مجالس العجمان الرسمي

مجالس العجمان الرسمي (http://www.alajman.ws/vb/index.php)
-   مجلس الدراسات والبحوث العلمية (http://www.alajman.ws/vb/forumdisplay.php?f=41)
-   -   دراسات عن الاختلاط بين الجنسين في التعليم والعمل (http://www.alajman.ws/vb/showthread.php?t=28879)

د.فالح العمره 16-02-2008 08:29 PM

دراسات عن الاختلاط بين الجنسين في التعليم والعمل
 
تعليم المرأة في الغرب
مفرح المازني

17/11/1427
في وقت كثر فيه هجوم بعض قومنا ونسائنا على التعليم في بلادنا ، ووصمه بكل نقيصة ،ورميه بكل رزية ، وكان من ضمن ما رموه به من العيوب هو أن المنهاج الدراسي لدينا يفرق بين الأولاد والبنات ، وأن ما تدرسه البنات لا يتناسب مع حق مساواتهن بالأولاد ، وصدق البعض منا أن ذلك هو أحد أسباب تخلف التعليم والمرأة لدينا ، ولكن من العجب حقيقة أن يقع بين يدي كتاب بعنوان ( سوء تعليم المرأة في
الغرب ) للبروفيسور ( جيمس تولي ) وتلخيص الأخت المسلمة( اإي دجي ويلكنسن ) وهو من إصدارات مجلة البيان المباركة .
وهذا الكتاب يوضح بجلاء أن المساواة بين البنات والأولاد في المنهاج الدراسي لم يؤدي إلا لتأخر المرأة في الغرب ووقوع الظلم عليها وحصولها على وظائف متدنية وتحطم الأسرة التي هي بناء المجتمع وركيزته ، لذا أحببت أن أنقل لكم بعض المقتطفات التي توضح بجلاء كذب دعوى
من قال أن السبب في تخلف التعليم والمرأة لدينا هو التفريق في المنهاج الدراسي بين البنات والأولاد .
أترككم مع مقتظفات من الكتاب ( سوء تعليم المرأة في الغرب ) :المقدمة للأستاذة / ( إي ،دجي ويلكنسن ) جاء فيها ما يلي :

" كل مرة يكون التعليم في المملكة العربية السعودية موضوع نقاش في وسائل الإعلام أو في الأوساط الأكاديمية الغربية أو العربية غالباً ما تعرض المنهاج الدراسي للانتقاد . ومن جملة الانتقادات الشائعة لتي يتعرض لها المنهاج الدراسي أنه يرسخ فكرة أن المرأة تحتل درجة أدنى من درجة الرجل ، وأنها
تابعة وخاضعة له ، وأنه يمنعها من أخذ وضعها الملائم واللائق بها في المجتمع ." " ومن الأشياء التي لا تذكرها لغة وسائل الإعلام المنمقة والطنانة – التي تتسم عادة بالمغالاة وعدم الصدق – هو الاعتراف بأن السياسات التعليمية الغربية تظلم المرأة ، وذلك بإجبارها على دراسة مواد دراسية لا تسترعي اهتمامها ، وكذلك بإجبارها على المشاركة في الحياة العامة طوعاً أو كراهية " " كما أنه من الأشياء التي لا تذكرها وسائل الإعلام هي النتائج السلبية التي تتعرض لها النساء بمفردهن والأسر بوجه خاص والممجتمع بوجه عام والتي تأتي عادة كنتيجة مباشرة لهذه السياسات التعليمية " " إن المجتمعات التي تسعى لإجبار الدول الإسلامية على تبني مقاييسها تعاني من أزمة قاسية على كافة المستويات كافة المقاييس الاجتماعية والأخلاقية باعتراف هذه المجتمعات نفسها " " إن المهتمين بكل ما يخص المرأة والأسرة يعلمون – من خلال التجربة المباشرة – بأن محاولة تغيير الطبيعة الفطرية للفتيات – وذلك تشجيعهن على العدوانية والمنافسة العلنية مع الأولاد ، وكذلك محاولة تغيير بنية الأسرة من خلال "
الهجرة القسرية " للنساء من الحياة الأسرية الخاصة إلى الحياة الوظيفية العامة – ستؤدي لا محالة إلى أضرار ومخاطر جسيمة على الأسرة والمجتمع على حد سواء " " والشيء الذي يؤرق النسويات ( قائدات حركة تحرير المرأة في الغرب ) ويزيدهن غماً هو أنه كلما أعطيت الفرصة للفتيات لاختيار ما يرغبن في دراسته من مواد فإنه غالباً ما يقع اختيارهن على المواد " الانثوية " التقليدية مثل : علم
الاجتماع والتاريخ ، ولا يأبهن بالمواد " الذكوربة " مثل : الرياضيات والعلوم ، ولمواجهة هذه الورطة يتم إعداد سياسات تعليمية باسم المساواة وحرية الاختيار " " وقد مرت أكثر من أربعين سنة – الآن – على فرض نفس المواد الدراسية في المدارس على الأولاد والبنات بتأثير من مفكرات الحركة النسائية ، خلال ذلك الوقت وجدت العديد من النساء أنفسهن واقعات في " فخ " وظائف مملة وذات راتب ضئيل " " ومن الأشياء المعلومة أنه بالإضافة إلى ازدياد الطبيعة العدوانية عند الفتيات فإن انهيار بنية الأسرة يعتبر عاملاً مساهماً ومهماً في ظهور الممارسات الجنسية المختلطة وغير المشروعة ، وظهور حالات حمل الفتيات لمراهقات ، وموجات العنف ، وحالات تعاطي المخدرات ،وشرب الخمر ، في أوساط الفتيات في الولايات
المتحدة الأمريكية وبريطانيا " " ومن الملاحظ أن المشكلات التي تحير وتقض مضجع المجتمعات الغربية لا تكاد تذكر في العديد من المجتمعات الإسلامية ، والدروس التي يمكن الاستفادة منها هي أن التغييرات الرئيسة في السياسة التعليمية قد تؤثر في المجتمعات إلى حد كبير وبكيفية غير متوقعة، ما يمكن أن تكون لها آثار ارتدادية واسعة النطاق لسنوات عديدة " " لا ريب أن السياسات التعليمية تؤثر في سلوك الأطفال ، وأن القيام بإصلاحات تعليمية على غرار الإصلاحات التعليمية في المجتمعات الغربية سيكون لها أضرار فادحة وعواقب وخيمة " " ولكوني امرأة فقد شعرت بالحزن والأسى بسبب التوقعات التي طرأت على تفكير العديد من النساء السعوديات " " وإني لأرجو وأطلب من الجميع أن يقوموا بدراسة متأنية ومتعمقة لقضية استغلال النساء في الغرب ،والأزمات التي تمر بها أسرهن ومجتمعهن ، وكذلك دراسة جدول أعمال الحركة النسائية ، وكذا جدول الأعمال المناهض لهذه الحركة قبل وضع تغييرات جوهرية في السياسات التعليمية فضلاً عن تطبيقها " " إنه من الأمور التي تدعو للسخرية أن تشرع دول الغرب في التخلي عن تجربة برهنت على فشلها مراراً وتكراراً في الوقت الذي تقوم فيه دول العالم الإسلامي بالتقليد الأعمى والساذج لهذه التجارب الفاشلة ( وعندها في دينها ما
يغنيها عن كل ذلك )" كل هذه المقتطفات جاءت في مقدمة الأخت ويلكنسن ، والآن نتقل لمقتطفات من كتاب البروفيسور ( جيمس تولي ) :
" يعتقد البروفيسور (تولي ) بأن السياسة التعليمية الحالية في الولايات المتحدة الأمريكية وفي الدول التي تقلدها تقليداً أعمى ليست في مصلحة النساء البتة ، كما أن رموز الحركة النسائية يتمتعن بنفوذ قوي في أمريكا وبريطانيا بحيث لا يجوز للمستشار المهني في أمريكا أو بريطانيا – قانونياً – أن يقترح على الفتاة أو المرأة الشابة بأن اختيار وتفضيل الأمومة أو الحياة الأسرية على الوظيفة خيار مقبول "
" كما يعتقد أنه ينبغي أخذ الفوارق الجنسية بالاعتبار عند القيام بالتخطيط للسياسة التعليمية ، وأنه ينبغي الاقتناع بحقيقة اختلاف البنات عن الأولاد " " يعتقد كذلك بأن التعليم الذي تتلقاه البنات في المدارس هو المسؤول عن صياغة شخصيتهن وتفكيرهن حينما يتحولن إلى نساء لأنهن يتعلمن دروس الاستقلالية والمساواة الكاملة مع الأولاد والأهمية البالغة للوظيفة " " ويرى بأنه ينبغي التركيز على تعليمهن التعليم الصحيح الذي يتناسب مع طبيعتهن للتصدي لهذه المشكلة " " والنتيجة التي توصل إليها الباحثون في أمريكا وبريطانيا هي أن الإصلاحات التعليمية القائمة على مساواة النوع الاجتماعي " الجندر " في المجتمع لم تحظ بأي نجاح يذكر في أي البلدين ، لعدم جلبها للسعادة في صفوف النساء " " ويقول البروفيسور تولي : بأنه عندما تشن النساء حرباً على النمطية الجنسية فيما يتعلق بالبيت الأسرة فإن هذا لا يزيدهن سعادة ، وبأن الخروج عن هذه النمطية لا يزيدهن إلا شقاوة على شقاوة ".

" ويشير البروفيسور تولي " إلى أن السياسة التعليمية التي تنتهجها الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا هي تهيئة الطلاب والطالبات لأدوارهم في المجال الحكومي والسياسي وإغفال جانب البيت والأسرة تماماً من المقررات التعليمية ، ولهذا يبدو جلياً بأن الهدف الأساسي والحقيقي لهذه السياسة هو إعداد النساء إعداداً يساهم في إنعاش الاقتصاد على حساب الأسرة " " وفيما يتعلق بموضوع الوظيفة وما إذا كانت تجلب السعادة لأغلبية النساء ، يرى "تولي " بأنه يتم تعليم البنات في المدارس بأنه لا يمكنهن تحقيق السعادة إلا باقتحام عالم السياسة والرياضة والعلوم والأعمال وليس في عالم البيت والحياة الاسرية " " ويوضح البروفيسور "تولي " بأن النساء من كافة المشارب السياسية متحدات
الآن في قضية مشتركة ضد نسويات المساواة ، ويحاولن استرداد أدوارهن الأسرية " " ويقترح البروفيسور " تولي " بأنه بدلاً من النظر إلى الوضع من وجهة النظر النسوية التقليدية التي تفضل مجال الوظيفة على مجال الأمومة والأسرة ، فإنه ينبغي اعتبار إمكانية أن المجال الخاص الذي هو عالم البيت والأسرة أرفع مقاماً وأعظم قيمة ، وأنه تم إقصاء النساء منه إلى مجال أدنى منزلة وهو عالم الوظيفة
العام " " ويرى روجر سكراتن : بأن تقلص مستوى الاعتماد على الرجال جاء نتيجة لانهيار دورهم الاجتماعي كمعيلين وموفرين الحماية للنساء ، مشيراً إلى أن الزواج كان يعتبر التزاماً دائماً وآمناً ، بحيث كان يمنح النساء المكانة الاجتماعية اللائقة والحماية الكافية حتى بعد مضي سن الزهور وذبول اذبيتهن " يقول ( تولي ) : " ويلاحظ المفكر ( كريستوفر لاش ) بأن النسويات في القرن التاسع عشر أدركن بأن النساء يمثلن { قوات الفضيلة المنظمة } في المجتمع الذي يقمن فيه بدورهن التقليدي كمنظمات سلوك الرجال .
أما في الوقت الحاضر فلم تعد الفتيات منظمات لسلوك الأولاد ، بل على العكس من ذلك تماماً ، فقد أصبحن عدوانيات وتنافسيات ، مثلهن في ذلك مثل الأولاد " ويذكر تولي وهو يتحدث حول ظاهرة ما يسمى ب( رموز نسويات المساواة : " ويقلن بأن الفتيات الناشئات يتعلمن بأن نوع الحياة الجديرة بالحياة هي الحياة التي لا تخضع لأية قيود ، الحياة الحرة التي تتسم بالأكل غير المنظم وشرب الخمر وتعاطي المخدرات والممارسات الجنسية العرضية "
ويعتقد البروفيسور تولي : بأن المجتمع يفقد شيئا ذا قيمة بالغة وذلك بتشجيع الفتيات على اقتحام مجال المنافسة المفتوحة مع الأولاد ، كما يعتقد بأنه لن يكون هناك أي نوع من الظلم إذا تركنا الأولاد والبنات كل في مجاله الخاص به ، وبأن الفتيات سيتعرضن فعلاً لظلم أشد إذا لم يمنحن الفرصة للقيام بما يتناسب وطبيعتهن " ويختتم البروفيسور تولي كتابه قائلاً " إن الشيء الذي يجب أن نتخلص منه هو الإلزام الرامي لردم فجوة " الجندر " وبدلاً من ذلك علينا أن نشعر بأي
تحفظ ونحن نمجد الفوارق بين الجنسين ، هذه الفوارق التي لا محالة أوجدت العديد من الأشياء التي نقدرها حق قدرها في الثقافة الإنسانية " .
هذا غيض من فيض مما جاء في كتاب البروفيسور تولي ، وأنا أدعو الجميع لدراسته وتبين كيف أن من قومنا من يحاول دفعنا لتقليد الغرب في كل شيء حتى في
أخطائه الغرب الآن يعترف بأن طريقته في التعليم خاطئه ، ومن من يحاول عبر المؤتمرات واللقاءات والمقالات أن يصور بأن التعليم في الغرب هو السبيل لتقدمنا الحق أن التعليم في الغرب لديه الحسنات كما لدية السيئات ، والإنصاف أن نأخذ حسناته التي لا تتعارض مع ديننا الإسلامي الحنيف ، وأن نعرض عن سيئاته ومنها "الاختلاط في التعليم ، وجعل المنهاج الدراسي للبنين والبنات منهاجا واحدا
لا يراعي الفوارق بين الجنسين " أدعو كل عاقل من بني قومي لمعرفة حقيقة من يدعونا إلى التقليد الأعمى للغرب وفضح مخططاتهم لتغريب بلادنا وأبنائنا حفظ الله بلادنا من كل شر وحرسها من عاد متربص

د.فالح العمره 16-02-2008 08:31 PM

رد: دراسات عن الاختلاط بين الجنسين في التعليم والعمل
 
الشيخ د/ سعد بن عبد الله البريك


لقد كرم الله المرأة تكريماً لم تعرف البشرية له مثيلاً ، وعاشت قروناً طويلة تتفيأ نعمة الله عليها بالإسلام فغدت مصونة مكرمة ، أبدلها ربها بخوفها أمناً، وبذلها عزاً، وبجهلها علماً.
وإن قضية تعليم المرأة وحسن تربيتها وتأهيلها لتقوم بما أوجب الله عليها لمن كبرى القضايا وعظائم المهمات .
وقد وعد النبي صلى الله عليه وسلم من فعل ذلك بالجنة ، قال صلى الله عليه وسلم :" من ابتلي بجاريتين رباهن فأحس تربيتهن وأدبهن فأحسن تأديبهن كن له حجاباً من النار " أو كما قال صلى الله عليه وسلم .
كما وعده بمضاعفة الأجر وإجزال المثوبة ، قال صلى الله عليه وسلم:" أيما رجل كانت عنده وليدة فعلمها فأحسن تعليمها وأدبها فأحسن تأديبها ثم أعتقها وتزوجها فله أجران " .رواه البخاري ومسلم وأحمد.
وكان صلى الله عليه وسلم حريصاً على تعليم المرأة وإسماعها الخير. فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال : قام النبي صلى الله عليه وسلم يوم الفطر فصلى فبدأ بالصلاة ثم خطب فلما فرغ نزل فأتى النساء فذكرهن وهو يتوكأ على يد بلال وبلال باسط ثوبه يلقي فيه النساء الصدقة " . وفي رواية ابن عباس : فظن أنه لم يسمع النساء فوعظهن وأمرهن بالصدقة . وقال ابن جريج لعطاء وهما من رواة الحديث عن جابر : أترى حقاً على الإمام أن يذكرهن ؟ قال : إنه لحق عليهم وما لهم لا يفعلونه ؟ .
وقد بلغ حرص المسلمات الأوائل على العلم أن طلبن من النبي صلى الله عليه وسلم أن يعقد لهن مجالس خاصة بهن لتعليمهن .
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال :" جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله ذهب الرجال بحديثك فاجعل لنا من نفسك يوماً نأتيك فيه تعلمنا مما علمك الله ، فقال صلى الله عليه وسلم :" اجتمعن في يوم كذا وكذا في مكان كذا ، فاجتمعن فأتاهن فعلمهن مما علمه الله " . رواه البخاري ومسلم .
فالعلم نعمة من الله ونور وهدى يتفضل الله به على من يشاء من عباده وسبب لرفعة أهله وعزتهم في الدنيا والآخرة {يَرْفَعِ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ مِنكُمْ وَٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ دَرَجَـٰتٍ }.
ومن شرفه أن الله استشهد بأهله في أعظم مقام وهو مقام توحيده سبحانه {شَهِدَ ٱللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ وَٱلْمَلَـٰئِكَةُ وَأُوْلُواْ ٱلْعِلْمِ قَائِمَاً بِٱلْقِسْطِ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ }.
وقد حفظ لنا التاريخ الإسلامي سيرة نوابغ من النساء برعن في كافة الفنون والعلوم ، وتراجمهن حافلة في الكتب ووجد منهن الفقيهات والمفسرات والأديبات والشاعرات والعالمات في سائر علوم الدين واللغة وكانت العروس لا تجهز إلا ومعها بعض الكتب الشرعية النافعة ، فقد ذكر الذهبي رحمه الله أن البكر كان في جهازها عند زفافها نسخة من كتاب مختصر المزني .
وهذه الحادثة تسجل للمرأة المسلمة مفخرة عظيمة اعترف بها الأعداء قبل الأصدقاء ، فقد ذكر غوستاف لوبون أنه كثر في العهد العباسي في المشرق وفي ظل الأمويين في الأندلس اللواتي اشتهرن بمعارفهن العلمية والأدبية وعدَّ ذلك من الأدلة على أهمية دور النساء أيام نضارة حضارة العرب .
إن أمة الإسلام أمة خاصة في طبيعتها ومنهجها وأهدافها، أمة ذات مبدأ وعقيدة، ورسالة ودعوة وجهاد، ويجب أن تكون تربية الفتاة المسلمة وتعليمها خاضعين لمبادئ الأمة وعقيدتها ورسالتها ودعوتها، وكل تعليم لا يحمل ذلك ولا يتضمنه فهو خيانة للأمة وخفر بالذمة.
وبناء على ذلك فيجب الحذر من أن تتحكم بالتعليم والتربية اجتهادات بشرية ناقصة ، أو أن تخضع لمن تستهويهم المبادئ المستوردة وتأسرهم الأفكار الوافدة التي تأخذهم ذات اليمين تارة ، وذات الشمال تارة، ما بين رجعية وتقدمية، وإشتراكية ورأسمالية، وفي مدرسة كذا، وعند مبادئ كذا، ونظرية فلان، وقانون علاّن.
التعليم ليس بضاعة للتصدير، والاستيراد، ولكنه لباس يفصل على قامة الأمة ؛ ليعكس حقيقتها في الباطن، وملامحها في الظاهر.
إن تعليم المرأة المسلمة أمر يجسد الأهداف التي تعيش من أجلها، وتسعى لتحقيقها، يجسد العقيدة المستقرة في فؤادها، واللغة التي تنسج بها حضارتها، والمثل الأعلى الذي تـتطلع إليه، والتاريخ الذي تغار عليه والمستقبل الذي نريدها أن تصنعه .
* ــ خصوصية تعليم المرأة :
إن تعليم المرأة نظام تربوي وسياسة تعليمية تناسب طبيعتها، وتسير مع مثلها العليا في عقيدتها وشريعتها وخصوصياتها وشفافيتها .
وهو نظام شامل تقوم عليها حياتها من أولها إلى آخرها، وفي كل ظروفها وأحوالها.
إن تعليم المرأة هو تربية إسلامية منهجية، تنتظم كل سنوات العمر ومراحل الدراسة ؛ من رياض الأطفال حتى منتهى الدراسات العليا، يكون التغيير بها عملياً إلى الصلاح والإصلاح واستعادة العزة وتثبيت الكرامة .
هو تربية شاملة تصلح القلوب، وتطبب النفوس، وتزكي العقول في تقدير للمواهب، واعتراف بالفروق بين الأفراد، فكل ميسر لما خلق له.
إن تعليمها تربية لها تعينها على صناعة الرجال، وصياغة العقول، وصيانة السلوك ، لتكون قادرةً على حسن السير في حياتها وفق أهدافٍ نبيلة وغاياتٍ سامية.
إنه تربية تـتعهد بإصلاح عقيدتها وعباداتها وأخلاقها وتصون لها حياءها عن الخدش والتلوث .
إنه تربية تسعى إلى إصلاح حياتها في كل جوانبها لتبلغ سعادتها في الدنيا والآخرة.إنه منهج يحفظ لها قيمها التي تحيا لأجلها ، وتموت لأجلها، وتـنقلها بأمانة إلى الأجيال القادمة.
* ــ ضوابطه :
ــ لا بد من ضبط التعليم بحيث يكون موافقاً لما في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم جامعاً لمبادئ الإسلام العظيمة التي تحث على التقوى والرحمة والإيثار والعفو والأخوة ، والقيام بحقوق الله وحقوق الوالدين والأقربين وحق الكبير والضعيف ؛ وآداب السلام والاستئذان وآداب الحديث والطعام وطلب العلم والزيارة وعيادة المريض، وحسن العبارة وأدب المناصحة، مع رعاية ووقاية من أمراض القلوب من الكبر والحقد والحسد والرياء والغرور وسوء الظن وحب الدنيا وغلبة الهوى والشح .
ــ الحذر من الاختلاط حتى في المراحل الابتدائية ودور الحضانة : فهي من أخطر ما يواجهه تعليم بنات المسلمين ، فالشريعة لم تمنع من اختلاط الرجال بالنساء فحسب بل تشددت في منعه، قال تعالى { وقَــرْنَ في بُيوتكن ولا تبرجنَ تبرج الجاهلية الأولى} وقال تعالى: { وإذا سألتُمُوهُن مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وراءِ حِجَابٍ ذلكُمْ أَطهَرُ لقلُوبكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ } في هذه الآيات الكريمات دلالة ظاهرة على شرعية لزوم النساء لبيوتهن وعدم الاختلاط بالرجال حذراً من الفتنة بهن إلا من حاجة تدعو إلى الخروج .
وكانت النساء في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وسلم لا يختلطن بالرجال لا في المساجد ولا في الأسواق ، بل كن في مسجده صلى الله عليه وسلم يصلين خلف الرجال في صفوف متأخرة عنهم وكان صلى الله عليه وسلم يقول :" خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها " . رواه مسلم ، لئلا يفتتن آخر صفوف الرجال بأول صفوف النساء ، وكان الرجال في عهده صلى الله عليه وسلم يؤمرون بالتريث في الانصراف حتى يمضي النساء ويخرجن من المسجد لئلا يختلط بهن الرجال في أبواب المساجد ، مع ما هم عليه جميعا رجالاً ونساء من الإيمان والتقوى .
وكانت النساء يُــنهَــين أن يتوسطن الطريق ويُـؤمَرن بلزوم حافات الطريق حذراً من الاحتكاك بالرجال والفتنة بمماسة بعضهم بعضاً ، وأمر الله سبحانه نساء المؤمنين أن يدنين عليهن من جلابيبهن حتى يغطين بها زينتهن حذرا من الفتنة بهن ، ونهاهن سبحانه عن إبداء زينتهن لغير من سمى الله سبحانه في كتابه العظيم حسما لأسباب الفتنة وترغيبا في أسباب العفة والبعد عن مظاهر الفساد والاختلاط.
قال العلامة ابن باز رحمه الله راداً على من قال : أن المسلمين منذ عهد الرسول صلى الله عليه وسلم كانوا يؤدون الصلاة في مسجد واحد الرجل والمرأة ، ولذلك فإن التعليم لا بد أن يكون في مكان واحد). قال : فالجواب عن ذلك أن يقال هذا صحيح ، لكن كانت النساء في مؤخرة المساجد مع الحجاب والعناية والتحفظ مما يسبب الفتنة ، والرجال في مقدم المسجد ، فيسمعن المواعظ والخطب ويشاركن في الصلاة ويتعلمن أحكام دينهن مما يسمعن ويشاهدن ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم في يوم العيد يذهب إليهن بعد ما يعظ الرجال فيعظهن ويذكرهن لبعدهن عن سماع خطبته ، وهذا كله لا إشكال فيه ولا حرج ، وإنما الإشكال في قول القائل : (ولذلك فإن التعليم لا بد أن يكون في مكان واحد) ، فكيف يجوز أن يشبه التعليم في عصرنا بصلاة الرجال في مسجد واحد مع أن الفرق شاسع بين واقع التعليم المعروف اليوم وبين واقع صلاة النساء خلف الرجال في عهده صلى الله عليه وسلم ، ولهذا دعا المصلحون إلى إفراد النساء عن الرجال في دور التعليم ، وأن يكن على حدة ، والشباب على حدة حتى يتمكنَّ من تلقي العلم من المدرسات بكل راحة من غير حجاب ولا مشقة ؛ لأن زمن التعليم يطول بخلاف زمن الصلاة ، ولأن تلقي العلوم من المدرِّسات في محل خاص أصون للجميع وأبعد لهن من أسباب الفتنة وأسلم للشباب من الفتنة ، ولأن انفراد الشباب في دور التعليم بعيداً عن الفتيات مع كونه أسلم لهم من الفتنة فهو أقرب إلى عنايتهم بدروسهم وشغلهم بها وحسن الاستماع إلى الأساتذة وتلقي العلوم عنهم بعيدين عن ملاحظة الفتيات والانشغال بهن وتبادل النظرات المسمومة والكلمات الداعية إلى الفجور أ هـ . رحمه الله .
وورد في دراسة غربية عن واقع الاختلاط في المدارس : إن الطالبة لا تفكر إلا بعواطفها والوسائل التي تتجاوب مع هذه العاطفة ، إن أكثر من 60 % من الطالبات رسبن في الامتحانات ، وتعود أسباب الفشل إلى أنهن يفكرن في شهواتهن أكثر من دروسهن وحتى مستقبلهن بسبب الاختلاط بالشباب على مقاعد الدراسة .
ولهذا بدأت الدعوات تتعالى بضرورة فصل الشباب عن البنات في الدراسة في كافة المراحل لما في ذلك من آثار سلبية على مستوى التحصيل العلمي لدى كلا الجنسين .
ـ ينبغي أن يكون تدريس الفتاة ما يوافق طبيعتها ويلائم أنوثتها من كل علم نافع يرتقي بتفكيرها وينمي دورها ويعزز رسالتها .
ــ كما ينبغي تجنب إدراج المناهج الفاسدة والدخيلة وإن سميت زوراً وبهتاناً علوماً كالتمثيل والموسيقى وغيرها .
ومما يذكر في هذا المقام ويشكر، ويذكر به وينوه: ما تقوم عليه هذه البلاد من سياسة تعليمية مستمدة من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، كما هو شأنها في أمرها كله .
إنها تتبع سياسة تعليمية تربوية تحتذى من مبادئ تجسد دينها وأخلاقها وأهدافها ومصالحها الحقيقية، سياسة ترسم الخطوط العامة التي تقوم عليها عملية التربية والتعليم، أداءً للواجب في تعريف الفرد بربه ودينه وإقامة سلوكه على شرعه، وتلبية لحاجات المجتمع وتحقيقاً لأهداف الأمة الشاملة.
إن المسؤولين عن التربية والتعليم هم المسؤولون عن تطبيق هذه السياسة، والظن بهم أنهم حريصون على البعد عن التأثر بأي أفكار مستوردة تعارض هذه السياسة أو تناقضها، فبلادنا – بحمد الله وفضله – رائدة في التزام الشريعة وتطبيقها ونموذج في نهج التربية الإسلامية . وفَّق الله أمة الإسلام جميعها بشعوبها وقادتها وعلمائها ومربيها، ورزقهم نور البصيرة وصفاء السريرة وسداد الرأي وصدق القول وحسن العمل وسلامة التخطيط والتزام صراط الله المستقيم، إنه سميع مجيب.
أيها المسلمون : إن التعليم شرف لأهله إن هم قاموا بواجبه وأدوا حقه على الوجه الذي يرضي الله تعالى ، وهو رسالة عظيمة شريفة لمن كان مخلصاً لله في أقواله وأعماله.
وإلى كل من حمله الله أمانة تعليم أعراض المسلمين من مسؤولين وإداريين ومعلمات أقول : إن الواجب عظيم، وإن المهمة ثقيلة، ويجب عليكم أمور :
أولاً: ليتق الله كل واحد في نفسه وليكن قدوة حسنة لغيره وليتخلق بأخلاق المسلمين، وليتأدب بآداب الإسلام، وليعلم أن أقواله وأعماله تُتلقى عنه .
ذلك لأن وظيفة التعليم ليست كسائر الوظائف فهي وظيفة عظيمة إن استقام أهلها استقام نشؤنا وصلحوا بتوفيق من الله.
ولتعلم المعلمة أن الطالبات سينظرن إليها على أنها قدوة لهن ، فإن كانت ذات خلق نبيل واستقامة فإن ذلك سينعكس على سلوكهن .
فالطالبات مرآة تعكس أخلاق المعلمة، فلتتق ربها في ذلك، ولتحرص على أن تكون أقوالها وأعمالها موزونة بميزانٍ شرعي، فبذلك تؤدي واجبها وتبرئ ذمتها .
وأمر آخر عليها أن تتحلى بالانضباط في الوقت وأداء الواجب الملقى عليها حتى تـنقل الأجيال عنها تلك الأمانة والمحافظة على المسؤولية، وأمرٌ ثالث : أن تعلم أن تعليمها دعوة إلى الله إن هي احتسبت وأخلصت ، فأعظم الدعوة إلى الله مجال التعليم ، لأنه مكان خصب للدعوة إلى الله وإرشاد المتعلمات إلى الخير والأخذ بأيديهن لما يحب الله ويرضاه، وتغرس في نفوسهن الأخلاق والفضائل والأعمال الطيبة والأقوال الحسنة فينشأن معظمات للإسلام متبعات لأوامره مجتنبات لنواهيه متأدبات بآدابه متخلقات بأخلاقه.
كم هو التأثير كبير عندما تدخل المعلمة على الطالبات وهي في حالةٍ مستقيمة متمسكةً بآداب الإسلام في ملبسها، وفي مظهرها , وفي كل أحوالها فيرين منها حقيقة التمسك بالإسلام ، إن نطقت فبخير، وإن أمرت فبخير، وإن سكتت فعلى خير، يرين إنسانةً متمسكةً بدينها متأدبةً بآداب نبيها صلى الله عليه وسلم ، خجلةً من أن تـراها الطالبات بعيدة عن أخلاق الإسلام في مظهرها وحركاتها وتصرفاتها.
فيا أيتها المعلمة : اتقِ الله في نشء المسلمين، علميهن الخير وزكي نفوسهن بالأعمال الصالحة، وكوني قدوة حسنة لهن يتأسين بك قال صلى الله عليه وسلم :" من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه إلى يوم القيامة لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الوزر مثل أوزار من تبعه إلى يوم القيامة لا ينقص ذلك من أوزارهم شيئاً " متفق عليه .
إن بناتنا يواجهن غزواً فكرياً إلحادياً قائماً على أشده من خلال كل الوسائل التي يراها أعداء الإسلام مؤثرةً عليهن ، هذا الغزو الضال المكثف لا يمكن أن نتداركه إلا بتحصينهن بالتربية الإسلامية الصادقة، وتربيتهن على الخير، وتحذيرهن من الشر ووسائله، والنأي بهن عن طرق الضلال والغواية.
قد تسمع المدرسات من الصغار والكبار من البنات ما يكون قد ترسب في أذهانهن من مشاهدة بعض القنوات، أو قراءة بعض المجلات الهابطة، أو سماع بعض القصص المنحرفة أو النظر إلى بعض المسلسلات .
فإذا سمعن ذلك : فليحرصن على تـدارك الوضع، وإصلاح الأخطاء، وتوجيه الفتيات التوجيه السليم.
والواجب على المعلمات في كل المراحل التعليمية أن يتحسسن مشاكل الفتيات ويحذروهن من الأخلاق السيئة ، والعادات الرذيلة، والأعمال المنحرفة.
لابد من التربية الصالحة والاستفادة من الوقت والعمل على ألا تضيع الفتاة خلف الإعلام الجائر الذي يحاول إبعادها عن دينها، لابد أن نحذرها من الحملات السيئة التي تحملها القنوات وما شاكلها من دعوة إلى الرذيلة وإبعاد عن الفضيلة، لابد من توجيه سليم وقيامٍ بهذه المهمة فإن هذا واجب المؤسسة التعليمية وواجب من أنيط بهن مهمة التعليم.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ...
الخطبة الثانية :
لكل أمة عقائدها الإيمانية ، وشعائرها التعبدية، وأعرافها المرعية، وضوابط علاقاتها الاجتماعية، وكل أمة تضع لنفسها من المبادئ التربوية، والمناهج التعليمية ما يكفل المناخ السليم لإعداد أجيالها ؛ لتلقي هذه العقائد والمبادئ والدعوة إليها .
إن للعلوم والمناهج حيويتها وروحها، وأثرها وتأثيرها، هذه الروح هي حقائق هذه العلوم وآثارها العميقة، فالعلوم التي أنشأها الإسلام وصاغها في قالبه تسري فيها روح الإيمان بالله، وتقواه وخشيته، والإيمان بالغيب، والإيمان باليوم الآخر، والسامي من الأخلاق والفضائل.
أما العلوم التي وضعتها الأمم الوثنية : من يونانية ورومانية وغيرها فهي تشتمل على الخرافة وروح الجاهلية، وتعدد الآلهة، وقل مثل ذلك من العلوم التي وضعتها الحضارة الغربية المبنية على الإلحاد والزندقة والانحصار في الماديات والمحسوسات الجامدة المجردة، وقلة الاكتراث بما لا يدخل تحت الحس والتجربة، أو يحقق المنفعة العاجلة الآنية، سرت هذه الروح من علوم واضعيها ومناهجهم ونظرياتهم وفلسفاتهم، وشِعرهم وقصصهم وأدبهم.
فمناهج الأمم والحضارات اللادينية غير مناهج الأمم الدينية، ولا تصلح إحداهما للأخرى ولا تتوافق معها البتة.
يا رجال التربية : جدير بالعاقل المنصف المحب لدينه وأمته ووطنه: أن ينظر في مسيرة التعليم والتربية في كثير من الأقطار الإسلامية، في نظرة تقويمية في حساب الربح والخسارة في هذه السياسات التعليمية من مدارسها ومعاهدها وجامعاتها، ما مقدار ما تحقق من التقدم المنشود؟! من مقابل ما صرف من أموال وجهود في المنشآت والمناهج والوظائف وماذا كانت الحصيلة لفلذات الأكباد ؟! ما هي أسباب الفوضى الفكرية الهائلة، والتناقض في الأفكار والآراء والشك والارتياب في الدين، والتهاون في الفرائض والواجبات، والتمرد على الآداب والأخلاق والتقليد والتبعية القاتلة في الظواهر والقشور؟!
ففي معظم هذه الأقطار نرى أجيالاً وأفواجاً فارغي الأكواب، ظامئي الشفاه، مظلمي الأرواح، كليلي الأبصار، ينكرون أنفسهم، ويؤمنون بغيرهم، يموت الأمل في صدورهم، مبهورون بإنتاج غيرهم، يمدون أيديهم يستجدون اللقمة ، يلوكون رطانة، ويتكسرون في مشية، لم تزرع فيهم التربية الثقة بأنفسهم، بل لم تعرّفهم أنفسهم، ولم تبين له منزلتهم، ولم تشحذ همتهم، لم تبن فيهم الشعور بمسؤوليتهم، قُتلوا من غير حرب، كل قلوبهم ونفوسهم حول الماديات تحوم، وبالقشور والهندام تتعلق.
لقد ثبت فشل النظم التربوية الدخيلة، وبان عجزها عن تربية الفرد والمجتمع، لقد قامت هذه المناهج المستوردة في التربية على أحد أمرين:
إما التنكر للدين، وإما الفصل بين الدين والدنيا، وعلى هذا قامت دراساتهم، وبنيت نظرياتهم؛ فجاءت التطبيقات والمناهج على أمور الدنيا وحدها، وفصلت أمور الدين عن التربية.
يا رجال التربية : إن العلوم والآداب والمناهج ونظريات التربية التي ظهرت في الغرب و في الشرق ما هي إلا تجارب بشرية يخطئ أصحابها ويصيبون، ويمشون ويتعثرون، يؤخذ منها ما ينفع بعد أن تجرد مما يقترن بها من عوامل الإلحاد والإفساد والاستخفاف بالقيم، ثم تصبغ بصبغة الإيمان { صِبْغَةَ ٱللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ ٱللَّهِ صِبْغَةً }
ليس من العقل ولا من الحكمة والنصح للأمة أن تنقل هذه العلوم والنظريات بعلاّتها وبما فيها من عوامل الإفساد ، بل يجب أن تهذّب وتقوم وينزع الغث منها لتقود إلى والتقوى والخشية، { إِنَّمَا يَخْشَى ٱللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ ٱلْعُلَمَاء}.وتبعث الإيمان واليقين فتنشأ أجيال تفكر بعقل مسلم، وتكتب بقلم مسلم، وتدير دفة أمورها بسيرة رجل مسلم، وتقوم على شؤونها كلها بحنكة مسلم وبصيرة مسلم .
والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه

د.فالح العمره 16-02-2008 08:33 PM

رد: دراسات عن الاختلاط بين الجنسين في التعليم والعمل
 
كتاب :أساليب العلمانيين
في تغريب
المـرأة المسلمة
للشيخ بشر البشر



أساليب العلمانيين في تغريب المرأة المسلمة كثيرة ، ويصعب حصرها ، والمقصود التذكير بما يتيسر من أهمها ومن أخطرها ، ليحذرها المسلمون ، وينكروها ، ويعلموا على إفشالها ، ولتكون منبهة على غيرها . فمن هذه الأساليب :
1. وسائل الإعلام بمختلف أنواعها ، من صحافة وإذاعة وتلفاز وفيلم ومجلات متخصصة في الأزياء والموضة ومن مجلات نسائية وملحقات نسائية ومن غير ذلك ، إذ أن الإعلام يصنع الآراء ، ويكيف العقول ، ويوجع الرأي العام خاصة إذا كانت هذه العقول عقولاً فارغة لم تملأ ولم تحصن بما أنزل الله – عز وجل – على رسوله ، أما الصحافة والمجلات فتجد فيها أمور فظيعة منكرة منها فتاة الغلاف التي أصبحت أمراً لازماً لا تفرط فيها أي من تلك المجلات ، وفتاة الغلاف هذه لا تتكرر إذ يؤتى في كل أسبوع أو في كل شهر بفتاة جميلة عليها أنواع الزينة والأصباغ ثم بعد ذلك لا تأتي مرة أخرى ، وهذا إذلال للمرأة وإغراق في الرق وعودة حقيقية إلى عصر الظلم لها إذ تعامل كجسم ليس له روح مقابل دريهمات معدودات . وتسأل في المقابلة معها أسئلة تافهة : هل حدث وأن أحببتي يوماً من الأيام ؟ ما هواياتك المفضلة ؟ وهل صادقتي شاباً ؟ وغير هذا من الكلام الساقط الذي يراد منه إفساد المرأة المسلمة ، وليس المراد هذه الفتاة – فتاة الغلاف – إذ أنها ما رضيت بالخروج على صفحات المجلات إلا وهي قد انحرفت عن الطريق المستقيم ، لكن المراد غيرها من المحصنات العفيفات اللاتي قررن في البيوت ، ويملكهن الحياء الذي ربين عليه ، فتزيل هذه المجلات الحواجز والضوابط شيئاً فشيئاً . كما تجد في هذه المجلات الصور الماجنة الخليعة إما بحجة الجمال والرشاقة أو بحجة تخفيف الوزن والرجيم أو بحجة ملكات الجمال أو بحجة أخري مما يمليه الشياطين . ثم تجد فيها من مواضيع الحب والغرام الشيء المهول ، وهذا يهدف إلى تهوين أمر الفواحش وقلب المفاهيم الراسخة ، وإحلال مفاهيم جديدة مستغربة بعيدة عما تعرفها هذه الأمة المحمدية ، فمن هذه العبارات :
في مجلة سيدتي في عدد 510 : قالت من عيوب الزوج العربي ( الغيرة ) !!! .
في مجلة كل الناس عدد 58 : قالت إحدى الكاتبات : ماذا لو قالت امرأة : ( هذا الرجل صديقي ) !!!.
في مجلة الحسناء عدد 81 : الفضيلة والكرامة تعترضان مسيرة النجاح . أ .هـ .
فعلى هذا مسيرة النجاح لابد فيها من الفحش والدعارة حسب مفهومهم المريض .
مجلة سلوى عدد 1532 ( لقاء مع راقصة شابة ) ، تقول هذه الراقصة : في حياتنا اهتمامات لا داعي لها ، ويمكن أن يستغنى عنها ، ثم تقول هذه العبقرية التي جاءت بما عجز عنه الأوائل والأواخر – تقول : كمعامل الأبحاث الذرية لأننا لم نستفد منها شيئاً ، يعنى حتى يبقى الأعداء يهددون المسلمين بالأسلحة الذرية . اليهود والهندوس والنصارى والبوذيون – كما تقول - ! سوف نستفيد كثيراً لو أنشأنا مدرسة للرقص الشرقي تتخرج منها راقصة مثقفة لجلب السياح .أ.هـ .
وهكذا تستمر المسيرة لنحارب أعداءنا بالرقص ، كما حاربهم جمال عبد الناصر بأغاني أم كلثوم .
في مجلة فرح عدد 43 ، تقول : الزواج المبكر إرهاق للمرأة وصداع للرجل .
ولا ننسى مجلة روز اليوسف وهي من أخبث المجلات ومن أوائل مصادر التغريب النسائي في العالم العربي ، في هذه المجلة تجد الخبث والخبائث ، وبمجرد أن تأخذ أحد الأعداد سوف تجد العجب . وكذلك مجلات ( اليقظة ، والنهضة ، صباح الخير ، هي ، الرجل ، فرح ..... الخ تلك القائمة الطويلة ، كما تجد أيضاً داخل هذه المجلات مقالات طبية ونفسية واجتماعية : كأنها تحل مشاكل الفتيات ، فتراسلها الفتيات من أنحاء العالم العربي ، ثم بعد ذلك يدلها ذلك المتخصص – لكنه ليس متخصصاً في حل المشاكل حقيقة إنما متخصص في التغريب – يدلها على الطرق التي تجعلها تسلك مسالك المستغربات السابقات ، كما تجد مقابلات مع الفنانات والممثلات ومع الغربيات ومع الداعيات لتحلل المرأة واللاتي يسمين بالداعيات لتحرير المرأة ، وتجد فيها الانشغال بأخبار : ديانا ، وكلبها ، ولباسها ، وفساتينها ، وتزلجها فوق جبال الهملايا ، وغير ذلك من الغثاء الذي لا ينقضي ولا ينتهي ، ترهق به المرأة المسلمة ، ويصدع به الرجل المسلم . ثم تجد في هذه المجلات بريد المجلة أو ركن التعارف من أجل التقريب بين الجنسين وتلك خطوة لإفساد المجتمعات الإسلامية ، وهكذا دواليك .
وهناك أبحاث منشورة ، عن حقيقة الدور الذي تقوم به هذه المجلات ، ففي دراسة عن مجلة سيدتي نشرتها مجلة المغترب(10) ذكرت أنها يقصر طرقها على شرائح اجتماعية بعينها ، وكثيراً ما تحمل الطابع الأوربي المبهر في طياتها ، وتقدم الحسناوات والشقروات كنماذج تحتذي ، وإذا ما حاولت معالجة مشكلات المرأة العربية تعمد في أغلب الأحيان إلى استعارة النموذج الغربي .
وتقول الدكتورة فوزية العطية التي أعدت دراسة أخرى عن هذه المجلات النسائية : إنها غالباً ما تعرض في صورة الإغراء والإثارة .
وتستشهد الباحثة بدراسة مشابهة للدكتورة عواطف عبد الرحمن من مصر تقول فيها : أن التركيز في هذه المجلات منصب على النماذج الغربية للمرأة ويروج القيم الاستهلاكية الغربية من خلال المواد الإعلامية والإعلانات التي تقدمها : كالأزياء والمكياج والعطور ........ إلى آخر ما ذكرته هذه الدراسة المهمة .
ونشرت مجلة زهرة الخليج الظبيانية بتاريخ 20/10/ 1979 م نتائجا لبحث علمي طبق على مجموعة من المجلات النسائية وصفحات المرأة واتضح أن الصحافة النسائية العربية ركزت على الصورة العاطفية للمرأة العربية أكثر من الصورة العقلانية .
ويقول الشيخ العلامة محمد بن عثيمين حفظه الله في خطبة قيمة له عن فتن المجلات :.
وانفتحت طامة كبرى وبلية عظمي ، تلك الصحف والمجلات الداعية إلى المجون والفسوق والخلاعة في عصر كثر فيه الفراغ الجسمي والفكري وسيطرت الفطرة البهيمية على عقول كثير من الناس فعكفوا على هذه الصحف والمجلات فأضاعوا بذلك مصالح دينهم ودنياهم .... الخ .
ثم يقول حفظه الله : وجدت هذه المجلات هدّامة للأخلاق مفسدة للأمة لا يشك عاقل فاحص ماذا يريده مروجوها بمجتمع إسلامي محافظ .
ويقول أثابه الله : ومن مفاسد هذه الصحف والمجلات أنها تؤثر على الأخلاق والعادات بما يشاهد فيها من صور وأزياء فينقلب المجتمع إلى مجتمع مطابق لتلك المجتمعات الفاسدة .
ويقول أيضاً : فاقتناء مثل هذه المجلات حرام وشراؤها حرام وبيعها حرام ومكسبها حرام واهداؤها حرام وقبولها هدية حرام وكل ما يعين على نشرها بين المسلمين حرام لأنه من التعاون على الإثم والعدوان .أ.هـ .
والذي يباع في بلادنا من هذه المجلات عدد هائل جداً ربما لا يخطر على بال ، فمثلاً يدخل إلى أسواقنا أكثر من أربعين صحفية أسبوعياً وشهرياً في غلافها فتاة لا تتكرر أبداً ، وبلغ عدد الصحف الوافدة إلى أسواقنا شهرياً ما يزيد عن خمسة ملايين نسخة شهرياً ، بل إن إحدى المجلات النسائية الشهيرة وهي مجلة يقصد بها تغريب المرأة توزع شهرياً أربعمائة وأربعين ألف نسخة ، فمعنى ذلك أنه سيقرئها ما يقارب من أربعمائة ألف فتاة(11) .
أما التلفزيون وتأثيره فقد جاء في تقرير لليونسكو : إن إدخال وسائل إعلام جديدة وبخاصة التلفزيون في المجتمعات التقليدية أدى إلى زعزعة عادات ترجع إلى مئات السنين وممارسات حضارية كرسها الزمن – واليونسكو مؤسسة دولية تابعة للغرب وتدعو إلى التغريب - .
وتبين من خلال إحدى الدراسات التي أجريت على خمسمائة فيلم طويل أن موضوع الحب والجريمة والجنس يشكل 72% منها ، يعني تقريباً ثلاثة أرباع الأفلام كلها للحب والجريمة والجنس ، وتبين من دراسة أخرى حول الجريمة والعنف في مئة فيلم وجود 68% مشهد جريمة أو محاولة قتل ، وجد في 13 فيلم فقط 73 مشهداً للجريمة ، ولذلك قد تجد عصابات جريمة من الأحداث والصغار لأنهم تأثروا من الأفلام التي يرونها(12) .
أما الأفلام فيقول الدكتور هوب أمرلور وهو أمريكي يقول إن الأفلام التجارية التي تنشر في العالم تثير الرغبة الجنسية في موضوعاتها ، كما أن المراهقات من الفتيات يتعلمن الآداب الجنسية الضارة – فإذا كانت ضارة بميزان هذا الأمريكي فكيف بميزان الشرع - .
ثم يتابع الأمريكي فيقول : وقد ثبت للباحثين أن فنون التقبيل والحب والمغازلة والإثارة الجنسية والتدخين يتعلمها الشباب من خلال السينما والتلفزيون .
2. ومن وسائل العلمانيين الخطيرة التي يسعون من خلالها إلى تغريب المرأة المسلمة التغلغل في الجانب التعليمي ومحاولة إفساد التعليم ، إما بفتح تخصصات لا تناسب المرأة وبالتالي إيجاد سيل هائل من الخريجات لا يكون لهن مجال للعمل فيحتاج إلى فتح مجالات تتناسب مع هذه التخصصات الجديدة التي هي مملوءة بالرجال ، أو بإقرار مناهج بعيدة كل البعد عن ما ينبغي أن يكون عليه تدريس المرأة المسلمة . وفي البلاد العربية من المناهج ما تقشعر له الأبدان وقد نجد في التعليم المناداة بالمساواة بينهما وبين الرجل في كل شيء ، ودفع المرأة إلى المناداة بقضايا تحرير المرأة كما يسمونها ، وفيها أيضاً الاختلاط فمعظم البلاد العربية التعليم فيها مختلط إلا ما قل فالشاب بجانبه فتاة ، هذا التعليم المختلط سبب كبير من أسباب تحلل المرأة ، ومن ثم من أسباب تغريب المرأة . ولذا فإن أحسن الحلول أن تقوم البلاد الإسلامية بإنشاء جامعات متخصصة للنساء ، وقد نادي بذلك بعض الباحثين الباكستانيين في دراسة جميلة جيدة بين فيها أن ذلك أفضل سواء في نسب النجاح أو في التفوق في التخصص أو في إتقان العمل سواء للرجال الشباب أو حتى للشابات في جميع أنواع الدراسة من دراسات إنسانية أو دراسات تطبيقية من طب وهندسة وغيرها مما ذكر في رسالته ، وقد لا نوافقه في بعض التخصصات التي نرى أن المرأة لا تحتاجها .
3. ومن أساليبهم التأليف في موضوع المرأة وإجراء الأبحاث والدراسات التي تُمْلاُ بالتوصيات والمقترحات والحلول في زعمهم لقضايا المرأة ومشاكلها تقول إحداهن في رسالتها للدكتوراه والتي عنوانها : ( التنمية الاقتصادية وأثرها في وضع المرأة في السعودية ) تقول وهي تعد المبادئ الإسلامية التي هي ضد مصلحة المرأة كما تزعم : إن شهادة المرأة نصف شهادة الرجل(13) ، وقوامه الرجل على المرأة ثم تعد الحجاب من المشاكل التي هي ضد مصلحة المرأة(14) ثم تشن هجوماً على هيئات الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر وتلوم الرئاسة العامة لتعليم النبات لموقفها من الإبتعاث للخارج(15) ثم بعد ذلك تنتهي في دراستها أو في رسالتها للدكتوراه إلى التوصيات ، ومن توصياتها :
‌أ- الإقلاع من عمليات الفصل بين الجنسين – يعنى التعليم المختلط الذي ذكرناه سابقاً - .
‌ب- إنشاء أقسام للنساء في كل مؤسسة حكومية وإنشاء مصانع للصناعات الخفيفة(16) وهذه النقطة الأخيرة وهي إنشاء مصانع نادي بها آخرون أيضاً ونادوا بفتح مجالات دراسة مهنية للمرأة .
كما قدمت امرأتان من الخليج ( دراسة استقصائية بشأن البحوث المعدة عن المرأة في منطقة الخليج ) هذه الدراسة قدمت لمؤتمر عقد في تونس عام 1982 م بإشراف اليونسكو ، حضر المؤتمر كما تقول مقدمة الكتاب 17 عالمة اجتماعية من 12 بلد ونشرت اليونسكو 7 دراسات مما قدم للمؤتمر بعنوان : ( الدراسات الاجتماعية عن المرأة في العالم العربي ) ، والذي يقرأ هذا الكتاب يدرك خطورة الأمر وضخامة كيد الأعداء للمرأة المسلمة ، ومما ذكرته هاتان الكاتبتان عن المرأة في الخليج تحت عنوان : ( الحلول المقترحة للعقبات الرئيسية التي تواجه المرأة في الخليج ) ما يلي :
- ذكرتا أن دراسة أعدها الاتحاد الوطني لطلبة البحرين تطالب بالتعليم المختلط حتى يمكن التغلب على الحواجز النفسية بين الجنسين .
ويلاحظ أن قضية التعليم المختلط تتكرر عدة مرات مما يؤكد أن تغريب التعليم هدف رئيسي للعلمانيين .
وتنقلان أيضاً اقتراحاً بتخطيط السياسات التعليمية من أجل تشجيع مزيد من النساء للانضمام للميادين العلمية والمهنية بدلا من تركيزهن على الميادين الإنسانية والعلوم الاجتماعية ، والسبب في نقلها لميادين مهنية وعلمية حتى تفتح مصانع وبالتالي يحصل الاختلاط المطلوب .
ثم تنقلان عن باحثين آخرين قولهما بضرورة أن تعتبر المرأة في الخليج تحررها بمثابة تحرير وطني – يعني كأنها في استعمار – وعليها أن تناضل من أجل التحرير الوطني .
ثم تنقلان عن باحثين وباحثات من دول الخليج ضرورة منح المرأة في الخليج فرصاً متعادلة في ميدان العمل .
4. ومن أساليبهم عقد المؤتمرات النسائية أو المؤتمرات التي تعالج موضوع المرأة ، أو إقامة لقاءات تعالج موضوعاً من المواضيع التي تهم المرأة سواء كان موضوعاً تعليمياً أو تربوياً أو غير ذلك ، ففي هذه المؤتمرات واللقاءات تطرح دراسات وأفكاراً ومقترحات تغريبية كالمؤتمر السابق في تونس وغيره كثير .
وقد عقد المؤتمر الإقليمي الرابع للمرأة في الخليج والجزيرة العربية في 15/2/1976 م(17)، في إحدى دول الخليج وكان التركيز على ما يسمى بقضية تحرير المرأة وأصدر قرارات منها :
‌أ- لابد من مراجعة قوانين الأحوال الشخصية في ضوء التحولات الاقتصادية والاجتماعية لدول المنطقة ومحاولة الدفع بدراسة قانون الأحوال الشخصية العربية الموحدة – يريد إيجاد قانون علماني والأحوال الشخصية في مصطلحهم يراد بها مسائل النكاح والطلاق - .
‌ب- التأكيد على أهمية وضرورة النظر في الكتب والمناهج التربوية عند تناولها لقضية المرأة بما يضمن تغيير النظرة المتخلفة لأدورها في الأسرة والعمل .
ثم تتابع هذه الدراسة فتقول : إن القوانين والأنظمة التي كانت تخضع لها الأسرة قبل ألف عام ( لاحظ قبل ألف عام) ما تزال تطبق على العلاقات الأسرية في عصرنا الحاضر دون النظر إلى مدى ملائمتها لنا .
ما هي القوانين التي من ألف عام ؟ إنها شريعة الإسلام .
فهؤلاء النسوة من نساء الخليج يردن تغيير الشريعة الإسلامية التي تطبق على المرأة من ألف عام .
5. ومن وسائلهم في تغريب المرأة المسلمة إبتعاثها للخارج وهذا حصل كثيراً في كثير من بلدان المسلمين وإن كان يختلف من بلد إلى بلد قلة وكثرة ، وحينما تذهب امرأة مسلمة إما لم تدرس شيئاً عن الدين كما في بعض البلدان العربية والإسلامية ، أو ليس معها محرم ، ثم ترمى في ذلك المجتمع المتحلل ، فماذا تتصور لها ؟ وماذا تتوقع لها أن تفعل ؟ ، إنه أمر خطير إذا كان الشاب المسلم يُخشى عليه من الذوبان فيذهب كثيرون مسلمون ويرجعون منحرفين ، فما بالك بفتاة تذهب في بحر متلاطم من الفساد والإفساد .
ألقاه في اليم مكتوفاً وقال له إياك إياك أن تبتل بالماء

فإذا رجعت هذه الفتاة المبتعثة كانت رسول شر للعالم الغربي من أجل تغريب المسلمات ونقلهن من التمسك بالشرع والخلق الإسلامي إلى التمسك بالمناهج والأفكار والآراء الغربية ، كما فعل أسلافها في مصر والكويت ، وكثير من المستغربات هن من هذا النمط الذي أشبع بالثقافة الغربية في غياب علم بالدين واعتقاد به مما أدى إلى استغرابها – أي كونها متبعة للغرب في نمط حياتها - .
6. ومن أساليب العلمانيين : التعسف في استخدام المنصب ، فقد تجد أحدهم في منصب ما ، ثم بعد ذلك يبدأ يصدر قوانين أو قرارات يمنع فيها الحجاب كما حصل في مصر وفي الكويت ، أو يفرض فيها الاختلاط ، أو يمنع عقد ندوات ونشاطات إسلامية ، أو يفرض فيها اختلاطا في مجالات معينة ، وبالتالي يحصل احتكاك الفتاة بالشاب ، ومن ثم يسهل هذا الأمر ، وكلما كثر الإمساس قل الإحساس ، ثم بعد ذلك تتجاوز الحواجز الشرعية وتبتعد عن حياتها تذوب كما ذاب غيرها .
7. ومن أساليبهم أيضاً : العمل والتوظيف غير المنضبط ، يعني إما باختلاط بتوظيف الرجال والنساء سواسية أو بتوظيف المرأة في غير مجالها ، ويكون هذا على طريقة التدرج ، على الطريقة التي يسميها الشيخ محمد قطب : بطيء ولكنه أكيد المفعول . وعلى طريقة فرض الأمر الواقع ، على سبيل المثال تجد في المستشفيات الكثير من الاختلاط في الوظائف ، وتجد ذلك في الطيران وبعض الشركات ، وتجد ذلك في أماكن كثيرة في بلاد المسلمين ، ومن ذلك التوظيف في بعض المستشفيات الذي حصل في الأقسام الإدارية وفي أقسام العلاقات العامة والمواعيد وفي الأقسام المالية ، بل وصل الأمر إلى توظيف النساء حتى في أقسام الصيانة والهندسة التي يختص بها الرجال . وهنا يحصل الاختلاط ساعات طوال في مكتب واحد في بعض المكاتب الإدارية والمالية .
ومن ذلك أيضاً المشاركة والاختلاط في الأندية التي تكون في المستشفيات أندية ترفيه أو أندية اجتماعية أو غير ذلك ، بل لقد وصل الفساد وعدم الحياء ببعضهن إلى المجاهرة بالتدخين أمام الآخرين من الزملاء ، وليس ذلك في غرف القهوة والمطاعم فحسب ، بل على المكاتب الرسمية .
8. الدعوة إلى إتباع الموضة والأزياء وإغراق بلاد المسلمين بالألبسة الفاضحة ، ومسألة الموضة كما سبق ذكره والأزياء مسألة خطيرة ، فإن اللباس من شعارات الأمم ، وكل أمة لها لباس يخصها ، صحيح أن الإسلام لم يعين للرجل أو المرأة لباساً معيناً لا يجوز له أن يلبس إلا هو ، لكنه وضع ضوابط الشرعي في لباس المرأة وليس فيه تشبه فلا بأس من أي لباس كان مادام مباحاً ، أما إذا لبست المرأة المسلمة لباساً غربياً تقليداً للغربيات ، وتشبهاً بهن ، وإتباعا لهن ، وأخذا بالموضات كما هو حاصل فهذه المحظور الذي نخشاه ، وإن التشبه في الظاهر يؤدي إلى تشبه في الباطن ، وإلى تأثر بالأخلاق والعادات والعقائد كما قرر شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه ( اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم ) ولذا فإن المرأة المسلمة مطالبة بالابتعاد عن اتباع الغرب في موضاتهم وأزيائهم ، ولنعلم جميعاً أن المستفيد من ذلك هم تجار اليهود الذين يملكون بيوت الأزياء ومحلات صناعة الألبسة في باريس وفي لندن وفي غيرها .
كما أن من خطط العلمانيين إغراق بلاد المسلمين بالألبسة الفاضحة والقصيرة ، فأحدنا لا يستطيع أن يجد لابنته الصغيرة ، لباس ساتراً فضفاضاً إلا بشق الأنفس ، ولذا فنحن بحاجة إلى حماية لدين المستهلك مثل حماية المستهلك من جشع التجار فيحمى المستهلك من الغزو التغريبي للمرأة المسلمة في لباسها وفي لباس ابنتها ، وعلى التجار المسلمين أن يفرضوا ويشترطوا اللباس المقبول عند المسلمين الذي لا يحمل صوراً ولا كتابات وليس بلباس فاضح ولا بضيق ولا بكاشف ، والشركات الصانعة إنما تريد المال ولأجله تصنع لك أي شيء تريد فإذا ترك لها الحبل على الغارب صنعت ما يضر بأخلاق المسلمين .
9. ومن أساليبهم القديمة والتي وجدت في مصر وفي العراق وفي لبنان وفي غيرها :
إنشاء التنظيمات والجمعيات والاتحادات النسائية ، فقد أنشأ الاتحاد النسائي في مصر قديماً جداً على يد هدى شعراوي كما سبق وذلك بدعم غربي سافر ، وكذلك أنشئت الجمعيات النسائية في العراق وفي غيره في وقت مبكر من الحملة التغريبية ثم تبعتها البلاد العربية الأخرى ، هذه الاتحادات النسائية والتنظيمات والجمعيات ظاهرها نشر الوعي الثقافي والإصلاح وتعليم المرأة المهن كالشك والتطريز والخياطة والضرب على الآلة وغير ذلك ، ولكن قد يكون باطنها سما زعافا فتعلم المرأة الأفكار والقيم الغربية الخبيثة التي تنقلها من الفكر الإسلامي النير المستبصر إلى الفكر المظلم من الغرب الكافر ، ولا ينكر أنه يوجد بعض الجمعيات التي تعمل بجد لتحقيق مصلحة المرأة على ضوء الإسلام الصحيح والتي نرجو الله – عز وجل – أن يوفقها لسلوك الطريق المستقيم ، وإذ نقول هذا نسأل المولى أن يمن على جميع الاتحادات والتنظيمات النسائية في العالم الإسلامي بالرجوع إليه – سبحانه – والرجوع بالمرأة المسلمة إلى الصواب الذي أراد الله – عز وجل – أن تسير عليه .
10. ومن أخبث أساليبهم وهي التي يثيرونها دائماً على صفحات الجرائد والمجلات وغيرها التظاهر بالدفاع عن حقوق المرأة وإثارة قضايا تحرر المرأة خاصة في الأوقات الحساسة التي تواجهها الأمة ، وإلقاء الشبهات ، فمرة يلقون قضية تحرير المرأة ومساواتها بالرجل ، ومرة يبحثون في موضوع التعليم المختلط وتوسيع مجال المشاركة في العمل المختلط وغير ذلك ، قد يتم ذلك باسم الدين ، وقد يتم ذلك باسم المصلحة ، وقد يتم ذلك بعبارات غامضة وهذه طريقة المنافقين التخفي خلف العبارات الغامضة الموهمة في كثير من الأحيان .
11. ومن أخبث طرقهم ووسائلهم : شن هجوم عنيف على الحجاب والمتحجبات وعلى العفاف والفضيلة وتمجيد الرذيلة في وسائل الإعلام بأنواعها وفي غيرها أيضاً ، سواء كان في المنتديات والأندية الثقافية والأدبية ، أو كان في الجلسات الخاصة وفي غيرها ، فهذه جريدة الوطن الكويتية في يوم السبت 19 صفر 1414هـ تكتب مقالاً بعنوان ( نحن بين الحجاب والسفور ) وهو مقال يقطر سماً وخبثاً ، والمقال بيد كاتب كويتي يقول : اختلفت الأقاويل في الحجاب والسفور ، فمنهم من يؤيده ، ومنهم من يعارضه ، فملؤوا صفحات الجرائد المحلية بآراء متضاربة فيها مندفع اندفاع كلياً نحو التحرر من الكابوس الثقيل وهو الحجاب ، والفئة الأخرى وهي التي تمثل الرجعية البغيضة تعارض بقوة شديدة السفور وتعتقد بل تجزم أنه سوف يفضي إلى نتائج مريعة تصيب المجتمع بأمراض جسيمة – ثم يقول برأيه التافه الساقط – وكل هذا وذاك لن يقف في الطريق ، ولن يحد من قوة التيار ، فالسفور آت لا محالة على فترات متتابعة شاءت التقاليد أم أبت .
نسأل الله عز وجل – أن يرده من الضلال إلى الهدى ومن الخطأ إلى الصواب .
وقد تولى كبر هذا الهجوم العنيف على الحجاب والمحجبات المجلات والجرائد المصرية والمجلات والجرائد الكويتية ، حتى كتب رئيس تحرير مجلة مصرية مشهورة يقول : إن المحجبات أو اللاتي تبن من الممثلات وتمسكن بالحجاب يعطين أموالاً من دولة أجنبية . وقد رد عليه مجموعة من هؤلاء التائبات على صفحات مجلة المجتمع وقلن فيه : إنهن رجعن إلى الله – عز وجل – وتركن ذلك العفن الفني إلى غير رجعة ، وإنهن قبضن من الله وعداً بأن من تاب وآمن وعمل صالحاً ثم اهتدى غفر الله له وأدخله الجنة .
وكتبت جريدة المسلمون(18) تحت عنوان رائدات العلمانية والحوارات الوهمية تقول :
سنوات طوال والحوارات الوهمية بين رائدات التبرج والمجبرات على الحجاب لا تنقطع – طبعاً هذا حوار وهمي يعني ليس بصحيح ، بل تقصد العلمانية أو ذلك الكاتب العلماني الذي يبقى على مكتبه ويتخيل حواراً يشن فيه هجوماً على الحجاب ويظن أن المحجبات مكرهات فيكتب مقالة ثم ينشرها وهو هراء محض – من أبرز هذه الحوارات ذلك الذي جري بين كاتبة صحفية شهيرة ، زارت مدينة عدن ثم انتقلت لمدينة صنعاء وفي الأخيرة أجرت حواراً خيالياً مع فتاة يمنية نهرتها عندما مدت يدها محاولة كشف غطاء رأسها ، ثم ينتهي الحوار بضحكة عالية دوت في سماء صنعاء معلنة قرب ميلاد الفجر الجديد – يعني السفور والتحلل – قالت الجريدة : وما بين البداية القاسية للحوار والنهاية السعيدة به ، قالت فتاة صنعاء ضمن ما قالت : إنها مجبرة على ارتداء هذا القيد ، وأنها تتحايل من أجل الفكاك منه ، وأنها عندما تتوارى عنهم سرعان ما تخلعه ، أما الفجر الجديد فهو ذلك اليوم الذي ينزاح فيه المطالبون بتطبيق شرع الله وترك الناس للشرائع الغريزية بدعوى الحرية .
ولعل صاحبة هذا الحوار كانت بدورها تنتظر هذا الفجر – بفتح الفاء وضمها يعني الفُجر – غير أن ما حدث قد أصابها بسكتة صحفية نتمنى أن تدوم ، لقد تمكن اليمنيون بفضل الله ثم بفضل رؤية أصحاب العقول السليمة من تحديد طريقهم في الحياة وتسابق الجميع وفي مقدمتهم أبناء عدن في تأييد الأخذ بقوانين الشريعة الإسلامية ، إن داعيات التبرج ورائدات العلمانية يهاجمن الحجاب ، ويهاجمن المتحجبات ، ويفترضن أحاديث مكذوبة يزعمن فيها أن المحجبات ، يتمنين اليوم الذي يلقين فيه هذا الحجاب ، وهذا كله كذب ، فالحمد لله العالم الإسلامي كله من أقصاه إلى أقصاه يشهد رجعة وتوبة إلى الله العزيز الحكيم – جل وعلا- سواء من الرجال أو النساء ، وحينما تنظر إلى الجامعات وتدرس حالها قبل سنوات تجد قلة المتحجبات ثم انظر إليها الآن ، في كل جامعات الدول العربية الأخرى تجد كثرة المتحجبات في هذا الوقت بحيث أصبحن يشكلن الأغلبية في كثير من الجامعات بحمد الله وهذا ما أوغر صدور أولئك العلمانيين والعلمانيات .
12. ومن أساليب العلمانيين أيضاً تمجيد الفاجرات من الغربيات والممثلات والراقصات والمغنيات وغيرهن ، فتذكر بأنها النجمة الفلانية ، وأنها الشهيرة فلانة ، وأنها الرائدة في مجال كذا ، وأنها التي ينبغي أن تحتذي ، وأنها القدوة في مجال كذا ، وأنها حطمت الرقم القياسي في الألعاب الفلانية أو الطريقة الفلانية ، وهذه الصحف ، وهذه الكتابات العلمانية توهم المرأة المسلمة بأن هذا هو الحق وهذا هو الطريق الذي ينبغي أن تسلكه ، فتتمنى أن تكون مثلها وتحاول أن تتشبه بها ، ولهذا ضاق صدر أولئك بتلك الفنانات التائبات لأنهن سيمثلن قدوة مضادة لما يريدون .
13. ومن أساليبهم : الترويج للفن والمسرح والسينما ، وهذا من أخطر الأساليب العلمانية التي نجح العلمانيون في إغواء المرأة المسلمة من خلالها ، فهم قد ينشرون قصصاً لبعض الكاتبات ويقولون بقلم القاصة فلانة ، وأحياناً ينتشرون قصيدة للشاعرة فلانة ،ومرة أخرى ينشرون مقالة للأديبة فلانة ، وكذلك ينشرون دعاية لمعارض تشكيلية تقيمها الفنانة فلانة ، وقد يدعونها للمشاركة في التمثيل أو في المسرح أو غير ذلك مما يؤدي إلى أن تبهر هذه الفتاة وتغير أفكارها وينغسل عقلها ، ومن ثم تكون داعية للتغريب وللعلمنة ولتحلل المرأة المسلمة ، إذ أنها لابد لها من الانسياق كي تحافظ على مكانتها الوهمية فتنغمس – وهي لا تدري – في ذلك الخبث حتى تصبح لا تدرك خبثه ، ويصبح الطيب خبيثاً لديها ، والعياذ بالله من الانتكاس .
14. ومن أخبث أساليبهم المنتشرة : استدراج الفتيات المسلمات – خاصة النابغات – للكتابة أو للتمثيل أو الإذاعة لاسيما إذا كن متطلعات للشهرة أو للمجد أو لغير ذلك فتدعى هذه الفتاة للكتابة في الصحيفة وتمجد كتاباتها ، وقد تكتب قصة ثم يأتي مجموعة من الفنانين أو من الحداثيين أو من غيرهم فيقومون بتحليل هذه القصة وفي أثناء هذا التحليل ، يلقون في أرواع الناس أن هذه القاصة قد وصلت إلى المراتب العليا في هذا المجال وأنها أصبحت من الرائدات في مجال القصة ، ويلقون عليها هالة عظيمة – والشواهد معروفة – فتندفع بعض الفتيات المغرورات للكتابة والاتصال بهؤلاء من أجل أن ينشروا لهن ما يكتبن ، وقد يقوم بعضهم بكتابة مقالات بأسماء نسائية مستعارة ، ومثل هذا كثير من أجل إيقاع النساء المسلمات في حبائل هؤلاء الشياطين .
15. ومن أساليبهم أيضاً : تربية البنات الصغيرات على الرقص والموسيقى والغناء من خلال المدارس والمراكز وغيرها ، ثم إخراجهن في وسائل الإعلام فتجد فتيات في عمر الزهور يخرجن للرقص والغناء وهن يتمايلن وقد لبسن أجمل حلل الزينة ، فكيف يا ترى سيكون حال هذه الفتاة إذا كبرت ! إلى أين ستتجه إن لم تتداركها عناية الله ورحمته ؟والتالي يكون ذلك سبباً من أسباب اجتذاب عدد آخر من الفتيات اللاتي يتمنين أن يفعلن مثل هذه التي ظهرت على أنها نجمة ثم قد تكون في المستقبل مغنية أو ممثلة شهيرة ، عافانا الله والمسلمين .
16. ومن وسائلهم إشاعة روح جديدة لدى المرأة المسلمة تمسخ شخصيتها من خلال إنشاء مراكز يسمونها مراكز الطبيعي للسيدات ، وقد قامت مجلة الدعوة مشكورة بكتابة تقرير عن هذه المراكز في عدد 1328 الصادر في 3/8/1412 هـ ، إذ زارت إحدى الكاتبات بعضا من هذه المراكز وكتبت تقول : في ظل التغيرات والمستجدات التي تظهر بين وقت وآخر ظهر تغير سلبي وهو افتتاح مراكز تسمى مراكز العلاج الطبيعي للسيدات ، والحقيقة أن هذا المركز يخفي ورائه كثير من السلبيات من أبرزها فتح المجال للنساء لممارسة الألعاب الرياضية مقابل قيمة مالية ، وذلك بدعوى إيجاد وسيلة جديدة تمضي فيها المرأة وقتها وتجعلها تحافظ على رشاقة جسمها – كل مبطل يغلف دعواه بالإصلاح ويزخرف القول – قالت : ومع أن هذا سبب مرفوض أيضاً إلا أن هذه المراكز قد تؤدي إلى صرف اهتمامات المرأة المسلمة المحافظة على دينها وتغيير واجهة اهتماماتها وواجباتها الشرعية . ثم تمضي الأخت فتقول : ولمعرفة واقع تلك المراكز وما يدور فيها وما تقدمه لمرتادها قمت بزيارة بعضها والاتصال بالبعض الآخر منها كأي امرأة أخرى تسأل عنها قبل الالتحاق بها وذلك في محاولة للوصول للحقائق الكاملة ومعرفة ما يدور فيها ، وخلاصة التقرير :
- انتشار اللباس الغير ساتر في هذه المراكز ، بل واشتراطه .
- قيام بعض المراكز بتعيين أطباء من الرجال لابد من مرور المتدربات عليهم .
- انتشار الموسيقى الغربية في هذه المراكز ومن شروط بعض المراكز عدم اعتراض المتدربة على ذلك .
- وضع حمامات جماعية للسونا تلبس فيها النساء ملابس داخلية فقط ، ويكن مجتمعات داخله .
- انتشار هذه المراكز حتى في الفنادق والكوافيرات والمشاغل وتقديمها كخدمة مشتركة .
وكل هذا نمط جديد لم نعرفه من قبل ولو قامت النساء بعملهن في بيوتهن لما احتجن لهذا ، والله المستعان .
17. ثم أختم هذه الأساليب بهذا الأسلوب الخطير وهو إشاعة الحدائق والمطاعم المختلطة للعائلات والتي انتشرت مؤخراً :
فقد زار بعض الأخوة بعضا من المطاعم والحدائق العائلية والتي فيها محاذير كثيرة وفتح بها أبواب للشياطين جديدة ، مع أنها دخيلة على نمط الحياة الإسلامية وهي سمة غربية بحتة ، وبدأ النسوة يرتدنها إما منفردات أو يدعو بعضهن بعضا لتناول العشاء أو الغداء – ومن هؤلاء فضيلة الشيخ محمد الفراج جزاه الله تعالى خير الجزاء – ثم كتبوا تقريراً بينوا فيه ما تخفيه هذه المطاعم المختلطة ، وذكروا أن هذه المطاعم يكون فيها اختلاط الشاب بالفتاة ، وأنه قد تدخلها المرأة بدون محرم وجواز المرور بالنسبة للرجل أن يكون معه امرأة سواء كانت خادمة أو كانت طفلة أو غير ذلك ، وبذلك أصبحت مكاناً صالحاً للمواعيد الخبيثة ولغير ذلك ، وذكروا أن هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تواجه من هذه الحدائق وهذه المطاعم مشاكل كبيرة للغاية لأنها يجتمع حولها الشباب وبعضهم قد يدخل وبعضهم قد يبقى خارجها ، ثم بعد ذلك كتب فضيلة الشيخ العلامة عبد الله بن جبرين تأييداً لكلام هؤلاء الأخوة ، يقول فيه : الحمد لله وحده وبعد ، رأيت أمثلة مما ذكر في هذا التقرير مما يسترعى الانتباه والمبادرة بالمنع والتحذير )) ا.هـ .
وقد تكون هذه الحدائق والمطاعم أوجدت بحسن نية لكنها سبب مهم من أسباب تغريب المرأة إذ أنها تشيع مظاهر التغريب من اختلاط أو خلوة بالرجل الأجنبي عن المرأة ومن فتحها لباب الفواحش والدخول على النساء الشريفات فيفتن في دينهن وعفتهن مع غلبة الداعي للفحش بسبب كثرة المثيرات والله المستعان .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(10) مجلة المغترب تصدر سابقاً في الولايات المتحدة . وانظر أيضاً جريدة الوطن الكويتية في 14/ 6/ 1988 م . وفيها عرض لدراسة أكاديمية عن هذه المجلات .

(11) فتياتنا بين التغريب والعفاف للشيخ الفاضل د .ناصر العمر .

(12) المرجع السابق نقلها عن مقالة الدكتور حمود البدر

(13) التنمية الاقتصادية وأثرها في وضع المرأة في السعودية ، ص 39 .

(14) المرجع السابق : ص 76- 77- 88 .

(15) المرجع السابق : ص 172 – 182 .

