المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : طعام صلاة حب .. امرأة تبحث عن كل شيء (3)


محمود المختار الشنقيطي
14-11-2012, 09:32 AM
طعام صلاة حب .. امرأة تبحث عن كل شيء (3)




{"خلطة" كتب}


(5)
في الحكاية الخامسة،تتحدث (ليز) عن طلاقها :
(لو تسنى لي أن أعرف بأن الأمور سوف تتأزم على نحو خطير قبل أن تسوء،كما قالت ليلي توملين مرة،أشك بأنني كنت لأنام جيدا تلك الليلة. ولكن بعد سبعة أشهر مضنية،تركت زوجي بالفعل. وحين اتخذت القرار أخيرا،اعتقدت بأن الأسوأ قد فات. ولكنني على ما يبدو كنت أجهل الكثير عن الطلاق.
رأيت في مجلة ذا نيويوركر ذات مرة رسوما كرتونية لامرأتين،تقول إحداهما للأخرى :"إن أردت معرفة شخص ما على حقيقته،طلقيه". بالطبع،كانت تجربتي معاكسة. وكنت لأقول،إن أردت التوقف عن معرفة شخص ما،طلقيه. أو طلقها. لأن هذا ما حدث بيني وبين زوجي. أظننا صدمنا بعضنا بمدى السرعة التي انتقلنا بها من كوننا أكثر شخصين يعرفان بعضهما في العالم إلى غريبين يجهلان بعضهما تماما. (..) ظننت صدقا أنه حين أترك زوجي،سنتمكن من تسوية شؤوننا في بضع ساعات بآلة حاسبة مع شيء من الحس العام والنية الحسنة تجاه الشخص الذي أحببناه يوما. كان اقتراحي الأول أن نبيع المنزل ونتقاسم جميع الأملاك،ولم يخطر لي أبدا أن نفعل غير ذلك. إلا أنه لم يجد الاقتراح عادلا. فرفعت العرض،واقترحت ذاك النوع الآخر من القسمة بالنصف : يحصل هو على كل الأملاك وأنا على كل اللوم.{!!!!!!} ولكن حتى هذا العرض لم يلق قبولا. عندها أصبحت في موقف ضعيف. كيف تتفاوض بعد أن تكون قد عرضت التنازل عن كل شيء؟ كان علي انتظار عرضه المقابل الآن. في الواقع،منعني شعوري بالذنب لتركه من التفكير في أن لي الحق بالاحتفاظ بشيء من المال الذي جمعته طيلة العقد الفائت. كما أن الجانب الروحي حديث الاكتشاف لديّ دفعني إلى تجنب الدخول في نزاع معه. بالتالي،كان هذا موقفي. لن أدافع عن نفسي ضده ولن أتشاجر معه. وقاومت لأطول مدة ممكنة استشارة محام،على عكس ما نصحني به كل من حولي،لأنني اعتبرت ذلك إعلان حرب. أردت أن أكون غاندي أو نيلسون مانديلا في هذه القضية. ولم أدرك في ذلك الوقت أن كلا من غاندي ونيلسون مانديلا كانا محاميين.
مرت شهور وحياتي متوقفة وأنا أنتظر إطلاق سراحي،أنتظر لأرى ما ستكون الشروط.كنا نعيش منفصلين (إذ انتقل إلى شقتنا في منهاتن)،ولكن لم تحلّ الأمور،بل راحت الفواتير تتكدس وأعمالنا تتوقف والنزل يتحول إلى خراب ولا يسكر صمت زوجي سوى اتصالاته المتقطعة لتذكيري كم أنا مجرمة وسافلة.
ثم ظهر ديفيد.
أتت مأساة ديفيد لتزيد سنوات الطلاق الأليمة تعقيدا وكآبة.){ص 19 - 20}.
نختم هذه اللقطة من الحكاية الخامسة،بطبطبة (بُقول) على نفسها!!!!!! وهذا التشبيه الطريف:
(نظرا لكوني المخلوق الأكثر حنانا على وجه هذا الكوكب،إلا أنني كنت أمر بأسوأ الظروف.كنت مكتئبة ومستقلة وبحاجة إلى العناية أكثر من ثلاثة توائم ولدوا قبل أوانهم.){ص 23}.
هنا لابد من وقفة مع الطلاق في الغرب ... أعترف أن من عرفت الغرب عن طريقهم قد ضللوني – بصورة من الصور – فالذي أعرفه أن المرأة الغربية حصلت على حقوقها .. بل صُنعت قوانين تجامل المرأة على حساب الرجل،عند وقوع الطلاق. على سبيل المثال : كتب الدكتور نعمان السامرائي ،عن رجل – في بريطانيا - يعاشر امرأة دون زواج،ولديه منها أولاد فسئل :
( لماذا لا تتزوجها فتريحها وتريح الأولاد؟ فرد البريطاني بغضب : ولماذا أتزوجها؟ هي اليوم أنعم من الحرير،فإذا عقدت عليها تحولت إلى مخلوق آخر،إن القانون أفسدها كليا،فلو بقيت معها عشرات السنين بدون عقد،فهي لطيفة لينة،فإذا عقدت عليها فيمكن أن تطلب الطلاق خلال أسبوع،وإن تعذرت نكدت عليّ عيشي،وإن وقع الطلاق أخذت نصف أملاكي،وهذا القانون هو السبب في إفساد المرأة،عزوف الرجال عن إجراء العقد.){ جريدة الجزيرة العدد 8553 في 9/10/11416هـ = 28/2/1996م}.
في أمريكا يبدو أن الأمور تختلف من ولاية إلى أخرى،كما يبدو أن (الطلاق) تحول إلى وسيلة للثراء :
(مايكل دوغلاس دفع 100 مليون دولار .. واستالوني دفع 32 مليون دولار لزوجته الأولى،كما دفع ستة ملايين دولار لزوجته الثانية،ودفع سبيلبيرغ 100 مليون دولار .. ودفع كيفن كوستنر 80 مليون دولار ثمنا لطلاقه من سيندي بعد 16 عاما من الزواج وثلاثة أطفال.(..) بسبب المبالغ الطائلة التي يدفعها مشاهير هوليود في حال حدوث الطلاق يحاول الكثيرون منهم عدم الوقوع في فخ الزواج. (..) ففي هوليود كما في كاليفورنيا يتقاسم الزوجان الثروة عند حدوث الطلاق.){جريدة الهدف الكويتية العدد 1418 في 12/8/1995ز}.

