مجالس العجمان الرسمي

مجالس العجمان الرسمي (http://www.alajman.ws/vb/index.php)
-   مجلس الدراسات والبحوث العلمية (http://www.alajman.ws/vb/forumdisplay.php?f=41)
-   -   أثر عمل المرأة خارج البيت على استقرار بيت الزوجية - ماليزيا نموذجاً (http://www.alajman.ws/vb/showthread.php?t=2254)

د.فالح العمره 03-04-2005 01:20 PM

أثر عمل المرأة خارج البيت على استقرار بيت الزوجية - ماليزيا نموذجاً
 


14-صفر-1426 هـ:: 24-مارس-2005

فريدة صادق زوزو






مقدمة:

تزايدت في الآونة الأخيرة نسبة النساء العاملات تماشياً مع متطلبات العصر الحديث، حيث إن العمل أصبح من أوليات الأمور التي تفكر بها المرأة بغرض تحقيق الكثير من مطالب الحياة المستجدة، في حين أن هذا الأمر لم يكن منتشراً من قبل بصورة كبيرة، إذ كان عمل المرأة الأول هو رعايتها لأولادها وشؤون بيتها، هذه الوظيفة الفطرية، وأما عملها خارج البيت فلم يكن إلا لضرورة قصوى تلبية لاحتياجات الأسرة المتزايدة أو في ظل غياب المعيل.

أما اليوم فلم يعد العمل مجرد مسألة عول بل أصبح من أولويات حياة المرأة، خاصة بعد التخرج من الجامعة، ولأن هدف الخروج للعمل والغاية منه تغيرت بتغير الزمن، فإن النساء العاملات أصبحن لا يستغنين عنه أبداً، لأنه وسيلة لتحقيق الذات، وكسب المال، وتوسيع نطاق العلاقات الاجتماعية، هذه الأخيرة التي قد تؤثر في بعض الأحايين على علاقة المرأة مع زوجها، خاصة إذا انفتحت المرأة العاملة في علاقاتها مع الرجال من زملائها في أماكن العمل المغلقة، وما ينتج عنه من الاختلاط والخلوة.

فتدور حول عمل المرأة خارج البيت كثير من المغالطات والخلل في الكيفية التي يسير عليها، الأمر الذي يعود بالأثر السيئ على استقرار بيت الزوجية، سواء في العلاقة العاطفية بين الزوجين، أو من ناحية اهتمام ورعاية الأم العاملة لأولادها، وقد تزداد المشكلة تعقيداً لتصل حد الطلاق وانحلال مؤسسة الأسرة، فيضيع الأولاد بين سؤال لا يجد له القضاء حلاً عملياً: من الحاضن؟ ويبحث الزوج عن امرأة أخرى تعطيه الاستقرار المفقود.

ولذا فإن هذه الورقة تحاول النظر في مدى أثر عمل المرأة خارج بيتها على استقرار بيت الزوجية، وتتخذ الورقة المرأة الماليزية المسلمة حالة لدراسة هذه القضية، وذلك لانتشار ظاهرة عمل المرأة خارج بيتها في المجتمع الماليزي، للاستفادة من الحلول المطروحة لهذه المشكلة.

وقد اعتمدت في كتابة هذه الورقة ابتداء على المقابلة الشخصية والتحاور مع عدد من النساء العاملات معي في جامعة العلوم الإسلامية بماليزيا، وبعض العاملات في الجامعة العالمية الإسلامية ماليزيا، وبعض الموظفات في أماكن متفرقة، واللاتي يختلف مستواهن من حارسة إلى موظفة إدارية، إلى محاضرة ومعيدة ومدرسة، وطبيبة وممرضة، ومسؤولة كبيرة في الإدارة وقاضية الخ، ثم بعض السيدات ذوات الشهادات العالية والمتفرغات لتربية أولادهن، ثم اعتمدت على البحث المكتبي في الموضوع نفسه، من خلال دراسات علمية أكاديمية متخصصة، وإحصائيات حكومية، ومقالات في الجرائد والمجلات، وغيرها.



مفهوم عمل المرأة خارج البيت:
عرفت د/ كاميليا المرأة العاملة بأنها المرأة التي تعمل خارج المنزل وتحصل على أجر مقابل عملها، وهي التي تقوم بدورين أساسيين في الحياة دور ربة البيت ودور الموظفة[i].

والحقيقة أن هذا التعريف يكتنفه نوع من النقص، على اعتبار أنه لم يعتبر وظيفة المرأة داخل بيتها عملا، فالمرأة عموما والمسلمة خصوصا تؤدي جميع أعمال البيت عن رضا كامل من تنظيف وطبخ والأهم من ذلك تربية الأولاد.

فهل لأن عمل داخل البيت لا يوجد فيه دخل قد يخرجه عن مفهوم العمل السائد (مقابل أجر)؟

لذا فإنني في ورقتي هذه قيّدت العمل بـ: خارج البيت، حتى يتراءى للقارئ أنني أعتبر الأعمال البيتية أحد أنواع العمل والوظيفة، وليس بالضرورة أن العمل هو ما يتقاضى عنه الإنسان مقابلا وأجرا.

فالمقصود من عمل المرأة خارج البيت، هو التحاقها بأحد مراكز العمل الحكومية منها أو الخاصة، في أوقات محددة باليوم أو الأسبوع نظير مبلغ مالي معين ومحدد قابل للزيادة.

وهنا أخصص ماليزيا بالذكر في تعداد بعض القطاعات التي تشتغل بها المرأة، ومنها ما تنفرد به المرأة الماليزية، فإذا كان عمل المرأة خارج بيتها في المصانع بأنواعها، وفي مجال التعليم على مستوياته المتعددة، وخروجها في الريف للزراعة، وعملها في المحلات التجارية كمسوق أو بائع، وغيرها مما ورد ذكره في (خطط ماليزيا السادسة 1991م/1995م)[ii] إلا أن ما يتميز به المجتمع الماليزي هو عمل المرأة بالقرب من بيتها، سواء في تحضيرها للطعام وبيعه جاهزا للعمال والموظفين، أو بيعها للجرائد والأزهار، وهذا النوع من العمل أرى أنه عمل مميز لا يحتاج من المرأة أن تغيب عن بيتها مدة طويلة، وإنما هو عمل محدد بوقت خروج العمال وتلاميذ المدارس طلبا للوجبات الخفيفة، أو الصبيحة الباكرة، ويحدث أن تتقاسم الجارات محل العمل نفسه، بحيث تبيع إحداهن في الصبيحة والأخرى ظهرا وأخرى مساءً.



دواعي عمل المرأة خارج البيت عموماً وفي ماليزيا خصوصاً:

تتزايد من سنة لأخرى نسبة النساء العاملات خارج البيت، إذ استعضن بالعمل الخارجي العمل الفطري للمرأة داخل بيتها، هذه الوظيفة التي عرفت قديما وما زالت المرأة مُطالبة بأدائها على اعتبار أنها الوظيفة الطبيعية الفطرية التي جبلت عليها، وعلى اعتبار أيضاً أنها وظيفتها الأساسية، في حين "أن عملها خارج البيت هو استثناء من الأصل الذي يقضي بمقامها في بيتها للتصدي للرسالة المقدسة، والوظيفة الخطيرة التي كلفت بحملها"[iii].

غير أن تداعيات التطور الحادث في المجتمع كان له الأثر البارز في خروج المرأة للعمل، فبعد أن كان هذا الخروج مقترناً بالضرورة والحاجة الداعية إليه عند فقد المعيل ورب الأسرة، أصبح في الوقت الحاضر هو نفسه الضرورة، خاصة بعد أخذ المرأة كفايتها وحظها من التعليم، والتعليم العالي بالخصوص، وبعد أن أصبح التعليم إلزامياً، "فحصول النساء على مؤهل علمي قد أدى إلى تحسين فرص التوظيف لهن"[iv]، وهذا هو السبب الأول الداعي لعمل المرأة.