(16) المرجع السابق : ص 265 – 267 . راجع المرأة وكيد الأعداء د . عبد الله وكيل الشيخ .

(17) فتياتنا بين التغريب والعفاف للشيخ الفاضل د .ناصر العمر .

(18) جريدة المسلمون في 10/ 3/ 1414 هـ

د.فالح العمره 16-02-2008 08:36 PM

رد: دراسات عن الاختلاط بين الجنسين في التعليم والعمل
 
الرد على ما نشر حول الدعوة للاختلاط والزعم بأن عزل الطلاب عن الطالبات مخالف للشريعة]
الرد (43) على ما نشر حول الدعوة للاختلاط والزعم بأن عزل الطلاب عن الطالبات مخالف للشريعة
حكم الاختلاط في التعليم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
فقد اطلعت على ما نشرته جريدة السياسة الصادرة يوم 24 / 7 / 1404 هـ بعددها 5644 منسوبا إلى مدير جامعة صنعاء عبد العزيز المقالح, الذي زعم فيه أن المطالبة بعزل الطالبات عن الطلاب مخالفة للشريعة.
وقد استدل على جواز الاختلاط بأن المسلمين من عهد الرسول صلى الله عليه وسلم كانوا يؤدون الصلاة في مسجد واحد، الرجل والمرأة وقال (ولذلك فإن التعليم لا بد أن يكون في مكان واحد)، وقد استغربت صدور هذا الكلام من مدير لجامعة إسلامية في بلد إسلامي يطلب منه أن يوجه شعبه من الرجال والنساء إلى ما فيه السعادة والنجاة في الدنيا والآخرة فإنا لله وإنا إليه راجعون ولا حول ولا قوة إلا بالله.
ولا شك أن هذا الكلام فيه جناية عظيمة على الشريعة الإسلامية؛ لأن الشريعة لم تدعُ إلى الاختلاط حتى تكون المطالبة بمنعه مخالفة لها، بل هي تمنعه وتشدد في ذلك كما قال الله تعالى وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى الآية، وقال تعالى يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا
وقال سبحانه وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ إلى أن قال سبحانه وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ
وقال تعالى وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ الآية، وفي هذه الآيات الكريمات الدلالة الظاهرة على شرعية لزوم النساء لبيوتهن حذرا من الفتنة بهن، إلا من حاجة تدعو إلى الخروج، ثم حذرهن سبحانه من التبرج تبرج الجاهلية، وهو إظهار محاسنهن ومفاتنهن بين الرجال،
وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء متفق عليه من حديث أسامة بن زيد رضي الله عنه وخرجه مسلم في صحيحه عن أسامة وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل رضي الله عنهما جميعا،
وفي صحيح مسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال إن الدنيا حلوة خضرة وإن الله مستخلفكم فيها فناظر كيف تعملون فاتقوا الدنيا واتقوا النساء فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء ولقد صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن الفتنة بهن عظيمة، ولا سيما في هذا العصر الذي خلع فيه أكثرهن الحجاب، وتبرجن فيه تبرج الجاهلية، وكثرت بسبب ذلك الفواحش والمنكرات وعزوف الكثير من الشباب والفتيات عما شرع الله من الزواج في كثير من البلاد، وقد بين الله سبحانه أن الحجاب أطهر لقلوب الجميع فدل ذلك على أن زواله أقرب إلى نجاسة قلوب الجميع وانحرافهم عن طريق الحق، ومعلوم أن جلوس الطالبة مع الطالب في كرسي الدراسة من أعظم أسباب الفتنة، ومن أسباب ترك الحجاب الذي شرعه الله للمؤمنات ونهاهن عن أن يبدين زينتهن لغير من بينهم الله سبحانه في الآية السابقة من سورة النور، ومن زعم أن الأمر بالحجاب خاص بأمهات المؤمنين فقد أبعد النجعة وخالف الأدلة الكثيرة الدالة على التعميم وخالف قوله تعالى ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ فإنه لا يجوز أن يقال، إن الحجاب أطهر لقلوب أمهات المؤمنين ورجال الصحابة دون من بعدهم ولا شك أن من بعدهم أحوج إلى الحجاب من أمهات المؤمنين ورجال الصحابة رضي الله عنهم لما بينهم من الفرق العظيم في قوة الإيمان والبصيرة بالحق فإن الصحابة رضي الله عنهم رجالا ونساء ومنهن أمهات المؤمنين هم خير الناس بعد الأنبياء وأفضل القرون بنص الرسول صلى الله عليه وسلم المخرج في الصحيحين، فإذا كان الحجاب أطهر لقلوبهم فمن بعدهم أحوج إلى هذه الطهارة أشد افتقارا إليها ممن قبلهم ولأن النصوص الواردة في الكتاب والسنة لا يجوز أن يخص بها أحد من الأمة إلا بدليل صحيح يدل على التخصيص فهي عامة لجميع الأمة في عهده صلى الله عليه وسلم وبعده إلى يوم القيامة لأنه سبحانه بعث رسوله صلى الله عليه وسلم إلى الثقلين في عصره وبعده إلى يوم القيامة كما قال عز وجل قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا وقال سبحانه وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وهكذا القرآن الكريم لم ينزل لأهل عصر النبي صلى الله عليه وسلم وإنما أنزل لهم ولمن بعدهم ممن يبلغه كتاب الله كما قال تعالى هَذَا بَلاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ
وقال عز وجل وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ الآية وكان النساء في عهد النبي صلى الله عليه وسلم لا يختلطن بالرجال لا في المساجد ولا في الأسواق الاختلاط الذي ينهى عنه المصلحون اليوم ويرشد القرآن والسنة وعلماء الأمة إلى التحذير منه حذرا من فتنته بل كان النساء في مسجده صلى الله عليه وسلم يصلين خلف الرجال في صفوف متأخرة عن الرجال وكان يقول صلى الله عليه وسلم خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها
حذرا من افتتان آخر صفوف الرجال بأول صفوف النساء وكان الرجال في عهده صلى الله عليه وسلم يؤمرون بالتريث في الانصراف حتى يمضي النساء ويخرجن من المسجد لئلا يختلط بهن الرجال في أبواب المساجد مع ما هم عليه جميعا رجالا ونساء من الإيمان والتقوى فكيف بحال من بعدهم وكانت النساء ينهين أن يتحققن الطريق ويؤمرن بلزوم حافات الطريق حذرا من الاحتكاك بالرجال والفتنة بمماسة بعضهم بعضا عند السير في الطريق وأمر الله سبحانه نساء المؤمنين أن يدنين عليهن من جلابيبهن حتى يغطين بها زينتهن حذرا من الفتنة بهن، ونهاهن سبحانه عن إبداء زينتهن لغير من سمى الله سبحانه في كتابه العظيم حسما لأسباب الفتنة وترغيبا في أسباب العفة والبعد عن مظاهر الفساد والاختلاط،
فكيف يسوغ لمدير جامعة صنعاء هداه الله وألهمه رشده بعد هذا كله، أن يدعو إلى الاختلاط ويزعم أن الإسلام دعا إليه وأن الحرم الجامعي كالمسجد، وأن ساعات الدراسة كساعات الصلاة، ومعلوم أن الفرق عظيم، والبون شاسع، لمن عقل عن الله أمره ونهيه، وعرف حكمته سبحانه في تشريعه لعباده، وما بين في كتابه العظيم من الأحكام في شأن الرجال والنساء، وكيف يجوز لمؤمن أن يقول إن جلوس الطالبة بحذاء الطالب في كرسي الدراسة مثل جلوسها مع أخواتها في صفوفهن خلف الرجال، هذا لا يقوله من له أدنى مسكة من إيمان وبصيرة يعقل ما يقول، هذا لو سلمنا وجود الحجاب الشرعي، فكيف إذا كان جلوسها مع الطالب في كرسي الدراسة، مع التبرج وإظهار المحاسن والنظرات الفاتنة والأحاديث التي تجر إلى فتنة،
فالله المستعان ولا حول ولا قوة إلا بالله قال الله عز وجل فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ

د.فالح العمره 16-02-2008 08:40 PM

رد: دراسات عن الاختلاط بين الجنسين في التعليم والعمل
 
نتائج الدراسات الإسلامية في الاختلاط بين الجنسين )))
________________________________________
نتائج الدراسات الإسلامية في الاختلاط بين الجنسين

قامت عدة دراسات ميدانية في عدة دول عربية وأفريقية لدراسة آثار الاختلاط وقد وقفت على بعضها فمن تلك الدراسات:

الدراسة الأولى :

قامت الباحثة فاطمة محمد رجاء مناصرة بدراسة أثر مشكلة الاختلاط على تعليم الفتاة المسلمة في الجامعات الأردنية فخرجت بالنتائج التالية[1]:

السؤال الأول: هل يعد الاختلاط في الدراسة بنظرك مشكلة ؟

ـ أجاب 77 % من الطلاب والطالبات بنعم .

السؤال الثاني: إذا كان الاختلاط مشكلة، اذكر أهم السلبيات التي تعانيها بسببه ؟

فذكرت المشكلات التالية :

أ ـ مشكلات أخلاقية:

1ـ إثارة الفتنة.

2ـ التصنع في التصرفات من قبل الجنسين .

3ـ تعرض الفتيات لمضايقات الشباب.

4ـ ضعف الوازع الديني بسبب تعود الطلبة على الممارسات الخاطئة واستباحة المنكرات لكثرة تكرارها.

5 ـ انتشار ظاهرة السفور، بسبب تبرج الطالبات ولباسهن المخالف للزي الإسلامي، فطالبات الجامعة اللاتي يرحن ويرجعن بين البيت والجامعة سافرات متبرجات يلبسن ثياب رقيقة قصيرة..

6 ـ انتشار الجرائم الأخلاقية مثل الزنا، فإن كثرة المخالطة مع وجود عوامل الفتنة تؤدي إلى ارتكاب الفاحشة.

7 ـ فساد الأخلاق عند الطرفين.

ب ـ مشكلات أكاديمية:

1ـ عدم الحرية في النقاش أثناء المحاضرات ، وهذا يظهر في عدم رغبة الطلاب والطالبات بالمشاركة في الدرس خيفة أن يخطئ أحدهم فيخرج أمام الجنس الآخر ، فتشوه صورته أمام من يود كسب رضاه من الجنس الآخر .

2 ـ تعاطف المدرسين مع الطالبات وذلك على حساب الطلاب.

3 ـ التغيب عن المحاضرات وعدم الالتزام بحضورها بسبب انشغال كل جنس مع الآخر .

4 ـ صعوبة ممارسة النشاطات الجادة والفاعلة وخاصة التي تمارس في ساحات الجامعة .

5 ـ تحويل الجامعة عن الغاية الأساسية التي وجدت من أجلها .

6 ـ فيه قتل للوقت لكثرة التفكير بالجنس الآخر .

7 ـ ضعف التحصيل العلمي .

ج ـ مشكلات اقتصادية:

وقد حددها الطلبة بما يلي:

1ـ محاولة إظهار كل من الجنسين كرمة وسخاءه أمام الجنس الآخر ، وبذلك يتحمل كل منهما مسؤوليات مادية كثيرة قد تضطره لإرهاق نفسه بالديون ، أو اللجوء إلى تصرفات غير مرغوب بها لتحصيل المال .

2ـ المبالغة في النفقات على اللباس والمظهر الخارجي من قبل الجنسين وخاصة الطالبات.

د ـ مشكلات اجتماعية:

وتتلخص آراء الطلبة فيما يلي :

1ـ التقليل من قدر المرأة في المجتمع حيث تصبح عارضة أزياء تلفت الأنظار، فتعتبر نفسها كسلعة قابلة للعرض.

2ـ له آثار سلبية في الحياة الأسرية للطلاب والطالبات المتزوجين، فقد يكون سببا في دمار هذه الأسرة وتشتيت شملها بسبب تعرف الشاب على فتاة أخرى غير متزوجة مثلا !

3ـ عزوف الشباب عن الزواج والاكتفاء بالعلاقات غير المشروعة.

وهذه المشكلات هي جزء من معاناة الشباب، والضغوطات التي يسببها الاختلاط لهم والمآسي التي تترتب على ذلك.

هـ مشكلات نفسية:

ولقد ذكر الطلبة بعضاً من المشكلات النفسية منها:

1ـ القلق والاضطراب والخوف من الجنس الآخر نتيجة ما يرى من ممارسات خاطئة .

2ـ الصراع الداخلي في نفس الشاب .

السؤال الثالث: اذكر أهم المعوقات التي يسببها الاختلاط على تحصيلك العلمي ؟

هناك من اعتبر أن للاختلاط معوقات، ومنهم من يرى أن ليس للاختلاط معوقات وكانت النسب على النحو التالي:

ـ أجاب 75 % بأن للاختلاط معوقات.

ـ وأجاب 25 % ليس للاختلاط معوقات.

ويبدو أن أهم المعوقات في نظر هذه المجموعة التي تعتبر أن للاختلاط معوقات هي:

1ـ الخوف من السؤال بصراحة خوفاً من التعرض لسخرية الآخرين واستهزائهم .

2ـ تكرار التغيب عن المحاضرات للانشغال بالجنس الآخر.

3ـ عدم المشاركة في المحاضرة خوفا من الوقوع في الخطأ.

4ـ تعرض الأستاذ للحرج وعدم توضيح الكثير من القضايا لوجود الطالبات .

5ـ إعطاء الأستاذ أكبر قدر من الاهتمام للطالبات على حساب الطلاب .

6ـ إذا كان المعلم أنثى ، فهذا يؤثر على نفسية الطلاب ولا يقبلون تلقي العلم من امرأة .

وبالتالي فإن كل هذا يؤدي إلى انخفاض مستوى التحصيل العلمي عند الطلبة .

السؤال الرابع: يدعي البعض أن العلاقة التي تنشأ بين الجنسين تحفز على زيادة التحصيل العلمي لكونها باعثاً للتعلم ، فما رأيك في ذلك ؟

ـ فأجاب 90 % : ليس للاختلاط حافز على التعليم.

ـ أجاب 10 % : الاختلاط يشكل حافزاً باعثاً على التعليم .

السؤال الخامس : هل وجود الجنسين في قاعة واحدة يعيق حرية الأستاذ في إيضاح عناصر الموضوع ؟

ـ أجاب 86 % يعيق .

ـ أجاب 14 % لا يعيق .

السؤال السادس: ما الآثار التي يسببها الاختلاط على حياتك الاجتماعية ؟ أذكرها ؟

ـ أجاب 86 % أن له آثارها سلبية.

فمن تلك الآثار :

1ـ عدم الثقة الشباب بالفتيات وبالتالي العزوف عن الزواج.

2ـ تفكك الروابط الاجتماعية وبروز المشكلات الأسرية.

3ـ عدم قدرة الشباب على الزواج وبالتالي يتعرضوا للانحراف والفساد.

4ـ كثرة التفكير في الجنس الآخر وإثارة الشهوة في النفس وتحررها من القيود التي يجب أن يلتزم بها.

5ـ البعض يحبذ عند ذلك الانعزال والوحدة والابتعاد عن الآخرين حتى من بني جنسه لقلة ثقته بهم .

6ـ قد يؤدي إلى الخجل والخوف من التعامل مع الجنس الآخر.

7ـ آثار سلبية على علاقاتهم مع أهلهم في البيت ومع الآخرين في المجتمع.

الدراسة الثانية :

قام عبد الحليم محمود السيد وآخرون بدراسة المشكلات النفسية والاجتماعية لدى عينة من طلاب جامعة القاهرة حجمها( 3987 ) طالباً وطالبة، وكشفت نتائج هذه الدراسة فيما يتعلق بالمشكلات مع الزملاء من الجنس الآخر عن أن أكثر مشكلات الطلبة أهمية مع زميلاتهم تتمثل :

ـ المبالغة في الملبس .

ـ عدم الالتزام بتعاليم الدين .

ـ والتحرر من السلوك .

ـ والاختلاط الزائد عن الحد بين الجنسين.

ـ والخروج عن العادات والتقاليد.

أما بالنسبة إلى المشكلات التي تعاني منها الطالبات في علاقتهن بزملائهن من الطلبة الذكور فتتمثل في:

ـ عدم الالتزام بتعاليم الدين.

ـ والتحرر في السلوك.

ـ والاختلاط الزائد عن الحد بين الجنسين.

ـ وعدم مراعاة مشاعر الزملاء.

ـ وسوء الفهم المتبادل[2].



الدراسة الثالثة:



( قام فهد الثاقب بدراسة هدفت إلى الكشف عن موقف الكويتيين من مكانة المرأة، وقد أجريت عام 1975م على عينة حجمها (431) أسرة كويتية، منها 48% ربات أسر، و 52 % أرباب الأسر، وأوضحت نتائجها أن معظم المتعلمين ـ فيما عدا الجامعيين ـ يفضل عدم الاختلاط ، مقابل 36 % أبدوا رغبتهم في هذا الاختلاط )[3].

ومن يتتبع أقوال أهل التربية والتعليم يلحظ أن أقوالهم تكاد تتفق على خطورة الاختلاط على مستوى دين وثقافة الطالب والطالبة، فمن تلك الأقوال:

ـ يقول الأديب الأريب علي الطنطاوي رحمه الله: ( إني لا أرى الاختلاط بين الجنسين في المدارس، ولا في كليات الجامعة، لا لموانع الدين فقط، فقد يكون من القراء من لا يحرص مع الأسف على تتبع أوامر الدين ونواهيه، بل لأنَّ هذا الاختلاط إذا قلَّت نتائجه السيئة في فرنسا وانجلترا وأمريكا لطول اعتياد أهلها عليه، فإنَّ خطره شديد في بلاد خرجت رأساً من الحجاب السابغ إلى هذا الاختلاط، على قوة الغريزة، وشدة الرغبة، وطول الحرمان، وهذه مصر جرَّبت الاختلاط في الجامعة قبلنا، ولا تزال إلى اليوم تشعر بأضراره، وقد ظهرت فيها رغبة طوية من الطالبات أنفسهن في الانفصال عن الشباب، ومن شاء فليقرأ خبر ذلك في جرائد مصر، وفي آخر عدد وصل إلى الشام من (أخبار اليوم)، وأنا مستعد للمناقشة في هذا الموضوع بلسان الواقع والعلم لا بلسان الدين، فمن شاء فليناقشني. أمَّا التسرع إلى الرد عليّ بأنَّ هذه رجعية وجمود، فلا ينفع شيئاً، لأنَّه لو كان كل جديد نافعاً، وكان كل قديم ضاراً، لكان أشدّ الأشياء ضرراً العقل؛ لأنَّ العقل أقدم من التسرع، وكان أنفع الأشياء في هذا الباب مذهب العري وأن نمشي في الجامعة وغيرها مثل الحيوانات ؛ لأنَّ مذهب العري أحدث المذاهب!! ) [4].

ـ ويقول رئيس الاتحاد الوطني لطلبة جامعة الكويت محمد الرشيد: ( إن الأبحاث العلمية أكدت أن الاختلاط ما بين الجنسين يؤثر سلبا على تحصيل الطلبة دراسيا ..)[5].

ـ وقال الدكتور جاسم العمر: ـ مرشح الدائرة الانتخابية العاشرة للانتخابات التكميلية ـ: ( إن الاختلاط بجامعة الكويت يعتبر سبباً رئيسيا لتراجع مستوى المخرجات التعليمية من مدرسين ومدرسات ذات تخصصات علمية حيث مازال أولياء الأمور يسعون إلى إدخال بناتهم في كليات التطبيقي كونها بعيدة عن الاختلاط الأمر الذي أدى إلى تكدس الطالبات في كلية التربية الأساسية فأصبحت المخرجات التعليمية للمدرسين من الإناث )[6].

ـ ويقول الأستاذ أحمد مظهر العظمة: وقد أوفدته وزارة التربية السورية إلى بلجيكا في رحلة علمية زار فيها المدارس البلجيكية ، وفي إحدى الزيارات لمدرسة ابتدائية للبنات سأل المديرة : لماذا لا تخلطون البنين مع البنات في هذه المرحلة ؟ فأجابته : قد لمسنا أضرار اختلاط الأطفال حتى في سن المرحلة الابتدائية .[7] .

ـ تقول الدكتورة أسماء الحسين الأستاذ المساعد بكلية التربية: ( إن الاختلاط بين الجنسين لا يستند على قاعدة شرعية أو اجتماعية وهي فكرة غير سائغة، فالمرأة لم تسلم من المشاكسات وهي تحت الحجاب فكيف بالاختلاط ! )[8].



[1] انظر: رسالة ماجستير بعنوان ( أثر مشكلتي الاختلاط والمنهاج التعليمي على تعليم الفتاة المسلمة في الجامعات الأردنية ) ص 32 إلى ص 46.

[2] انظر : المجلة العربية للتربية المجلد السادس عشر ـ العدد الأول 1417هـ بحث بعنوان ( الاتجاه نحو الاختلاط بين الجنسين لدى عينة من طلاب جامعة الكويت ) د . عبد اللطيف محمد خليفة .

[3] المرجع السابق .

[4] موقع لها أون لاين بعنوان : ( المرأة والتعليم المختلط ) ..وقد نشرت في مجلة المرأة. دمشق. 1948م

[5] جريدة السياسة 2 / أكتوبر / 2001 م .

[6] جريدة السياسة /20 / نوفمبر /2000 م .

[7] انظر : مكانك تحمدي ص 89 ـ 90 .

[8] موقع لها أون لاين : مقال بعنوان : ( التعليم المختلط ) .


د.فالح العمره 16-02-2008 08:41 PM

رد: دراسات عن الاختلاط بين الجنسين في التعليم والعمل
 
الفصل بين الجنسين في التعليم بين الشريعة الإسلامية والدراسات الإنسانية
----------
محمد مسعد ياقوت*
----------
«تعليم أفضل بلا اختلاط»:
هذه هي خلاصة العديد من الدراسات والأبحاث الإنسانية التي أجراها العديد من الباحثين في أوروبا والولايات المتحدة. فقد أثبتت هذه الدراسات أن القدرات العقلية للطالب أو الطالبة تتأثر سلباً في الحجرة الدراسية المختلطة؛ حيث إن بعض هذه الدراسات أظهرت أن الفتيات يقدمن نتائج أفضل في البرامج الأكاديمية في المحيط الأنثوي (المنفصل).
وتؤكد بعض الإحصاءات ـ في دراسة لمجلة (نيوزويك) الأمريكية ـ أنه عندما يدرس الطلبة من كل جنس بعيداً عن الآخر فإن التفوق العلمي يتحقق؛ ففي وسط التعليم المختلط أخفقت البنات في تحقيق التفوق في مجال الرياضيات والعلوم والكيمياء والفيزياء والتكنولوجيا والكمبيوتر، وقد أيَّدت الإدارة التعليمية في منطقة (نيوهام) الأمريكية هذه الحقائق في دراسة تحليلية.
هذا؛ وقد عرضت (الجمعية الأمريكية لتشجيع التعليم العام غير المختلط) دراسةً أجرتها جامعة (ميتشجن) الأمريكية في بعض المدارس الكاثوليكية الخاصة المختلطة وغير المختلطة؛ تفيد ـ هذه الدراسة ـ أن الطلاب في المدارس غير المختلطة كانوا أفضل في القدرة الكتابية وفي القدرة اللغوية.
ويؤكد الباحث (بيتر بونس) ـ رائد الأبحاث التربوية ـ بعد أبحاث عديدة له أن الطالبات يتفوقن على الطلاب في مرحلة الدراسة الابتدائية (غير المختلطة) في كثير من فروع العلوم والمعرفة، فهن: (أكثر قدرة على الكتابة بشكل جيد، ويحصلن على علامات نهائية أفضل)(1). في حين أن التفوق في هذه القدرة ينحدر في الفصول المختلطة، حيث تنهمك الفتاة في إثبات نضوجها المبكر وتحقيق أنوثتها أمام الجنس الآخر.
ويؤكد (ميشل فيز) ـ الباحث في المركز (الوطني) للأبحاث العلمية والمستشار السابق لوزير الشباب والرياضة في فرنسا ـ أن المراهقين في الفصول المختلطة يقرؤون النصوص بصعوبة، وذلك من خلال تحقيقٍ أجرته منظمة التجارة والتنمية الاقتصادية سنة 2000م. ويقول مرغباً في التعليم المنفصل: (إن الفصل بين الذكور والإناث في التعليم يسمح بفرص أكبر للطلبة للتعبير عن إمكانياتهم الذاتية، ولهذا نطالب بتطبيق النظام غير المختلط من أجل الحصول على نتائج دراسية أفضل)!
وذكرت الباحثة (كارلوس شوستر) ـ خبيرة التربية الألمانية ـ أن توحُّد نوع الجنس في المدارس ـ البنين في مدارس البنين، والبنات في مدارس البنات ـ يؤدي إلى استعلاء روح المنافسة بين التلاميذ، أما الاختلاط فيلغي هذا الدافع(2).
كما أظهرت دراسة أجرتها (الوكالة التربوية الأمريكية) أن الفتيات الأمريكيات في الفصول المختلطة أكثر عرضة للإصابة بالقلق والاكتئاب والتفكير في الانتحار! بل الإقدام عليه؛ ففي المدارس الحكومية المختلطة تصاب واحدة من بين كل ثلاث فتيات في سنِّ الثانية عشرة بالقلق، وتصاب الثانية بالاكتئاب وتصبح فريسة لأعراضه السوداء(3)، أي: أن القلق والاكتئاب يجتاحان ثلثي الفتيات في التعليم المختلط؛ بناء على هذه الدراسة.
ومن أجل البحث عن حلول لمثل هذه الأمـراض النـفسية ـ القلق والاكتئاب والتفكير في الانتحار ـ تلاحقت الأبحاث والدراسات؛ فقام كلٌّ من (بريك) و (ولي) بإجراء دراسة(4) ـ بتمويل من جامعة شيكاغو وميتشغن ـ على 2500 طالبة تمَّ اختبارهن بشكل عشوائي؛ لتدريسهن في فصول مماثلة ومعزولة عن الطلبة، وأثبتت نتائج الدراسة أن الطالبات يحصلن على نتائج أفضل في الجو المنفصل عن الذكور، وأنهن داومْنَ على التحصيل العلمي المتميز حتى في المرحلة الجامعية، وكنَّ أكثر نضجاً وأقدر على التعامل مع الجو الأكاديمي (المختلط) في السنوات الجامعية، دون أي مشكلات نفسية أو عصبية، كما استطعْنَ بسهولة الحصول على وظائف أفضل ودَخْل أعلى بعد إنهاء الدراسة الجامعية.
- الغرب يبدأ في منع الاختلاط:
قامت مدرسة (شنفيلد) الثانوية في مقاطعة (إيسكس) البريطانية بتنظيم فصول تضم طلاباً من جنس واحد منذ عام 1994م، وكانت النتيجة حدوث تحسُّن متواصل في نتائج الاختبارات لدى الجنسين؛ ففي اللغة الإنجليزية ارتفع عدد الطلاب الحاصلين على تقديرات ممتاز وجيد جداً في اختبارات الثانوية العامة بنسبة (26%)، بينما ارتفع عدد الحاصلات على هذه التقديرات بنسبة (22%).
وبسبب مثل هذه النتائج لكثير من الدراسات والأبحاث المحكَّمة؛ أعلنت إدارة الرئيس الأمريكي (بوش الابن) تشجيعها لمشروع الفصل بين الجنسين في المدارس العامة، وصدر إعلان عن هذا المشروع في 8 مايو 2003م في السجل الفيدرالي (الصحيفة الرسمية الأمريكية)(5). وجاء في الصحيفة الرسمية أيضاً أن وزير التربية ينوي اقتراح تعديلات لـ (التنظيمات المطبقة) تهدف إلى توفير هامش مبادرة أوسع للمربين من أجل إقامة صفوف ومدارس غير مختلطة. وتابعت الصحيفة: (إن الهدف من هذا الإجراء هو توفير وسائل جديدة فُضْلى لمساعدة التلاميذ على الانكباب على الدراسة وتحقيق نتائج أفضل). وأوضح مسؤول كبير في البيت الأبيض أن المدارس الابتدائية والثانوية التي تودُّ الفصل بين الجنسين ستُمنَح تمويلاً يفوق المدارس التي ستختار الإبقاء على النظام المختلط.
هذا؛ وقد أصدر وزير التربية في الولايات المتحدة الأمريكية بياناً صحفياً بتاريخ 8/5/2002م، أعرب فيه عن نية وزارته إبداء مرونة أكبر في مسألة السماح بافتتاح مدارس الجنس الواحد، وقد طلب من أولياء أمور الطلاب والطالبات تزويد الوزارة بآرائهم فيما يخص هذا الموضوع.
وقد نشرت صحيفة (واشنطن بوست) مقالاً مطولاً تناول هذا الموضوع بتاريخ 14/5/2002م، وأوردت فيه الصحيفة تعليقاً لافتاً لمدير إحدى المدارس يقول فيه ـ بعد أن ضاق ذرعاً بمشكلات الطلاب في مدرسته ـ: (على الأولاد أن يتعلموا كيف يكونون أولاداً، وعلى البنات أن يتعلمن كيف يكنَّ بناتٍ، ولن يستطيعوا أن يفعلوا ذلك في الغرفة نفسها)!
- الشريعة الإسلامية سبقت هذه الدراسات:
فقد قنّن الشارع الحكيم العلاقة بين الجنسين، أو بين الطالب والطالبة في التعليم؛ من أجل تحقيق غاية التعليم، وتجنُّب هذه المشكلات والأضرار الناجمة عن الاختلاط، والتي أكدتها الدراسات الإنسانية الحديثة سالفة الذكر.
وفيما يلي طرف لنصوص قرآنية ونبوية يدخل في معناها تحريم أو منع أسباب الاختلاط:
1 - حجاب المرأة:
قال ـ تعالى ـ: {وَإذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ} [الأحزاب: 53].
فقد دلت هذه الآية على أن الأصل احتجاب النساء عن الرجال، وعدم الاختلاط لا سيما في دور العلم.
2 - الأمر بغضِّ البصر:
أمر الله الرجال بغضِّ البصر، وأمر النساء بذلك فقـال ـ تعالى ـ: {قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ..} [النور: 30 - 31] .
وقد صحَّ عن جرير بن عبد الله ـ رضي الله عنه ـ أنه قال: «سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نظر الفجاءة فأمرني أن أصرف بصري»(6). وروي عن علي ـ رضي الله عنه ـ أن النبي الله صلى الله عليه وسلم قال له: «يا علي! لا تتبع النظرة النظرة؛ فإنما لك الأولى وليست لك الآخرة»(7). وبمعناه عدة أحاديث، بل لم يرخص الشارع في الجلوس بالطرقات للرجال إلاّ بشرط إعطاء الطريق حقه؛ ومنه غضُّ البصر؛ ففي الصحيحين من حديث أبي سعيد الخدري ـ رضي الله عنه ـ أن النبي الله صلى الله عليه وسلم قال: «إياكم والجلوس بالطرقات»، فقالوا: يا رسـول الله! ما لنا من مجالسنا بدّ نتحدث فيها. فقال: إذ أبيتم إلا المجلس فأعطــوا الطـريـق حقه، قـالـوا: ومـا حق الطـريق يا رسول الله؟ قال: غضُّ البصر وكف الأذى وردُّ السلام والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر»(8).
3 - حديث: «المرأة عورة».
روى ابن خزيمة في صحيـحه وغيره حديث ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ عن النبي الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن المرأة عورة؛ فإذا خرجت استشرفها الشيطان»(9).
قال المناوي: (يعني: رفع البصر إليها ليغويها أو يغوي بها فيوقع أحدهما أو كليهما في الفتنة، أو المراد شيطان الإنس سماه به على التشبيه، بمعنى: أن أهل الفسق إذا رأوها بارزة طمحوا بأبصارهم نحوها، والاستشراف فعلُهم لكن أسند إلى الشيطان؛ لما أُشرب في قلوبهم من الفجور ففعلوا ما فعلوا بإغوائه وتسويله وكونه الباعث عليه؛ ذكره القاضي. وقال الطيبي: هذا كله خارج عن المقصود، والمعنى المتبادر: أنها ما دامت في خدرها لم يطمع الشيطان فيها وفي إغواء الناس، فإذا خرجت طمع وأطمع؛ لأنها حبائله وأعظم فخوخه. وأصل الاستشراف وضع الكف فوق الحاجب ورفع الرأس للنظر)(10).
4- قوله ـ تعالى ـ: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ} [الأحزاب: 33]:
ومن الأدلة: قوله ـ تعالى ـ: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْـجَاهِلِيَّةِ الأُولَى} [الأحزاب: 33] ، فأمرهن بالقرار، ثم منعهن من الخروج غير متحجبات، ومع قرارهن في البيوت منع رسول الله الله صلى الله عليه وسلم الرجال الأجانب من الدخول عليهن فقال: «إياكم والدخول على النساء، فلما قيل له: الحمو؟ قال: الحمو الموت»(11)، وهذا يدل على أن الأمر بالقرار ليس خاصاً بنساء النبي الله صلى الله عليه وسلم.
5 - النهي عن الخلوة بالمرأة:
فعن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ أن رسول الله الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا يخلون أحدكم بامرأة إلا مع ذي محرم»(12).
وحديث جابر ـ رضي الله عنه ـ مرفوعاً: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يخلون بامرأة ليس معها ذو محرم منها؛ فإن ثالثهما الشيطان»(13).
6 - تحريم مس الأجنبية:
فعن معـقل بن يســار ـ رضـي الـله عـنه ـ أن النبي الله صلى الله عليه وسلم قال: «لأن يطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له»(14).
ولعل هذا الحديث الشريف ـ الذي يستحي من ذكره كثير من أنصاف الدعاة ـ أثبت الحقيقة العلمية التي أعلنها الدكتور (ألكسس كاريل) بقوله: (عندما تتحرك الغريزة الجنسية لدى الإنسان، تفرز نوعاً من المادة تتسرب في الدم إلى الدماغ وتخدره فلا يعود قادراً على التفكير الصافي). فأضرار لمس المرأة الأجنبية على الدماغ أشد من أن يُضرب الدماغ نفسه بمخيط من حديد، كما أخبر النبي محمد الله صلى الله عليه وسلم منذ أكثر من ألف عام.
وهكذا؛ تتجلى مظاهر الإعجاز في الشريعة الإسلامية التي وضعت هذا النظام التربوي المحكم، الذي أثبتت الدراسات الحديثة ـ ضمنياً ـ جدارته في وقاية المؤسسات التعليمية من أكبر وأشهر المشكلات المنتشرة في المؤسسات التعليمية التي تطبق سياسة الاختلاط المفتوح بين الجنسين، فحفظَ المؤسسات التربوية والتعليمية من مشكلات: انخفاض مستوى الذكاء والقدرات العقلية، وضعف التحصيل، وازدياد القلق.. إلخ.
وصدق الله العظيم القائل: {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْـحَقُّ أَوَ لَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} [فصلت: 53].
المصدر: مجلة البيان، السنة الثانية والعشرون، العدد 240، أغسطس 2007
المراجع:
1 - إبراهيم الأزرق: الاختلاط بين الواقع والتشريع، البحث الأول الفائز بجائزة لها أون لاين، الرياض: مؤسسة الوقف الإسلامية، غير منشور.
2 - محمد مسعد ياقوت: الاختلاط وأثره على التحصيل العلمي والابتكار، البحث الثاني الفائز بجائزة لها أون لاين، الرياض: مؤسسة الوقف الإسلامية، غير منشور.
3 - موقع مركز الدراسات (أمان): .www.amanjordan.com
________________________________________
(1) أكرم رضا: مراهقة بلا أزمة، ج 2، ص 214، القاهرة: دار النشر والتوزيع الإسلامية، 2003م.
(2) بفرلي شو: الغرب يتراجع عن الاختلاط، ترجمة: وجيه عبد الرحمن، ص 26، د. ط.
(3) انظر: أكرم رضا: مصدر سابق، ج 2، ص 214 ـ 215.
(4) انظر: المصدر السابق.
(5) انظر: صحيفة الوطن، مايو 2004، www.alwatan.com.sa
(6) أخرجه مسلم: 3/1699، والترمذي وقال بعده: حسن صحيح: السنن 5/101.
(7) حسن؛ أخرجه الحاكم في مستدركه من طريق شريك 2/212، وقال: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، وأخرجه أحمد في المسند، وحسنه الألباني في الجامع الصغير برقم (13913).
(8) أخرجه البخاري: 5/2300، ومسلم: 3/1675.
(9) صحيح؛ أخرجه ابن خزيمة في صحيحه: 3/93، والترمذي: 4/476، وصححه الألباني في الجامع الصغير برقم (11636).
(10) عبد الرؤوف المناوي: فيض القدير شرح الجامع الصغير، القاهرة: المكتبة التجارية الكبرى، الطبعة الأولى، 1356، ج 6، ص 266.
(11) متفق عليه، أخرجه البخاري: 5/2005، ومسلم: 4/1711.
(12) أخرجه البخاري ومسلم.
(13) صحيح؛ أخرجه أحمد، وعن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ معناه متفق عليه، وصححه الألباني في المشكاة.
(14) صحيح؛ أخرجه الطبراني: 20/211، وصححه الألباني في صحيح الجامع، حديث رقم (5045
** كاتب وداعية إسلامي، المشرف التنفيذي على موقع نبي الرحمة

د.فالح العمره 16-02-2008 08:43 PM

رد: دراسات عن الاختلاط بين الجنسين في التعليم والعمل
 
الاختلاط في التعليم مفاسد أخلاقية وأضرار تربوية

فهد بن عبد العزيز الشويرخ

من قواعد الشرع المطهر أن الله - سبحانه - إذا حرم شيئا حرم الأسباب والطرق والوسائل المفضية إليه ، تحقيقا لتحريمه ، ومنعا من الوصول إليه أو القرب من حماه ، والوقاية خير من اكتساب الإثم والوقوع في آثاره المضرة بالفرد والجماعة ، ولو حرم الله أمرا أبيحت الوسائل الموصلة إليه لكان ذلك نقضا للتحريم وحاشا شريعة رب العالمين من ذلك ، وفاحشة الزنى من أعظم الفواحش وأقبحها ، وأشدها خطرا وضررا وعاقبة على ضروريات الدين ، ولهذا صار تحريم الزنى معلوما من الدين بالضرورة [1] . قال الله عز وجل : ] وَلاَ تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً [ ( الإسراء : 32 ) . يقول العلامة السعدي رحمه الله : والنهي عن قربان الزنى أبلغ من النهي عن مجرد فعله ، لأن ذلك يشمل النهي عن جميع مقدماته ودواعيه ، فإن من حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه [2] .

لقد حرم الإسلام جميع الأسباب والطرق ، وكل الدواعي والمقدمات التي تؤدي للوقوع في الفاحشة ، ومن أعظم تلك المقدمات ، وأخطر تلك الدعاوي ، اختلاط النساء بالرجال ، يقول العلامة ابن القيم رحمه الله : واختلاط الرجال بالنساء سبب لكثرة الفواحش والزنى [3] .

