مجالس العجمان الرسمي

مجالس العجمان الرسمي (http://www.alajman.ws/vb/index.php)
-   مجلس الدراسات والبحوث العلمية (http://www.alajman.ws/vb/forumdisplay.php?f=41)
-   -   الارهااااااااااااب والتطرف (http://www.alajman.ws/vb/showthread.php?t=2557)

د.فالح العمره 15-04-2005 07:03 PM

الارهااااااااااااب والتطرف
 


أستاذ الفقه الإسلامي بجامعة الملك سعود لـ الدعوة

المسلمون أقدر على علاج تطرف أبنائهم.. وليس شأن الغرب!

أناس بينهم وبين العلم الشرعي ألف حجاب يتصدون للفتوى

المناهج في عموم وطننا العربي.. قاصرة

بعض بحوث اليوم ترداد لأقوال السابقين دون بناء!

كتب - عبدالواحد القاضي:

قسم الثقافة الإسلامية بجامعة الملك سعود يعد أحد أبرز وأكبر الأقسام في الجامعة ويضم نخبة كبيرة من الأساتذة والأكاديميين المتخصصين في علوم الشريعة بمجالاتها المختلفة وقد أثروا الساحة بعطاءتهم المتميزة إلى جانب جهودهم داخل نطاق الجامعة, ويضم القسم أكثر من ؛80« أستاذا ودكتورا . وضيفنا اليوم هو الأستاذ الدكتور علي محمد العمري, أحد هؤلاء الأساتذة الذين التقينا معه في حوار حول بعض النقاط والقضايا, والذي قدم للمكتبة الإسلامية أكثر من ؛16« بحثا فقهيا معاصرا , فإلى حوار الدكتور العمري:



في البداية نود أن تحدثنا عن ثقافة الطالب الإسلامية كيف تراها?

- ثقافة الطالب الإسلامية تتكون من علم وعمل.

أ - العلم يكون بمبادئ الإسلام, وبحقوق المسلم, وبحقوق الجماعة, وفهم قضايا المجتمع المعاصر.

والعلم بالتيارات التي تعصف, واتخاذ ما يمكن لمواجهتها أو التخلص من شرها. كإنسان على شاطئ بحر يعد العدة قبل أن يلج البحر.

والأخذ بأسباب الحياة الحديثة مع الحرص على الثوابت. والتمييز بين الثابت والمتغي ر. ألا إن رحى الإسلام دائرة فدوروا مع الإسلام حيث دار.

ب - الإلمام بالسيرة العطرة التي تصقل النفس وتهذب الروح وتزرع الأمل وتضع العلامات المنيرة في الطريق, وتبي ن القدوة الصالحة سيرة المصطفى < وسيرة صحابته رضي الله عنهم, وسيرة علماء الأمة وأعلامها, وكيف صبروا في طلب العلم, وتعهد الطالب بالتزام هذا المنهج شيئا فشيئا , حتى يكون العمل مبنيا على العلم.

ج- - الإلمام بتاريخ المسلمين وعلومهم في ميدان الاجتماع والنفس والتاريخ والتقنين والعلوم الكونية, وما قد موه للبشرية. فالمسلمون هم الذين حرروا البشرية من الخرافة والأوهام; والظلم والعنصرية, والفساد. ولم ا بعدوا عن القيام بواجبهم عادت البشرية إلى جاهليتها كما نرى من ظلم وكيد وتهديد وتنك ر للحقائق وتأل ه الأقوياء على الضعفاء.

المناهج العربية

ماذا عن مستوى المناهج في الوطن العربي?

- المناهج إجمالا قاصرة.

الأصل في المنهج أن يلبي حاجات الإنسان في (الروح والعقل والبدن) وأن ينسجم مع ما يعتقده المسلمون.

غير أن المناهج صارت في معظم أقطار الإسلام متأثرة بمناهج الغربيين, وصار الطالب متأرجحا بين ما يتعلمه في البيت والمسجد, وبين ما يتلقاه في المدارس. وإذا كلمته عن تاريخ أمته, ولغته, وحضارته, وجدت الصوارف عن الانتباه كثيرة.

ولأضرب مثالا :

كان المنهج الدراسي في مصر والشام ومكة المكرمة وبغداد وسمرقند والمغرب وكل العالم الإسلامي يركز على ما يلي:

أولا : حفظ كتاب الله تعالى.

ثانيا : حفظ ما تيسر من أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم .

ثالثا : مبادئ القراءة والكتابة, الخط, الإملاء, النحو, ومبادئ الحساب. ثم دخول المدارس الابتدائية.

ولقد كان المنهج إلى عهد قريب أن تقرر سلسلة ابن هشام - رحمه الله - (قطر الندى, مغنى اللبيب, شذور الذهب) في المرحلة الابتدائية الأزهرية. فكيف بالمرحلة الثانوية, فكيف بالمرحلة الجامعية والتي كانت تعطي شهادة العال مية - أي عال م حقا -. فيكون الطالب موسوعة في اللغة والتاريخ والدعوة والفقه والحديث والتفسير. يصلح للوعظ, والخطابة والقضاء, والدعوة, والتعليم. ثم جاء الغزو الفكري لما ضعف المسلمون.. وأنشئت المدارس الغربية داخل بلاد الإسلام, وحوصرت المدارس والمناهج الأصلية.

احتلت الجزائر سنة 1830م, وتونس 1881م, ومراكش 1912, ليبيا 1911, ومصر 1914... وهدمت الخلافة في تركيا 1924, وألغيت المناهج الإسلامية في معظم أقطار الإسلام. ثم دب الهزال في المناهج وانعكس على شخصية الطالب ثم على شخصية المجتمع. حتى لم يعد ما يميز المسلمين في كثير من أقطارهم عن غيرهم - من حيث نمط الحياة والمظهر والمحاكم والتعليم وأهدافه - بل لتمي ع شخصية المجتمعات وعدم وضوح الرؤية بدأت الغربان تطالبنا بصياغة مناهجنا لتوافق أهواءهم كلي ة. وأذكر قول الشاعر:

لقد هزلت حتى بدا منه زالها ك لاها وحتى سامها كل مغلس

البحوث ترداد

بحوث أعضاء هيئة التدريس بقسم الثقافة الإسلامية, هل تناقش قضايا معاصرة?

- لا يخلو كثير منها عن فائدة جديدة, والبقية ترداد لأقوال السابقين دون البناء عليها, وينبغي أن تخوض غمار الواقع وتضع حلولا للقضايا المعاصرة مع ثبات القواعد الشرعية.

هناك حديث عن التطرف والغلو في عالمنا الإسلامي كيف ذلك ما أسبابه?

- لا بد من بيان معنى التطرف والغلو, ولا بد من التثبت من وجود تطرف وغلو في العالم الرسلامي. نحن نريد الحق, ونريد أن ن عالج أنفسنا فيما نراه نحن مرضا وعيبا لا فيما يراه خصوم العالم الإسلامي.

أما النقطة الأولى: فالتطرف هو اتخاذ طرف, أي البعد عن الجادة والغلو هو المغالاة والتشدد.

والمسلمون أمة وسط أمناء على الناس. والمتطرفون هم الكفار الذين يظلمون المسلمين, وغير المسلمين هم الذين جانبوا الحق, فكذ بوا على الله وكذ بوا على أنفسهم وكذ بوا على البشرية. وهم الذين يطالبون ويسعون لإهلاك من سواهم, وهم الذين يبالغون في إهمال بقية البشر, ويغالون في عبادة مصالحهم.

وأما النقطة الثانية: فإننا نرى مسلمين ملتزمين بدينهم ولا نستطيع أن ننسب لهم التطرف ما داموا في دائرة الإسلام وتعاليمه السمحة. ولكن الغربيين يصفون كل مسلم بالتطرف, ويسقطون عيوب الغرب وأمراضه وأحقاده وتاريخه المظلم, يسقطون كل ذلك على المسلمين.

وأما النقطة الثالثة: أقول حتى لو صار لدى بعض أبناء الإسلام غل و, فإن أهل العلم من ا هم الذين يعالجون المرض, فهم يعرفون الداء إن وجد ويبحثون عن سببه, وهم أعلم بالدواء, لا الغربيون الذين لم يعرفوا سببا ولا مرضا ولا دواء, بل هم أنفسهم داء عضال.

الفتوى

انتشار الفتوى وتعددها عبر وسائل الإعلام هل فيها محاذير?

- الأصل في الفتوى أن يسأل المفتي المستفتي ويستفصل عن القضية المسؤول عنها. كما قال الإمام أبوالحسن الكرخي - رحمه الله -: ؛لا ينبغي للمفتي أن يفتي حتى يسأل ويستقصي من السائل..«.

وما نراه في وسائل الإعلام لا يخلو من فائدة عندما تصدر الفتاوى عن أهلها. ولكن المحذور أن كل سامع يفهم شيئا من الإجابة, فيذهب ينشرها بين الناس كما فهمها هو, لا كما أرادها الشيخ المفتي المخلص, بل ربما كان السؤال والإجابة في موضوع فهمها بعض السامعين في موضع آخر, ثم يذهب فينشر فهمه هو وينسبه إلى الشيخ المعروف وهكذا.

من هو المفتي? ... من الذي يحق له أن يفتي الأمة?

- سئل الإمام أحمد - رحمه الله - عم ن يحفظ ستة آلاف حديث هل يحل له أن يفتي فقال: لا. قالوا: مئتي ألف قال: لا, قالوا: ثلاثمائة ألف قال: أرجو.

أي أنه - رحمه اله - حدد أدنى درجة التأهل للافتاء بأن يكون من حفظ ثلاثمائة ألف حديث أهلا للفتوى.

وهناك أمر ملحوظ في حفظة الحديث, وهو الفهم دون مجرد الحفظ وهناك التقوى ومجانبة الهوى.

والمفتي في باب البيع مثلا يحفظ الآيات الواردة في هذا الباب والأحاديث الواردة كذلك, وفهم العلماء السابقين للآيات والأحاديث, ويعرف اللغة ومدلولات الألفاظ, ويعرف الواقع الذي هو فيه. وقد تصدى في هذه الأيام للفتوى من لا يتقن قراءة آية أو حديث, وربما تصدى لبعض العلماء, لكن هان عليهم دينهم, فجاروا في فتاوايهم. كما تصدى للفتاوى نساء لا يربطهن بالإسلام سوى العداوة ممن صنعن في مدارس الباطل, فقلدن الكافرات مظهرا وفكرا وسلوكا , ور ح ن يلقين الفتاوى في مؤتمرات بكين والقاهرة واستانبول بشأن المرأة والإجهاض والزنى والطلاق وتعدد الزوجات, وربما تستشهد إحداهن بحديث أو آية وتفس ر كما تشاء. ومن فتواهن (الاحتشام لا يجب, الطلاق يقيد, التعدد ي منع, السفر لا يحتاج لمحرم... إلخ).

من هو الإرهابي?

الإرهاب أصبح لغة دولية, كيف نحاربه نحن المسلمين. ومن الإرهابي?

- الإرهاب مصدر أرهب, أي أخاف وأذعر وفز ع كما في لسان العرب. والإرهاب هو الفتنة عن دين الله. ولذا أمر الله تعالى بالقضاء على الإرهاب الذي هو ايذاء المسلمين وإخافتهم وتعكير أمنهم.

أي حتى لا يبقى في الأرض كفر أو فساد.

فالإرهابي هو الكافر. لأنه لا يرهب الله ولا يخاف لقاءه, ولذلك فهو ي ره ب الناس بمكره وكيده وتخطيطه وفجوره وغصب حقوق الناس.

ومحاربة الإرهاب بهذا المنظور تكون بالتزام حكم الله في الأرض كل الأرض, فتشريع الإسلام كله عدالة مع المسلمين وغير المسلمين. ولا أمان إلا في ظل الإسلام. والتاريخ يشهد والواقع يشهد. الإرهابي هو المشرك بالله, والذي يقدم هواه على ما شرع الله. والإرهابي هو الزاني الذي يستبيح أعراض الناس ويدعو لإباحة الزنى. الإرهابي هو السارق الناهب والغاصب الذي يستبيح أموال الناس. الإرهابي هو السك ير الذي يؤذي الناس بصخبه وضجيجه وجنونه ومجونه. الإرهابي هو الذي يرى بقي ة الناس ليسوا أهلا للحياة.

دور الأئمة والخطباء

ما الدور المفترض لأئمة وخطباء المساجد لنشر الوعي الإسلامي الصحيح?

- أولا : الوعي الإسلامي الصحيح يقد ره علماء الإسلام الأثبات الناصحون للأمة, وهؤلاء ينبغي لهم أن يزهدوا في الدنيا, وأن يناصحوا الناس أجمعين, وأن يعرفوا الواقع الذي يعيشون منه, وأن يشم روا عن ساعد الجد, ويرد وا على حجج المبطلين من الكفار, وعلى استدلالات المخطئين والعابثين من أبناء الإسلام.

ثانيا : الأئمة والخطباء يستطيعون بحكمتهم وإخلاصهم استرداد دورهم.

المجامع الفقهية

المجامع الفقهية هل قامت بدورها?

- للمجامع الفقهية في هذه الأيام دور كبير; لأن الاجتهاد الجماعي في المسائل المستجدة أبعد عن الزلل. وعلى هذه المجامع واجبات عظيمة. وعلى العلماء أن يخوضوا غمار الواقع ويستنبطوا الأحكام التي تعالج أوضاع المسلمين الفكرية, والأخلاقية, والسياسية, والاقتصادية, وهناك من القضايا ما هو م لح وم هم جدا والأمة بحاجة إلى معرفة الأحكام فيها.

وسائل الإعلام

هل وسائل الإعلام المختلفة في العالم الإسلامي ملتزمة بتعاليم الشرع?

- معظم هذه الوسائل من التلفاز والمذياع والصحف لا تعرف حرمة لتعاليم الشرع. فيها الدعاية للباطل والإغراء بالمنكر,(ر با, شهوات جسدية, كذب, تعظيم أهل الضلالة, الازدراء بأهل الفضل, تضييع الوقت, إدخال المصطلحات الغربية, استبعاد اللغة العربية, أو تحويرها وإضعافها...)

كيف يمكن الاستفادة من وسائل الإعلام في نشر الدعوة? وما رأيكم في إقامة قناة فضائية إسلامية?

- إقامة قناة فضائية إسلامية مطلب طموح, علما بأن هناك قنوات جيدة الآن, لكن أن تكون قناة إسلامية صرفة فهذه أمنية عذبة. وأما كيفية الاستفادة من الوسائل الإعلامية فإني أرى أن يقوم بأمر هذه الوسائل من عرف بالإخلاص والبعد عن الهوى, فلا يقرب معارفه ليشهرهم, أو ليفيدهم ماليا , هنا نكون قد خطونا الخطوة الأولى.

وأما الخطوة الثانية فهي اختيار أصحاب البلاغة والبيان, وأصحاب التجربة والذين يعيشون مع الناس ومع الشباب همومهم وآمالهم وآلامهم. خاطبوا الناس على قدر عقولهم , أي ليعلمهم ويقيم الحجة عليهم ويدلهم على جاد ة السلامة, وأيضا يضع الحلول لقضاياهم ويصف الدواء لأمراضهم.

باب الاجتهاد

باب الاجتهاد في الوقت الحالي هل أغلق? وما أسباب توقف الاجتهاد, وكيف يوجد الاجتهاد?

- باب الاجتهاد مفتوح ولكن لا يقوم بالاجتهاد إلا أهله. والاجتهاد هو بذل العالم قصارى جهده في معرفة الحكم الشرعي.

ومن الاجتهاد في العصر الحديث ما يصدر عن دار الافتاء في السعودية وهيئة كبار العلماء وغيرها, وكذلك ما يصدر من دراسات في القضايا المستجدة, رسائل جامعية أو بحوث فقهية, وهناك المجلات المتخصصة في الدراسات الفقهية, وأما أن باب الاجتهاد أغلق فأقول: في أواخر عهد الخلافة العثمانية ضعف وضع الخلافة سياسيا واقتصاديا وإداريا , واستأثر كثير من الباشوات والولاة بأمر ولاياتهم ودخلت داخلة الهوى. وتجرأ بعض من استهوتهم الدنيا على الفتوى بغير علم من جهة, وبمجاملة لذوي النفوذ من جهة أخرى. حينها أفتى كبار العلماء آنئذ بقفل باب الاجتهاد, ليسد وا منافذ الشياطين, وليبعدوا هؤلاء الجهلة المتعالمين. أي من باب سد الذرائع. وهذه الفتوى نفسها هي اجتهاد, وإلى حين.

والصواب أن الفقه الإسلامي لا يتوقف, وباب الاجتهاد لا يغلق, ولكن توضع الضوابط والشروط. وكم نرى في أيامنا من أناس بينهم وبين العلم ألف حجاب يتصدون للفتوى في أجهزة الإعلام وفي المجالس, وينبرون للحكم على الأحاديث أو لتفسيرها بمعيار رغباتهم, وينكرون ما هو معلوم من الدين بالضرورة!!

وأضيف هنا أن الفقه الإسلامي ليس نظريات خيالية أو فلسفات جامدة, وإنما أحكام لتطبق. فهل يستجيب الناس لفتاوى العلماء الصادقين?

بل إن واقع أكثر المجتمعات الإسلامية عدم الالتفات إلى فتاوى أهل العلم.

القضاء

كيف ترى القضاء في الإسلام?

- القضاء فريضة محكمة وسن ة متبعة كما ورد عن الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم, والقضاء هو الحكم بين الناس بما أنزل الله.

والكلام عن القضاء ومكانته وأدب القاضي, وبم يقضي وكيف يقضي وعلى من يقضي.... يحتاج إلى حوار خاص.

الحضارة

ما معنى الحضارة, وهل نحن أمة متحضرة, ومتى يكون الإنسان متحضرا ?

- الأصل: الح ضارة والح ضارة الإقامة في الح ضر, والحضر خلاف البدو.

ثم إن أهل القرى والمدن تصير عندهم علوم مختلفة, وصناعات بسبب الاستقرار. وقد نسمي هذه حضارة, لأن الناس يصير لهم قوانين وقواعد لا بد من مراعاتها. والأصل أن العلوم والصناعات التي ترقى بإنسانية الإنسان وتخدمها, وكل ما ينهض بقيمه وحقوقه فهو من الحضارة.

ثم صارت ت طلق على ما يقابل الوحشية, فالمتوحش - أي من يسلك سلوك الوحوش والبهائم - من الأثرة والبطر وغمط الناس حقهم, وحب الظهور, فهو غير متحض ر ولو كان عنده علوم كثيرة. ومثال ذلك رجل يعرف أن يصلح السيارة أو يصنع آلة ولكنه كذاب أف اك مخادع ظالم هل يقال إنه متحضر....

والإنسان المهذ ب الذي لا يؤذي أحدا , وهو طاهر الثوب طاهر المكسب, فهذا هو المتحضر ولو كان قليل المعارف. بل إن الله تعالى وصف الكافرين بالجهل وعدم العقل على ما لديهم من صناعات وقوانين ونظم. أي أن العاقل المتحضر هو المؤمن.

وهل نحن أمة متحضرة?

- ضع الأمة في هذا الميزان, ونحن اليوم لنا وعلينا, والأصل أن المسلمين هم الأمة المتحضرة الخيرة , فهذه شروط استحقاق وصف الأمة المتحضرة.

وتكون الدولة - أي دولة - متحضرة بهذه الشروط أيضا .

الإيمان والدعوة إليه, العدل والعفة, البعد عن الغلو والفساد.

ماذا قدم المسلمون للعالم?

- قدموا المنهاج الأقوم والسلوك الأحمد. قدموا النصح والهداية, وحرروا البشرية من الوهم والخرافة. وقدموا العلوم الكونية (الحساب, الكيمياء, الفلك, الطب, اللغة, الهندسة والعمارة وغيرها من علوم الاجتماع والسلوك والتربية). وقدموا الفضائل والم ثل والعفو والصفح والإيثار... وعاملوا الخصم والصديق بالعدل والإحسان.

الحضارة والعالم

متى نهضت أوروبا?

- نهضت أوروبا على أكتاف المسلمين, كان حكامهم يرسلون أبناءهم ليروا النور في الأندلس وبغداد وغيرهما.

ثم لما ضعف المسلمون وقويت أوروبا هجموا على بلاد الإسلام فنهبوا الخيرات وسرقوا المكتبات..ولا تزال المخطوطات في مكتبات العواصم الأوروبية. وترجموها واستفادوا منها وحجبوها عن أهلها.

كيف نستفيد من الحضارة الغربية?

- يتلخص ذلك بأن نفرق بين المعارف الكونية وبين الأخلاق والمعتقدات, فلو أخذنا عنهم الصناعات والعلوم الطبيعية البحتة فنواميس الكون لكل الناس, وكذلك لو أخذنا عنهم تسهيل الإجراءات والمعاملات فإننا نستفيد كثيرا , وأما أخلاقهم وخمورهم وفجورهم وأوهامهم فمالنا ولها?

ما الفرق بين الإنسان المسلم وغيره من الناس في الديانات الأخرى?

- المسلم إنسان عالمي بعيد الامتداد, يرتبط بما قبل الوجود - الإيمان بالله, وبما بعد الدنيا - الآخرة. والحياة الدنيا طريق في نظره, وسلوكه يتوج ه بهذا المنظور.

وغير المسلم يا يرتبط بما قبل الوجود ولا بما بعد الحياة الدنيا .

ماذا عن الأبحاث الفقهية التي قمت بها في قسم الثقافة الإسلامية?

- هناك أبحاث عديدة قمت بها ومن أهمها:

1- ضمان السير في الفقه الإسلامي - أسباب الضمان -

2- حكم التداوي بالمحر مات.

3- حكم الاكتحال والتقطير في العين أثناء الصيام.

4- شرح قاعدة لا ينكر تغي ر الأحكام بتغير الأزمان.

5- خلاف ابن مسعود رضي الله عنه في الفرائض.

6- خلاف ابن عباس رضي الله عنهما في الفرائض.

7- كيفية التضمين في حوادث السير - مقدار الضمان.

8- عقوبة المستأمن إذا ارتكب حد ا .

9- الكفارات في حوادث الطرق, معالجة للأحوال الراهنة.

01- حكم احتساب إبراء المدين المعسر من الد ين زكاة.

11- أثر تطبيق الحدود على الاقتصاد.

21- الإقرار المعتبر.

31- الني ة التي لم يلحقها عمل هل ي بنى عليها حكم.

41- التخلي عن المكروب حتى يهلك.

51- شرح أصول الكرخي.

61- الخلاف بين أبي حنيفة ومالك.



**********************


د.فالح العمره 18-04-2005 01:29 AM

شبهات

قول أخرجوا المشركين من جزيرة العرب

الشبهة:

قالوا: دل الحديث على أن كل المشركين من اليهود والنصارى لا يجوز لهم الإقامة في جزيرة العرب، إلا لفترة وجيزة لقضاء حاجة أو استيفاء دين أو غيره، وأنه ليس لهم عهد ولا أمان ولا ذمة، في جزيرة العرب، وخاصة الأمريكان.

وبناءً عليه فالمقيمون في المجمعات السكنية لا ينطبق عليهم هذا الجواز، فلذلك يجب إخراجهم ولو بالقوة.

أما كونهم ليسوا بأهل ذمّة: فالذي نعرفه بأن أهل الذمة هم: أناس يعيشون في بلاد الإسلام، وتجري عليهم أحكام المسلمين، وهؤلاء لا يكونون في جزيرة العرب؛ لأن الكافر لا يسمح له باستيطان جزيرة العرب ..

كما أنهم ليسوا بأهل هدنة: فنحن تعلّمنا بأن المهادن هو حربي عقدنا معه اتفاقاً على وقف الحرب بيننا وبينه لمدة معلومة على أن يكون في بلاده، ولا يحارب المسلمين أو يُعين على حربهم.. فالجنود الأمريكان في بلاد المسلمين، وهم يحاربون المسلمين الآن في العراق وأفغانستان ...إلخ، فكيف يكونون أهل هدنة؟!

ثم ألم ينقض الأمريكان عهدهم في كل حين، فهل نبقى نحن على عهدٍ هم نقضوه ؟

طبعاً هذا إذا فرضنا مجرد فرضية أن العهد الذي دخلوا به هو عهد صحيح يثبت أثره لعاقده، لكن الصحيح أن العقد الذي يجيز للكفار الإقامة في جزيرة العرب إقامة طويلة هو عقد باطل، كما ذكر ذلك الشيخ العلاّمة بكر أبو زيد - عضو اللجنة الدائمة وعضو هيئة كبار العلماء - في كتابه "خصائص جزيرة العرب" (ص 34).

هذا بالإضافة إلى أن الأمريكان محاربون بالاتفاق، وقد حكم سعد بن معاذ في بني قريظة أن تقتل مقاتلتهم، فما كان من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أن قال (أصبت حكم الله من فوق سبعة أرقعة)، فكان الصحابة يأتون بالصبي، فينظرون فإن كان أنبت قتلوه، وإلا تركوه!

فكان هذا دليلاً على أن البالغ من العدو الخائن للعهد، والمحارب لله ورسوله والمسلمين يعتبر مقاتلاً، يجوز استهدافه وقتله.

فالأمريكان محاربون، خانوا العهد، وحاربوا المسلمين في كل مكان، سواء بالمباشرة كما في أفغانستان، والعراق، أو بالمساعدة كما في الشيشان، وفلسطين بدعمهم للروس، واليهود هناك.

فإن قيل تلك بلاد حرب.. فهل الأمريكان -الذين يدفعون الضرائب، وأيد 70% منهم رئيسهم في الحرب على العراق- ليسوا محاربين؟ فإن قيل بعضهم ليس محاربا فهل في حالة عدم القدرة على التفريق بينهم يلزمنا أن نكف عنهم جميعا؟ أليس النبي صلى الله عليه وسلم قد قال عن الذين يبيتون فيصاب من ذراريهم: (هم منهم)؟

ثم إنهم بعد الإنذار بأنهم لا عهد لهم في بلاد المسلمين لا يبقى لهم عهد.

أما كونهم أهل أمان: فنحن نتساءل: من أعطاهم الأمان!! أحاكم اتفق العلماء على كفر مثله لموالاته الكفار، أم حاكم اتفق العلماء على كفر مثله لتحكيمه غير شرع الله؟!

الجواب:

وقد أجاب على هذه الشبهة كوكبة من أهل العلم وقد أجادوا وأفادوا وننقله بنصه حيث جاء فيه:

الجواب عن الاستدلال بحديث: (أخرجوا المشركين من جزيرة العرب) من وجوه:

الوجه الأول:

هذا الحديث لا يدل على جواز قتل مَن في جزيرة العرب من اليهود والنصارى والمشركين ألبتة، لا بدلالة منطوقه ولا بدلالة مفهومه.

ولا يدل كذلك على انتقاض عهد من دخل جزيرة العرب من اليهود والنصارى لمجرد الدخول، ولم نجد من قال بذلك من أهل العلم.

وغاية ما فيه: الأمر بإخراج المشركين من جزيرة العرب، وهو أمر موكول إلى إمام المسلمين، ولو كان فاجراً.

ولا يلزم من الأمر بإخراجهم إباحة قتلهم إذا بقوا فيها، فهم قد دخلوها بعهد وأمان، حتى على فرض بطلان العهد؛ لأجل الأمر بإخراج اليهود والنصارى من جزيرة العرب، فإن الكافر الحربي لو دخل بلاد المسلمين وهو يظن أنه مستأمن بأمانٍ أو عهد لم يجز قتله حتى يبلغ مأمنه أو يُعلِمه الإمام أو نائبه بأنه لا أمان له.

فقد ذكر المرداوي في "الإنصاف" (10/348-352) (مع المقنع والشرح الكبير) عن الإمام أحمد أنه قال : "إذا أشير إليه - أي الحربي - بشيء غير الأمان، فظنه أماناً، فهو أمان، وكل شيء يرى العلج (أي العدو من الكفار) أنه أمانٌ فهو أمان، وقال : إذا اشتراه ليقتله فلا يقتله؛ لأنه إذا اشتراه فقد أمّنه، قال الشيخ تقي الدين - يعني ابن تيمية - : فهذا يقتضي انعقاده بما يعتقده العلج، وإن لم يقصده المسلم، ولا صدر منه ما يدل عليه" أ.ه- .

كما أن الأمان يجوز من الإمام الأعظم للكفار، ومن سائر المسلمين لآحاد الكفار، قال في الروض (4/296):"ويصح الأمان من مسلم عاقل مختار غير سكران ولو قنا -أي عبداً- أو أنثى بلا ضرورة من إمام لجميع المشركين ومن أمير لأهل بلدة ومن كل أحد لقافلة وحصن صغيرين". فيصح الأمان لهؤلاء الكفار من الإمام ومن سائر المسلمين.

الوجه الثاني:

لا يُسلَّم بقول من قال بأن هؤلاء لا عهد لهم ولا أمان ولا ذمة، فقد قال الشافعي:"فرض الله - عز وجل - قتال غير أهل الكتاب حتى يسلموا، وأهل الكتاب حتى يعطوا الجزية، وقال تعالى:"لا يكلف الله نفساً إلا وسعها" [البقرة:286] فهذا فرض الله على المسلمين ما أطاقوه، ولا بأس أن يكفوا عن قتال الفريقين من المشركين وأن يهادنوهم، وقد كفَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عند كثيرٍ من أهل الأوثان، بلا مهادنة إذا انتاطت دورهم عنه مثل بني تميم وربيعة وأسد وطي، حتى كانوا هم الذين أسلموا، وهادن الرسول -صلى الله عليه وسلم- ناساً، ووادع حين قدم المدينة يهوداً على غير ما خرج أخذه منهم" انظر الأم (4/188).

قال شيخ الإسلام في الاختيارات (ص: 455): "ويجوز عقدها -أي الهدنة- مطلقاً ومؤقتاً، والمؤقت لازم من الطرفين يجب الوفاء به ما لم ينقضه العدو، ولا ينقض بمجرد خوف الخيانة في أظهر قولي العلماء، وأما المطلق فهو عقد جائز يعمل الإمام فيه بالمصلحة".

وقال ابن القيم في أحكام أهل الذمة (2/874): "والقول الثاني هو الصواب أنه يجوز عقدها مطلقاً ومؤقتاً، فإذا كان مؤقتاً جاز أن تجعل لازمة ولو جعلت لازمة جعلت جائزة بحيث يجوز لكل منهما فسخها متى شاء كالشركة والوكالة والمضاربة ونحوها جاز ذلك، لكن بشرط أن ينبذ إليهم على سواء، ويجوز عقدها مطلقة وإذا كانت مطلقة لا يمكن أن تكون لازمة التأبيد بل متى شاء نقضها، وذلك أن الأصل في العقود أن تعقد على أي صفة كانت فيها المصلحة، والمصلحة قد تكون في هذا وهذا، وعامة عهود النبي –صلى الله عليه وسلم- كانت كذلك مطلقة غير مقيدة، جائزة غير لازمة، منها عهده مع أهل خيبر مع أن خيبر فتحت وصارت للمسلمين، ولكن سكانها كانوا هم اليهود".

الوجه الثالث:

أن لأهل العلم في تحديد جزيرة العرب المقصودة في الحديث كلاماً طويلاً وخلافاً مشهوراً بعد اتفاقهم على تحريم استيطانهم لحرم مكة، وليس هذا موضع بسط الخلاف.

الوجه الرابع:

أن الأمر بإخراج المشركين من جزيرة العرب يُحمل على ما إذا لم يحتج المسلمون إليهم في عمل لا يحسنه غيرهم، أو لا يُستغنى عن خبراتهم فيها.