أما السبب الثاني فهو غلاء المعيشة الذي استلزم عمل الزوجين معاً لأجل تدبير أمور الحياة المعيشية لهما ولأبنائهما، ولعائلتيهما (والديهما) من ذوي الدخل المنخفض، وهذا العمل بدوره يساعد المرأة على الاشتراك والانخراط في الجمعيات التعاونية بمقدار مالي محدد لكل شهر، وهو الأمر الذي يساعدها في التوفير بطريق غير مباشر لصرفه في الوقت المناسب، وفي هذا المجال أصبح العمل ضرورة ملحة يقتضيها هذا الزمن.

وقد أقام قسم استقصاء السكان والأسرة بماليزيا بحثاً عن كيفية إيجاد فرص العمل ومجالاتها، ومن أهم النتائج التي توصل إليها هذا البحث أن أكثر النساء الماليزيات يدخلن سوق العمل سواء قبل أو بعد الزواج بناء على دواعي مادية، وهذا يتضح حينما نعلم أن أكثر النساء غير المتزوجات يعملن أساساً لمساعدة أُسرهن خاصة عند فقد العائل أو عجزه، أما المتزوجات فأكثرهن يعملن ليحصلن على زيادة في دخل الأسرة[v].

وأما السبب الثالث فيتمثل في دور المؤسسات السياسية والاقتصادية التي كفلت فرص العمل، والدعوة إلى خروج المرأة للعمل بغرض ترقية مستواها ومساهمتها في التنمية الاقتصادية لبلدها. فبالنسبة للنموذج الماليزي هنا، وحسب التعداد السكاني لعام 2000م فإن الكثافة السكانية كانت قرابة 23 مليون نسمة. ومعدل النساء يقارب 50% أي حوالي نصف السكان، "فالنساء هن المصادر البشرية للبلد، وبإمكاننا وعلينا الاعتماد على الطاقة النسوية لمؤازرة الدولة لتصبح صناعية ومتطورة"[vi].

وفي الوقت الراهن فإن نسبة النساء في القوى العاملة هي 47% بينما نسبة الرجال 84% والمسألة ليست زيادة نسبة عدد النساء في القوى العاملة وإنما تعزيز مكانة المرأة في القوى العاملة)[vii].

وقد توجد أسباب أخرى غير مباشرة أو أسباب ثانوية تستدعي خروج المرأة للعمل مثل الإحساس بالملل والكآبة داخل البيت! خاصة وإذا كانت المرأة قد أخذت قسطا عاليا من الدراسة والتكوين المهني، فترى أن الزواج وإنجاب الأولاد قد حطم مستقبلها وضيّع آمالها في تحقيق طموحاتها في أن تكون مدرسة أو مهندسة أو طبيبة أو موظفة، وتنسى أو تتجاهل أن تعليمها لم يكن المقصد الأساس منه هو التوظيف، إنما المقصود منه تثقيف المرأة وتوعيتها لأجل أداء دورها الفطري وهو تربية الأولاد بغرض إنتاج جيل واع! "ولكن الصناعة والتعليم الأفضل والمؤهلات سحبت المرأة لمشاركة القوى العالمة، ولهذا تأثير على الحياة الأسرية"[viii].

وهذا من جانب إضافة إلى جانب آخر لم أره إلا في المجتمع الماليزي ومن خلال تعاملاتي اليومية مع بعض السيدات الكبيرات في السن (ممرضات، حارسات، طباخات، عاملات تنظيف)، فحينما أسألهن عن سبب الخروج للعمل وتفضيله عن البقاء في البيت، يجمعن كلهن على أن السبب هو الإحساس بالملل والفراغ بسبب خروج الأبناء والزوج للعمل أو الدراسة، ويجدر التنبيه أن أكثرهن كن عاملات ووصلن لسن التقاعد، وهذا يعني أن لديهن معاش التقاعد، فليس السبب إذن في خروجهن هو كسب المال بل الإحساس بالملل والفراغ والكآبة، في زمن لم يعد فيه وجود للعائلات الممتدة، إذ حلت الأسر النووية محلها، وضاعت في زحمة الحياة الروابط الاجتماعية!!



آثار عمل المرأة خارج البيت



الآثار الإيجابية: (المساعدة في تنمية الوطن، المساهمة في زيادة الدخل، المشاركة في الأعباء المالية للزوج).



المساعدة في تنمية الوطن:

تشير (خطة التنمية الماليزية السابعة، 1996م/2000م) إلى أن نسبة خروج النساء للعمل خارج البيوت زادت من 30.8% في عام 1957م إلى 47.1% لعام 1995م، بغرض المشاركة في تنمية الموارد الاقتصادية لماليزيا بعد الاستقلال، "والجدير بالذكر أن النساء الماليزيات قد خرجن من المنزل ليشاركن الرجل في ميادين الأعمال العامة ليس بناءً على تقليد المرأة الأوروبية والتشبه بها"[ix]. إلا أن التحديث والتطور الإنتاجي في ماليزيا ومشروع رؤية 2020م، أدى إلى زيادة الطلب على اليد العاملة، وبدأت المرأة الماليزية تشارك في مختلف النشاطات الاقتصادية والاجتماعية، زراعيا، وصناعيا، وفي قطاع الخدمات التعليمية والإدارية، وذلك لحاجات التنمية الوطنية إلى مهاراتها، وخبرتها، وجهدها[x].



المساهمة في زيادة الدخل:

مشاركة المرأة الماليزية بشكل واسع في جميع أنواع مجالات وقطاعات العمل أدى إلى زيادة حركة التنمية وتوجيهها نحو الأفضل، وهو ما تبيّنه تقارير قسم التخطيط الماليزي والتي دلت على ارتفاع الدخل لا سيما في السنوات الأخيرة، في المدن والأرياف على السواء.

ويوضح أحد التقارير ما يلي: "أن مقدار النفقات المعيشية الشهرية في المدن في تزايد مستمر من 1.406 رنغيت خلال سنوات 1993م/ 1994م إلى 1.942 رنغيت خلال سنة 1998م/1999م، أما بالنسبة لمقدار النفقات المعيشية الشهرية في القرى فإنه كذلك ارتفع من 854 رنغيت إلى 1.270 رنغيت خلال السنة نفسها"[xi].



المشاركة في الأعباء المالية للزوج:

مما لا شك فيه أن عمل المرأة خارج البيت أصبح يشكل دعما اقتصاديا قويا للأسرة، في ظل غلاء المعيشة وهو السبب الثاني من دواعي خروج المرأة للعمل خارج البيت.
فإن متطلبات الحياة اليومية زادت وتطورت في ظل النظام الرأسمالي بالذات[xii]. وبالتالي أصبح عمل المرأة مهما إلى حد كبير إلى جانب عمل زوجها في توفير النفقات اليومية للأسرة.
وإن كان الأصل أن الزوج هو الذي يتحمل نفقات البيت الأصلية كاملة؛ إلا أن الزوجة تتحمل النفقات الإضافية من باب التطوع منها على ذلك، كما أنه يزيد من المودة والرحمة بين الزوجين في كل الظروف والأحوال[xiii].


الآثار السلبية لعمل المرأة خارج البيت:

لعمل المرأة خارج البيت –بجانب الآثار الإيجابية- آثار سلبية عديدة قد تفوق في خطورتها وأهمية الاهتمام بها الآثار الإيجابية، وقد ارتأيت، عند تركيزي على حالة ماليزيا، أن أنظر إلى الآثار السلبية من خلال زاويتين؛

أولهما الآثار السلبية العائدة على مكونات الأسرة الثلاثة؛ الأب (الزوج) والأم (المرأة)، والأولاد، ولذلك فإني قسمتها إلى آثار عائدة على الأولاد، وآثار عائدة على المرأة، وآثار عائدة على الزوج.

أما ثانيهما فهو الأخطر من بين كل الآثار وهو الطلاق، ذلك أنه يهز أركان الأسرة ويشتتها وينهي البناء الأسري ويفرق أفرادها.


أولا: الآثار العائدة على الأولاد:
عادة ما تخرج المرأة للعمل تاركة وراءها أولادا، وفي كثير من الأحيان والديها أو أحدهما؛ الأمر الذي يتطلب منها تدبير شؤونها التي تركتها وراءها، فهي إما ترسل أولادها إلى الحضانة وإما تجلب خادمة تساعدها، كما أنها تضطر في أحيان كثيرة لإحضار خادمة أخرى لوالديها العاجزين.
كما وأنه عادة ما يكون مكان العمل بعيدا مما يستلزم الخروج المبكر للحصول على وسيلة النقل، خاصة أن المصانع عادة ما تكون خارج المدينة السكنية، الأمر الذي ينتج عنه بقاؤها خارج البيت لمدة تزيد على 12 ساعة أو أقل بقليل فقط، ومنه سيبقى الأولاد بدون أمهم كل هذه المدة وهو أمر ليس هيّنا.

