قلنا أن في البيت الواحد غالبا عائلة مكونة من زوج وزوجة وأولاد وربما أخوات : أقترح وبالله التوفيق هذا البرنامج الذي متى تحقق-ولو جزءا منه-
كان البيت عامرا بالإيمان بإذن الرحيم الرحمن ،
تحفهم فيه الملائكة،
وتعم فيه السعادة،
ويطرح الله فيه البركة والخير بإذنه،
وتنفر منه الشياطين،
ويحفظهم الله بحفظه،
مع ملاحظة ما يلي :
= عمل جدول يومي زمني لإقامة مثل هذه البرامج .
= تكوين ميزانية لا بأس بها لدعمها.
= ملاحظة حضور الجميع للبرامج العامة بقدر الامكان
= الإخلاص والاحتساب وعدم إبدائها .

فإذا أردنا أن نعمر بيوتنا بالإيمان :
أولا: ينبغي أن يكون رب الأسرة مثالا في الأخلاق وقدوة في المعاملة وحسنا في الفعال، موجها لا معاتبا، ومذكرا لا مثبطا، ومحسنا لا مقترا، وباسما لا عبوسا، ونافعا لا ضارا، ومعلما لأمور الخير ،قدوته في ذلك خير من وطأ الثرى محمد صلى الله عليه وسلم " قال تعالى: "لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة " وقال صلى الله عليه وسلم"عليكم بسنتي..".

ثانيا: تهيئة الظروف والأمور التي تعين على الطاعة داخل المنزل " كالمكان المناسب البعيد عن الإزعاج والمكتبة المسموعة والمقروءة والمسجل والفيديو والحاسب "، وإبعاد الشواغل والمحرمات والمفسدات والصوارف عن الطاعة " كالتلفاز والمجلات المحرمة والصور والأجهزة المفسدة وخاصة التي بها موسيقى والورق والألعاب المشغلة كالأتاري والبلاستيشن ".

ثالثا: توصيل سماعتان من مسجل ومذياع في المنزل إلى غرفة الجلوس والمطبخ لأن معظم الأوقات تقضى بها وتشغيل إذاعة القرآن الكريم " دائما" إن أمكن، أو الاستفادة من المسجل لسماع المحاضرات والمصاحف المرتلة.أو الحاسب مثله.

رابعا: تجهيز إحدى غرف المنزل: كمكتبة وتوفير الكتب العلمية والأشرطة المتنوعة وتوفير جهاز للحاسب وأقراص ممغنطة وصلبة، وتوفير مسجل، ومجلات جيدة ونافعة كالبيان والحكمة والدعوة وشباب والأسرة، ومصاحف مرتلة، وغير ذلك من المباحات.ويستفاد منها أيضا للإطلاع على بعض البرامج المفيدة أو المراجع النافعة أو لقضاء بعض أوقات الفراغ بها للاستفادة .
تعلم فليس المرء يولد عالما *** فليس أخو جهل كمن هو جاهل

خامسا : تحديد وقت مناسب يومي للأولاد لمراجعة واجباتهم المدرسية كساعة بعد العصر مثلا والوقوف معهم في حل الأسئلة التي تصعب عليهم وتذكيرهم بأهمية الإخلاص في طلب العلم مع عدم نسيان نصيبهم من الدنيا وتذكيرهم بفوائد طلب العلم وخاصة قال الله وقال رسوله . ومما يرغب في المذاكرة الجادة تحفيزهم على أسرع من يحل الواجب، أو أسرع من يحفظ درس اليوم ، أو وضع مسابقة على دروس الأسبوع في نهايته وعليها جوائز مالية . وكذلك بمواعدتهم على التنزه في حال اكتمال درجات الشهر- ولا تعارض مع الإخلاص .

سادسا: فتح حلقة لحفظ كتاب الله عز وجل لجميع أعضاء العائلة داخل المنزل: ويختار لها وقت مناسب يومي أو شبه يومي حسب الاتفاق والجهد والطاقة وسعة الوقت وأفضل الأوقات بعد الفجر فإن لم يكن بعد العصر مباشرة وينسق لذلك جدول ويترك للجميع الحرية في الحفظ مع بث روح التنافس، ويحدد أيام السبت والأحد والاثنين والثلاثاء للحفظ والأربعاء لمراجعة السابق ونهاية كل شهر مراجعة ما تم حفظه من أول الشهر.
ويوضع لهذا البرنامج ميزانية من قبل ولي أمر العائلة لشراء جوائز ومحفزات للاستمرار في الحلقة – وأعود وأكرر على أهمية التحفيز الزمني:كالتنزه نهاية الأسبوع أو الشهر، أو التحفيز بمقدار الحفظ:إذا حفظ الجزء أو الجزأين أو الخمسة أو السورة الواحدة: مع ملاحظة أن الحفظ عند الكل يتفاوت بتفاوت القدرات والفروق الفردية فالأم ربة البيت يختلف حفظها عن الابن المتعلم وهكذا...

سابعا: عمل درس أسبوعي ولا أقول يومي بحسب القدرات والفراغ والاستعداد من الجميع : ويكون في أي موضوع حول التربية أو الرقائق أو الآداب أو السير- والكتب حول ذلك كثير لا مجال لذكرها... بحيث يكون الدرس كل يوم خميس بعد المغرب- مثلا- لمدة ساعة لجميع أفراد العائلة، أو كل يوم للجادين، أو يكون قراءة من كتاب لمدة ساعة ونصف كل أول يوم أحد من كل شهر إذا خيف الانقطاع . ولا تغفل الفتاوى، ويكون الدرس نقاشيا حواريا لا إلقائيا حتى لا يملوا ، وذلك طمعا في تحقيق الفائدة بإذن الله عز وجل ، ويعمل لذلك كسابقه محفزات وجوائز ومسابقات حول الدروس المطروحة والمشروحة سابقا.

ثامنا: برنامج " قراءة سورة البقرة" في البيت : وذلك بتوزيع الأيام على أفراد العائلة المتقنين للقراءة ويخصص لكل يوم شخص لقراءتها في المنزل في أي وقت يرغب ويكل متابعتها لأحد الأبناء أو البنات المتعلمين ويضع جدول لذلك.ولا يشترط لهذا البرنامج اجتماع وذلك تحقيقا لما ورد عن المصطفى صلى الله عليه وسلم فيما معناه "أن الشياطين تخرج من البيت الذي تقرأ فيه البقرة".

تاسعا : برنامج حفظ الأذكار المتعلقة بالمنزل:
وذلك بتعويد الأولاد وبقية العائلة على الأذكار المطلوبة داخل المنزل خاصة – ولا نغفل بقية الأذكار- فلكل مقام مقال- فمثلا :دعاء دخول المنزل و دخول الخلاء والنظر إلى المرآة وأذكار النوم والاستيقاظ منه وأذكار قبل وبعد الطعام وآدابه وأذكار قبل وبعد الوضوء وأذكار لبس الثوب وآداب الشرب واذكار الصباح والمساء وأذكار بعد الأذان وأذكار سماع الأصوات (البرق الديك الحمار وغيرها ). وتعويدهم عليها وذلك بـ :
* كتابتها لهم في لوحات صغيره وتعلق في أماكنها المناسبة .
* سؤالهم عنها دائما فإذا عطس أحدا نذكره ونسال الجميع : ماذا نرد عليه ؟؟ وهكذا .
* إحضار كتيبات الأذكار أو حصن المسلم وتوزيعها عليهم للرجوع إليها حال النسيان أو خلافه .
* تذكيرهم إذا نسي أحدهم أن يذكرها في حال مروره عليها .

عاشرا : برنامج : تعويد العائلة على صيام النافلة :
وذلك بتوجيه الجميع إلى صيام النافلة ويكون الصيام جماعيا مع أهمية سنة السحور والتي فيها البركة وتذكيرهم بالسنة المؤكدة عند الفطور وتحفيز الصغار والمتكاسلين بجوائز أو تكريم أيا كان نوعه ((ولا ننس ربطهم بمسألة الإخلاص والاعتصام بالله والرجاء فيما عند الله قبل كل شيء فهي سر الفلاح والفوز"وما عند الله خير وأبقى )).ومن ذلك صيام عاشوراء وعرفه وست من شوال وثلاثة أيام من كل شهر والاثنين والخميس والإكثار منه في شعبان وعشر ذي الحجة ..وتذكيرهم بالفضل العظيم عند الصيام وخاصة النافلة "من صام يوما في سبيل الله باعد الله وجهه عن النار سبعين خريفا ".
الحادي عشر : برامج عطلة نهاية الأسبوع : ومنها
(1) البرنامج الأسبوعي : برنامج صلة الرحم :
وذلك بوضع برنامج أسبوعي لزيارة الأقارب جميعا كما يلي :
* حصر الأقارب جميعا في مذكرة .
* توزيع الزيارات عليهم شهريا كل نهاية أسبوع جزءا منهم .
* تقوية العلاقات بين أفراد العائلة والأقارب .
* تذكيرهم بفضل صلة الرحم وأنها تزيد في الرزق وتبارك في العمر ..الخ .
* عدم إغفال الجار من تلك الزيارات فله علينا حق واجب في زيارته ومعاودته والسؤال عنه .قال تعالى "والجار ذي القربى والجار الجنب ".وقال الرسول صلى الله عليه وسلم : " ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه ".

(2) تعويد العائلة على أداء النوافل في المنزل وعمل برنامج لمتابعتهم والتوضيح للجميع لكيفية أدائها أثناء العمل الصباحي أو الدراسة أيام الأسبوع –كصلاة الضحى والإشراق قبل ذلك وقيام الليل والسنن النوافل القبلية والبعدية للصلوات ،وصلاة الاستخارة .

(3) البرنامج الشهري : برنامج :"عيادة المريض " وإعانة المحتاج " .
بحيث يكون يوم الخميس وذلك بعيادة المريض القريب إن وجد في منزله من جميع العائلة حسب الجنس .
أو بالجمع بين ذلك؛ بالتوجه إلى احد المستشفيات أثناء موعد الزيارة وتعويدهم على عيادة المريض وتوضيح آداب الزيارة مهم جدا قبل البدء فيها .
وكذلك مساعدة المحتاج : بتقديم المساعدة العينية من طعام ونحوه أو المساعدة المادية الأسبوعية. وتعويد الأبناء والعائلة لكيفية معاملة المحتاج والتصدق عليه وتذكيرهم بـ
* أهمية الصدقة وفضلها.
* إخفائها والإنفاق مما نحب .
* السؤال المستمر عن ذي الحاجة وزيارته .
* عمل صندوق لذلك إن أمكن داخل المنزل وبيان بأسماء المحتاجين .

(4) برنامج رحلة عائلية أو نزهه ( ويغمرها شيء من المرح والفرح ورسم البسمة والبهجة على أفواه العائلة بعيدا عن جو الجد " وتذكيرهم بقول الرسول صلى الله عليه وسلم لحنظله ولكن يا حنظلة ساعة وساعة ". أو تنسيق سفر للعمرة أو الزيارة وإعداد العدة والتذكير بآداب السفر ونزول المنزل وكيفية العمرة والزيارة والبدع التي ظهرت فيهما للحذر منها .

(5) البرنامج المفتوح : ويكون مثلا يوم الجمعة بعد العصر بحيث تنمى فيه المواهب- بالتشجيع المادي والمعنوي - من الأهل والوالدان فنعود الابن على الخطابة والإلقاء والشعر والحداء والارتجال وسرعة الحفظ ومسابقة الجري . ونعود البنت على ما يناسبها . وتعمل مسابقات ثقافية ( علمية وأدبية وشرعية والغاز ومعلومات عامة ) وألعاب وطرائف مباحة.

(6) برنامج خدمة الأم :
وذلك بالقيام بمهام الأم فيما يخص عمل المنزل ولو مرة واحدة في الأسبوع كما يلي :
* ترتيب المنزل وتنظيفه وكنسه كل يوم جمعة مثلا .
* طهي الطعام بدلا عنها من قبل الزوج والأبناء .
* غسل الملابس إن أمكن (ولو في مغسلة خارجية ) طلبا لراحة الأم وإحساسا بالتعب الذي يصيبها وما تقوم به من مشقة والذي لا يشعر به أحد من أفراد العائلة .

الثاني عشر : برنامج ( حقوق الوالدين ) وذلك بما يلي :
= تعويد الأبناء خاصة والصغار بصفة عامة داخل المنزل على احترام الكبير والبر بالوالدين عن طريق الممارسة والتعويد .
= تعويدهم على السلام عليهما دائما وتقبيل كفيهما وتقديمهما على غيرهما .
= تعويدهم على طاعتهما فيما يأمران في غير معصية .
= تعويدهم على كيفية اسعادهما والبحث عن راحتهما ورسم الابتسامة على أفواههما.
= توضيح فضل بر الوالدين لهم في أكثر من موضع أو درس أو لقاء أوعند مخالفة ما.
= استشارتهما في أي عمل والاستئذان منهما حال الرغبة في تنفيذ أمر ما .

الثالث عشر : برنامج "قصة تربوية" :
وهذا البرنامج عبارة عن قصة من السيرة العطرة أو سير السلف الصالح والتابعين بأسلوب مشوق وببراعة في الإلقاء وحنكة في الاحتواء أو قصص من الواقع تحكي شخصية أو طائفة أو رواية أو علم أو دولة أو أمة من الأمم .
= وقتها قبل النوم إذا أخلد الجميع إلى الفراش .
= أهدافها : حفظ الوقت ، زيادة العلم والمعرفة ، التنويع والتشويق في أساليب الطلب والمعرفة .

الرابع عشر : برنامج "على مائدة الطعام" :
وهذا الوقت الذي تجتمع فيه العائلة مرتان في أيام الدوام وثلاثا في الاجازات، فهو وقت ثمين يمكن أن يستغل بما يجلب الألفة والتقارب والمزاح المباح بين أفراد العائلة بحيث يكون بما يلي:
* الابتسامات المتبادلة . * ذكر فوائد الطعام الموجود . * التنبيه على بعض المحذورات التي تقع أثناء الطعام . * الثناء الدائم على الطعام وصانعه .

(#) كما يحبذ الجلوس غير الطويل بعد المائدة وقبلها والسؤال عن أحوال العائلة وما ينقصها من مستلزمات والتذكير بأهم البرامج التي سيتم تنفيذها في اليوم نفسه، وذكر بعض المواقف الطريفة أو المحزنة أو المسلية أثناء الدراسة أو العمل .*وكذلك التذكير بأهمية النظافة الدائمة بعد الطعام وأهميتها.

الخامس عشر : برنامج "إكرام الضيف":
وذلك بتحديد وقتا مناسبا للتوجيه حول ذلك لمدة ساعة إلا ربع كل ثلاثة أشهر ومناقشة ما يلي :
- احتياجات مجلس الضيافة . – احتياجات الضيافة – مناقشة الآداب المطلوبة من المضيف – عبارات الترحيب المطلوبة – توضيح المقصود من الكرم من غير إسراف ولا تبذير "

السادس عشر: كما ينبغي ألا نغفل كثيرا من السنن والأمور التي ينبغي التركيز عليها دائما في المنزل :
1/ ذكر الله دائما . 2/ الابتسامة المتبادلة . 3/ استخدام السواك. 4/ الاستئذان في دخول الغرف الأخرى . 5/ إلقاء السلام . 6/ المزاح المحمود . 7/ كف الأذى . 8/ احترام الكبير . 9/ توقير الصغير . 10/ النوم المبكر . 11/ الاستيقاظ المبكر . 12/ تقبيل الوالدين حال مقابلتهما . 13/ العمل بالعلم . 14/ الجدية في وقتها . 15/ القناعة . 16/ لا تنس نصيبك من الدنيا .17/ عدم إيذاء الجار . 18/ استخدام الألفاظ المشروعة حال الرد أو الغضب أو العتاب ك :"جزاك الله خير- هداك الله – غفر الله لك- اذكر الله ". 19/ متابعة الملابس ومدى موافقتها للسنة . 20/ إحياء السنن المهجورة.

السابع عشر : المشاركة في البرامج الخارجية:
وللمجتمع نصيب من جهود الأسرة بالمشاركة والدعم والحضور سواء في المنتديات المباحة أو المراكز الصيفية أو الربيعية أو الرمضانية أو الأسبوعية- كل في اختصاصه- ولا ننسى حلق تحفيظ القرآن الكريم وكذلك حضور المحاضرات والندوات والدورات العلمية .
مع ملاحظة:
1/ المتابعة الدائمة لأفراد الأسرة حال حضور مثل هذه اللقاءات.
2/ ملاحظة أصدقاء أفراد العائلة ونوعياتهم وتذكيرهم بأهمية الجليس الصالح والذي وصى به الرسول محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم.
3/ تذكيرهم بأهمية أن يكونوا أعضاء فاعلين في حضورهم من غير حب للظهور ولا احتكار للحديث ولا مخالف لآداب المجلس .

(*)(*)(*) على أمل أن تكون هذه البرامج -مع بساطتها وما فيها من النقص- نافعة وموجهة للأسرة المسلمة داخل بيتها وبين أفرادها ، وأن تكون بإذن الله دافعة إلى تنشئة الأبناء تنشئة صالحة وتبصير الأسرة بالنافع المفيد لها ليخرج الله مجتمعا صالحا، متربيا، مستقيما، قدوة، موفقا بإذنه، آمرا بالمعروف، وناهيا عن المنكر.
والله أسأل أن ينفع كاتبها وقارئها وموزعها ومعلمها ومطبقها ولا تنسوا أخيكم من الدعاء في ظهر الغيب .

أنور بن سعيد الكناني
أبو عاصم

د.فالح العمره 03-04-2005 06:46 PM

بسم الله الرحمن الرحيم

كيف تجعل ابنك مطيعاً
إعداد / عبداللطيف بن يوسف المقرن
رمضان 1423هـ


فضل تأديب الولد

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لأن يؤدب الرجل ولده خير من أن يتصدق بصاع) الترمذي و قال (ما نحل والد ولداً أفضل من أدب حسن ) الترمذي .

كيف تجعل ابنك مطيعا ً؟

نقصد بالولد/الذكر والأنثى, ومن كان دون الرشد و ليس رضيعاً, و إن كان لكل مرحلة سمات و أساليب في التعامل , لكن الحديث هنا عام بسبب صعوبة التفصيل لكل مرحلة على حدة , و منعاً للإطالة .

ما هي صفات الابن الذي نريد ؟
أن يتصف بصفات فاضلة أجمع العقلاء على استحسانها و جاء الشرع حاظاً عليها و أهمها ما يلي :

أ- الدين
نعني الابن صاحب القلب و الضمير الحي , و الابن موصول القلب بالله و المؤمن حقاً .
قال تعالى: (والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم ) الطور
و قال عليه الصلاة والسلام : (ألا إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح سائر الجسد إذا فسدت فسد سائر الجسد ألا وهي القلب ), فصلاح القلب بالدين فإذا استقام دين المرء استقامت أحواله كلها .
قال تعالى ( ربنا هب لنا من أزواجنا و ذرياتنا قرة أعين و اجعلنا للمتقين إماماً ) الفرقان

ب- كبر العقل
قال الشاعر:
يزين الفتى في الناس صحة عقله و إن كان محظورا عليه مكاسبه
يشين الفتى في الناس قلة عقله وإن كرمت أعراقه و مناسبه
يعيش الفتى بالعقل في الناس إنه على العقل يجري علمه و تجاربه
و أفضل قسم الله للمرء عقله فليس من الأشياء شيء يقاربه
إذا أكمل الرحمن للمرء عقله فقد كملت أخلاقه و مآربه

وأشد ما يخشاه المرء الحمق, قال الشاعر :
لكل داء دواء يستطب به إلا الحماقة أعيت من يداويها

ج - الطاعة :
أن يستجيب لتوجيهاتك ويعمل ما يعلم أنك ترضاه و يترك ـ ما يريده ـ رغبة في تحقيق رضاك (إنما الطاعة بالمعروف ) وبالقدوة الحسنة يتربى الابن على صفات الأب الحسنه

د- حسن الخلق:
وقال صلى الله عليه وسلم: (إن الرجل ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم ) الحديث فالابن الحسن الخلق كثير الطاعة لله و لوالديه .

من الذي يصنع الرجال؟ من يحدد سمات الابن؟
لاشك أنه الأبوان حيث أنه كلما كانا قدوة حسنة لأبنائهم كلما كان صلاح الأبناء أقرب , ففي الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ما من مولود الا يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه ) الحديث
و إذا كانا مسلمين كان الولد مسلماً , فصلاح الآباء سبب لصلاح الأبناء قال تعالى: ( وكان أبوهما صالحاً )الكهف .
1 ـ التنشئة المتدرجة :
- تنشئة الطفل شيئاً فشيئاً حتى يرشد قال تعالى (و لكن كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب و بما كنتم تدرسون) آل عمران.
تربيته و تعاهده حتى يشب و يقوى ساعده و يبلغ أشده مثال ذلك تربية إبراهيم لإسماعيل عليهما السلام , ثم كيف استجاب لطلب والده بتنفيذ رؤياه بقتله إياه .
فلا بد من التنمية المتدرجة (التعليم للفعل المرغوب) ، التقويم للخطأ و الرد الى الصواب , و ذلك بأن تعمل على تعديل ما تراه من خطأ شيئاً فشيئاً , و لا تعجل فإن الإخفاق في التغيير الشامل ثقيل وله عبء على النفس قد يقعد بها عن السعي بما ينفع ولو كان هذا السعي قليلاً سهلا.

2 - بذل الحقوق للطفل ( اختيار الأم، التسمية الجيدة ، التعويد على الفضائل )

3- حفظ القرآن
فحفظ القرآن الذي به أكبر مخزون من المعارف التي تهذب النفس وتقوم السلوك و تحيي القلب لأنه لا تنقضي عجائبه, فكلما زاد مقدار حفظ الولد للآيات و السور زاد احتمال معرفته بمضامينها التي هي إما عقيدة تقود السلوك أو أمر بخير أو تحذير من شر أو عبر ممن سبق أو وصف لنعيم ( أهل الطاعة أو جحيم أهل المعصية ) .

4- التعليم قبل التوجيه أو التوبيخ :
( حيث أن البناء الجيد في المراحل المبكرة من حياة الطفل تجنبه المز الق وتقلل فرص الانحراف لديه مما يقلل عدد الأوامر الموجهة للطفل فمن الأوامر ما يوافق هواه وخاطره وباله ما يخالف ذلك,تدل الدراسات أن هنالك ما يقارب من 2000 أمر أو نهي يوجه من الجميع للطفل يومياً !! لذا عليك أن تقلل من المراقبة الصارمة له, و من التحذيرات, و من التوجيهات, و من الممنوعات, ومن التوبيخ التلقائي
نعم الطفل يحب مراقبة الكبار له لكنه ليس آلة نديرها حسب ما نريد !! . فلماذا نحرم أنفسنا من رؤية أبنائنا مبدعين ؟؟
و هناك أهمية بالغة في تربية الطفل الأول ليقوم هو بمساعدتك في تربية من بعده , لكن احذر (( كثرة الأوامر له و قلة خبرتك في التعامل مع الصغير لأنها التجربة الأولى لك و لأمه في تربية إنسان !!! )) .

وأنت تتعامل مع أخطاء ابنك تذكر ذلك:
أن الجزء الأفضل من ابنك لمََـا يكتمل بعد , و أن عقله وسلوكه وتعامله لم يكتمل بعد !!
هل فات الوقت المناسب للتربية ؟؟؟
الوقت باقي مادام الإبن دون سن الرشد.
ما الذي يقطع عليك الطريق إلى اكتمال ابنك بالصورة التي ترغب؟
هناك عدة أمور أهمها:
- ترك المبادرة إلى تقويم الأخطاء.
- القدوة السيئة
إذا شاهد الولد الأب أو الأم _ القدوة _ يكذب فلن يصدق الابن أبداً !! .
- إبليس
قال تعالى على لسان إبليس (لأقعدن لهم صراطك المستقيم ثم لأتينهم من بين أيديهم و من خلفهم و عن أيمانهم و عن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين)
- النفس الأمارة بالسوء
((وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي إن ربي غفور رحيم)) يوسف .
- أصدقاء السو ء
ورد في الحديث ( مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك و نافخ الكير) هناك الكثير من أصدقاء السوء أوصلوا أصاحبهم إلى المهالك .
إذا سارت الأمور على طريق مختلف
أو تُرك الابن و أهمل و حدث الخلل !!

فما موقفك...؟ عند الخلل في..؟؟؟ فلذة كبدك !!
ابنك من استرعاك الله إياه تذكر أنه صغير – ضعيف - قليل الخبرة – بسيط التجربة- يعايش ظروف تجعله غير مستقر بسبب مرحلته العمرية !
هنا لابد أن تلاحظ مايلي :
1- الأحداث مؤقتة.
2- ليس المهم ما الذي حصل لكن المهم كيف تفكر في الذي حصل
3- حاول أن تقلل التفكير في الإساءات أو الإزعاجات .
4- لا تترك وتتجاهل الأمور التي يفعلها وتزعجك .
5- لا تجعل رضاك متوقفا على أمر واحد .
6- أحذر النقد القاسي للأسرة والأبناء .
7- تذكر الذكريات الإيجابية .
8- لا تركز على صرا عات خاسرة .
9- علمه و لا تعنفه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (علموا ولا تعنفوا فإن المعلم خير من المعنف ) الحديث
10- تقبل ابنك مرحلياً بلا شروط .
11- الرضا التام قليل و نادر .
أدرك كل هذا حتى ترى طريق التربية الهادئة بوضوح .

ما لذي يفيد في جعل طاعة الابن لأوامر الأب أكثر ؟
هناك عدة وسائل أهمها :
أولاً: التربية على الاستقامة
مهم تربيته على الفرائض و محبة الخير وأهله و بغض المنكر و أهله , ورد في الحديث ( مروا أولادكم بامتثال الأوامر و اجتناب النواهي , فذلك وقاية لكم و لهم من النار ) .

ثانياً: أدنو منه
عند ما تريد توجيهه فاقترب منه أولاً حتى تلامسه لقول النبي صلى الله عليه وسلم للشاب الذي جاء يستأذنه في الزنى ( أدن مني ثم مسح على صدره ) الحديث .
إذا شعرت بقربك من الآخرين فانك سوف تشعر بالرضا عن نفسك .

ثالثاً : قويٍ العلاقة به
لا بد من بناء العلاقة الجيدة معه وتنميتها و صيانتها مما يعكر صفوها, فالعلاقة القائمة على الرحمة و الشفقة و التقدير و الصفح لها أثر كبير .
عندها ستقول : علاقاتي قربت مني الناس قاطبة !! وسوف تزيد من شبكة العلاقات الطيبة ؟
وجد أن العلاقة السامية لها ميزات كثيرة منها :
سرعة إنجاز العمل ، تسهيل الخدمة دون ضرر ، الاستعداد لأداء العمل برغبة، تذليل المشاكل إن وجدت .
و أن العلاقة العادية لها آثار منها :
تبادل الخبرات، حرارة اللقاء ، اكتساب عدد من الأصدقاء .
و العلاقة المؤقتة لها آثار منها :
إنجاز بطيء ، عدم الاكتراث بالمتكلم, تبادل الخبرات
أما العلاقة السيئة فأضرارها :
عدم أداء الخدمة برغبة, عدد قليل من الأصدقاء ,الترصد الأخطاء ، إنهاء اللقاء بأسرع وقت، عدم بروز العمل الجماعي .