ويقول سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله : إن الله تعالى جبل الرجال على القوة والميل إلى النساء ، وجبل النساء على الميل إلى الرجال مع وجود ضعف ولين ، فإذا حصل الاختلاط نشأ عن ذلك آثار تؤدي إلى حصول الغرض السيئ ، لأن النفوس أمارة بالسوء ، والهوى يعمي ويصم ، والشيطان يأمر بالفحشاء والمنكر [4] .

ويقول سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله : فالدعوة إلى نزول المرأة في الميادين التي تخص الرجال أمر خطير على المجتمع الإسلامي ومن أعظم آثاره الاختلاط الذي يعتبر من أعظم وسائل الزنى الذي يفتك بالمجتمع ، ويهدم قيمه وأخلاقه [5] .
ويقول فضيلة الشيخ ابن جبرين حفظه الله : إن الاختلاط من أسباب وقوع الفساد وانتشار الزنى ، ولهذا حرم الإسلام الاختلاط يقول سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله : والكتاب والسنة دلا على تحريم الاختلاط ، وتحريم جميع الوسائل المؤدية إليه [6] .
ثم أورد سماحته عددا من الأدلة من القرآن الكريم على ذلك [7] . كما أورد سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم عليه رحمه الله عددا من الأدلة من الكتاب على تحريم الاختلاط وبين وجه الدلالة منها [8] .

أما من السنة فقد جاءت أحاديث صحيحة صريحة في تحريم الأسباب المفضية إلى الاختلاط وهتك سنة المباعدة بين الرجال والنساء ومنها : تحريم الدخول على الأجنبية والخلوة بها ، وتحريم سفر المرأة بلا محرم ، وتحريم النظر العمد من أي منهما إلى الآخر ، وتحريم دخول الرجال على النساء حتى الأحماء ، وهم أقارب الزوج ، وتحريم مس الرجل بدن الأجنبية حتى المصافحة للسلام ، وتحريم تشبه أحدهما بالآخر [9] .

إن من حرص الشارع على التباعد بين الرجال والنساء ، وعدم الاختلاط بينهم ، أن رغب في ذلك حتى في أماكن العبادة كالصلاة التي يشعر المصلي فيها بأنه بين يدي ربه بعيدا عما يتعلق بالدنيا [10] ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها " [11] وما ذاك إلا لقرب أول صفوف النساء من الرجال فكان شر الصفوف ، ولبعد آخر صفوف النساء من الرجال فكان خير الصفوف [12] .
قال الإمام النووي - رحمه الله : وإنما فضل آخر صفوف النساء الحاضرات مع الرجال لبعدهن عن مخالطة الرجال وذم أول صفوفهن لعكس ذلك [13] .

وعندما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من المسجد فرأى اختلاط الرجال بالنساء في الطريق قال - عليه الصلاة والسلام - للنساء : " استأخرن فإنه ليس لكن أن تحققن الطريق ، عليكن بحافات الطريق " [14] فكانت المرأة تلصق بالجدار حتى إن ثوبها يتعلق بالجدار من لصوقها وعلى هذا سارت نساء المسلمين ، لا عهد لهن بالاختلاط بالرجال حدثت أول شرارة لذلك في التعليم من خلال المدارس الأجنبية .

إن جذور الاختلاط في التعليم بين الجنسين في الدول الإسلامية ترجع لقدوم المدارس والجامعات الأجنبية التنصيرية إلى بعض بلاد المسلمين التي ما لبثت مع مرور الزمان أن تحولت إلى مدارس وجامعات مختلطة بين الطلاب والطالبات بعد أن كانت غير مختلطة في بداية إنشائها .

ثم كانت الدعوة لاختلاط الجنسين في المدارس والجامعات على أيدي بعض أبناء المسلمين ممن افتتنوا بما لدى الكفار من تقدم علمي ، فظنوا أن هذا من آثار الاختلاط فرفعوا راياتهم منادين ومدافعين عن الاختلاط .

بدأ الاختلاط في دور التعليم والجامعات في بلاد المسلمين منذ نحو قرن من الزمان ، ولم يكتمل القرن الماضي الهجري إلا وأغلب الجامعات والمعاهد والكليات والمدارس في ديار المسلمين مختلطة وسلمت بعض بلاد المسلمين من الاختلاط في دور التعليم منها : بلاد الحرمين زادها الله تمسكا بشرعه ، حيث نصت المادة 155 من وثيقة سياسة التعليم الصادرة في عام 1390هـ على الآتي :
يمنع الاختلاط بين البنين والبنات في جميع مراحل التعليم إلا في دور الحضانة ورياض الأطفال [15] .
وهي بهذه السياسة التي رسمتها لنفسها من عدم الاختلاط في مراحل التعليم ، والتي تستمدها من أحكام الإسلام قد سلمت من الآثار السلبية للاختلاط ، والتي تعاني منها جل البلاد التي يوجد بها الاختلاط إسلامية كانت أو غير إسلامية .

هذا ويمكن أن نوجز أهم تلك الآثار السلبية للاختلاط في النقاط الآتية :

1- ارتكاب الفواحش وفعل القبائح :
في دراسة أجرتها النقابة القومية للمدرسين البريطانيين أكدت فيها أن التعليم المختلط أدى إلى انتشار ظاهرة التلميذات الحوامل سفاحا بالحرام وأعمارهن أقل من ستة عشر عاما ، كما أثبتت الدارسة تزايد معدل الجرائم الجنسية الزنى والاعتداء على الفتيات بنسب كبيرة [16] .
وفي أمريكا بلغت نسبة التلميذات الحوامل سفاحا 48% من تلميذات إحدى المدارس الثانوية [17] .
هذه هي ثمار التعليم المختلط الزنى بالرضى أو الإكراه ، ثم الحمل منه ، ثم الإجهاض أو ولادة الأطفال اللقطاء ، ثم الانحرافات السلوكية لهؤلاء الأطفال ، ثم الجرائم العدوانية لهم كبارا ، وهكذا في سلسلة طويلة من المشاكل الأخلاقية ، والأخطار الأمنية التي تكلف المجتمع كثيرا .

2- تخنث الرجال واسترجال النساء :
عندما يختلط الذكور والإناث في المدارس والجامعات يأخذ كل جنس من صفات وأخلاق الآخر ، فيتخنث الرجال ويسترجل النساء ، وهذا ما لاحظه المسئولون عن التعليم ، فقد أعلن وزير التعليم الفلبيني ريكارد جلوديا أنه يرغب في تعيين عدد أكبر من المدرسين الذكور لتدريس التلاميذ الذكور حتى يتحلوا بصفات الرجولة بدلا من الصفات الأنثوية التي يكتسبونها من مدرساتهم [18] .
كما أن اختلاط الطلاب بالطالبات في المدارس يؤدي إلى استرجال النساء ففي الدراسة التي أعدتها النقابة القومية للمدرسين البريطانيين اتضح أن السلوك العدواني يزداد لدى الفتيات اللاتي يدرسن في مدارس مختلطة [19] . وتخنث الرجال يقضي على الرجولة لديهم فيصاب بعضهم برقة وميوعة قد تتجاوز ذلك إلى التشبه بالنساء كما أن استرجال المرأة يجعلها تفقد حياءها الذي هو بمثابة السياج المنيع لصيانتها وحفظها ، ثم تتدرج إلى محاكاة الرجال في تصرفاتهم وأفعالهم ونتيجة ذلك النهائية الشذوذ في كلا الجنسين واكتفاء الرجال بالرجال والنساء بالنساء كما هو الواقع في كثير من البلاد التي كثر فيها الاختلاط والمسترجلات من النساء المتشبهات بالرجال والمخنثون من الرجال المتشبهون بالنساء ملعونون على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم ففي الحديث أنه عليه الصلاة والسلام قال : " لعن المتشبهات من النساء بالرجال والمتشبهين من الرجال بالنساء " [20] ، وفي حديث آخر : " لعن صلى الله عليه وسلم المخنثين من الرجال والمترجلات من النساء " [21] .

3- انخفاض مستوى الذكاء :
تبين من خلال مجموعة من الدراسات والأبحاث الميدانية التي أجريت في كل من مدارس ألمانيا الغربية و بريطانيا انخفاض مستوى ذكاء الطلاب في المدارس المختلطة ، واستمرار تدهور هذا المستوى وعلى العكس من ذلك تبين أن مدارس الجنس الواحد غير المختلطة يرتفع الذكاء بين طلابها [22] .

4- ضعف الإبداع ومحدودية المواهب :
في دراسة أجراها معهد أبحاث علم النفس الاجتماعي في بون بألمانيا تبين منها : أن تلاميذ وتلميذات المدارس المختلطة لا يتمتعون بقدرات إبداعية ، وهم محدودو المواهب ، قليلو الهوايات ، وأنه على العكس من ذلك تبرز محاولات الإبداع واضحة بين تلاميذ مدارس الجنس الواحد غير المختلطة [23] . والسبب في ذلك انشغال كل جنس بالآخر عن الإبداع والابتكار .

5- إعاقة التفوق الدراسي :
لاحظ المختصون التربويون أن الاختلاط بين الطلاب والطالبات في المدارس يعوق التفوق الدراسي ، فعمدوا إلى فصلهم في عدد من المدارس كتجربة فماذا كانت النتيجة ؟ كشفت النتيجة أن البنين عندما يتم فصلهم عن البنات ، يحققون نتائج أفضل في شهادة الثانوية العامة وأثبتت التجربة الفعلية والنتائج التي أسفرت عنها : أن عدد البنين الذين نالوا درجات مرتفعة تزايد أربع مرات على ما كان سيكون عليه الحال لو أن الفصل كان مختلطا [24] .
وقد أظهرت دراسة بمعهد كيل بألمانيا أنه عندما حدث انفصال ، كانت البنات أكثر انتباها ، وأصبحت درجتاهن أفضل كثيرا [25] .

6- قتل روح المنافسة :
ذكرت الدكتورة كاولس شوستر خبيرة التربية الألمانية أن توحد نوع الجنس في المدارس البنين في مدارس البنين والبنات في مدارس البنات يؤدي إلى استعلاء روح المنافسة بين التلاميذ أما الاختلاط فيلغي هذا الدافع [26] .
بعد ذكر هذه الآثار السلبية لاختلاط الطلاب بالطالبات في المدارس والجامعات التي هي قليل من كثير .
بقي الرد على قضية تطرح بين الفينة والأخرى قد يظن أنه لا علاقة لها بالاختلاط في التعليم وهي مهدها وأساسها تلك القضية هي تعليم النساء للبنين في الصف الأول والثاني الابتدائي ، وقد رد على هذه القضية كثير من التربويين رجالا ونساء ممن عملوا في سلك التربية والتعليم ، كما رد عليها العلماء والمشايخ حفظهم الله تعالى .

يقول سماحة الوالد الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله :

أرى من واجبي التنبيه على ما في هذا الاقتراح من الأضرار والعواقب الوخيمة ، وذلك أن تولي النساء تعليم الصبيان في المرحلة الابتدائية يفضي إلى اختلاطهن بالمراهقين والبالغين من الأولاد الذكور ، لأن بعض الأولاد لا يلتحق بالمرحلة الابتدائية إلا وهو مراهق وقد يكون بعضهم بالغا ، ولأن الصبي إذا بلغ العشر يعتبر مراهقا ويميل بطبعه إلى النساء ، لأن مثله يمكن أن يتزوج ويفعل ما يفعله الرجال ، وهناك أمر آخر وهو أن تعليم النساء للصبيان في المرحلة الابتدائية يفضي إلى الاختلاط ، ثم يمتد ذلك إلى المراحل الأخرى فهو فتح لباب الاختلاط في جميع المراحل بلا شك [27] .
قلت : فلينتبه لما قاله سماحة الشيخ من يدعو إلى تعليم النساء للبنين في الصف الأول والثاني الابتدائي ، وليعلم أنه بدعوته تلك يفتح باب الاختلاط في جميع المراحل ولو بعد حين .

بقي أن يقال : ما ذكره معالي الشيخ الدكتور / صالح بن عبد الله بن حميد من أن التربية لباس يفصل على قامة الأمة ، متسق مع تعاليمها وآدابها وأهدافها التي تعيش من أجلها ، وتموت في سبيلها ، لباس منسجم مع مبادئها ومعتقداتها وتاريخها وأن التربية ليست عملية بيع وشراء ، وليست بضاعة تصدر أو تستورد ، وأن الأمم لتخسر أكثر مما تكسب حينما تعمد في تربيتها لناشئتها ورسمها لمناهجها على استيراد المناهج ووضع الخطط بعيدا عن أصالتها ومبادئها وتاريخها [28] .
________________________
(1) حراسة الفضيلة للشيخ بكر أبو زيد ص 112 من الطبعة الرابعة .
(2) تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان للعلامة السعدي ص 457 .
(3) الطرق الحكمية ابن القيم ص326 .
(4) فتاوى ورسائل سماحته(10/12 ، 13) نقلا من فتاوى الخلوة والاختلاط لأشرف عبد المقصود .
(5) خطر مشاركة المرأة للرجل من ميدان عمله للشيخ ابن باز ص 2 .
(6) خطر مشاركة المرأة للرجل في ميدان عمله للشيخ ابن باز ص3 .
(7) انظر : كتاب سماحته خطر مشاركة المرأة للرجل في ميدان عمله من ص 3 وحتى ص6 .
(8) انظر : فتاوى الخلوة والاختلاط : لأشرف عبد المقصود من ص 28 إلى ص 32 .
(9) انظر كتاب حراسة الفضيلة للشيخ بكر أبو زيد ص 101 - 102 من الطبعة الرابعة .
(10) فتاوى الخلوة والاختلاط لأشرف عبد المقصود ص 40 - 41 .
(11) أخرجه مسلم في صحيحه .
(12) فتاوى النظر والخلوة والاختلاط من إجابة الشيخ ابن عثيمين ص 28 - 29 .
(13) شرح صحيح مسلم للإمام النووي ج 4 ، ص 159 .
(14) أخرجه أبو داود وحسنه الألباني برقم 4392 في صحيح سنن أبي داود .
(15) تعليم المرأة في المملكة العربية السعودية خلال مائة عام 1319 - 1419 ص 226 .
(16) الغرب يتراجع عن الاختلاط / بفرلي شو / ترجمة د وجيه عبد الرحمن ص 8 .
(17) المرأة المسلمة / وهبي غاوجي ص 238 .
(18) مجلة المعرفة .
(19) الغرب يتراجع عن التعليم المختلط ص8 .
(20) أخرجه البخاري .
(21) أخرجه البخاري .
(22) الغرب يتراجع عن التعليم المختلط ص 7 - 8 .
(23) المصدر السابق .
(24) المعرفة شوال 1417 هـ .
(25) المعرفة رمضان 1419 هـ .
(26) الغرب يتراجع عن التعليم المختلط ص 7 .
(27) المعرفة شوال 1418 هـ .
(28) المعرفة رجب 1417 هـ .

د.فالح العمره 16-02-2008 08:44 PM

رد: دراسات عن الاختلاط بين الجنسين في التعليم والعمل
 
تعليم المرأة وعملها
د. لطف الله بن ملا عبدالعظيم خوجه 4/9/1427
26/09/2006

هنا فكرة، ولما تفحص وتدرس، تقول:
تعليم المرأة بوابة، وعمل المرأة دهليز إلى مجتمع بلا أسرة..!!.
تعليم المرأة بوابة، منها ينفذ إلى دهليز العمل، ومنه ينفذ إلى فناء مجتمع بلا أسرة، فكل خطوة تتبعها خطوة لازمة. فأولها: التعليم. وثانيها: العمل. وثالثها: مجتمع بلا أسرة.
إذن نتيجة هذه العملية الأنثوية هي: مجتمع بلا أسرة.
فكيف تكون هذه المعادلة؟، وما مقدماتها ؟، وهل هي صادقة، أم لا ؟.
المعادلة تفصيلا كما يلي:
المقدمة الأولى: تتعلم المرأة، ثم تعمل.
المقدمة الثانية: التعليم والعمل يعطل من الزواج.
المقدمة الثالثة: تعطيل الزواج يعطل قيام الأسرة.
النتيجة: تعليم المرأة وعملها يعطل قيام الأسرة. وإذا تعطل قيام الأسرة صار المجتمع بلا أسرة.
هكذا هي المعادلة، بين تقرير لواقع، واستقراء لآثار هذا الواقع، واحتكام إلى بدهيات، تنتج عنها نتيجة صحيحة، بشرط صحة: التقرير، والاستقراء، والحكم البدهي.
فالمقدمة الأولى: تقرير لواقع يجري. فهي صحيحة، لا يجادل أحد في أن المرأة تتعلم ثم تعمل، وهذا باعتبار أن هذا هو السائد، والغالب، فكل الفتيات يتعلمن، وجلّهن يعملْن بعده، أو ينتظرن عملا.
والمقدمة الثالثة: احتكام إلى بدهي ومسلمة من المسلمات. فلا أحد ينكر أنه بدون الزواج فلا أسرة.
أما المقدمة الثالثة: فهي جحر الزاوية في هذه المعادلة؛ إذ تحتاج إلى استقراء ورصد، لإثبات أن تعليم وعمل المرأة يعطل عن الزواج. فإن ثبتت فالنتيجة: (تعليم المرأة وعملها يعطل قيام الأسرة ) صحيحة، وإلا فلا.
فهل الاستقراء والرصد يثبت أن تعليم المرأة وعملها يعطلان عن الزواج ؟.
* * *
يقال هنا: لدينا ثلاث حقائق:
1- العلم والعمل في أصلهما وذاتهما، لم يوضعا لضرر أو فساد، كلا، بل لأجل عمارة الأرض، وصلاح الناس، وهذا أمر يعرفه الجميع؛ لذا فلا أحد ينكر على أحد سعيه في علم أو عمل. وما كان كذلك فيستحيل أن يكون في ذاته سببا في تعطيل الزواج؛ إذ من المتفق عليه أن تعطل الزواج ضرر وفساد.
2- العلم، والعمل، والزواج كل هذه من عند الله تعالى، تشريعا وأمرا، وما كان من عند الله تعالى فلا يكون موصلا لفساد قطعا، ولا متناقضا؛ بأن يأمر بأمر فيه نقض وإفساد لأمر آخر(1).
3- التجربة تقرر: أن التعليم والعمل لا يعطل من الزواج؛ فالمرأة قادرة على الزواج مع التعلم والعمل، بل امرأة متعلمة أحسن للزواج من جاهلة، وعاملة أحسن من خاملة، والواقع يؤكد هذا.
وأمام هذه الحقائق، أفلا تبطل المقدمة الثانية القائلة: تعليم المرأة وعملها يعطل من الزواج.
ومن ثم تبطل النتيجة ذاتها: تعليم المرأة وعملها يعطل قيام الأسرة ؟.
الجواب: نعم قد تبطل، لكن بثلاثة شروط، هي:
الأول: أن يكون العلم والعمل نافعين.
الثاني: أن تكون وسيلتهما صحيحة
الثالثة: أن تكون منهجيتهما صحيحة.
فهذه الشروط إن تحققت، فالمقطوع به في ضوء الحقائق الثلاث الآنفة: أن التعليم والعمل لن ينتج عنهما أي ضرر، بأية صورة كانت، بل كل نافع. لكن ما الحال فيما لو تخلف شرط أو أكثر ؟.
حينئذ من العسير نفي الضرر، وافتراض النجاح. وهل من الممكن تخلف هذه الشروط ؟.
يقال: نعم، من الممكن، فليس كل علم أو عمل فهو نافع بالضرورة، بل فيهما الضار والنافع، وكذا وسائلها، ومناهجهما.
والميزان الذي يحدد به النافع والضار في هذا الباب هو: الشريعة الإلهية المنزلة، ثم العقل، ثم التجربة. فإذا دلت الشريعة بنص مباشر، على أن هذا الأمر نافع أو ضار: أخذ بها. ولو ظنت بعض العقول أنه غير ذلك، فالعقل معرض للخطأ. ولو أوهمت التجربة ضد ذلك، فالتجربة قد تخطيء.
وإذا لم يكن نص شرعي مباشر في المعنى، لكن العقل والتجربة دلا على أنه نافع أو ضار: أخذ بهما.

فالنافع والضار منهما على التفصيل التالي:
- فالنافع من العلم هو: كل ما أمر الله به؛ كعلوم الشريعة. أو استحبه، أو أباحه كعلوم الطبيعة، المعينة على: إقامة الدين، وعمارة الأرض. وأما الضار منه فهو: كل علم نهى الله تعالى عنه؛ كالسحر، والكهانة، والتنجيم، والموسيقى.. ونحو ذلك، أو ثبت بالتجربة أن ضرره أكبر من نفعه.
- والنافع من العمل هو: كل ما أمر به، أو استحبه، أو أباحه من العمل، المعين على إقامة الدين، وعمارة الأرض، والاستغناء عن الخلق. والضار منه هو: كل عمل نهى الله تعالى عنه؛ كالعمل بالربا، وبيع الخمر، والاتجار بالميسر. أو ثبت بالتجربة أن ضرره أكبر من نفعه.

أما الوسائل الضارة فيهما، بحسب الميزان الموضوع، فمثل:
- سفر المرأة للتعلم والعمل من غير محرم، أو الإقامة في بلد لأجلهما من غير محرم(2).
- وكذلك الاختلاط في هذين المجالين بالذكور، والتبرج والسفور(3).
وأما المنهجية الضارة فيهما، بحسب الميزان الموضوع، فمثل: المساواة بين الجنسين:
- بأن تدرس الإناث العلوم نفسها التي يدرسها الذكور، وتعمل العمل نفسه الذي يعمله الذكور.
- وأن تكون مدة وفترة الدراسة والعمل للإناث، كما هي للذكور(4).
والنافع من الوسائل والمنهجية: اجتناب هذه المضار، ونحوها.
* * *
بعد بيان النافع والضار في هذين المجالين: نعود إلى المقدمة الثانية: (عمل المرأة وتعليمها يعطل من الزواج) لفحصها، والنظر فيها: إن كانت تتضمن إحدى هذه المضار أم لا ؟.
إن الذي يدرس هذه المقدمة يلحظ: أن معرفة مضمونها لم يستمد من إفادة عقلية، ولا من دلالة شرعية. إنما واقع وحال جارٍ؛ فإنها تقوم على رصد ما هو حاصل ودائر؛ وعلى أساس ذلك بنيت، وصدر حكمها. فما الواقع الجاري في عمل المرأة وتعليمها ؟.
لدينا واقع في التعليم، وواقع في العمل، في هذه النطاقات الثلاثة: النوعية، والوسيلة، والمنهجية.
* * *
في واقع تعليم المرأة:
- من حيث النوعية: فجملة ما تتعلمه الفتاة علوم نافعة في أصلها.
- ومن حيث الوسيلة: فإن الوسيلة في الأعم الأغلب أنها صالحة، ليس فيها ما يخالف الشريعة، فالفتاة تخرج في حشمة، وتتعلم في بيئة غير مختلطة.. إلا أنه ثمة أمور يسيرة مغايرة للأصل هنا؟! :
- فإن بعض المتعلمات قد يسافرن، ويقمن في بلاد أخرى: من غير محرم.!!.
- وبعض أنواع التعليم فيه نوع اختلاط، في بعض الحالات، كالطب. واختلاط أوضح وأظهر في حال تعلم الفتاة خارج البلاد..!!.
- ومن حيث المنهجية، فالملاحظ فيها: التسوية بين الذكور والإناث:
- فإن الإناث يدرسن ما يدرسه الذكور؛ فالمناهج الدراسية في أصلها موحدة للجنسين، إلا بعض الفروق اليسيرة.
- ومدة الدراسة وفترتها واحدة للجنسين؛ من حيث الحصص اليومية، والسنوات الدراسية.

وفقا لهذا الرصد، فالذي يقال:
- ما تتعلمه الفتاة في أصله نافع، وليس عليه ملحظ واضح.
- لكن في جانب الوسيلة، وإن كانت جيدة وإيجابية في الأعم الأغلب، تحتاج إلى رعاية وعناية، إلا أنه ثمة خلل يسير يحتاج إلى تدارك وإصلاح، هو:
- السفر والإقامة من دون محرم لبعض المتعلمات.
- والاختلاط في بعض مراحل دراسة الطب، والاختلاط الكامل في حال الدراسة في الخارج.
فهذا الخلل وإن كان يسيرا، إلا أنه مرشح للزيادة، ما لم يتدارك، فوجوده دليل وجود خرق، تمكن من خلاله، فوجب سدّ هذا الخرق، بسن قوانين أكثر تحرزا.
أما في جانب المنهجية، فثمة خلل مؤثر على الدور الوظيفي للمرأة في الحياة، يتمثل في:
- دراسة الإناث ما يدرسه الذكور .
- وكون مدة وفترة الدراسة هي نفسها التي للذكور.
وهذا يحتاج إلى نظر وتأمل، واستفادة من تجارب سابقة، فإن التسوية بين مختلفين إضرار بهما.
* * *

في واقع عمل المرأة:
- من حيث النوعية: فإن أصل عمل المرأة نافع مباح.
- ومن الوسيلة؛ فإن الأعم الأغلب أنها صالحة، لا تخالف الشريعة؛ حيث لا اختلاط، ولا تهتك وسفور، إلا أن بعض الأمور المغايرة للأصل العام، شرعت في الظهور:
- من اختلاط واضح في الحقول الصحية، منذ زمن ليس بالقريب. واختلاط انتشر في الآونة الأخيرة، حيث بدأ ظهور المرأة في الأعمال التي لا يتعاطاها إلا الرجال، وليس للمرأة فيها شأن؛ فقد أدخلت في شركات ومؤسسات ليس لها علاقة بأي اتجاه نسوي.
- كذلك سفرها من غير محرم، وإقامتها في البلاد من غير محرم، بداعي العمل.
- ومن حيث المنهجية؛ فإن الأصل إلى هذا الوقت، والأعم الأغلب إلى حد ما: أن عمل المرأة مقتصر على الأعمال الملائمة للأنوثة، وحاجة المجتمع النسائي، كالتعليم. غير أنه ثمة أمور خطوات ملحوظة لكل متابع، هي:
- كثرة توظيف المرأة في أعمال الذكور، حتى استأثرت بكثير من الوظائف. وهذه سيما هذه المرحلة الراهنة..؟!!.
- مدة عمل المرأة، ودوامها نفس مدة ودوام الرجل، من الصباح إلى المساء، والأسبوع، والإجازات، إلا يسيرا. فالمساواة في المدة الوظيفية للجنسين أمر ملحوظ.

وفقا لهذا الرصد لوضعية عمل المرأة، فإنه يقال:
- أصل عمل المرأة نافع مباح.
- إلا أنه في جانب الوسيلة شيء من الخلل، يتمثل:
- في سفر المرأة، وإقامتها من دون محرم.
- وفي الاختلاط، في بعض الأعمال، بالتفصيل الآنف.
- وفي جانب المنهجية: فاختصاص المرأة بأعمال يوافق فطرتها وحاجة المجتمع أمر ملحوظ.
إلا أن فيه شيء من الخلل، يتمثل:
- في إقحام المرأة في أعمال رجالية خالصة.
- ومساواتها بالذكور في مدة وزمن العمل.
فالوسيلة والمنهجية فيهما شيء من الخلل، يحتاج إلى تدارك بالإصلاح، وإلا فالخرق يتسع.
* * *

وبعد هذه الدراسة الرصدية والتحليلية لواقع تعليم المرأة وعملها: نرجع إلى المقدمة الثانية
عمل المرأة وتعليمها يعطل من الزواج)، لنرى إن كانت ستثبت أم لا ؟.
أما الجوانب الإيجابية الصالحة في هذين المجالين، فلا تمثل معاناة ولا عائقا عن الزواج. وهذا واضح.

لكن الجوانب السلبية هي المتهمة بالإعاقة والتعطيل ؟!!..
فإنه عندما تدرس الفتاة نفس ما يدرسه الذكور، وبنفس المدة والزمن، وتعمل نفس يعمله الرجل، وبنفس المدة والزمن، فهذا يجعل منها منافسا للرجال، لا مكملا؛ فإنها إن تساوت مع الذكور في تخصصاتهم: اتجهت للعمل في حقل تخصصها. وهذا فيه من الأمور ما يلي:
1- سلبها لوظيفةٍ الرجل أحوج إليها؛ فإنها ستكون منافسا للذكور، تسابقهم إلى وظائفهم، وقد تفوز بها دونهم، وبهذا يبقى الرجل بلا وظيفة، يتسول ذات اليمين، وذات الشمال..!!.
2- تركها وهجرها ميدانها (=البيت، الأمومة)؛ فإنها إذا حصلت على الوظيفة ستهجر في المقابل حقلها الطبيعي الملائم، الذي امتازت به قرونا: البيت، الأمومة. فيبقى البيت فارغا من الراعي الحقيقي..!!.
3- معاناتها من القيام بشؤون البيت والأمومة، لو أرادت القيام بها؛ فمدة التعليم والعمل يستنفذ كله وقتها، فلا يبقى منه بقية للقيام بما أهّلت له خلقة وجبلة(5).

وليس شيء أكبر إعاقة وتعطيلا وإفشالا للزواج:
- من أن يحرم الذكور من الوظائف لصالح النساء؛ فمن أين لهم تحصيل تكاليف الزواج؟!!. فهم المكلفون فطرة وشرعا بإقامة أسرة، فإذا حرموا الوظائف تعذر عليهم الزواج وإقامة أسرة.
- ومن أن تهجر المرأة ميدانها، فتتنكر لأعمال البيت والأمومة؛ فكيف تصلح بعدها أن تكون زوجة؟، وإذا صلحت لفترة فهل ستدوم ؟.
- ومن أن تخفق في القيام بعملها في البيت، جراء نقص خبرتها، المتسبب فيه: انشغالها بالوقت الطويل لتحصيل العلم، حتى لم يبق لها وقت لتحصيل الخبرة اللازمة لإدارة شئون البيت.
وما أكثر الدراسات التي تبين ازدياد نسب العنوسة والطلاق بين المتعلمات والعاملات..!!.
والأمر ملاحظ حتى بغير دراسة، فقد زادت نسب العنوسة بعد دخول المرأة حقل التعليم، وزادت أكثر بعد أن دخلت سوق العمل، فكم من الفتيات المتأهلات للزواج حبس بيوتهن، لا يجدن زوجا؟. وهذا أمر حادث لم يكن إلى وقت قريب، حتى ثلاثين أو أربعين عاما(6).
كما زادت كذلك نسب الطلاق بصورة خطيرة، بلغت نسبا عالية بين المتزوجين في عام واحد، ولا يدخل في هذه الإحصائية المتزوجون قبل ذلك. وهذا أمر لم يكن معروفا قبل أربعين عاما(7).
فقد بان بهذا: أن تعليم المرأة وعملها بنفس طريقة تعليم وعمل الذكور يؤثر على الزواج سلبا، يمنع منه، ويعيق، وإذا تجاوز هذه الخطوط فإنه معرض للفشل، ولا ينجو منه إلا القليل.

وأمر آخر أيضا هو: الاختلاط. فالاختلاط في التعليم والعمل من أسوأ العوارض على الزواج؛ لأنه يغري بالعلاقات الجنسية، خارج إطار الزوجية، المسماة شرعا بـ"الزنا"، فهو ضار بالزواج لأمور:
1- أن الذي يغري بالزواج امتناع تحصيل الجنس إلا من خلاله، فإذا تحصل من طريق آخر استغني عنه، والاختلاط يوفر هذا الطريق الآخر.
2- أن النفس البشرية متلهفة للجنس الآخر، وفي حالة الاختلاط يطمع الرجل في المرأة، حتى لو كانت متزوجة، مما قد يتسبب في خراب بيت هذه المتزوجة، وكذا العكس، والأول أكثر(8).
وهكذا يلاحظ: أن الاختلاط عامل رئيس، وأسوأ مثال لتعطيل الزواج؛ بالاستغناء بالصديقات والخليلات. ولإفشال الزيجات القائمة؛ بتخبيب المرأة على زوجها، أو العكس.
ووفق هذا التحليل نخرج بنتيجة هي: أن في التعليم والعمل أسسا منهجية (= تعليم مماثل، وأعمال مماثلة للذكور)، ووسائل (= اختلاط بالذكور) تتسبب في صحة المقدمة الثانية: (تعليم المرأة وعملها يعطل من الزواج).
فهذه النتيجة ثابتة وصحيحة إذن، أثبتتها الدراسة والتحليل الآنف، كما أثبتتها واقع المجتمعات التي سبقت بتعليم المرأة تعليما مماثلا للذكور، وأعمالا كذلك. بداية من الغرب الذي بدأ الأسلوب..!!.
ونركز على القول: بهذا الأسلوب؛ لأن تعليم المرأة وعملها كان موجودا في العالم الإسلامي خصوصا، في حدود دون شمولية، لكن بأسلوب آخر، لا يتسبب بانهيار كيان الزواج والأسرة؛ إذ تلافت الأخطاء الموجودة في نوعية، ووسيلة، ومنهجية التعليم والعمل في النمط الغربي المعاصر؛ فتعليمها وعملها لم يعطلها من القيام بدورها كأم، وراعية، ومسؤولة عن البيت:
- حيث إنها اختصت بعلوم يلائمها، ولم تنافس الذكور في علومهم، ولم تعمل في الأعمال الذكورية نفسها.
- ولم تنفق فيهما وقتا كما ينفقه الذكور.
- وكانت في هذين المجالين بعيدة عن الاختلاط بالرجال.
إلا أن الحدث الجديد في الأسلوب الغربي: أنه ألغى هذه الاحتياطات؛ لأن انطلاقته كانت مختلفة عن الانطلاقة الإسلامية تماما، فالانطلاقة الإسلامية تقوم على فكرة فضل العلم على الجهل، وفضل العمل على الكسل، لكن بالقدر الذي يلائم وضع المرأة. أما الغربية فتقوم على فكرة المساواة الكاملة بين الذكور والإناث. هذا الهدف المعلن، أما الحقيقي فالقضاء الأسرة..!!.
يدل على هذا: أن هذا الهدف المعلن (= المساواة بين المرأة والرجل)، لم يتحقق إلى اليوم، ولن يتحقق!!. بينما الهدف الخفي (= تدمير الأسرة) قد تحقق كثير منه بصورة واضحة، وبقيته في الطريق..!! (9).
القضاء على الأسرة هو غاية التعليم والعمل وفق النمط الغربي؛ فتعليم يصنع من المرأة رجلا آخر إلى جانب الرجل، ينافسه في كل شيء، هاجرا الجزء الآخر من العالم الإنساني: البيت. لا ريب أنه سيقضي على الأسرة، التي من أهم أسسها: التكامل بين المرأة والرجل، وليس المنافسة والمصارعة.
كما تقدم تفصيل ذلك بالتحليل، والدراسة، والإحصاءات.
وهكذا انقلبت هذه العملية: المثالية، الجميلة، السامية، المطلوبة: شوكة في خاصرة الأمم، وبلاء على الرجل والمرأة، والمجتمع. فظاهرها الرحمة، وباطنها العذاب. وبهذا الظاهر تهيئت الأمة والمجتمع لكارثة سكانية، وانحلال أخلاقي، وتفكك في الروابط.
ومن وقف أمام هذا المدّ فهو عدو العلم، وعدو المرأة.. ولأجله سكت كثير من العارفين..!!.
ومن البلية أنه لم تبق دولة على وجه الأرض، حتى الإسلامية منها، إلا وأخذت بهذا النمط الغربي، واتبعت السنن حذو القذة بالقذة.. والتي استقلت زمنا، هاهي اليوم تجري في الطريق نفسه..!!..
وكلما اقتربت من المثال الغربي، كلما فقدت من جمال العلم والعمل بقدر ما اقتربت، لتنال المصير نفسه الذي نزل بالغرب، من انحلال خلقي، وتآكل في عدد الأسر، دلت عليه دراساتهم، فأطلقوا التحذيرات: أنه بعد ثلاثين إلى خمسين عاما سينخفض عدد سكان أوربا إلى النصف وأقل.