إن الطفل لا يحتاج فقط إلى من يوفر له أمور وحاجيات الأكل والنظافة والنوم فقط وهو الدور الذي يمكن أن تؤديه أي خادمة أو حضانة ولكن الطفل يحتاج ضمن الأمور السابقة الذكر الحنان وعاطفة الأمومة التي لا يمكن للخادمة مهما أوتيت من ثقة وأمانة وحنان أن تعطيها له؛ لأن هذا الطفل أجيرها فقط، وهي تعمل كأي عامل يؤدي عمله على حسب ما يساويه الأجر فقط، ولا يمكن لعاطفة الأمومة أن تُباع أو تُستعار أو تكتسب لأنها فطرة الله التي فطرها الأم عندما حملت جنينها ووضعته وليدا وألقمته بعد ذلك صدرها.

ناهيك عن الأطفال وهم في سن المراهقة، وهم في سن الشباب...

ثانياً: الآثار العائدة على المرأة نفسها:

إن المرأة العاملة وبسبب كثرة وتعدد المسؤوليات الملقاة على عاتقها، فإنها تُصاب بالإرهاق المؤدي إلى الضغط النفسي[xiv]، فإذا ما أدت عملها خارج البيت بكل جهدها وبإتقان فإنه سيرجع بالعكس على أولادها ومسؤولياتها تجاه زوجها خصوصا، ثم بيتها عموما، فلا تقدر على الأداء الجيد لأنها مجهدة ومرهقة، وبالتالي غير قادرة على الوفاء بالتزاماتها البيتية، وإذا ما حدث العكس فإن عملها خارج البيت سيتأثر بتأخرها وكثرة غيابها أو بخروجها المبكر من محل العمل.. إلخ.

والأدهى والأمر من هذا كله هو الإرهاق وضغط الأعصاب الذي يلاحقها في بيتها ومكان عملها، بين ثنائية الصراع (الاستقرار والبقاء إلى جنب أبنائها ترعاهم وتقوم على تدبير شؤونهم، أو إغراء العمل خارج البيت تحقيقاً للذات وكسباً للمال وجرياً وراء مغريات الحياة).

وهكذا تجد المرأة نفسها في دوامة صراع يومية، بين العمل خارج البيت وبين مسؤولياتها تجاه أولادها (تربيتهم، رعايتهم، مساعدتهم في دروسهم)، وبين زوج يريد زوجة حنونا تلطف له جو الحياة المشحون والمضغوط، وبين بيت يحتاج إلى تنظيف وووو...



ثالثا: الآثار العائدة على الزوج:

عمل المرأة خارج البيت وما يترتب عليه من آثار (على الأولاد وعلى الزوجة نفسها)، كما سبقت الإشارة إليه، تؤثر على نفسية الزوج بالسلب وربما إلى حد الإرهاق النفسي أحياناً أخرى[xv]، حين يرى أولاده ضائعين بين خادمة عديمة الإحساس، تائهين بين تلفزيون أو ألعاب فيديو مخدرين لا يهتمون لما يدور حولهم، وهذا هو الأثر الأول.

أما الثاني فهو إهمال شؤون البيت وإهمال المرأة نفسها مما يبعث في نفس الرجل بالملل في الحياة اليومية الروتينية مع زوجة عاملة لا تهتم بنفسها في البيت بقدر ما تهتم بزينتها للخروج للعمل.

وأخيراً حين يرى زوجته العاملة المرهقة تعبة من عملها، تزيدها أعباء ومسؤوليات البيت إرهاقاً، يدخل هو أيضاً في دوامة، ففي خضم هذه الأجواء لا يجد لنفسه مقاماً، ويتحرج أن يبوح باحتياجاته النفسية.

رابعا: الطلاق

وهو جوهر البحث ولبه، وهو كما أسلفنا أخطر الآثار المترتبة على عمل المرأة خارج البيت بما له من خطورة إنهاء كيان مؤسسة الأسرة، ولذلك فإن هذه الورقة تعطيه عناية خاصة وتربطه بحالة ماليزيا خاصة.



نظرة عامة حول ارتفاع نسبة الطلاق:

تشهد الآونة الأخيرة صعوداً متتالياً في نسبة الطلاق في المجتمع الإسلامي والذي نحن بصدد أخذه محور الدراسة، وهذه ثلاثة أمثلة من دول إسلامية متباعدة في الموقع الجغرافي وهي (المغرب- الكويت- ماليزيا).

حيث يرى باحثون اجتماعيون في المغرب أن: "ثلث الزيجات التي ترتبط في فصل الصيف تنتهي بالطلاق قبل فصل الشتاء، حسب المصادر الرسمية، التي تؤكد أن أكثر من نصف أزواج صيف 2000م طُلقوا قبل حلول صيف 2001م، بل إن نسبة 70% من الزيجات لا تبلغ السنة الثالثة لارتباطها، علماً بأن جزءًا من البيوت لا تضمن استمرارها سوى بتحمل أحد الطرفين[xvi].

وأما عن الكويت فإن رئيسة مكتب الاستشارات الأسرية تورد أهم أسباب الطلاق في المجتمع الكويتي: الاختيار الخاطئ، وزواج المصالح، عدم المصارحة بين الزوجين، وزواج البدل، وعدم نضج أحد الزوجين لتحمل مسؤوليات الأسرة وهذا فيما يخص الزواج في السنوات الخمس الأولى، أما الطلاق الذي يتم بعد فترة تتجاوز العشر سنوات فإن الأسباب تختلف وهي: إهمال الزوجة لنفسها، هجر الزوج لبيته واستقلاله بحياته، اختلال الأدوار بتحمل أحد الزوجين أكثر من طاقته، وأخيراً الزواج الثاني للزوج[xvii].

أما عن نسبة الطلاق في ماليزيا فهي في تزايد مستمر عكس الزواج الذي أخذ في النقصان، وهذا مثال لإحدى الولايات الماليزية هي مدينة (سلانجور)، إذ تدل مثلاً إحصائيات سنة 2000م أن عدد الزيجات هي 9597، وفي عام 2001م وصلت 10990، أما سنة 2002م (من شهر يناير حتى مايو) 144 زواجاً فقط، أي بمعدل 172 حالة زواج في الشهر الواحد[xviii].

ويقابلها من الناحية الأخرى إحصائيات الطلاق للسنوات نفسها، 2075، 1878، 2642 على الترتيب السابق للسنوات، وإذا ما قورنت بإحصائيات السنوات التي قبلها مثل 1990- 1994م، فإن الإحصائيات كالآتي: 918-1264-460-937-1318[xix].

وفيما يتعلق بإحصائيات عام 2003م (الإحصاء الأخير بين يونيو ويوليو وسبتمبر حسب كل ولاية) لبعض الولايات الماليزية مجتمعة هي (قدح- بيرك- سيلنجور- نقري سنبيلان- ملاكا- باهنج- سرواك) فإن إحصائيات الزواج 29518؛ وفي المقابل فإن إحصائيات الطلاق كانت 4507 حالة (تنقص منها ولاية باهنج)[xx].

وأما الأسباب[xxi] فهي تدور بين العوامل الداخلية مثل الخصام الدائم والقلق الذي يعيشه أحد الزوجين، وعدم الالتزام بتعاليم الدين، وأما العوامل الخارجية فتتمثل في عمل المرأة، ومشاركتها في الأنشطة الخارجية، والتعدد وتدخل الطرف الثالث (الأم، الأخت ومن غير أفراد العائلة)، وعدم عمل الزوج، وعموماً المشاكل المالية[xxii]. كما أن نسبة الطلاق أكثر ما تكون بين المتزوجين الجدد وهم في مقتبل العمر (20-30 سنة) وبعد مرور عامين فقط من الزواج[xxiii].