رابعاً: قابله بالابتسامة و بطلاقة وجه :
تبسمك في وجه ابنك صدقة وقربى وتقارب للقلوب , فإن عمل الابتسامة في نفس الابن لا حدود لها في كسبه و استجابته لما تريد منه .

خامساً : مارس طلاقة الوجه
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لا تحقرن من المعروف شيء و لو أن تلقى أخاك بوجه طلق ) الحديث . تعود على طلاقة الوجه مع أبنائك لأنه كلما كنت سهلا طليق الوجه كلما ازدادت دائرتك الاجتماعية معهم أو مع غيرهم, وكلما كنت فظا منغلقا كلما ضاقت دائرتك حتى تصبح صفراً . قال تعالى ( ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك ) آل عمران

الدور الذي تجنيه عندما تملك مهارة طلاقة الوجه :
1- تبعث هذه المهارة روح التجديد و النشاط . 2- تقضي على التوتر و الضغوط النفسية .
3- ينجذب إليك الناس . 4- تجعلك مقبولا لدى الناس .
5- تذيب السلوكيات غير المرغوبة مثل (الكبر ، الحسد، الحقد و العناد) .
6- تضفي روح التواضع . 7- تشعر عند تمثلك هذه المهارة بسهولة المؤمن و ليونته
8- تعيد روح الود و تبث روح المداعبة . 9- تكسبك الجولة في النقاشات الحادة .

سادساً: امنحه المحبة
المحبة تفعل في النفوس الأعاجيب و رسول الله خير قدوة في ذلك لأنه تحلى بأفضل خلق يتحلى به بشر فأحبه أصحابه محبة لم يشابهها محبة من قبل و لا من بعد , فهل يستطيع أحد أن يجاري فضائل النبي صلى الله عليه وسلم و أخلاقه و سجاياه التي حببته للناس و الدواب حتى الجماد , و يدل على ذلك قصة ثوبان رضي الله عنه ففي الحديث (أن ثوبان رضي الله عنه كان شديد الحب للنبي صلى الله عليه وسلم قليل الصبر عنه أتاه ذات يوم و قد تغير لونه فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم ما غير لونك فقال يا رسول الله ما بي من مرض و لا وجع غير أني إذا لم أراك استوحشت وحشة شديدة حتى ألقاك ثم ذكرت الآخرة فأخاف أن لا أراك لأنك ترفع مع النبيين و إني إن دخلت الجنة فإن منزلتي أدنى من منزلتك , و إن لم أدخل الجنة لم أراك أبداً فنزلت الآية : ( و من يطع الله و الرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين و الصديقين و الشهداء و الصالحين و حسن أولئك رفيقاً) النساء .
غريب أمر الحب في حياة الناس فلا أحد يشبع منه , وكل من يحصل عليه يشع بدفئه و صفائه على من حوله .
- ليس هناك أفضل من أن تظهر ذلك التقدير بأن تخبر شخصاًً ما مقدار اهتمامك به لقول النبي صلى الله عليه وسلم للرجل الذي قال : أنه يحب فلاناً " هلاَ أخبرته أنك تحبه " الحديث .
- الدراسات بيَنت أن الذي لا يفعل ذلك قد تكون علاقته مع الآخر تنافسية و أفضل مكافأة للولد هو شعوره أن أمه و أبو يحبانه ويثقان به فعلا !!! عندها سوف يحبهما فعلاً لا لمصلحة ما.
- إذا أحبك الناس فانك بأعينهم كحديقة فيها شتى أنواع الزهور ذات الرائحة الفواحة .
كل طفل يحب أن يكون محبوباً و مُحباً و إلا فإنه سوف يلجأ إلى إزعاج من حوله لتنبيههم لحاجته إلى الحب

سابعاً: عليك بالهدوء
تحلى بالهدوء و الحلم و الرفق ورد في الحديث ( ما كان الرفق في شيء إلا زانه و ما نزع من شي إلا شانه)
لا تجعل جفوة والدك _ أن وجدة _ عليك صغيراً سبباً في تعاسة ابنك مستقبل

ثامناً : عامله بالثقة و التقدير و التقبل.
أشعره بمدى أهميته بالنسبة لك , و بثقتك به , فإن شخصيته تتحدد بحسب ما يسمع منك من أوصاف تصفه بها فإذا كنت تصفه دائما بالذكاء فإنك ستجده ذكياً , و إن كنت تصفه بالبخل فستجده مستقبلاً بخيلاً شحيحاً و هكذا فكن واثقاً من نفسك و اجعل ابنك واثقاً من نفسه حتى يكون لنفسه مفهوماً جيداً و ايجابياً .
فقد ثبت أن الأيمان الراسخ في قدراتنا الذاتية يزيد من الرضا في الحياة بنسبة 30 % و يجعلنا أكثر سعادة ! و أقدر على النجاح , و كن متفائلاً..!ّ و واقعياً في توقعاتك ......... إن السعداء من الناس ...
لا يحصلون على كل ما يريدون !!! و لكنهم يرغبون في كل ما يحصلون عليه
فنظرتك لنفسك سوف تجدها واقعاً بفعل الإيحا النفسي , سواء اعتقدت أنك تستطيع أو لا تستطيع فأنت على حق في كلتا الحلتين فاجعل ابنك واثقاً من نفسه و في قدراته و لا تحطمها _ بقلة الثقة به _ قبل أن يبرزها للوجود .
و لكن لا تكن مفرطا في الثقة !! و اعلم أن التقدير الإيجابي للذات مهم في تربية الرجال ليحققوا ذوات هم على حقيقتها بعيداً عن تحطيم الشخصية الذي قد يمارسه الكبار مع الناشئة .

تاسعا : اجعل لابنك هدفا في الحياة
تشير الدراسات أن من أفضل أدوات التنبؤ بالسعادة هي...... فيما إذا كان الإنسان يعتقد أن هناك هدف في حياته ؟؟؟ , بلا أهداف محددة نجد أن سبعة أشخاص من بين عشرة يشعرون بعدم الاستقرار في حياتهم .

عاشراً: احرص على تماسك أسرتك
فـعبارة _ إنني أعيش مع زوجي من أجل الأطفال _ احذر أن يسمعها ابنك من أمه حتى لا يشعر بمدى التفكك الحاصل بين والديه _أن وجد _ فيضعف بسبب ضعف الأسرة ذلك الركن الذي يركن إليه_ بعد الله _ و يرتاح .

حادي عشر : تعرف على صفات ابنك :
لابنك صفات تختلف عن صفات الكبار أهمها :
1- يميل الصغير دائماً إلى أن يحصل على رضى الكبار المهمين في حياته .
2- الثناء و الثقة و التقدير تؤثر على سلوكه أكثر من التوبيخ و الزجر .
3- عادة ما يستقبل الابن أوامر الوالدين بمنتهى الحب والرغبة في التنفيذ و لكن قد يرتبك عندما يتلقى الأوامر بعصبية أو فتور أو استهجان فيتخيل أنه كائن غير مرغوب فيه أو أن والديه قد قررا التخلي عنه أو أنهما ضاقا ذرعاً به و أنه مصدر إزعاج لهما , و هذا الارتباك قد يؤدي به إلى عدم تنفيذ الأوامر الصادرة عنهما .
4- و الولد يُحبُ أن يقوم هو بالجز الأكبر من العمل فإذا زاد عليه الإلحاح ظهر عليه العناد
5- و يحارب كثير من الأبناء من أجل أن يلعب باللعب المحبب لديه .
6- الكبار عندما يصرخون في وجه الصغير هي دعوة له ليتحدى الكبار _ خاصة إذا كانت الأوامر متناقضة , و أن يستمر في السلوك السيئ ويتمادى فيه ليعرف لأي درجة يمكن أن يصل الصراع بينه وبين الكبار .
7- الطفل يمتلك قدرة هائلة على تحمل والديه فهو أطول منهما نفساً عند العناد و التحدي.
8- الأولاد يحتاجون قدراً من الحرية ليختاروا نوع النشاط الخاص بهم .
9- الولد بحاجة أن تعلمه كل جديد دون أن تكرهه عليه .
10- الطفل يدرك مشاعرك تجاهه ويركز عليها ولا يهتم للتوجيه إذا كانت المشاعر تجاهه سلبية _ وقت لخطأ الذي يرتكبه _ مثل الغضب منه أو الحيرة تجاه سلوكه .
مثال ذلك :-
عند ما يجري أمامك ليفتح الباب ثم تصطدم رجله بإناء فينكسر الإناء إذا كان رد فعلك أن تغضب تنفعل فإنه لن يستقبل أي معلومة أو توجيه . أمَا إذا ضبطت نفسك و حاورته بهدوء ووجهته كيف يجب أن يجري مستقبلاً داخل الصالة فإن الرسالة سوف تصل إليه و معها احترامك له وتقديرك لأخطائه التي لا يجد هو نفسه مبرراً لها. و قد يكون منزعجاً منها ولا يرغب في تكرارها دون أن تحدثه عن الخطأ الذي ارتكبه !!! .
11- يحتاج إلى الرعاية الممزوجة بالثقة فلا تكن مفرطاً في الوقاية له من أخطار ما يتعامل معه من ألعاب أو مهام .
12- الصغار لا يحبون ما يشعرهم بالعجز أمام الكبار , و من ذلك إثارة العواطف عند الحديث معهم كقولك إني أخاف عليك من كذا إني مشفق عليك من كذا , فلا نجني من إثارة العواطف معهم إلا الإعراض أو العناد.
13- الولد تتوسل إليه فيعاندك و تتحدث معه كصديق فيطيعك !!! بسبب المنافسة على قلب الأم و البنت على قلب الأب .
14- يحب الصغار أن تتضمن الأوامر الصادرة من الكبار معنى إمكانية المساعدة منهم له .
15- النفاق مع الابن لا يفيد لأنه قادر على اكتشاف حقيقة الأمر !!! .
16- استجابة الولد تتأثر بالوقت و العبارات , فاختر الوقت المناسب للتوجيه أو النقد... وكذلك العبارات المناسبة .

اعلم !!!
أن هناك من هو أقدر منك على كسب ود ابنك فالجد و الجدة أقدر على التعامل المعقول مع الأبناء بسبب أن الوقت بالنسبة لهم وقت حصاد و لعدم تأثرهم بالانفعالات الناتجة عن تصرف الصغير و لقدرتهم على النزول لمستواه و لوجود الخبرة الكافية لديهما , وعلى أساس أن الصغير عندهما صاحب حق في إجابة رغبته المعقولة , و الآباء و الأمهات ينتابهم الخوف على مستقبل الولد و فيختلط لعبه _ الأب / الأم _ مع الابن برغبته / رغبتها في التوجيه و عدم الصبر و ضيق الوقت فتصدر الأوامر المختلطة بالتهديد , وكذلك الأقارب والغرباء يستطيعون أن يحققوا تواصلاً جيداً في الغالب مع الصغير فيكون مطيعاً لهم فما هو السبب !! تأمل ستجد أن نوع العلاقة التي أنشئت تختلف عن العلاقة التي بينك وبينه غالباً.

لاحظ !!!
أنك لست دائماً على حق و أنت تتعامل مع مشكلات أبنائك , فاجعل عقلك هو ارتكاز السهم !!! .......و ليس عاطفتك ؟ .

ثاني عشر : عوده على الحوار :
تفاهم فالحوار الهادئ هو أساس الامتزاج و الاندماج لا بد أن يُعطي فرصة لسماع ما لديه ثم محاورته بهدوء و بمنطقية و عقلانية , لأنه قد لا يعرف الكثير من المعلومات عن سلبيات الأمر الذي و قع فيه و لا ايجابيات تركه , لأنه لم يخبر من قبل بذلك , أو أنه قد نسي ما تعلم , أو كسل عنه .
حدد ما الذي يجعلك حزيناً أو سعيداً وبلغ به في وقت الهدوء فقط
ابحث عن مراكز القوة لديه و أبرزها له و امتدحه فيها و لا تشعره بالضعف أبداً.
البدء بالثناء عليه و مدحه و التركيز على الأمور التي يتقنها
افتح المجال للحوار و افتعال المواقف لذلك .
ابحث عن السبب الحقيقي لما دفعه لفعل ذلك الأمر ثم وجه أو وبخ أو عالج و قد تلوم نفسك على تقصيرك إذا كنت منـصفاً . مهم إيجاد جو مناسب للحديث عن المخالفات , و ذلك بعد أن تهدأ الأمور لأن الولد لا يدرك سلبيات فعله للصواب ولا إيجابيات تركه للخطأ .
إذا أخطأ لا تركز على إظهار مشاعر السخط أو الضجر, بل ركز على إيضاح التصرف المطلوب منه مستقبلاً في مثل هذا الموقف مع مراعاة أن تكون هادئ وغير منفعل.
مثال:
( سلوك رفع صوته في وجهك متذمراً ) فعل لابد أن تُعرِفه بسلبياته و إيجابياته ثم تناقشه في وقت هدوءه وارتياحه و إقباله , و ابدأ بالثناء عليه يما يستحق الثناء بأي فعل آخر , و طالبه بأن يكون في موضوع احترام الوالدين كما هو في ذلك الأمر ( الممدوح فيه ) لاحظ أنه من الضروري أن يكون إدراكه للموضوع محل الحوار مشابه لإدراكك أنت و أنه فهم منك ما تعنيه فعلاً و أن تركيزه على ما تقول مناسب جداً حتى تستطيع أن تطالبه مستقبلا بتنفيذ ما عرفه منك من صواب في هذا السلوك .
من المفيد أن يسمع حوارا عن المشكلة _ محل النقاش _ من شخص أخر محايد و قد يفيد افتعال موقف يجعله يسمع الحوار على أنه من غير قصد منك , أو أن يشعر أن الحديث ليس موجها إليه هو بالذات .
إذا لا تواجه المشكلات منفرداً فمساهمة أي شخص آخر في معالجة الأمور مهم .
كمخلوق اجتماعي تحتاج إلى أن تناقش مشكلاتك مع أشخاص آخربن ممن يولونك و توليهم اهتماما خاصا , أو ممن مر بنفس المشكلة أو من أصحاب الخبرة .

مستشارو القروض المالية يقولون :
إن الشيء الوحيد الذي يحققه إخفاء مشكلاتك هو ضمان عدم مساعدة غيرك لك في الحل .
اسمع ما لديه أو اجمع معلومات ....... ماذا يدور في خلده ؟ ما هي رؤيته للمشكلة ومن يؤثر عليه ؟ و ما هي المعلومات التي تصل إليه ؟

ثالث عشر: استغل الصداقة.
لماذا الصداقة ....؟ , الصداقة لا بد له منها , وأنت تستفيد منها , كإيصال رسالة لا تستطيعها , و قد تجد عند الصديق الكثير من الدعم و المشاركة للأفراح و الأحزان .الصداقة على التقى تهزم المال , و إذا أردت أن تعرف هل فلان سعيد فلا تسأله عن رصيده في البنك ولكن سله عن علاقته بربه ثم عن عدد أصدقائه الذين يحبهم ويحبونه ؟ .

رابع عشر : أغلق التلفاز
و لكن بحكمة و أوجد بديلاً يساعد على تحقيق أهدافك....!!!
التلفاز ما هو إلا حشوت الكريمة التي تبعدك عن جوهر الطعام , يقطع فرص التواصل الطبيعية , يسرق وقتنا ولا يعيده أبداً , افتحه عندما يكون هناك ما يستحق المشاهدة , إنه يفرض علينا ما نشاهد ولا نختار ما يجب أن نشاهد !! مثل من يدخل السوق و يشتري كل ما يراه أمامه ثم عندما يعود لداره يكتشف ضعف نفسه وقلة عقله .
لا تقبل الصورة التي ينقلها لك التلفاز أو الناس من حولك .

خامس عشر : آخر العلاج الكي
عندما تسير الأمور على خلاف ما تراه ... ! ولم تتيقن الخطأ ..! , لا تفترض أن هناك خطأ كبيراً يستحق العقاب ...! أو أنه فعل ذلك لتحقيق مصلحة شخصية فردية له ...!, أو أنه كان يريد النيل منك... !,
افترض أنه محق....! أو مجتهد معذور ....! , أو مخطئ يحتاج التوجيه.... !
و أحذر العقاب وقت الغضب فلا تجعل كتفه ملعباً تلهو فيه _ بكرة القلق الزائد الموجود لديك , العقاب المثمر هو ما تضمن التالي:
1- تعليم السلوك المرغوب فيه و التحذير من السلوك المرفوض وذلك قبل الوقوع في الخطأ .
2- الاتفاق على العقوبة حال الخطأ , بحيث تكون مناسبة لحجم الخطأ .
3- أن يفهم أن هذا خطأُ يستحق العقوبة عليه .
4- أن يدرك أن العقوبة متجهة للسلوك و ليس لشخصه هو .

وأخيراً تأكد من أنه أدرك خطأه حتى لا يكون للعقوبة أثر سلبي يجلب العناد أو التمرد .

كن حكيماً في عقدك للمقارنات
في الواقع أنه لم يتغير شيء نتيجة للمقارنة ...!!! الاَ أن شعورنا تجاه حياتنا يمكن أن يتغير بشكل كبير بناء على تلك المقارنة , فكثير من حالات الشعور بالرضا أو عدم الرضا تعود إلى كيفية مقارنة أنفسنا بالآخرين من هم أفضل منا أو قل حظاً منا ! في تربية أولادهم .

فوض غيرك ينكر عليه بالأسلوب المناسب إذا وقع في منكر .
عليك أن تبقى دائماً مع الحقيقة و تسعى جاهداً على تحسين الأمور !... كل يحلم بأسرة مثالية ولكن ينجح في تحقيق شيئاً من ذلك الواقعيين منهم !! .

إذا لم تكن متأكداً .... ليكن تخمينك على الأقل ..... إيجابيا انتبه فقد تحصل على ما تريد بأبسط طريق.

افعل ما تقول أنك ستفعله . لا تكن عدوانياً . لا تفكر في مبدأ ( ماذا لو ) . طور اهتماماً مشتركاً مع الابن و لاعبه . اضحك معه ومازحه . لتكن حمامة سلام . لا تساوم على أخلاقياتك . لا تشتري السعادة بالمال فقط .

أخيراً تذكر أن مشوار التربية طويل و البداية الصحيحة تختصره و وتضفي عليه طعماً مختلفاً ,
و اطلب العون من الله و استعن ولا تعجز و لا تقل لو أني فعلت كذا لكان كذا و لكن جدد و و اصل العمل و قل قدر الله و ما شاء فعل ثم ابذل السبب .
و الحمد لله رب العالمين

المصدر موقع المربي

د.فالح العمره 03-04-2005 06:47 PM

بسم الله الرحمن الرحيم

كيف يسود الحب والود بين أبنائك ؟؟


ما هي نقاط العداء بين الأبناء؟ وكيف نستطيع أن نقتلعها من صدورهم، ونزرع مكانها أشجار الحب والوئام؟ أي كيف تجعل ابنك يطبع قبلة على وجنتي أخيه بدل أن يوجه إليه الضربات؟

الجواب:
تستطيع أن تقتلع جذور التباغض والعداء من بين أبنائك إذا ما عملت بهذه الوصايا التالية:

أولاً: اعرف متى تطبع القبلة وتوزع الحب.
جاء في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم نظر إلى رجل له ابنان فقبل أحدهما وترك الآخر، فقال النبي صلى الله عليه وسلم ((فهلاً واسيت بينهما؟)).
إذاً.. لا تنس في المرة القادمة التي تريد أن تقبل فيها أحد أبنائك، أو تضمه إلى صدرك، وتعطف عليه بالحب والحنان، لا تنس أن عليك أن تفعل ذلك في وقت لا يلحظك فيه أبناؤك الآخرون، وإلا.. فإن عليك أن تواسي بين أبنائك في توزيع القبلات، ويعني ذلك إذا قبلت أحد أبنائك في محضر إخوانه الصغار حينئذ لا بد أن تلتفت إليهم وتقبلهم أيضاً، وإن لم تفعل ـ بالخصوص إذا كنت تكثر من تقبيل أحد أبنائك دون إخوانه ـ فكن على علم أنك بعملك هذا تكون قد زرعت بذور الحسد وسقيت شجرة العدوان بينهم وقد أكد الاسلام على هذه المسألة الحساسة، وأعار لها انتباهاً ملحوظاً.
والمطلوب ـ في الحقيقة ـ إقامة العدل بين الأبناء سواء في توزيع القبلات أو في الرعاية والاهتمام بشكل عام.
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم ((اعدلوا بين أولادكم، كما تحبون أن يعدلوا بينكم في البر واللطف)).

وتحضرنا هنا بعض الأسئلة حول وضع الإخوة في الأسرة:
ـ هل الأطفال الأصغر دائماً يحمون حماية زائدة؟
ـ وهل الأطفال الأكبر يجدون قبولاً أكبر أو أقل عندما يأتي أطفال آخرون؟
ـ وهل يكون المولود الأول مفضلاً دائماً؟
ـ وما مركز الابن الأخير والابن الوحيد؟
ـ كيف يكون موقع الابن الجميل والابن القبيح؟
ـ هل هناك تفاضل بين الأبناء وعلى أي أساس يقوم؟
ـ على أساس الجمال، أم على أساس التقوى والعمل الصالح؟
ـ وإذا كان هنالك من تفاضل.. كيف يجب أن يتم إشعار الأبناء به؟
يجيب على بعض هذه الأسئلة أحد الباحثين التربويين فيقول: ((عندما يولد الطفل الثاني، ويأخذ بالنمو والكبر ويدرك ما حوله، لا يجد الوالدين من حوله فحسب، بل يجد كذلك في الميدان أخاه الأكبر الذي سبقه في الميلاد، والذي يفوقه قوة ويكبر عنه جسماً ووزناً.
وكلما كبر أدرك أنه اصبح في مرتبة ثانوية في المعاملة تتضح له من الأمور الآتية: نعطي له اللعب القديمة بعد أن يكون أخوه قد استلمها جديدة واستعملها أمامه، ونعطي له كذلك ملابس أخيه القديمة بعد أن تصبح غير صالحة للاستعمال إلا قليلاً.
والذي يزيد الطين بلة، ميلاد طفل ثالث في الأسرة يصبح موضع رعاية جديدة من الوالدين، فيقل لذلك مقدار الرعاية التي كانت توجه إليه.
وهنا يأخذ الطفل الثاني ترتيباً جديداً بين الإخوة، ويصبح طفلاً أوسط. وإن مركز الطفل الأوسط لا يحسد عليه إذ إنه يكون مهاجماً من الأمام (عن طريق الأخ الأكبر) ومن الخلف (عن طريق الأخ الأصغر).
أما عن الطفل الأخير في الأسرة، فإن مركزه تحدده العوامل التالية نجد أولاً: أن هنالك اختلافاً في معاملة الوالدين له عن بقية الإخوة والأخوات، وميلاً لإطالة مدة الطفولة، لأن الوالدين ـ حينئذ ـ يكونان غالباً قد تقدم بهما السن وأصبح أملهما في إنجاب أطفال جدد محدوداً.
وفي بعض الحالات نجد أن الطفل الصغير الأخير يكون موضع رعاية خاصة و (دلال) الوالدين أو من أحدهما، وهنا تدب نار الغيرة والحقد في نفوس إخوته وتذكرنا أمثال هذه الحالات بقصة يوسف عليه السلام، وما تعرض له من إيذاء نتيجة كره إخوته له، لإيثار والديه له بالعطف الزائد)).
وبالنسبة إلى مسألة التفاضل، نجد أن بعض الآباء يزدادون حباً وعطفاً على أحد أبنائهم دون إخوته اللآآخرين، ليس لأنه الأجمل أو الأكبر أو الأخير، وإنما لأنه الأفضل نشاطاً وعملاً وخدمة لوالديه.
هنا لا بأس بهذا التفاضل إذا ما كان سراً، ولكن حذار من الطريقة السلبية التي يتم إشعار الإخوان بها.
والطريقة السلبية ـ التي يجب اجتنابها ـ هي:
أن يقول الأب لأبنائه ـ على سبيل المثال ـ : لا بارك الله فيكم إنكم جميعاً لا تساوون قيمة حذاء ولدي فلان!! أو يقوم باحترام ابنه والاهتمام به دون إخوانه وأخواته.
بينما الطريقة الايجابية تقضي بأن يقوم الأب بمدح الصفات التي يتحلى بها ابنه الصالح دون ذكر اسمه، أو حتى إذا ما اضطر إلى ذكر اسمه فلا بد أن يقول لهم مثلاً: إني على ثقة من أنكم ستحذون حذو أخيكم فلان في مواصفاته الحميدة، ولا شك ـ يا أبنائي ـ أن لكم قسطاً من الفضل في مساعدتكم أخاكم حتى وصل إلى هذه الدرجة من الرقي والتقدم والكمال.

بالطبع ـ عزيزي القارئ ـ إنك وجدت الفارق بين الطريقتين، ففي الطريقة الأخيرة تجد أن الأب يحاول إعطاء التفاضل لأحد أبنائه بصورة فنية دون أن يحرك مشاعر الحقد والحسد في صدور أبنائه الآخرين، تجاه ابنه المتميز لديه، بل بالإضافة إلى ذلك فهو قد دفع أبناءه إلى تقليد أخيهم الصالح عبر إعطائهم الثقة في الوصول إلى مرتبته، وبصورة هادئة وحكيمة.
والتفاضل هنا لا يعني إعطاء أحد الأبناء حقوقاً أكثر، وفي المقابل سلبها من الأبناء الآخرين، كأن يعطي الابن المتميز طعاماً أكثر أثناء وجبة الغذاء أو أن تقدم إليه الملابس الأجود واللوازم الأفضل، لا.. إن هذه الطريقة هي طريقة الحمقى والذين لا يعقلون.
إذاً.. إن آخر ما نريد قوله في هذا الباب هو: المطلوب مزيد من الانتباه إلى هذه الملاحظة الهامة والتعرف ـ جيداً وبحكمة ـ على كيفية توزيع الحب بين الأبناء.

ثانياً: بيّن أهمية الأخ لأخيه.
إذا كنت ترغب في أن يسود الحب والود بين أبنائك فما عليك إلا أن تبين أهمية الأخ لأخيه، وتشرح له عن الفوائد الجمة التي يفعلها الإخوان لبعضهم البعض.
وهنا يجدر بك أن تسرد لأبنائك الأحاديث التي توضح تلك الأهمية التي يكتسبها الأخ من أخيه.
إذاً.. فالأخ هو المساعد الأيمن لأخيه، وقد تجلى ذلك أيضاً في قصة النبي موسى حينما قال: (واجعل لي وزيراً من أهلي هارون أخي اشدد به أزري وأشركه في أمري).
بهذه الطريقة تكون قد أشعرت ابنك بأهمية أخيه، وبالتالي قد شددت أواصر العلاقة والمحبة بينهم.