ويدل لذلك إقرارُ النبي -صلى الله عليه وسلم- اليهود على الإقامة بخيبر ليعملوا فيها بالفلاحة، لعجز الصحابة وانشغالهم عن ذلك.

ولذا أبقاهم أبو بكر طيلة حياته، وعمر صدراً من خلافته؛ لحاجة المسلمين إليهم.

ولما كثر عدد المسلمين في آخر عهد عمر، وقاموا بشأن الفلاحة والزراعة؛ استغنوا عن اليهود ونقض بعضهم ذمته، فأجلاهم عمر -رضي الله عنه- إلى الشام.

يقول الإمام الطحاوي في شرح مشكل الآثار (7/189) بعد ما ساق مصالحة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ليهود خيبر على أن لهم الشطر من كل زرع ما بدا لرسول الله أن يبقيهم:"فلما كان زمن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- غالوا في المسلمين وغشوهم ورموا ابن عمر من فوق بيته ففدعوا يده (والفدع ميل في المفاصل من عظام اليد) فقال عمر -رضي الله عنه-: من كان له سهم من خيبر فليخرص حتى يقسمها بينهم، فقال رئيسهم: لا تخرجنا ودعنا نكون فيها كما أقرنا رسول الله، فقال عمر لرئيسهم: أتراه سقط عني قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لك: "كيف بك إذا رقصت بك راحلتك نحو الشام يوماً ثم يوماً ثم يوماً". وقسمها عمر -رضي الله عنه- بين من كان شهد خيبر يوم الحديبية"

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (28/88-89) : "لما فتح النبي -صلى الله عليه وسلم- خيبر أعطاها لليهود يعملونها فلاحةً؛ لعجز الصحابة عن فلاحتها؛ لأن ذلك يحتاج إلى سكناها، وكان الذين فتحوها أهل بيعة الرضوان الذين بايعوا تحت الشجرة، وكانوا نحو ألف وأربعمائة، وانضم إليهم أهل سفينة جعفر، فهؤلاء هم الذين قسَّم النبي -صلى الله عليه وسلم- بينهم أرض خيبر، فلو أقام طائفة من هؤلاء فيها لفلاحتها تعطلت مصالح الدين التي لا يقوم بها غيرهم -يعني الجهاد- فلما كان زمن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- وفتحت البلاد، وكثر المسلمون، واستغنوا عن اليهود؛ فأجلوهم وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- قد قال:"نقركم فيها ما شئنا". وفي رواية :"ما أقركم الله". وأمر بإجلائهم عند موته -صلى الله عليه وسلم- فقال:"أخرجوا اليهود والنصارى من جزيرة العرب". ولهذا ذهب طائفة من العلماء كمحمد بن جرير الطبري إلى أن الكفار لا يقرون في بلاد المسلمين -الجزيرة- بالجزية، إلا إذا كان المسلمون محتاجين إليهم، فإذا استغنوا عنهم أجلوهم كأهل خيبر، وفي المسألة نزاع ليس هذا موضعه" ا.هـ.

وقال ابن القيم في أحكام أهل الذمة (2/476) - بعد أن ذكر أن الكفار: إما أهل حرب أو أهل عهد، وأن أهل العهد ثلاثة أصناف: أهل ذمة، وأهل هدنة، وأهل أمان، قال عن أهل الأمان - : "وأما المستأمن فهو الذي يقدم بلاد المسلمين من غير استيطان لها، وهؤلاء أربعة أقسام: رسل، وتجار، ومستجيرون حتى يعرض عليهم الإسلام والقرآن، فإن شاءوا دخلوا فيه، وإن شاءوا رجعوا إلى بلادهم، وطالبوا حاجة من زيارة أو غيرها، وحكم هؤلاء ألا يهاجوا، ولا يقتلوا، ولا تؤخذ منهم الجزية، وأن يعرض على المستجير منهم الإسلام والقرآن، فإن دخل فيه فذاك، وإن أحب اللحاق بمأمنه ألحق به، و لم يعرض له قبل وصوله إليه، فإذا وصل مأمنه عاد حربيا كما كان" اهـ.

وقال العلامة ابن عثيمين رحمه الله - شرح صحيح مسلم (مخطوط): - عندما سئل: هل يجوز استخدام العمال من أهل الكتاب من اليهود والنصارى ؟ - فقال: "نعم يجوز ذلك، لكن لا يجوز أن يسكنوا ويكونوا مواطنين، هذا ممنوع في جزيرة العرب لكن إذا دخلوا في تجارة أو عمل غير مقيمين دائماً فلا بأس"اهـ.

ويشهد لذلك ما رواه البخاري في صحيحه (3700) في قصة مقتل عمر رضي الله عنه الطويلة، وفيه أنه لما قُتل أمر ابن عباس أن ينظر من الذي قتله، فلما أخبره أنه أبو لؤلؤة - قال عمر: "قد كنت أنت وأبوك تحبان أن تكثر العلوج بالمدينة، وكان العباس أكثرهم رقيقاً، فقال - أي ابن عباس - : إن شئت فعلت ! - أي إن شئت قتلنا، قال: كذبت، بعدما تكلموا بلسانكم، وصلوا قبلتكم، وحجوا حجكم !..." .

قال ابن حجر: في الفتح (7/64) : قوله: "قد كنت أنت وأبوك تحبان أن تكثر العلوج بالمدينة" في رواية ابن سعد من طريق محمد بن سيرين، عن ابن عباس، فقال عمر : "هذا من عمل أصحابك ! كنت أريد أن لا يدخلها علج من السبي، فغلبتموني"، وله من طريق أسلم مولى عمر قال : قال عمر : "من أصابني ؟ قالوا : أبو لؤلؤة، واسمه فيروز، قال : قد نهيتكم أن تجلبوا عليها من علوجهم أحداً فعصيتموني". ونحوه في رواية مبارك بن فضالة.

وروى عمر بن شبة من طريق ابن سيرين قال: "بلغني أن العباس قال لعمر - لما قال : لا تدخلوا علينا من السبي إلا الوصفاء - : إن عمل المدينة شديد، لا يستقيم إلا بالعلوج".

قوله: "إن شئت فعلت" قال: ابن التين: إنما قال له ذلك؛ لعلمه بأن عمر لا يأمر بقتلهم.

قوله: "كذبت" هو على ما أُلِفَ من شدة عمر في الدين؛ لأنه فهم من ابن عباس - من قوله: "إن شئت فعلنا"، أي قتلناهم، فأجابه بذلك، وأهل الحجاز يقولون: "كذبت" في موضع "أخطأت"، وإنما قال له "بعد أن صلوا" ؛ لعلمه أن المسلم لا يحل قتله، ولعل ابن عباس إنما أراد قتل من لم يسلم منهم" انتهى .

فهذا الصنيع من عمر رضي الله عنه - وهو الذي أجلا اليهود إلى تيماء وأريحاء - دليل على أنه فَهِمَ من الأمر بالإخراج أنه إخراج خاص بالمواطنين، وأما المقيمون من هؤلاء إقامة غير دائمة، أو الواردون على المدينة - وهي من الجزيرة بالإجماع فلا يشملهم النهي.

ولم يكن عمر - وهو مَنْ هو في قوته في دين الله - ليجامل العباس أو ابنه في بقاء العلوج وهو يرى أن ذلك محرم، ولكنه كان يرى أن ذلك - أي عدم استقدامهم - أولى، ولكنه لم يلزم به، مع أنه إمام هدى، وأمير المؤمنين، وأحد الخلفاء الراشدين، ومثله - لإمامته العامة - يسوغ له أن يأمر بما يرى مصلحته، وإن كانت المسألة من مسائل الاجتهاد، ويجب السمع والطاعة له، ومع ذلك لم يفعل عمر من ذلك شيئاً ! .

فأي برهان أوضح من هذا على دلالة حديث الأمر بإخراج اليهود والنصارى - الذي كان عمر أحد رواته - كما ثبت في صحيح مسلم.

كما يشهد لهذا ما رواه ابن خزيمة في صحيحه (1329) عن جابر -رضي الله عنه - في قوله تعالى: "إنما المشركون نجسٌ فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا"..الآية، [التوبة: 28] قال: "إلا أن يكون عبداً أو أحداً من أهل الذمة -أي له عقد أمان مع المسلمين، وليس المقصود أهل الذمة بالاصطلاح الفقهي المعروف-.

فتُحمل - إذاً - دلالة حديث إخراج اليهود والنصارى من جزيرة العرب على المنع من استيطان المشركين لجزيرة العرب، لا إقامتهم فيها للعمل المؤقت، أو التجارة كما هو شأن الكفار الوافدين.

الوجه الخامس:

أن الكفار في البلاد في الجملة أهل وفادة وليسوا من أهل الإقامة، وهذا لا يسوّغ الدخول لكل وافد من الكفار، فإن هذا يُمنع بمناط آخر، لكن من احتاجه المسلمون ساغ وفوده، وقد قاله النبي في وصيته التي فيها ذكر إخراجهم: ( وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم ) كما في الصحيح، البخاري (3053)، ومسلم (1637)، وكأنه تنبيه على الجمع بين الحكمين، وأنه لا تعارض بينهما. ولهذا فإن عمر لما أخرج اليهود؛ استند إلى الحديث، لكنه مع ذلك ترك بعض أعيان الكفار من الرقيق وغيرهم لم يخرجهم فتأمل هذا.

الوجه السادس:

أن القول بانتقاض عهد كل مشرك لأجل إقامته في جزيرة العرب يلزم منه أن تكون دماء الكفار من غير الأمريكيين والأوروبيين مهدرةً، وأموالُهم مباحةً؛ فليس انتقاض العهد بالإقامة في الجزيرة مخصوصاً بالنصارى الأمريكان والأوربيين وحدهم!

فيلزم من القول بإهدار دماء نصارى الأمريكان والأوربيين القولُ بإهدار دماء وإباحة أموال نصارى الدول الأخرى، إذ جميعهم نصارى مشركون، وهم في الحكم سواء.

ولا شك أن القول بانتقاض عهد كل مشرك لأجل إقامته في جزيرة العرب، ومن ثم إهدار دمه وإباحة ماله يفضي إلى فوضى واضطراب وظلم.

ومما يعجب له أنه على مدار عشرات السنين لم يثر هذا الأمر ليكون سبباً لقتال أهل الأمان مع وجودهم بين ظهرانينا.

إن هذا ظاهر في أن مسألة جزيرة العرب لم تكن مسألة أصلية لدى هؤلاء، وإنما استدعيت لتقوية الموقف الحادث من هذه التفجيرات.

الوجه السابع:

أن فساد الوصف لا يلزم منه فساد الأصل، ولو فرض أن الأمان المعطى لطائفة من الكفار قد تضمّن شروطاً فاسدة، فإن هذا لا يلزم منه فساد عقد الأمان وإهدار دم الكافر.

ثم إن إنذار العدو (أمريكا مثلاً) بنقض العهد وإعلان الحرب ليس موكولاً لآحاد الناس؛ بل هو موكول إلى أولي الأمر من العلماء والسلطان الأعلى للدولة. ومن عقيدة أهل السنة والجماعة الجهاد مع ولي الأمر، براً كان أو فاجراً، والسمع والطاعة بالمعروف كما في الحديث: "اسمعوا وأطيعوا وإن استعمل عليكم عبد حبشي كأن رأسه زبيبة" أخرجه البخاري (7142) من حديث أنس - رضي الله عنه -. وفرقٌ بين إنكار المنكر وحض الحاكم على إنكاره بقدر المستطاع، وبين الإقدام على التغيير باليد، وارتكاب مفاسد لا حصر لها.

الوجه الثامن:

ليس كل موالاة للكفار تكون كفراً، فقد اشترط بعض العلماء مع مساعدة الكفار المودة لهم؛ لقول الله عز وجل:"تلقون إليهم بالمودة" [الممتحنة:1] واشترط بعض العلماء ألا يخشى المسلم سطوة الكافر وظلمه عن المساعدة، لآية الممتحنة وقصة حاطب بن أبي بلتعة (راجع تفسير القرطبي سورة الممتحنة).

قال الشيخ عبد اللطيف بن حسن في الدرر السنية (1/466): "وأما إلحاق الوعيد المترتب على بعض الذنوب والكبائر فقد يمنع منه مانع في حق المعين كحب الله ورسوله ... إلى قوله: وتأمل قصة حاطب بن أبي بلتعة وما فيها من الفوائد، ففعل حاطب نوع من الموالاة بدليل سبب نزول الآية في قوله تعالى:"يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة..." الآية، فدخل حاطب في المخاطبة باسم الإيمان ووصفه به ولم يكفر لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:"خلوا سبيله".

كما أنه يلزم من هذا تكفير المعين، وتكفير المعين لا بد من شروطه وانتفاء موانعه، قال الشيخ ابن تيمية في الفتاوى (12/498) : "وأما الحكم على المعين، بأنه كافر أو مشهود له بالنار فهذا يقف على الدليل المعين فإن الحكم يقف على ثبوت شروطه وانتفاء موانعه، وإذا عرف هذا فتكفير المعين من هؤلاء الجهال وأمثالهم بحيث يحكم عليه أنه من الكفار لا يجوز الإقدام عليه إلا بعد أن تقوم على أحدهم الحجة الرسالية التي يتبين بها أنهم مخالفون للرسل، وإن كانت هذه المقالة لا ريب أنها كفر، وقال ابن تيمية -رحمه الله- عن الإمام أحمد في المجلد (23/348):"وإنما يكفر الجهمية المنكرين لأسماء الله وصفاته والقائلين بخلق القرآن، وقد ابتلي بهم الإمام حتى عرف حقيقة أمرهم، ومع ذلك ما كان يكفر أعيانهم" انتهى.

وأيضاً قال ابن تيمية في المجلد (12/466):"وليس لأحد أن يكفر أحداً من المسلمين وإن أخطأ وغلط حتى تقام عليه الحجة وتبيَّن له، ومن ثبت إسلامه بيقين لم يزل ذلك عنه بالشك بل لا يزول إلا بعد قيام الحجة وإزالة الشبهة".

الوجه التاسع:

أن كفر الحاكم ليس موجباً لبطلان عقد الأمان؛ لأن الكافر دخل بلد الإسلام على أن الحاكم نافذ الكلمة وله الولاية والسلطة.

والأمان ليس من الأمور التي لا تقام إلا بأمر الأمير وحده، ولا يشترط فيها تمام شروط الولاية بل الثابت عكس ذلك؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - عن المؤمنين: (يسعى بذمتهم أدناهم) أخرجه البخاري (3179)، ومسلم (1370)، وأحمد (993)، من حديث علي – رضي الله عنه - وكذلك أمان أم هانئ للمشركين: (قد أجرنا من أجرت يا أم هانئ) أخرجه البخاري (357)، ومسلم (336/82 – كتاب الصلاة، من حديث أم هانئ -رضي الله عنها-، ولذا نص العلماء -كما سبق- على أن الأمان يصح من كل مسلم ولو عبداً أو أنثى.

ومهما يكن من شيء: فقد اختلف العلماء في المقصود بإخراجهم، وهي مسألة محل اجتهاد، وفيها خلاف معروف. ومن تمسك برأي سابق للأئمة فلا يجوز الطعن عليه، فضلاً عن نقض العهد برأي آخر، وإلا لسقطت كثير من العقود في المعاملات والعقود بين المسلمين أنفسهم، لوجود من يقول ببطلان أو فساد هذا العقد أو ذاك، ومعلوم أن مسائل العقود والعهود فيها نزاع كثير معروف في كلام الفقهاء، وليس لمن رأى رأياً مخالفاً أن يحمل الناس عليه، أو يفتات على جماعة المسلمين بتنفيذه.

د.فالح العمره 18-04-2005 01:30 AM

من يتترس بهم الكفار من المسلمين

الشبهة:

فعلى الرغم من أن هذه الأعمال والتفجيرات قد وقع ضحيتها مسلمون أبرياء لاذنب لهم سوى توافق وجودهم في هذه الأماكن حال وقوع هذه التفجيرات إلا أن البعض منهم قال : إن هذه التفجيرات لا تحرم لكون بعض قتلاها من المسلمين الأبرياء الذين لا ذنب لهم.

فمثل هؤلاء يجوز قتلهم تبعاً لا قصداً، قياساً على قتل المسلمين الذين يتترس بهم الكفار.
قال ابن تيمية: "وقد اتفق العلماء على أن جيش الكفار إذا تترس بمن عنده من أسرى المسلمين، وخيف على المسلمين الضرر إذا لم يقاتلوا فإنهم يقاتلون، وإن أفضى ذلك إلى قتل المسلمين الذين تترسوا بهم" (الفتاوى 28 / 546 – 537، جـ 20 / 52)..

وقال في الإنصاف : وإن تترسوا بمسلم لم يجز رميهم إلا أن نخاف على المسلمين فيرميهم ويقصد الكفار، وهذا بلا نزاع" ( الحاشية على الروض 4 / 271)

ويمكن القول بأن هؤلاء القتلى ولو كانوا مسلمين فإنهم أشبه بالطائفة الممتنعة، وقد أفتى بكفرها أبو بكر والصحابة، وهو الصحيح، وأجمع العلماء المتقدمون والمتأخرون على قتالهم، فهم طائفة ممتنعة بالشوكة عن إقامة أحكام الله داخل مجمعهم.

الجواب:

وقد أجاب على هذه الشبهة أهل العلم حيث قالوا :

أولاً: قياس قتل المسلمين في عمليات التفجير في الرياض على قتل المسلمين إذا تترّس بهم الكفار قياسٌ مع الفارق من عدة وجوه:

الوجه الأول : ما قرره أهل العلم من أن قتل المسلمين المتترس بهم لا يجوز إلا بشرط أن يُخاف على المسلمين الآخرين الضرر بترك قتال الكفار، فإذا لم يحصل ضرر بترك قتال الكفار في حال التترس بقي حكم قتل المتترَّس بهم على الأصل وهو التحريم. فجوازه ـ إذاً ـ لأجل الضرورة، وليس بإطلاق. وهذا الشرط لا بد منه، إذ الحكم كله إعمال لقاعدة دفع الضرر العام بارتكاب ضرر خاص (الأشباه والنظائر لابن نجيم ص96). قال القرطبي:(قد يجوز قتل الترس وذلك إذا كانت المصلحة ضروريَّة كلية، ولا يتأتى لعاقل أن يقول لا يقتل الترس في هذه الصورة بوجه, لأنه يلزم منه ذهاب الترس والإسلام والمسلمين) الجامع لأحكام القرآن (16/287).

أما لو قتل المسلمون المتترَّس بهم دون خوف ضرر على المسلمين ببقاء الكفار، فإننا أبطلنا القاعدة التي بني عليها الحكم بالجواز. فقتل المسلمين ضرر ارتكب لا لدفع ضرر عام بل لمجرد قتل كُفَّار. قال ابن تيمية:(ولهذا اتفق الفقهاء على أنه متى لم يمكن دفع الضرر عن المسلمين إلا بما يفضي إلى قتل أولئك المتترس بهم جاز ذلك) مجموع الفتاوى (20/52).

فأين هذه الضرورة في قتل المسلمين الذين يساكنون النصارى في تلك المجمعات السكنية المستهدفة؟؟

الوجه الثاني: أن مسألة التترس خاصة بحال الحرب (حال المصافّة والمواجهة العسكرية)، وهؤلاء الكفار المستهدفون بالتفجير لسنا في حال حرب معهم، بحيث يكون من ساكنهم من المسلمين في مجمعاتهم في حكم المتترَّس بهم. بل هم معاهدون مسالمون.

الوجه الثالث: بيَّن أهل العلم أن قتل المسلمين الذين تترس بهم الكفار لا يجوز، إلا إذا لم يتأتَ قتل الكفار وحدهم. والكفار المستهدفون في تلك التفجيرات يمكن قتلهم -على فرض أنه لا عهد لهم ولا ذمة وأن دماءهم مهدرة- دون أذية أحد من المسلمين، فضلاً عن قتله.

الوجه الرابع: اختلاف حال المتترَّس به عن حال الحراس ونحوهم؛ فالمتترَّس به عادة هو أسير لدى الكفار ينتظر الموت غالباً على أيديهم، لكنهم يتقون به رمي المسلمين، أما الحراس –فضلاً عن المارة والجيران – فهم آمنون في بلادهم فبأي وجه يفاجؤهم أحد من المسلمين بأن يقتلهم لكي يقتحموا على من يحرسون من المعاهدين والمسلمين المقيمين معهم أو المتعاملين معهم؟.

الوجه الخامس: أن الله تعالى بيّن أن من مصالح الصلح في الحديبية أنه لو سلط المؤمنين على الكافرين في ذلك الحين لأدى إلى قتل أقوام من المؤمنين والمؤمنات ممن يكتم إيمانه، فلولا ذلك لسلط المؤمنين على أولئك الكافرين، قال تعالى: {وَلَوْلا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَئُوهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} [سورة الفتح 25].

قال القرطبي رحمه الله (الجامع لأحكام القرآن 16/285): "لم تعلموهم أي لم تعرفوا أنهم مؤمنون أن تطأوهم بالقتل والإيقاع بهم...والتقدير: ولو أن تطأوا رجالاً مؤمنين ونساء مؤمنات لم تعلموهم لأذن الله لكم في دخول مكة، ولسلطكم عليهم، ولكنَّا صُنَّا من كان فيها يكتم إيمانه. وقوله: {فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ} المعرة العيب...إي يقول المشركون: قد قتلوا أهل دينهم...لو تزيّلوا أي تميزوا، ولو زال المؤمنون عن الكفّار لعذب الكفار بالسيف... وهذه الآية دليل على مراعاة الكافر في حرمة المؤمن"

فتبين من هذه الأوجه أن قياس المسلمين الذين يساكنون الكفار في المجمعات السكنية على مسألة التترُّس قياسٌ غير صحيح.

ثانياً: الطائفة الممتنعة هي التي تمتنع عن إقامة شيء من شعائر الإسلام الظاهرة ولها شوكة، فلا تلزم بإقامة هذه الشعيرة إلا بالقتال، كقرية اجتمعت على ترك الأذان مثلاً وكان لها شوكة لا يمكن إلزامهم بالأذان إلا بالقتال . أما لو امتنع أفراد أو جماعة لا شوكة لها ولم يقاتلوا فلا يقاتلون، بل يلزمون بأمر الشارع .

ومن امتنع عن أداء الزكاة من العرب بعد موت النبي –صلى الله عليه وسلم- كان لهم شوكة وقوة لا يتأتى إلزامهم إلا بقتال، وقد قاتلوا فقاتلهم أبو بكر والصحابة رضي الله عنهم. انظر ما رواه البخاري (1457)، ومسلم (20) من حديث أبي هريرة – رضي الله عنه -.

أما الممتنع عن الزكاة بدون شوكة فقد حكم فيه النبي –صلى الله عليه وسلم- بقوله: ((فإنا آخذوها وشطر ماله)) رواه أبو داود (1575) والنسائي (2444) من حديث معاوية بن حيدة – رضي الله عنه-.

وعليه فإن من أقام في مجمع سكني لا تقام فيه أحكام الله لا يكون في حكم الطائفة الممتنعة التي يجب على الإمام إنذاره وأمره بإقامة شرع الله، فإن امتنع وكانت له شوكة أو قاتل جاز قتاله حتى يذعن.

قال ابن تيمية:(ولا يقتل من ترك الصلاة أو الزكاة إلا إذا كان في طائفة ممتنعة فيقاتلهم لوجود الحراب كما يقاتل البغاة) مجموع الفتاوى (20/100).

والقول بأن حراس المجمعات من المسلمين وكذلك السائقون والطباخون وعمال الصيانة ونحوهم ممتنعون عن الشعائر لا أساس له من الشرع أو الواقع، ولا يوجد أي وجه للشبه بينهم وبين الطائفة الممتنعة. بل لو فرضنا أن بعضهم يخدم الكفار بما هو محرم كإدخال الخمور لهم فإن ذلك منكر تجب إزالته وعقوبة فاعله، ولكنه لا يعد من الطائفة الممتنعة في شيء.

د.فالح العمره 18-04-2005 01:31 AM

إغارة المسلمين على قوافل قريش

الشبهة:

احتجاجهم بإغارة المسلمين على قوافل قريش دون النظر في عاقبة اجتماع الكفار على حرب المسلمين:

حيث قالوا :كنّا نظن بأن هؤلاء الكفار كانوا يتدخلون في شؤوننا -وما زالوا- منذ أكثر من أربعة قرون، يعني : قبل تفجيرات نيويورك وواشنطن، وقبل تفجيرات الرياض والخُبر، وقبل احتلال فلسطين وأفغانستان، بل منذ أن أوجد الرسول صلى الله عليه وسلم نواة المدينة الإسلامية الأولى في مدينته صلى الله عليه وسلم !! فما الذي تغيّر !!

نحن كنا نظن بأن هؤلاء الكفار لا يزالون يقاتلوننا حتى يردونا عن ديننا إن استطاعوا، قاتلناهم أم لم نقاتلهم !! نحن كنا نظن بأن هؤلاء الكفار لم ولن يرضوا عنّا حتى نتبع ملّتهم، فجّرناهم أم لم نفجّرهم !! نحن كنا نظن بأنهم ينفقون أموالهم ليصدونا عن سبيل الله، ترصدنا لهم أم لم نترصّد لهم !! نحن كنا نظن أنهم يريدون لنا الشرّ وما زالوا يحاربون ديننا، جاهدناهم أم لم نجاهدهم !!

لم يقل الصحابة: يا رسول الله: لا تُغير على قوافل قريش فتستعدي قريشاً!! يا رسول الله: لا تقاتل الكفار في الجزيرة فيجتمعوا على حربك!! يا رسول الله: لا تحشد الجيوش لقتال قيصر، وإنْ حشد الجيوش لاستئصال الإسلام، فإنه لا قبل لنا بهرقل وجنوده، وعليك بالحوار والنقاش البنّاء، عليك بحوار الشجعان، وجهاد البيان لا السنان!! يا رسول الله لا تُنفذ بعث أسامة، يا خليفة رسول الله لا تنفذ بعث أسامة، لا تستعدِ علينا الروم!! لا قِبَل لنا بالروم.. أين نحن وأين الروم؟!! يا خليفة رسول الله: وماذا لو ارتدّت العرب؟!! ابق في المدينة ولا تخرج لهم وادعهم إلى الإسلام بالرفق واللين فنحن ضعفاء، وماذا لو تركوا دفع الزكاة، ما زالوا يُصلُّون!! يا خليفة رسول الله: لا تقاتل القوى العالمية الكبرى، فلا قِبَل للمسلمين بهم، وعليك بدعوتهم بالندوات والمحاضرات والبيانات والنقاشات والحوارات عبر الوسائل الإعلامية المُتاحة!!.

الجواب:

وأجاب أهل العلم على هذه الشبهة بقولهم :

ونحن نسألكم: متى بدأ النبي صلى الله عليه وسلم يغير على قوافل قريش، ويبعث السرايا والجيوش، ويغزو قبائل العرب، ويخرج لغزو الروم ؟! إنه لم يفعل ذلك إلا بعد أن قويت شوكة المسلمين وكثر عددهم، وصارت لهم دولة تؤويهم وتحميهم.

ألم يمكث رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث عشرة سنة في مكة ممنوعاً من قتال كفار قريش، مأموراً بالصبر والصفح وكف اليد، حتى إذا هاجر إلى المدينة، وصارت له قوة ومنعة وشوكة أُمر بالجهاد والنفير لقتال الأعداء.

لقد أخذ النبي صلى الله عليه وسلم بجهاد اللسان والبنان قبل السيف والسنان، وجاهد بالقرآن وحاور وراسل وكاتب، فمن فعل فعله فقد اهتدى بهديه، واستن بسنته، ولا يصح أن يقال من أخذ بهذا إنه خوار جبان.

ثم ما تبلغ هذه التفجيرات في بلاد المسلمين -والتي يقتل فيها عشرات من الكفار المدنيين- من النكاية بالأعداء والإثخان فيهم؟!

لا نشك أن هذه الأعمال تمنح الأعداء الذريعة بالمجان؛ للتدخل في شؤون البلاد الداخلية وتحقيق بعض مآربهم.

إن هذه الأعمال ظاهرة المفسدة عديمة المصلحة، حتى ظن بعض الأخيار أنها من تدبير الاستخبارات الصهيونية والأمريكية، وليست من عمل المسلمين.

ما منا من أحد ألا وهو يفرح بالنكاية في الأعداء والإثخان فيهم وقتلهم، ولكن حيث يكون العمل مشروعاً ظاهر المصلحة، ينفع المسلمين ولا يضرهم.

وقد ذكر العز بن عبد السلام في قواعد الأحكام (95): "أن أي قتال للكفار لا يتحقق به نكاية بالعدو فإنه يجب تركه؛ لأن المخاطرة بالنفوس إنما جازت لما فيها من مصلحة إعزاز الدين، والنكاية بالمشركين، فإذا لم يحصل ذلك وجب ترك القتال لما فيه من فوات النفوس وشفاء صدور الكفار وإرغام أهل الإسلام، وبذا صار مفسدة محضة ليس في طيها مصلحة". انتهى مختصراً.

وليت هؤلاء فعلوا فعلتهم هذه في المعسكرات اليهودية في فلسطين أو في الثكنات العسكرية الصليبية في العراق، لكان فعلاً مشروعاً لا يجد أحدٌ مدخلاً لإنكاره وتخطئة فاعله. فهو جهاد في سبيل الله، وقتال للمحتل الغاشم، ودفاع عن بلاد المسلمين.

د.فالح العمره 18-04-2005 01:31 AM

لم يعط ولي الأمر هؤلاء عهدا ولا أمانًا

الشبهة:

قولهم :ليس في عنقنا بيعة لولي الأمر، وعلى فرض وجودها فإنه لم يعط عهدا ولا أمانا لأحد :

حيث قال هؤلاء : إذا كانت إدانة هذه التفجيرات لأنها نقض لأمان ولي الأمر لمن استأمنه من هؤلاء الكفار المستهدفين، وبالتالي فهو خلل في الالتزام بالبيعة في أعناقنا لولي الأمر، فنحن ليس في أعناقنا بيعة لولي الأمر، حيث لم يبايعه أي واحد منا، وعلى فرض أن في أعناقنا بيعة، فأين العهد والأمان اللذين أعطاهما ولي الأمر لهؤلاء الكفار من يهود ونصارى؟

الجواب:

وقد أجاب على هذه الشبهة الشيخ عبد الله بن سليمان المنيع حيث قال :

أما ما يتعلق بالبيعة فأهل الحل والعقد في البلاد من علماء ووجهاء وأعيان قد بايعوا ولي الأمر بالأصالة عن أنفسهم وبالنيابة عن القوم من رجال ونساء، كما كان الشأن في ذلك حينما قام المقدمون في قومهم عن عموم المسلمين في مبايعة أبي بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي ثم من جاء بعدهم من ملوك المسلمين، فلم تكن المبايعة من العموم فرداً فرداً من ذكور وإناث، وإنما كانت مبايعة المقدمين منهم من أهل الحل والعقد مبايعة عامة عن جميع المسلمين في تلك البلاد، ولم يقل أحد من علماء المسلمين كافة أن مبايعة ولي الأمر عينية على كل مكلف من ذكر أو أنثى، بل هي فرض كفاية إذا قام بها البعض من أهل الحل والعقد صار ذلك القيام عن الباقين، ولزمت البيعة الجميع.

أما التساؤل عن العهد المعطى لهؤلاء الكفار في بلادنا من قبل ولي الأمر، فهو التأشيرة التي لا يدخل الأجنبي البلاد إلا بحصوله عليها، وهي تعني عقداً يقتضي العهد والأمان لحاملها من حيث حمايته وحماية حقوقه حتى يبلغ مأمنه، كما تعني رعاية هذا الأجنبي لتعليمات وتنظيمات البلاد ورعايته لأعرافها وتقاليدها وحقوقها، فالتأشيرة عقد بين حاملها ومصدرها تعني الحقوق والواجبات، والله سبحانه يقول: {يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود}، وقال تعالى: {وأتموا إليهم عهدهم إلى مدتهم}.