--------------------------------------------------------------------------------

[i] - عبد الفتاح، كاميليا إبرهيم، سيكولوجية المرأة العاملة، (بيروت: دار النهضة العربية، 1404هـ/ 1983م)، ص110.

[ii] - كما يبيّنه الملحق رقم (1).

[iii] - محمد عقلة، نظام الأسرة في الإسلام، (عمان: مؤسسة الرسالة الحديثة، ط2، 1420هـ/2000م )، ج2/ ص277.

[iv] - نور الفضيلة بنت عبد الرحمن، عمل المرأة بين الفقه الإسلامي والقانون الماليزي، رسالة ماجستير غير منشورة، أكتوبر 2003م، الجامعة الإسلامية العالمية ماليزيا، ص53.

[v] - وفي أهم دوافع عمل المرأة الماليزية كتب الأستاذ عبد الحميد أرشاد ورقة عمل بعنوان: "المرأة وتقدم البلاد"، قدمت لمؤتمر"المرأة، الأسرة والعمل" الذي أقامته جامعة ملايا، 9 يونيو 1988م. بحيث قسّم دوافع عمل المرأة إلى قسمين اعتبارا بدوافع المرأة المتزوجة، ثم دوافع المرأة العازبة أو الفتاة، وجملة الأسباب والدوافع كانت 14 دافعا حسب الباحث،

ص8-10.

[vi] - أ/د خليجة محمد صالح، دور المرأة المسلمة في مواجهة تحديات العولمة، ورقة العمل رقم 15 في ملتقى العلماء العالمي، (بوترا جايا، 10-12 يوليو 2003م)، ص4.

[vii] - د/زليها بنت قمر الدين/ ريحانة بنت عبد الله، تحرير المرأة في القرن 21: الإسلام كنموذج للكفاح، ورقة العمل رقم 14 في ملتقى العلماء العالمي، (بوترا جايا، 10-12 يوليو 2003م)، ص23.

[viii] - خليجة، ص5.

[ix] - نور الفضيلة، ص 35.

[x]- Noraini Mohd Noor, Work, Family and Women's Well-Being: Challenges of Contemporary Malaysian Women, (Kuala Lumpur: International Islamic University Malaysia Press, 2003), p. 31.

[xi] - Buku Tahunan Perangkaan Malaysia, (KL: JPM), p 27. خطط ماليزيا، عام 2000م

[xii] - انظر الملحق رقم (2).

[xiii] - عبد الحليم أبو شقة، تحرير المرأة في عصر الرسالة، (الكويت: دار القلم، 1410هـ/ 1990م)، ج1/ ص366.

[xiv]- Noraini, P.19.

[xv] Noraini, p. 25.

[xvi] - العنوسة في المغرب العربي ... الأسباب والنتائج، الشبكة الإسلامية (islamweb.net)، الثلاثاء، 08/10/2002.

[xvii] - مجلة اليقظة (الكويتية)، العدد 1615/ 11-17 فبراير 200م، ص47.

[xviii] - انظر الملحق رقم (3)، المرجع: وحدة قانون الأسرة JAIS.

[xix] - الجريدة اليومية الماليزية : أوتوسان 5/جانفي/2004م {الملحق رقم (4)}؛ انظر الملحق رقم (3) أيضا.

[xx] - انظر الملحق رقم (5)، المرجع: وزارة الشؤون الاجتماعية.

[xxi] - انظر الملحق رقم (6)، الذي استقصت فيه أحد المحاكم الشرعية في ماليزيا أسباب الطلاق.

[xxii] - Mohamad Hanafiah Bin Ahmad, Factors of Divorce in Gomab Timur District; Case Study from January To September 2002, Islamic University College of Malaysia, 2003, p. 53.





د.فالح العمره 06-04-2005 12:05 PM

قالوا في عمل المرأة

في مقال للكاتبة الأمريكية (فيليس ماكجنلي) بعنوان (البيت.. مملكة المرأة بدون منازع) تقول: (وهل نعد نحن النساء ـ بعد أن نلنا حريتنا أخيراً ـ خائنات لجنسنا إذا ارتددنا لدورنا القديم في البيوت؟ وتجيب على هذا التساؤل بقولها:

(إن لي آراء حاسمة في هذه النقطة، فإنني أصر على أن للنساء اكثر من حق في البقاء كربات بيوت، وإنني أقدر مهنتنا وأهميتها في الحقل البشري إلى حد أني أراها كافية لأن تملأ الحياة والقلب).

(وإذا قيل لنا على نحو تعسّفي: إن من واجبنا أن نعمل في أي مكان غير المنزل، فهذا لغو زائف، فإنه لا يوجد عمل يستحق أن يمزق شمل الأسرة من أجله)(1).

أما الكاتب الانكليزي الساخر برنارد شو فيقول في هذا الموضوع:

(أما العمل الذي تنهض به النساء.. العمل الذي لا يمكن الاستغناء عنه.. العمل الذي لا يمكن الاستعاضة عنه بشيء آخر.. فهو حمل الأجنّة، وولادتهم، وإرضاعهم، وتدبير البيوت من أجلهم، ولكن النساء لا يؤجرن عليه بأموال نقديّة وهذا ما جعل الكثير من الحمقى ينسون أنه عمل، على الاطلاق.. فإذا تحدّثوا عن العمل جاء ذكر الرجل على لسانهم، وأنه هو الكادح وراء الرزق.. الساعي المجهد وراء لقمة العيش وما إلى ذلك من الاوصاف التي يخلعونها عليه في جهل وافتراء.. إلا أن المرأة تعمل في البيت. وكان عملها في البيت هذا منذ الأزل، عملاً ضرورياً وحيوياً لبقاء المجتمع ووجوده. بينما يشغل الملايين من الرجال أنفسهم ويبدّدون أعمارهم في كثير من الأعمال التافهة.. ولعل عذرهم الوحيد في قيامهم بتلك الأعمال: أنّهم يعولون بها زوجاتهم اللاتي لا يمكن الاستغناء عنهن.. وهم بذلـــك القول مــغرورون... وهــــم لا يريـــدون أن يفهموا.. أن عملـــهم وعملهن ســـواء.. )(2).

القول في عمل المرأة لمساعدة من يعولها أو أطفالها

فالتبرير على ما يذهبون إليه يحمل تسليماً بالعلّة، أو استسلاماً لها، واكتفاءاً بعلاج أثرها لا علاجها هي.. وهو واضح البطلان.

فمما يذكر بهذا الصدد أن عدالة الإسلام جعلت حقاً في بيت المال لمحدودي الدخل يغطي نفقة من يعول، وذلك قوله تعالى: (وفي أموالهم حق للسائل والمحروم)(3).

فقال العلماء: إن المحروم، هو المحارف الذي لا يكسب ما يكفيه.. ويجعل من لا عائل لها صغيرة كانت أم كبيرة في كفالة ولي الأمر ببيت المال، لأن صفة الانوثة في الإسلام من صفات العجز عن الكسب..

ويجعل اليتيم الذي لا مال له في كفالة ولي الأمر أيضا، بصفته قيّم بيت المال إلى أن يستغني بالعمل، وذلك قوله (ص): (ما من مؤمن إلا وأنا أولى الناس به في الدنيا والآخرة اقرءوا إن شئتم: (النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم)(4) فأيّما مؤمن ترك ما لاً فلورثته.. وإن ترك ديناً أو ضيّاعاً، فليأتني، فأنا مولاه)(5) والضيّاع: هم العاجزون عن الكسب.

وإذا كان ذلك هو سنة المجتمعات، وعلامة الصحة فيها، فأولى في منطق العلاج أن يرد المجتمع إلى سننه الأولى، لا أن يبقى الفساد ثم يسام الضعفاء حمل آثاره(6).

عمل المرأة في منظار الإسلام

لقد ضمن الإسلام للمرأة حياة السعادة والتقدم إن هي التزمت خط الإيمان، وسلكت طريق العمل الصالح كالرجل تماماً: (من عمل صالحاً من ذكر أو انثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة)(7).

وأي عمل تقوم به المرأة لله تعالى فلا ينكر لها جزاؤه وثوابه، فعمل المرأة محترم كعمل الرجل عند الله لأنهما من مصدر واحد وعلى مستوى واحد:

(فاستجاب لهم ربهم إني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض)(8).