ثالثاً: اسق شجرة الحب بينهم..
الأب الناجح في التربية هو الذي يجسم المحبة بين أبنائه ويقوم باروائها وسقيها كل وقت. وتسأل: كيف يتم ذلك؟ والجواب يأتيك على لسان أحد الآباء، وهو يسرد تجربته مع أبنائه، حيث يقول:
لقد رزقني الله (عز وجل) الوليد الثاني بعد أن جاوز عمر الأول السنتين، وحمدت الله (تعالى) كثيراً على ذلك. وكما هو الحال عند كل الأطفال، أخذ ولدي الأول يشعر تجاه أخيه، كما يشعر الانسان تجاه منافسيه، كان ينظر إليه باستغراب ودهشة وعدم رضى، وكأن علامات الاستفهام التي تدور في مخيلته تقول: لماذا احتل هذا الغريب مكاني؟ من هو هذا الجديد؟ هل يريد أن يأخذ أمي مني؟ وبدأ الحسد والغيرة يدبان في نفسه حتى أنه تسلل إليه وصفعه وهو في مهده. لقد كانت تلك هي آخر صفعة، حيث أدركت على الفور أنه لا بد من وضع حل ناجح يمنع الأذى عن هذا الرضيع. فكرت بالأمر ملياً حتى اهتديت إلى فكرة سرعان ما حولتها إلى ميدان التطبيق، حيث جئت ببعض اللعب الجميلة والمأكولات الطيبة، ووضعتها في المهد عند طفلي الرضيع، ثم جئت بولدي الأكبر وأفهمته بالطريقة التي يفهمها الأطفال أن أخاه الصغير يحبه كثيراً وقد جاء له بهدايا حلوة وجميلة، ثم أمرته بأن يأخذها منه، فأخذها وهو فرح مسرور لا يخامره أدنى شك في ذلك. ومنذ ذلك اليوم لم أترك العملية هذه، حيث أوصيت زوجتي بأن تقدم أكثر الأشياء التي تريد تقديمها لوليدنا الأول أن تقدمها باسم الصغير وعبره، مثلما فعلت أنا في بادئ الأمر. وكل يوم كان يمضي كان ولدي الأكبر يزداد حباً لأخيه حتى وصل به الأمر إلى البكاء عليه فيما لو أخذه أحد الأصدقاء وقال له مازحاً إنني سأسرق أخاك منك!
كان ذلك بالنسبة للأطفال الصغار، بينما السؤال الآن: كيف نزرع الحب بين الأبناء الكبار؟

تستطيع أن تحقق ذلك عبر الطرق التالية:
الطريقة الأولى: ادفع أبناءك ليقدم كل واحد منهم هدية لكل أخ من إخوانه، سواء عبر إبلاغ كل واحد منهم بطريقة مباشرة أو عن طريق توجيههم إلى القيام بهذا العمل بطريقة غير مباشرة، أو من خلال الطريقتين معاً، وإن كان نفضل الطريقة غير المباشرة.

الطريقة الثانية: ادفع أبناءك للتزاور والتواصل بينهم فإنه ليس هناك شيء يمتن العلاقة والحب بين الإخوان مثل الزيارة.والجدير بك أن تعلمهم الأحاديث الشريفة ا حتى تدفعهم ذاتياً للقيام بالتزاور فيما بينهم

الطريقة الثالثة: ادفعهم إلى المصالحة والمعانقة فيما بينهم.

رابعاً: اقض على الظلم والحسد فيهم.
ابحث عن أسباب الشقاق وبواعث الحقد والخصام بين الأبناء ثم اقتلعها من الجذور وازرع مكانها رياحين المودة والأخاء.
ومن أسباب الخصام السيئة هي: الاعتداء والظلم والحسد.
فلو كان أبناؤك يعتدون على بعضهم البعض، ويمارسون الظلم وفي صدورهم يعشعش الغل والحسد، حينئذ فلا غرابة إذا لم تجد فيهم الحب والود والإخاء.
ترى كيف يمكن أن يحب الصغير أخاه الكبير، وهو يقاسي من مرارة ظلمه وعدوانه.
إن وجدت الكثير من الأبناء يمارسون أقسى أنواع الظلم بحق إخوانهم وأخواتهم فهم يمارسون الضرب القاسي، ويسلبون حقوق الإخوان في الأكل والمنام والملبس وكل شيء.
وأحياناً كثيرة تجد أن الأخ الأكبر في العائلة يصبح مستبداً إلى آخر حد، يقوم بأحكام سيطرته الحديدية على أخواته مكسورات الجناح، وكأنه سلطان جائر.
هنا لا بد أن يتدخل الأب ويفك القيد ويرفع الظلم، وإلا فإن الأبناء ـ كلهم ـ سيصحبون على شاكلة أخيهم الكبير، لأن الأجواء الملتهبة تخلق من أفراد الأسرة وحوشاً ضارية، تضطر الكبير أن يستضعف الذين هم أصغر منه، وهكذا بالتسلسل حتى آخر طفل.
وهكذا الأمر تماماً بالنسبة للحسد، فالأبناء الذين ينامون على وسائد الحسد ويلتحفون بلحاف الحقد والضغينة، وتنمو في صدورهم أعشاب الغل، هؤلاء الأبناء يعيشون حياة ضنكاً، لا تجد للمحبة أثراً فيها.
فالحسود بطبعه يبغض الآخرين، ويكنّ لهم الحقد والكراهية، ولربما تسول له نفسه القضاء على من يحسده، كما فعل قابيل بأخيه هابيل من قبل.
من هنا، فإذا ما كنت تريد أن يسود الحب والود بين أبنائك، فلا مناص م رفع أي بوادر سيئة مثل الظلم والحسد من بين أبنائك.. بل ولا بد أن تقتلها وهي في المهد قبل أن تترعرع وتكبر.

خامساً: اجعل الحوار والتفاهم وسيلة لحل المشكلات.
هنالك بعض الأبناء لا يعرفون طريقاً لحل المشكلات غير طريق المشاجرة والاشتباك الحاد، وكأنهم أعداء وليسوا إخواناً!
ترى.. لماذا لا ينتهجون سبيل الحوار الهادئ بينهم؟
بالطبع إن السبب يرجع إلى الوالدين فهما المسؤولان عن خلق الأجواء والعادات والتقاليد في العائلة.
لذلك.. من المفترض أن لا ينسى الآباء تعليم أبنائهم عادة الحوار والتفاهم الرزين بدل أسلوب المناقشات العصبية والمشاجرات الصاخبة.
والمسألة لا تحتاج إلى فلسفة وتنظير، إذ يكفي لأحد الوالدين أن يستوقف أبناءه، في حالة حدوث أول صراع كلامي ويبدأ يحل لهم المشكلة بالتفاهم والسؤال الهادئ.
ونضرب مثالاً على ذلك: كثيراً ما يحدث أن يتشاجر طفلان على لعبة معينة، ويبدأ كل منهما يجر اللعبة. هنا على الأم أو الأب أن يسرع إلى ولديه، ويحاول أن يرضي أحد الطرفين بالتنازل، مثل أن يقول لهما: ليلعب كل واحد منكما بهذه اللعبة نصف ساعة.. واحداً بعد واحد.
وهكذا على أي حال فالمهم أن ينهي المسألة بالتفاهم وبمرور الزمن يتعلم الأولاد هذه العادة الحسنة في حل أي مشكلة تطرأ لهم، فيقضون بذلك على أي سبب للخصام قبل أن يفتح عينه للحياة.

سادساً: عرفهم.. حقوق الإخوان.
وهذه الحقوق ((للمسلم على أخيه المسلم ثلاثون حقاً، لا براءة منها إلا بأدائه، أو العفو:
يغفر زلته، ويرحم عبرته (إن من واجب الأخ تجاه أخيه أن يخفف عنه حزنه ويهون عليه رزيته)، ويستر عورته (إذا رأى بادرة سيئة من أخيه، أن يسترها ولا ينشرها)، ويقيل عثرته (من صفات المؤمن، أن يمتلك قلباً كبيراً وصدراً رحباً يستوعب بها عثرات إخوانه)، ويرد غيبته، ويقبل معذرته.. (يقول علي رضي الله عنه :اقبل عذر أخيك، وإن لم يكن له ذعر فالتمس له عذراً)، ويديم نصيحته، ويحفظ خلته، ويرعى ذمته، ويعوده في مرضه، ويشهد ميتته، ويجيب دعوته، ويقبل هديته، ويحسن جيرته، ويكافئ صلته، (فإن قدم له خدمة فلا بد أن لا ينساها حتى يقدم له خدمة مماثلة)، وأن يشكر نعمته، ويحسن نصرته، ويحفظ حليلته (زوجته)، ويقضي حاجته، ويستنجح مسألة (أي يسعى لنجاح مسائله بأي شكل كانت وفي أي مجال)، ويسمت عطسته (فإذا عطس الأخ ـ أو أي أحد من الجالسين ـ لا بد أن يقول له الانسان: ((يرحمك الله)) ويدعو له)، ويرشد ضالته، ويطيب كلامه (أي يقول له: طيب الله أنفاسك)، ويوالي وليه (أي يصادق صديقه)، ولا يعاديه (لا يصبح عدواً لصديق أخيه)، وينصره ظالماً ومظلوماً (فأما نصرته ظالماً فيرده عن ظلمه، وأما نصرته مظلوماً فيعينه على أخذ حقه)، ولا يسلمه (لا يتركه فريسة عند العدو، ولا يتجاهله عند الخطر)، ولا يخذله، ويحب له من الخير ما يحب لنفسهن ويكره له ما يكره لنفسه)).

بعد أن يكون أبناؤك قد تعلموا هذه الحقوق وأدوها تجاه إخوانهم ـ حينئذ ـ لا تخش على نور الحب أن ينطفئ بينهم، بل وكن على أمل كبير من ازدياد شعلة الحب والمودة بصورة مستمرة ودائمة.

المصدر: مجلة نور الإسلام

نقلته : ترانيم النفس
عالم بلا مشكلات

د.فالح العمره 03-04-2005 06:48 PM

بسم الله الرحمن الرحيم

صراخ الأمهات في البيوت !!!!


ظاهرة جديدة تسللت إلى حياتنا وبيوتنا وأصبحت مرضا خطيرا بل وباء مزعجا ينتشر :النار في الهشيم ، الظاهرة الصراخ المستمر للزوجة " الأم" طوال اليوم حتى لا يكاد يخلو منه بيت أو تنجو منه أسرة لديها أطفال في المراحل التعليمية المختلفة .

ففي معظم بيوتنا الآن وبسبب الأعباء المتزايدة على الأم بسبب العمل وصعوبة الحياة وسرعة إيقاعها ومشاكلها الاجتماعية والاقتصادية والضغوط النفسية المتزايدة ، وربما أيضا بسبب طموحات المرآة التي تصطدم غالبا بصخرة الواقع المر والمعاكس ، بالإضافة إلى مسئولية الأم في مساعدة أطفالها في تحصيل وفهم استيعاب دروسهم ودس المعلومات في رؤسهم بعد ان فقدت المدرسة دورها ، الأمر الذي جعل الأم في موقف صعب لا تحسد عليه ، فكيف لها بعد يوم عمل شاق وطويل ومعاناة في العمل وفي الشارع في رحلتي الذهاب والعودة ، وربما بسبب القهر الذي تشعر به من الرجال تجاهها خارج المنزل، وأحيانا داخله ، كيف لها بعد كل ذلك أن تقوم بدورها في تربية وتنشئة أطفالها وتقويم سلوكياتهم وإصلاح " المعوج" منها امام طوفان من التأثيرات السلبية تحيط بهم من كل جانب في زمن القنوات المفتوحة والدش والإنترنت والموبايل والإعلانات الاستفزازية ؟؟

وكيف لها بعد ان تعود إلى بيتها مرهقة ومنهكة وغالبا محبطة ان تدرس الدروس والمعلومات والإرشادات والتوجيهات في عقول أبنائها في برشامة مركزة يصعب عليهم غالبا ابتلاعها !

وهنا ظهر المرض ومعه الكثير من الأمراض المختلفة ، وكثرت الضحايا وامتلأت عيادات الأطباء بأمهات معذبات تجمعهن غالبا ظروف متشابهة وهي انشغال الأب بعمله أو سفره للخارج ، واعتقاده الخاطئ ان دوره يقتصر على توفير الأموال لأسرته واعتماده الكامل على الزوجة في التربية والتنشئة ومساعدة الأطفال في تحصيل دروسهم ..

الأمر الذي شكل عبئا كبيرا على الزوجية وضغطا مستمرا على أعصابها الخطورة هنا أنه مع تطور أعراض المرض والتي تبدأ كالعادة " ذاكر يا ولد .. ذاكري يا بنت أسكت يا ولد حرام عليكم تعبتوني ...الخ

تقوم الأم ذلك بانفعال وحدة ثم بصوت عال ورويدا رويدا تبدأ في الصراخ وتفقد أعصابها تماما وتتحول الحياة في البيت إلى جحيم ..
وهنا يبدأ الأطفال في الاعتياد على الصراخ ويتعايشون معه فهم يصبحون عليه ويمسون عليه " اصحي يا ولد الباص زمانه جاي .. نامي يا بنت عشان تصحي بدري " اطفي التليفزيون يا بني آدم ابقوا قابلوني لو فلحتم الخ المهم في هذا الجو يبدأ كبار الأطفال في التعامل مع أشقائهم الأصغر بأسلوب الصراخ .

( وهنا يزداد صراخ الأم للسيطرة على الموقف .. ولو فكر أحد يوما في أن يستعمل السلم بدلا من المصعد للصعود إلى شقته فسوف يسمع صراخا يصم الأذنين ينبعث من معظم الشقق وعندما يحضر الأب بعد يوم شاق واجه خلاله ضوضاء وصراخا في كل مكان في العمل في الشارع ويكون محملا غالبا بمشاكل وصراعات واحباطات وربما أيضا بصراخ الضمير في زمن أصبح الماسك فيه على دينه ,أمانته ونزاهته واخلاقه كالماسك الجمر بيده أو بكلتا يديه المهم عند عودة الاب يحاول الجميع افتعال الهدوء تجنبا لمواجهات حتمية قد لا تحمد عقباها ، ولكن لان الطبع يغلب التطبع ، لان المرض يكون قد أصاب كل أفراد الأسرة ..

فان الأب يفاجأ بالظاهرة بعد ان أصبحت مرضا مدمرا فيبدأ المناقشة مع زوجته .

ماذا حدث ؟

وما الذي جرى لكم؟

صوتكم واصل للشارع ؟

فــتبكي الزوجة المسكينة وتنهار وتعترض : نعم أنا أصرخ طوال النهار أنا قربت أتجنن ولكنه الأسلوب الوحيد الذي أستطيع التعامل به مع أولادك "

أقعد معانا يوم وجرب بنفسك وهنا ربما يحاول الزوج احتواء الموقف ودعوة زوجته المنهارة للهدوء وربما يطيب خاطرها بكلمة أو كلمتين ولكن - وهذا هو الأغلب حدوثا للآسف – ربما ينحرف الحوار إلى الجهة الأخرى خاصة عندما يؤكد الزوج لزوجته أنه هو الآخر على أخره وتعبان ومحبط وعايز يأكل وينام وهنا قد تصرخ الزوجة حرام عليك حس بيه شويه أتكلم أمتي معاك ؟

ساعدني انا محتاجة لك ويرد الزوج غالبا وأنا محتاج لشوية هدوء حرام عليك أنت وكلمة وكلمتين يجد الزوج نفسه في النهاية يصرخ هو الآخر ، فلا أسلوب يمكن التعامل به مع هؤلاء سوي الصراخ وتفشل محولات بعض العقلاء من الأزواج في احتواء الموقف والتعامل مع الظاهرة " الصارخة " بالحكمة والمنطق والهدوء

ويستمر الجحيم الانهيار

فإلى متى ستظلين تصرخين يا سيدتي ؟
وربما أردت أيضا ان أضع هذه الظاهرة الخطيرة على مائدة البحث والدراسة ، وان استنفر الجميع لمحاولة البحث عن أسبابها وعلاجها ولعل من المناسب ان اطرح سؤالا أخيرا :
ايه اللي جرى للدنيا ؟
أين أمهات الزمن الجميل ؟
هل كانت أمهاتنا يصرخن مهما زاد عدد أفراد الأسرة ؟
وهل فشلن في تربيتنا وتنشئتنا ؟
ولماذا اذن الكثيرون منا رجالا ونساء فاشلون في تربية أطفالهم ورعاية أسرهم ؟
لماذا أصبح الصراخ هو اللغة الوحيدة للحوار ، بل السمة المميزة والمسموعة لبيوتنا ؟

بتصرف
د.احمد فوزي توفيق
أستاذ بكلية طب عين شمس


--------------------------------------------------------------------------------

مشاغبة طفلك .. و عناده !!

بعد إجراء دراسة شملت 110 أًسر أمريكية تضم أطفالاً تتفاوت أعمارهم ما بين ثلاثة و خمسة
أعوام .. أعلن معهد العلوم النفسية في أتلانتا أن هناك علاقة قطعية على وجود علاقة بين شخصية
الطفل المشاغب ، الكثير الحركة ، و بين الأم العصبية التي تصرخ دائماً و تهدد بأعلى صوتها حين
تغضب .
وجاء في الدراسة أيضاً أن المقصود بالطفل المشاغب هو الطفل الذي لا صبر عنده ، والعنيد ، و المتمرد و العدواني نحو الآخرين ..
حتى والديه ، والذي لا يلبث أن يجلس حتى يستعد مرة أخرى للقيام و اللعب أو العراك مع أحد أخوته .

و يعلن الدكتور فرانك ترايبر من الكلية الطبية بجورجيا قائلاً : إن نتائج الدراسة أضافت إلى المعلومات المعروفة حالياً بأن هؤلاء الأطفال قد يدمرون أنفسهم إذا لم تقدم لهم المساعدات منذ صغرهم ، و إن الطفل منهم لا يعرف كيف يوجه طاقته هذه للوصول إلى هدف مفيد0 بل لوحظ أنه يستخدمها ( أي طاقته ) في عراك أو لعب عدواني مع إخوته و أصدقائه .. وربما والديه أيضاً .

و تشير نتائج الدراسة أيضاً إلى أن الأم التي تعبر عن غضبها بالصراخ .. و باستخدام ألفاظ بذيئة ، أو سيئة أمام طفلها ، تدفع بهذا الطفل إلى التحول إلى طفل من هذا النوع المشاغب .
وأكدت الدراسة كذلك أن تأثير غضب الأم أقوى من تأثير غضب الأب على تكوين شخصية الطفل .

هل تأملت ( عزيزتي الأم ) في نتائج هذه الدراسة الهامة ، وهل وجدت كيف أن ما فيها يتلخص في نصيحة في غاية الأهمية ، و يمكن أن نوجزها في هاتين الكلمتين : ( لا تغضبي ) .
وهي نصيحة سبق بها نبي الرحمة دراسات الدارسين و أبحاث الباحثين .. حين أوصى بعدم الغضب .
ولكنك قد تسألين : و كيف لا أغضب ؟ كيف أملك نفسي حين يتكرر خطأ الطفل ؟ كيف يمكنني أن أهدأ و طفلي يرتكب حماقات لا تحتمل ؟

المصدر : مشكلات تربوية في حياة طفلك
محمد رشيد العويد


--------------------------------------------------------------------------------

هذه بعض النصائح التي أرجو أن تساعدك عزيزتي الأم على عدم الغضب :

1- الاستعاذة من الشيطان الرجيم بصورة مستمرة و أنت تشاهدين من طفلك ما يثير فيك الغضب ، سواء أقام بكسر الأشياء في البيت ، أم بضرب أخته أو أخيه الصغير ، أم بالصراخ .. رددي الإستعاذة من الشيطان و أنت تتوجهين إليه لتمنعيه من فعله الخاطئ ، أو لإصلاح ما أفسد ، أو لغير ذلك .

2- انظري إلى طفلك طويلاً حين يكون نائماً ، و تأملي في براءته و ضعفه ، و خاطبي نفسك : هل يستحق هذا المسكين أن أضربه أو أصرخ في وجهه و أثور عليه ؟!
و حين يريد الغضب أن يثور في نفسك على طفلك عندما يرتكب ما يثير فيك هذا الغضب .. تذكري صورته و هو نائم ضعيف ، لا حول له و لا قوة ، و ملامح البراءة مرسومة على وجهه .. و حاولي أن تثبتي هذه الصورة في مخيلتك .. فإن هذا يساعدك كثيراً على كبح جماح غضبك .

3- ضعي نتائج الدراسة السابقة في ذهنك ، و تذكريها حينما تبدأ شعلة الغضب بالإشتعال في نفسك ، و فكري : غضبي لن ينفع في تأديبه0 غضبي سيزيده شغباً و عناداً و تمرداً . اللهم أعني على التحكم في أعصابي0 اللهم اشرح صدري .

4- أشغلي نفسك بأي عمل آخر و أنت تعلنين لطفلك أنك ستحاسبينه على خطئه أو إهماله أو ذنبه .. فيما بعد .. و هذه بعض الأمثلة :
- سأعرف شغلي معك بعد أن أنهي إعداد الطعام .
- فكر كيف ستواجه أباك عندما يعلم بما فعلت .
إن هذا التأجيل يساعد على إطفاء ثورة الغضب في نفسك ، وهو ، في الوقت نفسه ، يشعر الطفل أن خطأه لن يمر دون حساب .


ترانيم النفس - التقية المبدعة
عالم بلا مشكلات

د.فالح العمره 03-04-2005 06:49 PM

بسم الله الرحمن الرحيم

الأساليب الخاطئة في تربية الأبناء وآثرها على شخصياتهم


الأسرة هي المؤسسة التربوية الأولي التي يترعرع فيها الطفل ويفتح عينيه في أحضانها حتى يشب ويستطيع الاعتماد على نفسه بعدها يلتحق بالمؤسسة الثانية وهي المدرسة المكملة للمنزل ولكن يبقى وتتشكل شخصية الطفل خلال الخمس السنوات الأولى أي في الأسرة لذا كان م الضروري ان تلم الأسرة بالأساليب التربوية الصحية التي تنمي شخصية الطفل وتجعل منه شابا واثقا من نفسه صاحب شخصية قوية ومتكيفة وفاعلة في المجتمع .....

وتتكون الأساليب غير السوية والخاطئة في تربية الطفل اما لجهل الوالدين في تلك الطرق او لأتباع أسلوب الآباء والأمهات والجدات او لحرمان الأب او الأم من اتجاه معين فالأب عندما ينحرم من الحنان في صغره تراه يغدق على طفله بهذه العاطفة او العكس بعض الآباء يريد ان يطبق نفس الأسلوب المتبع في تربية والده له على ابنه وكذلك الحال بالنسبة للأم

وسأتطرق هنا لتلك الاتجاهات الغير سوية والخاطئة التي ينتهجها الوالدين او احدهما في تربية الطفل والتي تترك بآثارها سلبا على شخصية الأبناء

سنتحدث في حلقات متواصلة ان شاء الله عن تلك الأساليب والاتجاهات الخاطئة وآثرها على شخصية الطفل وهي :
1- التسلط
2- الحماية الزائدة
3- الإهمال
4- التدليل
5- القسوة
6-التذبذب في معاملة الطفل
7-إثارة الألم النفسي في الطفل
8-التفرقة بين الأبناء وغيرها ...
فكونوا معنا.....


--------------------------------------------------------------------------------

التسلط أو السيطرة

ويعني تحكم الأب او الأم في نشاط الطفل والوقوف أمام رغباته التلقائية ومنعه من القيام بسلوك معين لتحقيق رغباته التي يريدها حتى ولو كانت مشروعة او الزام الطفل بالقيام بمهام وواجبات تفوق قدراته وإمكانياته ويرافق ذلك استخدام العنف او الضرب او الحرمان أحيانا وتكون قائمة الممنوعات أكثر من قائمة المسموحات

كأن تفرض الأم على الطفل ارتداء ملابس معينة او طعام معين او أصدقاء معينين
ايضا عندما يفرض الوالدين على الابن تخصص معين في الجامعة اودخول قسم معين في الثانوية قسم العلمي او الأدبي...او .... او ...... الخ

ظنا من الوالدين ان ذلك في مصلحة الطفل دون ان يعلموا ان لذلك الاسلوب خطر على صحة الطفل النفسية وعلى شخصيته مستقبلا

ونتيجة لذلك الأسلوب المتبع في التربية ...

ينشأ الطفل ولديه ميل شديد للخضوع واتباع الآخرين لا يستطيع ان يبدع او ان يفكر...

وعدم القدرة على إبداء الرأي والمناقشة ...

كما يساعد اتباع هذا الأسلوب في تكوين شخصية قلقة خائفة دائما من السلطة تتسم بالخجل والحساسية الزائدة ..

وتفقد الطفل الثقة بالنفس وعدم القدرة على اتخاذ القرارات وشعور دائم بالتقصير وعدم الانجاز ..

وقد ينتج عن اتباع هذا الأسلوب طفل عدواني يخرب ويكسر اشياء الآخرين لأن الطفل في صغره لم يشبع حاجته للحرية والاستمتاع بها.


--------------------------------------------------------------------------------

الحماية الزائدة

يعني قيام احد الوالدين او كلاهما نيابة عن الطفل بالمسؤوليات التي يفترض ان يقوم بها الطفل وحده والتي يجب ان يقوم بها الطفل وحده حيث يحرص الوالدان او احدهما على حماية الطفل والتدخل في شؤونه فلا يتاح للطفل فرصة اتخاذ قرارة بنفسه وعدم إعطاءه حرية التصرف في كثير من أموره :
كحل الواجبات المدرسية عن الطفل او الدفاع عنه عندما يعتدي عليه احد الأطفال

وقد يرجع ذلك بسبب خوف الوالدين على الطفل لاسيما اذا كان الطفل الأول او الوحيد او اذا كان ولد وسط عديد من البنات او العكس فيبالغان في تربيته .....الخ

وهذا الأسلوب بلا شك يؤثر سلبا على نفسية الطفل وشخصيته فينمو الطفل بشخصية ضعيفة غير مستقلة يعتمد على الغير في أداء واجباته الشخصية وعدم القدرة على تحمل المسؤولية ورفضها إضافة إلى انخفاض مستوى الثقة بالنفس وتقبل الإحباط
كذلك نجد هذا النوع من الأطفال الذي تربي على هذا الأسلوب لايثق في قراراته التي يصدرها ويثق في قرارات الآخرين ويعتمد عليهم في كل شيء ويكون نسبة حساسيته للنقد مرتفعة
عندما يكبر يطالب بأن تذهب معه امه للمدرسة حتى مرحلة متقدمة من العمر يفترض ان يعتمد فيها الشخص على نفسه
وتحصل له مشاكل في عدم التكيف مستقبلا بسبب ان هذا الفرد حرم من اشباع حاجته للاستقلال في طفولته ولذلك يظل معتمدا على الآخرين دائما .


