مجالس العجمان الرسمي

مجالس العجمان الرسمي (http://www.alajman.ws/vb/index.php)
-   المجلس العــــــام (http://www.alajman.ws/vb/forumdisplay.php?f=6)
-   -   قبسات من"أضواء البيان .." للإمام الشنقيطي (12) (http://www.alajman.ws/vb/showthread.php?t=80702)

محمود المختار الشنقيطي 21-12-2020 11:45 AM

قبسات من"أضواء البيان .." للإمام الشنقيطي (12)
 
قبسات من"أضواء البيان .." للإمام الشنقيطي (12)


كتب الشيخ،رحم الله والديّ ورحمه :
*
(قوله تعالى" ۖ فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ۚ "
ظاهر هذه الآية الكريمة – بحسب الوضع اللغوي – التخيير بين الكفر والإيمان،ولكن المراد من الآية ليس هو التخيير،وإنما المراد بها التهديد والتخويف،والتهديد بمثل هذه الصيغة التي ظاهرها التخيير أسلوب من أساليب اللغة العربية. والدليل من القرآن العظيم على أن المراد في الآية التهديد والتخويف : أنه أتبع ذلك بقوله :" ۚ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا ۚ وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ ۚ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا "وهذا أصرح دليل على أن المراد التهديد والتخويف،إذ لو كان التخيير على بابه لما توعد فاعل أحد الطرفين المخير بينهما بهذا العذاب الأليم. وهذا واضح كما ترى.){ جـ 4 ص 119 – 120"أضواء البيان"}.
قال "مقتبسه"غفر الله لوالديه وله وللشيخ :
أشار الشيخ – رحم الله والديّ ورحمه – هنا إلى التخيير في هذه الآية الكريمة "بحسب الوضع اللغوي" .. وقد تبادر إلى ذهني .. أن "التخيير" الذي هو على بابه .. ولا يُتوعد من اختار أحد الأمرين المعروضين – و إن كان بغير لفظ"من شاء" - نجده في قوله تعلى : " إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ ۖ"الأحزاب 72
هنا لا يوجد وعيد للسماوات والأرض والجبال .. فهذا "تخيير" بحسب الوضع اللغوي .. ولكن بعد أن "حمل الإنسان الأمانة" فقوله تعالى : " ۖ فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ۚ ".. مع تحمل "الإنسان" نتيجة ذلك الاختيار .. إذ لا قيمة لـ"إيمان"أجبر عليه الإنسان .. أو اختاره من باب الاحتياط .. ولم يلامس قلبه .. ولا يقينه .. وهنا جاء بعد " ۖ فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ۚ "قوله تعالى :" " ۚ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا ۚ وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ ۚ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا "ليكون من اختار "الكفر"- والعياد بالله – على بصيرة من أمره.
أما الذي لامس الإيمان قلبه .. فقد وعده سبحانه وتعالى بـ"أُولَٰئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا مِّن سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُّتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ ۚ نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقًا".
ولعل ما يبين هذا قوله تعالى:"لا إكراه في الدين".. ويعقبها أيضا"قد تبين الرشد من الغي".. وأيضا الوعد للرشد .. والوعيد للغي.
ويقول جل من قائل سبحانه وتعالى :