والمرأة شريكة الرجل في الجنة كما هي شريكته في دار الدنيا:

(ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو انثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنّة)(9) (10).

الفوارق الفسلجية بين المرأة والرجل

يقول الدكتور الكسيس كاريل، الحائز على جائزة نوبل في العلوم، متحدّثاً عن طبيعة مكوّنات المرأة وتأثيرها على عملها:

(إن الأمور التي تفرق بين الرجل والمرأة لا تتحدّد في الأشكال الخاصة بأعضائها التناسلية ولا تتحدّد أيضا في اختلاف تربيتها، وإنما تتحدّد بسبب أعمق من ذلك، لأن هذه الفوارق هي ذات طبيعة اساسية تنشأ من اختلاف نوعية الأنسجة في جسم كل من الرجل والمرأة، فالمرأة تحمل في كل جزئ من جسدها، تأثير المواد الكيمياوية ومفرزات الغدد التناسلية والذين ينادون بالمساواة بين الرجل والمرأة ويدعون إلى توحيد نوعية التربية والتعليم والوظائف بينهما، يجهلون جهلاً كاملاً هذه الفوارق، وهي فوارق اساسية من غير ترديد، لأن المرأة في الواقع تختلف عن الرجل كل الاختلاف فكل خلية من جسمها تحمل طابعاً خاصاً هو الطابع الأنثوي، وهكذا تكون أعضاؤها المختلفة، بل وأكثر من ذلك هو حال نظامها العصبي. ويضيف قائلاً: إن قوانين وظائف الأعضاء محددة ومنضبطة كقوانين الفلك والرياضيات، ولا يمكن إحداث أي تغيير فيها بمجرّد أن الأمنيات البشريّة تريد هذا التغيير، وعلينا أن نسلم بها كما هي، دون أن نسعى إلى ما هو غير طبيعي. فعلى النساء أن يقمن بتنمية مواهبهن بناء على طبيعتهن الفطرية، وأن يبتعدن عن تقليد الرجال تقليداً أعمى، فدورهن في تقدم الحضارة أعلى من دور الرجال، ولا يجوز لهن أن يتخلين عنه(11).

القول بقبح عمل المرأة

تقول خبيرة الجنس الفرنسية ذائعة الصيت: هيلين ميشال، موجهة كلامها إلى بنات جنسها: إذا أغروك بالعمل في المصنع والعمل بشكل سافر، حيث يوفر لك قدر أكبر من المال الخاص لشراء حاجيات الأولاد، وحاجياتك أنت. فلا تصدّقيهم.

إن المقصود ليس حصولك على المال، فهذا الأمر لا يهم الآخرين، ولكن المقصود حصولهم عليك. تذكّري: إن 80% من العاملات في المصانع والمعامل في الولايات المتحدة يشعرن بقرف شديد من العمل، لقد اكتشفن الحقيقة.

وتذكّري أيضا: إن الحرية، والتقدم الاقتصادي، والمراكز العالمية التي حصلت عليها المرأة في فرنسا، لم تمنع عنها المشاكل الحادة، ولم تحسّن وضعها، ولم تجعل منها النصف الملائم لقيادة سفينة الحياة(12).

المرأة في صدر الإسلام

أما بالنسبة إلى عمل المرأة في شرعنا، فالإسلام لا ينهى المرأة عن أي عمل، فلا يقول الإسلام إن من المحرمات على المرأة أن تصبح عاملة، أو مزارعة، أو تاجرة، فمن حق المرأة أن تقوم بما يقوم به الرجل في العمل والزراعة والتجارة شريطة أمر واحد هو (الحشمة) والحفاظ على كيانها كانسانة. فالإسلام ينهى عن التعرّي، والكشف عن أنوثة المرأة، ولا ينهى عن العمل، وكلنا نعرف أن خديجة بنت خويلد عليها السلام كانت صاحبة أملاك، وكانت تاجرة كبيرة، وتعرّفها على رسول الله (ص) كان عن طريق تجارتها، حيث عمل النبي (ص) لديها. فالمرأة تستطيع أن تعمل إذا استطاعت أن تحافظ في عملها على الحجاب أو لم تختلط بالرجال الاجانب، لأنها في غير هذه الصورة تتحول إلى متعة وجنس للرجال(13).

يقول الحديث الشريف (كل شيء لك حلال حتى تعرف أنه حرام) ففي عهد رسول الله (ص) كانت المرأة تعمل، تشتغل، وقد أوصى النبي (ص) المرأة أن تشتغل في الحياكة، حيث قال: (علموهنّ المغزل).

فإذا حافظت المرأة على (الحشمة المطلوبة) فلا مانع من أن تتوظف، أو تشتغل في أي مكان. إن الإسلام يوجب العمل على الرجل، ولا يوجبه على المرأة، وذلك لسبب بسيط، هو أن المرأة لا تتحمل عمل الرجل، فهي تعيش من ثلاثة أيام إلى عشرة أيام كل شهر مريضة، جسمياً ونفسياً وهي أيام العادة الشهرية، وتكون ثقيلة الحركة في أيام الحمل، وتكون مرتبطة بالولد في أيام الرضاع... وهكذا فكيف نستطيع أن نوجب عليها العمل في مثل هذه الحالات؟ هل نعطيها رخصة؟ هذا غير سليم لأن المرأة في حالة العادة لا تكون طريحة الفراش، ولكنها تكون مريضة جسميّاً وعلى الأقل تكون (حساسة) تجاه ما يقال لها أو يسلك تجاهها.

فهل يعقل أن نترك معملاً ضخماً أو شيئاً من هذا القبيل على عاتق امرأة حساسة تثور لأية كلمة مثلاً، أو تتحملها، وتتعقد عليها.

فالتغيرات الفسيولوجية في جسم المرأة، تصحبها تغييرات سيكولوجية تجعلها تشعر أيام العادة بالحساسية والكآبة وتكون سريعة التأثر لأقل شيء من أقربائها فكيف بالغرباء عنها(14).

المرأة خارج البيت

في قوله تعالى (لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن)(15).

قال القرطبي: (ليس للزوج أن يخرجها من مسكن الزوجية، ولا يجوز لها الخروج إلا لضرورة ظاهرة)(16) فالآية نزلت في المعتدّة ولكن حكمها يسري على الزوجة.

قال ابن عربي: قال مالك: (ولا تخرج المعتدة دائماً، وإنما أذن لها في الخروج إن احتاجت إليه، وإنما يكون خروجها في العدّة كخروجها في الزواج، لأن العدّة فرع الزواج)(17) وقد لاحظ أئمة التفسير والفقه أن البيوت مضافة إلى ضمير النسوة في قوله تعالى: (لا تخرجوهن من بيوتهن) وفي قوله (واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة...)(18) وقوله تعالى (وقرن في بيوتكن...)(19) مع أن البيوت للأزواج لا لهن، وخرجوا من ذلك بأنها ليست إضافة (تمليك) بل إضافة (إسكان) تقرّرت لاستمرار لزوم المرأة البيت ـ إلا لحاجة ـ حتى أضيف إليها(20).

والإسكان هو الزام بالاقامة، يقول الكاساني: (ومنها ـ أي من الأحكام التي تترتب على عقد الزواج ـ صيرورتها ممنوعة عن الخروج والبروز لقوله تعالى (اسكنوهن) والأمر بالاسكان نهي عن البروز إذ الأمر بالشيء نهي عن ضدّه، ولقوله عز وجل: (لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن) ولأنها لو لم تكن ممنوعة من الخروج والبروز لاختل السكن، والنسب)(21). فالمقرر في الفطرة وفي الشرع: أن البقاء في المنزل هو الاصل. وأن الخروج منه هو الفرع. والرسول (ص) يقول:

(لا تمنعوا نساءكم المساجد، وبيوتهنّ خير لهن)(22).

فالشرع يجيز للمرأة أن تخرج لأداء العبادة في المساجد، ولكنه يرى اداءها لها في البيت خير لها. وذلك لتجنّب الفتنة والعوارض، ولكفالة الاستقرار، وجعل المرأة متفرغة لمهمتها.