--------------------------------------------------------------------------------

الإهمــــــال

يعني ان يترك الوالدين الطفل دون تشجيع على سلوك مرغوب فيه او الاستجابة له وتركه دون محاسبته على قيامه بسلوك غير مرغوب وقد ينتهج الوالدين او احدهما هذا الأسلوب بسبب الانشغال الدائم عن الأبناء وإهمالهم المستمر لهم

فالأب يكون معظم وقته في العمل ويعود لينام ثم يخرج ولا يأتي الا بعد ان ينام الأولاد والأم تنشغل بكثرة الزيارات والحفلات او في الهاتف او على الانترنت او التلفزيون وتهمل أبناءها
او عندما تهمل الأم تلبية حاجات الطفل من طعام وشراب وملبس وغيرها من الصور

والأبناء يفسرون ذلك على انه نوع من النبذ والكراهية والإهمال فتنعكس بآثارها سلبا على نموهم النفسي

ويصاحب ذلك أحيانا السخرية والتحقير للطفل فمثلا عندما يقدم الطفل للأم عملا قد أنجزه وسعد به تجدها تحطمه وتنهره وتسخر من عمله ذلك وتطلب منه عدم إزعاجها بمثل تلك الأمور التافهة كذلك الحال عندما يحضر الطفل درجة مرتفعة ما في احد المواد الدراسية لا يكافأ ماديا ولا معنويا بينما ان حصل على درجة منخفضة تجده يوبخ ويسخر منه ، وهذا بلاشك يحرم الطفل من حاجته الى الإحساس بالنجاح ومع تكرار ذلك يفقد الطفل مكانته في الأسرة ويشعر تجاهها بالعدوانية وفقدان حبه لهم

وعندما يكبر هذا الطفل يجد في الجماعة التي ينتمي إليها ما ينمي هذه الحاجة ويجد مكانته فيها ويجد العطاء والحب الذي حرم منه

وهذا يفسر بلاشك هروب بعض الأبناء من المنزل الى شلة الأصدقاء ليجدوا ما يشبع حاجاتهم المفقودة هناك في المنزل

وتكون خطورة ذلك الأسلوب المتبع وهو الإهمال أكثر ضررا على الطفل في سني حياته الأولى بإهماله ,وعدم إشباع حاجاته الفسيولوجية والنفسية لحاجة الطفل للآخرين وعجزه عن القيام باشباع تلك الحاجات

ومن نتائج إتباع هذا الأسلوب في التربية ظهور بعض الاضطرابات السلوكية لدى الطفل كالعدوان والعنف او الاعتداء على الآخرين أو العناد أو السرقة أو إصابة الطفل بالتبلد الانفعالي وعدم الاكتراث بالأوامر والنواهي التي يصدرها الوالدين.


--------------------------------------------------------------------------------

التدليل

ويعني ان نشجع الطفل على تحقيق معظم رغباته كما يريد هو وعدم توجيهه وعدم كفه عن ممارسة بعض السلوكيات الغير مقبولة سواء دينيا او خلقيا او اجتماعيا والتساهل معه في ذلك..

عندما تصطحب الأم الطفل معها مثلا الى منزل الجيران او الأقارب ويخرب الطفل أشياء الآخرين ويكسرها لا توبخه او تزجره بل تضحك له وتحميه من ضرر الآخرين ، كذلك الحال عندما يشتم او يتعارك مع احد الأطفال تحميه ولا توبخه على ذلك السلوك بل توافقه عليه وهكذا .......

وقد يتجه الوالدين او احدهما إلى اتباع هذا الأسلوب مع الطفل اما لإنه طفلهما الوحيد او لأنه ولد بين اكثر من بنت او العكس او لإن الأب قاسي فتشعر الأم تجاه الطفل بالعطف الزائد فتدلله وتحاول ان تعوضه عما فقده او لأن الأم او الأب تربيا بنفس الطريقة فيطبقان ذلك على ابنهما ..

ولاشك ان لتلك المعاملة مع الطفل آثار على شخصيته
ودائما خير الأمور الوسط لا افراط ولا تفريط وكما يقولون الشي اذا زاد عن حده انقلب إلى ضده فمن نتائج تلك المعاملة ان الطفل ينشأ لا يعتمد على نفسه غير قادر على تحمل المسؤولية بحاجة لمساندة الآخرين ومعونتهم
كما يتعود الطفل على ان يأخذ دائما ولا يعطي وان على الآخرين ان يلبوا طلباته وان لم يفعلوا ذلك يغضب ويعتقد انهم اعداء له ويكون شديد الحساسية وكثير البكاء

وعندما يكبر تحدث له مشاكل عدم التكيف مع البيئة الخارجية ( المجتمع ) فينشأ وهو يريد ان يلبي له الجميع مطالبه يثور ويغضب عندما ينتقد على سلوك ما ويعتقد الكمال في كل تصرفاته وانه منزه عن الخطأ وعندما يتزوج يحمل زوجته كافة المسؤوليات دون ادنى مشاركة منه ويكون مستهترا نتيجة غمره بالحب دون توجيه .


--------------------------------------------------------------------------------

إثارة الألم النفسي

ويكون ذلك بإشعار الطفل بالذنب كلما أتى سلوكا غير مرغوب فيه او كلما عبر عن رغبة سيئة
ايضا تحقير الطفل والتقليل من شأنه والبحث عن أخطاءه ونقد سلوكه

مما يفقد الطفل ثقته بنفسه فيكون مترددا عند القيام بأي عمل خوفا من حرمانه من رضا الكبار وحبهم

وعندما يكبر هذا الطفل فيكون شخصية انسحابية منطوية غير واثق من نفسه يوجه عدوانه لذاته وعدم الشعور بالأمان يتوقع الأنظار دائمة موجهة إليه فيخاف كثيرا لا يحب ذاته ويمتدح الآخرين ويفتخر بهم وبإنجازاتهم وقدراتهم اما هو فيحطم نفسه ويزدريها.


--------------------------------------------------------------------------------

التذبذب في المعاملة

ويعني عدم استقرار الأب او الأم من حيث استخدام أساليب الثواب والعقاب فيعاقب الطفل على سلوك معين مره ويثاب على نفس السلوك مرة أخرى

وذلك نلاحظه في حياتنا اليومية من تعامل بعض الآباء والأمهات مع أبناءهم مثلا : عندما يسب الطفل أمه او أباه نجد الوالدين يضحكان له ويبديان سرورهما ، بينما لو كان الطفل يعمل ذلك العمل أمام الضيوف فيجد أنواع العقاب النفسي والبدني

فيكون الطفل في حيرة من أمره لا يعرف هل هو على صح ام على خطأ فمرة يثيبانه على السلوك ومرة يعاقبانه على نفس السلوك

وغالبا ما يترتب على اتباع ذلك الأسلوب شخصية متقلبة مزدوجة في التعامل مع الآخرين ، وعندما يكبر هذا الطفل ويتزوج تكون معاملة زوجته متقلبة متذبذبة فنجده يعاملها برفق وحنان تارة وتارة يكون قاسي بدون أي مبرر لتلك التصرفات وقد يكون في أسرته في غاية البخل والتدقيق في حساباته ن ودائم التكشير أما مع أصدقائه فيكون شخص اخر كريم متسامح ضاحك مبتسم وهذا دائما نلحظه في بعض الناس ( من برا الله الله ومن جوا يعلم الله )

ويظهر أيضا اثر هذا التذبذب في سلوك ابناءه حيث يسمح لهم بأتيان سلوك معين في حين يعاقبهم مرة أخرى بما سمح لهم من تلك التصرفات والسلوكيات أيضا يفضل احد أبناءه على الآخر فيميل مع جنس البنات او الأولاد وذلك حسب الجنس الذي أعطاه الحنان والحب في الطفولة وفي عمله ومع رئيسة ذو خلق حسن بينما يكون على من يرأسهم شديد وقاسي وكل ذلك بسبب ذلك التذبذب فادى به إلى شخصية مزدوجة في التعامل مع الآخرين .


--------------------------------------------------------------------------------

التفرقة

ويعني عدم المساواة بين الأبناء جميعا والتفضيل بينهم بسبب الجنس او ترتيب المولود او السن او غيرها نجد بعض الأسر تفضل الأبناء الذكور على الإناث او تفضيل الأصغر على الأكبر او تفضيل ابن من الأبناء بسبب انه متفوق او جميل او ذكي وغيرها من أساليب خاطئة

وهذا بلاشك يؤثر على نفسيات الأبناء الآخرين وعلى شخصياتهم فيشعرون الحقد والحسد تجاه هذا المفضل وينتج عنه شخصية أنانية يتعود الطفل ان يأخذ دون ان يعطي ويحب ان يستحوذ على كل شيء لنفسه حتى ولو على حساب الآخرين ويصبح لا يرى الا ذاته فقط والآخرين لا يهمونه ينتج عنه شخصية تعرف مالها ولا تعرف ما عليها تعرف حقوقها ولا تعرف واجباتها .

ترانيم النفس
عالم بلا مشكلات

د.فالح العمره 03-04-2005 06:50 PM

بسم الله الرحمن الرحيم

التعامل مع الأطفال أثناء الأزمات


بيان من الحركة السلفية يعتبر الأطفال أشد الفئات العمرية تأثرا بالأوضاع الناجمة عن الظروف الصعبة، ويرجع ذلك إلى قلة خبرتهم المعرفية والحياتية، ومحدودية آليات التكيف التي يمتلكونها، ناهيك عن أنهم يعيشون في عالم من الخيال الواسع الذي يصور لهم الأحداث بصورة أكبر بكثير من حجمها الحقيقي.
وتشمل آثار الظروف الصعبة عدة جوانب في حياة الطفل، تتمثل غالبيتها في التهديد الموجه نحو تلبية احتياجاته المادية والنفسية الأساسية، والتي تعتمد بشكل مباشر على أفراد أسرته والراشدين من حوله، ولذا فان للبيئة المتوافرة له أهمية خاصة في مساعدته على استعادة قدرته على التكيف، والعودة إلى النمط الطبيعي. وعلى الرغم من أن الأطفال من مختلف الفئات العمرية يتأثرون بالأوضاع الصعبة، إلا أنه يبقى هناك تفاوت كبير بينهم في درجة وكيفية تأثرهم بها. ويعزى ذلك إلى مجموعة من العوامل الذاتية والموضوعية يمكن تلخيصها كالتالي:
1- يلعب إدراك الطفل للحدث الصعب دورا رئيسيا في تحديد المعنى الخاص والذاتي لهذا الحدث بالنسبة إليه، وهذا يعني أن الذين يشاهدون منهم حدثا معينا يتأثرون به بطرق مختلفة بحسب المعنى الخاص الذي يعطيه كل واحد منهم للحدث، وهذا الأمر يعتمد بدوره على المميزات الشخصية الخاصة بهم.
2- حدة الضغوط النفسية الناجمة عن الظروف الصعبة، والتي تستند إلى حجم ونوع التغيرات التي تطرأ على حياة الطفل وقدرته على السيطرة عليها.
3- الخصائص الشخصية للطفل -الذي يتعرض للأزمة تلعب دورا- مهما في درجة تأثره بها. وتشمل هذه الخصائص:
- طبيعة مرحلته العمرية.
- أسلوب تعامله مع الوضع الصعب، ويشمل ذلك حدة القلق وقدرته على التحدث عن الحدث.
- وجود خبرة سابقة مهما كانت فيما يتعلق بأوضاع صعبة مشابهة أو غير مشابهة، مثل الفقدان والتعرض للعنف وغيرها.
- المعنى الخاص الذي يعطيه كل طفل للحدث بحسب حصيلته المعرفية والتجاربية والخيالية.
4- توافر جهاز الدعم العائلي والذي يلعب دورا مساعدا أو معوقا للطفل في عملية تكيفه.

كيف يختبر الأطفال الوضع الصعب؟

يختبر الأطفال والراشدون على حد سواء الحدث الصادم على شكل ردود أفعال تؤثر على عدة نواح من حياتهم. ففي المرحلة الأولية ينتاب الأفراد شعور بعدم التصديق والترقب لحدوث ما هو أشد سوءا، وتغلب عليهم مشاعر الخوف والقلق، والغضب والحزن بشكل مكثف، وقد يواجهون نوعا من الجمود في مشاعرهم. وفي الأيام التالية قد يعمدون إلى تجنب ما يذكرهم بالصدمة المباشرة، بينما يقومون بمراجعة الحدث بشكل متكرر، ويتأثر (روتين) حياتهم اليومي فيشعرون بالتشتت وعدم القدرة على مزاولة نشاطاتهم اليومية كالسابق. وقد يصحب هذا الوضع مشاعر الذنب ولوم الذات، كما يجد معظم الأشخاص صعوبة في التركيز وفي الخلود إلى النوم، بينما يلجأ البعض الآخر إلى النوم المتواصل للهرب من مواجهة الواقع المؤلم ومشاعر العجز. وبالإضافة إلى ما سبق فإن ردود فعل الأطفال قد تتميز بما يلي:
1- الشعور بالخوف والقلق.
2- حدوث الكوابيس المتكررة التي تتخللها مشاهد الحدث.
3- النوم المتقطع.
4- ظهور سلوكيات عدوانية موجهة ضد الآخرين.
5- العزوف عن الطعام أو الإفراط في تناوله.
6- انخفاض الأداء المدرسي.
7- ردود فعل فسيولوجية مثل: التبول اللاإرادي وازدياد حالات الإثارة والتوتر.
8- ظهور حالات من الإمساك أو الإسهال.
9- التعلق القَلِق بالوالدين من خلال الخوف من الانفصال عنهم.
10- تضاؤل الاشتراك في النشاطات الخارجية وقلة اهتمامه باللعب.
11- الخوف الواضح من البرامج التلفزيونية التي تحتوي مشاهد عنيفة.

إرشادات عامة في التعامل مع الأطفال أثناء الأزمات

1- يجب ألا يفترض الوالدان أنه ليس لدى الأطفال أي معرفة عن الأشياء التي سوف تحدث، وذلك لأن من المؤكد أنهم يعرفون أكثر مما قد يعتقد الوالدان. فالأطفال يكتشفون الأحداث من خلال متابعتهم للبرامج التلفزيونية أو من خلال تواصلهم مع الآخرين. ولذلك على الوالدين أن يقوما بتصحيح المعلومات غير الكافية، أو التي تنقصها الدقة وسوء الفهم من دون اللجوء إلى تقديم أي شيء غير واقعي أو غير حقيقي.
2- يجب أن يتواجد الوالدان وأن يستمعا لأطفالهما، وأن يعرَّفوهم أنه أمر طبيعي أن يتحدثوا عن الحدث الصعب، وهنا يجب أن يستمعا لما قد يفكر فيه الأطفال ويشعرون به دون إبداء أي استخفاف أو سخرية، فمن خلال الاستماع يستطيعان أن يعرفا طبيعة الدعم الذي يحتاجه أطفالهما. كما يجب عليهما أن يكونا مستعدين للإجابة عن جميع أسئلة الأطفال حتى وإن بدت غريبة أو سخيفة.
3- يجب على الوالدين أن يتشاركا بمشاعرهما مع أطفالهما، وأن يخبروهم بأنهما يشعران أيضاً بالخوف والغضب من الأحداث، حيث إن ذلك يساعد الأطفال على أن يعرفوا أن الراشدين أيضا يشعرون بالضيق عند التفكير بالحدث القادم، وإذا ما أخبرهم الوالدان بمشاعرهما فيجب عليهما إخبارهم بالطريقة الصحيحة للتعامل مع هذه المشاعر دون أن يؤدي ذلك إلى زيادة مشاعر الاضطراب عند الأطفال.
4- يجب استخدام وسائل اتصال مختلفة لتسهيل عملية تعبير الأطفال عن مشاعرهم: وذلك بترك المجال لهم حتى يعبروا بحرية عما يجيش بداخلهم من مشاعر وأحاسيس، ومخاوف وأفكار، وتشجيعهم للتعبير عن أنفسهم بكل السبل كالرسم والكتابة واللعب من دون تدخل من الكبار بالمواعظ أو الإرشادات، فمقاطعة الطفل الذي يصف مشاعره لها آثارها السلبية. وعدم احترام هذه المشاعر لا يؤدي إلا إلى مزيد من الإحباط والاضطراب.
5- يجب مساعدة الأطفال على الشعور بالأمن والاطمئنان، فعندما تحدث الأمور المأساوية كالحروب مثلا، يبدأ الأطفال بالشعور بالخوف من أن ما قد يحدث في ساحة الحرب يمكن أن يحدث لهم، لذا فمن المهم للوالدين أن يجعلوا الأطفال يشعرون بأنهم بمنحى عن موقع الخطر وأنهم سوف يفعلون ما بوسعهم لحمايتهم.
6- يجب التركيز على مشاعر الخوف لديهم، فبعد أن يكون الوالدان قد جعلا الطفل يشعر بالأمان والاطمئنان وبأنه ليس هناك أي مكروه سيصيبه شخصيا، فإنهما لا يجب أن يتوقفا عند هذا الحد، فقد أظهرت الدراسات أن الأطفال يشعرون بالحزن أو الغضب أيضا، وهنا يجب على الوالدين أن يساعدوهم على التعبير عن هذه المشاعر، بالإضافة إلى تدعيم مشاعرهم بالتعاطف والاهتمام تجاه ما قد يتعرض له الآخرون.

محاذير يجب عدم الإقدام عليها

1- التخفيف عن الطفل ومشاعره باستعمال عبارات مثل «انس الأمر لقد انتهى كل شيء الآن»، وعوضا عن ذلك يمكن للوالدين أن يقولا للطفل «نفهم بأنك قلق ونرغب في مساعدتك».
2- قول أي شيء غير حقيقي أو غير واقعي مثل «إن الحرب سوف تنتهي قريبا».
3- إثارة آمال وعود غير حقيقية أو توقعات يصعب تحقيقها.
4- الحدة والمقاطعة أو الاستهزاء والسخرية في أثناء النقاش مع الأطفال.
5- عدم ترك مشاعر الشعور بالإحباط والغضب تنعكس بشكل مباشر على تعامل الوالدين مع أطفالهما.

وكخلاصة لما سبق، لا بد من معرفة أن الطفل - وعلى الرغم من محدودية قدراته التفكيرية- فإن قدراته وحاجاته الشعورية قد تكون وصلت إلى مرحلة حساسة تحتاج عناية وتعاملا خاصا، لذا يجب عدم تجاهل الوالدين لها والانتباه لها بشكل دقيق، خصوصا في أوقات الأزمات.

د. ساجد العبدلي
موقع الإسلام اليوم

د.فالح العمره 03-04-2005 06:52 PM

بسم الله الرحمن الرحيم

أطفالنا وحب الله عز وجل
د . أماني زكريا الرمادي




تمهيد:

سبحان الله العلي العظيم ، والحمد لله رب العالمين - كما ينبغي لجلال وجهه الكريم ، و عظيم سلطانه القديم - ولا إله إلا الله العليم الحكيم ، والصلاة والسلام على خاتم النبيين المبعوث رحمةً للعالمين وبعد.
إن الطفل نبتة صغيرة تنمو ، وتترعرع ، فتصير شجرة مثمرة ، أو وارفة الظلال ...أو قد تصير شجرة شائكة ، أو سامَّة والعياذ بالله.
وحتى نربي جيلاً من الأشجار المثمرة ، أو وارفة الظلال ؛ فإنه علينا أن نعتني بهم منذ البداية ، مع التوكل على الله تعالى والاستعانة به في صلاحهم.
وما أحوجنا في هذا العصر الذي أصبحت فيه الأمم تتداعى على أمة الإسلام كما تتداعى الأكَلَة على قصعتها- كما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم- بأن نربي وننشئ جيلاً قوي الإيمان يثبُت على الحق ، و يحمل لواء الإسلام ، ويدافع عنه بكل طاقته.
وفيما يلي تقترح كاتبة هذه السطور أول ما يمكن أن يحقق هذا الهدف النبيل ، ويعين على بلوغ تلك الغاية السامية ، ألا وهو: "مساعدة أطفالنا على حب الله عز وجل"... فما جاء بها من صواب فهو من توفيق الله تعالى وفضله ومَنِّه ، وما كان من خطأ فمن نفسها والشيطان ، والحمد لله أولاً وآخرا.


--------------------------------------------------------------------------------

1- ما هو حب الله؟
هو أن يكون الله تعالى أحب إلى الإنسان من نفسه ، ووالديه ، وكل مايملك.

2- لماذا الأطفال؟
لأن" الطفل هو اللبنة الأولى في المجتمع ، فإذا و ضعناها بشكل سليم كان البناء العام مستقيماً ، مهما ارتفع وتعاظم ؛ كما أن الطفل هو نواة الجيل الصاعد التي تتفرع منها أغصانه وفروعه ... وكما نعتني بسلامة نمو جسمه فيجب أن نهتم بسلامة مشاعره ، ومعنوياته "(1) فإذا حرصنا على ذلك فإن جهودنا سوف تؤتي ثمارها حين يشب الطفل ويحمل لواء دينه- إذا أحب ربه وأخلص العمل له- وإن لم نفعل نراه يعيش ضائعاً بلا هوية - والعياذ بالله - كما نرى الكثير ممن حولنا .

3- لماذا نعلمهم حب الله؟
أ-لأن الله تعالى قال عن الذين يحبونه في الآية رقم (31) من سورة آل عمران: { قُل إن كُنتم تحبون اللهَ فاتَّبعوني يُحِببْكُم اللهُ ، ويَغفر لكم ذنوبَكم ، واللهُ غفورٌ رحيم } .
ب- لأن الله جلَّ شأنه هو الذي أوجدنا من عَدَم ، وسوَّى خَلقنا وفضَّلنا على كثير ممَّن خلق تفضيلا ، ومَنَّ علينا بأفضل نعمة وهي الإسلام ، ثم رزقنا من غير أن نستحق ذلك ، ثم هو ذا يعدنا بالجنة جزاءً لأفعال هي من عطاءه وفضله ، فهو المتفضِّل أولاً وآخِرا!!!
ج- لأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يدعو: ( اللهم اجعل حُبك أحب إلىَّ مِن نفسي ، وأهلي ، ومالي ، وولدي ، ومن الماء البارد على الظمأ ) ، ولنا في رسول الله الأسوة الحسنة.
د- لأن الحب يتولد عنه الاحترام والهيبة في ا لسر والعلن ، وما أحوجنا إلى أن يحترم أطفالنا ربهم ويهابونه- بدلاً من أن تكون علاقتهم به قائمة على الخوف من عقابه أو من جهنم- فتكون عبادتهم له متعة روحية يعيشون بها وتحفظهم من الزلل .
هـ- لأن الأطفال في الغالب يتعلقون بآبائهم وأمهاتهم -أو مَن يقوم برعايتهم وتربيتهم- أكثر من أي أحد ، مع العلم بأن الآباء ، والأمهات ، والمربين لا يدومون لأطفالهم ، بينما الله تعالى هو الحيُّ القيوم الدائم الباقي الذي لا يموت ، والذي لا تأخذه سِنةٌ ولا نوم ، فهو معهم أينما كانوا وهو الذي يحفظهم ويرعاهم أكثر من والديهم ... إذن فتعلقهم به وحبهم له يُعد ضرورة ، حتى إذا ما تعرضوا لفقدان الوالدين أو أحدهم عرفوا أن لهم صدراً حانياً ، وعماداً متيناً ، وسنداً قوياً هو الله سبحانه وتعالى.
و- لأنهم إذا أحبوا الله عز وجل وعلموا أن القرآن كلامه أحبوا القرآن ، وإذا علموا أن الصلاة لقاء مع الله فرحوا بسماع الأذان ، و حرصوا على الصلاة وخشعوا فيها ، وإذا علموا أن الله جميل يحب الجمال فعلوا كل ما هو جميل وتركوا كل ما هو قبيح ، وإذا علموا أن الله يحب التوابين والمتطهرين ، والمحسنين ، والمتصدقين ، والصابرين ، والمقسطين ، والمتوكلين ، وأن الله مع الصابرين ، وأن الله ولي المتقين ، وأنه وليُّ الذين آمنوا وأن اللهَ يدافع عن الذين آمنوا ...اجتهدوا ليتصفوا بكل هذه الصفات ، ابتغاء مرضاته ، وحبه ، وولايته لهم ، ودفاعه عنهم.
أما إذا علموا أن الله لا يحب الخائنين ، ولا الكافرين ، ولا المتكبرين ، ولا المعتدين ، ولا الظالمين ، ولا المفسدين ، وأنه لا يحب كل خَوَّان كفور ، أو من كان مختالاً فخورا ... لابتعدوا قدر استطاعتهم عن كل هذه الصفات حباً في الله ورغبة في إرضاءه.
ز- لأنهم إذا أحبوا الله جل وعلا أطاعوا أوامره واجتنبوا نواهيه بطيب نفس ورحابة صدر ؛ وشبُّوا على تفضيل مراده على مرادهم ، و" تقديم كل غال وثمين من أجله ، والتضحية من أجل إرضاءه ، وضبط الشهوات من أجل نيل محبته ، فالمُحب لمن يحب مطيع...أما إذا لم يحبوه شَبُّوا على التفنن في البحث عن الفتاوى الضعيفة من أجل التَفَلُّت من أمره ونهيه"(2)
ح- لأن حب الله يعني استشعار أنه عز وجل يرعانا ويحفظنا في كل وقت ومكان ، مما يترتب عليه الشعور بالراحة والاطمئنان والثبات ، وعدم القلق أو الحزن... ومن ثم سلامة النفس والجسد من الأمراض النفسية والعضوية… بل والأهم من ذلك السلامة من المعاصي والآثام ، فعلينا أن نفهمهم أن " مَن كان الله معه ، فمَن عليه؟!!! ومَن كان الله عليه فمَن معه؟!!!
ط-لأن هناك نماذج للمسلمين ترى كاتبة هذه السطور أن الحل الجذري لمشكلاتهم هو تجنب تكرارها ، بتربية الطفل منذ نعومة أظفاره على محبة الله تعالى.
و من هذه النماذج على سبيل المثال لا الحصر:
* الذين يفصِلون الدين عن الدنيا ، ويعتقدون أن الدين مكانه في المسجد ، أو على سجادة الصلاة فقط ، ثم يفعلون بعد ذلك ما يحلو لهم.
** الذين يسيئون الخُلُق داخل بيوت الله- ولا يستثنون من ذلك المسجد الحرام ولا المسجد النبوي!!!- وفي مجالس العلم ، ظانِّين أن التعاملات اليومية والأخلاق لا علاقة لها بالدين.
*** الذين يتركون أحد أركان الإسلام مع استطاعتهم - وهي فريضة الحج- بدعوى أنهم ليسوا كبار السن وأن أمامهم حياة طويلة سوف يذنبون فيها ، ولذلك سوف يحجون عندما يتقدم بهم العمر ، ويشيب الشعر ، ليمسحوا كل الذنوب الماضية في مرة واحدة!!!
**** اللواتي ترفضن الحجاب بدعوى أن قلوبهن مؤمنة ، وأن صلاح القلوب أهم من المظهر الخارجي ، غافلات -أو متغافلات- عن كونه أمراً من الله تعالى وفرضاً كالصلاة!!! وكذلك الآباء والأمهات والأزواج الذين يعارضون ، بل ويحاربون بناتهم وزوجاتهم في ارتداء الحجاب !!!
***** الذين يعرضون عن مجالس العلم الشرعي ، وكل ما يذكرهم بالله تعالى ، قائلين أن "لبدنك عليك حقا"، وأن"الدين يسر"، و"لا تنس نصيبك من الدنيا"، بينما ينسون نصيبهم من الآخرة!!!
****** الذين ينبهرون بمظاهر الحضارة الغربية ، وبريقها الزائف ، فينفصلون عن دينهم تدريجياً ويظل كل ما يربطهم به هو الاسم المسلم ، أو بيان الديانة في جواز السفر!!! ومنهم الذين تغمرهم هذه المظاهر حتى تصل بهم إلى الردة عن الدين- والعياذ بالله- ويصبح اسم الواحد منهم "ميمي " أو " مايكل " بعد أن كان " محمداً " !!!

