المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أربعون عاما في الكويت : فيلويت ديكسون(أم سعود)"13"


محمود المختار الشنقيطي
17-04-2013, 10:59 AM
أربعون عاما في الكويت : فيلويت ديكسون(أم سعود)"13"
بعد تلك (الرحلة النسوية) بالطائرة قالت "أم سعود" .. ( وعندما عدنا إلى الظهران ذهبت في ذلك المساء حوالي الساعة التاسعة،لأقدم تحياتي للأميرة سارة زوجة سمو الأمير سعود بن جلوي أمير المنطقة الشرقية في الدمام. وكانت الأميرة سارة،وهي ابنة سمو الأمير عبد العزيز بن مساعد بن جلوي،أمير منطقة الحدود الشمالية (حايل)،,قد علمت أنني قد أتيت زائرة من الكويت وأنني أرملة الكولونيل ديكسون (أبو سعود) الذي كان معروفا جيدا لدى الأمير. وقد استقبلتني الأميرة بترحاب بالغ في شقتها. وكانت ترتدي زيا سعوديا حديثا مكونا من تنورة طويلة من الحرير اليابس المزركش بالزهور وتضع صدارا منفصلا ضيقا من لون مختلف. وحول رأسها وجهها ورقبتها كانت ترتدي ملفعة سوداء رقيقة.
وبعد يوم أو يومين ذهبت مرة أخرى إلى الرياض،وهذه المرة عن طريق البر،وكنت بحصبة السيدة بندلتون والآنسة فوب مار. لقد تركنا الظهران حوالي الساعة السابعة والنصف صباحا،وكان توقفنا الأول عند الكيلو 280 قبل وصولنا رمال الدهناء،حيث وجدنا هناك مبنى قد أعد كاستراحة للمسافرين تحت إشراف السيد القصيبي وهو من سكان مدينة الدمام،وقد زودت هذه الاستراحة بغرفة واسعة مكيفة لتقديم المرطبات للمسافرين من الرجال ويوجد كذلك غرفة أخرى منفصلة للنساء،وقد استقبلنا السيد القصيبي بنفسه.(..) وبعد قليل من مغادرتنا منطقة خريس وقعنا في مشكلة إذ وجدنا أمامنا مجموعة من سيارات النقل قد توقفت وسدت الطريق مما اضطرنا لتوقف حيث وجدنا جزء من الطريق قد كسر وثلاث سيارات نقل متجهة شرقا وثلاث سيارات نقل أخرى متجة قربا وقد التصقت مع بعضها. وعندما حاول سائق سيارتنا أن يتخطاها بدأت السيارة تغوص عميقا في الرمال الحمراء. وببطء استطاعت بعض السيارات أن تعود إلى الطريق بمساعدة كتل الأخشاب والأعمدة التي كانت تحملها لحسن الحظ. وبعد ذلك جاء جميع السائقين لمعاونتنا،وسرعان ما دفعونا إلى الطريق المعبد وبعد هذا الحادث المؤسف سارت الأمور على ما يرام باستثناء سقوطنا في حفرة ونحن نسير بسرعة 60ميلا في الساعة،ولحسن الحظ أيضا لم يصب أحد منا بسوء واقتصرت الأضرار على خلخلة أنبوب العام (الإكزوز) (..) وعندما انتهينا من تناول الغداء ذهبنا إلى منزل السيد مايك أمين،وهو سعودي الجنسية أمريكي الأصل بعمل في شركة أرامكو،وكنا سنقيم معه،وكان السيد أمين يسكن في منزل جديد به حديقة قرب صخرة المحروق وهي قنطرة طبيعية تعتبر من المعالم الشهيرة على مشارف الرياض.
وفي الوادي،قمنا بزيارة حديقة صغيرة كانت مزروعة بالقمح والبرسيم وكان هناك لبناني مسئول عن آلة الضخ،ومن بركة كبيرة كان الماء الحلو يجري عبر قنوات. وعلى مسافة أبعد من الوادي كانت تقع مباني الحديقة الحكومية للحيوانات،ومنطقة كبيرة خضراء مزروعة بالشعير والبرسيم.(..) وفي عصر اليوم التالي اقترحت السيدة ميتز أنه طالما أنني لم أدخل قصر الناصرية الخاص بالملك سعود،من قبل فإنه يمكنني أن أرافقها إلى هناك وأدخل معها في سيارتها من خلال باب الحريم حيث إن سائقها وسيارتها كانا معروفين هناك ويلقيان الترحيب. ولم يكن يسمح لأي شخص أو سيارة غريبة بالدخول من تلك البوابة.