وقد ثبت أن النساء كنّ يخرجن باذن رسول الله (ص) مع الجيش لخدمة الرجال، وتمريض الجرحى، والقيام بأعمال الاسعاف، فقد روي عن الربيع بنت معوذ، قالت: كنا نغزو مع رسول الله نسقي القوم، ونخدمهم، ونردّ القتلى والجرحى إلى المدينة)(23).

وفي سؤال لاحدهم لسماحة السيد محمد الحسيني الشيرازي (دام ظله) في خصوص هذا الموضوع وهو: إن هناك من يعتقد أن الإسلام قسّم أدوار الزوجين بين أن يتحمّل الزوج ما يرتبط بخارج البيت من الكد وجلب الحاجيات المنزلية، وبين أن تتحمّل الزوجة ما يرتبط بداخل البيت من الطبخ والكنس والاهتمام بالأطفال... فهل ترون هذا التقسيم من الاسلام؟ فكان جوابه (دام ظله): نعم، لكن دور المرأة على سبيل الاستحباب(24).

مسؤولية المرأة الرسالية


إن الدور والواجب على المرأة الرسالية أداؤه، ليس هدّية يقدّمها الرجل لها، فإذا امتنع من تقديمه فلا دور لها في الحياة، بل هو حق من حقوقها ومسؤولية من مسؤولياتها. وعليها أن تلتزم هذا الحق وتمارس هذه المسؤولية، وإلا فلن يشفع لها أمام الله والتاريخ أن تعتذر بأن الرجال لم يتركوا لها واجباً أو لم يقدموا لها دوراً.


ومن هنا كان واجباً عليها أن تعتني بنفسها لرفع مستواها الفكري، والسياسي، والثقافي والديني والعلمي، والاقتداء بنماذج للمرأة المجاهدة من طراز المجاهدات الكبيرات، فاطمة الزهراء، وزينب الكبرى عليهما السلام.

فالمرأة يجب أن تسبق الرجل في تحمل المسؤولية، ذلك لأن المرأة تصل حدّ البلوغ الشرعي قبل الرجل بأربع سنوات، لذا عليها أن تسبق الرجل بأربع سنوات في العمل وأداء الواجب(25).

اختلاف تكوين المرأة عن الرجل

يمتلك كل من الرجل والمرأة مجموعة من الخصائص التي جاء العلم الحديث ليؤكدها بصورة قاطعة ومن وراءها تبرز الحكمة من ايجادها:

أولاً: القوّة الجسديّة: فالرجل في الأغلب أقوى جسدياً من المرأة، ومعدّل الطول عند الرجل أعلى منه عند النساء، ولعل أوضح الحكم في ذلك ايكال الأعمال الشاقة للرجال ومنها الأعمال المعاشيّة اليومية خارج البيت، وإذا جرى وشاركت امرأة ما في عمل شاق، فإن الاهتمام بذلك واشاعته اعلامياً دليل على صحة المقولة الأولى لأن الاستثناء يثبت القاعدة، وهو أمر طبيعي فيسترعي الاهتمام، ومن الطبيعي أنه لا يمكن القياس على الشاذ النادر الحاصل هنا وهناك.

ثانياً: الخشونة في البدن والسلوك: من المعروف أن الرجال يسمّون بالجنس الخشن، والنساء يسمّين بالجنس الناعم، فنظرة واحدة إلى كف رجل وامرأة يعطي السبب المعقول لهذه التسميات. وكذلك في السلوك فإن المرأة بحاجة إلى حنان مميز لتؤدي دورها في إضفاء البهجة على جو البيت ككل وتمنح الحب والطمأنينة للاطفال بالخصوص.

ثالثاً: الفروق العصبية: من المألوف أن تقف المرأة باكية خصوصاً عند حدوث الحوادث المحرجة مثل أخذ نتائج الامتحانات المدرسية، أو الدخول في نقاشات مع الآخرين، أو حصول حادث اصطدام بسيط مثلاً، وليس هذا عيباً أو نقصاً في المرأة كما يتصور أولاً، وإنما هي حالة ناتجة من الارتخاء العصبي الموجود لدى النساء والذي أثبته الطب الحديث. وهي خصيصة ضرورية لكي تتحمل المرأة آلام الحمل والولادة، ولكي تتحمل عصبياً كل أعمال التربية وضغوطات الأطفال المرهقة أو تلبي احتياجاتهم المتكررة التي تصل إلى حد الالحاح والازعاج. كما أن الارتخاء العصبي عند المرأة نعمة كبرى لكي تتجنّب حالات التوتر والتشنج عند الولادة التي تصل إلى حد الانهيار العصبي، ولذا فهي تحصل لنسبة قليلة من النساء عند الولادة.

أما الرجل فهو بحاجة إلى التماسك العصبي لمواجهة مشاكل الحياة بحزم وقوّة ولعل هذا هو السبب في تمكن الرجل من مجابهة مشكلات العمل اليومي والدخول في الكفاح البشري والخلاصة (فإن المرأة ريحانة وليست قهرمانة)(26).(27)

إذن أليس العدالة أن يؤدي كل كائن واجبه مستفيداً من مواهبه وخصائصه؟

وأليس خلاف العدالة أن تقوم المرأة باعمال لا تتناسب مع تكوينها الجسمي والروحي؟

من هنا نرى الإسلام ـ مع تأكيده على العدالة ـ يجعل الرجل مقدّماً في بعض الأمور مثل الإشراف على الأسرة.. ويدع للمرأة مكانة المساعد فيها.

فالعائلة والمجتمع بحاجة إلى مدير، ومسألة الإدارة في آخر مراحلها يجب أن تنتهي بشخص واحد، وإلا ساد الهرج والمرج. فمن المفضّل لهذه المسؤولية الرجل أم المرأة؟

كل الحسابات البعيدة عن التعصب تقول: إن الوضع التكويني للرجل يفرض أن تكون مسؤولية إدارة الأسرة بيده، والمرأة تعاونه، وإن كانت المزاعم تخالف ذلك ففي قوله تعالى (الرجال قوامون على النساء)(28) يعني: إن الرجل قيّم على المرأة فيما يجب لها عليه، فأمّا غير ذلك فلا، ويقال: هذا قيم المرأة وقوامها.

ولئن جعل الله ذلك للرجال، فلفضلهم في العلم، والتمييز، ولأنفاقهم أموالهم في المهور، وأقوات النساء(29).

أما الخلاص ففي الاكتفاء الذاتي للأسرة وهو أن يجعل الإنسان كسبه في بلده، فإنه لا تضيع عائلته ويكون هو القيم عليها، وقد ورد في ذلك روايات منها:

عن علي بن الحسين (ع): (إن من سعادة المرء أن يكون متجره في بلاده، ويكون خلطاؤه صالحين، ويكون له ولد يستعين بهم)(30).

وعن الصادق (ع)، قال: (ثلاثة من السعادة: الزوجة المؤاتية، والأولاد البارّون والرجل يرزق معيشته ببلده يغدو إلى أهله ويروح)(31).

فقه الحجاب في مسائل

وقد شرح السيد محمد الحسيني الشيرازي (دام ظله) جوانب من مسائل الحجاب في خروج المرأة من البيت ودخولها مجتمعات الرجال والمطالبة بحقها واسماع صوتها لهم، في تفصيل مدعم بمثال رائع للمرأة الإسلامية الحقّة ألا وهي الزهراء بنت الرسول (صلوات الله وسلامه عليهما) نذكرها هنا:

مسألة: (خروج المرأة من البيت)

يجوز بالمعنى الأعم خروج المرأة من البيت، سواء كانت متزوّجة أم غير متزوّجة، في الجملة: نعم، الفرق بين المتزوجة وغير المتزوجة: إن المتزوجة تستأذن زوجها في الخروج في غير الواجب منه، وغير المتزوجة تملك نفسها، فانه (ص) (نهى أن تخرج المرأة من بيتها بغير إذن زوجها)(32).(33)

مسألة: دخول المرأة في مجتمع الرجال

يجوز للمرأة أن تدخل في مكان قد اجتمع فيه الرجال، أو مع النساء، مع الحفاظ على الحجاب وسائر الشرائط. إذ الاصل: الاباحة ولا دليل على الحرمة، بل كان هذا في زمن رسول الله (ص) في مسجده، وفي أسفاره، وفي الحج، كما أنه كان في أيام الفقهاء الكبار، في مشاهد المعصومين (ع) وكذلك في القدس الشريف وغير ذلك. أما المحرّم منه، فهو الاختلاط بلا حجاب، أو ما أشبه ذلك مما أتى به الغرب إلى بلاد الإسلام واستقبله بعض من لا حريجة له في الدين(34).