والنصوص من كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- في الحث والتأكيد على الوفاء بالعقود والعهود متضافرة في ذلك، والله المستعان.

د.فالح العمره 18-04-2005 01:32 AM

القياس على العمليات الإستشهادية

الشبهة:

هل التفجيرات في الجزيرة عملاً إرهابياً، وفي غيرها من بلاد المسلمين جهاداً وعمليات استشهادية؟ لماذا يكون قتل المدنيين المسلمين (تبعاً) في غير بلاد الجزيرة من الجهاد!! وتفجير المباني في غير الجزيرة من الجهاد!! أليست كلها بلاداً إسلامية؟.

فما الفرق بين عملية في فلسطين يموت فيها يهود ومخابرات يهود مع بعض الفلسطينيين وعملية هنا؟؟ أعني من ناحية فقهية بغض النظر عن المصلحة؟ فلو بعد عشرين سنة صارت المصلحة في التفجير فهل يجوز؟!

الجواب:

وقد أجاب أهل العلم على هذه الشبهة من عدة وجوه :

الوجه الأول: الفرق بين التفجيرات في الجزيرة، والعمليات الاستشهادية في فلسطين والشيشان وأفغانستان هو أن الكفار في المملكة العربية السعودية معاهدون، فلا يجوز إيذاؤهم ولا الاعتداء عليهم ما داموا مقيمين لعهدهم لم يباشروا شيئاً مما يعتبر نقضاً له. وربما لا يرضون بسياسة دولتهم ولا معاملتها للمسلمين، فلا ينبغي أن يحملوا أوزار غيرهم، والله يقول: {وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: 164]، ويقول: {وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [المائدة: 8].

وأما الكفار في فلسطين والشيشان وأفغانستان فهم حربيون معتدون محتلون، ليس بينهم وبين أهلها عهد ولا أمان، وإنما هم محاربون، ولذا فقتالهم بالوسائل الممكنة أمر مشروع، بل هو جهاد في سبيل الله؛ لقوله تعالى: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ} [الحج:39]، ولقول النبي -صلى الله عليه وسلم- كما ورد في النسائي (4095)، والترمذي (1421) وأبو داود (4772) وابن ماجة (2580) من حديث سعيد بن زيد رضي الله عنه: (من قتل دون دينه فهو شهيد، ومن قتل دون دمه فهو شهيد، ومن قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون أهله فهو شهيد).

فلابد من التفريق بين أنواع الكفار؛ فإنهم على أربعة أقسام:

ذميون، ومعاهدون، ومستأمنون، وحربيون.

فالذمي: هو من أقام بدار الإسلام إقامة دائمة بأمان مؤبّد.

والعهد: هو عقد بين المسلمين وأهل الحرب على ترك القتال مدّةً معلومة.

والمعاهدون: هم أهل البلد المتعاقد معهم.

وأهل الحرب: هم أهل بلاد الكفر التي لم يجرِ بينهم وبين المسلمين عهد .

وأما المستأمن: فهو الحربي الذي يدخل دار الإسلام بأمانٍ مؤقت لأمرٍ يقتضيه. (الدر النقي لابن عبد الهادي 1/290، المبدع (3/313، 398)، كشاف القناع (3/100).

فالفرق بين الحربي والمعاهد أن الحربي ليس بينه وبين المسلمين عهد ولا صلح، بخلاف المعاهد .

والفرق بين الذمي والمستأمن أن الذمي هو من يقيم إقامة دائمة بأمان مؤبد، أما المستأمن فحربي دخل بلاد الإسلام لغرض متى انتهى ذلك الغرض خرج لبلده.

والمعاهد والذمي والمستأمن جميعهم معصومو الدم، لا يجوز الاعتداء عليهم ولا التعرّض لهم . قال تعالى:{فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِم} [التوبة: 4].

وعن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- مرفوعاً: ((من قتل معاهداً لم يرح رائحة الجنة وإن ريحها توجد من مسيرة أربعين عاماً)) أخرجه البخاري (3166).

وقد عاهد النبي - صلى الله عليه وسلم - أصنافاً من المشركين كبني قريظة وبني النضير، وهادن قريشاً في الحديبية على ترك القتال عشر سنين، وأن من جاء من قريش مسلماً رده النبي إليهم. وهذا كله معلوم في كتب السنة والسيرة.

أما الحربيون فجواز قتلهم ليس على الإطلاق، بل منهم من يجوز قتله، ومنهم من لا يجوز قتله إلا إذا قاتل بنفسه أو برأيه.

فكل حربي بنيته صالحة للقتال فهو من المقاتلة، سواء باشر القتال ضد المسلمين أو ساعد على قتالهم بماله أو رأيه أو مشاعره.

وأما من ليست بنيته صالحة للقتال كالنساء والصبيان والشيوخ والمعاقين ونحوهم ممن لا يعين على القتال بنفس ولا رأي، فإنه لا يقتل؛ لنهيه صلى الله عليه وسلم عن قتل النساء والصبيان، كما في الحديث المتفق عليه عند البخاري (3015) ومسلم (1744) من حديث عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما- إلا إذا أعانوا الكفار على القتال، أو تترسوا بهم أولم يمكن التمييز بينهم. لحديث الصعب بن جثامة – رضي الله عنه - أن النبي –صلى الله عليه وسلم- سئل عن الذراري من المشركين يبيتون فيصيبون من نسائهم وذراريهم؟ فقال: "هم منهم". متفق عليه عند البخاري (3021)، ومسلم (1745).

فتلخص أن الذمي والمعاهد والمستأمن لا يقتلون. وأما الحربي فمن كان من أهل القتال جاز قتله، ومن لم يكن من أهل القتال فلا يجوز قتله إلا تبعاً.

إن من المتقرر لدى علماء الإسلام - وما نظن المخالفين ينازعون في ذلك- أن الكفر ليس موجباً للقتل بكل حال؛ لأدلة كثيرة:

منها: قوله تعالى:{لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} [البقرة:256].

ومنها: ما شرع من تخيير الكفار بين الإسلام وبذل الجزية والقتال.

ومنها: النهي عن قتل من لا شأن له بالقتال، كالنساء والصبيان وكبار السن والمنقطعين للعبادة الذين لا يشاركون المقاتلين بالفعل أو الرأي.

وفي تقرير هذا الأصل يقول شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: (وإذا كان أصل القتال المشروع هو الجهاد ومقصوده أن يكون الدين كله لله، وأن تكون كلمة الله هي العليا فمن منع هذا قوتل باتفاق المسلمين، وأما من لم يكن من أهل الممانعة والمقاتلة كالنساء والصبيان والراهب والشيخ الكبير والأعمى والزَّمِن (الضعيف) ونحوهم، فلا يقتل عند جمهور العلماء إلا أن يقاتل بقوله أو فعله، وإن كان بعضهم يرى إباحة قتل الجميع لمجرد الكفر إلا النساء والصبيان -والأول هو الصواب- وذلك أن الله أباح من قتل النفوس ما يحتاج إليه في صلاح الخلق، كما قال تعالى: {وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنْ الْقَتْلِ} [البقرة:191] أي أن القتل وإن كان فيه شر وفساد ففي فتنة الكفار من الشر والفساد ما هو أكبر" [السياسة الشرعية ص- (132) وما بعدها].

الوجه الثاني: أنه لا يلزم من جواز القتل ابتداءً جوازه بالفعل في زمن أو مكان معين؛ لأن مشروعية القتال منوطة بإعزاز الدين وظهور الغلبة للمسلمين وإذلال الكفار، فإذا ظهر لدى أهل الاجتهاد أن القتال في حالة معينة مفسدته أعظم من مصلحته لم يجز القتال حينئذ، ونصوص أهل العلم طافحة بهذا الأمر في الكلام عن صور عديدة تندرج تحت هذا الضابط العام، ومن ذلك ما جاء في مغني المحتاج (4/226): (إذا زادت الكفار على الضعف ورُجي الظفر بأن ظنناه إن ثبتنا استحب لنا الثبات، وإن غلب على ظننا الهلاك بلا نكاية وجب علينا الفرار لقوله تعالى: {وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة: 195] أو بنكاية فيهم استحب الفرار".

وقال الشوكاني في السيل الجرار (4/529): "إذا علموا -أي المسلمون- بالقرائن القوية أن الكفار غالبون لهم مستظهرون عليهم فعليهم أن يتنكبوا عن قتالهم ويستكثروا من المجاهدين ويستصرخوا أهل الإسلام، وقد استدل على ذلك بقوله عز وجل: {وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة:195]، وهي تقتضي ذلك بعموم لفظها... ومعلوم أن من أقدم وهو يرى أنه مقتول أو مأسور أو مغلوب فقد ألقى بيده إلى التهلكة".

الوجه الثالث: ما ذكروه في السؤال خارج موطن النزاع؛ فإن المسألة المتحدث عنها هي قتالهم في غير هذه البلاد، لا سيما وأنهم قد دخلوها بعهود أمان. وما حدث في بعض بلدان المسلمين لا يقتضي نقض كل عهد في كل بلدان المسلمين، خاصةً إذا تذكرنا أن بلدان المسلمين أصبحت ولايات متعددة تنفرد كل ولاية بسلطة مستقلة، ولها علماؤها وأهل الحل والعقد فيها، كما قرره فقهاء الإسلام، كإمام الحرمين والشوكاني وصديق حسن خان والشيخ محمد أبو زهرة (يراجع الإرشاد ص- (425)، السيل الجرار (4/512)، الروضة الندية (2/18) الوحدة الإسلامية ص- (64) وما بعدها)، وهو الرأي الذي لا يسع المسلمين سواه، إذ لو قيل بخلافه لبطلت ولايات الإسلام المتعددة من عهد بني أمية، حيث نشأت ولاية الأندلس إلى يوم الناس هذا، ولا يزال علماء الإسلام يبايعون أهل تلك الولايات، ويحرمون الخروج عليهم، ويرون وجوب طاعتهم في غير معصية الله.

وإذا تقرر عدم انتقاض العهود في كل بلاد الإسلام بانتقاضها في بعضها بمباشرة القتال، فمن باب أولى عدم انتقاضها بالتسبب والإعانة، كما في الشيشان وفلسطين.

إلا أنه مما يجب أن يفطن له أنه مع عدم انتقاض هذه العهود، فإنه لا يجوز الوفاء بما يتضمن التخاذل عن نصرة المسلمين في البلدان المعتدى عليها، فإن وقع هذا الشرط فهو باطل لا يلزم، بل لا يحل الوفاء به.

د.فالح العمره 18-04-2005 01:32 AM

تبييت ذراري الكفار

الشبهة:

وعلى الرغم أيضا من أن هذه الأعمال والتفجيرات قد وقع ضحيتها معصومو الدم من نساء وأطفال المشركين ممن لاذنب لهم سوى وجودهم في هذه الأماكن حال وقوع هذه التفجيرات إلا أن البعض منهم قال : إن وجود بعض المدنيين الأبرياء من الكفار في عداد القتلى لا يحرم هذه العمليات، فقد روى الصعب بن جثامة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سئل عن أهل الديار من المشركين يبيّتون فيصاب من نسائهم وذرياتهم، قال: ((هم منهم)).

فهذا الحديث يدل على أن النساء والصبيان، ومن لا يجوز قتله منفرداً يجوز قتلهم إذا كانوا مختلطين بغيرهم ولم يمكن التمييز؛ لأنهم سألوا الرسول صلى الله عليه وسلم عن البيات وهو الهجوم ليلاً، و البيات لا يمكن فيه التمييز، فأذن بذلك لأنه يجوز تبعاً ما لا يجوز استقلالاً.

ويلزم لمن قال بمسألة قتل الأبرياء من دون تقييد ولا تخصيص أن يتهم الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة ومن بعدهم بأنهم من قتلة الأبرياء على اصطلاح هؤلاء القائلين، لأن الرسول نصب المنجنيق في قتال الطائف، ومن طبيعة المنجنيق عدم التمييز، وقتل النبي عليه الصلاة والسلام كل من أنبت من يهود بني قريظة ولم يفرق بينهم، قال ابن حزم في المحلى تعليقا على حديث: عرضت يوم قريظة على رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان من أنبت قتل، قال ابن حزم : وهذا عموم من النبي صلى الله عليه وسلم، لم يستبق منهم عسيفا ولا تاجراً ولا فلاحاً ولا شيخاً كبيراً، وهذا إجماع صحيح منه . المحلى (7/ 299) .

قال ابن القيم رحمه الله في زاد المعاد: وكان هديه صلى الله عليه وسلم إذا صالح أو عاهد قوماً فنقضوا، أو نقض بعضهم وأقره الباقون ورضوا به غزا الجميع، وجعلهم كلهم ناقضين كما فعل في بني قريظة وبني النضير وبني قينقاع، وكما فعل في أهل مكة، فهذه سنته في الناقضين الناكثين . وقال أيضا : وقد أفتى ابن تيمية بغزو نصارى المشرق لما أعانوا عدو المسلمين على قتالهم فأمدوهم بالمال والسلاح، وإن كانوا لم يغزونا ولم يحاربونا ورآهم بذلك ناقضين للعهد، كما نقضت قريش عهد النبي صلى الله عليه وسلم، بإعانتهم بني بكر بن وائل على حرب حلفائه .

ولا يزال القادة المسلمون يستعملون في حروبهم مع الكفار ضربهم بالمنجنيق، ومعلوم أن المنجنيق إذا ضرب لا يفرق بين المقاتل وغيره، وقد يصيب من يسميهم هؤلاء بالأبرياء، ومع ذلك جرت سنة المسلمين على هذا في الحروب، قال ابن قدامة رحمه الله: ويجوز نصب المنجنيق لأن النبي صلى الله عليه وسلم نصب المنجنيق على أهل الطائف، وعمرو بن العاص نصب المنجنيق على أهل الإسكندرية . (المغني والشرح 10 / 503).

وقال ابن قاسم رحمه الله في الحاشية : ويجوز رمي الكفار بالمنجنيق ولو قتل بلا قصد صبياناً ونساء وشيوخاً ورهباناً لجواز النكاية بالإجماع، قال ابن رشد رحمه الله : النكاية جائزة بطريق الإجماع بجميع أنواع المشركين (الحاشية على الروض 4 / 270).

ثم نقول لهؤلاء: ماذا تقصدون بالأبرياء؟

فهؤلاء لا يخلون من الحالات الآتية :

الحالة الأولى: أن يكونوا من الذين لم يقاتلوا مع دولهم، ولم يعينوهم لا بالبدن ولا بالمال ولا بالرأي والمشورة ولا غير ذلك، فهذا الصنف لا يجوز قتله بشرط أن يكون متميزاً عن غيره، غير مختلط به، أما إذا اختلط بغيره ولم يمكن تميزه فيجوز قتله تبعاً وإلحاقاً، مثل كبار السن والنساء والصبيان والمرضى والعاجزين والرهبان المنقطعين.

قال ابن قدامة: ويجوز قتل النساء والصبيان في البيات وفي المطمورة إذا لم يتعمد قتلهم منفردين، ويجوز قتل بهائمهم يتوصل به إلى قتلهم وهزيمتهم، وليس في هذا خلاف. ( المغني والشرح 10 / 503).

وقال (ويجوز تبييت العدو، قال أحمد بن حنبل لا بأس بالبيات، وهل غزو الروم إلا البيات، قال ولا نعلم أحداً كره البيات (المغني والشرح 10 / 503)

الحالة الثانية: أو هم من الذين لم يباشروا القتال مع دولهم المحاربة، لكنهم معينون لها بالمال أو الرأي، فهؤلاء لا يسمون أبرياء، بل محاربين ومن أهل الردء ( أي المعين والمساعد ) .

قال ابن عبدالبر -رحمه الله- في الاستذكار : لم يختلف العلماء فيمن قاتل من النساء والشيوخ أنه مباح قتله، ومن قدر على القتال من الصبيان وقاتل قتل . الاستذكار (14 / 74).

ونقل الإجماع أيضا ابن قدامة رحمه الله في إباحة قتل النساء والصبيان وكبار السن إذا أعانوا أقوامهم , وقال ابن عبدالبر رحمه الله: وأجمعوا على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قتل دريد بن الصمة يوم حنين؛ لأنه كان ذا رأي ومكيدة في الحرب، فمن كان هكذا من الشيوخ قتل عند الجميع . التمهيد (16 / 142).

الحالة الثالثة: أن يكونوا من المسلمين، فهؤلاء لا يجوز قتلهم ما داموا مستقلين، أما إذا اختلطوا بغيرهم، ولم يمكن إلا قتلهم مع غيرهم جاز، ويدل عليه مسألة التترُّس وسبق الكلام عنها.

الجواب:

وقد أجاب أهل العلم على هذه الشبهة بقولهم :

إن مما نحمده للسائل لياذه بكلام أهل العلم، ونقل نصوص من عباراتهم، وهو منهج إذا اكتمل واضطرد وحسن معه القصد أفضى بصاحبه إلى طريق الصواب، وإن من أهم ما ينبه إليه طالب العلم ضرورة ضم النصوص بعضها إلى بعض، والصدور عن دلالتها مجتمعة، وعدم ضرب بعضها ببعض، أو الانتقاء منها بإعمال بعضها والإعراض عن بعض، ولهذا ألّف العلماء في الجمع بين النصوص والتوفيق بين دلالاتها وتنـزيل كل نص على ما يناسبه، وكذلك كلام أهل العلم فإنه يُجمع بعضه إلى بعض، ويصدر عن مجموعه ولا يعامل باجتزاء منقوص وإنما باستقراء متكامل، ولذا فإن دلالة هذه النقول المذكورة في السؤال لا بد أن تُستكمل بذكر النصوص الشرعية الأخرى في هذه المسألة وكلام أهل العلم عليها، وأن يتكون الرأي بعد البحث والنظر، لا أن ينطلق الإنسان في بحثه ليحشد لرأي قد حسمه وفرغ منه، وإن كان منطلقه عاطفة جيّاشه وحميّة صادقة، فالمقام مقام امتحان القلوب للتقوى، وصدق التحري لمراد الله –عز وجل-، والخضوع والتسليم لحكمه، وبذلك يكتمل النظر، ويتحقق –بتوفيق الله- الوصول إلى الحق بتجرد وإنصاف.

فإذا نظرنا بهذا النظر إلى هذه المسألة فإنا نجد أصلاً عاماً قررته النصوص الشرعية ببيان جلي، وهو تحريم قتل النساء والأطفال ومن ليس من أهل القتال منها:

1- قوله تعالى: {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ}.

قال القرطبي (2/348): قال ابن عباس وعمر بن عبدالعزيز ومجاهد هي محكمة، أي قاتلوا الذين هم بحالة من يقاتلونكم، ولا تعتدوا في قتل النساء والصبيان والرهبان وشبههم.

2- عن ابن عمر –رضي الله عنهما- قال: (إن امرأة وجدت في بعض مغازي رسول الله –صلى الله عليه وسلم- مقتولة فأنكر رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قتل النساء والصبيان) أخرجه البخاري (3014) ومسلم (1744)، قال النووي في شرح مسلم (12/73):"أجمع العلماء على العمل بهذا الحديث وتحريم قتل النساء والأطفال إذا لم يقاتلوا.

3- عن سلمان بن بردة قال: كان رسول الله –صلى الله عليه وسلم- إذا أمَّر أميراً على جيش أو سرية أوصاه ثم قال: ((اغزوا باسم الله في سبيل الله، قاتلوا من كفر بالله، اغزوا ولا تغلوا، ولا تمثلوا، ولا تقتلوا وليداً...)) رواه مسلم (1731).

4- عن رياح بن ربيع قال: كنا مع النبي –صلى الله عليه وسلم- في غزوة فرأى الناس مجتمعين على شيء فبعث رجلاً فقال: انظر إلى ما اجتمع هؤلاء؟ فجاء فقال: على امرأة قتيل، فقال: ((ما كانت هذه لتقاتل))، وعلى المقدمة خالد بن الوليد، قال: فبعث رجلاً فقال: ((قل لخالد لا يقتلن امرأة ولا عسيفاً)) أخرجه أبو داود (2324) وصححه الألباني.

فاستنكر النبي –صلى الله عليه وسلم- قتل المرأة، وبين سبب استنكاره وهو كونها ليست من أهل القتال، فقرن النبي –صلى الله عليه وسلم- كونها لا تقاتل بمنع قتلها، فدل على أن علة القتل هي القتال.

وكذا ذكره –صلى الله عليه وسلم- العسيف، وهو الأجير لحفظ المتاع والدواب فلا يقتل إلا إن قاتل، وبناءً عليه فكل مستأجر لأعمال غير قتالية لا يجوز قتله ولو حضر لأرض المعركة.

5- عن أبي بكر الصديق –رضي الله عنه- أنه خرج يمشي مع يزيد بن أبي سفيان وكان أميراً على جيش فقال له:(إنك ستجد قوماً زعموا أنهم حبسوا أنفسهم لله فذرهم وما حبسوا أنفسهم له). أخرجه مالك (973).

6- عن عمر –رضي الله عنه- أنه قال: (اتقوا الله في الفلاحين). أخرجه البيهقي (9/19).

إن هذه النصوص مجتمعة تدل على أن القتال إنما هو لأهل المقاتلة والممانعة، أما من لم يكن من أهل الممانعة والمقاتلة فلا يقتل، قال شيخ الإسلام ابن تيمية:"وإذا كان أصل القتال المشروع في الجهاد ومقصوده هو أن يكون الدين كله لله، وأن تكون كلمة الله هي العليا فمن امتنع من هذا قوتل باتفاق المسلمين، وأما من لم يكن من أهل الممانعة والمقاتلة كالنساء والصبيان والراهب والشيخ الكبير والأعمى ونحوهم فلا يقتل عند جمهور العلماء، إلا أن يقاتل بقوله أو فعله، لأن القتال هو لمن يقاتلنا إذا أردنا إظهار دين الله كما قال تعالى: {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} انتهى مختصراً من مجموع الفتاوى (28/354).

إن هذه النصوص من كلام الله عز وجل، وكلام رسوله –صلى الله عليه وسلم- وأصحابه وعلماء الأمة الراسخين متواردة على حرمة دم من ليس من أهل القتال، وأنها مصانة بحكم جليّ واضح، فإذا وجد من النصوص ما يظن أن ظاهره يخالف هذا جمع بين هذه النصوص بحيث تأتلف ولا تختلف قائلين (آمنا به كل من عند ربنا)، عائذين بالله أن نشابه من يؤمنون ببعض الكتاب ويكفرون ببعض.

ولذلك فإن هذه النصوص المتظاهرة لا يمكن أن تعطل دلالتها، ويبطل معناها بحديث التبييت المشهور.

فإن الاستدلال بحديث (التبييت) المروي في البخاري (3021) ومسلم (1745) عن الصعب بن جثامة – رضي الله عنه - على إباحة قتل الأبرياء من الكفار غير المحاربين استدلال بالشيء في غير موضعه، فلا يصح من وجهين:

الوجه الأول: أن الذين أجاز النبي تبييتهم -ولو أصيب نساؤهم وأطفالهم- إنما هم الكفار المحاربون الذين يقيمون في ديار الحرب، وليس بينهم وبين المسلمين ميثاقٌ ولا عهد، فيدخل النساء والذراري تبعاً. بخلاف هؤلاء المستهدفين في المجمعات السكنية، فهم معاهدون معصومون.

ولذا جاء في لفظ الحديث : "سئل عن الذراري من المشركين". وهؤلاء الأبرياء الذين قتلوا في التفجيرات

د.فالح العمره 18-04-2005 01:33 AM

قصة أبي بصير مع المشركين

الشبهة:

احتجاجهم بأنه ليس في عنقهم بيعة لأحد ممن أعطى هؤلاء العهد فلا يلزمنا هذا العهد بالأمان أو الذمة:

حيث قالوا : إن المجاهدين ـ أو ما تسميه أمريكا تنظيم القاعدة ـ ليس بينهم وبين أمريكا عهد، فيجوز لهم قتالهم، قال ابن القيم: "ومنها: أن المعاهدين إذا عاهدوا الإمام، فخرجت منهم طائفة فحاربتهم وغنمت أموالهم ولم يتحيزوا إلى الإمام لم يجب على الإمام دفعهم عنهم ومنعهم منهم، وسواءً دخلوا في عقد الإمام وعهده ودينه، أو لم يدخلوا. والعهد الذي كان بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين المشركين لم يكن عهداً بين أبي بصير وأصحابه وبينهم . وعلى هذا فإذا كان بين بعض ملوك المسلمين وبعض أهل الذمة من النصارى وغيرهم عهد جاز لملك آخر من ملوك المسلمين أن يغزوهم ويغنم أموالهم إذا لم يكن بينه وبينهم عهد، كما أفتى به شيخ الإسلام تقي الدين ابن تيمية -قدس الله روحه- نصارى ملطية وسبيهم، مستدلاً بقصة أبي بصير مع المشركين)".

الجواب:

وأجاب أهل العلم على هذه الشبهة بقولهم:

صحيح أن المجاهدين أو ما يسمى بـ"تنظيم القاعدة" ليس بينهم وبين أمريكا عهد ولا ذمة، فيجوز لهم قتال الجنود الأمريكان اللذين غزوهم واحتلوا ديارهم، ولكن لا يجوز لهم قتال الأمريكان المدنيين في بلادٍ لهم فيها عهد وأمان حتى يخرجوا منها.

أما أبو بصير -رضي الله عنه- حينما قاتل كفار قريش، فإنه لم يقاتلهم في مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم التي هي محلُ أمان لمن تحيَّز إليها منهم؛ لأنهم فيها معصومون مستأمنون.

بل لم يقتل أبو بصيرٍ رسولَ قريش حين رآه عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان هذا الرسول قد فرّ من أبي بصير بعد أن قتل أبو بصير صاحبَه، مع أنه لم يكن ثمة عهد بينه وبين هذا الرجل. فالذي منعه من هذا هو أن الرجل قد تحيَّز إلى النبي صلى الله عليه وسلم .

وهذا التقييد مستفادٌ من النص ذاته، المنقول عن ابن القيم رحمه الله، حيث قال: "ومنها ـ أي من فوائد قصة أبي بصيرـ : أن المعاهدين إذا عاهدوا الإمام فخرجت منهم طائفة فحاربتهم وغنمت أموالهم ولم يتحيزوا إلى الإمام لم يجب على الإمام دفعهم عنهم ومنعهم منهم، وسواءٌ دخلوا في عقد الإمام وعهده ودينه، أو لم يدخلوا. والعهد الذي كان بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين المشركين لم يكن عهداً بين أبي بصير وأصحابه وبينهم".

فنلحظ أن ابن القيم قد قيَّد جوازَ قتلِ الطائفة التي لم تدخل في عقد الإمام وعهده (كأبي بصير مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ) للمعاهدين بألاّ تتحيَّز الطائفة إلى الإمام؛ إذ من مقتضى المعاهدة والأمان أن يحمي الإمام المعاهدين من أي اعتداء عليهم متى كانوا في سلطانه.

وهذا صريح في استقلال كل دولة أو جماعة بذمتها وعهودها، ولذا لم يكن مشروعاً للذين ليس بينهم وبين الأمريكان عهد أن يعتدوا عليهم في بلادٍ لهم مع أهلها عهدٌ وذمة.

د.فالح العمره 18-04-2005 01:34 AM

مفاهيم الجهاد


تعريف الجهاد

كلمة لها وقعها في الآذان والنفوس بل وأصبح لها وقعها المميز حتى عند غير أهل اللغة - أي العرب أنفسهم - من أصحاب اللغات الأخرى الأجنبية وأصبحت عندما تذكر تتفاعل معها النفوس وتتهيأ الأذهان لاستدعاء صور مخصوصة بعينها تتعلق بهذه اللفظة فهل نحن حقا نعرف عن الجهاد ما يكفي لكي نكون ملمين بمدلوله ومراده وحقيقته أم أننا في ذلك نترك المجال مفتوحا أمام كل من هب ودب سواء كان من المسلمين أو غيرهم ليدلي لنا بفهمه الخاص ويمليه علينا مقنعا إيانا أن هذا هو الفهم السليم وأن ما عداه باطل مشوه لحقيقة هذه الكلمة عظيمة المدلول.

إن مأساتنا نحن المسلمين إنما تكمن على الحقيقة في دخولنا في أعوص المسائل وأقوى النقاشات ونحن لم نحرر مقاصد ألفاظنا ومرادات تعبيراتنا وبذا يبدأ النقاش وينتهي ونحن ما زلنا بعد لم نتفق ولم نلتق ولذا لا يصح أن نتغافل نحن معشر المسلمين عن الخطوة الأولى في الحوار حول أي موضوع أو النقاش في أي قضية ألا وهو تحرير المصطلحات وبيان المراد منها حتى لا يغني كل طرف منا في واد ولا يسمعه صاحبه.

إن المتعامل مع نصوص الشريعة الغراء الكاملة لابد له أن يفهم مراد ألفاظ الشارع الكريم التي استخدمها في هذه النصوص على مراد الله تعالى لا على مراد غيره لأنه المعبود بهذه الألفاظ ولابد له بعد ذلك من الوقوف على هذه النصوص فلا يفسرها بهواه أو سابق فهمه بل هو يستقي منها مقاييس الصواب والخطأ والمفروض وغير المفروض من الأقوال والأفعال فينساق لمراد الله تعالى فيها فتكمل له منازل العبودية الرفيعة وينال منها أعلاها.

لقد درج علماؤنا في التعامل مع الألفاظ الواردة في نصوص الشريعة على سلوك طريق تعريف اللفظ في اللغة العربية عند أهل الاصطلاح من أهل اللغة ثم تناول هذا التعريف في اصطلاح علماء الشريعة وهو ما يعبر عنه بالتعريف الشرعي الخاص باللفظ وبذا تكون معاني اللفظ قد تم استيعابها فأما من حيث اللغة فلأن الله تعالى إنما أنزل أحكام الشريعة باللغة العربية فمرادات الألفاظ في اللغة العربية لابد من اعتبارها عند النظر في دلالات هذه الألفاظ واما من حيث التعريف الشرعي فهو التعريف الذي بدت معالمه واضحة في أحكام الشريعة ونصوصها وبان أنه المراد من خطاب الله تعالى لعباده بهذا الأمر وقد استقرأه علماء الشريعة من مجمل ومفصل النصوص الشرعية وقد يتفق التعريفان اللغوي والشرعي وقد يفترقان ولكن هذا لا ينفي أن دلالات اللفظ اللغوية لا بد أن تنعكس ظلالها على معنى اللفظ الشرعي فتزيد من مساحته وتوسع من معانيه.

وتعال بنا الآن نتعرف على هذه دلالات هذه الكلمة جليلة القدر عظيمة الشأن " الجهاد ":

أولا: المعنى اللغوي:

تدور دلالة كلمة الجهاد لغة حول المعاني :

1 ـ بذل واستفراغ ما في الوسع والطاقة من قول أو فعل.

2 ـ الجهاد مصدر جاهد جهاداً ومجاهدةً، وجاهد فاعل من جَهَدَ إذا بالغ في قتل عدوّه وغيره، ويقال : جَهَدَه المرض، وأجهده إذا بلغ به المشقة، وجَهَدت الفرس، وأَجْهَدتُه إذا استخرجت جُهده، والجهد بالفتح المشقة، والضم الطاقة، وقيل : يقال بالضم وبالفتح في كلِّ واحدٍ منهما فمادة ج هـ د حيث وُجدت ففيه معنى المبالغة.

