إحذر الأحمق واحذر ودُه =إنما الأحمقُ كالثوبِ الخلِق
كلما رقَعتهُ من جانبٍ = زعزعتهُ الريحُ يوما فانخرق
أو كصدعٍ في زجاجٍ فاحشٍ =هل ترى صدع زجاجٍ يلتصق
فإذا عاتبتهُ كي يرعوي=زاد شراً وتمادى في الحمُق

إيْتِ القبورَ فنامِِها أصواتا = فإذا أجَبْنَ فسائِلِ الأمواتا
أين الملوكُ بني الملوكِ فكلهم = أمسى وأصبحِ في الترابِ رفاتا
كم من أبٍ وأبي أبٍ لكَ تحت أط =باق الثرى قد قيلَ كان فماتا
والدهرُيومٌ أنت فيهِ وآخرٌ=ترجوهُ أو يومٌ مضى بك ففاتا
هيهات إنكَ للخُلودِ لمرتَجٍ= هيهاتَ مما ترتجي هيهاتا
ما أسرع الأمرَ الذي هو كائنٌ=لا بد منه وأقرب الميقاتا

النفسُ بالشيءِ الممنع مولعهْ=والحادثاتُ أصولها متفرعهْ
والنفسُ للشيءِ البعيد مُريدةٌ=ولكل ما قرُبت إليهِ مضيعهْ
مَن عاشَ عاشَ بخاطرٍ متصرفٍ=مُتشاغلٍ في الضيقِ طوْراً والسعهْ
والمرءُ يضعفُ عن عزيمةِ صبرهِ=فيضيقُ عن شيءٍ وعنهُ لهُ سعهْ
والمرءُ يغْلَطُ في تصرفِ حالِهِ=ولرُبمااخْتار العناءَ على الدعَهْ
كُلٌ يحاولُ حيلةً يرجو بها=دفع المضَرةِ واجتناب المنفَعهْ
والمرْءُ لايأتيهِ إلا رزْقُهُ=فاقنعْ بما يأتيكَ منْهُ في ضعهْ

عند البلى هجَر الضجيعُ ضجيعَهُ=وجَفاهُ مُلْطِفُهُ وشتّ جميعَهُ
وكذاكَ كُلُّ مفارِقٍ لا يرْتَجي=من كان يحفظُهُ فسوفَ يضيعُهُ
مَن ماتَ فاتَ وفي المقابِرِ يستوي=تحت الترابِ رفيعُهُ ووضيعُهُ
لو كنتَ تُبْصِرُ يومَ يطلُعُ طالِعٌ=ينْعاكَ لا يبْقى عليكَ طلوعهُ
لرأيتَ أنْفَسَ مَنْ يليكَ أخفَّهُ=بِنَواكَأحْشَنَ ما يكونُ صنيعُهُ
وأشدُّ أهلِكَ منكَ تبرؤا=مَنْ كنتَ تقبَلُ نصحَهُ وتُطيعُهُ
وأجلُّ زادِكَ من ثرائِكَ ريْطَهُ=وأسرُّسرِّكَ للحبيبِ سريعُهُ
إن كانَ مَنْ يبْكيكَ بعدَكَ صادِقاً=فيما يقولُ فلَنْ تَجُفَّ دموعُهُ
هيْهات كلاّ إنَّ أكبر همِّهِ=فيما جَمَعْتَ يَشيلُهُ ويبيعُهُ

الخير والشرُّ عاداتٌ وأهواءُ=وقد يكونُ من الأحبابِ أعداءُ
للحُكْمِ شاهِدُ صدْقٍ مَن تعمَّدَهُ=وللحليمِ عَنْ العوْراتِ إغضاءُ
كلٌ لهُ سعيُهُ والسّعْيُ مختلِفٌ=وُكلُّ نفسٍ لها في سعيِها شاءُ
لكلِّ داءٍ دواءٌ عند عالِمِهِ=مَنْ لم يكُن عالَماً لم يدْرِ مالداءُ
الحمدُ لله يقضي ما يشاءُ ولا=يُقْضى عليْهِ وما للخلْقِ ما شاؤوا
يا بُعْدَ من ماتَ ممّن كان يلطِفُهُ=قامت قيامَتُهُ والناسُ أحياءُ
يُقْصي الخليلَ أخاهُ عِندَ ميتَتِهِ=وكُل من ماتَ أقصتْهُ الأخلاّءُ
لمْ تبكِ نفسَكَ أيامَ الحياةِ لِما=تخشى وأنتَ على الأمواتَ بكَّاءُ
أستَغْفِرُ الله مِنْ ذنبي ومِنْ سَرَفي=إنِّي وإنْ كنتُ مستوراً لخطاءُ
لَمْ تقتحم بي دواعي النفسِ معصيةً=إلاّ وبيني وبين النورِ ظلماءُ
كم راتِعٍ في رياضِ العيْشِ تتبَعُهُ=مِنْهنَّ ُداهِيةٌ ترتَجُّ دهياءُ
وللحوادثِ ساعاتٌ مُصرِّفةٌ=فيهِنَّ للحينِ إدناءٌ وإقصاءُ
كُلٌّ يُنَقَّلُ في ضيقٍ وفي سعَةٍ=وللزمانِ بِهِ شدٌ وإرخاءُ

المرءُ يأملُ أن يعيشَ=وطولُ عمْرٍ قد يضُرُّهُ
تفنى بشاشتُهُ ويبْقى=بعد حُلوِ العيْشِ مُرُّهُ
وتخونُهُ الأيامُ حتّى=لا يرى شيْئاً يسُرُّهُ