مسألة: مطالبة المرأة بالحق

يجوز بالمعنى الأعم المطالبة بالحق، وكشف القناع عن ظلم الظالم حتى عند من لا يتاتى منه أي عمل، أو لا يعمل، ويشمله اطلاق قوله تعالى: (لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم)(35). وربما يعد من مصاديق ذلك مطالبة الزهراء (ع) بحقها وحق الإمام أمير المؤمنين (ع) في المسجد في حضور المهاجرين والانصار وغيرهم، حيث لم يكن لكل الأفراد القيام بالمطلوب والمراد نفي (الكليّة) لا النفي الكلّي، فتأمّل.(36)

مسألة: الساتر بين النساء والرجال

قد يقال باستحباب وضع ساتر بين الرجال والنساء عند خطاب المرأة، إضافة لتحجّب كل واحدة منهن. وربّما يستفاد ذلك من قوله تعالى (وإذا سألتموهن متاعاً فسألوهن من وراء حجاب)(37)، وإن كان الانصراف في الآية المباركة يقتضي الحجاب أو الساتر بالمعنى الأخص لا الساتر إضافة للحجاب المتعارف، ومنه يعلم استحباب ذلك في كل مكان اجتمع فيه النساء والرجال، كما في المسجد للصلاة، وفي قاعة الدرس، وفي الحسينيات وغير ذلك.

لكن ربما يقال: بأنه لا يظهر أن ذلك كان على نحو الاستحباب، إذ الفعل لا جهة له، بل ربما كان ذلك من الآداب، ولذا لم يكن في مسجد رسول الله (ص) ولا في المسجد الحرام ستر بين الرجال والنساء وذلك بأن يقرر مثلاً على الرجال أن يطوفوا بجوار الكعبة وعلى النساء الطواف من بعيد وبينهما ستر، أو بأن يقرر وقت للرجال وآخر للنساء، إلى غير ذلك مما هو واضح.

وربما يقال: إنه يدل على الاستحباب بالنسبة إلى الشخصيات من النساء، ولذا ورد ذلك بالنسبة إلى عمل نساء النبي (ص) بعد نزول آية الحجاب:

(وإذا سألتموهن متاعاً فاسألوهن من وراء حجاب) يعني إذا سألتم أزواج النبي (ص) شيئاً تحتاجون إليه فاسألوهن من وراء ستر، قال مقاتل: أمر الله المؤمنين أن لا يكلموا نساء النبي (ص) إلا من وراء حجاب (ذلكم) أي السؤال من وراء حجاب (أطهر لقلوبكم وقلوبهن) من الريبة، ومن خواطر الشيطان (وما كان أن تؤذوا رسول الله) بمخالفة ما أمر به في نسائه ولا في شيء من الأشياء.(38).

أما الاستحباب مطلقاً، فالظاهر: العدم للسيرة المستمرة في مسجد رسول الله (ص) في عصره الشريف وغيره بالنسبة إلى النساء، وكذلك بالنسبة إلى المسجد الحرام، وغير ذلك كما سبق.(39)

مسألة: اسماع الصوت للرجال

يجوز للمرأة أن تسمع صوتها إذا حفظت الموازين الشرعية. بأن لم يكن هناك خوف فتنة، أو من الخضوع في القول مثلاً، قال سبحانه:

(فلا تخضعن في القول فيطمع الذي في قلبه مرض)(40) وقد كانت النساء يتكلمن مع الرسول (ص) ومع أمير المؤمنين (ع) ومع الأئمة الأطهار (ع) ومع علماء الدين إلى عصرنا الحاضر، وعلى ذلك جرت سيرة المتشرّعة عموماً، لكن يجب مراعاة الموازين الشرعية. وما ذكر يدل على جواز ذلك، فإن المحظور هو الخضوع بالقول وما أشبه، فيجوز للنساء إلقاء الخطب وقراءة التعزية في المجالس النسوية، وإن وصل صوتها إلى اسماع الرجال، كما يجوز تسجيل صوت قراءتها مع مراعات الجهات الشرعية(41).(42)

حقوق المرأة في كتاب الله

ومع ظهور الإسلام وانتشار تعاليمه السامية، دخلت حياة المرأة مرحلة جديدة بعيدة كل البعد عما سبقها. في هذه المرحلة أصبحت المرأة مستقلة ومتمتعة بكل حقوقها الفردية والاجتماعية والإنسانية.

فالمرأة تتمتع بحقوق تعادل ما عليها من واجبات ثقيلة في المجتمع، يقول تعالى:

(ولهن مثل ما عليهن بالمعروف)(43) وقد اعتبر الإسلام المرأة كالرجل: كائناً ذا روح إنسانية كاملة، وذا إرادة واختيار، ويطوى طريقه على طريق تكامله الذي هو هدف الخلقة، ولذلك خاطب الله تعالى الرجل والمرأة معاً في بيان واحد حين قال:

(يا أيها الناس... ويا أيها الذين آمنوا) ووضع لهما منهجاً تربوياً واخلاقياً وعلمياً ووحدهما بالسعادة الابدية الكاملة في الآخرة كما جاء في قوله تعالى:

(ومن عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة)(44).

وأكد أن الجنسين قادران على انتهاج طريق الإسلام للوصول إلى الكمال المعنوي والمادي لبلوغ الحياة الطيبة: (من عمل صالحاً من ذكر أو انثى وهو مؤمن فلـنحيينه حياة طيـــبة ولنجزينهـــم أجرهم بأحسن ما كـــانوا يعملون)(45). فالإسلام يرى المرأة كالرجل انساناً مستقلاً حراً، وهذا المفهوم جاء في مواضع عديدة من القرآن الكريم كقوله تعالى:

(كل نفس بما كسبت رهينة)(46) (من عمل صالحاً فلنفسه ومن أساء فعليها)(47). ومع هذه الحرية فالمرأة والرجل متساويان أمام قوانين الجزاء أيضا:

(الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة... )(48). ولما كان الاستقلال يستلزم الإرادة والاختيار، فقد قرّر الإسلام هذا الاستقلال في جميع الحقوق الاقتصادية وأباح للمرأة كل ألوان الممارسات المالية، وجعلها مالكة عائدها وأموالها، يقول تعالى: (للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن)(49) فكلمة (اكتساب) خلافاً لكلمة (كسب) ـ لا تستعمل إلا فيما يستفيد الإنسان لنفسه ولو أضفنا إلى هذا المفهوم القاعدة العامة القائلة:

(الناس مسلطون على أموالهم) لفهمنا مدى الاحترام الذي أقرّه الإسلام للمرأة بمنحها الاستقلال الاقتصادي، ومدى التساوي الذي قرّره بين الجنسين في هذا المجال. وعلى عكس ذلك نجد المرأة في نظر المجتمعات الغربية غير مستقلة الشخصيّة في جميع الحقوق الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، وقد استمر هذا الوضع في قسم من المجتمعات حتى القرون الأخيرة.

فمثلاً قبل البعثة النبوية وبالضبط في سنة 586 عقد في فرنسا مؤتمر دار النقاش فيه حول استحقاق المرأة أن تعتبر انساناً أم لا تستحق ذلك؟ وكانت النتيجة أن اعتبر المرأة انساناً ولكنها خلقت لخدمة الرجل فحسب(50).

وفي القانون المدني الفرنسي المشهور بتقدميته، على سبيل المثال: نشير إلى بعض فقراته المتعلقة بالشؤون الماليّة للزوجين:

يستفاد من المادتين 215 و217 أن المرأة المتزوجة لا تستطيع بدون إذن زوجها وتوقيعه أن تؤدي أي عمل حقوقي، وتحتاج في كل معاملة إلى إذن الزوج، هذا إذا لم يرد الزوج أن يستغل قدرته، ويمتنع عن الإذن دون مبرّر.