وقصر الناصرية كما يسمى،مشيد خراج مدينة الرياض القديمة ومحاط بأسوار عالية تمتد على مسافة أربعة كيلومترات مربعة،تضاء ليلا بواسطة مصابيح كهربائية مثبتة على الأسوار (..) وكان صاحب الجلالة الملك سعود له أربع زوجات تقطن كل واحدة منهن قصرا مستقلا داخل منطقة الحريم. كما كانت للأميرة أم سعود والدة الملك قصرا هناك أيضا. وحول هذه القصور كانت هناك حدائق نزهة وبحيرة كان عليها قوارب تعمل بالكهرباء يتسلى بها أطفال الملك. وكانت المباني الأخرى القريبة مخصصة للوصيفات،والعاملات بالقصر،وكانت المنطقة بأكملها محاطة بسور مرتفع،ولها بوابة محروسة داخل السور الخارجي. وكان قصر الملك الخاص ملاصق للحريم،ولكن كان بالقرب منه منزل أبيض اللون وأصغر حجما،يفضل الملك أن يقطنه في هذه الأيام.(..) وفي الحدائق أيضا أربعون مقصورة يقطنها الأمراء وعائلاتهم واثنا عشر منزلا صغيرا يعيش فيها الخدم والأمراء الصغار الذين يتلقون العلم في مدرسة القصر الخاصة. في كل يوم بعد انتهاء الدراسة يقضي هؤلاء الغلمان بعض الوقت في منازلهم مع صقورهم وبنادقهم. يصدرون الأوامر ويثرثرون مع خدمهم البدو.
وفي داخل الناصرية يوجد مستشفى يتسع لخمسة وعشرين سريرا ويديره طبيب ألماني هو دكتور ليجلر الذي كان لديه منزل بديع على مسافة من المستشفى.
في ذلك المساء تناولت الطعام في فندق اليمامة بالرياض كضيفة على جون جاسبيرتي الذي كان يعمل في وزارة البترول والثروة المعدنية في جدة. وقد شربنا بيرة بدون كحول وعصير طماطم وتناولنا طعاما ممتازا في حوالي الساعة الواحدة مساء بالتوقيت العربي(الذي يعتبر بموجبه غروب الشمس هو الساعة الثانية عشرة). {الحقيقة أنه لا يوجد "توقيت عربي" .. فحين يؤذن المغرب تجد الجميع يخرجون ساعاتهم،ويضبطونها على الثانية عشرة!! بمعنى أنه إذا أذن المغرب أصبحت الساعة الثانية وعشرة .. وليس العكس!! وهو مستحيل .. أن يؤذن المغرب كل يوم في نفس اللحظة!!،ويؤذن العشاء كل يوم الساعة الواحدة والنصف!! - محمود} وكان من بين الضيوف السيد جلين براون يعمل في المجلس الأعلى للتخطيط،والسيد كارول براديوري من شركة براد يوري وزملائه التي كانت تأمل تتولى دراسة مصادر المياه في بالمملكة والسيد واجنر من شركة واجنر وزملائه في ميونخ التي كانت تأمل في تولي عملية للطرق في الحجاز والسيد عركان عبادي وهو زميل عراقي للسيد واجنر.
في الساعة الرابعة والنصف (العاشرة بتوقيت غرينتش) دعيت لمرافقة السيدة ميتز وسيدات أخريات في زيارة للأميرة حصة بنت سعود (ابنه الملك سعود) ولم تكن هذه الأميرة تسكن اخل قصر الناصرية بل كان لديها فيلا حديثة خاصة بها على مشارف المدينة. وكانت سيدة تهوى الأسفار والرحلات،وفي ذلك الوقت كانت مطلقة وتعيش مع مرافقتها. كما كانت هذه الأميرة أيضا تحتل مكانة بارزة بين مشجعي تعليم الفتيات،وقد أدى هذا التشجيع إلى فتح العديد من مدارس البنات في الرياض. وقد عبرت الأميرة عن فرحتها بالبنايات الحديثة والمحلات التجارية في المدينة،وعلقت على قولي بأنني قد زرت الرياض قبل خمسة وعشرين عاما بقولها "لم تكن جميلة في ذلك الوقت".
وفي الصباح التالي ذهبنا إلى الهفوف. وهناك زرنا عائلة خليفة الملحم الذي كان رئيسا سابقا لمجلس بلدية الهفوف،كما قمنا بزيارة الشيخ يوسف المبارك {في الهامش : "من أشهر مؤرخي المملكة العربية السعودية. تعرفت إليه في الأحساء سنة 1951م. وينتمي إلى أسرة آل المبارك أسرة العلم والأدب والشعر". .. (سيف الشملان).} وهو عجوز مرح تلا علينا الكثير من أمثال العرب وأقوالهم المأثورة.){ص 338 - 344}.