(6)
نعود إلى قصة (ليز) وسعيها للتأقلم مع واقعها الجديد :
(طليت الجدران بالألوان التي وجدتها أكثر دفئا،وابتعت الأزهار لنفسي كل أسبوع،وكأنني أزور نفسي في المستشفى. كما قدمت لي شقيقتي كيسا للماء الساخن كهدية (لكي لا أنام وحيدة في سرير بارد) وقد نمت وأنا أضم ذاك الشيء إلى صدري كل ليلة،وكأنني أعالج إصابة رياضية.(..) فمع أن حياتي كانت لا تزال أشبه بحادث سير بين سيارات عديدة على طريق نيوجرسي في يوم شديد الازدحام،إلا أنني كنت أترنح على شفير حياة جديدة،أنا فيها سيدة نفسي. فحين كانت الأفكار الانتحارية حول طلاقي أو انفصالي عن ديفيد تفارقني،كنت أشعر بالسعادة في الواقع بسبب الوقت والمساحة اللذين أخذا يظهران في حياتي،بحيث كنت أسأل نفسي سؤالا جذريا جديدا : ماذا تودين أن تفعلي ليز؟"(..) أريد أن أتعلم الإيطالية.
منذ سنوات وأنا أرغب بتحدث الإيطالية،وهي لغة أجدها أجمل من الورود،ولكنني لم أجد يوما مبررا عمليا لتعلمها. لم لا أتعلم الفرنسية أو الروسية اللتين درستهما منذ سنوات؟ أو أتعلم الإسبانية التي تساعدني على التواصل مع ملايين الأمريكيين؟ بماذا ستنفعني الإيطالية؟فأنا لا أنوي الانتقال إلى هناك.ربما كان من العملي أكثر أن أتعلم العزف على الأكورديون.
لكن لِمَ يجب أن يكون لكل شيء في الحياة وظيفة عملية؟ كنت لسنوات عديدة أعمل كجنديّ متفان،أعمل،أنتج،أحترم وعودي،أعتني بأحبائي وبشؤوني المالية،أؤدي واجبي الانتخابي .. وغيرها من الواجبات.هل يفترض بنا أن نحيا لتأدية واجباتنا وحسب؟ وهل أحتاج في هذه المرحلة المظلمة إلى مبرر لتعلم الإيطالية عدا كونها الشيء الوحيد الذي يجلب لي السعادة في الوقت الحاضر؟ علما أنه ليس بالشيء الفاضح أن ترغب بتعلم لغة. (..) هكذا،انتسبت إلى أحد الصفوف التعليمية المستمرة (المعروفة أيضا بالمدرسة الليلية للمطلقات). وجد أصدقائي الأمر مثيرا للضحك. فقد سألني صديقي نيك مرة : "لماذا تدرسين الإيطالية"هل تفعلين ذلك تحسبا لقيام إيطاليا باجتياح أثيوبيا مجددا،ونجاحها هذه المرة،فتفاخرين عندها بأنك تتحدثين لغة تستعمل في دولتين بأكملهما؟".){ص 26 - 28}.
لا يصل الأمر حد الصدمة .. ولكن العجيب أن تكون المرأة الأمريكية تعاني من هزات ارتدادية بسبب الطلاق!! في بلاد الحرية والانفتاح!!! في الحكاية السابعة،تسعى المؤلفة للحصول على (مرشدة) روحية :