ح- لأن أعز ما يملكه الإنسان - بعد إيمانه بالله عز وجل - هو الكرامة " وليس المال أو المنال ، أو الجاه أو القدرة...فالمجرم يتعذب في داخله قبل أن يحاسبه الآخرون ، لأنه على بصيرة من قرارة نفسه التي تحس بغياب الكرامة بفعل الأفعال الدنيئة ، أما الإنسان المحترم الذي يحس بوفرة الكرامة لديه ، فإنه أحرى أن يعتلي القمم السامية والمنازل الرفيعة... وهكذا كان شأن « يوسف » الصدِّيق عليه السلام حين توسم فيه عزيز مصر أن ينفعه ذات يوم ، ويكون خليفة له على شعبه ، أو يتخذه ولداً ؛ لذا فقد قال لامرأته حين أتى بيوسف مستبشراً به : { أكرِمي مثواه } أي أكرمي مكانته ، واجعليه محط احترام وتقدير ، ولم يوصها بأي شيء آخر ... فلعله رأى أن التربية القائمة على أساس الكرامة تنتهي بالإنسان إلى أن يكون عالماً ، وقادراً على أًن يتخذ القرارات السليمة وفقاً لأسس وقواعد التفكير الحكيم ، هذا بالإضافة إلى قدرته على وضعها موضع التنفيذ " (3)
فإذا أردنا الكرامة ونتائجها لأطفالنا فما أحرانا بأن نهبها لهم من خلال حبهم لخالق الكرامة الذي كرَّم أباهم آدم وأسجد له الملائكة ، وقال عنهم: { ولقد كرَّمنا بني آدم }... وإذا أردنا لهم الدرجات العُلا في الدنيا والآخرة ، فلا مفر من مساعدتهم على حب الله الذي يقودهم إلى التقوى ، فيصبحوا من الذين قال عنهم : { إن أكرمكم عند اللهِ أتقاكم }

4- كيف نزرع حب الله عز وجل في قلوب أطفالنا ؟
تحتاج هذه المهمة في البداية إلى أن يستعين الوالدان بالله القوي العليم الرشيد ، فيطلبا عونه ، ويسألاه الأجر على حسن تربية أولادهما ابتغاء مرضاته ، ويرددان دائماً: { رب اشرَح لي صدري ، ويسِّر لي أمري ، واحلُل عقدةً من لساني يفقهوا قولي } ؛ " مع ضرورة بناء علاقات صحيحة وسليمة بين الأهل والأولاد " (4) ثم بعد ذلك تأتي العناية ، والاهتمام ، واليقظة ، والحرص من الوالدين أو المربين لأنهم سوف يتحدثون عن أهم شيء في العالم ، وأهم ما يحتاج إليه طفلهم ؛ لذلك فإنهم " يجب أن يتناولوا هذا الموضوع بفهم وعمق وحب وود " (5) ... أما إن أخطأوا ، فإن الآثار السلبية المترتبة على ذلك ستكون ذات عواقب وخيمة .
لذا يجب مراعاة متطلبات المرحلة العمرية للطفل ، وسماته الشخصية ، وظروفه... وكلما بدأنا مبكرين كان ذلك أفضل ، كما أننا إذا اهتممنا بالطفل الأول كان ذلك أيسر ، وأكثر عوناً على مساعدة إخوته الأصغر على حب الله تعالى ؛ لأن الأخ الأكبر هو قدوتهم ، كما أنه أكثر تأثيراً فيهم من الوالدين .
و يجب أيضاً اختيار الوقت والطريقة المناسبة للحديث في هذا الموضوع معهم ... وفيما يلي توضيح كيفية تعليمهم حب الله في شتى المراحل :

أولاً: مرحلة ما قبل الزواج:
إن البذرة الصالحة إذا وضعت في أرض خبيثة اختنقت ، وماتت ، ولم تؤت ثمارها ، لذا فقد جعل الإسلام حسن اختيار الزوج والزوجة من أحد حقوق الطفل على والديه ، فقد قال الله تعالى في كتابه الكريم : { الطيباتُ للطيبين ، والطيبون للطيبات } ، وقال صلى الله عليه وسلم: ( تخيَّروا لِنُطَفِكُم ، فإن العِرق دسَّاس ) ، وقال أيضاً: ( تُنكح المرأة لأربع : لمالها ، وجمالها ، وحسبها ، ودينها ، فاظفَر بذات الدين تَرِبَت يداك ) ، وروي عن الإمام جعفر الصادق أنه قال : قام النبي صلى الله عليه وآله وسلم خطيباً ، فقال : ( أيُّها الناس إياكم وخضراء الدُّمُن . قيل : يا رسول الله ، وما خضراء الدُّمُن ؟ قال : المرأة الحسناء في منبت السوء ).
كما أكَّد صلى الله عليه وسلم على أن يكون الزوج مُرضياً في خُلُقه ودينه ، حيث قال: ( إذا جاءكم من ترضون خُلُقه ودينه فزوجوه ) ، وأردف صلى الله عليه وآله وسلم ذلك بالنهي عن ردّ صاحب الخلق والدين فقال : ( إنّكم إلاّ تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير ) ، كما قال صلى الله عليه وسلم: ( من زوّج ابنته من فاسق ، فقد قطع رحمها ).
فإذا اختلط الأمر على المقدمين على الزواج ، فإن الإسلام يقدم لهم الحل في" صلاة الاستخارة".
ثم يأتي بعد حُسن اختيار الزوج أو االزوجة: الدعاء بأن يهبنا الله الذرية الصالحة ، كما قال سيدنا زكريا عليه السلام مبتهلاً: { رب هَب لي ِمن لَدُنكَ ذُرِّيَةً طيبةً إنك سميعُ الدعاء } ، وكما دعا الصالحون: { ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما }.

ثانياً : مرحلة الأجِنَّة:
تقترح كاتبة هذه السطور على كل أم مسلمة تنتظر طفلاً أن تبدأ منذ علمها بأن هناك رزق من الله في أحشائها ؛ فتزيد من تقربها إلى الله شكراً له على نعمته ، واستعداداً لاستقبال هذه النعمة ، فتنبعث السكينة في قلبها ، والراحة في نفسها ، مما يؤثر بالإيجاب في الراحة النفسية للجنين ؛ كما يجب أن تُكثر من الاستماع إلى القرآن الكريم ، الذي يصل أيضاً إلى الجنين ، ويعتاد سماعه ، فيظل مرتبطاً به في حياته المستقبلة إن شاء الله .
ولنا في امرأة عمران- والدة السيدة مريم- الأسوة الحسنة حين قالت: { ربِّ إني نَذَرتُ لك ما في بطني مُحرَّراً ، فتقبل مني إنك أنت السميع العليم } ، فكانت النتيجة: { فتقبَّلها ربُّها بقَبول حَسَن }.
ولقد أثبتت التجربة أن أفضل الطعام عند الطفل هو ما كانت تُكثر الأم من تناوله أثناء حملها بهذا الطفل ، كما أن الجنين يكون أكثر حركة إذا كان حول الأم صخباً أو ضجة ، وهذا يعني تأثر الجنين بما هو حول الأم من مؤثرات.
( وهاهي الهندسة الوراثية تؤكد وجود الكثير من التأثيرات التي تنطبع عليها حالة الجنين ، سواء أكانت هذه التأثيرات بيولوجية ، أوسيكولوجية ، أو روحية ، أوعاطفية.
ونحن نطالع باستمرار مدى تأثر الجنين بإدمان الأم على التدخين ، فإذا كان التدخين يؤثر تأثيراً بليغاً على صحة الجنين البدنية ، فَتُرى ما مدى تأثره الأخلاقي والروحي بسماع الأم للغيبة أو أكلها للحم الخنزير ، أو خوضها في المحرمات وهي تحمله في أحشائها؟! ) (6)
ويؤكد الدكتور "علاء الدين القبانجي" (7) هذا بقوله: " هناك خطأ كبير في نفي التأثير البيئي على النطفة ، في نفس الوقت الذي نلاحظ فيه التأثير ا لبيئي على الفرد ذاته سواء بسواء ، ولن تتوقف النطفة عن التأثر بالمنبهات الكيماوية - بما فيها المواد الغذائية والعقاقير- أو بالظروف البيئية ، بل ستظل تتأثر بقوة التوجه إلى الله أيضا ، فروح الاطمئنان والتوجه إلى الله تعالى تخفف من التوترات والتفاعلات النفسية المضطربة .
ويضيف فضيلة الشيخ "علي القرني" :" أثبت العلم الحديث أن للجنين نفسية لا تنفصل عن نفسية أمه ، فيفرح أحياناً ، ويحزن أحياناً ، وينزعج أحياناً لما ترتكبه أمه من مخالفات كالتدخين مثلاً ، فقد أجرى أحد الأطباء تجربة على سيدة حامل في شهرها السادس وهي مدمنة للتدخين ، حيث طلب منها الامتناع عن التدخين لمدة أربع وعشرين ساعة ، بينما كان يتابع الجنين بالتصوير الضوئي ، فإذا به ساكن هادئ ، حتى أعطى الطبيب الأم لفافة تبغ ، فما إن بدأت بإشعالها ووضعها في فمها حتى بدأ الجنين في الاضطراب ، تبعاً لاضطراب قلب أمه.
كما أثبت العلم أيضاً أن مشاعر الأم تنتقل لجنينها ، فيتحرك بحركات امتنان حين يشعر أن أمه ترغب فيه ومستعدة للقائه ، بينما يضطرب وينكمش ، ويركل بقدميه معلناً عن احتجاجه حين يشعر بعدم رغبة أمه فيه... حتى أن طفلة كانت أمها قد حملتها كُرهاً ، وحاولت إسقاطها ، دون جدوى ، فلما وضعتها رفضت الطفلة الرضاعة من أمها ، فلما أرضعتها مرضعة أخرى قبلت!!! ولكنها عادت لرفض الرضاعة مرة أخرى حين عصبوا عيني الطفلة ، ثم أعطوها لأمها كي ترضعها !!! " (8)
بينما نرى أماً أخرى حرصت- منذ بداية الحمل- على تلاوة القرآن والاستماع له في كل أحوالها ... قائمة ، وقاعدة ، ومضطجعة ، فكانت النتيجة أن وضعت طفلاً تمكن بفضل الله تعالى من ختم القرآن الكريم حفظاً ، وتجويداً ، وهو في الخامسة من عمره!!! فتبارك الله أحسن الخالقين" (9)
مما تقدم نخلص إلى أن تربية الطفل تبدأ من مرحلة الأجنة ، " فإذا نشأ الجنين في بطن أمه في جو من الهدوء والسكينة - وخير ما يمنحهما هو القرب من الله سبحانه- فإنه يستجيب بإذن ربه ، ويعترف بفضل أمه عليه ، ويتمتع بشخصية سوية ونفسية هادئة ، يقول لسان حاله : { هل جزاء الإحسان إلا الإحسان؟!!! } " (10)

ثالثا: مرحلة مابعد الوضع حتى السنة الثانية:
" بعد أن يولد الطفل ويبدأ بالرضاعة والنمو يكون أشد استقبالاً لمتغيرات الحياة من الشاب البالغ ، لأن الوليد يكون مثل الصفحة البيضاء الجاهزة لاستقبال خطوط الكتابة ، بينما يكون الشاب البالغ قد أوشكت قناعته على الاكتمال ، فيصبح من الصعب التلاعب بها أو محوها " (11)
لذا يجب أن نرقيه بالرقية الشرعية ( المأخوذة من الكتاب والسنة المطهرة ) ، ونسمع معه التلاوات القرآنية لشيوخ ذوي أصوات ندية ، كما نُكثر من الاستغفار والتسبيح والتحميد والتهليل والحوقلة ونحن نحمله ، حتى تحُفُّه الملائكة ، ويتعود سماع مثل هذه الكلمات النورانية.
" ومع زيادة نمو الوعي عند الطفل يجب أن نحرص على أن نَذكُر الله عز وجل أمامه دائماً ، فبدلاً من أن نقول : " غاغا " ، أو ما شابه ذلك من ألفاظ نقول : " يا الله " ، ونسعى دائماً إلى أن يكون لفظ الجلالة ملامساً لسمعه حتى يحفظه ، ويصبح من أوائل مفرداته اللغوية ، وإذا أراد أن يحبو ، وصار قادراً على النطق ، فيجب أن نأخذ بيده ونريه أننا نريد أن نرفعه ، فنقول : " يا رب .. يا مُعين " ، ونحاول أن نجعله يردد معنا ، وإذا أصبح أكثر قدرة على التلفظ بالكلمات علمناه الشهادتين ، ورددناها معه حتى يعتادها " (12) فنراه يَسأل عن معناها حين يستطيع الكلام .

رابعاً: من سنتين إلى ثلاث سنوات :
( في هذا العمر يكون الطفل متفتح الذهن ، مما يدعونا إلى تحفيظه بعض قصار السور كالفاتحة ، والعصر ، والكوثر...إلخ ، وذلك حسب قدرته على الحفظ ، وكذلك تحفيظه بعض الأناشيد مثل : " الله رب الخلـق ، أمـدنا بالرزق " ، و" من علِّـم الـعصفور أن يبني عشــا في الشـجر ، الله قـد عـلمه وبالهُـدى جَـمَّلهُ " ) (13)
وكذلك : " اللهُ ربي ، محمدٌ نبيي ، والإسلامُ ديني ، والكعبةُ قبلتي ، والقرآن كتابي ، والنبي قدوتي ، والصيام حصني ، والصَدَقة شفائي ، والوضوء طَهوري ، والصلاة قرة عيني ، والإخلاص نِيَّتي ، والصِدق خُلُقي ، والجَنَّةُ أملي ، ورضا الله غايتي ".
( وكلما زاد وعيه وإدراكه ردَّدنا أمامه أن الله هو الذي رزقنا الطعام ، وهو الذي جعل لنا الماء عذباً ليروي عطشنا ، وهو الذي أعطاه أبوه وأمه لرعايته ، وهو الذي أعطانا المال والمنزل ، والسيارة واللعب...إلخ ، ولذلك فهو جدير بالشكر ، وأول شكر له هو أن نحبه ولا نغضبه ، وذلك بأن نعبده ولا نعبد سواه ) (14)
كما نذكر ونحن نلعب معه بدميته مثلا : أن هاتين اليدين والعينين والأذرع والرجلين لدينا مثلها ولكن ما يخص الدمية من القماش أو البلاستيك ، أما ما أعطانا الله فهي أشياء حقيقية تنفعنا في حياتنا وتعيننا عليها.
( وإذا جلسنا إلى الطعام قلنا بصوت يسمعه : " بسم الله " ، وإذا انتهينا قلنا " الحمد لله " ، وكذلك إذا شربنا ، وإذا اضطجعنا وإذا قمنا من النوم ) (15) ... حتى يعتاد الطفل ذلك ويردده بنفسه دون أن نطلب منه ذلك.
كما يجب أن نخبره أن الله تعالى يحب لهم الخير ويعلم ما يصلحهم ، فهو الذين أوصى بهم الوالدين أن يحسنوا اختيار أسماءهم ( ويعلِّموهم أمور دينهم ودنياهم ، ويحسنوا تأديبهم و تربيتهم ، وهو الذي أمر الوالدين بالعطف عليهم والترفق بهم ، والعدل بينهم وبين إخوتهم في كل الأمور) (16) ، وهو حبيبهم الذي يتجاوز عنهم حتى يصلوا إلى سن الإدراك ، فنخبرهم أنه يسامحهم على أخطائهم ماداموا صغاراً . فعليهم أن يستحيوا من الله وأن لا يعصوه .
ومن المفيد أن نربط كل جميل من حولهم بالله تعالى ، فالوردة ، والنحلة ، والفراشة ، والقمر ، وغيرها من مخلوقات الله ، أما الأشياء التي تبدو ضارة بالنسبة لنا كالذبابة ، والفأر ، وغيرهما فهي من مخلوقات الله أيضاً ، وهي تقوم بوظيفة تساعد على أن يظل الكون من حولنا جميلاً ونظيفاً.
كما يجب أن نربط كل خُلُق جميل بالله تعالى ، فالله يحب الرحمة والرفق والعدل والجمال والنظافة...إلخ.
كما يجب ان نقرِّب إلى أذهانهم فكرة وجود الله مع عدم إمكانية رؤيته في الدنيا ، فهناك أشياء نحسها ونرى أثرها ونستفيد منها دون أن نراها كالهواء والكهرباء والعطر...إلخ. أما من يريد رؤيته جل شأنه فعليه أن يكثر من الطاعات كي يحظى برؤيته في الجنة.
وينبغي أن نعلِّق في بيوتنا صوراً للحرمين الشريفين حتى تعتادهما عينيه ويدفعه الفضول للسؤال عنهما ، وعندها نجيبه بطريقة تشوِّقه إليهما ، كأن نقول عن الكعبة : " هي بيت الله ، والله كريم يكرم ضيوفه الذين يزورون بيته بأشياء جميلة ويرزقهم بها كاللعب والحلوى ، وغير ذلك مما يحب الطفل " ، مع ملاحظة أننا إذا اصطحبناه إلى هناك فلابد أن نجعل ذكرياته عن الزيارة سعيدة قدر الإمكان ونشتري له من الهدايا والأشياء المحببة إليه ما يرضيه ، حتى ترتبط سعادته بالبيت الحرام ، ومن ثم برب البيت.

خامساً: من الثالثة حتى السادسة:
( يكون استقبال الطفل للمعلومات ، واستفادته منها ، واقتداؤه بأهله- في هذه المرحلة- في أحسن حالاته) (17) ، كما يكون شغوفاً بالاستماع للقصص ، لذا يجب الاستفادة من هذا في تأليف ورواية القصص التي توجهه للتصرف بالسلوك القويم الذي نتمناه له ، وتكون هذه الطريقة أكثر تأثيراً ، إذا كانت معظم القصص تدور حول شخصية واحدة تحمل اسماً معيناً ، لبطل أو بطلة القصة [ يفضل أن يكون ولداً إذا كان الطفل ولداً ، والعكس صحيح ] ، بحيث تدور أحداثها المختلفة في أجواء مختلفة ، وتهدف كل منها إلى تعريفه بالله تعالى على أنه الرحيم الرحمن الودود الحنان المنَّان الكريم العَفُوّ الرءوف الغفور الشكور التواب ، مالك الملك ، كما تهدف القصة إلى إكسابه أخلاقيات مختلفة إذا قامت الأم برواية كل قصة على حده في يوم منفصل- لتعطيه الفرصة في التفكير فيها ، أما إذا طلب قصة أخرى في نفس اليوم فيمكن أن نحكي له عن الحيوانات الأليفة التي يفضلها مثلاً- فيصبح الطفل متعلقا بشخصية البطل أو البطلة وينتظر آخر أخبار مغامراته كل يوم ، فتنغرس في نفسه الصغيرة الخبرات المكتسبة من تلك القصص.
وإذا كانت الأم لا تستطيع تأليف القصص فيمكنها الاستعانة بالقصص المنشورة ، منها على سبيل المثال لا الحصر سلسلة «أطفالنا» ، وقصص شركة « سفير » للأطفال ، وقصص الأديب التربوي « عبد التواب يوسف » ، وقصص الأنبياء المصورة للأطفال المتاحة لدى « دار المعارف » بالقاهرة ، وغير ذلك مما يتيسر.
وفيما يلي قصة سمعتها كاتبة هذه السطور من معلمة ابنتها التي كانت تحفِّظها القرآن ، وهي تفيد حب الله والثقة به تعالى ، وحسن التصرف ، وأخذ الأسباب ، ثم التوكل عليه .

كانت " ندى" تجلس بجوار والدتها التي كانت تقوم بتغيير ملابس أختــها الرضيعة" بسـمة" ، بينما اكتشـفت الوالدة أن" بسـمة" حـرارتها آخذة في الارتفاع ، فحاولت إسعافـها بالمواد الطبيعية المتاحة بالمنزل ، دون جدوى ، ولما كان الوالد مسافراً ، فقد طلبت الوالدة من" ندى" أن تظل بجوار أختها حتى تذهب إلى الصيدلية القريبة من منزلهم لتشتري لها دواء يسعفها ، فقالت"ندى" : "سمعاً وطاعة يا أمي"
وبينما كانت" ندى" تغني لأختها بعد خروج الأم انقطع التيار الكهربي وساد الظلام الغرفة ، فشعرت "ندى" بالخوف الشديد ، ولم تدر ماذا تفعل ... ولكنها تذكرت قول والدتها لها : "أن الله تعالى يظل معنا أينما كنا وفي كل الأوقات من الليل والنهار ، وهو يرانا ويرعانا ويحمينا أكثر من الوالدين لأنه أقوى من كل المخلوقات ، ولأنه يحب عباده المؤمنين ؛ فظلت تربُت على"بسمة" التي بدأت في البكاء ، ثم جرت إلى الشباك ففتحته ليدخل بعض الضوء إلى الغرفة ، فإذا بالقمر يسطع في السماء ويطل بنوره الفضي ، فيرسل أشعته على الغرفة فيضيئها ، ففرحت "ندى" وقالت لبسمة : "انظري هذا هو القمر أرسله الله تعالى ليؤنسنا في وحدتنا ويضيء لنا الغرفة حتى تعود أمنا ويعود التيار الكهربي ، انظري كم هو جميل ضوء القمر لأن الله هو الذي صنعه ، فهو خافت لا يؤذي العين ، كما أنه يشيع في النفس الاطمئنان ، هل تحبين الله كما أحبه يا بسمة ؟ " وظلت تحدِّث أختها وتغني لها حتى عادت الأم ، فأعطت الدواء لبسمة ، ثم اثنت على" ندى" التي أحسنت التصرف ، ثم وعدتها بأن تذهب معها إلى المكتبة لشراء كتاب للأطفال عن القمر لتعرف عنه معلومات أكثر ، كما قامت بتلاوة سورة القمر عليها مكافأة لها على ما فعلت.

وينبغي حين نتحدث عن الله معهم في هذا العمر أن نكون صادقين ، ( ونبتعد عن المبالغات ، فالله موجود في السماء ونحن نرفع أيدينا عندما ندعوه ، وهو يستحي أن نمدها إليه ويردها فارغة ، لأنه حييٌ كريم ، وهو أكبر من كل شيء ، وأقوى من كل شيء وهو يرانا في كل مكان ويسمعنا ولو كنا وحدنا ، وهو يحبنا كثيراً ، وعلينا أن نحبه لأنه خلقنا وخلق لنا كل ما نحتاجه ، فهو يأمر جنوده فينفذون أوامره ، فيقول للسحاب أمطر على عبادي كي يشربوا ويسقوا زرعهم وماشيتهم ، فينزل المطر ، وهو الذي يدخل المسلمين الذين يحبونه الجنة... ويتمتع في الجنة المسلم الذي يصلي ويصوم ويتصدق ويصدُق مع الناس ، ويطيع والديه ، ويحترم الكبار ، ويجتهد في دراسته ، ولا يؤذي إخوته أو أصحابه ، والله تعالى يحب الأطفال ، وسوف يعطيهم ما يريدون إذا ابتعدوا عن كل ما لا يرضيه... وينبغي عدم الخوض في تفاصيل الذات الإلهية مع الطفل خشية من أي زلل قد نُحاسَب عليه " (18)

سادساً: مرحلة ما بين السابعة والعاشرة:
وهي مرحلة (غاية في الأهمية ، لذا لا يصح التهاون بها على الإطلاق ، ففيها تبدأ مَلكاته العقلية والفكرية في التفتح بشكل جيد ، لذا فإنه يحتاج في هذه المرحلة إلى أن نصاحبه ونعامله كصديق ، ومن خلال ذلك نغرس في نفسه فكرة العبودية لله تعالى بشكل عميق ، فإذا أحضرنا له هدية مثلا وقال: "شكراً" ، ذكرنا له أن الله تعالى أيضاً يستحق الشكر فهو المنعم الأول ، فنقول له : " ما رأيك بعينيك ، هل هما غاليتين عليك؟! ، وهل يمكن أن تستبدلهما بكنوز الأرض؟! " ، وكذلك الأذنين واللسان وبقية الجوارح ... حتى يتعمق في نفسه الإحساس بقيمة هذه الجوارح ، ثم نطرح عليه السؤال " مَن الذي تكرَّم علينا وأعطانا هذه الجوارح ؟ وكيف تكون حياتنا إذا لم يعطها لنا؟! " لذا فإن هذه الجوارح هي أغلى الهدايا التي منحنا الله عز وجل إياها- بعد الإيمان به- ومن الواجب أن نشكره هو وليس غيره على عطاياه ) (19)
ومن الضروري بناء قاعدة تعليمية اختيارية لدى الطفل من خلال تشجيعه على القراءة ، ومكافأته بقصة أو موسوعة مبسطة أو كتاب نافع أو مجلة جذابة مفيدة بدلاً من الحلوى ، ولكن قبل أن نشتري له ما يقرأه يجب أن نتصفحه جيدا ، فنبتعد مثلاً عن مجلة " ميكي " و"سوبرمان" و"الوطواط" ، وأمثالها التي تحكي قصصاً تحدث في بيئة غربية وتنقل عاداتهم وتقاليدهم الغريبة علينا... مما يؤثر بالسلب في أطفالنا ، فنستبدلها مثلاً بمجلة "ماجد" ، ومجلة "سلام وفرسان الخير" اللتان تصدران في الإمارات العربية ، و تبثان القيم الدينية والأخلاقية في الطفل بشكل لطيف محبب إليه ، بالإضافة إلى تثقيفه وتعليمه ؛ وكذلك مجلتي : "العربي الصغير" ، و"سعد" اللتان تصدران في الكويت.
ويمكن اصطحابه إلى مكتبـة تبيع أو تقتني كتـباً نعلم أنهـا جـيدة ، ثم نتركـه يخـتار بنـفسـه. ولا بأس من أن نقص على الطفل في هذه المرحلة قصة النبي "يحي" عليه السلام ليكون قدوة له ، (فقد كان يحيي في الأنبياء نموذجا لا مثيل له في النُُسُك والزهد والحب الإلهي... كان يضيء حبا لكل الكائنات ، وأحبه الناس وأحبته الطيور والوحوش والصحاري والجبال ، ثم أهدرت دمه كلمة حق قالها في بلاط ملك ظالم ، بشأن أمر يتصل براقصة بغي.
ويذكر العلماء فضل يحيي ويوردون لذلك أمثلة كثيرة ، فقد كان يحيي معاصراً لعيسى وقريبه من جهة الأم (ابن خالة أمه)..
وتروي السنة أن يحيي وعيسى التقيا يوما.
فقال عيسى ليحيى : استغفر لي يا يحيى .. أنت خير مني.
قال يحيى: استغفر لي يا عيسى . أنت خير مني.
قال عيسى : بل أنت خير مني .. سلمت على نفسي وسلم الله عليك.
وتشير القصة إلى فضل يحيي حين سلم الله عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا.

ويقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج على أصحابه يوما فوجدهم يتذاكرون فضل الأنبياء.
قال قائل: موسى كليم الله.
وقال قائل: عيسى روح الله وكلمته.
وقال قائل: إبراهيم خليل الله.
ومضى الصحابة يتحدثون عن الأنبياء ، فتدخل الرسول عليه الصلاة والسلام حين رآهم لا يذكرون يحيي. أين الشهيد ابن الشهيد ؟ يلبس الوبر ويأكل الشجر مخافة الذنب. أين يحيي بن زكريا ؟

وقد كان ميلاده معجزة .. فقد وهبه الله تعالى لأبيه زكريا بعد عمر طال حتى يئس الشيخ من الذرية.. وجاء بعد دعوة نقية تحرك بها قلب النبي زكريا.
وكانت طفولته غريبة عن دنيا الأطفال .. كان معظم الأطفال يمارسون اللهو ، أما هو فكان جادا طوال الوقت .. كان بعض الأطفال يتسلى بتعذيب الحيوانات ، وكان يحيي يطعم الحيوانات والطيور من طعامه رحمة بها ، وحنانا عليها ، ويبقى هو بغير طعام .. أو يأكل من أوراق الشجر أو ثمارها.

وكلما كبر يحيى في السن زاد النور في وجهه وامتلأ قلبه بالحكمة وحب الله والمعرفة والسلام. وكان يحيى يحب القراءة ، وكان يقرأ في العلم من طفولته .. فلما صار صبيا نادته رحمة ربه :
{ يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا }
فقد صدر الأمر ليحيي وهو صبي أن يأخذ الكتاب بقوة ، بمعنى أن يدرس الكتاب بإحكام ، كتاب الشريعة.. ورزقه الله الإقبال على معرفة الشريعة والقضاء بين الناس وهو صبي .. كان أعلم الناس وأشدهم حكمة في زمانه درس الشريعة دراسة كاملة ، ولهذا السبب آتاه الله الحكم وهو صبي.. كان يحكم بين الناس ، ويبين لهم أسرار الدين ، ويعرفهم طريق الصواب ويحذرهم من طريق الخطأ .
وكبر يحيى فزاد علمه ، وزادت رحمته ، وزاد حنانه بوالديه ، والناس ، والمخلوقات ، والطيور ، والأشجار .. حتى عم حنانه الدنيا وملأها بالرحمة.. كان يدعو الناس إلى التوبة من الذنوب ، وكان يدعو الله لهم.. ولم يكن هناك إنسان يكره يحيي أو يتمنى له الضرر. كان محبوبا لحنانه وزكاته وتقواه وعلمه وفضله.. ثم زاد يحيي على ذلك بالتنسك.
وكان يحيي إذا وقف بين الناس ليدعوهم إلى الله أبكاهم من الحب والخشوع.. وأثر في قلوبهم بصدق الكلمات وكونها قريبة العهد من الله وعلى عهد الله..
وجاء صباح خرج فيه يحيي على الناس.. امتلأ المسجد بالناس ، ووقف يحيي بن زكريا وبدأ يتحدث.. قال: " إن الله عز وجل أمرني بكلمات أعمل بها ، وآمركم أن تعملوا بها.. أن تعبدوا الله وحده بلا شريك.. فمن أشرك بالله وعبد غيره فهو مثل عبد اشتراه سيده فراح يعمل ويؤدي ثمن عمله لسيد غير سيده.. أيكم يحب أن يكون عبده كذلك..؟ وآمركم بالصلاة لأن الله ينظر إلى عبده وهو يصلي ، ما لم يلتفت عن صلاته.. فإذا صليتم فاخشعوا.. وآمركم بالصيام.. فان مثل ذلك كمثل رجل معه صرة من مسك جميل الرائحة ، كلما سار هذا الرجل فاحت منه رائحة المسك المعطر.
وآمركم بذكر الله عز وجل كثيرا ، فان مثل ذلك كمثل رجل طلبه أعداؤه فأسرع لحصن حصين فأغلقه عليه.. وأعظم الحصون ذكر الله.. ولا نجاة بغير هذا الحصن.) (20)

أما الفتيات فنحكي لهن-على قدر فهمهن- قصة السيدة "مريم" وكيف كانت ناسكة عابدة لله تعالى وكيف نجحت في اختبار بالغ الصعوبة ، وكيف أنقذها الله جل وعلا بقدرته .

سابعاً : مرحلة العاشرة وما بعدها:
في هذه المرحلة يظهر بوضوح على الطفل مظاهر الاستقلال ، والاعتداد بالنفس ، والتشبث بالرأي ، والتمرد على نصائح الوالدين وتعليماتهما- لأنهما يمثلان السلطة والقيود بالنسبة له - وهو في هذه المرحلة يود التحرر مما يظن أنه قيود ، فيميل أكثر إلى أصدقاءه ، ويفتح لهم صدره ، ويتقبل منهم ما لا يتقبله من والديه ، لذا يمكننا أن نوضح له - عن طريق رواية بعض القصص التي حدثت معنا أو مع من نعرفهم - ما يفيد أن الله سبحانه هو خير صديق ، بل هو أكثر الأصدقاء حفاظاً على الأمانة ، وهو خير عماد وسند ، وأن صداقة الطفل معه لا تتعارض مع صداقته لأقرانه.
كما ينبغي أن نوضح لأطفالنا أن الله أحياناً يبتلي الإنسان بمكروه أو مصيبة ليطهِّره ويرفع درجاته ويقربه منه أكثر ، كما يؤلم الطبيب مريضه أحياناً كي يحافظ على صحته وينقذه من خطر محقق.
والحق أن هذه المرحلة خطيرة لأنها تعيد بناء الطفل العقلي والفكري من جديد و قد تؤدي إلى عواقب وخيمة إن أسيء التعامل مع الطفل فيها ، ومما يساعد على نجاح الوالدين في الأخذ بيده إلى الصواب أن ( يبدآ معه من الطفولة المبكرة ، فعندئذٍ لن يجدا عناء كبيرا في هذه الفترة ، لأنهما قاما بوضع الأساس الصحيح ، ثم أكملا إرواء النبتة حتى تستوي على سوقها... وهما الآن يضيفان إلى جهديهما السابق جهدا آخر ، وسوف تؤتي الجهود ثمارها إن شاء الله) (21)
ويمكننا أن نعرِّفهم بأسماء الله الحسنى ونشرح لهم معانيها ، فالله رحمن ، رحيم ، ودود ، عفو ، غفور ، رءوف ، سلام ، حنَّان ، منَّان ، كريم ، رزاق ، لطيف ، عالم ، عليم ، حكم ، عدل ، مقسط ، حق ، تواب ، مالك الملك ، نور ، رشيد ، صبور... ولكنه أيضاً قوي ، متين ، مهيمن ، جبار ، منتقم ، ذو بطش شديد ، معز مذل ، وقابض باسط ، وقهار ، ومانع ، و خافض رافع ، ونافع ضار ، ومميت.
فلا يكفي أن نشرح لهم أسماء الجمال التي تبعث الود والألفة في نفوسهم نحو خالقهم ، بل يجب أيضا ذكر أسماء الجلال التي تشعرهم بأن الله تعالى قادر على حمايتهم وقت الحاجة ، فهو ملجأهم وملاذهم ، لأنه حفيظ قوي قادر مقتدر .

ومما يجدي أيضاً مع أطفالنا في هذه المرحلة : الحوار الهادئ الهادف ، وليس ( الحوار السلطوي الذي يعني: " اسمع واستجِب " ، ولا الحوار السطحي الذي يتجاهل الأمور الجوهرية ، أو حوار الطريق المسدود الذي يقول لسان حاله : " لا داعي للحوار فلن نتفق " ، أو الحوار التسفيهي الذي يُصِرُّ فيه الأب على ألا يرى شيئاً غير رأيه ، بل ويسفِّه ويلغي الرأي الآخر ، أو حوار البرج العاجي الذي يجعل المناقشة تدور حول قضايا فلسفية بعيداً عن واقع الحياة اليومي ، ... وإنما الحوار الصحي الإيجابي الموضوعي الذي يرى الحسنات والسلبيات في ذات الوقت ، ويرى العقبات ، وأيضا إمكانات التغلب عليها. وهو حوار متفائل - في غير مبالغة ساذجة- وهو حوار صادق عميق وواضح الكلمات ومدلولاتها وهو الحوار المتكافئ الذي يعطى لكلا الطرفين فرصة التعبير والإبداع الحقيقي ، ويحترم الرأي الآخر ويعرف حتمية الخلاف في الرأي بين البشر ، وآداب الخلاف وتقبله . وهو حوار واقعي يتصل إيجابيا بالحياة اليومية الواقعية واتصاله هذا ليس اتصال قبول ورضوخ للأمر الواقع ، بل اتصال تفهم وتغيير وإصلاح ؛ وهو حوار موافقة حين تكون الموافقة هي الصواب ومخالفة حين تكون المخالفة هي الصواب ، فالهدف النهائي له هو إثبات الحقيقة حيث هي ، لا حيث نراها بأهوائنا وهو فوق كل هذا حوار تسوده المحبة والمسئولية والرعاية وإنكار الذات (22) .

(ولنأخذ مثلاً للحوار الإيجابي من التاريخ الإسلامي ، وقد حدث هذا الحوار في غزوة بدر حين تجمع المسلمون للقاء الكفار وكانت آبار المياه أمامهم وهنا نهض الحبَّاب بن المنذر رضي الله عنه وسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم : أهو منزِل أنزلَكَهُ الله أم هو الرأي والحرب والمكيدة ؟ فأجاب الرسول الكريم : ( بل هو الرأي والحرب والمكيدة ). فقال الحباب : يا رسول الله ما هذا بمنزل ، وأشار على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالوقوف بحيث تكون آبار المياه خلف المسلمين فلا يستطيع المشركون الوصول إليها ، وفعلاً أخذ الرسول بهذا الرأي الصائب فكان ذلك أحد عوامل النصر في تلك المعركة .
وإذا حاولنا تحليل هذا الموقف نجد أن الحبَّاب بن المنذر كان مسلماً إيجابياً على الرغم من أنه أحد عامة المسلمين وكان أمامه من الأعذار لكي يسكت أو يعطل تفكيره فهو جندي تحت لواء رسول الله الذي يتلقى الوحي من السماء وهناك كبار الصحابة أصحاب الرأي والمشورة ولكن كل هذه الأسباب لم تمنعه من إعمال فكره ، ولم تمنعه من الجهر برأيه الصائب ، ولكنه مع ذلك التزم الأدب الرفيع في الجهر بهذا الرأي فتساءل أولاً إن كان هذا الموقف وحي من عند الله أم أنه اجتهاد بشرى ، فلما عرف أنه اجتهاد بشرى وجد ذلك مجالاً لطرح رؤيته الصائبة ولم يجد الرسول صلى الله عليه وسلم غضاضة في الأخذ برأي واحد من عامة المسلمين. وهذا الموقف يعطينا انطباعا هاما عن الجو العام السائد في الجماعة المسلمة آنذاك ، ذلك الجو المليء بالثقة والمحبة والإيجابية وإبداء النصيحة وتقبُّل النصيحة .

وإذا كانت النظم الديمقراطية الحديثة تسمح للمواطن أن يقول رأيه إذا أراد ذلك ، فإن الإسلام يرتقى فوق ذلك حيث أنه يوجب على الإنسان أن يقول رأيه حتى ولو كان جنديا من عامة الناس تحت لواء رسول الله عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام ، وهو أعلى المستويات من حرية الرأي (23)
ومن خلال الحوار الهادئ مع أبنائنا ... يمكن أن نوضح أن التائب حبيب الرحمن ، وأن الكائنات تستأذن الله تعالى كل يوم لتُهلك ابن آدم الذي يأكل من خير الله تعالى ، ثم لا يشكره ، بل ويعبد غيره!! ولكنه سبحانه يظل يقول لهم : ( ذروهم إنهم عبادي ، لو خلقتموهم لرحمتموهم ) ، وهو الذي قال في حديث قدسي أن البشر إن لم يخطئوا لذهب الله بهم وأتى بخلق آخرين ، يذنبون فيغفر لهم ؛ وهو الذي يهرول نحو عبده الذي يمشي نحوه ، وهو الذي يتجاوز عن العبد ويستره ، ويحفظه ، ويرزقه ، مع إصراره على المعصية ، ويظل يمهله حتى يتوب ، وهو الذي كتب على نفسه الرحمة ، وهو الذي سمى نفسه " أرحم الراحمين " ، و" خير الغافرين " ، و" خير الرازقين " ، و" خير الناصرين " وهو الذي قال في كتابه الكريم: { إن اللهَ يغفرُ الذنوبَ جميعا } !!!

ويمكن في هذه المرحلة أن نحكي لهم كيف نصر الله أولياءه من الأنبياء والصالحين (24) ونخبرهم عن نماذج من الصحابة والصالحين الذين أحبوا الله تعالى فأحبهم وتولى أمرهم ، وذلك برواية قصصهم التي نجد أمثلة لها في كتب السيرة المعروفة ، وأيضا في النصف الأخير من محاضرة " حب العبد لله " للداعية الإسلامي « عمرو خالد » (25) كما يمكن أن نستمع معهم إلى محاضرتي: " محبة الله أصل الدين " للشيخ راتب النابلسي (26) ، و" محبة الله " للأستاذ عمرو خالد (27)
وينبغي أن نراعي حالته النفسية والإيمانية عند الحديث بهذا الشأن ، فإذا رأيناه يحتاج إلى أمل في رحمة الله ، رغَّبناه ، وإذا رأيناه يحتاج إلى من يوقفه عند حده ، خوَّفناه من عقاب الله.

5- متى وكيف نتحدث إليهم؟
لكي نضمن التأثير فيهم علينا أن نقتدي بمعلم البشرية ، رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي كان يعلِّم أصحابه والمسلمين ، ويوجِّههم بطرق كثيرة ، منها على سبيل المثال لا الحصر:

التشويق بالسؤال ثم إجابته: كما قال صلى الله عليه وسلم: ( أتَدرون من المُفلس؟ )

إثارة الانتباه بالسؤال ، باستخدام "ألا" الافتتاحية : كما كان يقول صلى الله عليه وسلم: ( ألا أخبركم بخير الناس؟ ) ، ( ألا أنبئكم بأهل الجنة؟ ) ، ( ألا أخبركم بما يمحو الله به الخطايا؟ ) ...إلخ

رواية القصة ، كما روى صلى الله عليه وسلم قصة الرجل الذي سقى الكلب في خُفِّه فدخل الجنة ، وقصة المرأة التي دخلت النار في هِرَّة حبستها.

أثناء الذهاب معه إلى نزهة أو أثناء الركوب في الطريق لمكانٍ ما ، كما حكى ابن عباس رضي الله عنهما: ( كنت خلف رسول الله يوما فقال: ياغلام ، إني أعلمك كلمات : احفظ الله يحفظك... ) إلى آخر الحديث.
وهناك أيضاً حديث أبي ذر رضي الله عنه : ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم حماراً وأردَفـني خلفه ، وقال : (يا أبا ذَر أرأيت إن أصاب الناس جوع شديد لا تستطيع أن تقوم من فراشك إلى مسجدك ، كيف تصنع ؟ قلت : الله ورسوله أعلم ، قال : تعفف )

انتهاز فرصة حدوث موقف معين ، كما رأينا في الحديث الذي رواه عمر بن أبي سلمة رضي الله عنهما قال : ( كنت غلاما في حجر رسول الله صلى الله عليه و سلم , و كانت يدي تطيش في الصحفة , فقال لي رسول الله صلى الله عليه و سلم : يا غلام ... سَمِّ الله وكُل بيمينك ، وكُل ممَّا يليك ).

رواية الأخبار ، كما جاء في سنن الترمذي عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (جاءني جبريل ، فقال : يا محمد إذا توضَّأت فانتضِح )

إخباره من حين لآخر أننا نحبه ، كما قال صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل : (والله يا معاذ إني أحبك ) . و لسعد بن أبي وقَّاص: (ارم سعد فداك أبي وأمي ).

وفيما يلي بعض ما ييسر تحقيق هذا الهدف:
* لا يجب التحدث معه في هذا الموضوع وهو غاضب أو بعد عقابه لأي سبب ، أو وهو يبكي ، أوفي جو يسوده الكآبة ، أو الحزن.
** وإذا كنا لا نريد تنفيذ شيء يريده ، فلا يجب نقول له " إن شاء الله " ، حتى لا يتعلم من تكرار ذلك أن هذه العبارة تعني: " لن أفعل " ، بل يمكن أن نقول : " سننظر ، سأفكر ، وفقاً للظروف " ، أو ما شابه ذلك من تعبيرات .
*** كما أننا إذا أردنا عقابه فلا يصح أن نحلف بالله أننا سنعاقبه ، ويكفي أن نقول : " سترى كيف أعاقبك ، أو ما شابه ذلك " حتى لا يرتبط اسم الله جل وعلا في ذهنه بالعقاب.
**** ولا داعي أن نكرر على سمعه كلما أخطأ : " سوف يدخلك الله جهنَّم - أو النار- إن فعلت ذلك ثانيةً " حتى لا يرتبط الله عز وجل لديه بجهنم منذ صغره.
***** وإذا كنا نضربه مثلاً ، أو أوشكنا على عقابه لأي سبب ، فاستغاث بالله تعالى ، فيجب أن نتوقف فوراً ، وأن نكظِم غيظنا ما استطعنا.

6- ماذا أفعل إن لم أكن قد بدأت مع طفلي؟
ابدأ فوراً ، ولكن بخطوات متدرجة تتناسب مع عمره ، وظروفه ؛ واستعن بالله ولا تيأس ، فإنه { لا ييأس من رَوحِ اللهِ إلا القومُ الكافرون }

7- من تجارب الأمهات:
* تحدثت أم عن تجربة أبيها وأمها في توجيهها وإخوتها ، فقد كان الأب يعود من صلاة الجمعة كل أسبوع ، فيوجه حديثه للأم قائلاً : " هذا ما قاله لنا اليوم خطيب المسجد... " ، فيقص عليها الكثير من القصص ، ثم يخرج منها بالمواعظ والنصائح ، متجاهلاً أولاده الذين يحملقون فيه وقد أصغوا باهتمام شديد لحديث (الكبار) ، تقول الراوية : " فلما كبِِرتُ وتذكرت ما كان يقصه أبي ، علمت أن بعض حديثه لا يمكن أن يكون قد قاله خطيب المسجد ، وإنما كان موجهاً إلينا أنا وإخوتي ، والعجيب أننا تأثرنا كثيراً بهذا الحديث غير المباشر ، وكنا نحترم ربنا كثيراً ، ونحبه ، ونخاف من كل ما يمكن أن يقال عنه أنه " حرام " لأنه يغضب الله عز وجل ، وأنا الآن أتبع نفس الأسلوب مع أولادي "

* وتحدثت أم أخرى عن طفلتها التي كانت أصغر إخوانها ، وكانوا لا يكفون عن مضايقتها طوال الوقت ، فكانت تصحبها معها - وهي ابنة ثلاث سنوات- للدروس بالمسجد حمايةً لها منهم ، فشبت هذه البنت - دوناً عن إخوتها- وهي تحب الله عز وجل وتخافه في السر والعلن ، وتحفظ المعلومات التي سمعتها بالمسجد ، بل وتحرص على الصلاة والصيام والتصدق بطيب نفس !!!

* وقالت أم ثالثة : " كان أولادي يرفضون النوم في غرفتهم بمفردهم ، فصرت أجلس معهم بعد ذهاب كل منهم إلى فراشه ، وأحكي لهم قصة هادفة ، ثم أطفئ نور الغرفة وأترك نورا خافتا يأتي من الردهة المجاورة ، ثم أقوم بتشغيل شريط لجزء " عمَّ " يتلوه شيخ ذو صوت ندي ، وأترك الغرفة ، فكان الأطفال يستمتعون بصوته ، وينامون قبل انتهاء الوجه الأول منه ، ومع الوقت لم يعودوا يخافون من النوم بمفردهم ، فبمجرد تشغيل الشريط كانوا يقولون لي : " اذهبي إلى غرفتك ، فنحن لسنا بخائفين " ، والأهم من ذلك أنهم أصبحوا يسألون عن الله تعالى ، ويشتاقون لرؤيته ، ويستفسرون عن معاني كلمات الآيات التي يستمعون إليها ، بل و يحبون الحديث في الدين ويتقبلون النصح بنفوس راضية "

وختاماً:
فإن موضوع "حب الله تعالى " لا تسعه المجلدات…وما هذه العُجالة إلا محاولة على الطريق عسى الله أن يمن علينا وإياكم بتوفيقه لنعين أطفالنا على الشعور بحبه تعالى ، فيترتب على ذلك فلاحهم في الدنيا والآخرة إن شاء الله.

---------------
المصادر

1- الأطفال ودائع الله : هداية ورعاية ، ص 1 ، من مقالة منشورة على موقع: بينات.

2- فضيلة الشيخ " راتب النابلسي". محبة الله أصل الدين ،محاضرة مسجلة ، ومتاحة على الرابط :
www.alminbar.net/alkhutab

3- كيف نربي أبناءنا على الإيمان ، ص 3 ، من مقالة منشورة على الرابط:
. www.almodarresi.com/moha/e91a2cd8.htm

4- فضيلة الشيخ راتب النابلسي ، نفس المصدر السابق.

5- د." خليل محسن ". أحبــِــب أولادك ، ولكن..؟ الصفاة (الكويت) : دار الكتاب الحديث ، 1994 ، ص.13

6-عبد التواب يوسف. دليل الآباء الأذكياء في تربية الأبناء. الطبعة الثالثة ، القاهرة: دار المعارف ، 1992 ، ص.166.

7- د."علاء الدين القبانجي". سايكولوجية الطفولة : مرحلة الأجنة ، مقالة منشورة على الرابط: .
www.annabaa.org/nba49/saycologeyah.htm

8- فضيلة الشيخ" علي القرني" : دعوة للتأمل . محاضرة مسجلة على شريط من إنتاج شركة"النور للإنتاج والتوزيع الإسلامي"،القاهرة: 2 الأميرمؤسك شارع عبد العزيز، أمام عمر أفندي- العتبة ،وهي موجودة على هذا الموقع على الرابط : اضغط هنا

9- نفس المصدر السابق.

10- نفس المصدر السابق.

11- كيف نربي أبناءنا على الإيمان ، ص1 .

12- كيف يربي المسلم ولده - مرحلة الطفولة. ، مقالة منشورة على الرابط:
www.dorah.com/tarbya/abnaa/6ofola.htm

13-المصدر السابق

14- المصدر السابق

15- المصدر السابق

16- الحقوق الأسرية.

17-" سميرة المصري". صغيرتي تسألني : أين الله ؟ مقالة منشورة في باب : " معاً نربي أبناءنا "

18- كيف يربي المسلم ولده : مرحلة اليفاعة.

19- المصدر السابق

20- قصص الأنبياء : يحي عليه السلام ، مقالة منشورة على الرابط:
www.alnoor-world.com/prophets/ya7ya1.htm

21- كيف يربي المسلم ولده : مرحلة المراهقة .

22- د."محمد المهدي" : أستاذ الطب النفسي بجامعة المنصورة. الحوار الإيجابي ودوره في الحد من العنف .

23- المصدر السابق .

24-الداعية الإسلامي الأستاذ "عمرو خالد". محاضرتي التوكل واليقين ، الأولى ضمن سلسلة "إصلاح القلوب " ، والثانية ضمن سلسلة " دروس أخرى" ، وهما متاحتين على موقعه: http://www.forislam.com

25-الداعية الإسلامي الأستاذ "عمرو خالد". محاضرة حب الله للعبد : إحدى محاضرات سلسلة "إصلاح القلوب" المتاحة على موقعه: http://www.forislam.com

26-فضيلة الشيخ راتب النابلسي. محبة الله أصل الدين .

27- الداعية الإسلامي الأستاذ "عمرو خالد". محبة الله ، محاضرة على موقع http://www.islamway.com

المصدر إذاعة طريق الإسلام

د.فالح العمره 03-04-2005 06:53 PM

بسم الله الرحمن الرحيم

كيف نحبب الصلاة لأبنائنا ؟!!
د . أماني زكريا الرمادي




مقدمة:

الحمد لله رب العالمين، حمداً يليق بجلاله وكماله ؛ حمداً كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه،حمداً يوازي رحمته وعفوه وكرمه ونِعَمِه العظيمة ؛ حمداً على قدر حبه لعباده المؤمنين .
والصلاة والسلام على أكمل خلقه ، وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين؛ وبعد.
فهذا كتيب موجه إلى الآباء والأمهات ، وكل من يلي أمر طفل من المسلمين ؛ وقد استعانت كاتبة هذه السطور في إعداده بالله العليم الحكيم ، الذي يحتاج إليه كل عليم؛ فما كان فيه من توفيق ، فهو منه سبحانه ، وما كان فيه من تقصير فمن نفسها والشيطان.
إن أطفالنا أكبادنا تمشي على الأرض، وإن كانوا يولدون على الفطرة، إلا أن الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم قال: "فأبَواه يُهوِّدانه وُينَصِّرانه ويُمَجِّسانه"...
وإذا كان أبواه مؤمنَين، فإن البيئة المحيطة ، والمجتمع قادرين على أن يسلبوا الأبوين أو المربين السلطة والسيطرة على تربيته، لذا فإننا نستطيع أن نقول أن المجتمع يمكن أن يهوِّده أو ينصِّره أو يمجِّسه إن لم يتخذ الوالدان الإجراءات والاحتياطيات اللازمة قبل فوات الأوان!!!
وإذا أردنا أن نبدأ من البداية ، فإن رأس الأمر وذروة سنام الدين ، وعماده هو الصلاة؛ فبها يقام الدين، وبدونها يُهدم والعياذ بالله.
وفي هذا الكتيب نرى العديد من الأسئلة، مع إجاباتها العملية؛ منعاً للتطويل، ولتحويل عملية تدريب الطفل على الصلاة إلى متعة للوالدين والأبناء معاً، بدلاً من أن تكون عبئا ثقيلاً ، وواجباً كريهاً ، وحربا مضنية.
والحق أن كاتبة هذه السطور قد عانت من هذا الأمر كثيراً مع ابنها ، ولم تدرك خطورة الأمر إلا عندما قارب على إتمام العشر سنوات الأولى من عمره ؛ أي العمر التي يجب أن يُضرب فيها على ترك الصلاة ، كما جاء في الحديث الصحيح ؛ فظلت تبحث هنا وتسأل هناك وتحاول إنقاذ ما يمكن إنقاذه ، إلا أنها لاحظت أن الضرب والعقاب ربما يؤديان معه إلى نتيجة عكسية ، فرأت أن تحاول بالترغيب عسى الله تعالى أن يوفقها.
ولما بحثت عن كتب أو دروس مسجلة ترغِّب الأطفال ، لم تجد سوى كتيب لم يروِ ظمأها ، ومطوية لم تعالج الموضوع من شتى جوانبه ، فظلت تسأل الأمهات عن تجاربهن ، وتبحث في المواقع الإسلامية على شبكة الإنترنت حتى عثرت لدى موقع"إسلام أون لاين" على استشارات تربوية مختلفة ( في باب:معاً نربي أبناءنا ( بالإضافة إلى مقالة عنوانها : "فنون محبة الصلاة"، فأدركت أن السائلة أمٌ حيرى مثلها، وأدركت أن تدريب الطفل في هذا الزمان يحتاج إلى فن وأسلوب مختلف عن الزمن الماضي، وقد لاحظَت أن السائلة تتلهف لتدريب أطفالها على الصلاة ؛ إلا أن كاتبة هذه السطور تهدف إلى أكثر من ذلك - وهو هدف الكتيب الذي بين أيدينا- وهو جعل الأطفال يحبون الصلاة حتى لا يستطيعون الاستغناء عنها بمرور الوقت ، وحتى لا يتركونها في فترة المراهقة- كما يحدث عادة- فيتحقق قول الله عز جل { إنَّ الصلاةَ تَنهَى عن الفحشاء والمنكر } .
وجدير بالذكر أن الحذر والحرص واجبان عند تطبيق ما جاء بهذا الكتيب من نصائح وإرشادات ؛ لأن هناك فروقاً فردية بين الأشخاص ، كما أن لكل طفل شخصيته وطبيعته التي تختلف عن غيره ، وحتى عن إخوته الذين يعيشون معه نفس الظروف ، وينشأون في نفس البيئة ، فما يفيد مع هذا قد لا يجدي مع ذاك.
ويُترك ذلك إلى تقدير الوالدين أو أقرب الأشخاص إلى الطفل؛ فلا يجب تطبيق النصائح كما هي وإنما بعد التفكير في مدى جدواها للطفل ، بما يتفق مع شخصيته.
واللهَ تعالى أرجو أن ينفع بهذا المقال ، وأن يتقبله خالصاًً لوجهه الكريم.