رغم أن المؤلفة انتهت من الفصل الثالث عشر (رحلات حول الأحساء والرياض)،ودخلت بنا إلى الفصل الرابع عشر (في مضارب بني مرة)،إلى أنها بدأت بهذه الرحلة .. ( كان شتاء 1964 في مدينة الكويت هو أبرد شتاء يمر بها منذ أربيعن عاما. فقد كانت درجة الحرارة تبلغ حد التجمد إلى حد لم أعرفه خلال الخمسة والثلاثية عاما التي عشتها في الكويت. وفي الصحراء كان الصقيع قارسا جدا ما سبب بعض الوفيات نتجية التعرض للعوامل الجوية. وذات صباح شديد البرودة في شهر يناير قررت أن أسافر إلى الظهران {أيضا؟!! ما حكايتها مع الظهران؟!! - محمود} بالطريق البري. وقد سافرنا عن طريق الخفجي إلى جمرك الزرقاني السعودي حيث فحصت أمتعتنا ثم واصلنا طريقنا إلى المشعاب الذي كان سابقا ميناء المشعاب لكل مواد التابلاين أما الآن فقد أصبح مهجورا إلا من حارس يجلس في كوخ وقد بدا منظر المشعاب خلابا وكأنه صورة"سلايد"فقد كان برج الرافعة القديمة (التي كانت تستخدم في تفريغ الأنابيب من السفن) ينتصب في السماء وقد امتدت أحد أذرعه إلى الجزيرة الصناعية في البحر حيث كانت السفن تقف في الماضي. وذات يوم بعد بداية مبكرة في الساعة الخامسة صباحا قمنا بزيارة أخرى للهنات وثاج.{أيضا؟!! - محمود} وفي رحلة أخرى تنزهنا بين الكثبان الرملية في الجبيل. وفي رحلة ثالثة قضينا يوما كاملا في الهفوف في زيارة للمزارع والبساتين التي أتلفها الشتاء القارس فقد تلفت معظم محاصيل الذرة الحلوة والطماطم .. إلخ .. وقد شاهدنا أيضا محطة تعبئة التمور التي يمتلكها محمد أحمد العرفج،وتناولنا طعام الغداء بجوار غدير ماء جار في حديقة الأمير عبد المحسن بن جلوي. وقبل العودة زرنا عين نجم المعروفة ورأينا مجموعة من الفتيات الجميلات والنساء يجلسن في بركة ماء حار يتصاعد منه البخاار في الجزء المنعزل والمحجوز للنساء فقط. وكان بعض منهن يغسلن شعرهن وبعض الآخر يمشكن ويضفرن شعور الأخريات وكن جميعا يرتدين أثوابا سوداء رقيقة تغطي أجسادهن العارية،حتى ألئك اللواتي كن يجلسن فقط في الماء الصافي ويثرثرن.){ص 347 - 348}.
لا جديد بعد رحلة يناير .. (وفي صباح يوم 27 فبراير 1964 انطلقت مع رفاقي،بمن فيهم ناصر إلى الصمان وهي منطقة تكثر فيها التلال في المملكة العربية السعودية وقد كنا خارجين في تلك الرحلة للبحث عن قوم ناصر مرة أخرى (..) وفي حولاي موعد صلاة الظهر،عندما صعدنا تلا رمليا صغيرا بين التلال المنخفضة،رأينا المنظر المألوف لخيام المريين الثمانية التي كانت تنتصب في واد أسفلنا. (..) في تلك لليلة تناولنا طعام العشاء تحت ضوء القمر وكان الجو باردا. وكان ناصر قد ذهب بالسيارة وأحضر خروفا صغيرا من القطيع الذي كان على مسافة من المعسكر،كما ساعد في ذبحه وسلخه وإعداده للعشاء. وكان أهل ناصر لا يزالون يستعملون الماء الذي أحضرته الشاحنة مؤخرا من البحيرة الجافة التي زرناها،وكان الماء يحمل مذاق بول الإبل في كل من الشاي والقهوة.(..) وقد أخبرت جابر أنه على الرغم من أنني في مرات عديدة قد أكلت السحالي الكبيرة وثعلب الصحراء إلا أنني لم آكل أرنبا بريا أثناء إقامتي في الصحراء وسألته إن اصطادت كلابه السلوقية أرنبا أن يطبخه لي. وأضفت أنني أيضا أرغب جدا في محاولة أكل اليربوع مرة،بأي ثمن. وعندما جلسنا لتناول طعام الغداء في خيمة راشد حضر جابر حاملا أرنبا مطبوخا على صينية فهجمنا عليه أنا وناصر وهادي التهمناه بسرعة،وقد كان شهي الطعم جدا (أما علي فلم يلمسه لأنه شيعي المذهب).