ولأجله أعاد عقلاء منهم النظر في كثير من قضايا المرأة:
- فاتجهوا إلى منع الاختلاط(10).
- وحاربوا فكرة المساواة(11).
- ونادوا بعودة المرأة إلى البيت(12).
ومع كل هذا، فهناك اليوم من يستغل مثالية العملية وجمالها: لسوق الأمة في ذات الطريق الغربي.؟!!.
ولا ندري لم هذا الإصرار على الأخذ بالمثال الغربي، في هذين المجالين: التعليم، والعمل. مع تبين المتاعب والمشاكل التي فيه: اجتماعيا، وأخلاقيا، واقتصاديا، ونفسيا. وكأنه لا مثال إلا هذا المثال المتآكل، البعيد كل البعد عن القيم والمعاني الإسلامية ؟!.
هل هو الجهل بالحقائق والآثار ؟.
فإن كان كذلك، فالجهل عيب في حق من يتكلم في هذه القضية، أو له فيها: كلمة، وقرار، ومسؤولية؛ إذ يفترض به الاطلاع على حقائقها، ونتائجها غير الخافية على من دونه.
أم إصرار عن علم ودراية ؟، فلم هذا الإصرار؟.
هل يظن هؤلاء أن بمقدورهم تجاوز تلك السلبيات الخطيرة؟.
فذلك محال..!!؛ إذ كيف يحتذون ذات المثال، ثم يظنون أن بمقدورهم تجنب آثار ذلك المثال؟!.
أم أنهم يريدون الآثار والنتائج ذاتها ؟!!!..
فتلك الإرادة المشؤومة، والداهية المريرة.. !!.
* * *
لقد ادعى من ادعى: أن التعليم من دون اختلاط: فاشل..؟!!.. فجاءت تجربة تعليم البنات في بيئة أنثوية محضة، ونتائجها المتفوقة، التي أعجبت وبهرت دوائر غربية وأجنبية: شاهدة على سخف تلك الادعاءات، التي يبطلها العقل السليم، حتى من غير الحاجة إلى خوض تجربة.
وبدأ العمل كذلك في بيئة أنثوية محضة، فسار على أكمل وجه، خاليا من كثير من سلبيات العمل في بلاد أخرى، أخذت بمبدأ الاختلاط، ولو أنه سلم من مماثلة العمل الذكوري في المدة والوقت، لكان أحسن حالا.
فالتعليم من غير اختلاط أثبت نجاحه، حتى إن بلدانا غربية بدأت تعود إليه. والعمل غير المختلط أثبت نجاحه، بعكس المختلط، الذي أثبتت الدراسات خطره على المرأة والمجتمع.
فلم الإصرار إذن ؟!!.
لم الإصرار إذن على أن تتعلم وتعمل المرأة العلم والعمل نفسه الذي للرجل ؟!.
لم الإصرار إذن على اختلاط المرأة بالرجل ؟!.
هل بدأنا نصدق أن: ما يدور هنا، في بلاد الإسلام، هو نفسه الذي دار في الغرب، وأن الهدف من تعليم المرأة وعملها هو تحريرها من: الدين، والخلق، والأسرة. أخرجت لتؤدي دورا في قلب قيم المجتمع، وتغيير صورته، كالذي حدث تماما في الغرب، ثم في البلاد العربية والإسلامية بعد ذلك ؟!..
يقول المستشرق جسب: "إن مدارس البنات في البلاد العربية هي: بؤبؤ عيني"(13).
* * *
المسألة شائكة، والمجتمع على حافة خطر يهدد وجوده، واختصاصه. فهذا الأسلوب سيفضي حتما:
- إلى إنشاء مجتمع يحمل السمات نفسها، التي تحملها المجتمعات المتحررة، التي لا فرق فيها بين هيئة المرأة المسلمة والمرأة الغربية.
- وإلى تفكيك الأسرة، وإنهاء دورها شيئا فشيئا، بتعطيل الزواج وتعويقه، وإفشال الحياة الزوجية.
والثمار بادية لمن يرى، ومن لا يرى. فنسب الزواج أقل بكثير مما كان عليه قبل القرن المنصرم، ونسب الطلاق ترتفع بصورة غير معقولة، وأبرز ما طرأ على المجتمع في هذه المدة هو: تعليم وعمل المرأة.
فهل من وقفة، وهل من عودة؟:
- هل من وقفة صادقة، ممن خبر هذه الحقيقة، وفهمها ليؤدي دوره: نصحا، وتبليغا، وبيانا، ومجاهدة، ومصابرة، ومرابطة؟.
- وهل من عودة صادقة، ممن سار في هذا الطريق، ليتأمل في آثاره، حتى لا يكون شؤما على أمته؟.
إذا كان التعليم بوابة إلى مجتمع بلا أسرة: فالعمل دهليزه..؟!!.
وهذا يدل على أن خطورة العمل أكثر بكثير من التعليم؛ فالتعليم يقف بالمجتمع عند الباب، أما العمل فإنه يمضي به ويأخذه إلى نهاية الطريق !!.
________________________________________
(1) في الحث على العلم قال تعالى: "اقرأ باسم ربك الذي خلق".
وفي الحث على العمل قال: "هو الذي جعل لكم الأرض ذلولا فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه..".
وفي الحث على الزواج قال: "ومن آياته أن جعل لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها..".
(2) يقول عليه الصلاة والسلام:
- ( لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم والآخر أن تسافر مسيرة يوم إلا مع ذي محرم). [رواه مسلم في الحج باب وجوب سفر المرأة مع محرم إلى الحج وغيره].
- ( لا يخلون رجل بامرأة، ولا تسافرن امرأة إلا ومعها محرم. فقام رجل فقال: يا رسول الله!، اكتتبت في غزوة كذا وكذا، وخرجت امرأتي حاجة. قال: اذهب فحج مع امرأتك). [رواه البخاري في الجهاد، باب: من اكتتب في جيش فخرجت امرأته حاجة أو كان له عذر هل يؤذن له؟.]
(3) الاختلاط المحرم هو: زوال الحجاب بين الجنسين، حتى تغدو العلاقة بينهما، كعلاقة الرجل بالرجل، والمرأة بالمرأة. ويلحق به كل تقارب ليس له سبب شرعي صحيح. دل على هذا الأمر: بالقرار وبالحجاب، ونصوص الفصل بين الجنسين في: الصلاة، والعلم، والعمل. وبه يعلم أنه لا يدخل في معنى الاختلاط، مجرد مرور المرأة بين يدي الرجال: في الأسواق، والمساجد، والطواف.. إلخ، وكلامها إياهم لحاجة.
وقد قررت الشريعة وأصلت لمنع هذا الاختلاط بنصوص كثيرة جدا، حتى إنها صارت من مقاصد الشريعة، من طرق عدة: من طريق النصوص، ومن طريق العلل. فمن النصوص:
- أمر الشارع المؤمنين بغض البصر، وفي الاختلاط يستحيل ذلك.
- أمره عليه الصلاة والسلام النساء أن يمشين في حافات الطريق، ويدعن الوسط للرجال.
- جعله للنساء باب خاصا في المسجد.
- جعله مؤخرة المسجد للنساء، والمقدمة للرجال.
- ضرب الحجاب عليهن، وأمرهن بالقرار في البيوت.
كل هذه النصوص وغيرها ترسخ الفصل ومنع الاختلاط، وتجويز الاختلاط إبطال لكافة تلك النصوص.
(4) الفرق بين الجنسين ثابت شرعا، كما هو ثابت عقلا، ومشاهدة، قال تعالى:
- "وليس الذكر كالأنثى".
- "الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم".
- "وللرجال عليهن درجة".
وكثير من الأحكام بين الجنسين مختلفة، فالمرأة لا تصلي ولا تصوم حين الحيض والنفاس. وليس عليها النفقة، ولا الجهاد، وميراثها ليس كميراث الذكر. وثمة أحكام مشتركة بينهما.
(5) الدراسات والإحصاءات الحديثة تبين: أن 35% من الموظفات يعملن بدافع الرغبة في تحقيق الذات، و34% يعملن لشغل أوقات الفراغ، و24% يعملن من أجل الحاجة.
وقد ذكرت الدراسة: أن 50 % من العاملات، من مجموع العينة التي أجريت عليها الدراسة، ترغب في ترك العمل والتفرغ لشؤون الأسرة فيما لو سمحت لهن الظروف، 45% منهن يشعرن بالتقصير تجاه عمل البيت والأسرة.
وهذه النتيجة تؤكد أن عمل المرأة خارج البيت يسبب الإرهاق والتعب، ويؤثر سلبا على عمل البيت والقيام بشؤون الأسرة، وبقية العينة تشعر في قرارة نفسها بهذه السلبية، لكنها مأخوذة عن نفسها بهذا العالم الجديد الذي ولجت فيه، ويوما ما ستشعر بما شعر به العاملات الأُوليات.(انظر: مجلة المجلة عدد1003، 2/5/1999م، دراسة أجراها الدكتور إبراهيم الجوير أستاذ علم الاجتماع في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية).
(6) في صحيفة المدينة عدد (13104) السبت 18/11/1419هـ ص15، هذه إفادات جمع من النساء:
- " سأتنازل عن إحدى عماراتي لمن يقبل بي زوجة".
- وأخرى طبيبة أسنان تقول: " أقبل الزواج من أي رجل، حتى ولو كان حارسا".
- وطبيبة نساء وولادة تقول: " تحرقني الغيرة جدا عند سماع زواج صديقتي أو قريبة من قريباتي وأنا كما أنا (محلك سر) بدون رجل أو طفل يملأ حياتي".
- وتقول أستاذة جامعية: " أملك محلات تجارية، والناس يحسدونني على الثقافة والمال، ولكن هل تجلب الثقافة والمال راحة نفسية؟!".
- وهذه معلمة رياضيات تقول: " أريد زوجا ولو كان أكبر مني بعشرين عاما، المهم أتزوج".
وقد أظهرت الدراسة التي أجرتها دينا الجودي، الباحثة الاجتماعية في الإدارة العامة للسجون بالرياض:
أن هناك علاقة مباشرة بين عمل المرأة السعودية وتأخر زوجها؛ حيث اتضح أن 44% من الموظفات السعوديات غير المتزوجات تزيد أعمارهن على 28عاما.
وأوضحت الدراسة أن انخراط العاملات السعوديات في مراحل التعليم: أدى إلى تأخر سن زواجهن، حيث إن حوالي 78% من عينة البحث من الجامعيات. (مجلة الأسرة عدد 75 ص20)
(7) انظر: تقريرا نصف سنوي لإحدى المحاكم للفترة من 1/1/1419هـ إلى 30/6/1419هـ، فيه:
- إجمالي عدد الأنكحة (3146) عقدا مقابل (619) حالة طلاق. (عكاظ عدد11878 الجمعة 17/11/1419هـ ص2).
- في جريدة الوطن السعودية عدد (618)، الأحد 27ربيع الأول 1423هـ، الموافق 9يونيو 2002:
"16 ألف حالة طلاق و81 ألف زواج شهدتها السعودية خلال عام واحد"؛ أي النسبة تفوق 20%.
- أما الإحصاءات الدولية فإنها تشير إلى: أن انخراط المرأة في العمل لمدة 10 إلى 12 ساعة، خارج المنزل: تسبب في 12مليون حالة طلاق في العالم 85% منها في الغرب. (مجلة الأسرة عدد 68، ذوالقعدة ص5)
(8) جاء في كتاب: "عمل المرأة في الميزان" ص154: "وقد نشرت صحيفة الشرق الأوسط، التي تصدر في لندن، في عددها الصادر 15/7/1400هـ الموافق 27/5/1980م: أن 75 % من الأزواج يخونون زوجاتهم في أوربا، وأن نسبة أقل من المتزوجات يفعلن الشيء ذاته". وهل كان لهذه الخيانات أن تقع لولا الاختلاط ؟.
وانظر في الكتاب نفسه: الفصل السابع: الابتزاز الجنسي للمرأة العاملة في الغرب. ص157
(9) تقول نوال السعداوي في كتابها: (دراسات عن المرأة والرجل في المجتمع العربي ص72):
- " إن هذه الأقلية من نساء العالم المتقدم التي استردت بعض حقوقها لاتزال محرومة من كثير من الحقوق التي يستمتع بها الرجال".
- وتقول: "من إحصاءات أخيرة عن المرأة العاملة في الولايات المتحدة اتضح أن 14% فقط من النساء العاملات يشغلن وظائف مهنية وفنية عالية، أما الباقي فيشتغلن بأعمال تندرج تحت أعمال الخدمة السكرتارية وغيرها". (المرجع السابق ص132)
- يشكو النساء العاملات في كثير من بلدان العالم من التمييز ضدهن في الأجور، فهن يتقاضين أجورا تقل بنسبة 38% عن أجور الرجال، رغم أنهن يمارسن الأعمال نفسها التي يمارسها الرجال. (مجلة الأسرة، عدد68، ص54)
(10) من كتاب: (المرأة في المؤتمرات الدولية) ص237-239 لفؤاد العبد الكريم :
- " الحكومة البريطانية تعتزم تشجيع المدارس الحكومية المختلطة، على إجراء دروس منفصلة للجنسين؛ من أجل تحسين مستويات التعليم لدى الصبيان.
- حققت سبع مدارس فقط من بين 75 مدرسة بريطانية، أفضل النتائج خلال العام الأكاديمي (1412/1413هـ-1992/1993م)؛ لأن هذه المدارس السبع كانت غير مختلطة". [نقلا عن: صحيفة الرياض، العدد (9254) بتاريخ 10/5/1414هـ الموافق 25/10/1993م]
- قالت مديرة كلية (تشليتنهام) للسيدات في بريطانيا: "إن على الآباء أن يأخذوا في اعتبارهم التعليم غير المختلط، عند إلحاق بناتهم بالدراسة، وإن أكثر النساء نجاحا اليوم، هن اللائي تعلمن في مدارس مخصصة للبنات، وهناك أدلة متزايدة، منها: أن نتائج الامتحانات تدل على أن البنات والأولاد يحصلون على نتائج أفضل، إذا تعلموا كل منهم على حدة". [ نقلا عن: صحيفة المسلمون، العدد (411) بتاريخ 24/6/1413هـ الموافق 18/12/1992م]
- "حسب دراسات أجريت في الولايات المتحدة، والسويد، وألمانيا، تبين أن اللاتي درسن في مدارس غير مختلطة، أفضل من اللاتي درسن في مدارس مختلطة". [نقلا عن: مجلة المجتمع، العدد (916) بتاريخ 29/7/1411هـ]
(11) أجرت مجلة "ماري كير" الفرنسية استفتاء للفتيات الفرنسيات، من جميع الأعمار والمستويات الاجتماعية والثقافية، كان عنوانه: "وداعا عصر الحرية، وأهلا بعصر الحريم". شمل رأي 2.5 مليون فتاة في الزواج من العرب، ولزوم البيت، فكانت الإجابة 90% نعم، والأسباب كما في النتيجة:
مللت المساواة مع الرجل.. مللت حياة التوتر الدائم ليل نهار.. مللت الاستيقاظ عند الفجر للجري وراء المترو.. مللت الحياة الزوجية، التي لا يرى الزوج فيها زوجته إلا عند النوم.. مللت الحياة العائلية، التي لا ترى الأم فيها أطفالها إلا عند مائدة الطعام.( انظر: عالم المرأة ص17-18، نقلا عن مجلة الاعتصام، العدد 12، آب 1977)
- وفي ألمانيا قامت إحدى الهيئات باستفتاء، شمل عدة آلاف من البنين والبنات، في سن الرابعة عشرة والخامسة عشرة من العمر، وكان السؤال عن أهم شيء يأمله الإنسان في المستقبل من حياته، فكانت النتيجة:
- 82% من البنين أملهم النجاح في العمل.
- 84 % من البنات أملهن النجاح في تكوين أسرة. (انظر: المرجع السابق)
(12) في مقالة لها بعنوان: " مستقبل المرأة في عودتها إلى الماضي"، تقول الكاتبة الأمريكية دانييل كرتندن:
- "نعم إن ما أقترحه هو العودة إلى الوراء، إلى فكرة الزواج والأمومة الأولى...
- إن العديدات من نساء جيلي خلصن إلى: أنه ربما تكون الاستقلالية جميلة ومريحة، عندما تكون المرأة عازبة وشابة، غير أنها ليست كذلك إطلاقا عندما تكون المرأة أما بلا زوج، أو عازبة وهي في الأربعينات من عمرها.
- ويبقى أننا إذا أردنا كنساء في الغرب تغيير وضعنا ومشاكلنا، فربما لن يتطلب منا ذلك العودة إلى الوراء، بل ربما احتاج منا فقط النظر إلى الوراء بصدق ووضوح، وتحديدا النظر إلى بعض الأفكار التي لفظناها مفضلين عليها حرية غالبا ما تكون جوفاء". (جريدة الشرق الأوسط عدد 7431)
(13) إلى كل فتاة مؤمنة بالله، محمد سعيد البوطي، ص26، مكتبة الفارابي – دمشق، 1397هـ ط6.

د.فالح العمره 16-02-2008 08:49 PM

رد: دراسات عن الاختلاط بين الجنسين في التعليم والعمل
 
- الاستغراب > الغرب من الداخل: دراسة للظواهر الاجتماعية >
تعريف الظواهر الاجتماعية:

تقول الموسوعات انكارتا ENCARTA ، وجرويلر GROILER، وغيرهما أن الظواهر الاجتماعية هي أقدم فرع من فروع علم الاجتماع لم تتم دراستها في السابق تحت أي علم من العلوم الاجتماعية، وهي: الزواج، والأسرة، والظلم الاجتماعي، والعلاقات العرقية، والانحرافات السلوكية، والمجتمعات الحضرية، والمنظمات الرسمية أو المعقدة([1]).

أولاً: الأسرة: الزواج والطلاق وعدد الأفراد:

ولما كانت الأسرة هي اللبنة الأساس في المجتمع فلتكن أول ما نتناوله في الحديث بعض مظـاهر الأوضاع الأسرية في الغرب، وفقا للمصـادر الغربية، وأول هذه المصادر وأهمها مما اطلعت عليه، التقريـر السنوي الذي تصدره الحكومة البريطانية، وعنوانه :" التقرير المـنزلي العام لسنـة 1993 " General Household Survey "([2])

يذكر التقرير أن حجم الأسرة البريطانية بدأ يتقلص بالنسبة للبريطانيين البيض، فقد كان حجم الأسرة البريطانية يتكون من 2.91 فرد عام 1971 ثم أصبح 2.44 فرد عام 1993. ويشـير التقرير إلى أن أسر البريطانيين من أصل هندي أو باكستاني أكبر حجما. أما عدد الأطفال في الأسرة فقد وصل إلى 1.8 فردا منذ بداية الثمانينات، وهذا العدد يتضمن الأطفال المتبنين وأطفال أحد الزوجـين، ومن المظاهر المهمة في تكوين الأسرة البريطانية أن الأسرة المكونة من والد واحد (أب أو أم) ارتفع من 8% عام 1971 إلى 22% عام 1993. وبالنسبة للأمهـات الوحيدات فقد ارتفع من 8% عام 1971 إلى 22% عام 1993. وبالنسبة للأمهـات الوحيدات فقد ارتفعت نسبتهن من 1% عام 1971 إلى 18% عام 1993.([3])

وكتبت إيان موراي Ian Murray حول التقرير السنوي للسكان قائلة :" إن الأسرة البريطانية التقليدية المكونة من أبوين أصبحت أكثـر ندرة وفقاً لآخر تقرير سكاني حكومي ، فإن الترتيب الأكـثر شيوعاً للأسرة هو رجل وامرأة بلا أطفال ، ووفقاً للإحصائيات التي تم إعدادها من أبريل عام 1991 حتى مارس 1992 فإن زوجاً ( رجل وامرأة) من بين كل خمس أزواج لا يعيشـون تحت مظلة الزواج ، وأسرة واحدة من بين سبع أسر يعولها والد واحد (أب أو أم) وعائلة من بين كل ثنتي عشرة عائلة تتضمن طفلاً من زواج سابق لأحد الزوجين.([4])

وقد كتبت ليزلي وايت Lesley White حول انخفاض معدل الزواج في بريطانيا فقالت: " إن مؤسسة الزواج تكاد تختفي في بلادنا، فقد أصبح الإقبال على الزواج أقل وفي سن متأخرة، وارتفعـت نسبة الطلاق حتى وصلت 40% وهي أعلى نسبة في أوربا. وبالنسبة لانخفاض الزواج فقد انخفض بنسبة الثلث عام 1992، وتصف الكاتبة موقف البريطانيين من الزواج فتقول " لقد أصبح الزواج مخيفا جدا، فمن الصعب جدا أن يقدم الناس على الزواج."

ومن النتائج التي حدثت أن أصبح متوسط عمر المرأة عند إنجـاب أول طفل هو 28.6 سنة، وهناك عشرون في المئة من النساء لا يفكرن في الإنجاب مطلقا، ويفضلون إنفاق أموالهم على الترفيه والمتع الذاتية، أو هكذا يظنون([5]).

ولو عدنا إلى التقرير الحكومي البريطاني لوجدنا أن عدد النساء اللاتي لم يتزوجن قد ارتفع من 18% عام 1979 إلى 28% عام 1993، أما العيش مع الرجل دون زواج فقد ارتفع من 9% عام 1981 إلى 23% عام 1993.([6])

ويشير تقرير موراي إلى ارتفاع نسبة الزواجات التجريبية (يعيش الرجل مع المرأة كأزواج دون عقد رسمي) فثمة امرأة من كل أربعة نساء تعيش مع رجل بلا زواج ، بينما تتمنع الأخريات عن الإقدام على الزواج كليا.([7])

أما التعليق على هذه الأرقام فكما يأتي:

1 - انخفاض معدل الإنجاب في أوربا سيؤدي بعد حين إلى ارتفاع نسبة كبار السن وانخفاض الفئة القادرة على الإنتاج، وقد بـدأت نذر هذا حيث إن الإحصائيات الحالية تشير إلى أن عدد الذين تجاوزوا الستين من العمر وصلوا إلى سبع عشرة في المئة في الولايات المتحدة، وعشرين في المئة في أوربا، وسبع عشرة في المئة في اليابان، وذكر برنامج تلفازي في الولايات المتحدة أن من أسباب هذا انخفاض نسبة المواليد واقتصار العائلة الأمريكية على طفلين فقط.([8]) فقد أشارت دراسة أعدتها المفوضية الأوروبية في بروكسل إلى أن عدد الشباب والشابات في دول الاتحاد الأوروبي سوف يتقلص بحـلول عام 2025م ليصبح 9,5مليون ، أما الذين ستزيد أعمارهم عن الستـين فسوف تزيد على 113,5مليون بينما لا تزيد الآن عن 76,3 مليون عام 1995 ، كما أشارت الدراسة إلى أن عدد البالغين عشرين سنة من أعمارهم عام 2025سوف يتدنى إلى 4,2مليون من مجموع السكان بينما كان يساوي 5,1مليون عام 1995. وأكدت الدراسات أن عدد السكان في دول الاتحاد الأوروبي سوف يتراجع إجمالياً .([9])

وقد علق المفوض الأوروبي بيدريج فلين المكلف بحقيبة العمل والشؤون الاجتماعية في الاتحاد الأوروبي إن الدراسة الديموغرافية لطبيعة سكان الاتحاد الأوروبي لعام 1995 قد أكدت التوجهات التي أشارت إليها الدراسة المماثلة التي أجريت عام 1994التي حذرت من شيخوخة مرتفعة المعدلات في أوروبا الغربية … وهو الأمر الذي سوف يتسبب في اختلال النظم الاجتماعية المعمول بها حالياً حيث لن يكون هناك أعداد كافية من العاملين لتأمين المنح الهائلة لكبار السن المتقاعدين الذين سيشكلون الغالبية العظمى عام 2025.([10])

أما تأخر النساء في الزواج فإن ثمة دراسات تؤكد أن المرأة لا تنضج إلا بعد إنجاب الطفل الأول أو الثاني، فها هي المرأة الغربية تتأخر أكثر من عشرة سنوات عن الإنجاب، وقد لا تنجب مطلقا.

وبالنسبة للعزوف عن الزواج بحجة إنفاق المال في المتع والترفيه فقد ذكر الشيخ أبو الأعلى المودودي رحمه الله في كتابه الحجاب، أن من أسباب انهيار الحضارات وسقوطها (الشح) وهذا هو الشح بعينه، حين يرغب الوالدان إشباع متعهم الذاتية ويمتنعون عن الإنجاب أو عن الزواج.([11])

الأسرة في الولايات المتحدة

كتب ديفيد بلانكنهورن David Blankenhorn يقول: (هذه الليلة سينام أربعون في المئة من أطفال أمريكا بعيدا عن المنازل التي يعيش فيها آباؤهم، ويضيف بأن فقدان الأب يعد من أكثر الاتجاهات الديموغرافية (السكانية) إيلاما لهذا الجيل، فهي السبب الأول لتراجع صحة الطفل في مجتمعنـا، وهي الدافع لكثير من المشكلات الاجتماعية من الجريمة إلى عمل الصغار إلى التحرش الجنسي بالأطفال، ويقدم المؤلف بعض الأرقام في هذا المجال وهي:

أ - كانت نسبة الأطفال الذين يعيشون مع آبائهم عام 1960 هي 82.4% وتراجعت هذه النسبة حاليا إلى 61.7%.([12]).

ب - كانت نسبة الذين يعيشون بعيدا عن آبائهم عام 1960 هي 17.5% وبلغت هذه النسبة عام 1990 36.3%.

وقد أشار ريتشارد نيكسون إلى تضاعف حالات الطلاق أربع مرات وأصبح طفل واحد من كل ثمانية يعيش على حساب الرعـاية الاجتماعية أي أكثر بثلاثة أضعاف ما كان عليه الحال عام 1960.([13])





ألمانيا

وفي ألمانيا ينقل لنا نبيل شبيب بعض الإحصائيات منها أن ثلث الأطفال المولودين هناك ليـسوا شرعيين([14])، وهي نفس النسبة لكل من بريطانيا والولايات المتحدة كما نقل الدكتور عبد القادر طاش عن الكاتبة غريتوود هلمفار أستاذة التاريخ بجامعة سيتي بمدينة نيويوركCity University of New York ، وأضاف طاش بأن إيطاليـا تعاني من التناقص السكاني، وهي (ظاهرة توشك أن تتحول فعليـا إلى أزمة على أبواب القرن الحادي والعشرين على امتداد الأمة الإيطالية([15]).

ويرى الرئيس علي عزت بيجوفتش أن الحضارة الغربية قد تسببـت في تحطيم الأسرة حيث بدأ ذلك بهجر الرجل للبيت ثم تبعته المرأة ثم تبعهم الأطفال. ومن مظاهر تحطم الأسرة انخفاض حـالات الزواج وارتفاع نسبة الطلاق وازدياد عدد النساء العاملات والازدياد الكبير في عدد المواليد غير الشرعيين وارتفاع عدد الأسر القائمة على والد واحد (الأم) ويضيف بيجوفتش أن عدد ربات البيوت من الأرامل صغار السن قد ازداد شيوعاً بسبب ارتفاع معدل الحوادث وارتفاع عدد ضحايا السكتة القلبية وأمراض السرطان وهذه الأمور شديدة الصلة بالحضارة. ([16])

هذه الأوضاع الأسرية الصعبة جعلت المفكرين الأوروبيين يخشون على الجنس الأبيض من خطر الزوال ،فيذكر على عزت بيجوفيتش أن معدل المواليد في ألمانيا قد انخفض بحيث أن الألمان قد يتلاشون في القرن القادم ، ويضيف بان تقديرات السكان الذين يبلغ تعدادهم الآن ( في السبعينيات) 52مليوناً سوف ينخفض إلى 17 مليوناً في النصف الأول من القرن الواحد والعشرين.

كما أن التقرير الإحصائي السنوي للسويد يشير إلى أن كل واحـد من اثنين من أطفال السويـد هو الطفل الوحيد في الأسرة ، وينطبق الأمر نفسه على تشيكوسلوفاكيا التي يرى سكانها أن الأسرة التي تتكون من ثلاثة أطفال ترف غير معقول.وتشير الإحصائيات إلى أن السويد لن تكون قادرة في عام 1990 على الاحتفاظ بمعدل المواليد المعتاد.([17])

وأما صاحب كتاب صدمة المستقبلFuture Shock فيذكر أن الأسرة في الغرب على وشك الاندثار الكلي وينقل عن الكاتب فيرديناند لندبيرج Ferdinand Lundberg أن الأسرة ميتة عدا في السنتين الأولى والثانية من حياة الطفل، ولعل هذه هي مهمتها الوحيدة.([18]) ويثير المؤلف قضية خطيرة تعرضـت وما زالت تتعرض لها مؤسسة الأسرة في الغرب وهي الزواج المؤقت أو الزواج التجريبي الذي بدأ يجد قبولاً لدى كثير من المفكرين وقادة الرأي ورجال الدين حتى أن القس جاك لازور Jacque Lazure أقترح ما أسماء " الزواج التجريبي " وأن يستمر ما بين ثلاثة إلى ثمانية عشر شهراً.([19])

ومما يهدد وجود الأسرة ارتفاع عدد الشاذين جنسياً وإصـرارهم على الزواج وقد سنّت بعض الدول الأوروبية تشريعات تسمح بزواج هؤلاء مثل هولندا وبريطانيا بينما ما زالت القضـية تثير كثيراً من النقاش والجدال في دول أخرى. ويرى مؤلف كتاب ( صدمة المستقبل) بأن بعض الشاذين جنسياً يقوم بتبني أطفال مما يشكل صورة جديدة للأسرة ([20])




ثانياً: الأطفال والجريمة

إذا كانت هذه حال الأسرة في الغرب فكيف تصير حال أطفالهم؟ لاشك أنهم سيتأثرون بالفعل، وقد بلغ عدد الجرائم التي يرتكبها الأطفال ونوعها حداً جعلهم يلجأون إلى حظر التجول على الأطفال والشباب ليلا، وأصبحت قضية حظر التجول من القضايا السياسية التي تتنافس الأحزاب في مواقفها منها.

حمل السلاح والعنف

ذكر تقرير حكومي بريطاني أن ثلث تلاميذ بريطانيا في سن الخامسة عشرة استبدلوا الأسلحة بالكتب الدراسية، وتتنوع الأسلحة التي يحملونها في حقائبهم من سكاكين حادة إلى مشرشرة، ومدى وجنـازير وعصي بيسبول وسلاح ناري يمكن شراؤه بسهولة، تقول الإحصائيات إن واحداً من خمسين تلميذاً في المدارس البريطانية يحمل مسدسا، هذه الأوضاع جعلت ربع الطلاب يتخوفون من الـذهب إلى المدرسة، بينما ثلث الطالبات في المدارس الثانوية المختلفة يتخوفن من الاعتداءات الجسدية([21]).هذا بالإضافة إلى الإيذاء اللفظي الذي يتعرض له بصفة خاصة الطلاب المستجدون له في المدارس، ويتعرض للسخرية أيضاً الطلاب الذين يعانون من بعض الأمـراض الجسدية مثل حَب الشباب ، أو العيوب الخًلقية أو ممن لهم هوايات غريبة([22])

وحمل السلاح هذا لم يكن للتسلية، فقد قام أحد الطلاب عمره خمس عشرة سنة بقتل ناظر مدرسة ثانوية في شمال لندن، ومن حوادث الجرائم التي هزت المجتمع البريطاني قتل طفل عمره سنتان من قبل طفلين في العاشرة. أما الإحصائيات فتقول إن جرائم الأطفال في سن 11-17 ازدادت بنسبة 50% من البيض، و 300% بين السود، وقد وقعت في نيويورك في العام الدراسي 1994/1995 (1914) جريمة قتل قام بها أطفال ينتظمون فيما يسمى بقبائل أو جماعات الذئاب، وفي لوس أنجلوس وحدها 40 جماعة ذئاب([23]).



حظر التجول

ومن أجل مواجهة جرائم الأطفال فقد بدأت العديد من المـدن الأمريكية فرص حظر التجول ليلا على الشباب في سن مادون الثامنة عشرة أو السابعة عشرة، وقد بدأ الحظر في مدينة نيو أولينز New Orleans منذ سنتين، وقد انخفضت حوادث القتل بنسبة 37% لنفس الفترة مـن العام الماضي، ولكن هذا الحظر وجد من يعارضه من جماعات الدفاع عن الحقول المدنية التي ترى أن الحظر مخالف لحقوق الوالدين في التربية، ومخالفة للحقول المدنية للشبـاب، ويرى بعض الباحثين أن وقت الجرائم سينتقل من الليل إلى النهـار، وإن الشغل الشاغل للشرطة قد أصبح فرض هذا الحظر، ومع ذلك فإن الكثير من المدن الأمريكية بدأت في تطبيق هذا الحظر الذي وجد الدعم من الرئيس الأمريكي الحالي بيل كلينتون([24]).

وكتبت صحيفة الجارديان الأسبوعيةGuardian Weekly بأن حظـر التجول يضر بالأولاد الفقـراء الذين لا يـجدون من ينقلهم في الليل، فليس لديهم سائقون في بيوتهم، وتقول الصحيفة بـأن أقسى نقد جاء من اتحاد الحريات المدنية الأمريكي بأن ما تفعله هذه القوانين هو عقاب الناس العاديين المطيعين للقانون([25]).

وقد انتقلت فكرة حظر التجول من أمريكا إلى بريطانيا وقد دعا لها كل من حزب العمال وحزب المحافظين جزءا من برنامجه السياسي، ولكن هناك من يعارض هذا الحظر، ومن هؤلاء أحد الـوزراء البريطانيين الذي يقول: (إن الحظر إهانة للغالبية من الشباب الحسني السلوك، وهذه السياسة تذكر بسياسة الأخ الأكبر في النظام الاشتراكي الذي يريد السيطرة على كل شيء([26]).

وعلقت صحيفة الجارديان بأن أمريكا ليست النموذج المناسب لتقليده في تطبيق حظر التجول على الشباب والأطفال، فنسبة الجريمة في الولايات المتحدة أعلى من بريطانيا، كما أن الأوضاع الاجتماعية تختلف من بلد لآخر، وأضاف بأن هذه السياسة ستعاقب الأغلبية من الأبـرياء وبخاصة في مجتمعات السود، فهذه السياسة خاطئة في تأثيرها وفي مبدئها([27]).

ولابد من كلمة حول هذا الأمر، فقد اقتنعنا مدة طويلة بتفوق الغرب في شتى المجالات ومنها التربية بلا شك، وأرسلنا أعداداً كبيرة من طلاب الدراسات العليا للحصول على درجتي المـاجستير والدكتوراه في التربية في الغرب، وهذا الواقع يؤكد فشل تربيتهم، أما التربية الإسلامية الصحيحة فهل فكرنا لماذا يتقدم شبابنا الذين لم يبلغوا الخامسة عشرة للدخول إلى المعارك، وكان هذا في أُحُد وفي الخنـدق وغيرها، ألم يكن أسامة بن زيد رضي الله عنهما في السـابعة عشرة حينما ولاه الرسول صلى الله عليه وسلم قيادة جيش للتوجه إلى الشام. وكم كان سن محمد بن القاسم الثقفي ومحمد الفاتح وغيرهما؟

إن التكليف في الإسلام يبدأ بالبلوغ الذي لا يتجاوز الخامسة عشـرة، أليس في هذا دليل على أن تربيتنا أنجح من تربيتهم فمن يعيد الثقة إلينا؟



الجرائم ضد الأطفال

كثيرة هي الجرائم التي ترتكب ضد الأطفال ولكن بعضها ينـال اهتماماً خاصاً من الإعلام، ومن بينها قضية المرأة التي اشـتركت مع زوجها في جرائم اغتصاب وقتل عشر فتيات إحداهن ابنتها البالغة من العمر ست عشرة سنة، وابنة زوجها البالغة من العمر ثماني سنوات، وقد تكون هذه الجرائم أكثر بكثير من العشرة الذين وجدت جثثهم مدفونة في أنحاء المنزل([28]).

وقد علقت صحيفة " الحياة " بالتساؤل: " هل سبب العنف والانتهاك الجنسي عائد لخلل في جينات الدماغ أم إلى تدهور أخلاقي ناجم عن اضطراب أو تحلل في المجتمع الذي يعيشان فيه، أم سببه انتشار أفلام الجنس والجريمة التي كانت تعرض باستمرار في منزل المجرمين."([29])

وتساءلت صحيفة الحياة وكذلك مجلة " التايم " Time Magazine كيف تمت هذه الجرائم على مدى ثلاثين سنة دون أن تكتشفها شبكة الخدمات الجنائية والاجتماعية الكثيفة في المجتمع البريـطاني، والتي تضم إلى الشرطة البريطانية التي تتمتع بسمعة عالية مؤسسات الخدمة الاجتماعية المختلفة من المدارس والباحثين الاجتماعيين حتى الكنيسة؟ أم إن هذه الجرائم تؤيد وجهات النظر الراديكـالية التي تعتقد بأن المجتمع البريطاني يعاني من انحلال وتفكك اجتماعي وأخلاقي كبيرين."([30])



جرائم الاستغلال الجنسي للأطفال

رُوِّعت بلجيكا قبل أيام بأخبار المجرم الذي اختطف عدداً من الفتيات وتم اكتشاف جثثهن في حديقة منزله ، ثم قادت التحريات إلى أن المجرم إنما هو فرد من عصابة تقوم باختطاف الأطفال لاستغلالهم في الدعارة . وقد كتبت جريدة "الحياة" تقول :" لا تزال بلجيكا تعيش حالة ذهول بعد كشف التفاصيل المروِّعة لأعمال شبكة من الشاذين الذين يقيمون علاقات جنسية مع الأطفال. وهذه القضية تعد الأخيرة في سلسلة شبكات مماثلة كشف عن تورطها في ارتكاب جرائم جنسية ضد أطفال أوروبا وأمريكا الشمالية خلال السنوات الأخيرة."([31])

وأوردت صحيفة أخرى بأن ما حدث في بلجيكا لم يكن حالة منعزلة حيث" تفيد الأوساط القضائية في بروكسل أن منطقة وسـط أوروبا وشرقها قد تحولت بعد انهيار الشيوعية إلى أهم المراكز العالمية للإتجار بأجساد الأطفال ومخزن كبير لتطعيم أسواق الدعارة التي تقوم عليها سياحة الجنس في تلك البلدان." ([32])

وقد تداعت مئة وست وعشرون دولة لعقد مؤتمر دولي لمكافحة الاستغلال التجاري الجنسي للأطفال،-هل غير التجاري مسموح به؟_ وتتضمن الوفود المشاركة عدد من الأطباء وعلماء النفس ، وعلماء الاجتماع ورجال القانون. ويستمر المؤتمر من 27حتى 31 أغسطس 1996. وسوف يناقش المؤتمر تسعة موضوعات تتصل بنشاطات الشبكات الإجرامية وتعريف الاستغلال الجنسي وتعريف الأطفال ، والعقوبات التي ينبغي إنزالها بالشبكات التي تعمل في هذا المجال.([33])

وقد أوردت صحيفة " الشرق الأوسط" أن عدد الأطفال( تحـت سن 18) الذين يعملون في الدعارة تجاوز المليون طفل في آسيا ، ومن مئة إلى ثلاثمئة ألف طفل في أمريكا الشمالية وفقاً لإحصائيـات اليونسيف والمركز الوطني للأطفال المشردين والمفقودين في واشنطن.وتشير الصحيفة إلى أن السياح الأوروبيين يعـدون من أبرز الأسباب في انتشار هذه التجارة نظراً لما يبذلونه من أموال في الدول الفقيرة مثل تايلند والفلبين وغيرهما .حيث تقول الصحيفة:" إن السياح الأجانب وبسبب المبالغ الطائلة التي ينفقونها على هذه الممارسات جعلوا سوق الدعارة أكثر نشاطاً ، كما إنهم أغرقوا العالم أيضاً بالأفلام الجنسية الخليعة وزادوا من انتشارها."([34])

وقد أصبح المؤتمر فرصة لفضح كثير من الممارسات الأوروبية في مجال الدعارة والصور الفـاحشة سواء بالنسبة للأطفال أو الكبار فقـد أورد تقرير وكالة الأنباء الفرنسية أن تقريراً إيطالياً كشف عن" أرقام مثيرة للصدمة بالنسبة لممارسات دعارة الأطفال ولا سيما في جنوب إيطاليا، وذكر التقرير أن الفضيحة التي أثيرت منذ شهرين في مدينة باليرمو بجزيرة صقلية حول استغلال عدد من الأطفال الإيطاليين دون العاشرة في الدعارة المباشرة مع بالغين ليست هي حالات معزولة بحال."([35])

والحقيقة أن استغلال الأطفال جنسياً ليس بالأمر الجديد فالغرب يعرف هذا ، وقد سنّت الحكومة الألمانية عدداً من التشريعات ضد مواطنيها الذين يسافرون إلى جنوب شرق آسيا لممارسة هذه الجرائم ، وقد نشرت الصحف الأوروبية أيضاً عن اكتشاف شركات دنماركية تتاجر في الصور الخليعة للأطفال. كما أن الولايات المتحدة تعاني من ظاهرة الأطفال الضائعين والهاربين و/أو المخطـوفين ، وقد خصصت محطة التلفاز الإخباري (سي إن إن CNN ) عدة برامج لبحث هذه المشكلة ، ومما ورد في هذه البرامج أن أمريكا تعاني من تفاقم مشكلة اختطاف البنات والأولاد دون سن العشرين ، وذكرت المحطة أن عدد المخطوفين يصل إلى عشرات الألوف ، وقد تكونت جمعيات تطوعية للبحث عن الأطفال المخطوفين وتستخدم هذه الجمعيات وسائل كثيرة من بينها الطائرات.([36])

ولما اكتشفت بلجيكا عدداً من الجثث لأطفال بيض من ذوي العيـون الزرق ذهلت وثارت ولا كـان لا بد أن يتحرك العالم كله لإنقاذ الأطفال . والسؤال أين كانت أوروبا وأمريكا عندما كـان الصِرْبُ يمارسون كل أنواع الجرائم الوحشية ضد المسلمين في البوسنة والهرسك ، وعندما كانت روسيا تدك المدن الشيشانية على رؤوس الأطفال ، والشيوخ والنساء من المدنيين العزّل في الشيشان، وعندما قامت الطائرات الإسرائيلية بقصف ملجأ الأمم المتحدة في قانا في لبنان على رؤوس الأطفال والنساء والشيوخ؟



ظاهرة تشغيل الأطفال

ليست ظاهرة تشغيل الأطفال بالأمر الغريب على العقلية الأوروبية فإن الروائي الإنجليزي المشهور تشارلز ديكنز قد سَخِرَ في العديد من رواياته من هذه الظاهرة المؤلمة ، وربما كانت المجتمعات الأوروبية تجد مبرراً لها لأنها كانت في ذروة نهضتها الصناعية ، وكانت في حاجة للأيدي العاملة ، كما كانت التشريعات لا تمنع ذلك . ولكن بعد أن وضعت التشريعات التي تمنع تشغيل الأطفال في الأعمال التي يقوم بها الكبار عادت أوروبا و أمريكا من جديد لتشغيل الأطفال ففي تقرير سنشر الذي نشرت إحدى الصحف مقتطفات منه قبل نشره رسمياً جاء فيه:" تفشت في الأعوام الأخيرة ظاهرة اشتغال الأطفال بشكل مثير إلى درجة أن حوالي ثلاثة أربعا الأطفال الذين تقل أعمارهم كثيراً عن ست عشرة سنة نجدهم يشتغلون أشغالاً لا يمكن أن يقوم بها إلاّ كبار السن، مثل أن يشتغلوا في المقاهي والمطاعم أو يشتغلوا كبستانيين أو في المحلات التجارية."([37])

ويشير تقرير الصحيفة إلى أن مجموعة من الأساتذة الباحثين من جامعة بيزلي الإنجليزية Paisley قد قاموا بإجراء مقابلات مع أكثر من ألفي طفل موزعين على اثنتين وعشرين مدرسة تشمل اسكتلندا كشفت لهم عدة حقائق مدهشة أهمها أن هناك سبعين في المئة ممن يشتغلون أو سبق لهم الاشتغال في أعمال أو مهن شتى ،منهم من بدأ العمل وسنّه لا يزيد عن عشر سنوات مقابل أجر مادي لا يتجاوز بضعة جنيهات إسترلينية في الأسبوع مما يجعل من ظاهرة تشغيل الأطفال القاعدة وليس الاستثناء."([38])

ولم تقتصر ظاهرة تشغيل الأطفال على أوروبا بل امتدت لتشمل الولايات المتحدة الأمريكية، وفقا لما ورد في تقرير لمنظمة العمل الدولية التابعة للأمم المتحدة. ويذكر التقرير أن من مبررات تشغيل الأطفال هو سعي أرباب العمل وراء " قوى العمل المرنة".([39])



ثالثاً: الجريمة في المجتمعات الغربية

لا تكاد تخلوا الصحف ووسائل الإعلام الأخرى طوال العام من الحديث عن الجريمة التي أخذت أبعادا أخرى حيث إن " فئة الشبـاب الذكور هم الفئة التي تنفذ جرائم القتل والموت في المجتمـع الأمريكي، وإن نسبة الانتحار بين الشباب تفوق عشرين ضعفا مثيلتها في أوروبا وأربعين ضعفا عن اليابان."([40])

وكأن القتل في الغرب أصبح بديلا للحوار الحضاري، فقد كتبت صحيفة التايمز اللندنية مقالة بعنوان (أمريكا تفقد حريتها) تنـاولت حوادث القتل التي يقوم بها جماعة من المتطرفين الدينيين ضـد الأطباء والعاملين في عيادات الإجهاض، ويتعجب كاتب المقـال عن هذه الحضارة المزعومة التي يضطر فيها الطبيب أن يرتدي سترة ضد الرصاص وهو متوجه إلى عمله أو أن تضطر هذه العيادات للاستعانة بالشرطة.([41])

الاغتصاب

كما عانى الشباب والأطفال من توجه الجريمة ضدهم فقد نالت المرأة نصيبها من الجريمة ضدها، ولاسيما جريمة الاغتصاب، فقد نشر (مركز الضحايا الوطني) و (مركز الأبحاث ومعالجة ضحايا الاغتصـاب) أن ثمان وسبعين امرأة يتعرضن للاغتصاب كل سنة أي 683 ألف امرأة سنويا)([42]).