3 ـ قال الراغب في مفردات القرآن: (الجَهْد والجُهْد: الطاقة والمشقة· وقيل الجَهْد بالفتح: المشقة، والجُهْد: الوسع) وقال ابن حجر: (والجهاد بكسر الجيم: أصله لغة: المشقة) .

وبذا نرى أن تعريفات أهل العلم رحمهم الله تعالى لمعنى الجهاد اللغوي تدور حول مجموعة معان وهي:

1. بذل أقصى الوسع والطاقة والجهد.

2. المشقة.

3. المبالغة.

4. المدافعة حيث لا بد من طرف آخر ليجاهده.

فكلمة "الجهاد" لها مدلول عميق، وبنظرة سريعة المعاني التي ذكرها العلماء يتضح لنا كمثال أن المعنى اللغوي لكلمة "جهاد" مشتق أصلاً من كلمة: "جَهد"، وهي تدل على بذل الجهد، واستفراغ الوسع والطاقة في أمر من الأمور، فأنت تقول: فلان أجهدَ فلانًا، يعني: أتعبه، وفلان اجتهد في كذا، يعني: بذل جهده وغايته. فإذا أضفنا إلى أصل معنى كلمة "جهد" لفظ "الجهاد" أو "المجاهدة" الذي يدل على مفاعلة بين طرفين، يعني هناك من يبذل جهده ضدك، وأنت تبذل جهدك ضده، مثل المقاتلة، ففرق بين أن تقول: فلان قتل فلانًا، وبين أن تقول: فلان قاتل فلانًا، فالأولى تحتمل المعنى أنه وجده نائمًا فقتله، لكن قوله: قاتله معناه أن هذا كان معه سيف -مثلاً-، والآخر معه سيف كذلك، فتلاقيا، ومازال كل واحد منهما يكرُّ ويفرُّ، ويميل يمنة ويسرة على الآخر، حتى أمكن منه فقاتله ثم قتله وهو معنى له دلالته اللغوية التي تنعكس ولابد على الدلالة الشرعية.

إذن "جاهد" تدل على أن هناك طرفًا آخر يقاتل المسلمين، ويؤذيهم ويحاربهم ويكيد لهم، والمسلمون مطالبون بأن يواجهوا هذا بالجهاد والمجاهدة، مثل قول الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا} [آل عمران:200]، فقوله: (اصْبِرُوا) يقتضي أن الإنسان يصبر على ما يناله وما يصيبه، لكن قوله: (وصابِرُوا) معناه أنه لا يكفي الصبر؛ بل لابد من المصابرة، بمعنى أنكم ستلقون أعداء يصبرون كما تصبرون، فصابروا صبرًا فوق صبرهم.

ثانيا: المعنى الشرعي:

تتراوح تعريفات العلماء للجهاد بين متوسع ومضيق سواء لمعناه هو أو لمن يتوجه إليه الجهاد على الوجه التالي:

1. هو بذل الجهد من المسلمين في قتال الكفار، والبغاة، والمرتدين ونحوهم.

2. هو بذل الجهد في قتال الكفار خاصة بخلاف المسلمين من البغاة وقطاع الطريق وغيرهم .

3. قال الحافظ "الجهاد شرعاً بذل الجهد في قتال الكفار ويطلق أيضاً على مجاهدة النفس والشيطان والفسّاق ، فأما مجاهدة النفس فعلى تعلّم أمور الدين ثم على العمل بها ثم تعليمها وأما مجاهدة الشيطان فعلى ما يأتي به من الشبهات وما يزينه من الشهوات وأما مجاهدة الكفار فتقع باليد والمال واللسان والقلب وأما مجاهدة الفسّاق فباليد ثم اللسان ثم القلب".

4. المعنى الشرعي عند أغلب الفقهاء هو قتال المسلمين للكفار بعد دعوتهم إلى الإسلام أو الجزية وإبائهم

فهو عند الأحناف: (بذل الوسع والطاقة بالقتال في سبيل الله عز وجل بالنفس والمال واللسان أو غير ذلك أو المبالغة في ذلك)(4).وأنه: (الدعاء إلى الدين الحق وقتال من لم يقبله).

وعند المالكية هو: (قتال مسلم كافرًا غير ذي عهد لإعلاء كلمة الله تعالى).

وعند الشافعية كما قال الحافظ ابن حجر: (وشرعًا: بذل الجهد في قتال الكفار).

وعند الحنابلة: (قتال الكفار).

ولشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى تعريف عام للجهاد قال فيه: "والجهاد هو بذل الوسع والقدرة في حصول محبوب الحق، ودفع ما يكرهه الحق" وقال أيضاً: "··· وذلك لأن الجهاد حقيقته الاجتهاد في حصول ما يحبه الله من الإيمان والعمل الصالح، ومن دفع ما يبغضه الله من الكفر والفسوق والعصيان".

وبذا يتضح أن الجهاد في تعريفه الشرعي عند العلماء ينحصر عند أغلب الفقهاء بالنسبة لمن يتجه إليه في قتال الكفار وهذا هو تعريف الجهاد عند الإطلاق وهناك أنواع أخرى أطلق عليها الشارع اسم الجهاد مع خلوها من القتال كجهاد المنافقين، وجهاد النفس وهو يتسع ليدخل فيه الجهاد باليد واللسان والقلب.

وتحت هذا المعنى العام للجهاد يدخل أنواع ( من يتوجه إليه الجهاد ) وهي:

1. جهاد النفس في طاعة الله تعالى وترك معاصيه.

2. جهاد الشيطان.

3. جهاد المنافقين.

4. جهاد الكفار، ومن ذلك جهاد البيان والبلاغ، ومدافعة الفساد والمفسدين؛ بل إن جهاد الكفار بالسنان إن هو إلا جزء من القيام بفريضة الأمر بالمعروف الأكبر وهو نشر التوحيد والنهي عن المنكر الأكبر وهو الشرك بالله والكفر به وذلك بعد دعوة الكفار إلى التوحيد ورفضهم له أو لدفع الجزية

أما بالنسبة لدرجات الجهاد أو أنوعه فيما يتعلق به خاصة فهي:

1. جهاد السنان واليد والقتال.

2. جهاد اللسان.

3. جهاد القلب.

وجهاد الكفار ينقسم إلى قسمين هما:

1. جهاد الدفع.

2. جهاد الطلب على تفصيل سنتناوله في موضعه.

ومع وضوح كل من المعنى اللغوي والشرعي للفظ الجهاد تتحدد صورة تداولنا للمصطلح وتعاملنا معه في دائرة حوارنا ونقاشاتنا حتى يكون هذا الحوار على أرضية واضحة ثابتة تصل إلى نتائج مثمرة بإذن الله تعالى .

د.فالح العمره 18-04-2005 01:35 AM

أخلاقيات الجهاد في الإسلام

لما كان الإسلام دين الحياة بكل تفاصيلها وأوقاتها وأحوالها في السلم والحرب فقد أمر الله عز وجل في كتابه الكريم ورسوله صلى الله عليه وسلم في سنته الشريفة - أمر المسلم بالعدل والرحمة علاقاته مع الآخرين بما فيهم أعداؤه ومن يقاتلهم ،و لم يطلق الإسلام يد أتباعه في جهادهم ضد أعدائهم ، بل وضع لهم أعظم الدساتير التي عرفها الكون على مر الدهور والعصور ، دستوراً ملؤه الرحمة والعدل والقسط لأن هذا الدين لم يضعه البشر بل هو من عند الله رب العالمين ، فكان هذا الدين عدلاً وقسطاً ورحمة للعالمين . ولم يعرف التاريخ مثل هذه الأخلاقيات التي يلزم بها دين أتباعه في قتالهم لعدو الله وعدوهم كما عرفها أخلاقا نظرية وواقعا حيا يمارسه المسلمون في جهادهم وقتالهم ، فالحرب في الإسلام مقدسة فاضلة في الباعث عليها وفي ابتدائها وسيرها وانتهائها ومعاملة المغلوبين فيها.. حرب عادلة لاتبيح قتل أحد لا يقاتل.. وتمنع إتلاف الزرع والشجر وتخريب العمران، تستمد نظامها من عند الله لا من قوانين الغابة في الأرض ولا من تحكم القوى في الضعيف، الباعث عليها نصت عليه الآية (وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين) و(قاتلوهم حتى لاتكون فتنة ويكون الدين كله لله )، فالقتال لدفع الاعتداء، ودفع الفتنة وإعلاء كلمة الله وحده وإقامة دينه، ، فالقتال لمنع الفتنة حتى إذا انتهت انتهى القتال، والأصل في القتال التحريم إلى أن يكون هناك سبب له وهو الاعتداء والإسلام لا يقصد بالقتال الاستيلاء على الأرض أو التحكم في الرقاب أو في مصائر العباد.

فمن أخلاقيات الجهاد في الإسلام :

1) عدم جواز قتل النساء والأطفال:

هناك أصل عام قررته النصوص الشرعية ببيان جلي، وهو تحريم قتل النساء والأطفال ومن ليس من أهل القتال منها:

1- قوله تعالى: {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ}.

قال القرطبي (2/348): قال ابن عباس وعمر بن عبد العزيز ومجاهد هي محكمة، أي قاتلوا الذين هم بحالة من يقاتلونكم، ولا تعتدوا في قتل النساء والصبيان والرهبان وشبههم.

وعن الحسن البصري : المراد بذلك النهي عن ارتكاب المناهي من المثلة والفلول وقتل النساء والشيوخ الذين لا قدرة لهم على القتال ، وكذلك النهي عن قتل الرهبان وتحريق الأشجار وقتل الحيوان لغير مصلحة وفي الآية نهي مطلق يفيد التحريم عن قتال من لم يقاتل من النساء والأولاد والشيوخ والرهبان.

2- عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: "إن امرأة وجدت في بعض مغازي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مقتولة فأنكر رسول الله صلى الله عليه وسلم قتل النساء والصبيان".

قال النووي في شرح مسلم (12/73): "أجمع العلماء على العمل بهذا الحديث وتحريم قتل النساء والأطفال إذا لم يقاتلوا".

3- عن سلمان بن بردة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أمَّر أميراً على جيش أو سرية أوصاه ثم قال: ((اغزوا باسم الله في سبيل الله، قاتلوا من كفر بالله، اغزوا ولا تغلوا، ولا تمثلوا، ولا تقتلوا وليداً...)).

4- عن رياح بن ربيع قال: كنا مع النبي -صلى الله عليه وسلم- في غزوة فرأى الناس مجتمعين على شيء فبعث رجلاً فقال: انظر إلى ما اجتمع هؤلاء؟ فجاء فقال: على امرأة قتيل، فقال: ((ما كانت هذه لتقاتل))، وعلى المقدمة خالد بن الوليد، قال: فبعث رجلاً فقال: ((قل لخالد لا يقتلن امرأة ولا عسيفاً)).

فاستنكر النبي -صلى الله عليه وسلم- قتل المرأة، وبين سبب استنكاره وهو كونها ليست من أهل القتال، فقرن النبي -صلى الله عليه وسلم- كونها لا تقاتل بمنع قتلها، فدل على أن علة القتل هي القتال.

وكذا ذكره -صلى الله عليه وسلم- العسيف، وهو الأجير لحفظ المتاع والدواب فلا يقتل إلا إن قاتل، وبناءً عليه فكل مستأجر لأعمال غير قتالية لا يجوز قتله ولو حضر لأرض المعركة.

5- عن أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- أنه خرج يمشي مع يزيد بن أبي سفيان وكان أميراً على جيش فقال له:(إنك ستجد قوماً زعموا أنهم حبسوا أنفسهم لله فذرهم وما حبسوا أنفسهم له) .

6- عن عمر -رضي الله عنه- أنه قال:(اتقوا الله في الفلاحين).

فهذه النصوص مجتمعة تدل على أن القتال إنما هو لأهل المقاتلة والممانعة، أما من لم يكن من أهل الممانعة والمقاتلة فلا يقتل، قال شيخ الإسلام ابن تيمية:"وإذا كان أصل القتال المشروع في الجهاد ومقصوده هو أن يكون الدين كله لله، وأن تكون كلمة الله هي العليا فمن امتنع من هذا قوتل باتفاق المسلمين، وأما من لم يكن من أهل الممانعة والمقاتلة كالنساء والصبيان والراهب والشيخ الكبير والأعمى ونحوهم فلا يقتل عند جمهور العلماء، إلا أن يقاتل بقوله أو فعله، لأن القتال هو لمن يقاتلنا إذا أردنا إظهار دين الله كما قال تعالى: {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ}.

وسيأتي الرد على احتجاج البعض بحديث التبييت على جواز قتلهم مطلقا تبعا لا أصالة عند الرد على شبهات القائمين بأعمال التفجير في ديار الإسلام واستهداف النصارى المقيمين في ديار الإسلام بدعوى أنهم محاربون.

2) عدم جواز قتل الأعمى ولا الزمنى ولا الراهب ولا العبد ولا الفلاحين ولاغيرهم ممن ليس من أهل الممانعة ولا المقاتلة:

وقد تقدم بعض أدلة هذه المسألة في المسألة السابقة ،وكذا كلام شيخ الإسلام ابن تيمية. ونسوق طائفة أخرى من أقوال أهل العلم في ذلك :

قال الإمام مالك: لا يقتل النساء والصبيان والشيخ الكبير والرهبان والمجوسيين في الصوامع والديارات.

و قال شمس الدين بن قدامة المقدسي: إذا ظفر بالكفار لم يجز قتل صبي لم يبلغ بغير خلاف، ولا تقتل امرأة ولا هرم ولا شيخ فان وبذلك قال مالك وأصحاب الرأي، أما الفلاح الذي لا يقاتل فينبغي أن لا يقاتل لما روى عن عمر رضي الله تعالى عنه أنه قال: اتقوا الله في الفلاحين الذين لا يناصبونكم الحرب. وقال الأوزاعي: لا يقتل الحراث.

قال الشوكاني: لا يجوز، مثل من كان متخليًا للعبادة من الكفار كالرهبان لإعراضهم عن ضرر المسلمين.

قال صاحب كتاب الهداية الحنفي: لا يقتلوا امرأة ولا صبيا ولا شيخا فانيا ولا مقعدا ولا أعمى، لأن المبيح للقتل عندنا هو الحراب، ولا يتحقق منهم، ولهذا لا يقتل يابس الشق "الشلل النصفي" والمقطوع اليمنى والمقطوع يده ورجله من خلاف، ولا يقتلوا مجنونا والمشهور عند المالكية أن الصناع لا يقتلون.

3) حرمة قتل المدنيين الذين ليسوا من أهل المقاتلة والممانعة:

اختلف العلماء في علة قتال المشركين: أهي الكفر أم هي الانتصاب للقتال؟

ذهب الجمهور إلى أن العلة الانتصاب للقتال، أما الشافعية فيرون أن العلة هي الكفر.

وأجاب الجمهور أنه لو كانت العلة هي الكفر فإن هذه العلة موجودة في النساء والرهبان والشيوخ والزمني والأعمى، وهؤلاء وردت النصوص بمنع قتلهم في الحرب كما سبق وبينا.

كما احتجوا بقول النبي صلى الله عليه وسلم عندما مر على المرأة المقتولة: ((ما كانت هذه تقاتل)) فجعل النبي صلى الله عليه وسلم علة النهي عن قتلها أنها لا تقاتل ولو كانت علة قتل الكفار وهو كفرهم لأمر النبي بقتلها لأنها كافرة!

وكذا قول عمر بن الخطاب: (اتقوا الله في الفلاحين الذين لا ينصبون لكم الحرب) فجعل علة عدم قتلهم أنهم لا يشاركون في الحرب.

فكل الأصناف السابقة المنهي عن قتالهم من النساء والصبيان والشيوخ والزمني والرهبان كلهم اشتركوا في علة واحدة هي عدم مشاركتهم في القتال وعدم انتصابهم إليه.

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: "وإذا كان أصل القتال المشروع هو الجهاد ومقصوده هو أن يكون الدين كله لله وأن تكون كلمة الله هي العليا، فمن منع هذا قوتل باتفاق المسلمين وأما من لم يكن من أهل الممانعة والمقاتلة كالنساء والصبيان والراهب والشيخ الكبير والأعمى والزمني ونحوهم فلا يقتلون عند الجمهور إلا أن يقاتل بقوله أو بفعله وإن كان بعضهم يرى إباحة قتل الجميع لمجرد الكفر إلا النساء والصبيان، والأول هو الصواب؛ لأن القتال هو لمن يقاتلنا إذا أردنا إظهار دين الله، وذلك أن الله أباح من قتل النفوس ما يحتاج إليه في صلاح الخلق، قال تعالى: {وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ} [البقرة: 191].

أي أن القتل وإن كان فيه شر وفساد ففي فتنة الكفار من الشر والفساد ما هو أكبر، فمن لم يمنع المسلمين من إقامة دين الله لم تكن مضرة كفره إلا على نفسه أهـ.

4) لا يجوز التمثيل بجثث القتلى:

وردت عدة أحاديث في نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن المثلة نقلها عنه جمع من أصحابه، منهم:

بريدة بن الحصيب، وعمران بن الحصين، وعبد الله بن عمرو، وأنس بن مالك، وسمرة بن جندب، والمغيرة بن شعبة، ويعلى بن مرة، وجرير بن عبد الله، وعبد الله بن يزيد، وأسماء بنت أبي بكر رضوان الله عليهم أجمعين، فمن ذلك:

ما أخرجه البخاري عن عبد الله بن يزيد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن النهبة والمثلة.

وما أخرجه أحمد ومسلم والأربعة عن بريدة رضي الله عنه مرفوعاً: (اغزوا باسم الله في سبيل الله ولا تغلوا ولا تغدروا ولا تمثلوا ولا تقتلوا وليداً... الحديث).

وما أخرجه أحمد وأبو داود والنسائي وابن حبَّان عن عمران بن حصين رضي الله عنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحثنا على الصدقة وينهانا عن المثلة)، وقد رواه البخاري عن قتادة إثر قصة العرنيين مرسلاً.

وما أخرجه أحمد عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه أنه قال: (نهى رسول الله عن المثلة).

وما أخرجه أحمد والبخاري وأبو داود والترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: (بعثنا رسول الله في بعث، فقال: إن وجدتم فلاناً وفلاناً لرجلين فأحرقوهما بالنار، ثم قال حين أردنا الخروج: إني كنت أمرتكم أن تحرقوا فلاناً وفلاناً، وإن النار لا يعذب بها إلا الله، فإن وجدتموهما فاقتلوهما"، وفي بعض ألفاظ الحديث: (وإنه لا ينبغي لأحد أن يعذب بعذاب الله).

وثمَّة نصوص أخرى تفيد النهي عن التمثيل بالحيوان أيضاً ليس هذا مجال ذكرها.

قال ابن عبد البر في "الاستذكار": (والمثلة محرَّمة في السنة المجمع عليها، وهذا بعد الظفر، وأما قبله فلنا قتله بأي مثلة أمكننا) نقلاًً عن "مواهب الجليل".

وقال ابن عابدين في حاشيته: (نهينا عن المثلة بعد الظفر، أما قبله فلا بأس بها اختياراً).

إلا أن البعض يقيد ذلك بألا يمكن قتلهم أي قبل الظفر إلا بالمثلة بهم، وذلك بتحريقهم ونحوه.

وذهب بعض أهل العلم إلى جواز المثلة إذا كان ذلك على سبيل القصاص

واحتج بالأدلة التالية:

أولاً: قوله تعالى: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ} [النحل: 126].

قال الشعبي وابن جريج: (نزلت في قول المسلمين يوم أحد فيمن مثِّل بهم لنمثِّلن بهم، فأنزل الله فيهم ذلك).

وقال القرطبي: (أطبق جمهور أهل التفسير على أن هذه الآية مدنية، ونزلت في شأن التمثيل بحمزة يوم أحد، ووقع ذلك في صحيح البخاري في كتاب السير، وذهب النحَّاس إلى أنها مكية، والمعنى متصل بما قبلها من المكي اتصالاً حسناً؛ لأنها تتدرج الرتب من الذي يدعى ويوعظ، إلى الذي يجادل، إلى الذي يجازى على فعله، لكن ما روى الجمهور أثبت، روى الدار قطني عن ابن عباس قال: لما انصرف المشركون عن قتلى أحد انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأى منظرًََا ساءه، رأى حمزة قد ُشق بطنه، واصُطِلم أنفه، وجُدعت أذناه، فقال؛ "لولا أن يحزن النساء أو أن تكون سنة بعدي لتركته حتى يبعثه الله من بطون السباع والطير، لأمثِّلن مكانه بسبعين رجلاً"، ثم دعا ببردة وغطى بها وجهه فخرجت رجلاه، فغطى رسول الله صلى الله عليه وسلم وجهه، وجعل على رجليه الإذخر، ثم قدمه فكبر عليه عشراً، ثم جعل يجاء بالرجل فيوضع وحمزة مكانه حتى صلى عليه سبعين صلاة، وكان القتلى سبعين، فلما دفنوا وفرغ منهم نزلت هذه الآية {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ} [النحل: 125]، إلى قوله: {وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ} [النحل: 127]، فصبر ولم يمثل بأحد)، وكذا أخرجه عبد الله بن أحمد في مسند أبيه بإسناده عن أبيّ بن كعب بنحو هذه القصة.

قال شيخ الإسلام: (أما التمثيل في القتل فلا يجوز إلا على وجه القصاص، وقد قال عمران بن حصين رضي الله عنه: ما خطبنا رسول الله خطبة إلا أمرنا بالصدقة ونهانا عن المثلة، حتى الكفار إذا قتلناهم فإنا لا نمثل بهم ولا نجدِّع آذانهم ولا نبقر بطونهم، إلا أن يكونوا فعلوا ذلك بنا فنفعل بهم ما فعلوا، والترك أفضل كما قال تعالى؛ {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ...}[النحل: 126]، قيل؛ إنها نزلت لما مثَّل المشركون بحمزة وغيره من شهداء أحد، فقال: لئن ظفرني الله بهم لأمثِّلن بضعفي ما مثلوا بنا، فأنزل الله هذه الآية، وإن كانت قد نزلت قبل ذلك بمكة... ثم جرى بالمدينة سبب يقتضي الخطاب فأنزلت مرة ثانية، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((بل نصبر)).

ونقل صاحب الفروع عن الإمام أحمد أنه قال: (إن مثَّلوا مُثل بهم) - ذكره أبو بكر -

وقال شيخ الإسلام -: (المثلة حق لهم، فلهم فعلها للاستيفاء وأخذ الثأر، ولهم تركها والصبر أفضل، وهذا حيث لا يكون في التمثيل بهم زيادة في الجهاد، ولا يكون نكالاً لهم عن نظيرها، فأما إن كان في التمثيل الشائع دعاء لهم إلى الإيمان، أو زجر لهم عن العدوان، فإنه هنا من إقامة الحدود والجهاد المشروع، ولم تكن القضية في أُحُد كذلك؛ فلهذا كان الصبر أفضل، فأما إن كانت المثلة حق لله تعالى فالصبر هناك واجب، كما يجب حيث لا يمكن الانتصار ويحرم الجزع).

ثانياً: ما جاء في الصحيحين عن أنس رضي الله عنه: (أن قوماً من عكل وعرينه اجتووا المدينة فأمرهم النبي بلقاح، وأن يشربوا من أبوالها وألبانها، فانطلقوا، فلما صحوا قتلوا الراعي واستاقوا الذود، فبعث النبي صلى الله عليه وسلم في طلبهم، فقطع أيديهم وأرجلهم وسمل أعينهم).

قال الباجي رحمه الله تعالى: (أما ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر بالعرنيين الذين قتلوا رعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم واستاقوا نَعَمَه، فأمر بهم فقطع أيديهم وأرجلهم وسمل أعينهم، فقد روى سليمان التيمي عن أنس رضي الله عنه؛ أنهم كانوا فعلوا بالرعاء مثل ذلك، ومثل هذا يجوز من مثَّل بمسلم أن يُُمثَّل به على سبيل القصاص).

يشير الإمام الباجي رحمه الله تعالى إلى ما أخرجه مسلم في صحيحه بإسناده عن سليمان التيمي عن أنس رضي الله عنه قال: (إنما سَمَل النبي أعين أولئك؛ لأنهم سَمَلوا أعين الرعاة).

وقال القاضي عياض: (اختلف العلماء في معنى حديث العرنيين هذا، فقال بعض السلف؛ كان هذا قبل نزول الحدود وآية المحاربة والنهي عن المثلة فهو منسوخ، وقيل؛ ليس منسوخاً وفيهم نزلت آية المحاربة، وإنما فعل بهم النبي ما فعل قصاصاً؛ لأنهم فعلوا بالرعاة مثل ذلك، وقد رواه مسلم في بعض طرقه، ورواه ابن إسحاق وموسى بن عقبة وأهل السير والترمذي، وقال بعضهم؛ النهي عن المثلة نهي تنزيه ليس بحرام) .

وقال الحافظ ابن حجر في "الفتح": (ومال جماعة منهم ابن الجوزي على أن ذلك وقع عليهم على سبيل القصاص؛ لما عند مسلم من حديث سليمان التيمي عن أنس رضي الله عنه قال؛ إنما سمل النبي أعينهم؛ لأنهم سملوا أعين الرعاة...)، إلى قوله: (وتعقبه ابن دقيق العيد بقوله؛ إن المثلة وقعت من جهات وليس في الحديث إلا السمل.

قلت – أي ابن حجر –؛ كأنهم تمسكوا بما نقله أهل المغازي أنهم مثَّلوا بالراعي.

وذهب آخرون إلى أن ذلك منسوخ.

قال ابن شاهين عقب حديث عمران بن حصين رضي الله عنه في النهي عن المثلة؛ (هذا الحديث ينسخ كل مثلة، وتعقبه ابن الجوزي بأن ادعاء النسخ يحتاج إلى تاريخ).

5) عدم جواز قتل رسل الأعداء:

وقد نقل المطيعي الإجماع على تحريم قتل رسول الأعداء.

قال الشيرازي: "لا يقتل رسولهم لما روى أبو وائل قال: لما قتل عبد الله بن مسعود ابنة النواحة قال: إن هذا وابن أثال قد كانا أتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم رسولين لمسيلمة الكذاب فقال لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتشهدون أني رسول الله؟ قالا: نشهد أن مسيلمة رسول الله. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو كنت قاتلاً رسولاً لضربت أعناقكما فجرت سنة أن لا تقتل الرسل"اهـ.

قال ابن قدامة: لأن الحاجة تدعو إلى الله فإنا لو قتلنا رسلهم لقتلوا رسلنا فتفوت مصلحة المراسلة أهـ.

6) لا يقاتل الكفار والمشركين قبل دعوتهم إلى الإسلام:

فلا يجوز قتال الكفار والمشركين قبل دعوتهم إلى الإسلام للأدلة التالية:

1ـ عن بريدة رضي الله تعالى عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا بعث أميرًا على سرية أو جيش أوصاه بتقوى الله في خاصة نفسه، وبمن معه من المسلمين خيرًا، وقال له: ((إذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى إحدى ثلاث خصال أو خلال فأيتها أجابوك إليها فاقبل منهم، وكف عنهم، ادعهم إلى الإسلام فإن أجابوك فأقبل منهم وكف عنهم)).

قال ابن قدامة: "من لم تبلغه الدعوة يدعى قبل القتال ولا يجوز قتالهم قبل الدعاء".

قال الشيرازي: فإن كان العدو ممن لم تبلغهم الدعوة لم يجر قتالهم حتى يدعوهم إلى الإسلام لأنه لا يلزمهم الإسلام قبل العلم والدليل عليه قوله عز وجل: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً} [الإسراء: 15]. ولا يجوز قتالهم على ما لا يلزمهم".

قال الخرقي: "ويدعي عبدة الأوثان قبل أن يحاربوا".

وقال ابن قدامة في الشرح: "إن وجد منهم من لم تبلغه الدعوة دعي قبل القتال، وكذلك إن وجد من أهل الكتاب من لم تبلغه الدعوة دعى قبل قتاله"اهـ.

جاء في تنوير الأبصار وشرحه الدر المختار: "ولا يحل لنا أن نقاتل من لم تبلغه الدعوة إلى الإسلام ولا ينبغي قتالهم حتى يدعوهم إلى الجزية".

قال الشيخ المحلي في شرحه على منهاج الطالبين للنووي: "ولا يقاتل الإمام البغاة حتى يبعث إليهم أمينًا يسألهم ما ينقمون، بأن يعظهم ويأمرهم بالعودة إلى الطاعة، ثم إن لم يرجعوا أعلمهم بالقتال"أهـ.

قال الشيخ شهاب الدين في الحاشية شارحًا لما سبق قوله "ولا يقاتل الإمام" أي لا يجوز حتى يبعث إليهم.

7) عدم جواز الغدر والخيانة ونقض العهد:

لايوجد دين يحث أتباعه على الوفاء بعهودهم واحترام مواثيقهم مثل دين الإسلام ، ولم يجعل ذلك قاصرا على التعامل بين أتباعه فحسب بل أيضا بينهم وبين أعدائهم فقال سبحانه: {وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ} [الأنفال: 58] وهذا مع الأعداء المحاربين الذين يخشى غدرهم فكيف بمن دونهم؟!! والنصوص في ذلك متوافرة متكاثرة فمنها :

1- قول الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا} [النساء:107].

قال الطبري رحمه الله: "يقول: إن الله لا يحب من كان من صفته خيانة الناس في أموالهم، وركوب الإثم في ذلك وغيره مما حرمه الله عليه".

وقال القرطبي: "روي أنها نزلت بسبب المؤمنين لما كثروا بمكة وآذاهم الكفار وهاجر من هاجر إلى أرض الحبشة، أراد بعض مؤمني مكة أن يقتل من أمكنه من الكفار ويغتال ويغدر ويحتال، فنزلت هذه الآية إلى قوله: {كَفُورٍ}، فوعد فيها سبحانه بالمدافعة، ونهى أفصحَ نهي عن الخيانة والغدر. وقد مضى في الأنفال التشديد في الغدر، وأنه ينصب للغادر لواء عند استه بقدر غدرته يقال: هذه غدرة فلان".

2- وقال تعالى: {وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً} [الإسراء:34].

قال ابن كثير رحمه الله: "قوله: {وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ} أي: الذي تعاهدون عليه الناس، والعقود التي تعاملونهم بها؛ فإن العهد والعقد كل منهما يسأل صاحبه عنه، {إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً} أي: عنه".

3- وقال تعالى: {وَأَنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِين} [يوسف:52].

قال القرطبي رحمه الله: "معناه أن الله لا يهدي الخائنين بكيدهم".

وقال ابن سعدي رحمه الله: "فإنّ كلّ خائن لا بدّ أن تعود خيانته ومكره على نفسه، ولا بدّ أن يتبين أمره".

4- وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((اللهم إني أعوذ بك من الجوع؛ فإنه بئس الضجيع، وأعوذ بك من الخيانة؛ فإنها بئست البطانة)) .

قال المناوي رحمه الله: "((فإنها بئست البِطانة)) بالكسر، أي: بئس الشيء الذي يستبطنه من أمره ويجعله بطانة. قال في المغرب: بطانة الرجل أهله وخاصته مستعار من بطانة الثوب. وقال القاضي: البطانة أصلها في الثوب فاستعيرت لما يستبطن الرجل من أمره ويجعله بطانة حاله. والخيانة تكون في المال والنفس والعداد والكيل والوزن والزرع، وغير ذلك".

5- وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((أربع من كن فيه كان منافقا خالصا، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها، إذا اؤتمن خان، وإذا حدث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر)) .