" ۗ أَفَمَن يُلْقَىٰ فِي النَّارِ خَيْرٌ أَم مَّن يَأْتِي آمِنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۚ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ ۖ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ " 40 فصلت. ومحل الشاهد " اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ"والتي قدمت نتيجة "العمل" : يلقي في النار أو يأتي آمنا يوم القيامة : ثم خاطب سبحانه وتعالى البشر " اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ "وكل سيلقى جزاء عمله... والأمر نفسه يتكرر في قوله تعالى" ذَٰلِكَ الْيَوْمُ الْحَقُّ ۖ فَمَن شَاءَ اتَّخَذَ إِلَىٰ رَبِّهِ مَآبًا" 39"النبأ" ويليها ،في الآية رقم"40" : " إِنَّا أَنذَرْنَاكُمْ عَذَابًا قَرِيبًا"
سبق أن كتبتُ كُليمة تحت عنوان "هل الإنسان مخير حتى في الآخرة؟"
إذ أن الكافر بعد ذاق طعم الموت .. وعاين حياة"البرزخ" .. والحياة بعد الموت .. والحشر .. ومع ذلك فهو يملك "حرية الكذب" على الله سبحانه وتعالى :" ثُمَّ لَمْ تَكُن فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَن قَالُوا وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ"ومن الكفار من ينكر ما نُسب إليه ..
وكما جاء في التفسير أن المؤمن يقر بذنبه .. فيسرته الله تعالى عليه .. ويغفر له (ويدعى الكافر والمنافق للحساب،فيعرض عليه عمله فيجحده،ويقول أي رب،وعزتك لقد كتب عليّ الملك ما لم أعمل،فيقول له الملك : أما عملت كذا في يوم كذا في مكان كذا؟ فيقول : وعزتك أي رب،ما عملته ،فإذا فعل ختم على فيه).
"الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَىٰ أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ "
إن امتلاك الكافر والمنافق "حرية"الكذب في ذلك اليوم الرهيب .. لافت للنظر!
وفي الهامش : مما يلفت النظر أيضا أن بعض المسلمين يقول في دعائه : إذا شهدت عليّ أعضائي!!
أطلتُ.. ومع ذلك بقي في نفسي شيء .. استعمال القرآن الكريم .. لفظة"سيق" للكفار .. وللمؤمنين .. وما تشي به "سيق" من إجبار وزجر .. وهذا واضح في فريق يُساق إلى "النار" – أجارنا الله تعالى،وإخواننا المسلمين منها – وقد استعملت أيضا في الفريق الذي يُذهب به إلى الجنة .. جعلنا الله – سبحانه وتعالى – من الذين يساقون إليها،وجميع إخواننا المسلمين .. أعني قوله تعالى :" وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَىٰ جَهَنَّمَ زُمَرًا ۖ"وقوله تعالى :" وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا ۖ"
كتب الشيخ،رحم الله والديّ ورحمه :
*
(وقوله"رجلا"أي ذكرا بالغا مبلغ الرجال،وربما قالت العرب للمرأة : رجلة،ومنه قول الشاعر :
كل جار ظل مغتبطا غير جيران بني جبله
مزقوا ثوب فتاتهم لم يرحموا حرمة الرَّجله .){ جـ 4 ص 144"أضواء البيان"}.
كتب الشيخ،رحم الله والديّ ورحمه :
*
(وقوله في هذه الآية الكريمة :" فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا "أي لم نترك. والمغادرة : الترك،ومنه الغدر ،لأنه ترك الوفاء والأمانة. وسمي الغدير من الماء غديرا،لأن السيل ذهب وتركه. ومن المغادرة بمعنى الترك قول عنترة في مطلع معلقته :
هل غادر الشعراء من متردم أم هل عرفت الدار بعد توهم ){ جـ 4 ص 145"أضواء البيان"}
كتب الشيخ،رحم الله والديّ ورحمه :
*
(معنى قوله:"خفت الموالي"أي خفت أقاربي وبني عمي وعصبتي : أن يُضيعوا الدين بعدي،ولا يقوموا لله بدينه حق القيام،فارزقني ولدا يقوم بعدي بالدين حق القيام. وبهذا التفسير تعلم أن معنى قوله "يرثني"أنه إرث علم ونبوة،ودعوة إلى الله وقيام بدينه،لا إرث مال. ويدل على ذلك أمران :
أحدهما : قوله:"ويرث من ءال يعقوب"ومعلوم أن آل يعقوب انقرضوا من زمان،فلا يورث عنهم إلا العلم والنبوة والدين.