أما التعرض للمضايقات الجسدية أو التحرش الجنسي فحدث ولا حرج، فإذا كان الاغتصاب يصعب تحديد حالاته بدقة لأن نسبة كبيرة من النساء لا يبلغن عن حدوثه وذلك لصعوبة إثباته أو للمضايقات التي يتعرض لها إذا ما أقدمن على الشكوى([43])، فإن تعرض المرأة للمضايقات الجنسية بلغ حداً كبيراً، ومما يلفت الانتباه أن ثلثي الشرطيات البريطانيات يتعرضن للمضايقات الجنسية من زملائهـن في العمل مما أدى إلى قيام إدارة الشرطة بتكليف عالمة نفس بدراسة الوضع واقتراح الحلول المناسبة([44]).

ولكن هل ستقدم عالمة النفس من المقترحات ما يمنع التحرش الجنسي في إدارة الشرطة؟ أعتقد أن المجتمعات الغربية عموما بلغت ما يسمونه نقطة اللا رجوع إلا أن يكتب الله لهم الهداية، فقد بدأ الاختلاط بالزعم أنه " يخفف التوتر الجنسي لدى الطرفين، ويسمو بالعلاقة بينهما إلى مستوى إنساني فلا يعود أحدهما ينظر إلى الآخر من زاوية جنسية فحسب.. وهكذا فالمجتمعات التي تقر الاختلاط تشكو من تفاقم المشكلات الأخلاقية التي تنجم عن العلاقات بين الجنسين."([45])

وقد خصصت مجلة النيوزويك الأمريكية Newsweek ملفاً للحـديث عن السلوك الجنسي للرجال مع النساء والنساء مع الرجـال وحرصت على تقديم تعريف للاغتصاب ، ونظراً للاختلاط الذي تعرفه المجتمعات الغربية منذ مئات السنين فمن الصعـب تحديد ما هو الاغتصاب . وقد أوردت المجلة تعريف مكتب التحقيقات الفيدرالي للاغتصاب ولكنها ترى أن هذا التعريف غير كاف. كما إن العقلية الغربية غريبة حقاً في هذه المسألة فإن المرأة تريد أن تكون مع الرجل في خلوة تامة وفي موعد تعرف مسبقاً أن عقلية الرجل الغربي لا تدفعه لدعوة امرأة لعشاء أو سهرة إلاّ وهو يتطلـع إلى الحصول على عائد ما ولكنها تستنكر لو أقدم الرجل على المطالبة بتعويض عمّا أنفقه.([46])

ووصل الأمر بانتشار حالات الاغتصاب إلى أن امرأة تعمل شرطية في شرطة لندن تعرضت للاغتصاب في أحد القاطرات في لندن في وقت متأخر وهي في طريق عودتها إلى بيتها.([47]) وقد انزعجت الشرطة في لندن من ازدياد حوادث الاغتصاب لذلك قامت بإصدار بعض التعليمات لمواجهة هذه الحوادث ومن التعليمات:

أ - الاحتشام في اللباس.

ب - عدم وضع الأيدي في الجيوب حتى تكون المرأة مستعدة للدفاع إذا ما تعرضت للاعتداء.

ج - عدم الجلوس في الحافلات في الطابق العلوي إذا كانت الحافلة خالية، والحرص على الركوب قريبا من السائق.

ولكن أنى لهن أن يسمعن موعظة وقد ذكرني هذا بمحامية أمريكية عجوز استضافها التلفـزيون الأمريكي قبل أكثر من عشرين سنـة للتحدث في مشكلة الاغتصاب فذكرت أن النساء هن سبب ما يقع لهن من حوادث اغتصاب حيث الملابس الفاضحة والخروج وحيدات دون حماية من رجل، وأضافت أن الرجل مهما كان مكتفيا غريزيا فإن منظر عري النساء يثيره.

كما أن الاختلاط الذي يعيشه الغرب يتسبب إلى حد ما فيما يعانيه الغرب ، حتى إن مجلة "المختار" Reader’s Digest قد نشرت تحقيقاً حول الاختلاط في العمل في مجالات الحياة المختلفة وما يتسبـب فيه من إثارة الغرائز هو أحد أسباب انتشار الجرائم الجنسـية. ومما أوردته المجلة في تحقيقها :" أينما يعمل الرجال والنساء معاً فإن "الافتتان" يأتي بوحي من واقع الميدان( العمل المختـلط) وليس هذا الانجذاب بسبب سيطرة إفرازات زائدة لهرمـون "الادريانين" فحسب، ولكن في أي مكان عمل (مختلط طبعاً ) من المعمل إلى المكتبة العامة."([48])

هذه الفطرة التي فطر الخالق سبحانه وتعالى عليها وهي الانجذاب بين الجنسين يريد الغرب كبتها في العمل، وهو ليس بمستطيع وهذا ما يقوله أحد العاملين بمعهد العلاقات بين الجنسين في مدينة سانتا باربرا بكاليفورنيا بالولايات المتحدة الأمريكية :" لا يمكننا أن نشرع قانوناً لإبقاء الميول الغريزية خارج نطاق العمل ، فهذه الميول جزء من شخصية الفرد لا تستطيع أن تعطل أداءها بضغطة زر لأنك موجود في العمل."([49])

ولعل من أسباب هذه الأوضاع أن الحضارة الغربية كما يرى علي عزت بيجوفتش قد "أحالت المرأة إلى موضوع إعجاب أو استغـلال ، ولكنها حُرِمَت من شخصيتها وهو الشيء الوحيد الذي يستحق التقدير والاحترام. وهذا الموضوع مشهود بشكل مضطـرد ، وقد أصبح أكثر وضوحاً في مواكب الجمال أو في بعض مهن نسائية معينة مثل "الموديلات". وفي هذه الحالات لم تعد المرأة شخصية ولا حتى كائناً إنسانياً وإنما هي لا تكاد تكون أكثر من "حيوان جميل."([50])



اغتصاب الذكور

ولم تقتصر جرائم الاغتصاب في الغرب على اغتصاب النساء بل إن الغرب بدأ يشهد أمراً عجباً وهو تعرض الرجال للاغتصاب، فقد ذكرت صحيفة التايمز اللندنية أن الرجال أصبحوا هم أيضا ضحايا الاغتصاب، وأن القانون قد يعترف بجريمة جديدة هي اغتصاب الرجال، فالقانون الذي وضع عام 1956 لا يعترف باغتصـاب الرجال، ولكن الاتجاه الآن إلى اعتبار الاغتصاب جـريمة بغض النظر على من وقعت رجلا أو امرأة، وقدمت الصحيـفة بعض الأرقام حول حوادث اغتصاب الرجال فقد وصلت إلى الشرطة 516 حالة عام 1982 ارتفعت إلى 1255 حالة عام 1992. أما حالات التحرش بالرجال فقد ارتفعت من 2082 حالة عام 1982 إلى 3119 عام 1992 وأشارت الصحيفة إلى أن مثل هذه الحالات تقع في السجون([51]).

الرقيق الأبيض :

انتشرت في أوروبا تجارة النساء فبعد أن كانت بضاعتها تأتي من الدول الأسيوية وأفريقيا وأمريكا اللاتينية أصبحت دول أوروبا الشرقية منبعاً لهذه التجارة. ويحكي تقرير جريدة التايمز اللندنية عن امـرأة بولندية كانت تبحث عن وظيفة لإعالة ولديها ، عرضت عليها وكالة عمـل وظيفة مقابل ثمانمئة دورلار شهرياً للعمل في مطعم في ألمانيا. ولكنها لم تعمل قط في مطعم حيـث أُخذت واغتصبت وأُجبرت على العمل بغياً. ثم نقلت بعد عدة أشهر إلى هولندا لتعمل في المنطـقة الحمراء من المدينة ،ولما حاولت الهرب أعيـدت واعتدي عليها بالضرب المبرح على رأسها وفي بطنها وكان يطلب منها دخلٌ معينٌ كل يوم.

وتداعت أوروبا أيضاً بعقد مؤتمر للنظر في هذه التجارة المتزايدة في شهر يونيه عام 1996. وتقول أنيتا جاردين Anita Gardin المكلفة من قبل الاتحاد الأوروبي بتنظيم هذا المؤتمر بان القضية ليسـت قضية أمـن بحيث يمكنك إغلاق الحدود ، وحتى لو تم القبض على المجرمين المتهمـين بتهريـب الأشخاص فإن الأحكام في العادة لا تتجاوز سنة أو سنتين في السجن بينما عقوبة تهريـب المخدرات بين عشر إلى اثنتي عشرة سنة في السجن. وذكر التقرير أن القائمين على تجارة الرقـيق الأبيض غاية في التنظيم . فمن بين هؤلاء تم القبض على رجل بولندي مسؤول عن إرسال أكثر من مائتي امرأة إلى ألمانيا وهولندا منذ عام 1994 ، ومن بين هؤلاء النساء من لا تتجاوز أعمارهن السادسة عشرة.

ومما يدفع النساء إلى العمل هو الحصول على المال ، ولكنهم بعد فترة من العمل الإجباري على البغاء ولو قررت إحداهن ترك العمـل فإنها في الغالب لا ترجع إلاّ بأقل المكاسب بينما يحقق الغنيمة الكبرى هم الذين يديرون شبكات استرقاق النساء.([52])





محاولات القضاء على الجريمة

قبل أن أتناول بعض الإجراءات التي اتخذتها الدول الغربية للقاء على الجريمة أو أن أروي هاتين القصتين اللتين رواهما لي صديق وأستـاذ فاضل يعيش في هولندا منذ أكثر من عشرين سنة. أما القصة الأولى فملخصها أن هذا الصديق ذهب إلى محطة وقود لملأ خـزان سيارته، فوجد العامل في المحـطة مهموماً مغموماً، فسأله ما به؟ فقال له: " لقد جاءني اثنان قبل قليل وقيداني وأخذا كل ما في الصندوق." فقال له الزبون:" وما يحزنك وشركة التأمين تتكفل بدفع ما سُرِق. قال: "ليس هذا ما يهمني، ولكن لو وجد نظام عقوبات كما في السعودية لما أقدم هذان على فعلتهما."

أما القصة الثانية ففي متجر لبيع الساعات كان هذا الصديق يقف في مكان من المتجر فسمع حواراً بين صاحب المحل وصديق له، وكان صاحب المحل يروي حادثة دخول بعض اللصوص وسـرقة عدة ساعات ثمينة جداً، وتمنى لو طبق نظام العقوبات الذي يطبق في السعودية لوضع حد لهذه السرقات.([53])

وهكذا فهم يتوقون إلى الفطرة، يريدون أن يعيشوا في أمان، لكن من يهديهم إليه لقد ارتفعت الأصوات في بريطانيا وأمريكا بتشديد العقوبات على المجرمين، فهذه نائبة بريطانية تطالب بجلد المجرمين، وعرض ذلك خلال برنامج اليانصيب الذي يشاهده أكبر عدد من الجمهور، وهناك مطالبات بإعادة تطبيق حد القتل في المجرمين، وقد عادت بالفعل في بعض الولايات الأمريكية، ولكن بعض الأصوات مازالت تعارض معاقبة المجرمين بما يستحقون.([54])

ولابد من كلمة هنا إن نظام العقوبات أو الحدود ليس هو وحده الرادع في المجتمع الإسلامي، فالحدود هي آخر طابق في بناء الإسلام، فالأساس هو الإيمان بالله سبحانه وتعالى، ثم الأخلاق،ويأتي بعد الأخلاق العبادات والشعائر التي تقوي الرابطة بين البشر والخالق التي تجعل صلة الفرد مع خالقه وازعاً قوياً ضد ارتكاب الجريمة ثم تـأتي المعاملات ومن هذه التشريعات الحدود. وفي ذلك يقول علي جريشة في كتابه القيم " شريعة الله حاكمة ليس بالحدود وحـدها:" ليس بالحدود تقام الشريعة.. لأن الحدود جزء من أحكام المعاملات ، والمعاملات تمثل الطابق الثالث أو الرابع في بناء الشريعة... وإقامة الحدود وحدها أو حتى المعاملات كلها يعني أننا نقيم طابقاً رابعاً أو ثالثاً من غير طابق أول أو ثان ،ومن غير أساس فأنى له أن يقوم!! " ([55])

ومن أساليب مواجهة الجريمة عودة الأخذ بالثأر، أو كما يقال أخذ القانون بأيديهم، حيث إن معظم الناس لم يعد يثق في العدالة، فهذا أحدهم يصرح: " إنني لا أؤمن بالعدالة البريطانية ، ولذلك قـررت أن آخذ حقي بيدي." وقد تظاهر رجل اعتُدي على ابنته بـأنه محام، ودخل إلى السجن حيث يوجد المتهم وانهال عليه ضربا. وأجرت مؤسسة جالوب استطلاعا للرأي عن العدالة فأجاب 76% من الإنجليز أنهم يعتقدون بأن الأفراد محقون أحيانا في تطبيق القانون بأنفسهم، وتألفت فرق خاصة من أفراد الشعب للمحافظة على الأمن، وقد بلغ عدد أفراد هذه المجموعات عام 1985 ألف وثلاثمائة شخص ووصلوا الآن أكثر من مئة ألف.([56])

وقد نشرت جريدة التايمز تحقيقا صحافيا عن جهود المسلمين وغيرهم في منطقة بالسال بمدينة بيرمنجهام في تنظيف منطقتهم من البغـايا وتجار المخدرات والمجرمين، ويروي كاتب التحقيق كيف بدأ هذا العمل بأن كانت امرأتان من البغايا تقفان على الرصيف قريبا من المسجد، وخرج بعض المصلين من المسجد ووقفوا بجوارهما، مما اضطرهما للانسحاب، ففكر المسلمون أنهم إذا استمروا في هذا العمل فلن يبق في منطقتهم نساء بغايا، وبالفعل نجحوا فيما بدأوا به.وكذلك فعلوا مع بقية أصناف المجرمين. ويقول أحد المشاركين:" لقد نجحنا في ثلاثة أسابيع بتحقيق ما لم تستطع الشرطة عمله في ثـلاثـين سنة." ومع أن الخبر أشار إلى مشاركة غير المسلمين، لكن الصورة المصاحبة للتقرير تؤكد أن المسلمين هم الأساس في هذا العمل.([57])

وأود أن أتوقف هنا لأروي صورة إسلامية يجب أن يتعلم منها الغرب ؛ ففي أحد مؤتمرات (جمعية مسلمي شمال أمريكا) استأجر المؤتمرون فندقاً بكامله مما جعل صاحب الفندق يشدد الإجراءات الأمنية ، ولكن بعد انتهاء المؤتمر وجد أنه لم تُرَق قطرة خمر واحدة ، ولم تحدث مشاجرة واحدة، كما كان سلوك الحاضرين غاية في الانضبـاط والاحترام.وهذا ما جعل صاحب الفندق يتساءل أ هؤلاء بشر أم ملائكة ؟ فهل يتعلم الغرب؟




رابعاً: العلاقات الاجتماعية

ترتبط العلاقات الاجتماعية ارتباطاً وثيقاً بالمبادىء والقيم والعقائد التي يتبناها المجتمع. فبالرغم من مزاعم الغرب أن أحد مصادر ثقافته وفكره هو المصدر الديني اليهودي -المسيحي لكن حسن حنفي يرى أن " نوعية المعطى الديني في المصدر اليهودي المسيـحي واحدة وهي اللاعقـلانية."([58]) ففي اليهودية يزعم اليهود أنهم شعب الله المختار دونما سبب معين لهذا الاختيار ومهما كانت أعمال هذا الشعب من عصيان أوامر الله عز وجل ، وقتل الأنبياء أو الجحود بنعم الله، فالله يعطي الشعب كل شيء دون مقابل من الشعب.

أما اللاعقلانية في المعطى الديني المسيحي فهي على نحو فردي شخصي فالإيمان سر لا يمكن إدراك كنهه بالعقل، والمسيح ثالث ثلاثة ، ولا يمكن فهم علاقة الأقانيم داخل الثالوث بالعقل، والكنيسة سلطة متوسطة بين الله والإنسان تفسر الكتاب ، ويعترف الفرد المذنب أمامها وتهبه الغفـران. ثم تمرد النصارى على هذه اللاعقلانية لتظهر العلمانية التي تركز على الصلة المباشرة بين الإنسان والله ـ وحريـة تفسير الكتاب" المقدس" وبراءة الإنسان من خطيئة آدم عليـه السلام ، وضرورة تأسيس الدولة وأنها مستقبل الإنسان في هذا العالم.([59])

ولقد تناول القرآن الكريم معتقدات أهل الكتاب وسلوكهم ، فأوضح ما أدخلوه على كتبهم من تحريفات وتبديلات وتغييرات ، كما أوضح أن سلوكهم قائم على العداوة للغير والعصيان. وهذا ما يمكـن أن نصفه بمصطلحات عصرنا " عنصريتهم وأنانيتهم وتمركزهم حول ذواتهم ، ويضيف حنفي " فوصف أهل الكتاب في القرآن الكريم هو وصف ضمني لحال الغربيين اليوم وصلتهم بغيرهم."([60])

وكانت الكنيسة تؤيد النظام الإقطاعي ، وكانت هي من أكبر الملاك في العصور الوسطى (الأوروبية) وكان العلاقات الاجتماعية قائمة في هذا النظام على أن للإقطاعي حقاً مقدساً يطلب بموجبه خدمات وأشياء أخرى من أتباعه ، ولكنه في الوقت نفسه كـان مرتبطاً تقليديا أن يكون مسؤولاً عن حمايتهم ويكفل لهم على الأقل الحد الأدنى من المستوى المعيشي.([61])

وظلت السلوكيات الاجتماعية والاقتصادية في القرنين السابع عشر والثامن عشر متأثرة بسلوكيات القرون الوسطى، فكان يعدُّ قيام أي شخص بمحاولة كسب الزبائن بتخفيض الأسعار إلى أدنى من السعر السائد يعد سلوكاً غير نصراني ، وكانت التشريعات تنص على هذا. وكما يقول إريك فروم Erich Fromm " كأنّ الاقتصاد والمجتمـع وجدا من أجل الإنسان وليس العكس ، وما كان أي تطور اقتصادي يعد صحياً لو أدى إلى إيذاء الإنسان."([62])

وما أن حلّ القرن التاسع عشر حتى تغيرت الأحوال فلم يعد الإنسان مقياس الأشياء في دائرة الاقتصاد . وكان من أبرز خصائص الرأسمالية في هذا القرن الاستغلال القاسي للعمال ، وكان من المعتقد أنـه من الطبيعي وهو القانون الاجتماعي أن يعيش مئات الألوف من العمال في حد المجاعة.([63]) وأصبحت الرأسمالية تقوم على أن العمل هو " منتج يشتريه مالك المال، ولا يختلف جوهرياً عن أي سلعة في السوق. واستخدمه المشتري إلى أقصى حد. ومادام قد اشتراه في السوق فليس هناك إلزام على مالك المال فيما عدا دفع الأجور ، فلو هلك مئات الألوف من العمال جوعاً فهذا حظهم العاثر بسبب مواهبهم المتدنية ، أو ببساطة إنّه القانون الاجتماعي والطبيـعي الذي لا يمكن تغييره.([64])

وهكذا أصبح المجتمع الغربي يتكون من طبقات يمتلك بعضها القوة فتستأثر بأفضل المنتجات الاجتماعية لنفسها وتترك الأعمال الأشق والأقذر لغيرها من الطبقات ، وقدراً أقل من الناتج الاجتمـاعي . وكان هذا التقسيم يتم عن طريق التقاليد الاجتماعية والدينية التي احتوت على قوة نفسيه في الناس مما يجعل تهديد القوة المادية غير ضروري.([65])

ويستنتج فروم أن المشكلة بين رأس المال والعمال أكبر بكثير من المشكلة بين طبقتين وأكبر من صراعهم من أجل نصيب أكبر من الناتج الاجتماعي ؛ إنها مشكلة بين مجموعتين من القيم؛ إنها بين عالم الأشياء وتثمينها ، وعالم الحياة و إنتاجيتها.([66]) ونتيجة لهذه التطورات " أصبحت الطبقة العمالية نموذجاً لجماعة مُسْتَغَلّة يُتلاعب بها ، ويمكن مداهنتها والإشادة بها ، ولكن يندر استشـارتها أو ابتاع رأيها ، إن أكبر طبقتين عماليتين في العالم تلك التي في الولايات المتحـدة والتي في الاتحاد السوفيتي ، ليس لهما تأثير حقيقي على البناء السياسي في دولتيهما وعلى القرارات التي تتخذ فيهما."([67])

وقد وصل الأمر بالرأسمالية أن لا يبالي الرأسماليون في تدمير المنتجـات الزراعية ، بل كما يقول فروم إننا بدل أن نفرح بالمحصول الجيد نقوم بإحراقه أو رميه في البحر في الوقت الذي يوجد ملايـين من البشر لا يجدون لقمة العيش ، ويبررون ذلك " من أجل استقرار السوق".([68])

وليت الأمر توقف عند تدمير المنتجات بل وصل الأمر بالرأسمالية أن تدمر حياة العمال حرصاً على استمرار مستوى الأرباح أو تخفيض تكاليف الإنتاج . وقد أعدت مجلة نيوزويك Newsweek ملفاً خاصاً أطلقت عليه ( الرأسماليون القتلة) أوردت فيه أعداد العمال الذين قامت بعـض كبريات الشركات الأمريكية بفصلهم عن العمل . فشركة آي تي أند تيAT&T قام رئيسهـا بفصل أربعين ألف عامل ، وقام مدير شركة إي بي إم IBM بفصل ستين ألف موظف في يولـيو عام 1993، وقام مدير شركة جنرال موتورز General Motors بفصل أربعة وسبعين ألف موظف. وتقول المجلة أن هؤلاء العمال وإن وجدوا تعويضاً لدى مصلحة العاطلين عن العمل ، لكن ما قيمة الإنسان بلا عمل. ومما يدل على فداحة المصيبة أن شركات أخرى تقوم باستثمار مبالغ كبيرة في توفير فرص الدراسة لموظفيها حتى يكتسبوا مهارات جديدة ودرجات علمية حتى إذا اضـطرت لفصلهم وجدوا العمل المناسب. كما أن إحدى الشركات قامت بتخفيض رواتب كبار الموظفين-مؤقتاً- بنسبة خمس وعشرين في المئة حتى لا تضطر لفصل أي من موظفيها. ([69])

كل هذا يقودنا إلى مؤتمر رابطة علماء السياسة الأمريكية الذي عقد في أوائل سبتمبر 1995 وتحدث فيه روبرت د. باتنام Robert D. Putnam أستاذ العلوم السياسية بجامعة هارفارد قائلاً بأن الثقة بين الأمريكيين قد ضعفت، وكذلك المشاركة الاجتماعية، وقد قدم وثائق تؤكد تراجع المشاركة الاجتماعية في العقود الماضية، وأن النسيج الاجتماعي قد أصبح أقل متانة من ذي قبل. ويمكن إرجاع هذه الظاهرة إلى عدد من العوامل بما فيها ارتفاع نسبة الطلاق، ودخول المرأة قوة العمل، وتغيير مكان الإقامة، وتوسيع الرعاية الاجتماعية، والتراجع الاقتصادي بعد عام 1973 ونمو ضواحي المدن. ولعل أبرز الأسباب التي ذكرها البرفسور روبرت باتنام هي التلفزيون الذي بدأ بقوة في الخمسينيات من هذا القرن فأولئك الذين لم يدمنوا التلفاز مازالت لديهم روح المشاركة والثقة.([70])

ويرى بعض الباحثين الاجتماعيين أن للتلفزيون آثاراً سيئة في القيم الأخلاقية في المجتمعات الغربية ومن هؤلاء إريك فروم الذي يقول:" يملأ الإعلام عقول الناس بأرخص النفايات التي لا صلـة لها بالواقع وفيها الكثير من الخيالات السادية مما لا يقبله الشخص العـامي. وفي الوقت نفسه تتعرض فيه العقول صغاراً وكباراً للتسمم فإننا نواصل سعينا أن لا يعرض على الشاشة ما هو مناف للأخلاق، وأي اقتراح بأن تقوم الحكومة بتمويل إنتاج أفلام أو برامج تنوّر العقول وتحسنّها ستجد من يعترض عليها باسم الحرية والمثالية."([71])

ولعل من أقوى ما قيل في تأثير التلفزيون ما كتبه بيجوفتش :" لقد أثبت علم نفس الجماهير، كما أكدت الخبرة أنه من الممكن التـأثير على الناس من خلال التكرار الملح لإقناعهم بخرافات لا عـلاقة لها بالواقع ، وتنظر سيكولوجية وسائل الإعلام الجماهيرية إلى التلفزيون على الأخص باعتباره وسيلة ليس لإخضاع الجانب الواعي فحسب ، بل الجوانب الغريزية والعاطفية بحيث تخلق فيه الشعور بأن الآراء المعروضة عليه هي آراؤه الخاصة."([72])

ويؤكد ريتشارد نيكسون على تأثير التلفاز في الصغار وقيمهم وأن هذا التأثير -كما كشفت دراسة أجريت عام 1991-أكثر من تأثير الوالدين والمعلمين والمرشدين الدينيين مجتمعين.([73])



التفرقة العنصرية

ومن مظاهر ضعف العلاقات الاجتماعية ازدياد التفرقة العنصـرية ضد السود والملونين حتى إن أندرو شـايير مؤلف كتاب (نحن القوة الأولى) يقول عن السود: " إنهم هنا في أمريكا يعيشون كـأفراد غرباء وأجانب على أرض ولدوا وترعرعوا فيها، ولا يعرفون سواها.. يمكننا النظر إلى أمريكا على أنها دولة تتكون من شعبين: البيض وهم الأغلبية المسيطرة، والسود وهم الأقلية المضطهدة."([74])

وتظهر معاناة السود من أصل أفريقي في الأرقام الآتية: فهم يشكلون 45% بين المساجين في الولايات المتحدة، ومن النواحي الاجتماعية فالأسر ذات الوالد الواحد ارتفعت بين السود لتبلغ 56% من عدد الأسر، أما حالات الولادات خارج الزواج فهي بين السود 63%.([75])

وقد نشرت صحيفة "وول ستريت جورنال"Wall Street Journal تقريراً عن وضع السود في مجال الشرطة ذكرت فيه أن شرطيا من أصل أفريقي وصل إلى رتبة كابتن في مدينة سنسناتي -وهـذه هي المرة الرابعة التي يصل فيها أسود لهذه الرتبة- ولكن بعض البيض اعترض على هذه الترقية، مما جعل السلطات القضائية تتـدخل للنظر في القضية. أما في المدن الأخرى فالحال ليست أفضـل، ففي ولاية نيويورك حيث يبلغ الأمريكيين الأفارقة 28.7% من عدد سكان الولاية، ولكنهم لا يؤلفون أكثر من 11.4% من قوة الشرطة، أما الذين وصلوا إلى رتبة قيادية فلم يتجـاوز 6.6%. ويقول التقرير إن السود بالرغم مما بلغوه في العصر الحاضر فأنهم لا يزالون يعـانون من العقبات في التوظيف والترقيات والمضايقات من زملائهم البيض الذين يعترضون على ترقية زملائهم السود، حتى إن بعضهم يرفض إطاعة أوامر رئيس أسود.([76])

وقد انفجرت الأوضاع الأمنية في مدينة لوس أنجلوس حيث اندلعت أعمال عنف وشغب قيـام محطات التلفاز بعرض شريط لبعض رجال الشرطة من البيض وهم يضربون أحد السود وهـو رودني كينج بعنف ووحشية . وكانت نتائج هذه الاضطرابات أن قتل ثمانية وخمسون منهم عشرون شرطياً، وبلغ عدد الجرحى 2382، منهم 220 جريحاً في حالة خطرة. واعتقل 13505شخصاً، ودمرت الحرائق 5537 محلاً تجارياً ، وقدرت الخسائر المالية ب785 مليونا ، وساهم من رجال الشرطة والحرس القومي وجنود البحرية واحد وعشرون ألفاً.([77])

وذكر كارل بيل - مدير مجلس الصحة العقلية بشيكاغو - إن المواطنين السود لا يزالون يتعرضون يومياً للإهانة والعنف بحيث أصبح ذلك جزءاً من لا شعورهم المحبط.([78])

ويعترف نيكسون بأن المحاكم الأمريكية حاولت فرض حصص تميزية على أساس العرق في القَبول في الجامعات والتوظيف والترقية ، وتغاضت عن التمييز في إشغال الوظائف العامة والقطاع الخاص وإبـرام العقود مع الحكومة مما جعل الجامعات وبعض الوظائف تقبل بالأقل كفاءة لتغطية الحصص الخاصة بالأعراق.([79])

وقد ظهرت في السنوات الأخيرة جماعات متطرفة في المجتمعات الغربية ومن هذه الجماعات جماعة تطلق على نفسها "الأحرار" والتي تتزعم حرباً عرقية ودينية ضد السود وبقية الملونين الذين لا ينحدرون من أصول شمال أوروبية، ويزعم هؤلاء أنهم -البيض- شعب الله المختار ، وأن الولايـات المتحدة الأمريكية هي أرض الميعاد وليست أرض فلسطين (إسرائيل) .ويبلغ تعداد هذه الجماعة من عشرة آلاف إلى أربعين ألفاً.([80])

ويشبه هذه الجماعة أيضاً حركة أخرى تطلق على نفسها (حليقي الروس)Skin Heads وهي جماعة مسلحة متطرفة تنطلق من منطلقـات عنصرية حاقدة على كل الأجناس غير البيض، وقد قدمت محطة التلفزيون H.B.O. برنامجاً خاصاً عن هؤلاء في صيف عام 1995.

وقد أوردت وكالة الأنباء الفرنسية تقريراً من لوس أنجلوس مفاده أن جرائم الكراهية ضد الأسيويين قد ارتفعت بنسبة ثمانين بالمئـة في العام الماضي في ولاية كاليفورنيا عن العام الذي سبقه. وقد نقلت الوكالة عن التقرير السنوي الثاني للتجمع القانوني لأسيويي المحيط الهادى الأمريكيين بـأن هناك أربعمئة وثمان وخمسين حالة اتهام مثبتة لحوادث ضد الأسيويين مع وجود حالات كثيرة لا تصـل إلى الشرطة بسبب اللغة والحاجز الثقافي وعدم وجود سجـلات كاملة لدى الشرطة. ومن الطريف أن التجمع يوجه اللوم للخطاب السياسي المعادي للمهاجرين الذي يتسبب في إثـارة العواطـف وأعمال العنف ضد الأسيويين. ومن الأمثلة على ذلك أن حاكم ولاية أريزونا استخدم حق النقض ضد قانون يحارب الكراهية بسبب العرق بالرغم من ارتفاع هذه الجرائم في ولايته بأكثر من خمسمئة في المئة في الخمس سنين الماضية. ([81])

وتشهد فرنسا تطرفاً عرقيا حيث ارتفعت الطوائف المتطرفة بنسبـة خمسين في المئة في الفترة من 1983 حتى 1995، فهناك مئة واثنتـين وسبعين مجموعة ترتبط بها ثمانمئة فرقه تابعة لها بينها خمس عشرة طائفة تتميز بخطورتها الشديدة على الأوضاع العامة. وقد أشارت مجلة لو بوينت Le Point إلى أن الحكومة الفرنسية تتغاضى عن هذه المجموعات المتطرفة ، كما أشار السيد ولد أباه إلى أن الأصوليين في أمريكا كان لهم تأثير كبير في انتخاب الرئيس ريجان Regan وأن هؤلاء قد بلغوا درجة عالية من التنظيم حيث إن لهم جامعات، وكليات طب ، ومدارس وإذاعات ومحطات تلفاز.([82])

ويحاول مأمون فندي- الأستاذ بجامعة جورجتاون Georgtown - تفسير أصول هذه العنصرية بقوله :" إن الرجل الأبيض ينظر باحتقار للإنسان الأسود ويبرر عنفه تجاهه من خلال منظومـة ثقافية والتي معها كان يقتل البيض إخوانهم السود ويعلقـونهم في الأشجار في حفل عنف جماعي ، وكانوا يبررون ذلك لأنفسهم من خلال كتابهم المقدس فاللون الأسود بالنسبة للمسيحي الجنوبي هو لون الشيطان."([83])

ويرى أحد الباحثين الأمريكيين أن جذور العنصرية ضد الأعراق الأخرى بدأت في الغرب ليس من نتاج اللاعقلانية ولكن كمشروع عقلاني وعلمي لفهم العالم .فقد أوحى بفكرة العنصرية الرحالون الأوروبيون والتي أنتجت مشروعاً لتصنيف نباتات العالم وحيوانـاته وشعوبه. فبالنسبة للرحالة الأوروبيين و المنصّرين وعلماء الأجناس قدمت النظرية العنصرية بياناً متناسقاً حول الاختلافات الحضارية يمكن إرجاعه إلى المناخ أو البيئة وبالتالي اعتبرت أموراً جوهرية.([84])

ومن مظاهر التفرقة الاجتماعية التفرقة ضد النساء المصابات بأمراض القلب حيث يحصلن علـى عناية أقل من الرجال من حيث الأدوية، وفي الغالب يواجهن الموت أكثر من الرجال، كما أكدت ذلك ثلاث دراسات مختلفة، وهناك أدلة على أن الأطباء يميزون الرجال المصابين بالقلب على النساء، فقد فحص الباحثون ثمانمائة حالـة على مدى خمس سنوات فوجدوا أن ثلث النساء قد توفين بعد ست أشهر من الإصابة بأول أزمة قلبية.([85])




خامساً:الأخلاق

لو زعمنا أن الأخلاق في الغرب في تراجع لقال المنبهرون بالغرب: أنتم تتجنون على الغرب وتتحاملون عليه، ولكن ماذا يقولون إذا كانت هذه المزاعم بأقلام الغربيين أنفسهم؟

يقول مؤلفا كتاب (مواجهة أزمة أمريكا الأخلاقية): "لقد أصبح من المؤلم بوضوح أن القيم الأخلاقية ليست كما يجب، قد تكـون متطورة من بعض النواحي، لكن هذه الأخلاق تواجه الانهيار عموما، وما زالت منذ مدة طويلة." ويضيفان:" إن مجتمعنا مصـاب بالفساد والفوضى، كثـير من الأمريكيين يتجاهلون مسألة الصح والخطأ (الحق والباطل) إنهم يهتمون بمنافعهم الذاتية، ويبررون سلوكهم غير الأخلاقي."([86])

ومن أبرز الانحرافات الخلقية في المجتمع الأمريكي انتشار الكذب، هذه الخصلة الذميمة التي تورع عنها رجل عربي في جاهليته حيث قال حين سأله هرقل عن الرسول صلى الله عليه وسلم: " خشـيت أن تؤثر عني كذبة"، أما جاهلية أمريكا فتستحل الكذب كما يقول بذلك مؤلفا كتاب (يوم أن اعترفت أمريكا بالحقيقة) :"إن عادة الكذب أصبحت سمة من سمات المجتمع الأمريكي، إن الكذب تجسد في شخصيتنا الوظيفية لكن هذا لم يتضح بعد للشعوب الأخرى". ويقول المؤلفان : " الأمريكيون يكذبـون في كل صغيرة وكبيرة."([87]) ويوردان إحصائية عن الكذب بأن عشرين في المئة من العينة أفادوا بأنهم لا يصبرون عن الكذب ولو يوما واحداً.([88])

ومن مظاهر تراجع الأخلاق ما كتبه هاملتون هوز عن ظاهرة تحـول الرجال إلى نساء والنساء إلى رجال، والأفراد في ممارسة الحرية في المجتمع الأمريكي قد تجاوزت كل الحدود، ويضيف هوز قائلا: " ومن الظواهر التي لم تكن مألوفة في مجتمعنا ثم تحولت إلى سلوك طبيعي بدعـوى "الحرية الشخصية" ظاهرة الإقبال على اقتناء أو مشاهدة الصور والمجلات الخليعة بين كل طبقات المجتمع الأمريكي وفئاته وعلى وجه الخصوص بين موظفي الكونجرس وموظفي المحكمة العليا."([89])

ويرى بيجوفتش أن الدول الغربية تتعرض لغزو بشع من الأدب الإبـاحي، وتحتل فرنسا و الـدنمارك وألمانيا الغربية المركز الأول في هذا المجال. ويرى أحد خبراء الطب النفسي في تحليله لهذه الظاهرة أن أسبابها تعود إلى نمط الحياة الغربي الشديد الرتابة( نوم- قطار- عمل) "وهي خطة تمنح مستوى معيناً من المعيشة لكنها تحرم الإنسان من الخبرة والإثارة الحقيقية ..ولهذا يحتاج معظـم الناس غريزياً إلى الهرب من أنفسهم ليجربوا أنواعاً من الإثارة الرخيصة ، وتجد هذه الحاجة إشباعها في الأفلام الإباحية."([90])



الأخلاق والسياسة:

بالرغم مما كتبه كاتب --يتم تلميعه- بأن السياسة لا علاقة لها بالأخلاق، لكني لا أجد أجمـل من عبارة جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه حينما سأله النجاشي عن الإسلام فقال: "كنا قومـا أهل جاهلية نعبد الأصنام ونسيء الجوار ونأكل الميتة، و يأكل القوي منا الضعيف، فجاءنا من نعرف صدقه وأمانته فدعانا إلى عبادة الله وترك عبادة الأوثان، ودعانا إلى مكارم الأخلاق.."([91])

وقد تزامن البناء الأخلاقي مع البناء الإيماني، حتى إذا تكونت الدولة الإسلامية في المدينة وكان بذورها قد بذرت في دار الأرقم بن أبي الأرقم وفي بيعتي العقبة لم تنفصل الأخلاق عن السياسة مطلقا، وما كان لها في الدولة الإسلامية.