قال النووي رحمه الله: "الصحيح المختار أن معناه أن هذه الخصال خصال نفاق، وصاحبها شبيه بالمنافقين في هذه الخصال، ومتخلّق بأخلاقهم؛ فإن النفاق هو إظهار ما يبطن خلافه، وهذا المعنى موجود في صاحب هذه الخصال، ويكون نفاقه في حق من حدثه ووعده وائتمنه وخاصمه وعاهده من الناس، لا أنه منافق في الإسلام فيظهره وهو يبطن الكفر، ولم يرد النبي صلى الله عليه وسلم بهذا أنه منافق نفاق الكفار المخلدين في الدرك الأسفل من النار".

6- وعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((قال الله: ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة، رجل أعطى بي ثم غدر، ورجل باع حرّا فأكل ثمنه، ورجل استأجر أجيرا فاستوفى منه ولم يعط أجره)) .

قال ابن تيمية رحمه الله: "فذمّ الغادر، وكل من شرط شرطا ثم نقضه فقد غدر".

7- وعن بريدة بن الحصيب رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أمّر أميرا على جيش أو سريّة أوصاه في خاصته بتقوى الله ومن معه من المسلمين خيرا، ثم قال: ((اغزوا باسم الله في سبيل الله، قاتلوا من كفر بالله، اغزوا، ولا تغلّوا ولا تغدروا ولا تمثلوا ولا تقتلوا وليدا...)) .

قال النووي رحمه الله: "وفي هذه الكلمات من الحديث فوائد مجمع عليها، وهي: تحريم الغدر، وتحريم الغلول..." .

8- وعن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا جمع الله الأولين والآخرين يوم القيامة يرفع لكلّ غادر لواء, فقيل: هذه غدرة فلان بن فلان)).

9- وعن أبي سعيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لكلّ غادر لواء يوم القيامة يرفع له بقدر غدره، ألا ولا غادر أعظم غدرا من أمير عامة)).

قال النووي رحمه الله: " معنى: ((لكل غادر لواء)) أي: علامة يشهَر بها في الناس؛ لأن موضوع اللواء الشهرة. وفي هذه الأحاديث بيان غلظ تحريم الغدر، لا سيما من صاحب الولاية العامة؛ لأنّ غدره يتعدّى ضرره إلى خلق كثيرين. وقيل: لأنه غير مضطر إلى الغدر لقدرته على الوفاء".

وقال ابن حجر رحمه الله: "أي: علامة غدرته، والمراد بذلك شهرته وأن يفتضح بذلك على رؤوس الأشهاد، وفيه تعظيم الغدر سواء كان من قبل الآمر أو المأمور".

10- وعن علي رضي الله عنه قال: ما عندنا شيء إلا كتاب الله وهذه الصحيفة عن النبي صلى الله عليه وسلم وفيها: ((ذمة المسلمين واحدة، فمن أخفر مسلما فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل منه صرفٌ ولا عدل)) .

قال النووي رحمه الله: "قوله صلى الله عليه وسلم: ((وذمّة المسلمين واحدة يسعى بها أدناهم)) المراد بالذمة هنا الأمان. معناه: أن أمان المسلمين للكافر صحيح، فإذا أمّنه به أحد المسلمين حرُم على غيره التعرُّض له ما دام في أمان المسلم، وللأمان شروط معروفة... وقوله صلى الله عليه وسلم: ((فمن أخفر مسلمًا فعليه لعنة الله)) معناه: من نقض أمانَ مسلم فتعرّض لكافر أمَّنه مسلم، قال أهل اللغة: يقال: أخفرتُ الرجل إذا نقضتُ عهده، وخفرته إذا أمَّنته".

وقال ابن حجر رحمه الله: " قوله: ((ذمّة المسلمين واحدة)) أي: أمانهم صحيح، فإذا أمَّن الكافرَ واحدٌ منهم حرُم على غيره التعرّض له... وقوله: ((يسعى بها)) أي: يتولاها ويذهب ويجيء، والمعنى: أن ذمّة المسلمين سواء صدرت من واحد أو أكثر، شريف أو وضيع، فإذا أمّن أحد من المسلمين كافرا وأعطاه ذمّةً لم يكن لأحد نقضه، فيستوي في ذلك الرجل والمرأة والحرّ والعبد؛ لأن المسلمين كنفس واحدة... وقوله: ((فمن أخفر)) بالخاء المعجمة والفاء أي: نقض العهد، يقال: خفرته بغير ألف أمّنته، وأخفرته نقضت عهده".

قال ابن تيمية رحمه الله: "جاء الكتاب والسنة بالأمر بالوفاء بالعهود والشروط والمواثيق والعقود، وبأداء الأمانة ورعاية ذلك، والنهي عن الغدر ونقض العهود والخيانة والتشديد على من يفعل ذلك".

11- وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أدِّ الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك)) .

قال المناوي: "أي: لا تعامله بمعاملته, ولا تقابل خيانته بخيانتك فتكون مثله, وليس منها ما يأخذه من مال من جحده حقّه إذ لا تعدّي فيه, أو المراد إذا خانك صاحبك فلا تقابله بجزاء خيانته وإن كان حسنا, بل قابله بالأحسن الذي هو العفو, وادفع بالتي هي أحسن".

وقال ابن قدامة: وإذا عقد الهدنة الإمام لزمه الوفاء بها لقول الله سبحانه وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة:1]. وقال سبحانه وتعالى: {فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ} [التوبة:4]. ولأنه لو لم يف بها لم يسكن إلى عقده، وقد يحتاج إلى عقدها.

ويقول أيضًا: "إن الأمان إذا أعطي أهل الحرب حرم قتلهم وما لهم والتعرض لهم".

و صفحات تاريخ المسلمين الحربي ناصعة البياض، خالية من الظلم والبغي والعدوان والغدر والخيانة.

د.فالح العمره 18-04-2005 01:38 AM

الفرق بين الجهاد والعنف

من خلال ماسبق من تعريف كل من الجهاد والعنف يمكن التمييز بين الجهاد المشروع والعنف المذموم من حيث المشروعية والهدف والوسيلة والثمرة.

فالجهاد مشروع مندوب إليه في الجملة وقد يجب في مواطن وأحوال معينة كما قد يحرم في أخرى كما أنه يتميز بوضوح هدفه ونبله ومشروعيته، ووسائله، والتزامه بأحكام الشرع، ومكارم الأخلاق التي جاء بها الإسلام، قبل القتال، وأثناء القتال، وبعد القتال، وثمرته هي رضا الله سبحانه ورفعة الدين والتمكين له ودفع الفتنة.

أما (العنف) -كما يقوم به بعض الشباب ممن يفتقد لهذه الرؤية الشرعية- فينقصه الوضوح في الرؤية، سواء للأهداف أم للوسائل، وللضوابط الشرعية فضلا عن افتقاده للمشروعية ابتداء ناهيك عن ثمرته من تشويه الدين ووقوع الفتنة.

العنيد 18-04-2005 10:23 AM

بارك الله فيك استاذي الفاضل فالح العمره على هذا الموضوع الطيب...

لك مودتي

فزاع 18-04-2005 01:41 PM

الأخ الفاضل فالح العمرة والله موضوعك رائع وشامل وفيه أجوبة مقنعة لكثير من الشبهات والفتن و الحيرة اللتي ابتلى بها المسلمين في زماننا هذا جزاك الله الف خير على هذا التفصيل المتعمق والغني بكل ما هو مفيد أستاذي الفاضل فالح العمرة تقبل مني كل ود وكل تحية وبارك الله فيك.

د.فالح العمره 18-04-2005 01:48 PM

مرحبا بك اخي الفاضل العنيد ولا هنت على الحضور

د.فالح العمره 18-04-2005 01:49 PM

يا مرحبا يا اخي العزيز فزاع واسأل الله ان ينفعنا بما علمنا وما زال هناك الكثير من الابحاث التي سأدرجها انشالله

أسأل الله حسن العمل

د.فالح العمره 18-04-2005 11:47 PM

ليس من وسائل الإصلاح قتل رجال الأمن


حذَّر مفتي عام المملكة سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ الشباب من الانحراف وراء شياطين الأنس أو الانخداع بهم والاغترار بهم فإن أولئك لا يريدون الخير لهذه الأمة ولا لشبابها.وقال إن هذه الفتن والمصائب التي تحدث لأُناس استرخصوا أنفسهم في الباطل فلقوا عاقبة فعلهم وسوء مصيرهم وتحمل أوزارهم من أشار عليهم ومن اعانهم على باطلهم أو من تعاطف معهم أو من أحسن الظن بهم وكل أولئك جميعاً شركاء في الأثم والعدوان لأنهم تعاونوا على الأثم والعدوان وتعاونوا على أمة الإسلام وبغوا لها الغوائل والله جل وعلا حافظها بتوفيقه وعونه.


وقال سماحته في خطبة الجمعة التي القاها أمس بجامع الإمام تركي بن عبدالله بالرياض إن هناك التباساً في الأمر على بعض من قلَّت بصيرتهم وضعف إيمانهم وقل ادراكهم وقل تمييزهم بين الصالح والضار وبين الخير والشر.

وأردف قائلاً: إن هناك فئة من الناس اتخذوا ذروة الإصلاح فيما يزعمون وسائل حرمها الشرع.. فهل وسائل الإصلاح سفك دماء الأبرياء وهل وسائل الإصلاح تهديد أمن الأمة وقتل رجال الأمن وترويع الأمنين وإحداث الفوضى بين مجتمعات المسلمين.. فمن عاد إلى عقله عرف ووعى أن تلك الوسائل جميعها وسائل إفساد لا وسائل إصلاح ووسائل شر لا خير فيها.

وقال سماحته بأن على الآباء أن يتقوا الله وأن يأخذوا على أيدي سفهائهم وألا يمكنوهم من هذه الآراء الشاذة وأن يأخذوا على ايديهم ويتداركوا الأمر قبل أن يستفحل فيندموا حينما لا ينفع الندم لذلك على الآباء أن يعرفوا مع من يسير أبناؤهم ومع من يجتمعون ومع من يخالطون ومع من يسافرون لأننا إذا أخذنا بهذه الطريقة قطعنا خط الرجعة على الأعداء الذين يستغلون ضعف عقول بعض الصغار وقلة بصيرتهم.

وربما حسنوا لهم الباطل وقالوا لهم هذا سبيل الجنة.. وسبيل الجنة في تصورهم أن تقتل مسلماً بريئاً أو معاهداً بريئاً تقتله ظلماً وعدواناً. هذا سبيل الجنة في نظر أولئك. ولا شك أنه سبيل النار لا سبيل الجنة.

وقال سماحة المفتي العام إن سبيل الجنة والهدى هو تقوى الله وطاعته وترك معاصيه والنصيحة للمسلمين وتوضيح الحق لهم وتحذيرهم من سبيل الردة. أما قتل الأبرياء وتدمير الممتلكات وترويع الأمنين فإنه سبيل الشيطان لا سبيل خير ولا هدى.

وخاطب سماحته المعلمين والمربين بأن يتقوا الله في الطلاب وذلك بتوجيههم إلى الخير وتحذيرهم من الشر والوقوع فيه وقال ايها المعلمون إذا علمتم من أحد نزعة شريرة فحاولوا العلاج إذا كان الأمر ممكن وعالجوا الأفكار وصححوا الاتجاه والمفاهيم والسلوكيات حتى لا يقعوا ضحية لتأثيرالأعداء.

وبيَّن سماحته أن المعلم الصادق هو من ينشر الحق ويدعو إليه ويبين للشباب خطورة هذه الدعايات المضللة وخطورة هذه الآراء المنحرفة لنصلح من أبنائنا ما فسد ونوجههم إلى طرق الخير بإذن الله.

وقال سماحته إن على خطباء المساجد والدعاة ووسائل الإعلام عموماً التكاتف وبيان الحق وإيضاح الهدى والتحذير من سبل الردة بالأساليب الشرعية التي نضمن من خلالها بعد توفيق الله أن نقضي على هذا الغلو الشديد غلو بالزيادة أو غلو بالتطرف والبعد عن الهدى، لابد أن نسعى بأن تكون أفكار شبابنا أفكاراً متزنة وأفكاراً وسطية.. أفكاراً بعيدة عن التأثر بدعيات أهل الضلال الذين يسعون في الأرض فساداً وهم لا يصلحون.

واستنكر سماحته جرائم الفئة الضالة قائلاً إن الإصلاح من قوم اتخذوا القتل والتدمير والجرائم وسبله لما يدعون أنه إصلاح. ويعلم الله أنهم لكاذبون.. وقال إن وسائل الإصلاح معروفة. أما القتل وسفك الدماء والتغرير بهؤلاء الجهلة والزج بهم في هوة سحيقة فهذا عين الخيانة والفحش لهم.

وقال سماحته: ليعلم الجميع أن أمننا وديننا ورخاءنا أمانة في اعناقنا فيلؤد كل واجبه وليحذر أن تزل قدمه في أمور لا خير فيها.. فلنتق الله جميعاً ونأخذه عبرة من أوضاع الآخرين الذين يعيشون في دوامة من الفتن وفقدان الأمن تغض الأحداث مضاجعهم صباحاً ومساءً ولنعتصم بحبل الله جميعاً ونتعاون على الخير.

د.فالح العمره 18-04-2005 11:48 PM

عقوبة من قام بأعمال التخريب

السؤال: ما عقوبة من قام بعمل من أعمال التخريب والإفساد في الأرض؟

الجواب: الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وصلى الله وسلم وبارك على خير خلقه أجمعين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين، وبعد:

فإن مجلس هيئة كبار العلماء في دورته الثانية والثلاثين المنعقدة في مدينة الطائف ابتداء من 12/ 1/ 1409 إلى 18/1/ 1409 بناءً على ما ثبت لديه من وقوع عدة حوادث تخريب ذهب ضحيتها الكثير من الناس الأبرياء، وتلف بسببها كثير من الأموال والممتلكات والمنشآت العامة في كثير من البلاد الإسلامية وغيرها، قام بها بعض ضعاف الإيمان أو فاقديه من ذوي النفوس المريضة والحاقدة، ومن ذلك:

نسف المساكن، وإشعال الحرائق في الممتلكات العامة، ونسف الجسور والأنفاق، وتفجير الطائرات أو خطفها، وحيث لوحظ كثرة وقوع مثل هذه الجرائم في عدد من البلاد القريبة والبعيدة، وبما أن المملكة العربية السعودية كغيرها من البلدان عرضة لوقوع مثل هذه الأعمال التخريبية، فقد رأى مجلس هيئة كبار العلماء ضرورة النظر في تقرير عقوبة رادعة لمن يرتكب عملاً تخريبيًا، سواء كان موجهًا ضد المنشآت العامة والمصالح الحكومية، أو كان موجهًا لغيرها بقصد الإفساد والإخلال بالأمن.

وقد اطلع المجلس على ما ذكره أهل العلم من أن الأحكام الشرعية تدور من حيث الجملة على وجوب حماية الضروريات الخمس، والعناية بأسباب بقائها مصونة سالمة وهي: (الدين والنفس والعرض والعقل والمال). وقد تصور المجلس الأخطار العظيمة التي تنشأ عن جرائم الاعتداء على حرمات المسلمين في نفوسهم وأعراضهم وأموالهم، وما تسببه الأعمال التخريبية من الإخلال بالأمن العام في البلاد، ونشوء حالة الفوضى والاضطراب، وإخافة المسلمين وممتلكاتهم.

والله سبحانه وتعالى قد حفظ للناس أديانهم وأبدانهم وأرواحهم وأعراضهم وعقولهم وأموالهم بما شرعه من الحدود والعقوبات التي تحقق الأمن العام والخاص، ومما يوضح ذلك قوله سبحانه وتعالى: {مِنْ أَجْلِ ذٰلِكَ كَتَبْنَا عَلَىٰ بَنِى إِسْرٰءيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِى ٱلأرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ ٱلنَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَـٰهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً} [المائدة: 32]، وقوله سبحانه وتعالى: {إِنَّمَا جَزَاء ٱلَّذِينَ يُحَارِبُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِى ٱلأرْضِ فَسَاداً أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مّنْ خِلَـٰفٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ ٱلأرْضِ ذٰلِكَ لَهُمْ خِزْىٌ فِى ٱلدُّنْيَا وَلَهُمْ فِى ٱلآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [المائدة: 33].

وتطبيق ذلك كفيل بإشاعة الأمن والاطمئنان، وردع من تسوِّل له نفسه الإجرام والاعتداء على المسلمين في أنفسهم وممتلكاتهم، وقد ذهب جمهور العلماء إلى أن حكم المحاربة في الأمصار وغيرها على السواء، لقوله سبحانه: {وَيَسْعَوْنَ فِى ٱلأرْضِ فَسَاداً} والله تعالى يقول: {وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِى ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا وَيُشْهِدُ ٱللَّهَ عَلَىٰ مَا فِى قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ ٱلْخِصَامِ (204) وَإِذَا تَوَلَّىٰ سَعَىٰ فِى ٱلأرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ ٱلْحَرْثَ وَٱلنَّسْلَ وَٱللَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلْفَسَادَ} [البقرة: 204، 205]، وقال تعالى: {وَلاَ تُفْسِدُواْ فِى ٱلأرْضِ بَعْدَ إِصْلَـٰحِهَا} [الأعراف: 56].

قال ابن كثير رحمه الله تعالى: "ينهى تعالى عن الإفساد في الأرض وما أضره بعد الإصلاح، فإنه إذا كانت الأمور ماشية على السداد ثم وقع الإفساد بعد ذلك كان أضر ما يكون على العباد، فنهى تعالى عن ذلك"، وقال القرطبي: "نهى سبحانه وتعالى عن كل فساد قلَّ أو كثر، بعد صلاح قلَّ أو كثر، فهو على العموم على الصحيح من الأقوال.

وبناء على ما تقدم، ولأن ما سبق إيضاحه يفوق أعمال المحاربين الذين لهم أهداف خاصة يطلبون حصولهم عليها من مال أو عَرَض، وهؤلاء هدفهم زعزعة الأمن وتقويض بناء الأمة، واجتثاث عقيدتها، وتحويلها عن المنهج الرباني:

فإن المجلس يقرر بالإجماع ما يلي:

أولاً: من ثبت شرعًا أنه قام بعمل من أعمال التخريب والإفساد في الأرض التي تزعزع الأمن بالاعتداء على النفس والممتلكات الخاصة أو العامة؛ كنسف المساكن أو المساجد أو المدارس أو المستشفيات والمصانع والجسور ومخازن الأسلحة والمياه والموارد العامة لبيت المال؛ كأنابيب البترول، ونسف الطائرات أو خطفها ونحو ذلك، فإن عقوبته القتل؛ لدلالة الآيات المتقدمة على أن مثل هذا الإفساد في الأرض يقتضي إهدار دم المُفْسد، ولأن خطر هؤلاء الذين يقومون بالأعمال التخريبية وضررهم أشد من خطر وضرر الذي يقطع الطريق فيعتدي على شخص فيقتله أو يأخذ ماله، وقد حكم الله عليه بما ذكر في آية الحرابة.

ثانيًا: أنه لا بد قبل إيقاع العقوبة المشار إليها في الفقرة السابقة من استكمال الإجراءات الثبوتية اللازمة من جهة المحاكم الشرعية وهيئات التمييز ومجلس القضاء الأعلى؛ براءة للذمة واحتياطًا للأنفس، وإشعارًا بما عليه هذه البلاد من التقيد بكافة الإجراءات اللازمة شرعًا لثبوت الجرائم وتقرير عقابها.

ثالثًا: يرى المجلس إعلان هذه العقوبة عن طريق وسائل الإعلام.

وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد وآله وصحبه.

[هيئة كبار العلماء]

د.فالح العمره 18-04-2005 11:49 PM

حكم الشرع في تفجيرات العليّا

السؤال: ما حكم الشرع في تفجيرات العليَّا بمدينة الرياض؟
الجواب: الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده محمد وآله وصحبه، وبعد:

فإن هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية علمت ما حدث من التفجير الذي وقع في حي العليا بمدينة الرياض قرب الشارع العام، ضحوة يوم الاثنين 20/6/1416هـ وأنه قد ذهب ضحيته نفوس معصومة، وجُرح بسببه آخرون، ورُوّع آمنون، وأُخيف عابر السبيل.

ولذا: فإن الهيئة تُقرر أن هذا الاعتداء آثم وإجرام شنيع، وهو خيانة وغدر، وهتك لحرمات الدين في الأنفس والأموال والأمن والاستقرار، ولا يفعله إلا نفس فاجرة، مشبعة بالحقد والخيانة والحسد والبغي والعدوان وكراهية الحياة والخير، ولا يختلف المسلمون في تحريمه، ولا في بشاعة جُرمه وعظيم إثمه، والآيات والأحاديث في تحريم هذا الإجرام وأمثاله كثيرة ومعلومة.

وإن الهيئة إذ تقرر تحريم هذا الإجرام، وتُحذر من نزعات السوء ومسالك الجنوح الفكري والفساد العقدي والتوجه المردي، وإن النفس الأمارة بالسوء إذا أرخى لها المرء العنان ذهبت به مذاهب الردى، ووجد الحاقدون فيها مدخلاً لأغراضهم وأهوائهم التي يبثونها في قوالب التحسين، والواجب على كل من علم شيئًا عن هؤلاء المخربين أن يبلغ عنهم الجهة المختصة.

وقد حذر الله سبحانه في محكم التنزيل من دعاة السوء والمفسدين في الأرض فقال: {إِنَّمَا جَزَاء ٱلَّذِينَ يُحَارِبُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِى ٱلأرْضِ فَسَاداً أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مّنْ خِلَـٰفٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ ٱلأرْضِ ذٰلِكَ لَهُمْ خِزْىٌ فِى ٱلدُّنْيَا وَلَهُمْ فِى ٱلآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [المائدة: 33]، وقال تعالى: {وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِى ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا وَيُشْهِدُ ٱللَّهَ عَلَىٰ مَا فِى قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ ٱلْخِصَامِ (204) وَإِذَا تَوَلَّىٰ سَعَىٰ فِى ٱلأرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ ٱلْحَرْثَ وَٱلنَّسْلَ وَٱللَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلْفَسَادَ (205) وَإِذَا قِيلَ لَهُ ٱتَّقِ ٱللَّهَ أَخَذَتْهُ ٱلْعِزَّةُ بِٱلإثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ ٱلْمِهَادُ} [البقرة: 204 ـ 206].

نسأل الله سبحانه وتعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يهتك ستر المعتدين على حرمات الآمنين، وأن يكف البأس عنا وعن جميع المسلمين، وأن يحمي هذه البلاد وسائر بلاد المسلمين من كل سوء ومكروه، وأن يوفق ولاة أمرنا وجميع ولاة أمر المسلمين لما فيه صلاح العباد والبلاد، إنه خير مسئول، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

[هيئة كبار العلماء]

د.فالح العمره 18-04-2005 11:50 PM

حكم الشرع في تفجيرات الخُبر

السؤال: ما حكم الإسلام في التفجيرات التي حصلت بالخير في المنطقة الشرقية؟
الجواب: الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده؛ محمد وآله وصحبه، وبعد:

فإن مجلس هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية في جلسته الاستثنائية العاشرة، المنعقدة في مدينة الطائف يوم السبت 13/2/1417هـ؛ استعرض حادث التفجير الواقع في مدينة الخبر بالمنطقة الشرقية يوم الثلاثاء 9/ 2/ 1417هـ، وما حصل بسبب ذلك من قتل وتدمير وترويع وإصابات لكثير من المسلمين وغيرهم.

وإن المجلس بعد النظر والدراسة والتأمل قرر بالإجماع ما يلي:

أولاً: إن هذا التفجير عمل إجرامي بإجماع المسلمين، وذلك للأسباب الآتية:

1 ـ في هذا التفجير هتكٌ لحرمات الإسلام المعلومة بالضرورة؛ هتك لحرمة الأنفس المعصومة، وهتكٌ لحرمات الأمن والاستقرار وحياة الناس الآمنين المطمئنين في مساكنهم ومعايشهم، وغدوهم ورواحهم، وهتك للمصالح العامة التي لا غنى للناس في حياتهم عنها. وما أبشع وأعظم جرية من تجرأ على حرمات الله وظلم عباده وأخاف المسلمين والمقيمين بينهم، فويلٌ له ثم ويل له من عذاب الله ونقمته، ومن دعوة تحيط به، نسأل الله أن يكشف ستره، وأن يفضح أمره.

2 ـ أن النفس المعصومة في حكم شريعة الإسلام هي كل مسلم وكل من بينة وبين المسلمين أمان؛ كما قال تعالى: {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ ٱللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً} [النساء: 93]، وقال سبحانه في حق الذمي في حكم قتل الخطأ: {وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مّيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةً} [النساء: 92].

فإذا كان الذمي الذي له أمان إذا قتل خطأ ففيه الدية والكفارة، فكيف إذا قُتل عمدًا؟! فإن الجريمة تكون أعظم والإثم يكون أكبر، وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((من قتل معاهدًا لم يرح رائحة الجنة)) [رواه البخاري].

فلا يجوز التعرض لمستأمن بأذى؛ فضلاً عن قتله في مثل هذه الجريمة الكبيرة النكراء، وهذا وعيد شديد لمن قتل معاهدًا، وأنه كبيرة من الكبائر المتوعد عليها بعدم دخول القاتل الجنة، نعوذ بالله من الخذلان.

3 ـ أن هذا العمل الإجرامي يتضمن أنواعًا من المحرمات في الإسلام بالضرورة؛ من غدر، وخيانة، وبغي، وعدوان، وإجرام آثم، وترويع للمسلمين وغيرهم، وكل هذه قبائح منكرة يأباها ويبغضها الله ورسوله والمؤمنون.

ثانيًا: إن المجلس إذ يبين تحريم هذا العمل الإجرامي في الشرع المطهر فإنه يعلن للعالم أن الإسلام بريء من هذا العمل، وهكذا كل مسلم يؤمن بالله واليوم الآخر بريء منه، وإنما هو تصرف من صاحب فكر منحرف وعقيدة ضالة، فهو يحمل إثمه وجرمه، فلا يحتسب عمله على الإسلام ولا على المسلمين المهتدين بهدي الإسلام المعتصمين بالكتاب والسنة والمتمسكين بحبل الله المتين، وإنما هو محض إفساد وإجرام تأباه الشريعة والفطرة، ولهذا جاءت نصوص الشريعة قاطعة بتحريمه، محذرة من مصاحبة أهله، قال الله تعالى: {وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِى ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا وَيُشْهِدُ ٱللَّهَ عَلَىٰ مَا فِى قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ ٱلْخِصَامِ (204) وَإِذَا تَوَلَّىٰ سَعَىٰ فِى ٱلأرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ ٱلْحَرْثَ وَٱلنَّسْلَ وَٱللَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلْفَسَادَ (205) وَإِذَا قِيلَ لَهُ ٱتَّقِ ٱللَّهَ أَخَذَتْهُ ٱلْعِزَّةُ بِٱلإثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ ٱلْمِهَادُ} [البقرة: 204 ـ 206]، وقول الله تعالى: {إِنَّمَا جَزَاء ٱلَّذِينَ يُحَارِبُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِى ٱلأرْضِ فَسَاداً أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مّنْ خِلَـٰفٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ ٱلأرْضِ ذٰلِكَ لَهُمْ خِزْىٌ فِى ٱلدُّنْيَا وَلَهُمْ فِى ٱلآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [المائدة: 33].

ونسأل الله سبحانه وتعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يكشف ستر هؤلاء الفعلة المعتدين، وأن يُمَكِّن منهم؛ ليُنفذ فيهم حكم شرعه المطهر، وأن يكف البأس عن هذه البلاد وسائر بلاد المسلمين، وأن يوفق خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز وحكومته وجميع ولاة أمور المسلمين إلى ما فيه صلاح البلاد والعباد وقمع الفساد والمفسدين، وأن ينصر بهم دينه، ويعلي بهم كلمته، وأن يصلح أحوال المسلمين جميعًا، إنه ولي ذلك والقادر عليه، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

[هيئة كبار العلماء]

د.فالح العمره 18-04-2005 11:50 PM

تكفير الحكام والشعوب

السؤال: بيان حول ما يقوم به البعض من تكفير الحكام والشعوب وما يعقبه من تفجير وقتل واستباحة الأموال.

الجواب: الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه. أما بعد:

فقد درس مجلس (هيئة كبار العلماء) في دورته التاسعة والأربعين ـ المنعقدة بالطائف، ابتداءً من تاريخ (2/ 4/ 1419هـ) ما يجري في كثير من البلاد الإسلامية ـ وغيرها ـ من التكفير والتفجير، وما ينشأ عنه من سفك الدماء، وتخريب المنشآت.

ونظرًا إلى خطورة هذا الأمر، وما يترتب عليه من إزهاق أرواحٍ بريئة، وإتلاف أموال معصومة، وإخافة للناس، وزعزعة لأمنهم واستقرارهم: فقد رأى المجلس إصدار بيان يوضح فيه حُكم ذلك؛ نُصحًا لله ولعباده، وإبراءً للذمة، وإزالة للبس في المفاهيم ـ لدى من اشتبه عليه الأمر في ذلك ـ فنقول ـ وبالله التوفيق:

أولاً: التكفير حكم شرعي، مرده إلى الله ورسوله؛ فكما أن التحليل والتحريم والإيجاب: إلى الله ورسوله، فكذلك التكفير.

وليس كل ما وُصف بالكفر من قول أو فعل، يكون كفرًا أكبر مخرجًا عن الملة.

ولما كان مرد حكم التكفير إلى الله ورسوله: لم يُجز أن نُكفرَ إلا من دل الكتاب والسنة على كفره ـ دلالة واضحة ـ فلا يكفي في ذلك مجرد الشبهة والظن؛ لما يترتب على ذلك من الأحكام الخطيرة.

وإذا كانت الحدود تدرًا بالشبهات ـ مع أن ما يترتب عليها أقل مما يترتب على التكفير ـ: فالتكفير أولى أن يدرأ بالشبهات.

ولذلك حذر النبي صلى الله عليه وسلم مِنَ الحكمِ بالتكفير على شخص ليس بكافر، فقال: ((أيما امرئ قال لأخيه: يا كافر، فقد باء بها أحدهما؛ إن كان كما قال، وإلا رجعت عليه)) [متفق عليه عن ابن عمر].

وقد يرد في الكتاب والسنة ما يفهم منه أن هذا القول، أو العمل، أو الاعتقاد كفرُ، ولا يكفر من اتصف به؛ لوجود مانعٍ يمنعُ من كفره.

وهذا الحكم كغيره من الأحكام؛ التي لا تتمُّ إلا بوجود أسبابها وشروطها، وانتفاء موانعها؛ كما في الإرث، سببه القرابة ـ مثلاً ـ وقد لا يرثُ بها لوجود مانعٍ كاختلاف الدين، وهكذا الكفر: يُكره عليه المؤمن؛ فلا يُكفر به.

وقد ينطق المسلم كلمة الكفر؛ لغلبة فرحٍ، أو غضب، أو نحوهما: فلا يكفر بها ـ لعدم القصد ـ؛ كما في قصة الذي قال: ((اللهم أنت عبدي وأنا ربك؛ أخطأ من شدة الفرح)) [رواه مسلم عن أنس بن مالك] .

والتسرع في التكفير يترتب عليه أمور خطيرة، من استحلال الدم والمال، ومنع التوارث، وفسخ النكاح، وغيرها مما يترتب على الردة.

فكيف يسوغ للمؤمن أن يقدم عليه لأدنى شبهة؟!

وإذا كان هذا في ولاة الأمور: كان أشدَّ؛ لما يترتب عليه من التمرد عليهم، وحمل السلاح عليهم، وإشاعة الفوضى، وسفك الدماء، وفساد العباد والبلاد.