والأمر الثاني: ما جاء من الأدلة على أن الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم لا يورث عنهم المال،وإنما يورث عنهم العلم والدين..){ جـ 4 ص 260 – 261"أضواءا البيان"}.
كتب الشيخ،رحم الله والديّ ورحمه :
*
(وقوله في هذه الآية الكريمة عنها :"وكنت نسيا منسيا"النَّسي والنِّسي – بالكسر والفتح – هو ما من حقه أن يطرح وينسى لحقارته (..) وكالوتد،والعصا،ونحو ذلك. ومن كلام العربي إذا ارتحلوا عن الدار قولهم : "انظروا أنساءكم"جمع نَسْي،أي الأشياء الحقيرة التي من شأنها أن تترك وتنسى كالعصا والوتد. فقولها:"وكنت نسيا منسيا"أي شيئا تافها حقيرا من حقه أن يترك وينسى عادة. وقولها :"منسيا"تعني أن ذلك الشيء التافه الذي من عادته أن يترك ويُنسى قد نُسي وطُرح بالفعل فوجد فيه النسيان الذي هو حقه. ){ جـ 4 ص 305 – 306"أضواء البيان"}.
كتب الشيخ،رحم الله والديّ ورحمه :
*
(تنبيه :
قراءة "مِت" بكسر الميم كثيرا ما يخفى على طلبة العلم وجهها،لأن لغة"مات يموت"لا يصح منها "متُ"بكسر الميم. ووجه القراءة بكسر الميم أنه من"مات يمات"كخاف يخاف،لا من"مات يموت،كقال يقول. فلفظ"مات"فيها لغتان عربيتان فصيحتان،الأولى منهما : "مَوَت"بفتح الواو فأبدلت الواو ألفا على القاعدة التصريفية ..(..) الثانية منها"مَوِت"بكسر الواو،أبدلت الواو ألفا للقاعدة المذكورة آنفا.ومضارع هذه"يمات"بالفتح،لأن"فَعِل"بكسر العين ينقاس في مضارعه "يَفْعَل"بفتح العين (..) وأما "مات يميت"فهي لغة ضعيفة . وقد أشار إلى اللغات الثلاث الفصيحتين والردية {هكذا بالياء : محمود} بعض أدباء القطر الشنقيطي في بيت رجز وهو قوله:
مِنْ مَنَعَت زوجهُ منه المبيت مات يموت ويمات ويميت )){ جـ 4 ص 306 – 308"أضواء البيان}.
كتب الشيخ،رحم الله والديّ ورحمه :
*
(واعلم أولا أن لفظ"ما كان"يدل على النفي،فتارة يدل ذلك النفي من جهة المعنى على الزجر والردع،كقوله تعالى:" مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُم مِّنَ الْأَعْرَابِ أَن يَتَخَلَّفُوا عَن رَّسُولِ اللَّهِ" الآية. وتارة يدل على التعجيز،كقوله تعالى :" ۗ آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ* أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنزَلَ لَكُم مِّنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَّا كَانَ لَكُمْ أَن تُنبِتُوا شَجَرَهَا ۗ " الآية. وتارة يدل على التنزيه :كقوله تعالى هنا :"ما كان لله أن يتخذ ولدا" وقد أعقبه بقوله :"سبحانه"أي تنزيها له عن اتخاذ الولد وكل ما لا يليق بكماله وجلاله،فقوله :"ما كان لله"بمعنى ما يصح ولا يتأتى ولا يتصور في حقه جل وعلا أن يتخذ ولدا ،سبحانه وتعالى عن ذلك علوا كبيرا.){ جـ 4 ص 348"أضواء البيان"}.
كتب الشيخ،رحم الله والديّ ورحمه :
*
(العرب تقول :
باركك الله ،وبارك فيك،وبارك عليك،وبارك لك،فهي أربع لغات.قال الشاعر :
فبوركتَ مولودا وبوركتَ ناشئا وبوركتَ عند الشيب إذ أنت أشيب
وقال أبو طالب بن عبد المطلب يرثي مسافر بن أبي عمرو بن أمية :
ليت شعري مسافر بن أبي عمـــــر وليت يقولها المحزون
بورك الميت الغريب كما بورك نبع الرمان والزيتون ){ جـ 4 ص 371"أضواء البيان" }.


إلى اللقاء في الحلقة القادمة .. إذا أذن الله.


محمود بن محمد للمختار الشنقيطي المدني


الوقت في المنتدى حسب توقيت جرينتش +3 الساعة الآن 10:45 PM .

مجالس العجمان الرسمي