وقد عانت السياسة في الغرب من تراجع الأخلاق، فقد كتبت ليبي بيرفيز Lippy Purves تحت عنوان (عندما تتحول حمرة الخجل إلى خد بليد أو وقح) وأشارت إلى المرشحة لرئاسة بلدية مدينـة ليفربول بأنها أدينت ثلاث مرات بممارسة البغاء على مدى خمس سنوات حتى عام 1978، وأطلق سراحها بشروط في أربع عشرة حالة تزوير في الثمانينات، وغرمت خمسمئة جنيه عام 1990 لحصـولها على ممتلكات بطريق الخداع، وتناولت الكاتبة حالات أخرى تدل على تدهـور الأخلاق في المجتمع الإنجليزي حتى إن الشخص يرتكب الجرم ثم يصبح شخصية عامة تنال الاحترام والتقدير.

وقبل سنة من الآن اضطر السناتور (النائب) الأمريكي بوب باكوود Bob Packwood (جمهوري من ولاية أوريجن) رئيس اللجنة المالية إلى الاستقالة بعد أن قررت (لجنة الأخلاق) في الكونجرس طرده بالإجماع، وحاول أن يدافع عن نفسه لكن تحقيقات اللجنة ومذكرات النائب التي بلغت عشرة آلاف صفحة أثبتت إدانته. وتتلخص التهم الموجهة إلى النائب باكوود في سوء سلوكه وأخلاقه جنسياً ومالياً ، ودار الحديث في وسائل الإعلام الأمريكية في تلك الأيام عن الفساد والسلطة هل هما متلازمان ، وما موقف الشـعب الأمريكي من مؤسساته السياسية ،وهل تستحق الثقة أو إن هذه الثقة قد تزعزعت ؟([92])

ولا بد أن البعض ما زال يذكر فضيحة واتر جيت التي أخرجت الرئيس الأمريكي الأسبق ريتشارد نيكسون من البيت الأبيض بسبب تجسسه على مقر الحزب المنافس. ولدى الأمريكان جيت جديدة باسم وايت ووتر جيت وكان هناك إيران جيت وغيرها.

وفي فرنسا وقبل ستة أشهر من انتخابات الرئاسة الأخيرة التي أتـت بالرئيس جاك شيراك إلى رئاسة الجمهورية ظهرت مجموعة من الفضائح التي تسببت في استقالة وسجن بعض الوزراء ، كما كان لدى القضاء الفرنسي ملفات فضائح مالية حول عدد من الوزراء منهم وزير الصناعة والبريد والهاتف ، ورئيس الحزب الجمـهوري ، و وزيرة التعاون، و وزيرة الشباب والرياضة.([93])

وظهرت فضائح في شرطة نيويورك بسبب سوء استخدام السلطة لإشباع الغرائز والإثراء الفاحش بالتعاون مع تجار المخدرات إما بالتستر عليهم أو مشاركتهم ، وقد طالت هذه الفضائح رتباً عليا.([94])وكذلك في هولندا أكدت لجنة برلمانية استشراء الفساد في إدارة الشرطة والأمن حيـث كشفت التحقيقات أن هذا الجهاز يعد أكبر مصدر لتهريب المخدرات والتعامل مع تجارها وغسل أموالها في هولندا وخارجها.([95])



تطلعات إلى الخير:

يتنازع الغرب تياران أحدهما يدفعه إلى مزيد من الانحراف والانحلال والضلال، وآخر يدعوه إلى العودة إلى القيم الخلقية الرفيعة وإلى العودة إلى الدين، ويتزعم تيار الفساد المؤسسات الإعلامية وبخـاصة هوليوود بكثافة ما تنتجه من أفلام، وكذلك الآلة الإعلامية الضخمة التي تضفي عـلى هذا الإنتاج وعلى نجوم السينما هالة من الاحترام والتقديس بل تجعلهم القدوة التي يجب أن يجتذبها العالم أجمع، فقد كتب الناقد السينمائي مايكال ميدفيد Michael Medved (يهودي) كتابا بعنوان (هوليوود وأمريكا) ذكر في مقدمته" أن تأثير هوليود في المجتمع هادىء ومتدرج، إنه ليس تأثيرا ضخما أو فجائيا أو فوري)([96]).

ويشير ميدفيد إلى أن الدراسات أثبتت التذمر العميق لدى الجمهور الأمريكي من إنتاج هوليوود، ففي عام 1989 أجرت دراسة على عينة علمية مختارة بعناية فأثبتت أن 80% موجودا أن أفلام هوليوود تحتوي على بذاءة، و 82% يشعرون أن الأفلام تحتوي على كمية زائدة من العنف، واشتكى 72% من العري الزائد، وأكد ثلاثة إلى واحد من العينة أن نوعية الأفلام في هبوط.([97])

والعجيب أن القائمين على هوليوود لا يهتمون بالدين حيث إن الملتزمين منهم لا يزيدون على 7% ، ويقول أحد المختلطين بهؤلاء :" لا اعرف أحداً سواءً كان منتجاً أو ممثلاً أو كاتباً تحت سن الخامسة والأربعين يذهب إلى الكنيسة أو البيعة.([98])

ومن التطلع إلى الخير ما ذكره جيمس بترسون وبيتر كيم من أن 80 % مـن الأمريكيين يؤيدون تدريس المبادىء والقيم الأخلاقية في المـدارس الأمريكية، ويعتقد الكثيرون أن الانحطاط الأخلاقي هو المشكلة التي تعاني منها البلاد.([99])

وفي كتاب دعونا نصلي يقول مؤلفه: " الصلاة في المدارس علاقة ثقافية تدل على قضيـة أكبر أن كل مواطن يدفع الثمن لإلغاء الصلاة في المدارس والروحانية من الحياة العامة.. إن الصـلاة ظاهرة إنسانية كونية وهي دافع لا يمكن أن ينتهي في وقت الحاجة إليه وجزء أساسي من كل دين .."([100])

وكتبت صحيفة الجارديان الأسبوعية قبل شهرين تقريبا تتناول مسألة الحرب التي أعلنت على الكحول، وقد قدم المقال بعض الأرقام المفيدة ومنها أن استهلاك الخمور قد انخفض إلى أدنى حد منذ عام 1964 ووصلت مبيعات الخمور إلى أدنى حد خلال الخمسين سنة الماضية، وهناك جهات تسعى إلى أن يصدر الكونجرس الأمريكي قوانين ضد الكحول([101]).

وقد أجرت مجلة (أخبار الولايات المتحدة والعالم)U.S. News & World Report استطلاعاً في شهر ديسمبر 1991 أكد فيه أكثر من 56% مـن الأمريكيين بأن أعلى هدف لهم في الحياة هو تحقيق صلة أفضل بالله .([102])

ويعلق ميدفيد على ذلك بقوله :" وعلى ضوء هذه الأرقام فإن إصرار هوليوود في عدائها للقيم الدينية ليس غريباً ، إنه فعلاً حالة مرضية .فبدلاً من تعديل هوليوود رؤيتها للواقع حتى تتصالح مع الصحوة الدينية في أمريكا والصحوة الواسعة في الذهاب إلى الكنيسة والارتباط بها، فإن معظم الناس في عاصمة السينما اختاروا ببساطة أن يهملوا ما تقوله الاستطلاعات."([103])

وقد تناول نيكسون موقف هوليوود هذا بقوله:" تزعم هوليوود أنهم يعكسون أحوال أمريكا، وأنها مريضة وأرى إنهم إنما ينظرون في المرآة ، لأن هوليوود هي المريضة وقيمها ليست قيـم الاتجاه العام .والعنف والجنس الإباحي سلعتان رائجتان وهوليوود بصدد جمع الأموال عملت على تعجيل انهيار تلك المعايير ،فحُقّ للأمريكان الغضب من وسائل جني الأرباح هذه ، وإن فشلت هوليوود في مراقبة نفسها علينا إخضاعها لرقابة الحكومة.([104])

هذه الآراء الجريئة ضد هوليوود هل يمكن أن تصل إلى نتيجة ؟ هذا ما يرجوه أي محب للفضيلة والعفة والحياء، ولكن هل ينجح الأمريكيون في الحد من غلواء هوليوود أو تستمر هوليوود في طريقها فـي إفساد العالم. وهذا يقودنا إلى الكتابين اللذين صدرا في الـولايات المتحدة حول الشعب الأمريكي حيث كتب أحدهم كتاباً بعنوان أمة من الغنم فكتب الآخر أمة من الأسود لكن مكبّلة . والحقيقة أن هوليوود قد تكون أقوى من كل هذه التوجهات الأمريكية إلاّ أن يشـاء الله لفساد هوليوود أن يهزم ليس فـي الولايات المتحدة فقط بل على دول العالم كلها أن تقف في وجه فساد هوليوود وأختها بولي ود ( الهندية).

ومما يدل على قوة هوليوود أن شركة ورنر إخوان ( Warner Brothers )انتجت فيلما بعنوان قتلة بالفطرة Born Killers ، وكان سببـاً مباشراً في ارتكاب مجموعة من الشباب جرائم قتل. ولما أرادت الشـركة أن تعرض الفيلم في بريطانيا قام مجلس مراقبة الأفلام بالامتناع عن السماح للفيلم بالعرض في صالات السينما البريطانية ،ولكن أكدت وسائل الإعلام( الإذاعة) أن الفيلم سوف يعـرض في بريطانيا ذلك أن المنتج للفيلم شركة ورونر لديها الوسائل التي تستطيع أن تضغط بها على الحكومة البريطانية.([105])




الخاتمة

تناول هذا البحث مسألة معرفة الآخر وعرض لبعض الظواهر الاجتماعية في الغرب. وكانت نقطة الانطلاق هي تحديد هوية " الذات" أو " الأنا" و " الآخر" من خلال الرجوع إلى آيات القرآن الكـريم وأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم. وأوضحنا كيف أن الحضـارة الإسـلامية قد شُيِّدت بعقول وسواعد وإبداع شعوب أدركت موقعها من العالم . أدرك المسلمـون أنهم أمة " الشهادة" وأمة "الدعوة" والشاهد لا بد أن يعلم موضوع شهادته. والداعية لا بد أن يعرف البيئة التي سيدعو فيها. لذلك درس المسلمون الحضارات الأخرى وفهموها فسهل عليهم التعامل معها.

ونحن نعيش في عصر تهيمن فيه الحضارة الغربية فلا بد لنا أن نعرفها معرفة حقيقية ، وقد توصـل بعض المثقفين المسلمين إلى معرفة الحضارة الغربية معرفة عميقة ومن هؤلاء طارق البشري الذي يقول :" إن الحضارة الأوروبية الأمريكية لا تعترف بغيرها ،و لا تتيح بالتالي إمكانية الحوار الذي يسهم بهضم و استيعاب قيم وخبرات مستمدة من حضارات أخرى."([106])

ولئن كان هذا صحيحاً لا ينبغي أن يثبط همتنا في الحرص على عرض ما لدينا من علم وهداية ونور عملاً بقول الله عز وجل{ ادع إلى سبيل ربط بالحكمة والموعظة الحسنة، وجادلهم بالتي هي أحسن. ([107]) هذا الأمر للوجوب وكما يقول علماء التفسير إذا أطلق الأمـر هو للوجوب ما لم يصرفه صارف ، أو تأتيه قرينة تصرفه عن حالة الوجوب إلى الندب.، والحكمة تقتضي الاعتدال في الخطاب فلا ننزلق إلى -كما فعل دعاة الشيوعية والاشتراكية أو اليسار العربي- استعداء الغرب بأساليب فجة ، واستخدام وسائل الإعلام للعنتريات الفارغة . وقد كانت قواميس شتائم اليساريين تحتشد بربط الغرب بالامبريالية والاستعمار واستغلال الشعوب واستعبادها. وكأني بهؤلاء مثل الأعرابي الذي سرقت منه إبله فعاد يقول:" أوسعتهم شتماً ، وذهبوا بالإبل" وفي هذا يقول عبد القادر طاش:" إن الحاجة ماسّة الآن لإعادة النظر في الخطاب الإسلامي المعادي للغرب وترشيده وإعادة التوازن لكيلا نفاجأ يوماً بانزلاق الطرفين إلى صدام مدمر يقودنا إليه ذلك الشحن الأيديولوجي الأعمى من قبل الغلاة هنا وهناك."([108])

والمعرفة اليوم لا تبنى من زيارة عاجلة أو قراءة عدة كتب عن الغرب أو المكوث في الغرب عدة سنوات للتحصيل العلمي للدراسات العليا وبخاصة إذا اختار الباحث أطروحة تخص البلد الذي ينتمـي إليها. لقد تطورت أساليب المعرفة ووسائلها ولا يمكن تحقيقها إلاّ من خلال الدرس العميق والبحث الجاد الرصين ، ودراسة الظواهر الاجتماعية والفكرية للعالم الغربي. ولا بد أن تكـون أهدافنا واضحة لا نبحث عن طريقة لاستعمار أراضيهم واستغلال خيراتها وكما قال أحد الخلفاء حينما أراد أن يبقي الجزية على من أسلم من أهل الذمة: " إنما بعث محمد صلى الله عليه وسلم هادياً ولم يبعث جابياً"([109])

وانتقالنا من ذات موضع الدرس إلى ذات دارس إنما هي خطوة في الطريق لنأخذ مكاننا الصحيح في هذا العالم ، وذلك من أجل الوصـول إلى حوار هادف وبنّاء مع الغرب لا بد أن نتفق فيه على " المصطلحـات والمفاهيم والدلالات وذلك لتحرير الغرب من خطر مزعـوم."([110]) وهذا ينتقل بنا إلى ما قاله فؤاد صادق مفتي عن دور " المدافع" وممارسة "رد الفعل" على كل فعل يـصدر عن الآخر دون أن يكون لنا استراتيجية واضحة للتفاعل مع هذه التطورات المحتملة والتأثير فيها قبل أن ترغمنا على التأثر بها أو "الإذعان " لنتائجها بكل سلبياتها."([111])

يجب أن ننظر إلى الآخر (الغرب) على أنه أفاد من معطيات الحضارة الإسلامية والحضارات السابقة وبنى مؤسسات فاعلة في شتى المجالات الفكرية والثقافية والسياسية والعسكرية والعلمية وباستطاعتنا أن نفيد من تنظيمه لهذه المؤسسات فائدة عظيمة إذا ما قمنا بدراستها دراسة واعية .

أما الظواهر الاجتماعية التي قدمتها في الصفحات السابقة فقد غلب عليها الطابع السلبي وهـو ليس مقصوداً وذلك أن الغرب كما ذكر مؤرخوه وفلاسفته يمر بطور التراجع والانحدار فلا بـد للسلبيـات أن تطغى وأن تكون أظهر من الإيجابيات. ومع ذلك فثمـة إيجابيات يعرفها من عاش في الغرب ويدركها من يرى استمرار هيمنة الغرب في المجالات السياسية والعسكرية والثقافية. ومن هذه الإيجابيات أن العلم مازال يحتل مكانة بارزة لديهم فهذه الجامعات الغربية تحتـل مكان القمة في الجامعات العالمية ولديهم مراكـز البحوث والمعاهد العلمية التي ما تزال تغري أبناء العالم النامي (الثالث) بالسعي للالتحاق بها والدراسة فيها والعمل فيها تاركين أوطانهم التي أنفقت الكثير عليهم مضحين بالسكنى في الوطن قريباً من الأهل والأحباب.

بينما نحن في العالم الثالث( النامي) لدينا الكثير من حوافز لاحترام العلم والعلماء وتقدير دور العلماء كما توضح ذلك النصوص المقدسة ومنها قول الله عز وجل:{ يرفع الله الذين آمنـوا منكم والذين أوتوا العلم درجات }([112])ويعطي الإسلام العلم مكانة رفيعة حتى في الحرب ومن ذلك قول الله تعالى{ فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين وينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم}([113])

والحضارة الغربية مهما كانت إيجابياتها وتفوقها لكنها كغيرها من الحضارات والغرب كغيره من الشعوب والأقوام يخضع لسنن الله عز وجـل . فمهما زعم الزاعمون أن الغرب يمارس النقد الذاتي وهو الذي يعطى لهذه الحضارة حيويتها و" ديناميتها" وكما يقول أحدهـم :" وأن هذا يكذب سلفاً كل النبوءات حول وشكان موتهـا ."([114]) فإن هذا الزعم لا سند له من الواقع والتاريخ . فإن سنة الله ماضية فإذا بلغ انحرافهم وفسادهم وضلالهم الدرجة التي توجب غضب الله والتـدمير فلن يرد بأسه سبحانه وتعالى مهما ملك الغرب من قوة * ، فهؤلاء الفراعنة الذين بنوا الأهرامات التي ما زال العلم الحديث يتعجب كيف استطاعوا نقل تلك الأحجار الضخمة ولم يكـن لديهم الرافعات الهيدروليكية أو غيرها من التقنية الحديث، وهذه مدائن صالح ذات القصـور في الجبال، بأي وسيلة نحتوا تلك الجبال ؟ ونحن نؤمن بقول الله عز وجل { وكم أهلكنا قبلهم من قرن هم أشد بطشاً}([115]) وقول الله سبحانه وتعالى{ فأهلكنـا أشد منهم بطشاً ومضى مثل الأولين}([116]) وقول الله تعالى: {أو لم يسـيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذيـن من قبلهم كانوا أشد منهم قوة وأثاروا الأرض وعمروها أكثر مما عمروها وجاءهم رسلهم بالبينات فما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون}([117])

تناولت فيما سبق تعريف الأخر، وأوضحت الموقف الإسلامي من الآخر من خلال آيات القرآن الكريم واهتمامه أولا بمعرفة الذات وتحقيـق الذات ثم الانطلاق لمعرفة الآخر على أسس شرعية، وأفدت في ذلك كثيراً من محاضرة الدكتور جعفر شيخ إدريس التي ألقاها في الرياض في شهر شوال من هذا العام.

وأوضحت حرص الغرب على معرفة الذات وانطلاقه لمعرفة الأخـر، ومن هذا الآخر العالم العربي الإسلامي، وأشرت إلى تأخرنا في الوقت في معرفة الذات بله معرفة الأخر.

وفي القسم الثاني اخترت بعض الظواهر الاجتماعية وحرصت أن تكون مراجعي ما صدر عن الغرب بنفسه، وكم كان يهمني أن أنقل إيجابيات من هذه الظواهر لولا أن المصادر التي بين يدي تركز على السلبيات، ومع ذلك فقد قدمت بعض الإيجابيات.

وهذا الموضوع في حقيقته يحتاج إلى جهد أكبر ووقت أوسع، فقد تركت كثيرا من المادة العلمية التي توفرت لدي حيث لم أجد متسعا لذكرها كما أن هذا الموضوع يستحق أن يكون موضوع عدد من الرسائل العلمية. والحمد لله رب العالمين.




المصادر والمراجع

أولاً: العربية

المصادر

1- القرآن الكريم

2- كتب السنة المطهرة.

المراجع : كتب ومقالات

1- أحمد، محمد سيد." الحضارة الغربية لا تعترف بغيرها ، ولا تتيح الحوار معها." في صحيفة الرياض.ع(10032)21رجب 1416(21/12/1995).

2- إدريس ، جعفر شيخ." موقفنا من الحضارات والأديان الأخرى:رؤية شرعية." في الشرق الأوسط.ع( 6311و6312)في 9و10 مارس 1996. ونشرت المحاضرة ضمن مطبوعات الحرس الوطني.

3- أمين،عوض عباس. "آفاق مركز الدراسات الأمريكية في العالم العربي." في الشرق الأوسط.ع( 6479)،10 ربيع الآخر 1417، (24أغسطس 1996م) (بريد القراء)

4- باترسون، جيمس ،وبيتر كيم. يوم أن اعترفت أمريكا بالحقيقة. ترجمة سعود بن محمد البشر.(الرياض،1414).

5-بار، كاميرون ."الاستغلال الجنسي للصغار." في الشرق الأوسط.ع(6482)،13 ربيع الآخر 1417(27 أغسطس1996م)

6- البشر، سعود بن محمد.السقوط من الداخل:ترجمات ودراسات في المجتمع الأمريكي.(الرياض:دار العاصمة 1414)

7-بيجوفيتش، علي عزت .الإسلام بين الشرق والغرب.ترجمة محمد يوسف عدس(الكويت وأمانيا: مجلة النور ومؤسسة بافاريا)1414هـ

8-تقي الدين، رندة،" فرنسا قبل ستة أشهر من انتخابات الرئاسة: فضائح وفوضى." في الحياة .ع(11976)32جمادى الأولى 1415(28 أكتوبر 1994م)

9- جريشة، على محمد .شريعة الله حاكمة ليس بالحدود وحدها.( القاهرة: مكتبة وهبة 1977)

10-حسين، آصف.صراع الغرب مع الإسلام:استعراض للعداء التقليدي للإسلام في الغرب.ترجمة مازن مطبقاني ( تحت الطبع)

11-حمدان، عاصم." الأوروبيون والخصوصية الثقافية ." في المدينة المنورة.ع (9698)24جمادى الآخرة1414(27 ديسمبر 1993م)

12- حـنفي،حسن .مقدمة في علم الاستغراب.(بيروت: الدار الجامعية للنشر ، 1412-1992)

13- الحياة.ع(11975)13رجب 1416(15ديسمبر 1995)

14- ==.ع(11729)2ذو القعدة 1415(2أبريل1995م)

15 -==.ع(11198)15ربيع الآخر 1415،(11أكتوبر 1993)

16-==،ع(12145)10 محرم 1417(27مايو 1996م)

17-==،ع(11579)31أكتوبر 1994م.

18- الخشت، محمد عثمان." الإسلام والغرب:من الصراع إلى الحوار." في الحياة، ع( 12103)26ذو القعدة1416(14يناير1996م)

19- الراشد، عبد الرحمن." أصيلة ومشروع المركز الأمريكي." في الشرق الأوسط.ع( 6466)27ربيع الأول1417(11أغسطس1996).

20- زريق، قسطنطين،" حضور أمريكا في الذهن العرب، والحضور العربي في الذهن الأمريكي."في الحياة،ع(12134)28ذو الحجة1416(16مايو1996)

21- الزهراني،عبد العزيز عطية." وجموا وهم جاهلون." في رسالة الجامعة.(جريدة تصدر عن جامعة الملك سعود)ع (547)25 جمادى الآخرة 1415

22-الزين ، رلى." حملة فرنسية ضد الهيمنة الثقافية الأمريكية." في الحياة،ع(1178)5 ربيع الآخر 1414، (21سبتمبر 1993م)

23- سحاب ، سالم،" الرأسماليون القتلة والأثرياء البررة" في صحيفة المدينة المنورة.ع (12039)،8ذو القعدة 1416،(27مارس 1996م)

24- سعيد، إدوارد. تعقيبات على الاستشراق.ترجمة صبحي حديدي.(عمان:دار الفارس، 1996)

25- ==. مقالة في الحياة ،ع( 12182)17صفر 1417(3يوليه1996)

26- شارن، لوري وبوب منزيسهايمر." البيض شعب الله المختار." في الشرق الأوسط.ع( 6343)2ذو القعدة 1416(10أبريل 1996) عن جريدة لوس أنجلوس تايمز.

27-الشافعي، محمد " حمل الأسلحة في المدارس البريطانية." في الشرق الأوسط.ع(6379)28 ذو الحجة 1415(16مايو 1996م)

28-الشاهد، السيد محمد،" الاستغراب "في مرآة الجامعة(صحيفة تصدرها جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية)ع( 120)20جمادى الأولى 1410.

29 - ==." المواجهة حضارية.. والنقد لايكفي." في المسلمون.ع (270) 11-17رمضان1410(6-12أبريل 1990).

30-شبيب، نبيل،" الحضارة في غياب القيم :التقدم إلى الخلف." في المسلمون ،ع(374)1شوال 1410م.

31-شفيق، مدحت- ميلانو والوكالة الفرنسية من استكهولم." مؤتمر استكهولم يناقش أبشع الجزائم وأكثرها وحشية." في الشرق الأوسط.ع(6483)،14ربيع الآخر 1417(28أغسطس1996)

32- الشرق الأوسط.ع(5667) 25ذو الحجة 1414(4يونيه 1994)

33-==." أول معهد للدراسات الأمريكية."ع( 6465)26ربيع الأول 1417(10أغسطس1996م)

34==،" 26دولة تشارك في مؤتمر مكافحة استغلال الأطفال جنسياً."ع(6482)13ربيع الآخر1417(27أغسطس1996م)

35- ==، عدد(6406)26محرم 1417(12يونيه1996م).

36-==.ع(6473)4ربيع الآخر 1417(18أغسطس1996م)

37-صالح، هاشم ." علم الاستغراب لا يضير الغرب بل يرتد علينا بأفدح الأخطار." في الحياة،ع(11740)13ذو القعدة 1415(13 أبريل 1995م).

387- صلاح الدين، محمد. " الديموقراطية الصليبية." في صحيفة المدينة المنورة.ع(12140)20صفر 1417(6يوليو 1996م).

39-==، الحجاب غزو ثقافي بدوي؟!" في المدينة المنورة ع(11467)16ربيع الأول 1415(23أغسطس 1994)

40- ==."جرائم ضد النساء." في صحيفة المدينة المنورة.ع(9717)12ربيع الأول 1412.

41-طاش، عبد القادر." الدراسات الأمريكية" في صحيفة المدينة المنورة.ع(12180)1ربيع الآخر 1417(15أغسطس1996م)

42-==." مصادمة الفطرة." في صحيفة المدينة المنورة.ع(11711)29ذو القعدة 1415(29أبريل 1995)

43-==." مزاعم ينقضها الواقع." في صحيفة المدينة المنورة.ع(11933)15رجب 1416،(7ديسمبر 1995م)

44-==." المغالاة في عداوة الغرب." في صحيفة المدينة المنورة.ع(12135،15صفر 1417(1يوليه 1996م.)

45-طرابيشي، جورج." الغرب ينهار أم أن الحديث عن انهياره قوة له؟" في الحياة ،ع(12130)7رمضان 1416(4فبراير 1996م)

46-طربوش، سوزانا." بلجيكا في حالة ذهول." في الحياة.ع (12230)6ربيع الآخر 1417(20 أغسطس1996م)

47-علكيم، حسن حمدان." العرب وأمريكا والنظام العالمي الجديد." في المجلة العربية للدراسات الدولية ،عدد 3/4، السنة الرابعة ،صيف /خريف 1993،ص 5-27.

48- عمارة، محمد. مكانة الإسلام في صياغة نموذجنا الثقافي." في الحياة.ع (12224)3 ربيع الآخر 1417(4 أغسطس1996م).

49-فندي، مأمون." الجذور الثقافية للسياسة الخارجية الأمريكية تجاه العرب والمسلمين ." في مجلة المجتمع(الكويت) ع(12139) 5ربيع الآخر 1417(20 أغسطس1996) ص31-32.

51- مدير، عصام وانس فودة." مجلة أمريكية تفضح أجواء العمل المختلط." في المسلمون.ع(601)25ربيع الآخر 1417(9أغسطس 1996م)

52-مفتي، صادق."نعم للحوار…لا للمواجهة." في الشرق الأوسط.ع 5454، 3نوفمبر 1993.

53-المودودي، أبو الأعلى. الحجاب. (جدة: الدار السعودية للنشر 1405-1985)

54-مطبقاني ،مازن ." موازيننا وموازينهم في سقوط الحضارات" مقالتان، في المدينة المنورة ع (8943و8950)في 3و10 جمادى الأولى 1412.

55- ==.جامعة الإمام سبقت ندوة أصيلة." في صحيفة المدينة المنورة ،ع (12189)10 ربع الآخر 1417(24أغسطس1996م)

56-==.الغرب في مواجهة الإسلام.( المدينة المنورة: مكتبة ابن القيم ، 1409) صدرت طبعة ثانية عن مكتب الندوة العالمية للشباب الإسلامي بالمدينة المنورة 1418.

57-==." بل لابد من دراسة الغرب ونقده." في صحيفة المدينة المنورة.ع(11256)13شعبان 1414(24يناير 1994)

58-==." دراسة الاستشراق وريادة جامعة الإمام1."في المدينة المنورة.ع(11396)4محرم 1415(13يوينه 1994م)

59- ==." دراسة الاستشراق و ريادة جامعة الإمام 2" في المدينة المنورة،ع (11403)11محرم 1415.

60-==." كلية الدراسات الأوروبية" في المدينة المنورة.ع(11410)18محرم 1415(27يونيه1994 )

61-==" متى نخضعهم لدراستنا؟" في المدينة المنورة.ع(11534)24جمادى الأولى1415( 29 أكتوبر 1994)

62-==." أ تواصوا به (التنوير المزعوم)" في المدينة المنورة.ع(9536)8محرم 1414.

63-==" ماذا لو تفسحوا في مجالسهم؟" في المدينة المنورة،ع(11592)24رجب 1415(26ديسمبر 1994م)

64- ==" أيام في واشنطن ،"ست حلقات .في المدينة المنورة.الأولى في عدد (11872)13جمادى الأولى 1416(7 أكتوبر



- الحواشي :
[1] -Encarta, Social Phenomenon.

[2] - General House Hold Survey 1993. فقد حصلت عليه مباشرة من الإدارة الحكومية المختصة في الحكومة البريطانية مباشرة من الإدارة المختصة التي تطلب ممن يستخدم التقرير في مقالة أو محاضرة أن يعرض عليها ما كتبه قبل نشره أو إلقائه حتى يتسنى لهم التعليق عليه.

[3] -General House Hold Survey 1993.

[4] -Ian Murray. “ Marriage rate slumps as more choose single life..” in The Times , April 29,1993.

[5] Lesley White, The Times , 9 July 1996.

[6] -G.H.H S. Op Cit.,

[7] -Murray. Op. cit.,

[8] - مازن مطبقاني " أيام في واشنطن (1)" في المدينة المنورة،ع11872، 13جمادى الأولى 1416( 7أكتوبر 1995)

[9] - عبد الحميد اليحياوي: تقلص أعداد الشبان والشابات دون العشرين في أوربا، في الشرق الأوسط، ع 6307، 15 شوال 1416هـ (5/3/1995م). وانظر مقالي (أيام في واشنطن (1) في المدينة المنورة عدد 11872، 13/5/1416هـ (7 أكتوبر 1995). وأذكر أنني كنت أدرس في جامعة اورجين بمدينة يوجين في صيف عام 1969 مادة (مختبر أحياء) فكتبت في أحد الواجبات عن تحديد النسل بأنه يؤدي إلى تقلص القوة الإنتاجية بزيادة عدد كبار السن وانخفاض عدد الشباب، ولم أكن حينها قد اطلعت على دراسات من هذا النوع.

[10] - المرجع نفسه

[11] - أبو الأعلى المودودي، الحجاب.(جدة: الدار السعودية للنشر ،1405-1985)

وفي أثناء دراستي في الولايات المتحدة في عام 1389(1969) ذكرت لي مسؤولة مبنى النشـاط الطلاب في جامعة أريزونا الحكومية بأنه في إحدى المدن كان ثمة أربعة مستشفيات يستقبلن حالات الولادة ، ونظراً لنقص حالات الولادة فتوقفت ثلاث منها عن استقبال حالات الولادة.

[12] -David Blankenhorn, Fatherless America.(New York: Basic Books, 1995)p.1&18.

== وقد أشارت جريدة الحياة في عددها 11534 في 14/5/1415هـ (19/10/1994) إلى أن عدد الأطفال الذين يعشون في أسرة تقليدية بلغ 25% فقط، وانظر تعليق محمد صلاح الدين في جريدة المدينة المنورة عدد(11500 )،20 ربيع الآخر 1415هـ.

[13] -ريتشارد نيكسون .ما وراء السلام. ترجمة مالك عبّاس.( عمّان -الأردن: الأهلية للنشر، 1995)ص 186.

[14] - نبيل شبيب." الحضارة في غياب القيم: التقدم إلى الخلف"، في المسلمون، ع 374، 1/10/1410هـ.

[15] عبد القادر طاش." مصادمة الفطرة" ، في المدينة المنورة، عدد 11711 ، 29ذو القعدة1415ـ (29/4/1995م).

[16] -علي عزت بيجوفتش. الإسلام بين الشرق والغرب. ترجمة محمد يوسف عدس ( الكويت وألمانيا: مجلة النور ومؤسسة بافاريا ،1414) ص 118.

[17] -المرجع نفسه ، ص 263-264

[18] - Alvin Toffler. Future Shock.(New York: Batnam Books 1971) p238

[19] -Ibid. p. 254.

[20] -Ibid. p 247.

[21] محمد الشافعي." حمل الأسلحة في المدارس البريطانية"، في الشرق الأوسط، عدد 6379، 28/12/1415هـ (16/5/1996م.

[22] -Cathy Scott-Clark. “ Scourge of the bullies brings fear to schools.” in The Sunday Times.9 June 1996.

[23] فهمي هويدي: الطفولة المفترسة، في مجلة المجلة، عدد 835، 17/2/1996م.

[24] - The Economist, June 8th, 1996.

[25] -The Guardian Weekly , Vol. 154, No 23 June 8th, 1996.

[26] -Noel Rogers “ Zero Tolerance and Britain proposal for youth curfew.” in Saudi Gazette.No.6925, June 17,1996.

[27] -The Guardian Weekly, Op. cit.,

[28] Helen Gibson . ” The Banality of an Evil woman.” in The Time. December 4th, 1995.

[29] الحياة، العدد (11975 )، 13 رجب 1416 (5/12/1995)

[30] المرجع نفسه.

[31] -سوزانا طربوش." بلجيكا في حالة ذهول." في الحياة،ع 12230،6ربيع الآخر 1417هـ( 20أغسطس1996م)

[32] -عبد الحميد اليحياوي." بلجيكا تودع ضحيتي الاعتداء الجنسي." في الشرق الأوسط، ع6478، 9ربيع الآخر 1417هـ( 23أغسطس 1996م)

[33] -"126دولة تشارك في مؤتمر مكافحة استغلال الأطفال جنسياً" في الشرق الأوسط.ع6482،13ربيع الآخر 1417هـ(27 أغسطس 1996م)

[34] -كاميرون بار."الاستغلال الجنسي للصغار." في الشرق الأوسط،ع 6482،13ربيع الآخر 1417هـ(27 أغسطس 1996م) نقلاً عن لوس أنجلوس تايمز.وانظر أيضاً:Susan H. Greenberg. “Children for Sale.” in Arab News, August 27,1996.

[35] -مدحت شفيق-ميلانو والوكالة الفرنسية من استكهولم ." مؤتمر استكهولم يناقش أبشع الجرائم وأكثرها وحشية." في الشرق الأوسط،ع 6483،14 ربيع الآخر 1417( 28أغسطس1996)

[36] - مازن مطبقاني ." يومان مع الصحن الهوائي " في المدينة المنورة،ع 9704،30 جمادى الآخرة 1414( 13ديسمبر 1993)

[37] -" اشتغال الأطفال القاعدة وليس الاستثناء." في الشرق الأوسط،ع6377،29ذو الحجة 1416( 14مايو 1996)

[38] -المرجع نفسه.

[39] - الشرق الأوسط، عدد 6406،26 محرم 1417هـ( 12يونيه 1996م)

[40] جيمس باترسون، وبيتر كيم. يوم أن اعترفت أمريكا بالحقيقة. ترجمة محمد بن سعود البشر، الرياض 1414، ص 88.

[41] -Bennard Levin. “ America Loses its Liberty ” in The Times, 12 Aug. 1994.