ولهذا منع النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم من مُنابذتِهم، فقال: ((... إلا أن تروا كفرًا بواحًا؛ عندكم فيه من الله برهان))، [متفق عليه عن عبادة].

فأفاد قوله: ((إلا أن تروا)) : أنه لا يكفي مجرد الظن والإشاعة.

وأفاد قوله: ((كفرًا)) أنه لا يكفي الفسوق ـ ولو كبر ـ؛ كالظلم، وشرب الخمر، ولعب القمار، والاستئثار المحرَّم.

وأفاد قوله: ((بواحًا)) أنه لا يكفي الكفر الذي ليس ببواحٍ؛ أي: صريح ظاهر.

وأفاد قوله: ((عندكم فيه من الله برهانٌ)): أنه لا بد من دليل صريح، بحيث يكون صحيح الثبوت، صريح الدلالة؛ فلا يكفي الدليل ضعيف السند، ولا غامض الدلالة.

وأفاد قوله: ((من الله)) أنه لا عبرة بقول أحد من العلماء مهما بلغت منزلته في العلم والأمانة، إذا لم يكن لقوله دليل صريح صحيح؛ من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.

وهذا القيود تدل على خطورة الأمر.

وجملة القول: أن التسرع في التكفير له خطره العظيم؛ لقول الله ـ عز وجل ـ: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّي الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ} [الأعراف: 33].

ثانيًا: ما نجم عن هذا الاعتقاد الخاطئ من استباحة الدماء، وانتهاك الأعراض، وسلب الأموال الخاصة والعامة، وتفجير المساكن والمركبات، وتخريب المنشآت: فهذه الأعمال ـ وأمثالها ـ محرمة شرعًا بإجماع المسلمين؛ لما في ذلك من هتك لحرمة الأنفس المعصومة، وهتك لحرمة الأموال، وهتك لحرمات الأمن والاستقرار، وحياة الناس الآمنين المطمئنين في مساكنهم ومعايشهم، وغدوّهم وراحهم، وهتك للمصالح العامة التي لا عنى للناس في حياتهم عنها.

وقد حفظ الإسلام للمسلمين أموالهم، وأعراضهم، وأبدانهم وحرم انتهاكها، وشدد في ذلك؛ وكان من آخر ما بلغ به النبي صلى الله عليه وسلم أمته؛ فقال في خطبة حجة الوداع: ((إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا، في بلدكم هذا)) ثم قال صلى الله عليه وسلم: ((ألا هل بلّغت؟ اللهم فاشهد)) متفق عليه [عن أبي بكرة] .

وقال صلى الله عليه وسلم: ((كل المسلم على المسلم حرامٌ: دمه، وماله، وعرضه)) [رواه مسلم عن أبي هريرة] .

وقال عليه الصلاة والسلام: ((اتقوا الظلم؛ فإن الظلم ظلمات يوم القيامة)) [رواه مسلم عن جابر] .

وقد توعَّد الله سبحانه من قتل نفسًا معصومة بأشد الوعيد، فقال سبحانه في حق المؤمن: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} [النساء: 93].

وقال سبحانه في حق الكافر ـ الذي له ذمة في حكم قتل الخطأ ـ: {وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} [النساء: 92]؛ فإذا كان الكافر الذي له أمان إذا قتل خطأ فيه الدية والكفارة، فكيف إذا قُتل عمدًا؟! فإن الجريمة تكون أعظم، والإثم يكون أكبر.

وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((من قتل معاهدًا: لم يرح رائحة الجنة)) [متفق عليه عن عبد الله بن عمرو] .

ثالثًا: إن المجلس إذ يُبين حكم تكفير الناس؛ بغير برهان من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وخطورة إطلاق ذلك؛ لما يترتب عله من شرورٍ وآثار، فإنه يُعلن للعالم: أنَّ الإسلام بريء من هذا المعتقد الخاطئ، وأنَّ ما يجري في بعض البلدان من سفك للدماء البريئة، تفجير للمساكن والمركبات، والمرافق العامة والخاصة وتخريب للمنشآت: هو عمل إجراميٌّ، والإسلام بريء منه.

وهكذا كل مسلم يؤمن بالله واليوم الآخر بريء منه؛ وإنما هو تصرف من صاحب فكر منحرف، وعقيدة ضالة، فهو يحمل إثمه وجرمه، فلا يُحتسب عملُه على الإسلام، ولا على المسلمين المهتدين بهدي الإسلام، المعتصمين بالكتاب والسنة، المستمسكين بحبل الله المتين؛ وإنما هو محض إفساد وإجرام تأباه الشريعة والفطرة؛ ولهذا جاءت نصوص الشريعة بتحريمه، محذرة من مصاحبة أهله: قال تعالى: {وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ * وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْفَسَادَ * وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ} [البقرة: 204 ـ 206].

والواجب على جميع المسلمين ـ في كل مكان ـ التواصي بالحق، والتناصح، والتعاون على البر والتقوى، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر ـ بالحكمة والموعظة الحسنة ـ والجدال بالتي هي أحسن؛ كما قال الله سبحانه وتعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [المائدة: 2]. وقال سبحانه: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمْ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [التوبة: 71].

وقال عز وجل: {وَالْعَصْرِ * إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} [سورة العصر].

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((الدين النصيحة)) ثلاثًا، قيل: لمن يا رسول الله؟ قال: ((لله ولكتابه ولرسوله، والأئمة المسلمين وعامتهم))

وقال عليه الصلاة والسلام: ((مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد؛ إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسَّهِرِ والحمى)) والآيات والأحاديث ـ في هذا المعنى ـ كثيرة.

ونسأل الله سبحانه بأسمائه الحسنى، وصفاته العلى؛ أن يكف البأس عن جميع المسلمين، وأن يوفق جميع ولاة أمور المسلمين، إلى ما فيه صلاح العباد والبلاد، وقمع الفساد والمفسدين، وأن ينصر بهم دينه، ويعلي بهم كلمته، وأن يصلح أحوال المسلمين ـ جميعًا ـ في كل مكانٍ، وأن ينصر بهم الحق.

إنه ولي ذلك، والقادر عليه. وصلى الله وسلم نبينا محمد، وآله وصحبه.

[هيئة كبار العلماء]

د.فالح العمره 18-04-2005 11:51 PM

تبني العنف لتغييرالوضع الإنهزامي

السؤال: هناك للأسف من أبناء أهل السنة والجماعة من يرى هذا فكرًا انهزاميًا، وفيه شيء من التخاذل، وقد قيل هذا الكلام، لذلك يدعون الشباب إلى تبني العنف في التغيير؟

الجواب: هذا غلط من قائله وقلة فهم؛ لأنهم ما فهموا السنة ولا عرفوها كما ينبغي، وإنما تحملهم الحماسة والغيرة لإزالة المنكر على أن يقعوا فيما يخالف الشرع؛ كما وقعت الخوراج والمعتزلة، حملهم حب نصر الحق أو الغيرة للحق حملهم ذلك على أن وقعوا في الباطل حتى كفروا المسلمين بالمعاصي، أو خلدوهم في النار بالمعاصي كما تفعل المعتزلة.

فالخوارج كفروا بالمعاصي وخلدوا العصاة في النار، والمعتزلة وافقوهم في العاقبة وأنهم في النار مخلدون فيها، ولكن قالوا: إنهم في الدنيا في منزلة بين المنزلتين، وكله ضلال.

والذي عليه أهل السنة هو الحق أن العاصي لا يكفر بمعصيته ما لم يستحلها، فإذا زنا لا يكفر، وإذا سرق لا يكفر، وإذا شرب الخمر لا يكفر؛ ولكن يكون عاصيًا ضعيف الإيمان فاسقًا، تقام عليه الحدود، ولا يكفر بذلك؛ إلا إذا استحل المعصية وقال: إنها حلال، وما قاله الخوارج في هذا باطل، وتكفيرهم للناس باطل، ولهذا قال فيهم النبي صلى الله عليه وسلم: ((أنهم يمرقون من الإسلام ثم لا يعودون فيه)). يقاتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان هذه حال الخوارج بسبب غلوهم وجهلهم وضلالهم.

فلا يليق بالشباب ولا غير الشباب أن يقلدوا الخوارج والمعتزلة، بل يجب أن يسيروا على مذهب أهل السنة والجماعة على مقتضى الأدلة الشرعية، فيقفون مع النصوص كما جاءت، وليس لهم الخروج على السلطان من أجل معصية أو معاص وقعت منه، بل عليهم المناصحة والمكاتبة والمشافهة بالطرق الطيبة الحكيمة، بالجدال بالتي هي أحسن حتى ينجحوا، وحتى يقل الشر أو يزول ويكثر الخير.

هكذا جاءت النصوص عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، والله عز وجل يقول: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنْ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} [آل عمران: 159].

فالواجب على الغيورين لله وعلى دعاة الهدى أن يلتزموا بحدود الشرع، وأن يناصحوا من ولاّهم الله الأمور؛ بالكلام الطيب والحكمة والأسلوب الحسن، حتى يكثر الخير ويقل الشر، وحتى يكثر الدعاة إلى الله، وحتى ينشطوا في دعوتهم بالتي هي أحسن لا بالعنف والشدة، ويناصحوا من ولاهم الله بشتى الطرق الطيبة السليمة، مع الدعاء لهم في ظهر الغيب: أن الله يهديهم، ويوفقهم، ويعينهم على الخير، وأن الله يعينهم على ترك المعاصي التي يفعلونها، وعلى إقامة الحق، هكذا يدعو الله ويضرع إليه: أن يهدي الله ولاة الأمور، وأن يعينهم على ترك الباطل، وعلى إقامة الحق بالأسلوب الحسن بالتي هي أحسن، وهكذا مع إخوانه الغيورين؛ ينصحهم ويعظهم ويذكرهم حتى ينشطوا في الدعوة بالتي هي أحسن لا بالعنف والشدة، وبهذا يكثر الخير ويقل الشر، ويهدي الله ولاة الأمور للخير والاستقامة عليه، وتكون العاقبة حميدة للجميع.

[عبد العزيز بن عبد الله بن باز]

د.فالح العمره 18-04-2005 11:52 PM

حكم من يضع المتفجرات في جسده

السؤال: ما الحكم الشرعي فيمن يضع المتفجرات في جسده، ويفجر نفسه بين جموع الكفار نكاية بهم؟ وهل يصح الاستدلال بقصة الغلام الذي أمر الملك بقتله؟

الجواب: الذي يجعل المتفجرات في جسمه من أجل أن يضع نفسه في مجتمع من مجتمعات العدو؛ قاتل لنفسه، وسيعذب بما قتل به نفسه في نار جهنم، خالدًا فيها مخلدًا، كما ثبت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم فيمن قتل نفسه في شيء يعذب به في نار جهنم.

وعجبًا من هؤلاء الذين يقومون بمثل هذه العمليات، وهم يقرؤون قول الله تعالى: {وَلا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} [النساء: 29] ثم يفعلوا ذلك، هل يحصدون شيئًا؟ هل ينهزم العدو؟ أم يزداد العدو شدة على هؤلاء الذين يقومون بهذه التفجيرات؛ كما هو مشاهد الآن في دولة اليهود، حيث لم يزدادوا بمثل هذه الأفعال إلا تمسكًا بعنجهيتهم، بل إنا نجد أن الدولة اليهودية في الاستفتاء الأخير نجح فيها (اليمينيون) الذين يريدون القضاء على العرب.

ولكن من فعل هذا مجتهدًا ظانًا أنه قربة إلى الله عز وجل فنسأل الله تعالى ألا يؤاخذه؛ لأنه متأول جاهل.

وأما الاستدلال بقصة الغلام، فقصة الغلام حصل فيها دخول في الإسلام، لا نكاية في العدو، ولذلك لما جمع الملك الناس؛ وأخذ سهمًا من كنانة الغلام؛ وقال: باسم الله رب الغلام؛ صاح الناس كلهم، الرب رب الغلام، فحصل فيه إسلام أمة عظيمة، فلو حصل مثل هذه القصة لقلنا إن هناك مجالاً للاستدلال، وأن النبي صلى الله عليه وسلم قصها علينا لنعتبر بها، لكن هؤلاء الذين يرون تفجير أنفسهم إذا قتلوا عشرة أو مائة من العدو، فإن العدو لا يزداد إلا حنقًا عليهم وتمسكًا بما هم عليه.

وقال رحمه الله: "إن ما يفعله بعض الناس من الانتحار، بحيث يحمل آلات متفجرة ويتقدم بها إلى الكفار ثم يفجرها إذا كان بينهم، فإن هذا من قتل النفس والعياذ بالله، ومن قتل نفسه فهو خالد مخلد في نار جهنم أبد الآبدين ـ كما جاء في الحديث ـ.

لأن هذا قتل نفسه لا لمصلحة الإسلام؛ لأنه إذا قتل نفسه وقتل معه عشرة، أو مائة أو مأتين؛ لم ينتفع الإسلام بذلك، لم يسلم الناس، بخلاف قصة الغلام فإن فيها إسلام الكثير. أما أن يموت عشرة أو عشرين أو مائة أو مائتين من العدو فهذا لا يقتضي إسلام الناس، بل ربما يتعنت العدو أكثر ويوغر صدره هذا العمل حتى يفتك بالمسلمين أشد فتك. كما يوجد من صنع اليهود مع أهل فلسطين. فإنه إذا مات أحد منهم من هذه المتفجرات وقتل ستة أو سبعة أخذوا من ذلك ستين نفرًا أو أكثر، فلم يحصل بذلك نفع للمسلمين ولا انتفاع بذلك للذين فجرت هذه المتفجرات في صفوفهم.

والذي نرى: ما يفعله بعض الناس من هذا الانتحار نرى أنه قتل للنفس بغير حق، وأنه موجب لدخول النار والعياذ بالله، وأن صاحبه ليس بشهيد، لكن إذا فعل الإنسان هذا متأولاً ظانًا أنه جائز فإنا نرجو أن يسلم من الإثم. وأما أن تكتب له الشهادة فلا؛ لأنه لم يصل طريق الشهادة؛ لكنه يسلم من الإثم لأنه متأول، ومن اجتهد فأخطأ فله أجر.

[محمد بن صالح العثيمين]

د.فالح العمره 18-04-2005 11:52 PM

ماجزاء من يقوم بترويع الآمنين

السؤال: ما جزاء من يستهدف ترويع أمن الناس الآمنين كما حدث في حادث التفجير بالرياض الذي قام به مجرمون تسببوا في ترويع الآمنين وقتل الأبرياء، وتخويف عباد الله جل وعلا.

الجواب: لا شك أن هذا الحادث أثيم ومنكر عظيم يترتب عليه فساد عظيم وشرور كثيرة وظلم كبير، ولا شك أن هذا الحادث إنما يقوم به من لا يؤمن بالله واليوم الآخر، لا تجد من يؤمن بالله واليوم الآخر إيمانا صحيحا يعمل هذا العمل الإجرامي الخبيث الذي حصل به الضرر العظيم والفساد الكبير، إنما يفعل هذا الحادث وأشباهه نفوس خبيثة مملوءة من الحقد والحسد والشر والفساد وعدم الإيمان بالله ورسوله نسأل الله العافية والسلامة ونسأل الله أن يعين ولاة الأمور على كل ما فيه العثور على هؤلاء والانتقام منهم لأن جريمتهم عظيمة وفسادهم كبير ولا حول ولا قوة إلا بالله، كيف يقدم مؤمن أو مسلم على جريمة عظيمة يترتب عليها ظلم كثير وفساد عظيم وإزهاق نفوس وجراحة آخرين بغير حق، كل هذا من الفساد العظيم وجريمة عظيمة، فنسأل الله أن يعثرهم ويسلط عليهم ويمكن منهم، ونسأل الله أن يخيبهم ويخيب أنصارهم، ونسأل الله أن يوفق ولاة الأمر للعثور عليهم والانتقام منهم ومجازاتهم على هذا الحدث الخبيث وهذا الإجرام العظيم .

وإني أوصي وأحرض كل من يعلم خبرا عن هؤلاء أن يبلغ الجهات المختصة، على كل من علم عن أحوالهم وعلم عنهم أن يبلغ عنهم؛ لأن هذا من باب التعاون على دفع الإثم والعدوان وعلى سلامة الناس من الشر والإثم والعدوان، وعلى تمكين العدالة من مجازاة هؤلاء الظالمين الذين قال الله فيهم وأشباههم سبحانه : {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ }

إذا كان من تعرض للناس بأخذ خمسة ريالات أو عشرة ريالات أو مائة ريال مفسدا في الأرض، فكيف من يتعرض بسفك الدماء وإهلاك الحرث والنسل وظلم الناس، فهذه جريمة عظيمة وفساد كبير .

التعرض للناس بأخذ أموالهم أو في الطرقات أو في الأسواق جريمة ومنكر عظيم، لكن مثل هذا التفجير ترتب عليه إزهاق نفوس وقتل نفوس وفساد في الأرض وجراحة للآمنين وتخريب بيوت ودور وسيارات وغير ذلك، فلا شك أن هذا من أعظم الجرائم ومن أعظم الفساد في الأرض، وأصحابه أحق بالجزاء بالقتل والتقطيع بما فعلوا من جريمة عظيمة . نسأل الله أن يخيب مسعاهم وأن يعثرهم وأن يسلط عليهم وعلى أمثالهم وأن يكفينا شرهم وشر أمثالهم وأن يسلط عليهم وأن يجعل تدبيرهم تدميرا لهم وتدميرا لأمثالهم إنه جل وعلا جواد كريم، ونسأل الله أن يوفق الدولة للعثور عليهم ومجازاتهم بما يستحقون . ولا حول ولا قوة إلا بالله.

[عبد العزيز بن عبد الله بن باز]

د.فالح العمره 18-04-2005 11:53 PM

مالمراد بطاعة ولاة الأمر في الآيه

السؤال: ما المراد بطاعة ولاة الأمر في الآية هل هم العلماء أم الحكام ولو كانوا ظالمين لأنفسهم ولشعوبهم؟

الجواب: يقول الله عز وجل : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا}وأولو الأمر هم العلماء والأمراء أمراء المسلمين وعلماؤهم يطاعون في طاعة الله إذا أمروا بطاعة الله وليس في معصية الله .

فالعلماء والأمراء يطاعون في المعروف . لأن بهذا تستقيم الأحوال ويحصل الأمن وتنفذ الأوامر وينصف المظلوم ويردع الظالم . أما إذا لم يطاعوا فسدت الأمور وأكل القوي الضعيف- فالواجب أن يطاعوا في طاعة الله في المعروف سواء كانوا أمراء أو علماء- العالم يبين حكم الله والأمير ينفذ حكم الله هذا هو الصواب في أولي الأمر، هم العلماء بالله وبشرعه وهم أمراء المسلمين عليهم أن ينفذوا أمر الله وعلى الرعية أن تسمع لعلمائها في الحق وأن تسمع لأمرائها في المعروف- أما إذا أمروا بمعصية سواء كان الآمر أميرا أو عالما فإنهم لا يطاعون في ذلك، إذا قال لك أمير اشرب الخمر فلا تشربها أو إذا قال لك كل الربا فلا تأكله، وهكذا مع العالم إذا أمرك بمعصية الله فلا تطعه، والتقي لا يأمر بذلك لكن قد يأمر بذلك العالم الفاسق . والمقصود أنه إذا أمرك العالم أو الأمر بشيء من معاصي الله فلا تطعه في معاصي الله إنما الطاعة في المعروف كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : ((لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق))لكن لا يجوز الخروج على الأئمة وإن عصوا بل يجب السمع والطاعة في المعروف مع المناصحة ولا تنزعن يدا من طاعة لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ((على المرء السمع والطاعة في المنشط والمكره وفيما أحب وكره ما لم يؤمر بمعصية الله فإن أمر بمعصية الله فلا سمع ولا طاعة))ويقول عليه الصلاة والسلام : ((من رأى من أميره شيئا من معصية الله فليكره ما يأتي من معصية الله ولا ينزعن يدا من طاعة فإنه من فارق الجماعة مات ميتة جاهلية))وقال عليه الصلاة والسلام : ((من أتاكم وأمركم جميع يريد أن يفرق جماعتكم وأن يشق عصاكم فاقتلوه كائنا من كان))والمقصود أن الواجب السمع والطاعة في المعروف لولاة الأمور من الأمراء والعلماء- وبهذا تنتظم الأمور وتصلح الأحوال ويأمن الناس وينصف المظلوم ويردع الظالم وتأمن السبل ولا يجوز الخروج على ولاة الأمور وشق العصا إلا إذا وجد منهم كفر بواح عند الخارجين عليه من الله برهان ويستطيعون بخروجهم أن ينفعوا المسلمين وأن يزيلوا الظلم وأن يقيموا دولة صالحة . أما إذا كانوا لا يستطيعون فليس لهم الخروج ولو رأوا كفرا بواحا . لأن خروجهم يضر الناس ويفسد الأمة ويوجب الفتنة والقتل بغير الحق- ولكن إذا كانت عندهم القدرة والقوة على أن يزيلوا هذا الوالي الكافر فليزيلوه وليضعوا مكانه واليا صالحا ينفذ أمر الله فعليهم ذلك إذا وجدوا كفرا بواحا عندهم من الله فيه برهان وعندهم قدرة على نصر الحق وإيجاد البديل الصالح وتنفيذ الحق .

[عبد العزيز بن عبد الله بن باز]

د.فالح العمره 18-04-2005 11:54 PM

إقتراف الحكام للمعاصي موجب للخروج عليهم؟

السؤال: سماحة الشيخ، هناك من يرى أن اقتراف بعض الحكام للمعاصي والكبائر موجب للخروج عليهم ومحاولة التغيير؛ وإن ترتب عليه ضرر للمسلمين في البلد، والأحداث التي يعاني منها عالمنا الإسلامي كثيرة، فما رأي سماحتكم؟

الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد:

فقد قال الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً} [النساء: 59].

فهذه الآية نص في وجوب طاعة أولي الأمر؛ وهم الأمراء والعلماء، وقد جاءت السنة الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تبين أن هذه الطاعة لازمة وهي فريضة في المعروف.

والنصوص من السنة تُبين المعنى، وتفيد بأن المراد: طاعتهم بالمعروف، فيجب على المسلمين طاعة ولاة الأمور في المعروف لا في المعاصي، فإذا أمروا بالمعصية فلا يطاعون في المعصية، لكن لا يجوز الخروج عليهم بأسبابها؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((ألا من ولي عليه والٍ فرآه يأتي شيئًا من معصية الله؛ فليكره ما يأتي من معصية الله، ولا ينزعن يدًا من طاعة))ومن خرج من الطاعة وفارق الجماعة، فمات مات ميتة جاهلية، وقال صلى الله عليه وسلم: ((على المرء السمع والطاعة فيما أحب وكره، إلا أن يؤمر بمعصية، فإن أُمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة)).

وسأله الصحابة ـ لما ذكروا أنه سيكون أمراء تعرفون منهم وتنكرون ـ قالوا: فما تأمرنا؟ قال: ((أدوا إليهم حقهم وسلوا الله حقكم)).

قال عبادة بن الصامت رضي الله عنه: "بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة؛ في منشطنا ومكرهنا، وعسرنا ويسرنا، وأثرَة علينا، وأن لا تنازع الأمر أهله) وقال: ((إلا أن تروا كفرًا بواحًا عندكم من الله فيه برهان)).

فهذا يدل على أنهم لا يجوز منازعة ولاة الأمور ولا الخروج عليهم إلا أن يروا كفرًا بواحًا عندهم من الله فيه برهان، وما ذاك إلا لأن الخروج على ولاة الأمور يُسبب فسادًا كبيرًا، وشرًا عظيمًا، فيختل به الأمن، وتضيع الحقوق، ولا يتيسر ردع الظالم ولا نصر المظلوم، وتختل السبل ولا تأمن، فيترتب على الخروج على ولاة الأمر فساد عظيم وشر كبير، إلا إذا رأى المسلمون كفرًا بواحًا عندهم من الله فيه برهان، فلا بأس أن يخرجوا على هذا السلطان لإزالته إذا كان عندهم قدرة، أما إذا لم يكن عندهم قدرة فلا يخرجوا، أو كان الخروج يسبب شرًا أكثر؛ فليس لهم الخروج، رعاية للمصالح العامة، والقاعدة الشرعية المجمع عليها (أنه لا يجوز إزالة الشر بما هو أشر منه، بل يجب درء الشر بما يزيله ويخففه).

وأما درء الشر بشر أكثر فلا يجوز بإجماع المسلمين، فإذا كانت هذه الطائفة التي تريد إزالة هذا السلطان الذي كفرًا بواحًا؛ وعندهم قدرة تزيله بها، وتضع إمامًا صالحًا طيبًا، من دون أن يترتب على هذا فساد كبير على المسلمين وشر أعظم من شر هذا السلطان؛ فلا بأس.

أما إذا كان الخروج يترتب عليه فساد واختلال الأمن وظلم الناس واغتيال من لا يستحق الاغتيال، إلى غير هذا من الفساد العظيم، فهذا لا يجوز، بل يجب الصبر والسمع والطاعة في المعروف ومناصحة ولاة الأمور والدعوة لهم بالخير، والاجتهاد في تخفيف الشر وتقليله وتكثير الخير، هذا هو الطريق السوي الذي يجب أن يُسلك؛ لأن في ذلك مصالح للمسلمين عامة، ولأن في ذلك تقليل الشر وتكثير الخير، ولأن في ذلك حفظ الأمن وسلامة المسلمين من شر أكثر، نسأل الله للجميع التوفيق والهداية".

[عبد العزيز بن عبد الله بن باز]

د.فالح العمره 18-04-2005 11:55 PM

كيف كان طريق الإرهاب؟

لاشك أن تربية شباب الأمة على أصول معتقد أهل السنة والجماعة والسير عليه في العبادات والمعاملات والأخلاق هو منهج سلفنا الصالح ومن تبعهم بإحسان من العلماء والمصلحين فحققوا بذلك وسطية الإسلام فكانوا هم الفرقة الناجية والطائفة المنصورة أهل الأثر والحديث، السلفيون في كل زمان ومكان وفي كل عصر ومصر، وإن من أهم أصول معتقدهم بل لا يكاد يخلو كتاب من كتب العقيدة أو كتب السنة والحديث إلا وتجد لهذا الأصل باباً أو فصلاً يذكرون ما يعتقدونه فيه وأعني به *طاعة ولاة أمور المسلمين* مخالفين بذلك أهل الجاهلية والبدع والأهواء من الخوارج والمعتزلة ومَنْ سار في ركابهم في هذا الزمان من الحزبيين والثوريين أرباب التكفير والتفجير وأصحاب الدهاليز السرية والخطب الحماسية *التهييجية* والانقلابات الثورية والعمليات الانتحارية والمقاطعات الاقتصادية والأناشيد الروحية والقصص الخرافية والمنامات الليلية، ممن وصفوا هذه الأمة بأنها غائبة وأن راياتها وقراراتها علمانية وأن الشرك والكفر ظهر من صحفها وإذاعاتها وتلفزيوناتها وأن عندها مظاهرةً للمشركين وتساهلاً وضعفاً في الولاء والبراء وأنها في جاهلية فاستحلت الربا عياذاً بالله من ذلك فتكهنوا عليها فشبهوها بالأندلس حين سقطت!! {كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِن يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا}. قال شيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب - رحمه الله - في رسالة *مسائل الجاهلية التي خالف فيها أهل الكتاب* محذراً من صفاتهم، المسألة الثالثة: أن مخالفة ولي الأمر وعدم الانقياد له فضيلة والسمع والطاعة له مهانة فخالفهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر بالصبر على جور الولاة وأمر بالسمع والطاعة لهم والنصيحة وغلظ في ذلك وأعاد. اهـ.

إن حديثاً عن موضوع مهم كهذا يحتاج إلى وقفة ونظرة وهمسة ولا سيما ان الكل سمعوا وشاهدوا ما اعترف به بعض عناصر هذه الفئة الضالة وما أقروا به من إضاعة للصلوات واستغلال وسلب لأموال المسلمين *تفطير صائم* وتزوير للوثائق وقتل واعتداء على المسلمين وغير المسلمين حتى وصل الحال بهم إلى لبس ملابس النساء.

قال صلى الله عليه وسلم: *لعن الله المتشبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال* متفق عليه فأي جهاد هذا يا دعاة التكفير والواقع ومد الجسور وحرية الاعتقاد والأديان تحت مسمى مسلمين وكفى!! أإلى هذا الحد تجمعات سرية فبرامج تكفيرية ثم ملابس نسائية؟!! إن الحياء شعبة من شعب الإيمان ولكن *إن لم تستح فاصنع ما شئت*.

ِإننا عندما نقف وقفة تأمل في مثل هذه الأحداث المؤلمة نتذكر خطر تلك التجمعات السرية وما يكاد فيها لهذه البلاد - حرسها الله - وكيف كان يستغل شبابنا تحت أثر هذا الشحن النفسي على بلادهم وولاة أمورهم وعلمائهم حين يربون على تلك الأشرطة وما يقال فيها بعد وضع المسابقات والجوائز عليها ثم قراءة الكتب المسمومة التي يصفونها *بالفكرية* لتلخيصها شيئاً عجيباً يذهل منه الكهل قبل الشاب ليوصف بعدها بأنه المميز والمثالي في الأداء والجد والنشاط.

إنها حقيقة ثمرة من ثمار تلك السريات الخفية في الاستراحات البرية من خلال الرحلات الترويحية - زعموا ذلك - قال عمر بن عبدالعزيز رحمه الله: *إذا رأيت قوماً يتناجون في دينهم دون العامة فاعلم أنهم على تأسيس ضلالة* لذا حذر سلفنا الصالح من السريات وما تجر إليه من تنظيمات وتخطيطات فسادها نراه اليوم أمامنا من هؤلاء *القرامطة الجدد* وما فعلوه في البلاد والعباد زعموا أنه جهاد!! والجهاد منه بريء لأن الجهاد له أحكامه وضوابطه الشرعية يفتي به العلماء الربانيون وأبوابه منثورة في كتب الحديث والفقه وما صح عليه الدليل من الكتاب والسنة يبينونها للأمة لا من يضيعون الصلوات ويسرقون السيارات!! إنني أتذكر ونحن في خضم هذه الأحداث المؤلمة والحزينة على بلاد الحرمين وقبلة المسلمين وما حصل في عاصمة التوحيد رياض العلم والسنة من تفجيرات واعتداءات على رجال الأمن وحراس الثغور ما قاله سماحة شيخنا ووالدنا الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله في مجموع الفتاوى 9-98:

وهذه الدولة السعودية دولة مباركة، نصر الله بها الحق ونصر بها الدين وجمع بها الكلمة وقضى بها على أسباب الفساد وأمن الله بها البلاد وحصل بها من النعم العظيمة ما لا يحصيه إلا الله اهـ.

إننا بأمس الحاجة لمعرفة ودراسة فقه *معاملة الحكام في ضوء الكتاب والسنة* و*ماهي عقيدة أهل الإسلام فيما يجب للإمام* لأننا امرنا * بلزوم جماعة المسلمين وامامهم والتحذير من مفارقتهم* ليتحقق للأمة الطمأنينة والامن في حياتها السعيدة بسائر وسائلها المفيدة، لذا ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث حذيفة رضي الله عنه أنه قال له:

*تسمع وتطيع للأمير وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك* رواه مسلم.