لماذا يجب علينا أن نسعى؟

أولاً: لأنه أمرٌ من الله تعالى، وطاعة أوامره هي خلاصة إسلامنا، ولعل هذه الخلاصة هي : الاستسلام التام لأوامره ، واجتناب نواهيه سبحانه ؛ ألم يقُل عز وجل { يا أيها الذين آمنوا قُوا أنفسَكم وأهليكم ناراً وقودُها الناس والحجارة } ؟ ثم ألَم يقل جل
شأنه: : { وَأْمُر أهلَك بالصلاة واصْطَبر عليها ، لا نسألك رزقاً نحن نرزقُك } (2).
ثانياً: لأن الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم أمرنا بهذا أيضاً في حديث واضح وصريح ؛ يقول فيه ( مُروا أولادكم بالصلاة لسبع سنين واضربوهم عليها لعشر )(2) .
ثالثا: لتبرأ ذمم الآباء أمام الله عز وجل ويخرجون من دائرة الإثم ، فقد قال الإمام ابن تيمية رحمه الله: "من كان عنده صغير مملوك أو يتيم ، أو ولد ؛ فلم يأمُره بالصلاة ، فإنه يعاقب الكبير إذا لم يأمر الصغير، ويُعَــزَّر الكبير على ذلك تعزيراً بليغا، لأنه عصى اللهَ ورسول " (1) .
رابعاً :لأن الصلاة هي الصِّلة بين العبد وربه، وإذا كنا نخاف على أولادنا بعد مماتنا من الشرور والأمراض المختلفة ؛ ونسعى لتأمين حياتهم من شتى الجوانب ، فكيف نأمن عليهم وهم غير موصولين بالله عز وجل ؟! بل كيف تكون راحة قلوبنا وقُرَّة
عيوننا إذا رأيناهم موصولين به تعالى ، متكلين عليه ، معتزين به؟!(1)
خامساً: وإذا كنا نشفق عليهم من مصائب الدنيا ، فكيف لا نشفق عليهم من نار جهنم؟!! أم كيف نتركهم ليكونوا-والعياذ بالله- من أهل سَقَر التي لا تُبقي ولا تَذَر؟!!(1)
سادساً: لأن الصلاة نور ، ولنستمع بقلوبنا قبل آذاننا إلى قول النبي صلى الله تعالى عليه وسلم : ( وجُعلت قرة عيني في الصلاة) ، وقوله: ( رأس الأمر الإسلام و عموده الصلاة ) ، وأنها أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة من عمله (2).
سابعاً:لأن أولادنا أمانة وهبنا الله تعالى إياها وكم نتمنى جميعا أن يكونوا صالحين ، وأن يوفقهم الله تعالى في حياتهم دينياً ، ودنيوياً(2) .
ثامناً: لأن أولادنا هم الرعية التي استرعانا الله تعالى ، لقوله صلى الله تعالى عليه وسلم: ( كُلُّكم راعٍ وكلكم مسئول عن رعيته ) ولأننا سوف نُسأل عنهم حين نقف بين يدي الله عز وجل. (2)
تاسعاً: لأن الصلاة تُخرج أولادنا إذا شبّْوا وكبروا عن دائرة الكفار و المنافقين ، كما قال صلى الله عليه وسلم: ( العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة ، فمن تركها فقد كفر ) (1)

كيف نتحمل مشقة هذا السعي؟

إن هذا الأمر ليس بالهين، لأنك تتعامل مع نفس بشرية ، وليس مع عجينة -كما يقال- أو صلصال ؛ والمثل الإنجليزي يقول "إذا استطعت أن تُجبر الفرس على أن يصل إلى النهر، فلن تستطيع أبداً أن ترغمه على أن يشرب!"
فالأمر فيه مشقة ، ونصب ، وتعب ، بل هو جهاد في الحقيقة.
أ- ولعل فيما يلي ما يعين على تحمل هذه المشقة ، ومواصلة ذلك الجهاد :
- كلما بدأنا مبكِّرين ، كان هذا الأمر أسهل.
ب- يعد الاهتمام جيداً بالطفل الأول استثماراً لما بعد ذلك، لأن إخوته الصغار يعتبرونه قدوتهم ، وهو أقرب إليهم من الأبوين ، لذا فإنهم يقلدونه تماماً كالببغاء !
ج- احتساب الأجر والثواب من الله تعالى ، لقوله صلى الله عليه وسلم: ( من دعا إلى هُدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه ، لا ينقص من أجورهم شيئا) . (1)
د- لتكن نيتنا الرئيسية هي ابتغاء مرضاة الله تعالى حيث قال: { والذين جاهَدُوا فينا لَنَهْدِينَّهُم سُبُلَنا } ؛ فكلما فترت العزائم عُدنا فاستبشرنا وابتهجنا لأننا في خير طريق . (1)
هـ - الصبر والمصابرة امتثالاً لأمر الله تعالى ، { وأْمُر أهلك بالصلاة واصطبِر عليها، لا نسألُك رزقاً، نحن نرزقُك } ؛ فلا يكون شغلنا الشاغل هو توفير القوت والرزق ، ولتكن الأولوية للدعوة إلى الصلاة ، وعبادة الله عز وجل، فهو المدبر للأرزاق وهو { الرزاق ذو القوة المتين} ؛ ولنتذكر أن ابن آدم لا يموت قبل أن يستوفي أجله ورزقه ، ولتطمئن نفوسنا لأن الرزق يجري وراء ابن آدم - كالموت تماماً-ولو هرب منه لطارده الرزق ؛ بعكس ما نتصور!!
و- التضرع إلى الله جل وعلا بالدعاء : { ربِّ اجعلني مقيمَ الصلاة ومِن ذُرِّيتي ربنا وتقبَّل دُعاء} والاستعانة به عز وجل لأننا لن نبلغ الآمال بمجهودنا وسعينا ، بل بتوفيقه تعالى ؛ فلنلح في الدعاء ولا نيأس ؛ فقد أمرنا رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم قائلا: ( ألِظّْوا-أى أَلِحّْوا- بيا ذا الجلال والإكرام ) والمقصود هو الإلحاح في الدعاء بهذا الاسم من أسماء الله الحسنى ؛ وإذا كان الدعاء بأسماء الله الحسنى سريع الإجابة ، فإن أسرعها في الإجابة يكون- إن شاء الله تعالى- هو هذا الاسم: "ذو الجلال (أي العظمة) والإكرام ( أي الكرم والعطاء ) ".
ز- عدم اليأس أبداً من رحمة الله ، ولنتذكر أن رحمته وفرجه يأتيان من حيث لا ندري، فإذا كان موسى عليه السلام قد استسقى لقومه ، ناظراً إلى السماء الخالية من السحب ، فإن الله تعالى قد قال له: { اضرِبْ بِعَصاكَ الحَجَر، فانفجرَت منْهُ اثنتا عشْرةَ عيناً }، وإذا كان زكريا قد أوتي الولد وهو طاعن في السن وامرأته عاقر، وإذا كان الله تعالى قد أغاث مريم وهي مظلومة مقهورة لا حول لها ولا قوة ، وجعل لها فرجا ومخرجا من أمرها بمعجزة نطق عيسى عليه السلام في المهد ، فليكن لديك اليقين بأن الله عز وجل سوف يأْجُرك على جهادك وأنه بقدرته سوف يرسل لابنك من يكون السبب في هدايته، أو يوقعه في ظرف أو موقف معين يكون السبب في قربه من الله عز وجل ؛ فما عليك إلا الاجتهاد، ثم الثقة في الله تعالى وليس في مجهودك. (3)

لماذا الترغيب وليس الترهيب؟

1. لأن الله تعالى قال في كتابه الكريم : { اُدعُ إلى سبيل ربك بالحكمةِ والموعظةِ الحسَنة } .
2. لأن الرسول الكريم صلى الله تعالى عليه وسلم قال: ( إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا خلا منه شيء إلا شانه )
3. لأن الهدف الرئيس لنا هو أن نجعلهم يحبون الصلاة ؛ والترهيب لا تكون نتيجته إلا البغض ، فإذا أحبوا الصلاة تسرب حبها إلى عقولهم وقلوبهم ، وجرى مع دماءهم، فلا يستطيعون الاستغناء عنها طوال حياتهم ؛ والعكس صحيح.
4. لأن الترغيب يحمل في طياته الرحمة ، وقد أوصانا رسولنا الحبيب صلى الله عليه وسلم بذلك قائلاً: ( الراحمون يرحمهم الرحمن ) ، وأيضاً (ارحموا مَن في الأرض يرحمكم من في السماء ) ، فليكن شعارنا ونحن في طريقنا للقيام بهذه المهمة هو الرحمة والرفق.
5. لأن الترهيب يخلق في نفوسهم الصغيرة خوفاً ، وإذا خافوا منَّا ، فلن يُصلُّوا إلا أمامنا وفي وجودنا ، وهذا يتنافى مع تعليمهم تقوى الله تعالى وخشيته في السر والعلَن، ولن تكون نتيجة ذلك الخوف إلا العُقد النفسية ، ومن ثمَّ السير في طريق مسدود.
6. لأن الترهيب لا يجعلهم قادرين على تنفيذ ما نطلبه منهم ، بل يجعلهم يبحثون عن طريقة لرد اعتبارهم، وتذكَّر أن المُحِب لمَن يُحب مطيع . (4)
7. لأن المقصود هو استمرارهم في إقامة الصلاة طوال حياتهم...وعلاقة قائمة على البغض و الخوف والنفور-الذين هم نتيجة الترهيب- لا يُكتب لها الاستمرار بأي حال من الأحوال.

كيف نرغِّب أطفالنا في الصلاة؟

منذ البداية يجب أن يكون هناك اتفاق بين الوالدين- أو مَن يقوم برعاية الطفل- على سياسة واضحة ومحددة وثابتة ، حتى لا يحدث تشتت للطفل، وبالتالي ضياع كل الجهود المبذولة هباء ، فلا تكافئه الأم مثلاً على صلاته فيعود الأب بهدية أكبر مما أعطته أمه ، ويعطيها له دون أن يفعل شيئاً يستحق عليه المكافأة ، فذلك يجعل المكافأة التي أخذها على الصلاة صغيرة في عينيه أو بلا قيمة؛ أو أن تقوم الأم بمعاقبته على تقصيره ، فيأتي الأب ويسترضيه بشتى الوسائل خشية عليه.
وفي حالة مكافأته يجب أن تكون المكافأة سريعة حتى يشعر الطفل بأن هناك نتيجة لأفعاله، لأن الطفل ينسى بسرعة ، فإذا أدى الصلوات الخمس مثلاً في يوم ما ، تكون المكافأة بعد صلاة العشاء مباشرة.

أولاً: مرحلة الطفولة المبكرة (ما بين الثالثة و الخامسة) :
إن مرحلة الثالثة من العمر هي مرحلة بداية استقلال الطفل وإحساسه بكيانه وذاتيته ، ولكنها في نفس الوقت مرحلة الرغبة في التقليد ؛ فمن الخطأ أن نقول له إذا وقف بجوارنا ليقلدنا في الصلاة: " لا يا بني من حقك أن تلعب الآن حتى تبلغ السابعة ، فالصلاة ليست مفروضة عليك الآن " ؛ فلندعه على الفطرة يقلد كما يشاء ، ويتصرف بتلقائية ليحقق استقلاليته عنا من خلال فعل ما يختاره ويرغب فيه ، وبدون تدخلنا (اللهم إلا حين يدخل في مرحلة الخطر ) ... " فإذا وقف الطفل بجوار المصلي ثم لم يركع أو يسجد ثم بدأ يصفق مثلاً ويلعب ، فلندعه ولا نعلق على ذلك ، ولنعلم جميعاً أنهم في هذه المرحلة قد يمرون أمام المصلين ، أو يجلسون أمامهم أو يعتلون ظهورهم ، أو قد يبكون ، وفي الحالة الأخيرة لا حرج علينا أن نحملهم في الصلاة في حالة الخوف عليهم أو إذا لم يكن هناك بالبيت مثلاً من يهتم بهم ، كما أننا لا يجب أن ننهرهم في هذه المرحلة عما يحدث منهم من أخطاء بالنسبة للمصلى ..
وفي هذه المرحلة يمكن تحفيظ الطفل سور : الفاتحة ، والإخلاص ، والمعوذتين . (2)

ثانياً: مرحلة الطفولة المتوسطة (ما بين الخامسة والسابعة ):
في هذه المرحلة يمكن بالكلام البسيط اللطيف الهادئ عن نعم الله تعالى وفضله وكرمه (المدعم بالعديد من الأمثلة) ، وعن حب الله تعالى لعباده، ورحمته ؛ يجعل الطفل من تلقاء نفسه يشتاق إلى إرضاء الله ، ففي هذه المرحلة يكون التركيز على كثرة الكلام عن الله تعالى وقدرته وأسمائه الحسنى وفضله ، وفي المقابل ، ضرورة طاعته وجمال الطاعة ويسرها وبساطتها وحلاوتها وأثرها على حياة الإنسان... وفي نفس الوقت لابد من أن يكون هناك قدوة صالحة يراها الصغير أمام عينيه ، فمجرد رؤية الأب والأم والتزامهما بالصلاة خمس مرات يومياً ، دون ضجر ، أو ملل يؤثِّّّّّّر إيجابياً في نظرة الطفل لهذه الطاعة ، فيحبها لحب المحيطين به لها ، ويلتزم بها كما يلتزم بأي عادة وسلوك يومي. ولكن حتى لا تتحول الصلاة إلى عادة وتبقى في إطار العبادة ، لابد من أن يصاحب ذلك شيء من تدريس العقيدة ، ومن المناسب هنا سرد قصة الإسراء والمعراج ، وفرض الصلاة ، أو سرد قصص الصحابة الكرام وتعلقهم بالصلاة ...
ومن المحاذير التي نركِّز عليها دوما الابتعاد عن أسلوب المواعظ والنقد الشديد أو أسلوب الترهيب والتهديد ؛ وغني عن القول أن الضرب في هذه السن غير مباح ، فلابد من التعزيز الإيجابي ، بمعنى التشجيع له حتى تصبح الصلاة جزءاً أساسياً من حياته. (5) ، (2)
ويراعى وجود الماء الدافئ في الشتاء ، فقد يهرب الصغير من الصلاة لهروبه من الماء البارد، هذا بشكل عام ؛ وبالنسبة للبنات ، فنحببهم بأمور قد تبدو صغيرة تافهة ولكن لها أبعد الأثر ، مثل حياكة طرحة صغيرة مزركشة ملونة تشبه طرحة الأم في بيتها ، وتوفير سجادة صغيرة خاصة بالطفلة ..
ويمكن إذا لاحظنا كسل الطفل أن نتركه يصلي ركعتين مثلا حتى يشعر فيما بعد بحلاوة الصلاة ثم نعلمه عدد ركعات الظهر والعصر فيتمها من تلقاء نفسه ، كما يمكن تشجيع الطفل الذي يتكاسل عن الوضوء بعمل طابور خاص بالوضوء يبدأ به الولد الكسول ويكون هو القائد ويضم الطابور كل الأفراد الموجودين بالمنزل في هذا الوقت (6).
ويلاحظ أن تنفيذ سياسة التدريب على الصلاة يكون بالتدريج ، فيبدأ الطفل بصلاة الصبح يومياً ، ثم الصبح والظهر ، وهكذا حتى يتعود بالتدريج إتمام الصلوات الخمس ، وذلك في أي وقت ، وعندما يتعود على ذلك يتم تدريبه على صلاتها في أول الوقت، وبعد أن يتعود ذلك ندربه على السنن ، كلٌ حسب استطاعته وتجاوبه.
ويمكن استخدام التحفيز لذلك ، فنكافئه بشتى أنواع المكافآت ، وليس بالضرورة أن تكون المكافأة مالاً ، بأن نعطيه مكافأة إذا صلى الخمس فروض ولو قضاء ، ثم مكافأة على الفروض الخمس إذا صلاها في وقتها ، ثم مكافأة إذا صلى الفروض الخمس في أول الوقت. (11)
ويجب أن نعلمه أن السعي إلى الصلاة سعي إلى الجنة ، ويمكن استجلاب الخير الموجود بداخله ، بأن نقول له: " أكاد أراك يا حبيبي تطير بجناحين في الجنة ، أو "أنا متيقنة من أن الله تعالى راض عنك و يحبك كثيراً لما تبذله من جهد لأداء الصلاة "، أو :" أتخيلك وأنت تلعب مع الصبيان في الجنة والرسول صلى الله عليه وسلم يلعب معكم بعد أن صليتم جماعة معه"...وهكذا . (10)
أما البنين ، فتشجيعهم على مصاحبة والديهم ( أو من يقوم مقامهم من الثقات) إلى المسجد ، يكون سبب سعادة لهم ؛ أولاً لاصطحاب والديهم ، وثانياً للخروج من المنزل كثيراً ، ويراعى البعد عن الأحذية ذات الأربطة التي تحتاج إلى وقت ومجهود وصبر من
الصغير لربطها أو خلعها...
ويراعى في هذه المرحلة تعليم الطفل بعض أحكام الطهارة البسيطة مثل أهمية التحرز من النجاسة كالبول وغيره ، وكيفية الاستنجاء ، وآداب قضاء الحاجة ، وضرورة المحافظة على نظافة الجسم والملابس ، مع شرح علاقة الطهارة بالصلاة .
و يجب أيضاً تعليم الطفل الوضوء ، وتدريبه على ذلك عملياً ، كما كان الصحابة الكرام يفعلون مع أبنائهم. (2)

ثالثاً: مرحلة الطفولة المتأخرة (ما بين السابعة والعاشرة) :
في هذه المرحلة يلحظ بصورة عامة تغير سلوك الأبناء تجاه الصلاة ، وعدم التزامهم بها ، حتى وإن كانوا قد تعودوا عليها ، فيلحظ التكاسل والتهرب وإبداء التبرم ، إنها ببساطة طبيعة المرحلة الجديدة : مرحلة التمرد وصعوبة الانقياد ، والانصياع وهنا لابد من التعامل بحنكة وحكمة معهم ، فنبتعد عن السؤال المباشر : هل صليت العصر؟ لأنهم سوف يميلون إلى الكذب وادعاء الصلاة للهروب منها ، فيكون رد الفعل إما الصياح في وجهه لكذبه ، أو إغفال الأمر ، بالرغم من إدراك كذبه ، والأولََى من هذا وذاك هو التذكير بالصلاة في صيغة تنبيه لا سؤال ، مثل العصر يا شباب : مرة ، مرتين ثلاثة ، وإن قال مثلاً أنه صلى في حجرته ، فقل لقد استأثرت حجرتك بالبركة ، فتعال نصلي في حجرتي لنباركها؛فالملائكة تهبط بالرحمة والبركة في أماكن الصلاة!! وتحسب تلك الصلاة نافلة ، ولنقل ذلك بتبسم وهدوء حتى لا يكذب مرة أخرى .
إن لم يصلِّ الطفل يقف الأب أو الأم بجواره-للإحراج -ويقول: " أنا في الانتظار لشيء ضروري لابد أن يحدث قبل فوات الأوان " (بطريقة حازمة ولكن غير قاسية بعيدة عن التهديد ) .(2)
كما يجب تشجيعهم، ويكفي للبنات أن نقول :"هيا سوف أصلي تعالى معي"، فالبنات يملن إلى صلاة الجماعة ، لأنها أيسر مجهوداً وفيها تشجيع ، أما الذكور فيمكن تشجيعهم على الصلاة بالمسجد و هي بالنسبة للطفل فرصة للترويح بعد طول المذاكرة ، ولضمان نزوله يمكن ربط النزول بمهمة ثانية ، مثل شراء الخبز ، أو السؤال عن الجار ...إلخ.
وفي كلا الحالتين: الطفل أو الطفلة، يجب أن لا ننسى التشجيع والتعزيز والإشارة إلى أن التزامه بالصلاة من أفضل ما يعجبنا في شخصياتهم ، وأنها ميزة تطغى على باقي المشكلات والعيوب ، وفي هذه السن يمكن أن يتعلم الطفل أحكام الطهارة، وصفة النبي صلى الله عليه وسلم ، وبعض الأدعية الخاصة بالصلاة، ويمكن اعتبار يوم بلوغ الطفل السابعة حدث مهم في حياة الطفل، بل وإقامة احتفال خاص بهذه المناسبة، يدعى إليه المقربون ويزين المنزل بزينة خاصة ، إنها مرحلة بدء المواظبة على الصلاة!!
ولاشك أن هذا يؤثر في نفس الطفل بالإيجاب ، بل يمكن أيضاً الإعلان عن هذه المناسبة داخل البيت قبلها بفترة كشهرين مثلا ، أو شهر حتى يظل الطفل مترقباً لمجيء هذا الحدث الأكبر!! (5)
وفي هذه المرحلة نبدأ بتعويده أداء الخمس صلوات كل يوم ، وإن فاتته إحداهن يقوم بقضائها ، وحين يلتزم بتأديتهن جميعا على ميقاتها ، نبدأ بتعليمه الصلاة فور سماع الأذان وعدم تأخيرها ؛ وحين يتعود أداءها بعد الأذان مباشرة ، يجب تعليمه سنن الصلاة ونذكر له فضلها ، وأنه مخيَّر بين أن يصليها الآن ، أو حين يكبر.