مازلت أذكر واعظا أمريكيا كان يتحدث إلى المشاهدين قبل أكثر من عشرين سنة يقول: أيها الأمريكيون إنكم تقتلون أنفسكم، فالقتل أصبح السبب الأول للموت بين الشباب في سن من 18-24. والذي يقتل لا يفعل ذلك لخصومة أو شجار ولكنه يقتل أي شخص يعرفه أو لا يعرفه.

[42]- محمد صلاح الدين. "جرائم ضد النساء"، في صحيفة المدينة المنورة عدد 9717، 12/13/1412هـ.

[43] -Richard Ford. “ Women Fail to Report Attacks.” in The Times. 25 August 1994.

[44]-The Times, July 9th, 1994.

[45] عبد القادر طاش. "مزاعم ينقضها الواقع". في المدينة المنورة، عدد 11933، 15 رجب 1416هـ (7/12/1995).

[46] -Sara Crichton. “ ual Correctness Has it gone too far? in Newsweek. October 25,1993

[47] - الشرق الأوسط.عدد 6473 ، 4ربيع الآخر 1417، (18 أغسطس 1996م)

[48] -عصام مدير وأنس فودة. " مجلة أمريكية تفضح أجواء العمل المختلط." في المسلمون.ع 601،25 ربيع الآخر 1417(9 أغسطس1996) نقلاً عن الريدرز دايجست Reader’s Digest عدد فبراير 1996.

[49] - المرجع نفسه.

[50] -بيجوفتش ، مرجع سابق، ص 264.

[51] -The Times, July 12, 1991.

[52] -Mark Frenchetti and Peter Conradi. “ Europe’s roaring trade in slaves.” in The Sunday Times, 9June 1996.

[53] - هذا الصديق هو أستاذي الدكتور قاسم السامرائي.الذي يعمل في جامعة لايدن منذ أكثر من عشرين سنة ، وعمل فترات مختلفة في جامعة الأمام محمد بن سعود الإسلامية في قسم الثقافة الإسلامية وفي قسم المكتبات وفي المكتبة.

[54] -الحياة عدد 11729، 2 ذو القعدة 1415هـ (2 ابريل 1995م).

[55] علي محمد جريشة، شريعة الله حاكمة ليس بالحدود وحدها،( القاهرة: مكتبة وهبة،1397،1977)ص26..

[56] -Newsweek, September 20, 1993.

انظر مقالتي في جريدة عكاظ،" الأخذ بالثأر على الطريقة الإنجليزية"، عدد 9956، 21/5/1414هـ (5 نوفمبر 1993م).

[57] - The Times, July 21, 1994.

[58] -حنفي ، مرجع سابق، ص 96.

[59] -المرجع نفسه ،ص 97.

[60] - المرجع نفسه.

[61] -Erich Fromm. The Sane Society. (New York: Henry Holt &Co. 1990) p. 92.

[62] -Ibid. p.84-85.

[63] -Fromm. Op. cit. p.85.

[64] -Ibid.P.92.

[65] -Ibid. P. 87-88.

[66] -Ibid. P. 95.

[67] - بيجوفتش ، مرجع سابق ،ص 112 نقلاً عن Herbert Marcus. A Critique of Pure Tolerance.( Boston: Beacon Press, 1969)

[68] -Fromm. Op. Cit. P. 5.

[69] - سالم سحاب. الرأسماليون القتلة والأثرياء البررة." في المدينة المنورة، ع12039، 8ذو القعدة 1416،(27 مارس 1996) نقلاً عن Newsweek العدد الثامن من عام 1996.

[70]-Washington Post, Sunday September 3 , 1995.

[71] -Fromm, Op.,Cit.P.5.

[72] -بيجوفتش، مرجع سابق،ص 108.

[73] -نيكسون ، مرجع سابق ص186.

[74] سعود البشر،السقوط من الداخل :ترجمات ودراسات في المجتمع الأمريكي. (الرياض:دار العاصمة،1415)نص 62-63 نقلاً عن اندروشبير، نحن القوة الأولى: أين تقف أمريكا، وأين تسقط في النظام العالمي الجديد، 1992.

[75] حسن حمدان العلكيم. "العرب وأمريكا والنظام العالمي الجديد"، في المجلة العربية للدراسات الدولية، عدد 3/4، السنة الرابعة، صيف/ خريف 1993. ص 5-27.

[76] - The Wall Street Journal, September 7, 1995.

[77] -محمد وقيع الله ." اضطرابات لوس أنجلوس ." في مجلة الإصلاح(الإمارات) ع178،14مايو 1992

[78] - المرجع نفسه.

[79] -نيكسون ، مرجع سابق، ص99.

[80] -لوري شارن وبوب منزيسهايمر ." البيض شعب الله المختار" في الشرق الأوسط.ع 6343، 2ذو القعدة 1416( 10 أبريل 1996)عن صحيفة لوس أنجلوس تايمز.

[81] -Arab News , 4 August 1996.

[82] -السيد ولد أباه." التظرف ظاهرة موجودة في الغرب أيضاً" في الشرق الأوسط ،ع6312،20شوال 1416هـ( 10مارس 1996.)

[83] -مأمون فندي." الجذور الثقافية للسياسة الخارجية الأمريكية تجاه العرب والمسلمين." في المجتمع (الكويت) ع1213، 5ربيع الآخر 1417(20 أغسطس1996م) ص 31-32.وقد ظهرت العنصرية الغربية بوضوح في الصومال حيث مارست القوات الإيطالية و الدنماركية وغيرها من القوات الأوروبية ألواناً من التعذيب ضد الصوماليين العزل ومن العجيب أن هؤلاء كانوا ضمن قوات دولية أُطلق عليها ( إعادة الأمل ) فأي أمل كان!!؟؟

[84] - Dinesh D’Souza.“ Is Racism a Western Idea?” in The American Scholar. Autumn 1995. .P.P. 517-524

-[85] The Times, September, 2 1994.

[86] -Thomas Hansen and Frank Macchiarola, Confronting America’s Moral Crisis (New York: Hasting House, 1995), P3-4.

[87]- جيمس باترسون وبيتر كيم .يوم أن اعترفت أمريكا بالحقيقة.ترجمة سعود محمد البشر (الرياض: المؤلف، 1414-1994) ص58.

[88] المرجع نفسه.

[89] -سعود بن محمد البشر.السقوط من الداخل: ترجمات ودراسات في المجتمع الأمريكي.(الرياض:دار العاصمة،1414هـ)ص 85 نقلاً عن هاملتون هوز .السقوط التراجيدي: أمريكا عام 2020.

[90] -بيجوفتش، مرجع سابق،ص119-120، نقلاً عن Keneth H. Blanchard and Paul Hersey. Management of Organisational Behaviour :Utilizing Human Resurces.2ed Edition( Englewood Cliffs, N. J.: Prentice Hall,1972

[91] سيرة ابن هشام.

[92] -Washington Post, 8 September 1995.

[93] -رندة تقي الدين ." فرنسا قبل ستة أشهر من انتخابات الرئاسة :فضائح وفوضى." في الحياة، ع11576، 23جمادى الأولى 1415( 28 أكتوبر 1994م)

[94] -الحياة،ع 11198، 15 ربيع الآخر 1415(11 أكتوبر 1993) وانظر تعليقي بعنوان " شرطة نيويورك تحتاج إلى شرطة" في المدينة المنورة ،ع 9688، 14جمادى الآخرة 1414هـ( 27 نوفمبر 1993م)

[95] -الحياة،ع 12145، 10 محرم 1417(27 مايو 1996م)

-[96] Michael Medved. Holly Wood Vs America, (New York: Harper Perennial, 1993) p. xx1v.

-[97] Ibid. P. 38.

[98] -Medved, Op. Cit. P. 72.

[99] جيمس باترسون، مرجع سابق، ص 197.

-[100] William J. Murray, Let Us Pray: A Plea for prayer in our schools,( New York, Willion Marrow, 1995), P3.

[101] -Janatan Freedland, “Battle of The Bottle Breaks Out”, in The Guardian Weekly, June9,1996

[102] -Medved. OP., cit. P.71.

[103] -Ibid.

[104] -نيكسون ، مرجع سابق ، ص 246.

[105] - مازن مطبقاني." العنف رغم أنوفهم " في المدينة المنورة ،ع11597،29 رجب 1415(31 ديسمبر 1994) وقد أشارت صحيفة الحياة (اللندنية ) في عددها 11579 ،31أكتوبر 1994 إلى أن الحكومة البريطانية سرعان ما تخضع للضغوط من الشركة المنتجة لأنها من الشركات الكبرى، وقد يكون هذا المنع المؤقت نوعاً من الدعاية للفيلم.

[106] -محمد سيد أحمد." الحضارة الغربية لا تعترف بغيرها ، ولا تتيح الحوار معها." في الرياض، ع 10032، 21 رجب 1416،(21ديسمبر 1995) تقرير عن ندوة فكرية عقدت في القاهرة بعنوان ( صراع الحضارات :نظرة جديدة للشرق.) وقد كتب الدكتور يوسف نور عوض في صحيفة المدينة المنورة ، عدد( 12548) في 19ربيع الآخر 1418(22أغسطس1997م. يشير إلى ما ظهر في الغرب مؤخراً من الاهتمام بالمغني المشهور إلفس برسلي الذي هلك منذ اكثر من عشرين سنة وعرف بالإدمان على المخدرات وغيرها من الآثام بأن الغرب يروج لهذه الصرعة باعتبار إلفيس قديساً . ويرى الدكتور عوض أن في الغرب قوى تحاول تشويه ثقافات العالم ومعتقداته الدينية من اجل إحكام السيطرة على العقل الإنساني.

[107] -سورة النحل آية 125

[108] -عبد القادر طاش، " المغالاة في عداوة الغرب"، في المدينة المنورة ،عدد 12135،15 صفر 1417هـ( 1يوليه 1996م)

[109] - هو عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى .

[110] - السيد ولد أباه، " الإسلام والغرب واجب الحوار وحق الاختلاف." في الشرق الأوسط ،ع5989،24 ذو القعدة 1415هـ ( 24أبريل 1995م).

[111] -فؤاد صادق مفتي." نعم للحوار ..لا للمواجهة." في الشرق الأوسط ،ع 5454،3نوفمبر 1993م.

[112] -سورة المجادلة آية 11 .

[113] -سورة التوبة ، آية 122.

[114] - جورج طرابيشي." الغرب ينهار، أم أن الحديث عن انهياره قوة له؟" في الحياة ،ع 1203، 7رمضان 1416(4فبراير 1996) وقد كتب كاتب سعودي قبل عدة أعوام بعنوان (هل إن الغرب يسقط) قدم المزاعم نفسها وهي أن الغرب يمارس النقد الذاتي ، وشاء الله أن أرد عليه بمقالتين بعنوان" موازيننا وموازينهم في سقوط الحضارات " في المدينة المنورة ،ع8943،3جمادى الأولى 1412،و عدد 8950 في 10 جمادى الأولى1412.

* تضرب الغرب أحياناً الأعاصير فتقتل الألوف منهم ، كما تصيبهم موجات من الحر الشديد أو البرد الشديد ، أو يطهر فيهم فيروس جديد لم يسبق لهم معرفة به مثل فيروس الإيدز( نقص المناعة المكتسبة) ويصاب الغرب أحياناً بالزلازل أو الفيضانات. فهل يعتبرون، وهل نعتبر نحن؟

[115] -سورة ق آية 36.

[116] -سورة الزخرف آية 8.

[117] - سورة آية.

د.فالح العمره 16-02-2008 08:51 PM

رد: دراسات عن الاختلاط بين الجنسين في التعليم والعمل
 
حلم المرأة الغربية بالمساواة الكاملة لم يتحقق!
إيمان الكرودي
يبدو أن مطالب المرأة في الغرب لن تنتهي أبدًا!
فبعد حوالي أكثر من مئة وخمسين عامًا من عقد أول اجتماع لمناقشة حقوق المرأة مازال أمام المرأة الغربية مشوار طويل حتى تحقق المساواة الكاملة التي تنشدها في كل قطاعات الحياة ومنها التعليم. فرغم النجاح الذي حققته في التعليم مقارنة بوضعها قبل حوالي قرنين من الزمان ورغم اقتحامها لمجال التعليم العالي الذي كان حصرًا على أشقائها الرجال حتى أضحى عدد النساء في الجامعات يفوق الرجال، إلا أن الصورة ليست وردية كما يتصور البعض فهي مازالت تعاني الكثير وما زال أمامها العديد من العقبات.
لكي نفهم قصة المرأة الغربية مع التعليم قد يكون من المفيد أن نعود إلى الوراء قليلًا وتحديدًا قبل قرنين من الزمان عندما كان ينظر للنساء كمواطنات من الدرجة الثانية ليس لهن دور سوى الإشراف على المنزل وتربية النشء وتلبية احتياجات الزوج. فكانت النساء يتعلمن في البيوت من فنون الطبخ والتطريز والأعمال المنزلية ما يعدهن ليكن زوجات جديرات بأزواج المستقبل. ولم يكن يحظين إلا بقدر قليل من التعليم الأكاديمي يتلقينه في البيت أقصاه القراءة والكتابة وتعلم الموسيقى. أما التعليم النظامي في المدارس فلم يكن متاحًا لهن. وأما التعليم الجامعي فقد كان حكرًا على الرجال. وهكذا أقصيت المرأة عن الحياة العامة وتوارت عن الصورة السياسية والاجتماعية والأكاديمية حتى جاء القرن التاسع عشر عندما بدأت المرأة تتململ من وضعها وبدأت بعض الأصوات تعلو مطالبة بحقوق المرأة، بخاصة حقها في التعليم والالتحاق بالجامعات.
وفي هذه الظروف بدأت تتبلور حركة حقوق المرأة. وحقيقة لا يملك المرء إلا أن يعجب بتلك النسوة الأوائل اللاتي استبسلن للحصول على حقوقهن المسلوبة. وإذا كانت حركة تحرير المرأة في العصور المتأخرة انحرفت عن مسارها وحادت عن طريقها حتى تحول حلم ناشطات حقوق المرأة بالمساواة مع الرجل إلى هوس مجنون، فإن مطالب الناشطات الأوائل كانت مشروعة تمامًا، خاصة إذا علمنا أن المرأة المتزوجة مثلًا كانت محرومة من حق التملك فتنتقل كل ممتلكاتها تلقائيًا إلى زوجها الذي يملكها هي نفسها وأطفالهما. ومن الغريب والطريف في آن واحد أن المرأة التي لم يكن يسمح لها بتولي أي منصب من المناصب العامة كان لها الحق أن تتولى أعلى منصب في الدولة وهو الحكم. وهكذا حفظ لنا التاريخ أسماء ملكات شهيرات جدًا مثل الملكة إيزابيلا، ملكة قشتالة التي حاربت مسلمي الأندلس، والملكة إليزابيث، والملكة فكتوريا. والأخيرتان لعبتا دورًا مهمًا في الحياة السياسية لدرجة أن تسمى عصرين باسميهما، العصر الإليزابيثي والعصر الفكتوري. ولكن وجود نساء في الحكم لم يشفع لباقي النسوة، بل حتى إن الملكة فكتوريا التي رغم أنها كانت مؤيدة لحق المرأة في التعليم كانت من أشد المناهضات لحركة حقوق المرأة التي وصفتها بأنها «حماقة مجنونة» وأن الناشطات في حقوق المرأة «يستحقن الجلد».
ولكن المطالبة بتعليم المرأة في الجامعات واجهت عاصفة من الاعتراضات وكانت محط العديد من المناقشات، خاصة من قبل الرجال الذين خشوا أن يصرف التعليم المرأة عن واجباتها الأساسية في المنزل أو أن يؤدي إلى خلخلة النظام الاجتماعي. بل حتى الأطباء حذروا من استغراق المرأة في التعليم الذي سيضرها صحيًا، كما زعموا. إذ إن التفكير يؤدي إلى توجيه الدم إلى الدماغ، بينما من المفترض أن يتوجه إلى أعضاء الإخصاب في المرأة مما يؤثر على قدرتها على الإنجاب. ولكن الجهود لتعليم المرأة بدأت تؤتي ثمارها عندما افتتحت أخيرًا أول كلية للنساء في لندن عام 1848م. وهكذا بدأت تفتتح كليات البنات على استحياء في أوروبا وأمريكا. ومن الملاحظ أن التعليم في البداية كان غير مختلط، وحتى في جامعات الرجال التي سمح للنساء الالتحاق بها كانت النساء يدرسن في فصول خاصة ويدخلن من مداخل منفصلة وأحيانًا تكون الدراسة بعد أو قبل الوقت المخصص للرجال. ومع نهاية العصر الفكتوري كانت النساء في لندن يحصلن على شهادات جامعية من اثنتي عشرة جامعة، كما كن يدرسن أيضًا في جامعتي أكسفورد وكامبريج العريقتين وإن لم يكن يمنح شهادات جامعية منهما. إذ لم تمنح جامعة كامبريج، مثلًا، النساء شهادات جامعية إلا عام 1947م رغم أنهن كن يلتحقن بها منذ عام 1888م. وشيئًا فشيئًا بدأت الجامعات تفتح أبوابها للنساء وكانت آخرها جامعة كولومبيا آخر المعاقل الموصدة أمام النساء والتي بدأت تستقبل النساء عام 1980م.
واليوم وبعد أن فتحت جميع الجامعات أبوابها أمام المرأة الغربية تمثل نسبة النساء في الولايات المتحدة مثلًا حوالي 57% من مجموع طلاب الجامعات لدرجة أن بعض الجامعات بدأت تقلق على مستقبل الرجال الذين كانوا فيما مضى هم الغالبية العظمى في هذه الجامعات. فهل يعني هذا انتصارًا كاسحًا للمرأة في قضيتها؟ ربما، ولكن ليس بعد سبر غور الحقائق. صحيح أن جميع أبواب الجامعات قد شرعت، ظاهريًا على الأقل، أمام المرأة فباتت تدخل من أيها شاءت. وصحيح أيضًا أن كل التخصصات باتت مفتوحة أمامها. ولكن هذا كله يجعلنا نتساءل أين هي المرأة الغربية السياسية والعالمية والمهندسة والقيادية؟ لماذا لا يوجد في أمريكا إلا «كونداليزا رايس» واحدة؟ ولماذا لم تتكرر في بريطانيا ظاهرة «مارجريت ثاتشر»؟ ولماذا كلما طلب منا أن نذكر أسماء عالمات غربيات شهيرات لا يتبادر إلى الذهن سوى اسم «ماري كري»؟ هل عجزت نساء الغرب أن يلدن «مدام كري» جديدة؟ وفي المقابل لماذا نجد عددًا لا يحصى من «باريس هيلتون» و«بريتني سبيرز» و«جسيكا سمبسون». صحيح أنه لا يمكن أن ننكر أن هناك عددًا كبيرًا من النساء الغربيات اللاتي يتولين مناصب مهمة ويحملن على عاتقهن مهام خطيرة ولكن تلك النسوة لا يشكلن إلا حوالي ثلث نظرائهن من الرجال. أليس من المفترض أن الفرص معروضة بالتساوي على الجنسين، أو هذا ما ينص عليه القانون على الأقل. فلماذا نستطيع أن نذكر عشرات الأمثلة من الشخصيات المهمة من الرجال، بينما نتوقف عن العد عند رابع أو خامس أو حتى عاشر إصبع من أصابع اليدين عندما نريد أن نتذكر المبدعات من النساء. أليس هذا يعني أن هناك خللًا في مكان ما؟ هل نجحت حركة تحرير المرأة الغربية في معركتها، أم ما زال هناك شرر تحت الرماد؟
في الستينيات من القرن الماضي بذلت حركات تحرير المرأة جهودًا جبارة لضمان حقوق المرأة الكاملة في التعليم وعدم تعرضها لأي نوع من التفرقة في المعاملة أو توزيع الأدوار. ومن أجل تشجيع النساء على اقتحام المجالات التي كانت دائمًا حكرًا على الرجال ومن أجل نسف الصورة النمطية لدور كل من المرأة والرجل انكبت تنقب في الكتب الدراسية عن كل ما يصور المرأة في دورها التقليدي كزوجة وربة بيت، بينما يصور الرجل كراعي البيت الذي يقوم بالأعمال المهمة لترسم بدلًا من ذلك أدوارًا موحدة للمرأة والرجل. فالمرأة المثالية، في نظر ناشطات حقوق المرأة، هي المرأة العاملة التي تقوم بكل ما يقوم به الرجل. ولم ينته الأمر عند هذا الحد، بل قامت هذه الحركات بمحاولات مستميتة لتوحيد مدارس البنين والبنات وإلغاء المدارس غير المختلطة، إذ حتى الستينيات الميلادية كانت جميع المدارس والجامعات غير مختلطة. وهذا ما تم لها.
وفي عام 1972 صدر قانون IX الذي ينص على ما يلي:«لن يستثنى أي شخص في الولايات المتحدة، على أساس الجنس (ذكر أو أنثى)، من أن يشارك، أو يحرم من فوائد، أو يتعرض للتفرقة في أي برامج تعليمية أو نشاط يتسلم مساعدة فيدرالية.» وهكذا عد هذا القانون، الذي يمنع منعًا باتًا التفرقة بين الجنسين ويعاقب على ذلك بالحرمان من الدعم المادي، نصرًا لحق المرأة في التعليم. ولكن هل حقق هذا القانون النتائج المرجوة منه؟
ومن عجبٍ أن التعليم المختلط الذي كافحت المرأة كفاحًا مريرًا لتحقيقه وقد حسبته الحل الأمثل الذي سيضمن لها المساواة التامة في التعليم وكسر الأدوار النمطية لكل من المرأة والرجل وتشجيع المرأة على اقتحام المجالات «الذكورية» هو نفسه الذي أدى إلى ترسيخ هذه الأدوار، كما أثبتت ذلك الدراسات. وهو ما جعل المرأة الغربية تحجم عن، بل تخشى، أن تلج المجالات العلمية الصرفة. وهكذا استمرت الطالبات في البرامج المهنية في المدارس الخاصة يدرسن التجميل والسكرتارية، بينما يدرس الطلاب الكورسات الكهربائية والميكانيكية.
وقد أكدت الكثير من الأبحاث أن المدارس المختلطة تلعب دورًا كبيرًا في تحطيم تقدير الفتاة لذاتها وثقتها بنفسها. فالفتاة تبدأ الدراسة في مدارس التعليم المختلط وهي تتمتع بقدر كبير من الثقة بالنفس، إلا أنه على مشارف المرحلة الإعدادية تبدأ ثقتها بنفسها بالتهاوي شيئًا فشيئًا حتى تتضاءل كثيرًا عند دخول الجامعة. وفي تقرير أعدته المنظمة الأمريكية لنساء الجامعة AAUW على مستوى الولايات المتحدة ونشر عام 1991م كانت نسبة الذين صرحوا أنهم «قانعون بأنفسهم» في المرحلة الابتدائية من الأولاد 69% ومن البنات 60%، ولكن في المرحلة الثانوية انحدرت النسبة إلى 46% من الأولاد و29% من البنات فقط .
وقد وجد أن أحد أهم أسباب هذا الشعور المدمر هو «التفرقة على أساس الجنس» gender bias والذي يعرف بأنه :«معاملة الطلاب والطالبات بشكل مختلف في المدارس. وهذا يشمل كيف يتجاوب المدرسون مع الطلاب، وماذا يُشجع الطلاب على أن يدرسوا، وكيف تصور النصوص المدرسية والمصادر الأخرى أدوار المرأة والرجل». ولكن التفرقة بين الجنسين هي اليوم أشد خطرًا منها في السابق. إذ كانت في الماضي ممارسات واضحة يمكن تحديدها وحصرها ومن ثم القضاء عليها، ولكنها اليوم تتم بطريقة خفية لا شعورية مما يجعلها أكثر ضررًا على المدى البعيد.
ومن أمثلة هذه التفرقة الاهتمام الكبير الذي يوليه المعلمون للأولاد على حساب الفتيات. فقد لاحظ الباحثون أن الأولاد عادة هم محط اهتمام المعلم أثناء الشرح فيحفزهم على الإجابة ويوجه لهم الأسئلة الصعبة والمعقدة ويمنحهم فرصة للإجابة أكبر من تلك التي تمنح للفتيات. وإذا كانت ناشطات حقوق المرأة قد استطعن أن ينقين المناهج المدرسية من هذا التنميط فإنهن لم يستطعن أن ينقين عقول أفراد المجتمع الذي مازال يمنح الفوقية للذكر. وكما ذكرت في السطور السابقة فإن نظرة المعلمين للفتيات على أنهن غير مؤهلات مثل الأولاد للتفوق في الرياضيات والمواد العلمية هي التي أسهمت في عزوف الكثير منهن عن دخول هذا المعترك. إذ كما تذكر إحدى الدراسات فإن 31% من الفتيات في المرحلة الابتدائية يعتقدن أنهن جيدات في الرياضيات ولكن عند المرحلة الإعدادية تنحدر النسبة إلى 18%. وكما تذكر دراسة أخرى فإنه «ثمة شيء يحدث للفتيات بين الإعدادية والمرحلة الثانوية يجعلهن يفقدن الاهتمام ويتطلعن للعلوم والرياضيات وتكنولوجيا الكمبيوتر كمجالات رجالية ويخترن الخروج من الكورسات الصعبة. فعلى سبيل المثال عندما تواجه الأولاد مشكلة رياضية صعبة يحفزهم المعلم على التفكير لإيجاد الحل، أما عندما تواجه الفتيات المشكلة ذاتها فإنهن يعطين الإجابة مباشرة وكأنهن غير قادرات على التفكير مثل زملائهن الذكور. ولايتوقف الأمر عند هذا الحد، بل الأغرب أن الفتيات يدفعن ثمنًا غاليًا لتحليهن بالنظام واتباعهن للقوانين الصفية. فالفتيات اللاتي يفترض فيهن الهدوء والأدب يعاقبن على ذلك بالتجاهل التام خلال الحصة. بينما يكافأ الأولاد على الشغب الذي يثيرونه عادة بمحاولات التودد لهم وهكذا يضيع وقت الحصة دائمًا في محاولة ضبط الأولاد.
وفي أحد الفصول لاحظ الباحثون أن المعلم يكتب على السبورة لائحة بالمخترعين الرجال وإنجازاتهم. فرفعت إحدى التلميذات يدها وسألت ألا يوجد مخترعات نساء. وبدل أن يعطيها المعلم أسماء لمخترعات نساء أو على الأقل يبحث عن عذر لعدم وجود الكثيرات منهن نظر إلى تلميذته مبتسمًا وقال:«عزيزتي، لا تقلقي بشأن ذلك. فهو نفس الشيء مع الكتاب والرسامين المشهورين». فدور الرجل أن يخلق الأشياء، أما دور المرأة فهو أن تبدو جميلة حتى تستطيع أن تلهمه. هذا التجاهل الشنيع لإنجازات المرأة وحصر دورها في التجمل من أجل الرجل هما من سلبيات التعليم الغربي.
فمما لا شك فيه أن غياب النماذج النسائية المشرقة من المقررات الدراسية وغياب الشخصيات النسائية القائدة من المدارس يترك أثرًا كبيرًا في نفوس الفتيات، إذ يوصل رسالة سلبية للفتيات بأنه لم يكن للمرأة أي دور مهم مقارنة بالرجل الذي تمتلئ الكتب الدراسية بإنجازاته. وهكذا تنشأ الفتاة الغربية وهي ترى التاريخ من صنع الرجل فلماذا لا يكون المستقبل كذلك أيضًا؟ أما على مستوى الشخصيات القيادية فمقابل كل أربعمئة مدير مدرسة هناك مئة مديرة من النساء وأغلبهن مديرات مدارس ابتدائية. أليس ذلك أيضًا يرسل رسالة خفية للفتاة بعدم أهليتها للمراكز القيادية مثل الرجال.
أما الثقافة السائدة اليوم في المجتمع الغربي والتي تروج لها أجهزة الإعلام المرئية والمقروءة فقد جعلت مفهوم الأنوثة يتعارض مع مفهوم الفتاة الذكية. فالفتاة الشقراء الجميلة دائمًا غبية، أما الفتاة المتفوقة فهي دائمًا عابسة ترتدي النظارات وتهمل هندامها. وهكذا أصبحت الفتيات يصرفن على تجميل أنفسهن وقتًا ثمينًا كان من الأفضل أن يصرف على دراستهن. وأصبح شغلهن الشاغل هو جذب انتباه الطلاب في المدرسة بالتصرف كما لو كن حمقاوات.
ناهيك عن التحرش الجنسي الذي تعانيه الفتيات في المدارس المختلطة. فقد ذكرت الدراسات أن 20% من الفتيات تعرضن للاعتداء الجنسي والجسدي في المدارس، بينما ذكرت 80% من الفتيات أنهن تعرضن لمحاولات تحرش جنسية. والمثير أن محاولات التحرش الجنسي هذه، والتي تلعب دورًا كبيرًا في تحطيم ثقة الفتاة بذاتها، دائمًا ما يغض النظر عنها باعتبارها جزءًا من طبيعة الذكور!
كل هذه الأمور جعلت الباحثين يلتفتون مجددًا للمدارس غير المختلطة، والتي بقي منها في أمريكا حوالي ثلاثمئة مدرسة كلها خاصة، لعلهم يجدون فيها حلًا للمشاكل الكثيرة التي أفرزها التعليم المختلط. فدرسوا أداء الفتيات في المدارس المخصصة للفتيات. وكم كانت النتائج مدهشة! ففي دراسة أجريت عام 1986 بواسطة لي وبيرك أظهرت أن الفتيات في المدارس الخاصة بالبنات كن أكثر إيجابية فيما يخص التعليم عمومًا وعبرن عن اهتمام أكبر بالرياضيات وأظهرن اهتمامًا أعظم بالعلوم وكان عندهن أهدافًا تعليمية أكبر من الفتيات اللاتي في المدارس المختلطة.
كما أظهرت دراسات أخرى قام بها لي وماركس في عام 1990م عن مستويات أعلى من احترام الذات بين الفتيات في المدارس غير المختلطة ونظرات أقل نمطية عن دور النساء في العمل. وفي دراسة أخرى ظهر أن الأطفال الذين يدرسون في مدارس غير مختلطة يحصلون على علامات أكبر في الامتحانات، ويتجنبون المشاكل وهم أكثر رغبة في أن يدرسوا شريحة أكبر من المواد أكثر من زملائهم في المدارس المختلطة. أما دراسة بريجت دنفر فقد أظهرت أن النساء اللاتي يدرسن في مدارس غير مختلطة أكثر احتمالا لأن يمتهن مهنًا تعتبر «ذكورية» وشعرن بأنهن أكثر استعدادًا لدخول الكلية بسبب تحضيرهن الأكاديمي وعدم وجود حاجز الجنس gender في مواد الرياضيات والعلوم التي يسيطر عليها تقليديًا الذكور.
فالفتيات في المدارس غير المختلطة يحظين من المعلمين بكامل الاهتمام الذي كان يعطى أكثره للأولاد في المدارس المختلطة. كما إنه وفي غياب الجنس الآخر لم تعد الفتيات يحملن هم لفت نظر الطلاب، بل صرفن كل طاقتهن في الدراسة.
وأمام هذه الأدلة بدأت أمريكا والغرب بالتنبه لأهمية العودة للتعليم غير المختلط. فارتأت إدارة بوش عام 2002م تخصيص ميزانية كبيرة تزيد على ثلاثمئة مليون دولار لتشجيع التعليم غير المختلط وإنشاء مدارس خاصة بالبنين وأخرى للبنات. كما بدأت الكثير من المدارس المختلطة تحت ضغط الأهالي تفتح في مدارسها فصولًا خاصة للبنين وأخرى للبنات.
ولكن إذا كانت الفتاة تعاني في المدرسة فإن الأمر يسوء كثيرًا في الجامعات. وإذا كانت الطالبات في المدارس هن الضحايا الوحيدات فإنه في الجامعات تنضم إليهن النساء من أعضاء هيئة التدريس. ورغم أن النساء، كما ذكرت سابقًا، يشكلن اليوم الغالبية من طلاب الجامعات إلا أنهن يعانين أيضًا التفرقة بينهن وبين الذكور. فقد ظهر في الغرب الكثير من الكتابات التي تصف «الجو العدائي» للنساء في الجامعات وهو ما يجعل الكثير من الفتيات ينسحبن من مقاعد الدراسة قبل أن يحصلن على الشهادة الجامعية. وأول ما يصدم هؤلاء الفتيات هو وجود عدد قليل جدًا من النساء في هيئة التدريس مما يعني عدم وجود عدد كاف من الشخصيات النسائية القائدة التي تتخذها هذه الفتيات مثلاً لهن. أما المناهج الدراسية فكلها تعج بالتمجيد للشخصيات الذكورية البيضاء في ضوء إغفال شنيع لدور المرأة وتاريخها ووضعها. أما في داخل قاعة المحاضرات فإن التحدث إلى الفصل بصيغة الذكور كما لو لم يكن في الفصل إلا الرجال ومناداة الذكور بــ «يا» رجال والنساء بــ «يا» بنات، والنكت الجنسية المخجلة التي يلقيها كل من أعضاء هيئة التدريس والطلاب والتلميحات المهينة بدونية النساء ومقاطعة النساء أثناء الإجابة وعدم بذل المساعدة الكافية للفتيات كلها أمور تعاني منها الفتيات. بل إن الكثير من الفتيات اليوم يضطرن لأن يسلكن طرق متعرجة طويلة ليصلن إلى غرف الصف ويحرصن على ارتداء ملابس محتشمة حتى يتجنبن مضايقات الرجال.
أما النساء في هيئة التدريس اللواتي من المفترض أن ينظر لهن بعين التقدير، فلهن مشاكلهن الخاصة أيضًا، خاصة إذا علمنا أنهن ما زلن يعتبرن أقلية بالنسبة لزملائهن من الرجال. فبالرغم من كثرة الطالبات في الجامعة فإن نسبة النساء في هيئة التدريس لا تتجاوز 28%.
فهؤلاء النسوة، اللواتي من المفترض أن يعتبرن النخبة، يعانين التجاهل والتهميش والإهمال والإقصاء من اتخاذ القرارات. وفي قصة طريفة أقفل أحد أعضاء هيئة التدريس من ذوي الطبع الحاد في جامعة وسكنسون معمل إحدى عضوات هيئة التدريس ومنعها من دخوله ولم يتدخل أي أحد من الرجال في القسم لحل أزمتها حتى اضطرت أخيرًا للاستعانة بإدارة الجامعة.
وتقول الرئيسة بالاشتراك للجنة النساء في جامعة وسكنسون، نانسي ماثيو، أنها اضطرت مؤخرًا لتغيير قسمها لأن زملاءها الرجال لم يحترموا بحثها وألقوا عليها مسؤوليات إضافية ودفعوا لها أقل.
وقد أجرى معهد وسكنسون دراسات عن وضع المرأة في الحرم الجامعي فأوضح أن البروفسورات النساء في الجامعات يشعرن بأنهن دائمًا مستبعدات من اتخاذ القرار وأقل احتمالًا لأن يشعرن بأن عملهن مقدر من قبل الرجال. وهن أكثر احتمالاً لأن يغادرن الجامعة.
أما بالنسبة لرسائل التزكيات التي تكتب للنساء من أعضاء هيئات التدريس فهي عادة تكون أقصر من تلك التي تكتب للرجال وتثير شكوكًا أكثر وتصور النساء كتلميذات ومعلمات لا كباحثات ومهنيات متخصصات. وفي مارس نشر معهد ماسوشست للتكنولوجيا وثيقة بعنوان:«دراسة لوضع النساء من هيئة التدريس في كلية العلوم في معهد ماسوشست للتكنولوجيا MIT» الذي أظهر أن كبار البرفسورات النساء في الكلية تسلمن رواتب أقل ومصادر أقل للبحث من أقرانهن من الرجال. كما أبعدن من الأدوار المهمة في داخل أقسامهن. ولا تنتهي معاناتهن عند هذا الحد، بل حتى طالبات الدكتوراه لم يحميهن منصبهن من محاولات التحرش الجنسي، إذ في جامعة آيوا مثلًا تعرضت 6% من طالبات الدكتوراه للتحرش الجنسي، بينما نقلت 4% منهن أنهن تعرضن لمحاولات تحرش جنسي.
يظهر أن حلم المساواة الكاملة لن يتحقق أبدًا حتى في التعليم. فرغم كفاح المرأة الغربية المرير لتحصل على هذه المساواة التامة بينها وبين الرجل التي ظنت أن فيها سعادتها إلا أنها ما زالت تجد مقاومة من مجتمعها الذي ما فتئ يمنح الفوقية للرجل، بل إن لقب «ناشطة حقوق المرأة» feminist أصبح في الغرب اليوم يوحي بمعان سلبية. وإذا كان ليس من المستغرب أن يتحيز الرجل لبني جنسه فإن العجيب، بل المدهش أن نجد مثل هذا الفعل في سلوك المرأة التي هي الأخرى تفرق، من حيث لا تشعر، بين الجنسين لصالح الذكور طبعًا. إذ في إحدى التجارب أرسلت سيرة ذاتية باسم امرأة لمجموعة من الرجال والنساء. وبعد فترة أرسلت السيرة الذاتية نفسها إلى نفس المجموعة ولكن هذه المرة تحت اسم رجل. وكان من المدهش أن كلًا من الرجال والنساء كان تقييمهم للسيرة الذاتية التي باسم رجل أفضل منها عندما كانت تخص امرأة. صحيح أن المرأة الغربية قطعت مشوارًا طويلًا منذ تلك الأيام التي كانت تقبع فيها حبيسة في البيت. وصحيح أنها وصلت في التعليم إلى أعلى المستويات، إلا أنها تدفع كل يوم الثمن غاليًا. تدفعه في البيت وفي المدرسة وفي العمل. والصورة من قريب ليست كما هي من بعيد. فهل أكون مخطئة إذا قلت إنها هي أيضًا بمبالغتها في مطالبها تتحمل جزءًا من المسؤولية؟
تمثل نسبة النساء في الولايات المتحدة مثلًا حوالي 57% من مجموع طلاب الجامعات لدرجة أن بعض الجامعات بدأت تقلق على مستقبل الرجال غياب النماذج النسائية المشرقة من المقررات الدراسية وغياب الشخصيات النسائية القائدة من المدارس يترك أثرًا كبيرًا في نفوس الفتيات، إذ يوصل رسالة سلبية للفتيات بأنه لم يكن للمرأة أي دور مهم مقارنة بالرجل ارتأت إدارة بوش عام 2002م تخصيص ميزانية كبيرة تزيد على ثلاثمئة مليون دولار لتشجيع التعليم غير المختلط وإنشاء مدارس خاصة بالبنين وأخرى للبنات. "المعرفة"


الوقت في المنتدى حسب توقيت جرينتش +3 الساعة الآن 09:02 PM .

مجالس العجمان الرسمي