فعلى المؤمن أن يتذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم *السلطان ظل الله في الأرض فمن أكرمه أكرمه الله ومن أهانه أهانه الله* رواه أحمد وغيره وقال ايضا:

*من أطاع الأمير فقد أطاع الله ومن عصى الأمير فقد عصى الله* فيا شباب التوحيد احذروا هذه المناهج الوافدة والجماعات الحزبية المخالفة لما عليه سلف هذ الأمة فالفرقة عذاب والجماعة رحمة وإياكم ومن يزين للأمة الافتراق وأن تعداد الجماعات والأحزاب ظاهرة صحية ولا يغرنكم خشوع الخوارج وما يظهرونه من الورع الكاذب فإنه لم يمنع اسلافهم من سفك دماء المسلمين أتدري ما حقيقتهم هي كما قيل:

*أفواه تُسبح وأيد تُذبح* والتأريخ اليوم يعيد نسه فكما خرجوا على عثمان وعلي رضي الله عنهما وهم ينادون*لا حكم إلا لله* فهاهم اليوم يسيرون على ما سار عليه أسلافهم وهم يرددون شعارهم الجديد *الحاكمية* بعدما صرفوا شباب الإسلام عن علمائهم ومجالستهم وأخذ العلم عنهم بأنهم مداهنون وعملاء وجامية ولا يفهمون الواقع ولا يعرفون أحكام الجهاد، مغرقون في الجزئيات، ومدخلية، ولا هم لهم إلا بدخول رمضان وخروجه ومرجفون في المدينة ولا يدركون خلفيات الأمور وثقافتهم قليلة ولا هم لهم إلا أخذ المساكن والسيارات الفارهة، ويحكمون بالظنون!! بل حتى كتب السنة لم تسلم منهم فوصفوها بأنها صفراء وجافة وغايتها أنها نصوص وأحكام وتعرف في بضع دقائق!! ثم بعد هذا يقال:

من الذي حبلها؟؟؟ إنها والله مسؤولية أولئك الذين كانوا يحجبون الحق عن الشباب فلا يعرضونه على العلماء ليعرفه شبابنا فيأخذونه بحجة.. كل له طريقته وأسلوبه في الدعوة وتارة السكوت هو الحكمة حتى ميعوا الحق للأخذ به فجعلوا الشاب يسير ولا يدري مع من يذهب فقربوا المخالف وأبعدوا صاحب الحق وقالوا:

لكي نكسبهم إنها طرق ومناهج لا ندري من أين أتت إلينا حتى وقع ما حصل من التفجيرات التي تبعد عنهم الخطوات القليلة وهم لا يزالون صما بكما حتى قام مناديهم ينادي بأعلى صوته لماذا لا يفتح باب الجهاد للشباب؟ ولا ندري من الذي خولهم بذلك ورحم الله امرأً عرف قدر نفسه، حتى وصل الحال بشبابنا نزع الثقة من علمائنا والبعد عنهم بحجة أنهم يحكمون بالظنون فأصبحوا يألفون المخالفين ويجالسونهم تحت أثر هذا العفن الفكري البغيض وينفرون من أهل الحق والسنة وإذا قيل لماذا لا تأتون بالعالم الفلاني قالوا نخشى أن يحصل ما حصل في المكان الفلاني حجج واهية جعلوها مناهج يسيرون عليها يصرفون شبابنا عن الحق فاتقوا الله واعلموا: {إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} فنسأل الله العصمة منها وأن يهدي ضال المسلمين.

إن هذه الأحداث كشفت بعد شبابنا عن علمائنا حتى سمعنا ذلك مما أدلى به بعض هؤلاء فاعترفوا بذلك.. انها حقيقة ثمرة من ثمار هذا الغزو الفكري على شباب المسلمين ولنا العبرة والعظة لمن أراد الموعظة في قصة عبدالرحمن بن الأشعث وما حصل فيها من سفك الدماء، الشيء الكثير فهل من متعظ؟؟ {يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ}، فهذا ما جنيناه من المنطلق والعوائق والعدالة والضلالة ولماذا أعدموني؟ ثم بعدها يقال لا تحزن حتى لا تغرق السفينة!! القاه في اليم مكتوف اليدين

وقال إياك إياك أن تبتل بالماءلازلت أتذكر تلك الصيحات والنداءات التي تخاطب شبابنا عبر اللقاءات الأسبوعية بقول:

*إن النواة الأولى للدولة المسلمة هي أفغانستان* فيا سبحان الله!! إلى هذا وصل بكم العمى؟ أحقد هذا أم ماذا تريدون؟ لماذا تناسيتم بلاد الحرمين ومأرز التوحيد ومنطلق الدعوة الإسلامية في العالم؟

ولماذا تسعون دائماً في تجهيل الشباب ببلادهم ودعوتهم السلفية الإصلاحية التي قامت في نجد على يدي الإمام المجدد الشيخ محمد بن عبدالوهاب والإمام محمد بن سعود فقاما بها حق القيام وناصروها حق النصر والتأييد حتى قامت عليها هذه البلاد ومازالت ولله الحمد هذه الدعوة قائمة منصورة فيها بتأييد من آل سعود ثم آل الشيخ ورحم الله تلك المرأة الصالحة الموحدة التي قالت للإمام محمد بن سعود :

اذهب للشيخ محمد بن عبدالوهاب فهو رجل صالح ما علمنا عنه إلا الخير وانصر دعوته فهو اليوم في الدرعية في بيت بن سويلم .

ثم إنه من الغش والمكر والخيانة أن تغيب هذه الدعوة عن شبابنا وأن توصف هذه البلاد بهذه الأوصاف لمجرد خطأ أو معصية من دعاة *التصيد في الماء العكر* قال صلى الله عليه وسلم:

*من غشنا فليس منا والمكر والخداع والخيانة في النار* والكمال لله عز وجل والخطأ يحصل والعبرة بالإصلاح الشرعي لا بالإثارة والتهييج و*المؤمن ينصح ويستر والفاجر يهتك ويفضح* فالحمد لله على هذه النعمة أولاً وآخراً وظاهراً وباطناً*ولا نامت أعين الجبناء* ولكنها *تخفى علي العميان* فالمحاكم الشرعية في كل مكان ورئاسة الإفتاء تقبل كل من له إشكال ووزارة الشؤون الإسلامية دورها يعرفه القاصي والداني ووزارة العدل خصصت لهذا الشأن وديوان المظالم لرد المظالم لأهلها، ومركز الهيئات في كل حي وبجانب كل بيت، ومكاتب توعية الجاليات امتلأت منها البلاد ومدارس الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم متوافرة والمساجد تغص من الطلاب والمساجد تبنى في أنحاء البلاد والقرآن يطبع ويوزع بالملايين وباللغات الأجنبية وكتب السنة والتوحيد تدرس في المدارس والمساجد ودروس وفتاوى العلماء تبث عبر التلفزيون والإذاعة صباحاً ومساء وما الدور الذي تقوم به إذاعة القرآن الكريم إلا ثمرة من ثمار هذه البلاد المباركة والمسابقة السنوية العالمية لحفظ القرآن الكريم بمكة تعقد كل عام يحضرها من أكثر البلاد الإسلامية {أَلَيْسَ مِنكُمْ رَجُلٌ رَّشِيدٌ}؟!. قال سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله في كتاب *الفتاوى الشرعية في النوازل العصرية ص 71.

الواجب على جميع المسلمين في هذه المملكة السمع والطاعة لولاة الأمور بالمعروف كما دلت على ذلك الأحاديث الصححية الواردة الثابتة من النبي صلى الله عليه وسلم ولا يجوز لأحد أن ينزع يداً من طاعة بل يجب على الجميع السمع والطاعة لولاة الأمور بالمعروف لقول النبي صلى الله عليه وسلم:

*من خرج عن الطاعة وفارق الجماعة فإن مات مات ميتة جاهلية* رواه مسلم.

والواجب على المؤمن هو السمع والطاعة بالمعروف وألا يخرج من السمع والطاعة بل يجب عليه الإذعان والتسليم بما قاله النبي عليه الصلاة والسلام وهذه الدولة السعودية دولة إسلامية والحمد لله تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وتأمر بتحكيم شرع الله وتحكمه بين المسلمين فالواجب على جميع الرعية السمع والطاعة لها بالمعروف والحذر من الخروج عليها. اهـ .

فيا شباب التوحيد والسنة هذه شهادة من سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله في هذه البلاد وحكامها* ومن الناس بعده* فلا يغرنكم أصحاب الفتن والدعوات بتلك النداءات المفسدة بدعوى الإصلاح {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ، أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِن لاَّ يَشْعُرُونَ} وجهود علمائنا مبذولة في توعية الشباب وصدهم عن هذا العدوان فلا تغتروا بهؤلاء وأمثالهم وما يزخرفونه من القول فجدهم ذو الخويصرة قال للنبي صلى الله عليه وسلم:

*اعدل يا محمد* فلا عجب ولا غرابة منهم، وعليكم بالالتفاف حول علمائنا الكبار خذوا عنهم العلم ولازموا دروسهم وحلقهم وكتبهم * ومن يرد الله به خيراً يفقهه في الدين* رواه البخاري.

ولذا ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
من لا يشكر الناس لا يشكر الله* فالشكر لله عز وجل على هذه النعمة ثم لرجال الأمن على ما يقومون به وأخص منهم رجل الأمن الأول صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز حفظه الله ورعاه على الدور الذي يقوم به والجهود التي يبذلها لحماية بيضة المسلمين ومهبط الوحي بلاد الحرمين ومازلنا نحفظ ونتذكر تلك الكلمات الرائعة التي سطرها التأريخ له حين لقائه بالقضاة ومنسوبي الأمن في القصيم فقال:

* ستظل هذه البلاد إن شاء الله آمنة من كل شر من طريف إلى عرعر ومن البحر إلى البحر*، ثم الشكر موصول لعلمائنا الكبار على الدور الذي يقومون به في بيان الحق وتوضيحه للشباب ورد الباطل من خلال الدروس والمحاضرات واللقاءات العلمية وأخص منهم صاحب الفضيلة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان والشيخ ربيع بن هادي المدخلي والشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ والشيخ أحمد النجمي والشيخ صالح اللحيدان والشيخ عبدالله الغديان والشيخ عبدالمحسن العبيكان حفظهم الله، فهكذا سار علماء السنة وجاهدوا ونصروا الحق قال يحيى بن يحيى * الذب عن السنة أفضل من الجهاد في سبيل الله* .

أسأل الله أن يحفظ هذه البلاد من كل سوء ومكروه وأن يوفق ولاة أمورها لكل خير وأن يحفظ علماءنا وشبابنا وجنودنا وأن يغفر لميتهم.

نشر بجريدة الجزيرة

كتبه عبدالمحسن بن سالم باقيس/ الرياض

11794العدد الاربعاء 1 ,ذو الحجة 1425

د.فالح العمره 18-04-2005 11:56 PM

خططنا لما بعد الإرهاب

ماذا بعد حرب الإرهاب؟.. هذا هو السؤال الذي لابد أن يكون مطروحاً على طاولة البحث بعد الدعوة بالعفو لمن يسلّم نفسه ويعود إلى جادة الصواب.
هل نعود إلى ما قبل زمن الإرهاب ونزيل الحواجز الاسمنتية ومتاريس الرمل ونقاط التفتيش والرقابة المالية على البنوك والمصارف وتتبع المشبوهين؟.
هل أعددنا خططاً استراتيجية لما بعد الإرهاب.. هل أعددنا خططاً ادارية ومالية لمواجهة البطالة، وخططاً تعليمية لاستيعاب الطلاب في الجامعات. وهل أعددنا خططاً تعليمية أخرى لمنع عودة التطرف واستغلال طلاب المدارس، هل أعددنا خططاً توعوية لمعلمي المدارس وأساتذة الجامعات في الحد من زحف التشدد إلى مفاصل الهياكل التعليمية ومجتمع أعضاء هيئة التدريس، هل أعددنا خططاً اجتماعية لحماية الأسرة من منزلقات أبنائها في براثن الإرهاب في ظل غياب الأسرة عن مراقبة أبنائها، هل أعددنا خططاً اقتصادية لفتح الأبواب أمام هذا الجيل ليرسم مستقبله الاقتصادي وتفتح تلك الخطط المسارات أمام صغار التجار لنماء رأس المال؟..
الخطط الخمسية والموازنة السنوية لابد أن تستوعب هذا التطور الجديد الذي نشأ نتيجة الإرهاب والخلايا النائمة المتربصة، وترسم خططاً مضادة لا تتيح للإرهاب فرصة لملمة أطرافه مرة أخرى.. لابد أن يكون لدينا إدارة تتنبأ بمستقبليات هذا الجيل وترصد حاجته وقضاياه حتى لا تفاجئنا جماعة إرهابية أخرى فنعود لحديثنا السابق: فئة مغرر بها أو شباب تم تضليلهم، أو شباب خرجوا عن جادة الطريق أو شباب باعوا أنفسهم للشيطان أو..أو...
فإذا كانت أمريكا لديها الحادي عشر من سبتمبر واسبانيا لديها مثل سبتمبر أمريكا فنحن لدينا سبتمبر الإرهاب الذي هزنا من الداخل ليس بفعله الإرهابي وانما من المفاجأة التي استيقظنا عليها عندما وجدنا أبناءنا منخرطين في تنظيم القاعدة .. وقد وجهوا أسلحتهم إلى وطنهم وقاتلوا اخوانهم ودمروا منشآتهم وجعلوا منا القتلى والأيتام والأرامل والثكالى. لذا لابد أن يكون لنا سبتمبر أيضاً ،نخضعه بحثاً وتحليلاً وإصلاحاً نتكشف أمامه لمعالجة الخلل.
أما أسلوب "سحابة صيف وعدت" أو زوبعة في فنجان فإننا لا نتنبأ بما سيحدث في المنظور القريب وما تخبئ لنا الأيام.
والآن أصبح الاصلاح الاداري والمالي ومحاربة الفساد ضرورة من ضرورات تجاوز أزمة الإرهاب، ومعالجة الخطط الاقتصادية وبرامج البطالة هي احد مسارات الحل.. أما تجاهل تلك المؤشرات بحجة أن الإرهاب صناعة دولية وانه تصدير خارجي فهذا نوع من التعامي وتجاهل الواقع .. ويبقى الاقتصاد والتعليم والبطالة احد المحركات الفاعلة للإرهاب، وإصلاح تلك المسارات ببرامج وخطط إنمائية هو الكفيل بتغيير خارطة لعبة الإرهاب رأساً على عقب.

[د.عبدالعزيز جارالله الجار]

د.فالح العمره 18-04-2005 11:57 PM

والإرهاب ..وما يتقربون به الشباب

الإرهاب صفته هي ::القيام بعمل خطر يؤدي إلى قتل الإنسان أو الخوف على
حياته أو غيره وهذا عمل يخالف شرع الله الذي يعطي للإنسان الراحة والطمانينه
فهي أعمال ترفضها الشرائع السموايه في كل الأزمان والعصور ولا يقوم بهذه
الأعمال إنسان مؤمن يعلم حرمة الدماء المعصومة مهما كانت الأسباب والمبررات
!!!!وعلى راس هلا من اتخذوا من التفجيرات في هذه البلاد مبررا بما لديهم
من حجج للحصول على ما يريدون !!!بشتى الطرق حتى وان سفك دما حراما! علما
إن بلادنا ولله الحمد والمنة لا يوجد فيها من الأسباب التي تدعوهم لذلك
وذلك لعدة أسباب منها على سبيل المثال تحكيم كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وهذا ما يميز
بلادنا عن دول العالم قاطبة ما بالك بمن يحكم بغير ما نزل الله!!!ومن
حججهم الأجانب ونحنوا ليس لدينا احد منهم إلا المستأمنين الذين يعملون لضرورات
فقط وفي مؤسسات وشركات أهليه !!!
ولا يوجد مما يدعونه في السابق إذا لماذا قتل رجال الأمن وغيرهم من المدنين ؟
لقد قامت عليهم الحجة ببطلان ادعاءاتهم وفضحهم وزيفهم !!!
وما يرسمونه لأفراخهم للتسابق على الحور العين في سفك دماء مسلمة معصومة
والعياذ بالله نفوس مريضة رسم لهم أعداء الدين وزين لهم أفعالهم الشيطان
وأعوانه من الإنس !!!والله تعالى يقول( كل المسلم على المسلم حرام دمه ومال
وعرضه)
وهؤلاء الشباب الذين غرر بهم و يتقربون بدمائنا إلى الله تعالى والتسابق
إلى الحور العين لماذا لا يكفوا عنا أذاهم !!!لماذا لا يذهبون لمشايخنا
الأكفاء المشهود لهم بالقول والعمل الصادق فيما يرضي الله والرسول وليس علماء
التكفير والتنفير؟ أما اليوم نقول لهم !!!
كلنا كفوفنا ممدودة ويد بيد مع ولاة امرنا لمحاربة هؤلاء الخوارج أو
التستر عليهم أو إيوائهم أو مساعدتهم أو السماع لأقوالهم وما يسوقونه من حجج
واهية ولوي لآيات الله تعالى للتتفق وأهوائهم !!!بلغ عنهم حتى وان كان احد
إخوتك أو أبنائك اوقريب لك كي تقيه شر نفسه وإيذاء الآخرين!!!حمى الله
العباد والبلاد من يسعى للضلال والفساد وصلى الله وسلم على سيدنا وحبيبنا محمد
صلى الله عليه وسلم 0


[احمد خالد النصار]

د.فالح العمره 18-04-2005 11:58 PM

الحرب الإعلامية ضد الإرهابيين

كيف يمكن ربح الحرب الإعلامية ضد الإرهاب وضد الإرهابيين؟ هل تجب مقاطعة الإرهابيين إعلامياً والتعتيم على ما يقومون به وما يصدر عنهم من مواقف وبيانات أم يجب التعامل مع المشكلة الإرهابية بموضوعية وتغطية أخبار ونشاطات الإرهابيين كما تتم تغطية أخبار ونشاطات قوى أخرى في المنطقة والعالم؟
النقاش حول هذه القضية المهمة والحساسة جار حالياً في الكثير من المؤسسات الإعلامية الأمريكية والأوروبية والأجنبية وفي بعض المؤسسات الإعلامية العربية, والجواب عن هذه الأسئلة المطروحة ليس سهلاً إذ إن المشكلة الإرهابية ليست مشكلة عادية يمكن بالتالي اعتماد معايير مهنية بحتة في التعاطي معها.
في اعتقادنا أن المنطلق الصحيح للتعاطي مع هذه القضية المهمة والمعقدة هو التأكيد أننا في حالة حرب حقيقية مع الإرهابيين ولسنا في حال من العلاقات العادية الطبيعية معهم وأن الإرهاب أصبح جزءاً من حياتنا اليومية سواء كنا نعيش في العالم العربي أو في مناطق أخرى من العالم. ويجب التعامل مع المشكلة الإرهابية على أنها أساساً مشكلة أمنية - سياسية - استراتيجية تهدد المصالح الحيوية للدول وللمجتمعات المستهدفة ولمواطنيها وليس على أنها مشكلة هامشية. وينبغي الانطلاق من واقع أن العالم كله ساحة للنشاطات الإرهابية وأن الدول غير المستهدفة اليوم قد تكون مستهدفة غداً لأي سبب من الأسباب, وإذا ما ضعفت أية دولة أو مجموعة دول أمام الإرهابيين فإن قدرات الدول الأخرى على مقاتلة الإرهابيين ستضعف. وليس هناك مجال للتفاوض والمساومة مع الإرهابيين بل ليس أمام دول العالم سوى خيار واحد هو التعاون معاً من أجل الانتصار في الحرب على الإرهاب وهو هدف كبير صعب لن يتحقق بسرعة بسبب نمو واتساع رقعة نشاطات التنظيمات والحركات الإرهابية. ولن ينتصر العالم على الإرهابيين إلا إذا كان جبهة واحدة صلبة متماسكة ضدهم وضد مطالبهم, لكن على أساس أن تستخدم كل دولة الأسلحة والوسائل الملائمة لأوضاعها لحسم المعركة مع إرهابييها.
أمر آخر يجب التشديد عليه وهو أن الإرهابيين الذين يقتلون المدنيين الأبرياء ويزرعون الخراب والدمار والفظاعات والأهوال حيث يعيشون وحيث يضربون, أن هؤلاء الإرهابيين ليست لديهم قضايا عادلة يدافعون عنها إذ إن أية قضية يزعمون أنهم يدافعون عنها تتحول إلى قضية خاسرة وتفقد الكثير من شرعيتها ومقوماتها ومصداقيتها.
هناك ثلاث قواعد أساسية يمكن الاستناد إليها في التعاطي إعلامياً مع الإرهابيين وهي:
أولاً: من الخطأ التعامل بموضوعية وتجرد مع أخبار الإرهابيين ونشاطاتهم لأن الإرهابيين يشكلون خطراً داخلياً كبيراً يهدد مصالح كل مجتمع مستهدف بل إنهم يضعفون المطالب المشروعة للقوى والأطراف التي تستخدم وسائل أخرى غير العنف والإرهاب لإصلاح مجتمعاتها وتطوير أنظمتها وأوضاعها.
ثانياً: الحرب الإعلامية ضد الإرهابيين مشروعة لأن الإرهابيين ليست لديهم أية شرعية. ومن واجب وسائل الإعلام إظهار الإرهابيين على حقيقتهم وإبراز فظاعة ووحشية أعمالهم ونشاطاتهم ومدى تعارضها مع القيم والمبادئ الدينية والإنسانية ومع مصالح المواطنين وقضاياهم العادلة.
ثالثاً: التعتيم على أخبار ونشاطات الإرهابيين ليس وارداً لأننا في عصر الإعلام المفتوح الذي يتجاوز كل حدود ولأن من حق الجميع الاطلاع على ما يفعله هؤلاء الأعداء. لكن يجب عدم الوقوع في فخ الإرهابيين وتصويرهم على أنهم "أبطال" يقاتلون من أجل مجتمع أفضل إذ إنهم يزرعون فقط الموت والخراب والدمار والفوضى والفتنة واليأس. لذلك من الخطأ نشر بيانات هؤلاء الإرهابيين وعرض مواقفهم من دون الرد المدروس عليها فوراً وفضح زورها وإظهار أخطارها. باختصار, يجب الحرص أولاً وأخيراً على حماية ضحايا الإرهابيين وتحصين الدولة والمجتمع من أخطارهم وليس الحرص على الترويج للإرهابيين وتأمين الدعم لنشاطاتهم وأعمالهم.

[عبدالكريم أبوالنصر]

د.فالح العمره 18-04-2005 11:58 PM

موقف المملكة العربية السعودية من الإرهاب

ولقد جاء موقف المملكة العربية السعودية الواضح والصريح والرافض للإفساد في الأرض والإرهاب بجميع أشكاله وصوره، والإجرام الظاهر والباطن تصديقاً لذلك وواقعاً حياً يلمسه البعيد قبل القريب، والمقيم مع المواطن ويشهد به العدو قبل الصديق، ولم يكن هذا الموقف وليد الأحداث الحالية والفتن الآنية، بل كان مواكباً لقيام هذه الدولة المباركة وناشئاً مع نشأتها حيث إنها تأخذ بمنهج الإسلام الصارم في محاربة الفساد والإفساد والبغي والبغاة وكل عمل فيه اعتداء ومنكر وإثم وشر مادياً كان أو معنوياً قليلاً كان أو كثيراً بصورة قطعت دابر ذلك كله وقضت عليه برمته الأمر الذي معه صارت مضرب المثل ومحط النظر في الأمن والإيمان والطمأنينة مع ما هيأة الله لها من رغد العيش والاستقرار إلا أنها لم تسلم من الإرهاب بصوره الحالية ومحاولة الحاقدين والحاسدين النيل مما حباها الله به من النعم والآلاء ولكنها تقف من ذلك موقفاً حاسماً حازماً وتردعه ردعاً قوياً منطلقة في ذلك من مبادئ الشريعة الإسلامية.
كان هذا الكلام جزءاً من مقدمة كتاب موقف المملكة العربية السعودية من الإرهاب دراسة شرعية علمية وثائقية للشيخ/ د. سليمان أبا الخيل وكيل جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وقد ألفه بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر تحت عنوان موقف الإسلام المناهض للإرهاب ودوافعه وبعد أن جمع مادته العلمية والوثائقية المتعلقة بهذا الموضوع تبين له أن موقف المملكة العربية السعودية من الإرهاب هو ذاته موقف الإسلام منه، مما دعاه إلى تغيير العنوان السابق إلى هذا العنون الجديد ليضيف إلى المكتبة سفراً مهماً يدفع به المؤلف الريبة عن دولة الإسلام بالدليل القاطع والنص الصريح والوثيقة الصادقة ويشفع إلى ترجمته بلغات العالم وتوزيعه عن طريق السفارات والاكاديميات شاهداً على براءة دولة الإسلام ونقاء هذا المجتمع ووسطيته واعتداله وموضوعيته واتزانه وبصيرته وحكمته والرد على ممن عميت بصائرهم وأبصارهم وقادهم الهوى والشبهة والشهوة واثارهم الحقد والحسد وشذوا عن الجماعة، وفرقوا الأمة بإثارة الفتن وتأليب الناس والكذب عليهم وتخويف الآمنين والمستأمنين والإرجاف بينهم، وقد قسمه الشيخ إلى تمهيد وفصلين وخاتمة وتحدث في التمهيد عن ثلاثة أمور أحدها مصادر الدين الإسلامي القرآن والسنة، الإجماع، القياس وأبرز محاسنه ومزاياه، التي منها الأصالة، الكمال والتمام، الشمولية، والاتساع، الصلاحية لكل زمان ومكان اليسر ورفع الحرج والمشقة، تحقيق المصالح، الاجتماع والاتفاق، جلب المصالح ودرء المفاسد، الوسطية والاعتدال، العدل، رعاية المصالح والأمر بالإصلاح والنهي عن الفساد والإفساد، الرحمة، الدعوة إلى كل خير، المحبة، الحكمة والبصيرة، الحوار والجدال بالتي هي أحسن المعاملة الطيبة، ربط الوسائل بالمقاصد، العلم والرفق واللين في الأمر بالنهي، الوفاء بالعهود والمواثيق.
والثاني: تعريف الإرهاب لغة واصطلاحا والفرق بين الإرهاب والدفاع عن الحقوق المشروعة، والثالث الأسس التي قامت عليها المملكة العربية السعودية والمنهج الذي تسير عليه مستشهدا على ذلك بكلمة الإمام المؤسس الملك عبدالعزيز رحمه الله وكلمة خادم الحرمين الشريفين حفظه الله .
أما الفصل الأول فهو موقف ولاة الأمر في المملكة العربية السعودية من الإرهاب ويتضمن الآتي:
1- موقف خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز حفظه الله ويشمل:
كلمته في مجلس الوزراء المعقود يوم الاثنين 7/7/1422ه والبيان الصادر عن مجلس الوزراء يوم الاثنين 14/7/1422ه البرقية الجوابية من خادم الحرمين الشريفين حفظه الله إلى رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، وحديث خادم الحرمين الشريفين لوكالة الأنباء العمانية والرسالة التي بعثها خادم الحرمين الشريفين إلى الرئيس الأمريكي بمناسبة مرور عام على أحداث الحادي عشر من سبتمبر.
3- موقف صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهد ونائب رئيس مجلس الوزراء ورئيس الحرس الوطني حفظه الله ويشمل:
رد سموه حفظه الله على ما تتعرض له المملكة من حملة شرسة في الإعلام الغربي كلمة سموه في حفل افتتاح ندوة رابطة العالم الإسلامي في مكة «صورة الإسلام في الإعلام المعاصر» حوار سموه مع مسؤولي التعليم في المملكة، كلمة سموه لضباط القطاعات العسكرية، لقاء سموه بضيوف المهرجان الوطني السابع عشر للتراث والثقافة، المقابلة الصحفية لسموه مع صحيفتي الواشنطن بوست، ونيورويك تايمز، كلمة سموه أمام قمة مسقط، والرسالة بعثها حفظه الله إلى الرئيس الأمريكي بمناسبة ذكرى الحادي عشر من سبتمبر، وكلمة سموه في جلسة مجلس الوزراء المعقودة يوم الاثنين 11/7/1423ه.
3- موقف صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام حفظه الله ويشمل:
جواب سموه على سؤال «ما رأيكم في موقف الإسلام من الإرهاب والتطرف» والمؤتمر الصحفي الذي عقده سموه مع وزير الدفاع الأمريكي، كلماته حفظه الله عقب استقباله أعضاء اللجنة العلمية لموسوعة الأدب السعودي، كلمته حفظه الله أمام مجلس الشورى في جلسته المعقودة مساء السبت 5/9/1423ه.
4- موقف صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية حفظه الله ويشمل:
إجابة سموه على سؤال «ما رأيكم فيما تردده وسائل الإعلام العربية حول العلاقة بين الإرهاب والتطرف وبين الإسلام؟» المؤتمر الصحفي الذي عقده سموه وحضره عدد كبير من وسائل الإعلام العالمية والعربية والمحلية، وذلك إثر الأعمال الإرهابية التي وقعت في الولايات المتحدة الأمريكية، تصريحات سموه للصحافيين قبل مغادرته مطار القاعدة الجوية بالرياض متوجها إلى بيروت لحضور اجتماعات وزراء الداخلية العرب، كلمة سموه في افتتاح الاجتماعي الإقليمي الآسيوي الخاص بالتعاون بين جهات إنفاذ القانون والمؤسسات المصرفية المقام في الرياض، المؤتمر الصحفي العالمي الذي عقده سموه بعد تفقده المشاعر المقدسة، والاطمئنان على جميع الاستعدادات لخدمة الحجاج عام 1422ه كلمة سموه حفظه الله بعد لقائه بالرئيس الاتحادي لجمهورية النمسا، كلمة سموه في حفل افتتاح فعاليات مؤتمر مديري الشرطة، وإدارات المرور وتدشين الحملة الوطنية للتوعية الأمنية المرورية في الغرفة التجارية الصناعية بالمنطقة الشرقية.
وأما الفصل الثاني فهو عن موقف علماء المملكة العربية السعودية وفقهم الله من الإرهاب ويشمل: جهود هيئة كبار العلماء حفظهم الله في بيان موقف الإسلام من الإرهاب ومن ذلك البيان الصادر في 8/1/1409ه والبيان الصادر في 6/4/1419ه وجهود المجمع الفقهي التابع لرابطة العالم الإسلامي ومن ذلك دعوة المسلمين إلى الاعتصام بالكتاب والسنة وجمع الكلمة، وبيان خطورة الحملات الإعلامية والثقافية على الإسلام والمسلمين وتكريم الإسلام للإنسان، وموقف الإسلام من الإرهاب وتعريف الإرهاب والعلاج الإسلامي للتطرف والعنف والإرهاب، ثم ذكر في هذا الفصل فتاوي العلماء وجهودهم في الذب عن الإسلام وبيان خطورة الإرهاب الذي يبرأ منه الإسلام من أولئك العلماء:
1- موقف سماحة المفتي الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ ويشمل: جوابه عن سؤال «ما رأي سماحتكم فيما تردده وسائل الإعلام الغربية حول وجود علاقة بين التطرف والإرهاب وبين الإسلام وكيف يمكن تبصير هؤلاء الناس بحقيقة موقف الإسلام من التطرف والإرهاب»؟ والبيان الذي أصدره سماحته على إثر حادث الحادي عشر من سبتمبر عام 2001م.
2- موقف رئيس مجلس القضاء الأعلى، عضو هئية كبار العلماء سماحة الشيخ/ صالح اللحيدان وفقه الله ويشمل: الحديث الذي أدلى به سماحته لوسائل الإعلام عن أحداث 11 سبتمبر وبيانه لموقف الإسلام والمسلمين منها، والحوار الذي أجرته الشرق الأوسط مع سماحته عن الإرهاب وكيف نقضي عليه وحالنا مع ضحايا الإرهاب، والحوار الذي أجرته معه صحيفة عكاظ عن الأحداث الأخيرة وموقف الإسلام من الفتن.
3- موقف الشيخ صالح الفوزان عضو هيئة كبار العلماء وفقه الله ويشمل: المحاضرة التي ألقاها على طلبة العلم والدعاة بمقر وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد والحوار الذي أجرى مع فضيلته عن الإرهاب، وبعض المسائل المتعلقة به والمحاضرة التي ألقاها فضيلته في جامع الإمام تركي بن عبدالله عن حقيقة الإرهاب.
4- موقف معالي الشيخ/ عبدالله آل الشيخ وزير العدل وفقه الله ويشمل: جوابه عن السؤال الذي وجه إليه عن رأيه فيما تردده وسائل الإعلام الغربية من وجود علاقات بين الإرهاب والتطرف وبين الإسلام؟
5- موقف معالي الشيخ/ صالح آل الشيخ وزير الشؤون الإسلامية وفقه الله ويشمل:
جوابه على سؤال «ما رأي معاليكم فيما تردده وسائل الإعلام الغربية عن وجود علاقات بين الإرهاب والتطرف وبين الإسلام والجهود التي تبذلها الوزارة من أجل تبصير الناس بحقيقة موقف الإسلام من الإرهاب، وكلمته التي وجهها إلى طلبة العلم والدعاة في مقر الوزارة.
6- موقف الشيخ عبدالله بن محمد المطلق عضو هيئة كبار العلماء وفقه الله ويشمل:
المحاضرة التي ألقاها بقاعة الملك فيصل للمؤتمرات في مهرجان الجنادرية يوم الاربعاء 16/11/1422هـ تحت عنوان الإرهاب وموقف الإسلام منه.
ثم ختم المؤلف هذا الكتاب بنقل حوار مع سماحة الشيخ/ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله حول مسائل مهمة تتعلق بموقف المسلم من بعض القضايا المعاصرة التي كثر الخلط فيها من قبل بعض طلاب العلم.
منها: ليست من النصيحة تهييج العامة على ولاة الأمر، خطورة التكفير وشرح الحكم الشرعي فيما يتعلق بالحكم بغير ما أنزل الله، قراءة لصلح الحديبية وشروط الصلح، نصيحة للجماعات الإسلامية ووصف الفرقة الناجية، وخطورة التقليل من منزلة العلماء في نفوس الناس، أحكام أهل الذمة وحكم الاعتداء على المعاهدين والمستأمنين.
وختاما جزى الله الشيخ د/ سليمان ابا الخيل خير الجزاء وجعل ذلك في ميزان أعماله ونفع الله بعلمه وقلمه وجهوده التي بذلها لخدمة الإسلام والمسلمين.
وما أجمل ان يكون مثله وهو العالم بالشرع والواقع والأحزاب والمناهج الحركية على هرم مؤسساتنا الدينية في هذه الظروف.


