مجالس العجمان الرسمي - خالد بن شليويح وراجح رحمهم الله

خالد بن شليويح وصاحبه راجح رحمهما الله

بسم الله والحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم. وبعد.

يقول الله تبارك وتعالى(كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ (26) وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ (27)• سورة الرحمن.

ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم( عش ماشئت فإنك ميت وأحبب من شئت فإنك مفارقه) السلسلة الصحيحية.

قال الإمام البخاري لما بلغه موت الإمام الدارمي:

إن عشت تفجع بالأحبة كلهم.... وبقاء نفسك لا أبا لك أفجع

ماذا عساي أن أقول في أخي وصديقي أبي سعد البطل الشجاع الذي ترجل عن الدنيا، فخبر موته عزّ عليّ سمعه،وأثّر في قلبي وقْعة، خبر تستاءُ له المسامع ، وترتج منه الأضالع، خبر يهدُّ الرواسي، ويفلق الحجر القاسي، كادت له القلوب تطير، والعقول تطيش، والنفوس تطيح، خبرٌ يشيب الوليد، ويذيب الحديد، قد كاد الحزن أن يقبض الألسن عن هذا الخبر الفادح، ويقصر الأيدي عن التعزية بهذا الرَّزء الفادح.
رحمك الله ياأباسعد قد كنت صالحاً في دينك كريماً في أخلاقك صادقاً في نفعك لأهلك وأصحابك وفياً لبلدك وخدمة الناس حتى لو كلفك ذالك حياتك يصدق فيك قول أبي فراس:

تهون علينا في المعالي جسومنا....ومن خطب الحسناء لم يغلها المهر

لكن مايجبر عزاءنا في خالد وصاحبه راجح أنهم قُبضوا على عمل صالح وأعظم الأعمال الصالحة ماكان نفعه متعدي فإبعاد الأذى عن الناس وإنقاذهم من الأخطار عملٌ عظيم عند الله كما قال صلى الله عليه وسلم في الرجل الذي أزاح غصن شجرةٍ كانت في طريق المسلمين أن الله أزاحه من نار جهنم فما بالك بمن يسعى في إنقاذ المصابين وإطفاء النيران وخدمة المضطرين فهذا أولى وأولى بالثواب وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم(إذا أراد الله بعبدٍ خيراً استعمله) قال الصحابة كيف يستعمله يارسول الله قال ( يوفقه إلى العمل الصالح ثم يقبضه عليه ) صحيح الجامع.

ومما يجبر عزاءنا كذالك أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال في الحديث الصحيح ( الحريق شهيد) الحديث.
وقد مات خالد وصاحبه من أثر الحريق فنرجو لهم الشهادة.
ومما يجبر عزاءنا شهادة القريب والبعيد بالخيرية والشهامة لهما وقد جاء في الحديث الصحيح أن الرسول ( مرّت عليه جنازة فأثنوا عليها خيراً فقال( وجبت) ومرّت عليه جنازة أخرى فأثنوا عليها شراً فقال ( وجبت ) فقال الصحابة ماوجبت يارسول الله قال( الأولى أثنيتم عليها خيراً فقلت وجبت لها الجنة والثانية أثنيتم عليها شراً فقلت وجبت لها النار أنتم شهداء الله في الأرض) والكل يشهد لخالد وراجح بالخير فهنيئاً لهما هذا الخير.

ولايفوتني في هذا المقال الذي لايعطي الموضوع حقه إلا أن أسجل إعجابي وحبي الشديد للوالد منصور بن شليويح لثباته وصبره وإيمانه بالله. وأسأل الله عز وجل أن يصدق فيك حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم( إن الله لايرضى لعبده المؤمن إذا ذهب بصفيه من أهل الأرض فصبر واحتسب بثواب دون الجنة )صحيح سنن النسائي.

ويصدق فيك قول المتنبي:

وما كنت لأعيش بعد الأحبة سلوة....ولكنني للنائبات حمول

ماذا تصنع والبلاء نازل، والموت حكم شامل، وإن لم نعتصم بحبل الصبر، فقد اعترضنا على مالك الأمر، عليك بعزيمة الصبر ، وصريمة الجلد، فإنها في الدين حتم،وفي الرأي حزم ، واعلم بأن الميت لاترده نار تلهبُها من الهم على قلبك، ولايرجعه انزعاج تسلطّه بالحزن على جسدك، فخير لك من ذالك أن تفعل مايفعله الذاكرون وتقول( إن لله وإنا إليه راجعون)•الآية

قال الشاعر:

الموت باب وكل الناس داخله .... ياليت شعري بعد الباب ما الدار
الدار جنةُ عدن إن عملت بما.... يُرضي الإله وإن عصيت فالنار
هما داران ما للعبد غيرهما.... فأختبر لنفسك أي الدار تختار

آل شليويح الكرام نشهد بالله أنكم فقدتم رجلاً كريماً شجاعاً شمهاً قل نظيره في هذا الزمان.

لسان حالكم يقول:

لعمرك ما الرزيّة فقد مالٍ.... ولاشاةٌ تموت ولابعيرُ
ولكنّ الرزية فقد حرٍ.... يموت بموته خلقٌ كثيرُ

لكني أذكركم قول المصطفى صلى الله عليه وسلم( من أصابته مصيبة فقال اللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي خيراً منها إلا أخلف الله له خيراً منها ). فاعملوا جاهدين على أن تُخرجوا من سعد وهيف خالد منصور آخر وأرجو من الجميع المعذرة لعدم الوفاء بحق هذا البطل ولكن لانقول إلا(إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن ولانقول إلا مايرضي ربنا وإنا على فراقك يا أباسعد لمحزونون)

سرور بن مذكر الحذران