ولم نكد نهضم الأرنب البري،حتى جاء جابر مرة أخرى يحمل إليّ يربوعا حديث الذبح. وقد تطوع ناصر بشيه في رماد نار القهوة الحار. وبعد برهة قلبه بملقاط ودفنه في الرماد مرة أخرى. وسرعان ما نضج اليربوع فرفعه ناصر من الرماد وطرحه على السجادة،ثم كسر عظمة الذيل الطويلة وألقاها بعيدا ثم أزال بأصابعه الرماد عن اليربوع وأزال عنه ما تبقى من الجلد والفراء ثم كسر الساقين والذراعين وأعطاهما لي واقتسم الباقي مع هادي،بما في ذلك العظام وكل شيء.
وقد استمتعت بأكل نصيبي من اليربوع على الرغم من أن رائحته كانت نفاذة وغير عادية. وقد تذكرت ما قاله دوغتي لأصدقائه العرب : "إن بعضكم يأكل البوم،والبعض يأكل الأفاعي والسحالي وكلكم تأكلون السحالي الكبيرة والجراد وفار الربيع .." وفأر الربيع هو اليربوع طبعا. والبدو الذين قابلتهم لا يأكلون الثعابين أبدا أما الجراد فقد استمتعت بأكله معهم في مناسبات عديدة.
وفي صباح اليوم التالي أعدت العائلة قربة ماء،وبعض اللبن والتمر وبعض الأرز حملناه معنا في السيارة وانطلقنا وكنت أحمل معي بندقيتي وبعض الخراطيش على أمل أن نجد طرائد نصطادها. وقد سلكنا طريقا يؤدي إلى تلال صخرية منبسطة باتجاه الدحل { في الهامش : "الدّحل بتشديد الدال تجويف في الأرض يكون به الماء الحلو وهناك الدّحل الكبير والدّحل الصغير". .. ( سيف الشملان)}الذي كنت أريد أن أزوره. ولم يكن محمد متأكدا من الاتجاه حيث إن عاصفة رملية كانت قد هبت عند ما ذهب في المرة السابقة وأثناء العودة كان الظلام قد حل. وقد شاهدنا سيارة وانيت حمراء على مسافة غير بعيدة بجوار ناقة كانت قد ولدت لتوها،فقدنا السيارة إليها.
ترجل من السيارة شيخ مطيري طويل القامة يحمل بندقية،وكان ملثما جيدا،ويتبعه رجلان،وقد سألناه عن الطريق إلى دحل أم القرون فعرض علينا أن يرافقنا إلى هناك لأن العثور على ذلك المكان لم يكن سهلا حيث كان مدخله على قمة مرتفع صغير. وقد نزل علي ومحمد ودخلا النفق المظلم بينما بقيت أنا على القمة راجية ألا يضلا الطريق،وقد وصلا الماء على أية حال،وتخبطا في الظلام وعادا سالمين. وفي نفس الوقت رأى الشيخ المطيري صفائح بترول حمراء كثيرة في سيارتنا فرجانا أن نعطيه بعض البترول حي صث إنه جاء ليعيد الناقة وصغيرها إلى النفود. وقد أوضحت له أنه ليس لدينا أكثر مما يكفي لإعادتنا إلى الكويت،ولكني أعطيته جالونين ونصفا. ولم يكن من اللياقة أن نسأله من يكون ولكننا اعتقدنا أنه ربما كان ابن عشوان الذي قتل رجاله في العام الماضي رجلا من عشيرة الشيخ ابن محيلب،وهناك خطر على حياته الآن. وهذا يفسر حمله البندقية وتلثمه بالكوفية حول وجهه.){ ص 348 - 351}.
إلى اللقاء في الحلقة القادمة .. إذا أذن الله.
س/ محمود المختار الشنقيطي – المدينة المنورة
((سفير في بلاط إمبراطورية سيدي الكتاب))

غصون
19-04-2013, 02:20 AM
تسلم وبارك الله فيك

تحياااتي وتقديري

محمود المختار الشنقيطي
20-04-2013, 08:19 AM
السلام عليكم .. وفيك بارك الله .. أختي الكريمة (غصون)... وتقبلي خالص تحياتي.
دمت بخير.

سمو الرووح
13-06-2013, 12:15 PM
كل الشكر والتقدير والاحترام لشخصك الكريم استاذنا / محمود المختاار الشنقيطي ولاهنت

محمود المختار الشنقيطي
22-06-2013, 09:22 AM
السلام عليكم .. ولا هنتِ أختي الكريمة (سمو الروح) .. تقبلي خالص تحياتي.
دمت بخير.