[عبد الله بن ثاني]

د.فالح العمره 18-04-2005 11:59 PM

خواطر مواطن تجاه الإرهاب

بمناسبة انعقاد مؤتمر عن: موقف الاسلام من الارهاب في رحاب جامعة الامام محمد بن سعود الاسلامية في الفترة من 1- 1425/3/3هـ احب ان أنوه بالمؤتمر والمؤتمرين والراعي لهما. وقد صادف انعقاد المؤتمر أن ضرب الارهاب جزءاً من وطننا الغالي، فتولدت لدي بعض الخواطر رغبت أن أقيدها. وهي لا تعني الاقلال من الجهود العلمية للمؤتمر، ولا تعد قراءة للبحوث المقدمة في المؤتمر. فهذان لهما حديث آخر.
هذا عقد من الزمن ( 1959- 2004م) أو نحوه يمر والارهاب لا يبرح يباغتنا بوجهه ويده، يفاجئنا في أوقات مختلفة وأمكنة متعددة، وهو كعادة الارهاب في كل مكان، يضرب ثم يهرب، ثم هو زاد بأن اتخذ وسيلة الانتحار والقتل العشوائي اسلوباً وديدناً معاشاً. لا نامت أعين الجبناء. والارهاب الذي ضرب مقر إدارة المرور في منطقة الوشم من هذا النوع السيئ، الذي لا يفرق أصحابه بين الصخرة والانسان أو بين الحيوان والنبات. وقد قيل الكثير، وكتب الكثير عن التفجيرات التي شهدتها وتشهدها المملكة. وكل أدلى بدلوه. والسؤال ما الفائدة من ترديد القول؟
يقول حكماء العرب: نعوذ بالله من الحديث المعاد. واستعاذت العرب من الحديث المعاد لأنه شاهد على انعدام القدرة على الابتكار والابتداع والانشاء. ونحن لانشك في صدق من أدلى بدلوه من المواطنين تجاه قضية الارهاب والتشدد الذي انتشر عند بعض شبابنا. ونحن لا نشك أيضاً في عملية الآراء التي قيلت. ولكن نريد أن نسمع قولاً فصلاً، وفوق هذا نريد أن نرى عملاً قوياً. أما القول الفصل فقد سمعته من علمائنا الجمعة الماضية، فقد بينوا بما لا يلتبس على ذي عقل، ان ما يحدث من ارهاب لا يمت للدين أو العقل بسبب أو نسب. بل الدين من تلك الأعمال المشينة براء، براءة الذيب من دم يوسف.
أما العمل فهو ما تقوم به الأجهزة الأمنية على اختلاف قطاعاتها. وهو عمل يجب أن نعيه، ونقدره، ونذكره ونذيعه، ثم نشكره. أقول صراحة إن رجال الأمن والمسؤولين عن الأمن قد والله أدوا الأمانة، ونصحوا الأمة، وضربوا بيد من حديد على كل من تسول له نفسه اللعب بمصائر الشعب السعودي. وبقي أن يفعل الشعب كل الشعب مثلهم. بقي أن نكون رجال أمن كل حسب قدرته، وفي مكانه. فنحن أمام ثغر من ثغور الوطن، وعلينا أن نحمي هذا الثغر.
أريد أن أقول أيضاً انه لا حاجة لربط هذا الارهاب الذي وجد له أوكاراً في بلادنا بأي سبب ديني، أو اقتصادي، أو اجتماعي، أو تعلمي أو تربوي أو سياسي. الارهاب هو الارهاب لونه واحد، وطعمه واحد، وهدفه واحد. الارهاب مرض مزمن لا ينفع معه المسكنات والمهدئات. الارهاب جريمة تعاقب عليها الشرائع والقوانين. والقضاء على الارهاب يستلزم القضاء عليه أولاً ثم على بيئته ثانياً.
ومما يحزنني أن أرى ربطاً بين الارهاب والدين أو الاسلام. من ذلك وصف الارهابيين بأنهم اسلاميون متشددون، أو وصفهم بأنهم خوارج. وأنا لا أجد صفة التدين أو الاسلام الحق عند أولئك الشباب الذين ينتحرون ويقتلون غيرهم بالدم البارد. فالارهابي المسلم يشبه الارهابي النصراني أو اليهودي أو حتى من لا دين له. وأجزم أن الربط بين الارهاب والدين اساءة بالغة إلى الدين. فالدين السماوي أياً كان لا يقول أو يتبنى مثل هذه الأفعال الشنيعة. لماذا لا نقول ارهابيين وكفى. فليس بعد الكفر ملة. فطالما أن من يقوم بهذه الأعمال قد ثبت عند علماء المسلمين وجمهورهم كفرهم ومروقهم من الاسلام، إذن ما الداعي أو الفائدة من تذكيرهم بأن عملهم يقودهم إلى النار لا إلى أحضان الحسان في روضات الجنان. هل أعرنا عقولنا لنصدقهم بأنهم ينتحرون ليدخلوا الجنة. وصدق الشاعر:
اسمع في قلبي دبيب المنى
وألمح الشبهة في خاطري
أليس الاسلام أنزل العقوبات، كعقوبة القتل العمد، وعقوبة الردة. هل القاضي يسأل القاتل العمد عن الأسباب الاقتصادية أو التربوية أو السياسية. لم يحدث هذا فمهما يكن السبب، فلابد للقاضي إذا تبين له الجرم، أن يقول بالعقوبة دون الركون إلى تبريرات وتفسيرات. ولو فعل اختل توازن المجتمع وسادت الفوضى. وأنا في نظري المتواضع أرى أن الارهاب لا يقتل فرداً أو فردين عمداً، بل يقتل جمعاً، ويروع أمة، ويهدم ويفسد. فتأمل رعاك الله.
ثم أمر آخر نحن نسير دون أن نعي خلف الإعلام الغربي، وربما خلف المشرع الغربي عند بحثنا عن الارهاب. أنا لا يهمني إذا لم يتفق المشرعون والحكماء والمختصون على تعريف محدد للارهاب، والارهابي. ولا يهمني كثرة البحوث والتقارير والكلام المعاد. ما يهمني أن الارهاب بكل المقاييس العقلية والشرعية جرم وتعد فإن كان الأمر كما ذكرت، إذن ما الفائدة في بسط القول وترديده. والله ما أضر بأهل أثينا وأضعفهم وهزمهم أمام عدوهم أهل أسبرطة إلا اضاعة الوقت في المناقشات السفسطائية.
ما يهمني أننا في المملكة حكومة وشعباً ومؤسسات دينية ومدنية. وفوق هذا عقل زرعه الله في رؤوسنا نعترف بأن ما نواجهه ارهاب بكل المقاييس، وأن علينا مواجهته بقوة وبأس شديدين، دون الالتفات إلى رأي هنا أو هناك ممن لا يرى ما نراه. ولكل أمة لباس. ولباسنا التقوى، والسلم، والأمن. ودثارنا الصدق والقوة والعزيمة.

[عبدالله ابراهيم العسكر]

د.فالح العمره 19-04-2005 12:02 AM

لك ياوطن

إنطلاقاً من حب الوطن , وحيث انه يجب على كل مواطن استغلال كافة مايتمتع به من مواهب ومايتوفر لديه من إمكانيات وأن يفجر طاقاته من جميع منابعها في سبيل نصرة دينة ووطنه والتصدي لكل من تسول له نفسه بإحداث الخراب والدمار في وطننا الحبيب
أمسكت بقلمي وكانت هذه الكلمات
لك ياوطن
سخرت لك هذا القلم
محامي وسلاح
أدري قلم
ودمه مجرد قطرة حبر
يوم تشرق بالسعد
ويوم تنبض بالألم
بس يمكن في اي لحظه
يغنيك عن جمع الرماح
أدري قلم
وهذا القلم خطط حروفه كفاح
وجسّد مشاعر أمم
تحت شعار
"الدفاع عن الوطن"
بلا مدافع أو سلاح
آه ياوطن
إذا انت الوطن
اللي من خيرك روينا
وعلى أرضك الخضراء ربينا
إذا انت الوطن
اللي فيوم علمتنا
وش هو الامان وفهمتنا
حنا شعبك
اليوم لك بنكووون
وطـــن
بنتحد فاقوى سلاح
ديننا وإيماننا
والثقه برب الانام
وبنعلمك ياجاهل
يامن ينادي باسم السلام
وقلبه ينبض بالحقد
ودمه يفووور من الحسد
إن الوطن
شعبه بيكونوا له حماه وله وطن
وافهمها يامن جهلت
يامن ارخصت دينك وملت
لاجل افكارٍ دخيله
في شرعها
الذبح تهواه ومباح
إن الجبال عزتها الشموخ
مايحركها فعلٍ سخيف
وماتزلزلها الرياح

[خواطر العتيبي]

د.فالح العمره 19-04-2005 12:02 AM

انفجارات الريـاض


المجد مجدك يا بلادي مـن قديمـات السنيـن
ما تنطفي نار الكرامه فيك لـو غيـرك خمـد

الله يحفظك يا وطنـا مـن شـرور العابثيـن
اللـي نواياهـم فسـاد الحـال وافسـاد البلـد

ما اهتز في قلب الرياض الا قلوب المرجفيـن
اللي يبون يزعزعون الامن عن قصـد وعمـد

ياعاصمة دار السعـود ودار كـل المسلميـن
تهون كل ارواحنـا لجلـك ولا نبغـى قـود

المجد مجدك يا بلادي مـن قديمـات السنيـن
ما تنطفي نار الكرامه فيك لـو غيـرك خمـد

يا عاصمتنا و ( عاصمتنا ) لك عهد بعد اليمين
نصون أرضك مع سماك الين ندخـل فاللحـد

عهدٍ علينا مانخونـه يعرفـه حتـى الجنيـن
عهدٍ على الشيبـان ووصـاةٍ توصـى للولـد

نحميك من أهل الفساد اللي بـلا عقـلٍ فطيـن
اللي مجمعهم سـواد القلـب وانـواع الحسـد

يا دارنا لايشغلـك افعـال نـاسٍ مغرضيـن
تبقى السعوديـه ويبقـى حاكـم الديـره فهـد

[زايد الرويس]

د.فالح العمره 19-04-2005 12:03 AM

يالإرهابي


عقـول مهـجّره ومـدجّنه ومسممه بفكار
رعـت فيها الطرابي وابـن عـرس وعشش الدبور

وطن صافح سنينك عـز وشموخ وبنيت أعمار
وطن فاحت على أرضك شمس الإسلام وملاك النور

وطن وانـته تمـلا بالأذان وتـرتـويك ابرار
تـحـن اجـبال نـوّام وتسمّـعك البحور الغور

وطن سارت على رمالك حضاره كلها إصرار
ظـهرت الغيم وامـطرت المـحبه وانـجلا الديجور

سعـوديه سعـوديه بناك الصـقر والمـغوار
جثـت قـدامـه اجبال الجـزيره واحتـرته الدور

بطـل مامات دامـه عقب الأبطال والأحرار
فـراقـد ف السماء بانـت كواكب في سمانا ادور

تنكر كـل ذرة فـي الوطـن للخاين المكار
تـربى فـي عـلابيه الجـحـود وصـدره المدحور

نعم تبت يـدا تبت يـدا تبت يـدا الأشرار
رتيـليّ ونسـج بقـلوبـهم بـيته وبـنا سـور

عقـول مهـجّره ومـدجّنه ومسممه بفكار
رعـت فيها الطرابي وابـن عـرس وعشش الدبور

يالإرهابي لو انك فـي فـم الذره تجي منهار
لـو انـك تنعقد قـطرة تشـبث في فـم الصنبور

نسيت ان السعـوديه سعـوديه وحـنّا اسوار
وطن فاحت على ارضه شمس الإسلام ومـلاه النور

[سلطان الشهيب]

د.فالح العمره 19-04-2005 12:04 AM

نايف بن عبدالعزيـز قلـب الريـاض


تنزف إدموعنا والقلـب فيـه إنقبـاض
من جَسد محترق0تحته عظـم منطحـن

حَسبَنا اللْه على مَن هز قلب الريـاض
ممادرى انّه بفعله هـز كـل الوطـن!؟

وحسبنا اللْه على كل القلوب المـراض
ياقلوبٍ علـى فعـل الجرايـم سطـن

وحسبنا اللْه على من صبّ فوق البياض
اسود الكحل لين اخلف بيـاض القطـن

وحسبنا اللْه على من قص عشب الفياض
وحَرَّك الشجره الخضرا وهز الغصـن

وحسبنا اللْه على روس النعام الربـاض
دسّت الروس في وسط الوحل وإربضن

وحسبنا اللْه على من شجـع الإنتفـاض
لين هز الرضيع اللي بوسـط الحضـن

وحسبنا اللْه على من قـدّم الإفتـراض
إن حـق الإبـن للأُم00رفـس البطـن

وحسبنا اللْه على من يعلن الإعتـراض
للشريعـه وفـي أمـن البلـد يمتهـن

وحسبنا اللْه على لسانٍ تبجّـح وخـاض
بالمفاسـد وحـرّض للخطـا والفِتَـن

نطلب اللْه لفضلـه وارديـن الحيـاض
والأيـادي رفعناهـا لوجهـه نصـن

ياللْه إحكم على اهل الغدر بالإنقـراض
شلّـةٍ بالشريعـه والأمـن مـارضـن

وإجعل الشر ترجع نسبتـه بإنخفـاض
وياللْـه إنـك تكافينـا البـلا والمِحَـن

ويحسن اللْه عزا من هلّ دمعه وفـاض
في فقيده بَعَـد حطّـوَه وسـط الكفـن

تنزف إدموعنا والقلـب فيـه إنقبـاض
من جَسد محترق0تحته عظـم منطحـن

والأمانـي طويلـه والمشاعرعِـراض
فيـك يانايـف اللـي نايـفٍ بالأمـن

إيه ياحرّ ياللـي طبعـك الإنقضـاض
يامحَنّك,ياواعي,يـاذَكـي , يافَـطِـن

أنت بعـد الله الوالـي بيـدك الحِفـاظ
للبلد فـي يديـك إخطامهـا والرسـن

لين بـذن الله المعبـود تنشـر عكـاظ
إن راع الجريمه صار وسـط السجـن

وينحكم بالشريعه وإشمخـي ياريـاض
ويشمخ الأمن مع نايف ويشمـخ وطـن

[عبدالرازق الذيابي]

د.فالح العمره 19-04-2005 12:05 AM

يـامـروج الإرهـــاب


في اي مذهب صرت للـدم سفـاك
وتحارب الاسلام وسـط الجزيـره

ياالله ياللي تامن الارض بحمـاك
عينك على كل الخفايـه بصيـره

يارب وفقنا الى طاعتـك ورضـاك
وارشد اخطانا للـدروب المنيـره

ويالله بياض وجيهنا يـوم نلقـاك
في ساعة كـل يحصـل مصيـره

ويالله تعز الدين وتـذل الاشـراك
وانتصر الاسلام فـي كـل ديـره

ويالله تحفظ الـدار منـا ومنـاك
ومع كل درب فيـه للشـر سيـره

وتصونها من كل عابـث وفتـاك
وترد كيد اهـل اليديـن القصيـره

السهو والفتنـه ضعيفيـن الادراك
اهل النفـوس الحاقـده والحقيـره

ساروا بدرب ابليس مع كل شرباك
وابليس فيهم قـام يشعـب ابعيـره

يامروج الارهاب خابـت نوايـاك
ركبت درب ابليس واصبحت اسيره

ظلام تفكيرك غدى فيك وعمـاك
واخطيت درب السيره المستنيـره

في اي مذهب صرت للـدم سفـاك
وتحارب الاسلام وسـط الجزيـره

حتى حمى مكـه تطولـه خزيـاك
في جوها الطاهر رميـة الذخيـره

قتل النفوس المسلمه مـن سجيـاك
حللـة مفهـوم ارتكـاب الكبيـره

الطفل والشيخ الكهل من ضحيـاك
اجسادهم من هول فعلـك سريـره

تلطخت منهـم يمينـك ويسـراك
اثنيتهـم يـوم مافـيـك غـيـره

ماطبت ياالخايف ولاطاب مسعاك
يامصدر الموت الحـرام ونذيـره

حنا عربنـا داك ياالعفـن ودواك
البندقيـه والحـدب مـن جفيـره

والنبت يطلع فيه نـوار وشـواك
والشوك ماله غير نـار اسعيـره

ويادارنا يسعد صباحك وممسـاك
الخير فالك وانـت للخيـر خيـره

برعاية الله ثم الملاييـن ترعـاك
على العهد ومواصليـن المسيـره

مع كل فجر تعطر المجد طريـاك
يزدان صبحـك ويتجـدد عبيـره

يادارنا حتـى لـو اهتـز مبنـاك
ماهتزت نفوس هالجموع الغفيـره

اعمارنا واروحنـا مـن فدايـاك
ارقد بمـان الله وعينـك غزيـره

ويبقى مدارك واضح بين الافـلاك
ويبقى منـار فيـه للديـن نيـره

وتبقى وريث المجد والمجد يزهاك
ياموطن الدين الحنيـف ونصيـره

[ضيـدان المريخـي ]

د.فالح العمره 19-04-2005 12:05 AM

خطاك الشر

سلامتك ياوطن والله
من الحقد اللي ماليهم
سلامة عينك وقلبك
سلامة فرحة أطفالك
من الشوك اللي بيديهم
سلامة ظلك الوارف
سلامة نخلك الواقف
غصب عن ريح ظلمتهم
وظلم المعرفه فيهم
سلامة صبحك الطاهر
من عاصف لياليهم
سلامتك ياوطن والله
سلامة ضحكة عيونك
سلامة صوتك الخيّر
ونور الحق على متونك
سلامة "الله أكبر" فــ المساجد
والقلوب
وهقوة ظنونك
سلامة روحك السمحة
بياض ايديك
ربيع حبك
سخا مزونك
سلامة خضرة غصونك
شلون تقدر
يد اللي تلمس ترااابك
تخون الله وتخونك؟
سلامتك ياوطن والله
سلامة ماك .. وترابك
سلامة كل ندى يقطر
هوى ويسيل على أعشابك
سلامة حلم أحبابك
سلامة كل شبر منك
وكل مافيك
وكل صوت يتغنى بك
سلامة كل "هلا" تنقال
من قلبك قبل بابك
سلامتك يابعد روحي
خطاك الشر وماصابك
تعال جروحك جروحي
وعمري فدوة لاهدابك
تعال حط راسك بصدري
وصدري يزهر ويدفي
ويفرح ويتهنى بك
[مسفر الدوسري]

د.فالح العمره 19-04-2005 12:06 AM

حطوا لهم قصـة ارهاب(ن)وترعيـب
يـاالله يامعبـود ياعـالـم الغـيـب
يامنشـي(ن)در السحـاب ومطـرهـا

تحمي بلدنا من هـل الشـك والريـب
اللـي علـى الفتنـه تكاثـر قشرهـا
ناس(ن)غوت فـي دينهـا والمطاليـب
قامت تسـوق المخطيـه فـي دمرهـا
حطوا لهم قصـة ارهاب(ن)وترعيـب
لاربحـت القصـه ولامـن بـذرهـا
وصاروا على باب الردى والعذاريـب
السيـره اللـي ماربـح مـن عبرهـا
وباعوا شيمهم واشتروا جمـة العيـب
عمـي البصيـره ماتقـدي بصرهـا
لافيهـم الصاحـي ولافيهـم الـذيـب
اللـي يميـز حفرة(ن)لـه حفـرهـا
وصاروا طعام(ن)لقاذفـات المشاهيـب
وان ضاقت الحيلات روحـه فجرهـا
والدين ينفـي مـن نوايـاه تخريـب
ومن لاكسـب دينـه حياتـه خسرهـا
والوالدين ارضاهم اصـل المواجيـب
واللي يعصى والديـه يعنـي قهرهـا
وباب القهر يسقيـه كـدر المشاريـب
والمغفـره باسبـاب فعلـه دحـرهـا
ودار(ن)ربيت ابهاقصـور ومذاريـب
عيب(ن)عليـك تغثـهـا وتحقـرهـا
ولاهي طبيعة مسلم(ن)يكسـب الطيـب
هـذي طبيعـة كفـر مـاالله غفرهـا
تخسون ثم تخسون غصب(ن) وتغصيب
الـدار محمـيـه وحـنـا ظهـرهـا
مالكـم بهـا ياكـود نـار ولواهيـب
الـدار محكومـه وربـي عمـرهـا
ربـي عمرهـا بالرجـال المصاليـب
دون الوطن ننسـى الحيـاه وخطرهـا
اصغيرنـا وكبيرنـا يشـذب العيـب
وسيوفنا للاهـل الفتـن فـي نحرهـا
ونمشي تحت رايـة فهدنـا بترحيـب
اشـر وحـنـا مانـكـذب خبـرهـا
[سعد السبيعي]

د.فالح العمره 19-04-2005 12:07 AM

كلش ولا أمن الوطن



برمجه صـوره قبـل صـوت/القتل شغله بالختالي
روبات يمشي بالرموت/وان مامشى يقـطع وتينه

ليلـه غـريبه بحيّنا/ مـاهـي مثل كـل الليالي
صوتٍ كسر صمت السنين/ وماعرفنا من سكينه

صـوت الرصاص وطائره/ من فوق راسي بالمجالي
ترصـد طيور ٍذائـره/مـن بعـد فعلتها المشينه

عقل انغسل/صابه شلل/يبحث عـن دروب الزوالي
مسحور والساحر هُبل/يصدر له امره مـن عرينه

برمجه صـوره قبـل صـوت/القتل شغله بالختالي
روبات يمشي بالرموت/وان مامشى يقـطع وتينه

يرميه يبحث عـن هـدف/ويقول لـه ياعزّ غالي
فـجر ودمـر لاتخف/فالـشر كـله في المدينه

تذهب فحـور العين لـك/في جـنةٍ والقصر عالي
مثل الذي يـوم اسبقك/وشفت الكرامه في جبينه

يقـتل بـلا رأي سديد/بـكـل غـدرً واختيالي
والساحر الغادر بعيـد/وراه حـتـماً مـن يعينه

كلـش ولا أمـن الوطن/يامـن تريـده بإشتعالي
تريـد يغرق في الفـتن/مـن شـان احقادٍ دفينه

مهما أختلفنا نلتقي/فـالأمـن فـوق الإحتمالي
ومـن هـو بشرّه منتـوي/يلقـى لدينا مايهينه

ماظـن عاقل يرتضي/نصبح كـما الجار الشمالي
ولا أظـن عقـلٍ ينبضي/يقبل بتخريب السفينه

مهما يكـن حـنا بخير/نحسد على امـنٍ وحالي
ومافيه كامـل/ غـير ربٍ مـن أمـانه نستعينه

[د.عثمان عبدالله]

د.فالح العمره 19-04-2005 12:07 AM

ياعصـبـة الإرهـــاب


يا طغمة الشر العريض صنيعكـم
يوحي بشـقِّ الطـوع ضـد ولاةِ

هاتِ اليـراعَ وأعطنـي ورقاتـي
لأسطِّـر الكلمـات فـي أبـيـاتِ

هاتِ اليراعَ لكي أصوغ خواطـراً
قد طوَّقت هـذا الزمـان حياتـي

العيـن تنطقهـا بكامـل عـبـرةٍ
ولرُبَّمـا نطقـت بهـا عَبَـراتـي

عايشتهـا مـن دون أي تكـهـنٍ
كـلا ولا وصـفٍ لجـمـع رواةِ

كيف السبيل إلى الصياغة إخوتـي
وبـأيِّ شـيءٍ أبتـدي أخـواتـي

آهٍ زمانـاً قـد تغـيـر حـالـه
وغدا هشيمـاً أو كجمـع رفـاتِ

يا أيها الزمن الـذي فـي وصفـه
عجـبُ ونحـن بغفلـةٍ وسبـاتِ

انظر إلى الأهواء والشبهـات فـي
عصر يمـوج اليـوم بالشبهـاتِ

فتـنٌ كأجـزاء الليالـي ظلـمـة
نرجو من المولـى شديـد ثبـاتِ

شبـهُ سـرت ببلادنـا وتسرَّبـت
وتريـد تقسيمـاً لـهـا بفـنـاتِ

قد ضلَّلَـت سفهـاء أمتنـا وقـد
هدفـت إلـى تفريقنـا لشـتـاتِ

ذاكـم يفـجِّـر دون أي تعُّـقـلِ
سعـى لخدمـة كائديـن وشــاةِ

ويـقـول إنَّ قيـامـه بـدمـاره
من أعظـم الطاعـات والقربـاتِ

ترك الكتاب وقول أشرف مرسـل
وتلقَّـم الفتـوى مـن القـنـواتِ

أصغـى لقـول عدائـه بجهالـةٍ
رضي الدنيَّ وبـاع قـول ثقـاتِ

عجبـاً لـه أيظـن أن صنيـعـه
هـذا جهـادٌ يـورث الجـنـاتِ

خدم العـدو بـدون عقـل راشـدٍ
تبـاًَ لـذا المخـدوم والخـدمـاتِ

يسعى لزعزعة الأمـان بأرضنـا
كـم أنتجـت أفعـالـه آهــاتَ

إزهـاقُ أرواح وهـدرُ ممـالـكٍ
وضيـاعُ أمـوال وحـرقُ نبـاتِ

تشويـهُ إسـلام ونشـرُ رذائــل
وقبيـحُ أفكـار وسـوءُ سـمـاتِ

يـا كـلَّ ذي بغـي تفاقـم غيُّـه
لم يرتـدع عـن غيِّـه بعظـاتِ

ارجع إلـى درب الهدايـة راشـداً
من قبل أن تُسقى شـراب ممـات

واعلم بأنَّك قد أثـرت الشـر فـي
بلـد الهنـا والأمـن والخيـراتِ

هذي البلاد بهـا المقـام وزمـزم
والبيـت أرض الطهـر والآيـاتِ

في أرضها مسرى النبـي محمـدٍ
والقبلـة العظمـى لكـل صـلاةِ

قد أشرق المختـار منهـا ساطعـاً
وأشعّ مثل البـدر فـي الظلمـاتِ

وكـذا خليـل الله نـادى قـائـلاً
في دعوة مـن أصـدق الدعـواتِ

رب اجعل البلـد الحـرام بمأمـن
وارزق بنيـه بطيـب الثـمـراتِ

في موطني عاش الجميـع سعـادةَ
وغـدا نشيـداً رائـعًـا لـحـداةِ

والشرع يحكمـه بـدون تنـازع
وهو الذي يسقيـه صفـو فـراتِ

سيظلُّ يحمـى بـإذن ربٍ قـادر
من فعـل إرهـاب وكيـد طغـاةِ

خسر الذي يرجو ضيـاع أمانـهِ
وكذا الذي يصغـي لقـول بغـاةِ

يا عصبة الإرهـاب إنَّ عقولكـم
قد أصبحت في حيّـز الفضَـلاتِ

أيُقاتَـل الذِّمـيُّ فـي بلـد الهـدى
ويكفَّـرُ الأتقـى بــدون أنــاةِ

الدين بيَّن حرمـة الإنسـان فـي
كَلـمِ الرسـول ومحكـم الآيـاتِ

وأبـان أنَّ قتـال فـردٍ مسـلـم
في الحكم أثقـل مـن زوال حيـاةِ

يا طغمة الشر العريض صنيعكـم
يوحي بشـقِّ الطـوع ضـد ولاةِ

روعتُـمُ أسـراً بشـر فعالـكـم
ففعالـكـم أدَّت إلــى ويــلاتِ

والدين شُوِّه مـن عظيـم دماركـم
فعدونـا ممـا جــرى بهـنـاةِ

إنَّ العدى هـم سخَّروكـم نحونـا
سخِروا بكم فـي خدعـةٍ ونكـاتَ

يا مـن يحـارب دينـه وبـلاده
ويريـد تمويهـاً بلبـس عـبـاةِ

إني أسائل خاطـري ومشاعـري
عنكـم؛ وعـن أهدافكـم بالـذاتِ

يا أهـل إجـرام وأهـل عـداوة
مهما اختبأتم لـو بـأرض فـلاةِ

لا بـدَّ يومـاً أن يصـادَر غيُّكـم
من غير مـا هـربِ ولا إفـلاتِ

والله يحمينـا ويـدفـع شـركـم
برجـال أمـن مخلصيـن كمـاةِ

يا عصبـة الإرهـاب إنَّ نداءكـم
ضاقت به نفسي - كذا - وشفاتـي

أنا لن أسطِّـر غيـرَ أمـرٍ واحـدٍ
وهو الذي يغنـي عـن الكلمـاتِ

احفـظ إلهـي دينـنـا وبـلادَنـا
من كـلَّ بـاغٍ أو دخيـلٍ عـاتِ

أنت المجيب بغيـر شـكِ يعتـري
منك الأمـانُ ومنـك كـلُّ نجـاةِ

[أحمد بن محمد مسرع القرني ]


الوقت في المنتدى حسب توقيت جرينتش +3 الساعة الآن 04:36 PM .

مجالس العجمان الرسمي