مجالس العجمان الرسمي - بذرة الفتنه .( الغيبة )

أكتب اليكم اليوم في أمر هام وخطير يقع فيه البعض دون أن يدري ولكنه من أعظم الذنوب ألا وهو الغيبة
قال الله تعالى : " ولا يغتب بعضكم بعضا ؛؛ أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه "
وقال الرسول عليه الصلاة والسلام : " لا تحاسدوا ولا تباغضوا ولا تناجشوا ولا تدابروا ؛؛؛ ولا يغتب بعضكم بعضا وكونوا عباد الله إخوانا "
فالغيبة من أقبح القبائح ولا يسلم منها إلا القليل ..... وقد حدد النبي مفهومها لأصحابه فقال لهم : " أتدرون ما الغيبة ؟؟ قالوا : الله ورسوله أعلم . قال : ذكرك أخاك بما يكره . قيل : أفرأيت إن كان في أخي ما أقول ؟ قال : إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته ؛ وان لم يكن فيه ما تقول فقد بهته " .
وما يكرهه الإنسان خلقه وخلقه وكل ما يخصه ؛؛؛ فالغيبة هي شهوة الهدم للآخرين ؛ هي شهوة النهش في أعراض الناس وكرامتهم وحرماتهم وهم غائبون . إنها دليل على الخسة والجبن ؛ لأنها طعن من الخلف ؛ وهي من مظاهر السلبية ؛ فان الاغتياب جهد من لا جهد له .
قال الله عز وجل : " ألم نجعل له عينين ولسانا وشفتين " فاللسان نعمة كبيرة من نعم الله على العبد ؛ ولكن الخطر يكمن في إساءة استخدام هذه النعمة لغير ما خلقت وسخرت له ؛ وقد صح عن النبي أنه ضمن الجنة لمن ضمن لسانه من الزلل والتعدي .
فاللسان هو الجسر الذي ينتهي بالعبد إما إلى الجنة وإما إلى النار ؛ فهو سبيل النجاة ؛ وطريق الهلاك ؛ وهو عنوان السعادة ؛ ودليل الشقاء ؛ به يذكر العبد ربه ويشكره ويثني عليه ويتلو كتابه ويصلي ويسلم على نبيه عليه الصلاة والسلام ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ؛ ويقول الحق ويأمر بالصدق .
وبه كذلك يكذب ويغتاب ويشهد شهادة الزور ويسب ويلعن ويقول القبيح من الكلام ويتكلم بالباطل ويأمر بالفسق وينهى عن العدل .
وكثير من الناس يظن أن أمر اللسان هين ؛ وأنه لا رقيب عليه في كلماته ؛ أو أنه لا يؤاخذ بما يتكلم به ....... وربنا يقول : " ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد " فالغيبة تورث التقاطع بين المسلمين ؛ والمغتاب يرى العيب في غيره وان صغر ؛ ولا يراه في نفسه وان كان كثيرا ؛؛؛ وصدق المثل " من قال لك قال عليك "
وقال الشاعر :
احفظ لسانك أيها الإنسان لا يلدغنك انه ثعبان
كم في المقابر من قتيل لسانه كانت تهاب لقاءه الشجعان
وهناك أسباب باعثة على الغيبة كأن يشفي الغيظ أو موافقة الإقران ومساعدتهم في الكلام ؛ أو ينسب لأحدهم شيء فيريد أن يتبرأ منه فيذكر الذي فعله ؛ أو إرادة التصنع والمباهاة والحسد واللعب والهزل وتمضية الوقت بالضحك والسخرية والاستهزاء ؛؛؛ فمن كان منا في مكان يغتاب فيه فليحاول بقدر استطاعته أن ينهى عن ذلك ؛؛؛ فكم نرى من رجل متورع عن الفواحش والظلم ولكنه يغتاب الأحياء والأموات ؛ ولا يبالي بما يقول ؛؛ ولا يدري هؤلاء أن كلمة واحدة يمكن أن تحبط أعمالهم وتوبق دنياهم وآخرتهم .
قال عليه الصلاة والسلام : " إن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين فيها يزل بها في النار أبعد ما بين المشرق والمغرب "
وقال الرسول عليه الصلاة والسلام : " لما عرج بي إلى السماء مررت بقوم لهم أظفار من نحاس يخمشون بها وجوههم وصدورهم ؛ فقلت : من هؤلاء يا جبريل ؟؟ قال : " هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ويقعون في أعراضهم "
وقال ابن عباس : إذا أردت أن تذكر عيوب صاحبك فاذكر عيوبك . وقال أبو هريرة : يبصر أحدكم القذى في عين أخيه ولا يبصر الجذع في عين نفسه .
فحذار حذار من هذه الآفة البشعة والتي تعرض لسخط الله والتي هي محبطة للحسنات يوم القيامة ؛؛ فينبغي على المؤمن أن يتعاهد لسانه بالتنقية والتطهير ؛ ولا يتكلم إلا للاستعانة في تغيير منكر ورد العاصي إلى منهج الصلاح ؛؛؛ وعلى المغتاب أن يندم ويتوب إلى الله تعالى فان التوبة تجب ما كان قبلها .
قال رسول الله عليه الصلاة والسلام : " لا تكثروا الكلام بغير ذكر الله ؛ فان كثرة الكلام بغير ذكر الله تورث قسوة القلب وان أبعد الناس من الله القلب القاسي "
وعن عقبة بن عامر .. قال : قلت يا رسول الله : ما النجاة ؟ قال : " أمسك عليك لسانك ؛ وليسعك بيتك ؛ وابك على خطيئتك "
" اللهم اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين "

اخلص التحايا