وحسب المادة 1242 يحق للرجل أن يتصرف لوحده بالثروة المشتركة بين المرأة والرجل بأي شكل من الاشكال، ولا يلزمه استئذان المرأة بشرط أن يكون التصرف في إطار الإدارة. وإلا لزمت موافقة المرأة وتوقيعها. وفي المادة 1428 إن حق إدارة جميع الأموال الخاصّة بالمرأة موكول إلى الرجل ـ على أن المعاملة الخارجة عن حدود الإدارة تتطلّب موافقة المرأة وتوقيعها...(51).

الخلاصة

إن رفع الحيف عن المرأة واعطاءها سبيل اختيار المكان المناسب لها للعمل فيه، يستوجب رفع مستوى المعيشة الكلّي للأسرة وبالتوازن المستمر مع معدّلات التضخم المتوالية في الاقتصاد العالمي وانعكاساتها على البلدان الإسلامية والفقيرة منها بأسوء المستويات. والأمر يستوجب مراعاة التقليل من المصروفات المخ(ص)ة لكماليات ومظاهر الدولة فالباري تعالى جدّه يقول: (أتبنون بكل ريع آية تعبثون. وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون. وإذا بطشتم بطشتم جبارين. فاتقوا الله...)(52).

فقد عملت المجتمعات الغربية في الآونة الأخيرة وبعد تعالي الصيحات عليها من كل مكان لضرورة إظهار مبدأ التكافل الاجتماعي على ساحة الواقع المعاش في دولها، لذا فقد صدرت القوانين الخاصة وتم تطبيقها بتخصيص الحقوق المالية الشهرية لذوي العاهات والمعوقين من أصحاب المهن من الرجال والنساء، وكذلك العاطلين عن العمل، والفائضين بسبب توقف معاملهم أو شركاتهم لسبب أو لآخر، واتخذت عندهم تخصيصات مالية للأطفال حديثي الولادة لتشجيع الإنجاب بعد أن عزفت عنه النساء، وعن الزواج في الغالب الأعم.

وهم بذلك قد طبّقوا ما دعا إليه دعاة الإسلام عبر العقود الماضية.

1 - مجلة المختار عدد آذار 1960.

2 - مجلة الهلال عدد آذار 1965.

3 - سورة الذاريات: الآية 19.

4 - سورة الأحزاب: الآية 6.

5 - رواه البخاري في صحيحه.

6 - كتاب (الإسلام والمرأة المعاصرة) للبهي الخولي.

7 - سورة النمل: الآية 97.

8 - سورة آل عمران: الآية 195.

9 - سورة النساء: الآية 124.

10 - كتاب (مسؤولية المرأة للشيخ حسن الصفار)، 20.

11 - كتاب (الرجل ذلك الكائن غير المعروف)، 98.

12 - كتاب (المرأة والدور المطلوب) للسيد هادي المدرسي، 98.

13 - كتاب (المرأة والدور المطلوب) للسيد هادي المدرسي، 26.

14 - كتاب (حوار عن المرأة) للسيد هادي المدرسي، 73.

15 - سورة الطلاق: الآية 1.

16 - جامع الاحكام للقرطبي، 18/154.

17 - أحكام القرآن لإبن عربي، 2/266.

18 - سورة الأحزاب: الآيتان 33 و34.

19 - سورة الأحزاب: الآيتان 33 و34.

20 - أحكام القرآن للجصّاص.

21 - بدائع الصنائع للكاساني، 2/133.

22 - رواه أبو داوود.

23 - كتاب (الإسلام والمرأة المعاصرة) للبهي الخولي.

24 - كتاب (أحكامك في البلاد الأجنبية) الإمام الشيرازي، ص131.

25 - كتاب (المرأة والدور المطلوب)، للسيد المدرسي، ص52.

26 - الوسائل، 14/120.

27 - كتاب (الرجل والمرأة) 12.

28 - سورة النساء: الآية 34.

29 - معاني القرآن وإعرابه للزجّاج، 2/46.

30 - كتاب الخصال، 1/159، ح207 - كتاب الكافي للكليني، 5/257، ح1.

31 - كتاب الكافي، 5/310، ح26.

32 - كتاب الأمالي للشيخ الصدوق، 422 مجلد66، ح1 - مسائل علي بن جعفر، 179، ح333.

33 - كتاب فقه الزهراء (ع)، الإمام الشيرازي، 2/79.

34 - نفس المصدر، 90.

35 - سورة النساء، 148.

36 - كتاب فقه الزهراء (ع)، 93.

37 - سورة الأحزاب: الآية 53.

38 - كتاب بحار الانوار، 22/185.

39 - كتاب فقه الزهراء (ع)

40 - سورة الأحزاب: الآية 32.

41 - كتاب (النكاح)، الإمام الشيرازي (دام ظله)، مسألة 39.

42 - كتاب (فقه الزهراء (ع))، 98.

43 - سورة البقرة: الآية 228.

44 - سورة غافر: الآية 40.

45 - سورة النحل: الآية 95.

46 - سورة المدثر: الآية 28.

47 - سورة فصلت: الآية 46.

48 - سورة النور: الآية 2.

49 - سورة النساء: الآية 32.

50 - كتاب (المرأة في ظل الإسلام)، 32.

51 - كتاب (الأمثل في تفسير كتاب الله المنزّل) للشيخ ناصر مكارم الشيرازي، 100.

52 - سورة الشعراء: الآيات 128-131.



عقيل احمد

سعود الخويطري 09-04-2005 03:01 PM

لاهنت يابومحمد


وبيض الله وجهك


تقبل سلامي واشواقي

الخويطري

د.فالح العمره 10-04-2005 12:43 AM

ارحب يا سعود ولا هنت على حضورك يا الغالي

العنيد 11-04-2005 09:27 AM

يا مرحبا والله عداد ما مشى الديك ااااااااافي ...مرحبااااااااا والله عداد من لبــــــــس حرام ..مرحبا والله ومسهلا عداد من قال لبيك اللهم لبيك...ويالله حيه يا بو بدر...

موووووضوع طيب حقيقه والله يسعد ايامك عليه...

وقد توجد أسباب أخرى غير مباشرة أو أسباب ثانوية تستدعي خروج المرأة للعمل مثل الإحساس بالملل والكآبة داخل البيت! خاصة وإذا كانت المرأة قد أخذت قسطا عاليا من الدراسة والتكوين المهني، فترى أن الزواج وإنجاب الأولاد قد حطم مستقبلها وضيّع آمالها في تحقيق طموحاتها في أن تكون مدرسة أو مهندسة أو طبيبة أو موظفة، وتنسى أو تتجاهل أن تعليمها لم يكن المقصد الأساس منه هو التوظيف، إنما المقصود منه تثقيف المرأة وتوعيتها لأجل أداء دورها الفطري وهو تربية الأولاد بغرض إنتاج جيل واع! "ولكن الصناعة والتعليم الأفضل والمؤهلات سحبت المرأة لمشاركة القوى العالمة، ولهذا تأثير على الحياة الأسرية"[viii].

بالنسبه لفكرة ان الزواج ربما قد يحطم المرأة من الناحية المهنيه فهذا غير صحيح من وجهة نظري الشخصية ...لان المرأة البارعه في امورها والمرأة التى تكون شخصيتها نفسها بنفسها....تبعا لجميع القواعد والاسس التى نشات عليها فانها تستطيع وبشكل رائع ان توفق فيما بين وظيفتها ومسؤولياتها كزوجة وأم في نفس الوقت.....

لك خالص شكري يا بو بدر...يا مـــــــــــنارة المنتـــــدى العلمية

د.فالح العمره 11-04-2005 11:42 AM

يا مرحبا يا العنيد ولا هنت على الحضور الاطراء فإن كنت منارة العلم في المنتدى فأنت النار التي على المناره

‏حكيم العرب 10-07-2011 07:13 PM

رد: أثر عمل المرأة خارج البيت على استقرار بيت الزوجية - ماليزيا نموذجاً
 
موضوع مهم لا هنت ويعطيك العافيه


الوقت في المنتدى حسب توقيت جرينتش +3 الساعة الآن 11:38 AM .

مجالس العجمان الرسمي