وفيما يلي بعض الأسباب المعينة للطفل في هذه المرحلة على الالتزام بالصلاة :
1. يجب أن يرى الابن دائماً في الأب والأم يقظة الحس نحو الصلاة ، فمثلا إذا أراد الابن أن يستأذن للنوم قبل العشاء ، فليسمع من الوالد ، وبدون تفكير أو تردد: "لم يبق على صلاة العشاء إلا قليلاً نصلي معا ثم تنام بإذن الله ؛ وإذا طلب الأولاد الخروج للنادي مثلاً ، أو زيارة أحد الأقارب ، وقد اقترب وقت المغرب ، فليسمعوا من الوالدين :"نصلي المغرب أولاً ثم نخرج" ؛ ومن وسائل إيقاظ الحس بالصلاة لدى الأولاد أن يسمعوا ارتباط المواعيد بالصلاة ، فمثلاً : "سنقابل فلاناً في صلاة العصر" ، و "سيحضر فلان لزيارتنا بعد صلاة المغرب".
2. إن الإسلام يحث على الرياضة التي تحمي البدن وتقويه ، فالمؤمن القوي خير وأحب إلى الله تعالى من المؤمن الضعيف ، ولكن يجب ألا يأتي حب أو ممارسة الرياضة على حساب تأدية الصلاة في وقتها، فهذا أمر مرفوض.
3. إذا حدث ومرض الصغير ، فيجب أن نعوِّده على أداء الصلاة قدر استطاعته ، حتى ينشأ ويعلم ويتعود أنه لا عذر له في ترك الصلاة ، حتى لو كان مريضاً ، وإذا كنت في سفر فيجب تعليمه رخصة القصر والجمع ، ولفت نظره إلى نعمة الله تعالى في الرخصة، وأن الإسلام تشريع مملوء بالرحمة.
4. اغرس في طفلك الشجاعة في دعوة زملائه للصلاة ، وعدم الشعور بالحرج من إنهاء مكالمة تليفونية أو حديث مع شخص ، أو غير ذلك من أجل أن يلحق بالصلاة جماعة بالمسجد ، وأيضاً اغرس فيه ألا يسخر من زملائه الذين يهملون أداء الصلاة ، بل يدعوهم إلى هذا الخير ، ويحمد الله الذي هداه لهذا.
5. يجب أن نتدرج في تعليم الأولاد النوافل بعد ثباته على الفروض.
و لنستخدم كل الوسائل المباحة شرعاً لنغرس الصلاة في نفوسهم ، ومن ذلك:
المسطرة المرسوم عليها كيفية الوضوء والصلاة .
** تعليمهم الحساب وجدول الضرب بربطهما بالصلاة ، مثل: رجل صلى ركعتين ، ثم صلى الظهر أربع ركعات ، فكم ركعة صلاها؟...وهكذا ، وإذا كان كبيراً ، فمن الأمثلة:" رجل بين بيته والمسجد 500 متر وهو يقطع في الخطوة الواحدة 40 سنتيمتر ، فكم خطوة يخطوها حتى يصل إلى المسجد في الذهاب والعودة ؟ وإذا علمت أن الله تعالى يعطي عشر حسنات على كل خطوة ، فكم حسنة يحصل عليها؟
*** أشرطة الفيديو والكاسيت التي تعلِّم الوضوء والصلاة ، وغير ذلك مما أباحه الله سبحانه . (2)
أما مسألة الضرب عند بلوغه العاشرة وهو لا يصلي، ففي رأي كاتبة هذه السطور أننا إذا قمنا بأداء دورنا كما ينبغي منذ مرحلة الطفولة المبكرة وبتعاون متكامل بين الوالدين ، أو القائمين برعاية الطفل، فإنهم لن يحتاجوا إلى ضربه في العاشرة، وإذ اضطروا إلى ذلك ، فليكن ضرباً غير مبرِّح ، وألا يكون في الأماكن غير المباحة كالوجه ؛ وألا نضربه أمام أحد ، وألا نضربه وقت الغضب...وبشكل عام ، فإن الضرب(كما أمر به الرسول الكريم في هذه المرحلة) غرضه الإصلاح والعلاج ؛ وليس العقاب والإهانة وخلق المشاكل ؛ وإذا رأى المربِّي أن الضرب سوف يخلق مشكلة ، أو سوف يؤدي إلى كره الصغير للصلاة ، فليتوقف عنه تماماً ، وليحاول معه بالبرنامج المتدرج الذي سيلي ذكره...
ولنتذكر أن المواظبة على الصلاة -مثل أي سلوك نود أن نكسبه لأطفالنا- ولكننا نتعامل مع الصلاة بحساسية نتيجة لبعدها الديني ، مع أن الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم حين وجهنا لتعليم أولادنا الصلاة راعى هذا الموضوع وقال "علموا أولادكم الصلاة لسبع ، واضربوهم عليها لعشر" ، فكلمة علموهم تتحدث عن خطوات مخططة لفترة زمنية قدرها ثلاث سنوات ، حتى يكتسب الطفل هذه العادة ، ثم يبدأ الحساب عليها ويدخل العقاب كوسيلة من وسائل التربية في نظام اكتساب السلوك ، فعامل الوقت مهم في اكتساب السلوك ، ولا يجب أن نغفله حين نحاول أن نكسبهم أي سلوك ، فمجرد التوجيه لا يكفي ، والأمر يحتاج إلى تخطيط وخطوات وزمن كاف للوصول إلى الهدف، كما أن الدافع إلى إكساب السلوك من الأمور الهامة ، وحتى يتكون ، فإنه يحتاج إلى بداية مبكرة وإلى تراكم القيم والمعاني التي تصل إلى الطفل حتى يكون لديه الدافع النابع من داخله ، نحو اكتساب السلوك الذي نود أن نكسبه إياه ، أما إذا تأخَّر الوالدان في تعويده الصلاة إلى سن العاشرة، فإنهما يحتاجان إلى وقت أطول مما لو بدءا مبكرين ، حيث أن طبيعة التكوين النفسي والعقلي لطفل العاشرة يحتاج إلى مجهود أكبر مما يحتاجه طفل السابعة، من أجل اكتساب السلوك نفسه ، فالأمر في هذه الحالة يحتاج إلى صبر وهدوء وحكمة وليس عصبية وتوتر .. (4)
ففي هذه المرحلة يحتاج الطفل منا أن نتفهم مشاعره ونشعر بمشاكله وهمومه ، ونعينه على حلها ، فلا يرى منا أن كل اهتمامنا هو صلاته وليس الطفل نفسه ، فهو يفكر كثيرا بالعالم حوله ، وبالتغيرات التي بدأ يسمع أنها ستحدث له بعد عام أو عامين ، ويكون للعب أهميته الكبيرة لديه ، لذلك فهو يسهو عن الصلاة ويعاند لأنها أمر مفروض عليه و يسبب له ضغطاً نفسياً...فلا يجب أن نصل بإلحاحنا عليه إلى أن يتوقع منا أن نسأله عن الصلاة كلما وقعت عليه أعيننا!!
ولنتذكر أنه لا يزال تحت سن التكليف ، وأن الأمر بالصلاة في هذه السن للتدريب فقط ، وللاعتياد لا غير!! لذلك فإن سؤالنا عن مشكلة تحزنه ، أو همٍّ، أو خوف يصيبه سوف يقربنا إليه ويوثِّق علاقتنا به ، فتزداد ثقته في أننا سنده الأمين، وصدره الواسع الدافىء ...فإذا ما ركن إلينا ضمنَّا فيما بعد استجابته التدريجية للصلاة ، والعبادات الأخرى ، والحجاب . (7)

رابعا:ً مرحلة المراهقة :
يتسم الأطفال في هذه المرحلة بالعند والرفض ، وصعوبة الانقياد ، والرغبة في إثبات الذات - حتى لو كان ذلك بالمخالفة لمجرد المخالفة- وتضخم الكرامة العمياء ، التي قد تدفع المراهق رغم إيمانه بفداحة ما يصنعه إلى الاستمرار فيه ، إذا حدث أن توقُّفه عن فعله سيشوبه شائبة، أو شبهة من أن يشار إلى أن قراره بالتوقف عن الخطأ ليس نابعاً من ذاته ، وإنما بتأثير أحد من قريب أو بعيد . ولنعلم أن أسلوب الدفع والضغط لن يجدي ، بل سيؤدي للرفض والبعد ، وكما يقولون "لكل فعل رد فعل مساوٍ له في القوة ومضاد له في الاتجاه" لذا يجب أن نتفهم الابن ونستمع إليه إلى أن يتم حديثه ونعامله برفق قدر الإمكان.
وفيما يلي برنامج متدرج ، لأن أسلوب الحث والدفع في التوجيه لن يؤدي إلا إلى الرفض ، والبعد ، فكما يقولون :"إن لكل فعل رد فعل مساوٍ له ومضادٍّ له في الاتجاه".
هذا البرنامج قد يستغرق ثلاثة أشهر، وربما أقل أو أكثر، حسب توفيق الله تعالى وقدره.

المرحلة الأولى:
وتستغرق ثلاثة أسابيع أو أكثر ، ويجب فيها التوقف عن الحديث في هذا الموضوع "الصلاة" تماماً ، فلا نتحدث عنه من قريب أو بعيد ، ولو حتى بتلميح ، مهما بعد.فالأمر يشبه إعطاء الأولاد الدواء الذي يصفه لهم الطبيب ، ولكننا نعطيه لهم رغم عدم درايتنا الكاملة بمكوناته وتأثيراته ، ولكننا تعلمنا من الرسول صلى الله عليه وسلم أن لكل داء دواء ، فالطفل يصاب بالتمرد و العناد في فترة المراهقة ، كما يصاب بالبرد أغلبية الأطفال في الشتاء.
و تذكر أيها المربي أنك تربي ضميراً، وتعالج موضوعاً إذا لم يُعالج في هذه المرحلة ، فالله سبحانه وتعالى وحده هو الذي يعلم إلى أين سينتهي ، فلا مناص من الصبر ، وحسن التوكل على الله تعالى وجميل الثقة به سبحانه.
ونعود مرة أخرى إلى العلاج، ألا وهو التوقف لمدة لا تقل عن ثلاثة أسابيع عن الخوض في موضوع الصلاة ، والهدف من التوقف هو أن ينسى الابن أو الابنة رغبتنا في حثه على الصلاة ، حتى يفصل بين الحديث في هذا الأمر وعلاقتنا به أو بها ، لنصل بهذه العلاقة إلى مرحلة يشعر فيها بالراحة ، وكأنه ليس هناك أي موضوع خلافي بيننا وبينه ، فيستعيد الثقة في علاقتنا به ، وأننا نحبه لشخصه ، وأن الرفض هو للفعال السيئة ، وليس لشخصه.
فالتوتر الحاصل في علاقته بالوالدين بسبب اختلافهما معه أحاطهما بسياج شائك يؤذيه كلما حاول الاقتراب منهما أو حاول الوالدان الاقتراب منه بنصحه، حتى أصبح يحس بالأذى النفسي كلما حاول الكلام معكما ، وما نريد فعله في هذه المرحلة هو محاولة نزع هذا السياج الشائك الذي أصبح يفصل بينه وبين والديه.

المرحلة الثانية:
هي مرحلة الفعل الصامت ، وتستغرق من ثلاثة أسابيع إلى شهر.
في هذه المرحلة لن توجه إليه أي نوع من أنواع الكلام ، وإنما سنقوم بمجموعة من الفعال المقصودة ، فمثلاً "تعمد وضع سجادة الصلاة على كرسيه المفضل في غرفة المعيشة مثلاً ، أو تعمَّد وضع سجادة الصلاة على سريره أو في أي مكان يفضله بالبيت ، ثم يعود الأب لأخذها و هو يفكر بصوت مرتفع :" أين سجادة الصلاة ؟ " أريد أن أصلي ، ياه ... لقد دخل الوقت ، يا إلهي كدت أنسى الصلاة...
ويمكنك بين الفرض والآخر أن تسأله :"حبيبي ، كم الساعة ؟هل أذَّن المؤدِّن؟ كم بقى على الفرض؟ حبيبي هل تذكر أنني صليت؟ آه لقد أصبحت أنسى هذه الأيام ، لكن يا إلهي ، إلا هذا الأمر .... واستمر على هذا المنوال لمدة ثلاثة أسابيع أخرى أو أسبوعين حتى تشعر أن الولد قد ارتاح ، ونسى الضغط الذي كنت تمارسه عليه ؛ وساعتها يمكنك الدخول في المرحلة الثالثة...

المرحلة الثالثة:
قم بدعوته بشكل متقطِّع ، حتى يبدو الأمر طبيعياً ، وتلقائياً للخروج معك ، ومشاركتك بعض الدروس بدعوى أنك تريد مصاحبته ، وليس دعوته لحضور الدرس ، بقولك:"حبيبي أنا متعب وأشعر بشيء من الكسل، ولكِنِّي أريد الذهاب لحضور هذا الدرس ، تعال معي ، أريد أن أستعين بك ، وأستند عليك ، فإذا رفض لا تعلق ولا تُعِد عليه الطلب ، وأعِد المحاولة في مرة ثانية.
ويتوازى مع هذا الأمر أن تشاركه في كل ما تصنعه في أمور التزامك من أول الأمر، وأن تسعى لتقريب العلاقة وتحقيق الاندماج بينكما من خلال طلب رأيه ومشورته بمنتهى الحب والتفاهم ، كأن تقول الأم لابنتها: " حبيبتي تعالي ما رأيك في هذا الحجاب الجديد " ما رأيك في هذه الربطة؟ كل هذا وأنت تقفين أمام المرآة ، وحين تستعدين للخروج مثلا تقولين لها:" تعالى اسمعي معي هذا الشريط "، ما رأيك فيه؟"سأحكي لك ما دار في الدرس هذا اليوم " ثم تأخذين رأيها فيه ، وهكذا بدون قصد أوصليها بالطاعات التي تفعلينها أنت .
اترك ابنك أو ابنتك يتحدثون عن أنفسهم ، وعن رأيهم في الدروس التي نحكي لهم عنها بكل حرية وبإنصات جيد منا ، ولنتركهم حتى يبدأون بالسؤال عن الدين وعن أموره.

ويجب أن نلفت النظر إلى أمور مهمة جدا:
يجب ألا نتعجل الدخول في مرحلة دون نجاح المرحلة السابقة عليها تماما ، فالهدف الأساسي من كل هذا هو نزع فتيل التوتر الحاصل في علاقتكما ، وإعادة وصل الصلة التي انقطعت بين أولادنا وبين أمور الدين ، فهذا الأمر يشبه تماما المضادات الحيوية التي يجب أن تأخذ جرعته بانتظام وحتى نهايتها ، فإذا تعجلت الأمر وأصدرت للولد أو البنت ولو أمراً واحداً خلال الثلاثة أسابيع فيجب أن تتوقف وتبدأ العلاج من البداية.
لا يجب أن نتحدث في موضوع الصلاة أبداً في هذا الوقت فهو أمر يجب أن يصل إليه الابن عن قناعة تامة ، وإذا نجحنا في كل ما سبق- وسننجح بإذن الله ، فنحن قد ربينا نبتة طيبة حسب ما نذكر، كما أننا ملتزمين، وعلى خلق لذلك فسيأتي اليوم الذي يقومون هم بإقامة الصلاة بأنفسهم ، بل قد يأتي اليوم الذي نشتكي فيه من إطالتهم للصلاة وتعطيلنا عن الخروج مثلا!
لا يجب أن نعلق على تقصيره في الصلاة إلا في أضيق الحدود ، ولنتجاوز عن بعض الخطأ في أداء الحركات أو عدم الخشوع مثلا. ولنَـقصُـر الاعتراض واستخدام سلطتنا على الأخطاء التي لا يمكن التجاوز عنها ، كالصلاة بدون وضوء مثلا.
استعن بالله تعالى دائما ، ولا تحزن وادع دائما لابنك وابنتك ولا تدع عليهم أبدا ، وتذكر أن المرء قد يحتاج إلى وقت ، لكنه سينتهي بسلام إن شاء الله ، فالأبناء
في هذه السن ينسون ويتغيرون بسرعة، خاصة إذا تفهمنا طبيعة المرحلة التي يمرون بها وتعامَلنا معهم بمنتهى الهدوء، والتقبل وسعة الصدر والحب. (8)

كيف نكون قدوة صالحة لأولادنا؟

يمكن في هذا المجال الاستعانة بما يلي:
محاولة الوالدين يوم الجمعة أن يجلسا معا للقيام بسنن الجمعة_بعد الاغتسال- بقراءة سورة الكهف ، والإكثار من الاستغفار والصلاة على الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم ، لينشأ الصغار وحولهم هذا الخير ، فيشتركون فيه فيما بعد .
حرص الوالدين على أن يحضر الأولاد معهما صلاة العيدين ، فيتعلق أمر الصلاة بقلوبهم الصغيرة .
الترديد أمامهم -من حين لآخر- أننا صلينا صلاة الاستخارة، وسجدنا سجود الشكر ..وغير ذلك . (2)

أطفالنا والمساجد:

كما لا يمكننا أن نتخيل أن تنمو النبتة بلا جذور ، كذلك لا يمكن أن نتوقع النمو العقلي والجسمي للطفل بلا حراك أو نشاط ، إذ لا يمكنه أن يتعرف على الحياة وأسرارها ، واكتشاف عالمه الذي يعيش في أحضانه ، إلا عن طريق التجول والسير في جوانبه وتفحص كل مادي ومعنوي يحتويه ، وحيث أن الله تعالى قد خلق فينا حب الاستطلاع والميل إلى التحليل والتركيب كوسيلة لإدراك كنه هذا الكون ، فإن هذه الميول تكون على أشُدَّها عند الطفل ، لذلك فلا يجب أن نمنع الطفل من دخول المسجد حرصاً على راحة المصلين ، أو حفاظاً على استمرارية الهدوء في المسجد ، ولكننا أيضا يجب ألا نطلق لهم الحبل على الغارب دون أن نوضح لهم آداب المسجد بطريقة مبسطة يفهمونها، فعن طريق التوضيح للهدف من المسجد وقدسيته والفرق بينه وبين غيره من الأماكن الأخرى ، يقتنع الطفل فيمتنع عن إثارة الضوضاء في المسجد احتراماً له ، وليس خوفاً من العقاب...ويا حبذا لو هناك ساحة واسعة مأمونة حول المسجد ليلعبوا فيها وقت صلاة والديهم بالمسجد (9) ، أولو تم إعطاؤهم بعض الحلوى ، أو اللعب البسيطة من وقت لآخر في المسجد ، لعل ذلك يترك في نفوسهم الصغيرة انطباعا جميلا يقربهم إلى المسجد فيما بعد.
فديننا هو دين الوسطية ، كما أنه لم يرد به نصوص تمنع اصطحاب الطفل إلى المسجد، بل على العكس ، فقد ورد الكثير من الأحاديث التي يُستدل منها على جواز إدخال الصبيان(الأطفال) المساجد ، من ذلك ما رواه البخاري عن أبي قتادة: ( خرج علينا النبي صلى الله عليه وسلم وأمامة بنت العاص على عاتقه ، فصلى ، فإذا ركع وضعها ، وإذا رفع رفعها ) كما روى البخاري عن أبي قتادة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم: ( إني لأقوم في الصلاة فأريد أن أطيل فيها ، فأسمع بكاء الصبي ، فأتجوَّز في صلاتي كراهية أن أشُق على أمه ) ، وكذلك ما رواه البخاري عن عبد الله بن عباس قال: ( أقبلت راكباً على حمار أتان، وأنا يومئذٍ قد ناهزت الاحتلام، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بالناس بمنى إلى غير جدار، فمررت بين يدي بعض الصف، فنزلت وأرسلت الأتان ترتع، ودخلت في الصف، فلم يُنكر ذلك علىّْ ) .
وإذا كانت هذه هي الأدلة النقلية التي تهتف بنا قائلة:"دعوا أطفالكم يدخلون المسجد"، وكفى بها أدلة تجعلنا نبادر بالخضوع والاستجابة لهذا النداء، فهناك أدلة تتبادر إلى عقولنا مؤيدة تلك القضية ، فدخول أطفالنا المسجد يترتب عليه تحقيق الكثير من الأهداف الدينية ، والتربوية ، والاجتماعية ، وغير ذلك.... فهو ينمي فيهم شعيرة دينية هي الحرص على أداء الصلاة في الجماعة، كما أنها تغرس فيهم حب بيوت الله، وإعمارها بالذكر والصلاة ، وهو هدف روحي غاية في الأهمية لكل شخص مسلم . (9)

خير معين بعد بذل الجهد:
لعل أفضل ما نفعله بعد بذل كل ما بوسعنا من جهد وبالطريقة المناسبة لكل مرحلة عمرية ، هو التضرع إلى الله عز وجل بالدعاء ، ومن أمثلة ذلك :
{ رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي ربنا وتقبَّل دعاء } .
" يا حي ياقيوم برحمتك أستغيث أصلح لأولادي شأنهم كله ولا تكلهم إلى أنفسهم طرفة عين ، ولا أقل من ذلك".
"اللهم اهدهم لصالح الأعمال والأهواء والأخلاق ، فإنه لا يهدي لصالحها إلا أنت،
واصرف عنهم سيئها لا يصرف سيئها إلا أنت"
"اللهم إني أسالك لهم الهدى والتقى والعفاف والغِنَى"
"اللهم طهِّر بناتي وبنات المسلمين بما طهَّرت به مريم، واعصِم أولادي وأولاد المسلمين بما عصِمتَ به يوسف"
"اللهم اجعل الصلاة أحب إليهم من الماء البارد على الظمأ، إنك على كل شيء قدير وبالإجابة جدير، يا نعم المولى ونعم النصير"

تجارب الأمهات:
فيما يلي بعض من تجارب الأمهات التي نجحت في ترغيب أطفالهن في الصلاة ، ولكل أم أن تختار ما يتناسب مع شخصية طفلها ، دون أضرار جانبية.
1- قالت لي أم لولدين : لاحظت أن الابن الأصغر مستاءٌ كثيراً لأنه الأصغر وكان يتمنى دائماً أن يكون هو الأكبر، فكنت كلما أردته أن يصلي قلت له:" هل صليت؟"
فيقول "لا"، فأقول" هل أنت صغير، فيقول لا، فأقول:" إن الكبار فقط هم الذين يصلون"، فتكون النتيجة أن يجري إلى الصلاة!
2- وأمٌ أخرى كانت تعطي لولدها ذو الست سنوات جنيها كلما صلى الخمس صلوات كاملة في اليوم ، وكانوا يدخرون المبلغ حتى اشترى بها هدية كبيرة، وظلت هكذا حتى اعتاد الصلاة ونسي المكافأة!! [ ونذكر بضرورة تعليم الطفل أن أجر الله وثوابه على كل صلاة خير له وأبقى من أي شيء آخر ].
3- وأمٌ ثالثة قالت أن والد الطفل رجل أعمال ووقته الذي يقضيه بالبيت محدود ، وكان لا يبذل أي جهد لترغيب ابنه في الصلاة ، ولكن الله تعالى رزقهم بجار كان يكبر الولد قليلا وكان يأخذ الصبية من الجيران معه إلى أقرب مسجد للبيت ، فكانوا يخرجون معا
عند كل صلاة ويلتقون فيمرحون ويضحكون في طريقهم من وإلى المسجد حتى اعتاد ابنها الصلاة!!
4- وأمٌ رابعة تقول أن زوجها كان عند صلاة المغرب والعشاء يدعو أولاده الثلاثة وهم أبناء خمس ، و سبع وثماني سنوات فيصلُّون معه جماعة وبعد الصلاة يجلسون جميعا على سجادة الصلاة يتسامرون ويضحكون بعض الوقت ، وكان لا يقول لمن تخلف عن الصلاة لِمَ تخلفت، وكان يتركهم يجيئون ليصلوا معه بمحض إرادتهم ، حتى استجابت الابنة والتزمت بالصلاة مع والدها في كل الأوقات، ثم تبعها الولدان بعد ذلك بالتدريج، وكان الوالد-بين الحين والآخر- يسأل الابن الأكبر حين بلغ سن الثانية عشرة من عمره :"هل أعطيت ربك حقه عليك؟"
فكان يذكره بالصلاة دون أن يذكر كلمة الصلاة ، إلى أن عقد المسجد الذي يقترب من البيت مسابقة للطلاب جميعا ًلمن يصلي أكثر في المسجد ، وأعطوهم صحيفة يقوم إمام المسجد بالتوقيع فيها أمام كل صلاة يصليها الطالب بالمسجد ، فحرص الابن الأكبر وزملاؤه من الجيران على تأدية كل الصلوات-حتى الفجر- في المسجد حتى اعتاد ذلك فأصبح بعد انتهاء المسابقة يصلي كل الأوقات بالمسجد !!!
5- تقول أم خامسة:"ألحقت أولادي بدار لتحفيظ القرآن، وكانت المعلمة بعد أن تحفِّظهم الجزء المقرر في كل حصة تقوم بحكاية قصة هادفة لهم ، ثم تحدثهم عن فضائل الصلاة وترغِّبهم فيها وحين يأتي موعد الصلاة أثناء الحصة تقول لهم :"هيا نصلي الظهر جماعة ، وليذهب للوضوء مَن يريد " ، حتى أقبل أولادي على الصلاة بنفوس راضية والحمد لله!!!
6- أما الأم السادسة فتقول:" كنت أترك ابنتي تصلي بجواري ولا أنتقدها في أي شيء مخالف تفعله ، سواء صلت بدون وضوء ، أم صلت الظهر ركعتين...حتى كبرت قليلاًً و تعلمت الصلاة الصحيحة في المدرسة، فصارت تحرص على أدائها بالتزام !!!
7- وتقول أم سابعة أن ولدها قال لها أنه لا يريد أن يصلي لأن الصلاة تضيع عليه وقت اللعب ، فطلبت منه أن يجريا تجربة عملية وقالت له أنت تصلي صلاة الصبح وأنا أقوم بتشغيل ساعة الإيقاف الجديدة الخاصة بك (كان الولد فرح جداً بهذه الساعة ، فتحمس لهذا الأمر ) ، فبدأ يصلي وقامت الأم بحساب الوقت الذي استغرقه في هاتين الركعتين ، فوجدا أنهما استغرقتا دقيقة وعدة ثوان!!، فقالت له لقد كنت تصلي ببطء ، وأخذت منك صلاة الصبح هذا الوقت اليسير ، معنى ذلك أن الصلوات الخمس لا يأخذن من وقتك إلا سبعة عشر دقيقة وعدة ثواني كل يوم ، أي حوالي ثلث ساعة فقط من الأربع وعشرين ساعة كل يوم ، فما رأيك؟!!! فنظر الولد إليها متعجباً.
8- وقالت أم ثامنة أنها بعد أن أعدت ابنها إعداداً جيدا منذ نعومة أظفاره ليكون عبدا لله صالحاً ، وذلك من خلال الحديث عن الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم ، ورواية قصص الأنبياء ، وتحفيظه جزء عم ، بعد كل ذلك اضطرت لنقله من مدرسة اللغات التي نشأ بها- بعد أن تغيرت أحوالها للأسوأ من حيث الانضباط الأخلاقي والدراسي- إلى مدرسة لغات أخرى ولكنها إسلامية تضيف منهجا للدين غير المنهج الوزاري كما أن بها مسجداً كبيراً ، ويسود بها جو أكثر احتراما والتزاماً ، إلا أنه ربط بين بعض المشكلات التي واجهها هناك -كازدحام الفصول ، وتشدد بعض المدرسين أكثر من اللازم ، وعدم قدرته على تكوين صداقات بسرعة كما كان يأمل...وغير ذلك- بالدين وعبادة الله تعالى ، فبدأ لا يتقبل الحديث في الدين بالبيت ، وانقطع عن الصلاة، وبدأ يعرض عن الاستماع إلى أي برنامج أو درس ديني بالتلفزيون أو بالنادي أو بأي مكان، ثم بدأ يسخر من الدين ، وينتقد أمه بأنها : "إسلامية" ، ففكرت الأم في اصطحابه لعمرة في الإجازة الصيفية ليرى أن الدين أوسع بكثير من أمه المتدينة ، ومدرسته الإسلامية ، وخشيت الأم أن يصدر منه أي تعليق ساخر أمام الكعبة المشرفة، ولكنها كانت متيقنة من الله تعالى سيسامحه ، فما هو إلا طفل ، فلما رآها انبهر بمنظرها ، وظل يتساءل عن كل هذا النور الذي يحيط بها ، خاصة أنه أول ما رآها كان في الليل، وتركته الأم يفعل ما يشاء : يلعب ، ويتسوق ، ويشاهد أفلام الأطفال بالتلفزيون ، ويذهب إلى الحَرَم باختياره ، ويحضر الندوات الدينية المصاحبة للعمرة باختياره، مصطحباً معه لعبته ، فلما عاد إلى البيت كانت أول كلمة قالها -بحمد الله تعالى- هي: "متى سنذهب للعمرة ثانيةً؟؟" وتغيرت نظرته لله تعالى ، وللدين ، وللصلاة...و تأمل الأم أن يلتزم-بمرور الوقت- بإقامة الصلاة إن شاء الله تعالى.

.................................................. .....................................
المصادر:
1- عبد الملك القاسم.أبناؤنا والصلاة : مطوية نشرتها دار القاسم بالرياض:ص.4.
2- أبو الحسن الحسيني.كيف نعوِّد أولادنا على الصلاة؟ مقالة منشورة من خلال موقع: http://www.islamway.com/arabic/image...cles/salat.htm
3- محاضرتي :"التوكل"، و"اليقين" للداعية الإسلامي عمرو خالد:الأولى ضمن سلسلة شرائط "إصلاح القلوب"، والثانية بموقعه www.forislam.com على شبكة الإنترنت، ضمن الدروس المتاحة هناك.
4- الحب دستور التعامل مع العدوان.الأستاذة نيفين عبد الله :استشارة ضمن باب"معا نربي أبناءنا" بموقع www.islam-online.net
5- فنون محبة الصلاة:استشارة في باب :"معاً نربي أبناءنا" على الموقع: ، ص.1 www.islam-online.net
6- سميرة المصري. في دعوة الأطفال :مثِّلي ولا تتفرجي، استشارة في باب "معاً نربي أبناءنا"، على الموقع www.islam-online.net
7- أسماء جبر يوسف.علموهم محبة الله.استشارة بباب "معاً نربي أبناءنا" على الموقع
www.islam-online.net
8- نيفين السويفي. المراهقات .. الصلاة.. الحجاب..برنامج للاقتراب.استشارة بباب
"معاً نربي أبناءنا" على الموقع www.islam-online.net
9- يسرا علاء. دعوا أطفالكم يلعبون في المساجد: باب"حواء وآدم"، على موقع: www.islam-online.net
10- الأستاذة الدكتورة :منى الدسوقي أستاذة الفقه المقارن بجامعة الأزهر سابقا، وأم لثلاثة أولاد:اتصال شخصي.
11- الدكتورة ماجدة عشرة:طبيبة أطفال، وأم لولدين وبنت:اتصال شخصي.




الوقت في المنتدى حسب توقيت جرينتش +3 الساعة الآن 01:53 AM .

مجالس العجمان الرسمي