(7)
(.. دخلت شقة ديفيد،ورأيت على الرف صورة مشرقة لامرأة هندية جميلة،فسألته :"من هذه؟".
أجاب : "إنها مرشدتي".
توقف قلبي للحظة،ثم طار،وتعثر،ووقع على وجهه. بعدها قام ونفض الغبار عن نفسه وقال بعد أن أخذ نفسا عميقا : "أريد أن يكون لي مرشدة". أنا أعني ذلك فعلا حين أقول أن قلبي هو من قال ذلك،وتحدث من خلال فمي.فقد شعرت بانقسام يحدث في داخلي وبعقلي يخرج من جسدي للحظة،ثم يستدير ليواجه قلبي مذهولا(..) قال ديفيد : "إن كانت فكرة وجودك في غرفة مع بضع مئات من الأشخاص الذين ينشدون بالسنسكريتية لا ترعبك،يمكنك مرافقتي أحيانا". رافقته مساء الثلاثاء التالي.وعوضا عن الشعور بالفزع من هؤلاء الأشخاص العاديين الذين ينشدون لله،شعرت بروحي ترتفع وكأنها شفافة على أثر ذلك الإنشاد.وعدت إلى المنزل تلك الليلة وأنا أشعر بأن الهواء يمكنه اختراقي وكأنني قطعة من الملابس القطنية النظيفة التي ترفرف على حبل غسيل،وكأن نيويورك نفسها أصبحت مصنوعة من ورق الأرز،وأنا خفيفة جدا إلى أحد أنني أركض فوق أسطح المنازل.).{ص 29- 30}.
يا الله كم نحن مقصرون !!!!! صحيح أن الهداية بيد الله سبحانه وتعالى .. ولكن ذلك لا يبرر التقصير في إيصال كلمة الحق ... على كل حال انتهت المساحة المخصصة لهذه الحلقة ... فإلى اللقاء في الحلقة القادمة .. إذا أذن الله.

أبو أشرف : محمود المختار الشنقيطي – المدنية المنورة

غصون
15-11-2012, 04:42 AM
http://t0.gstatic.com/images?q=tbn:ANd9GcTlHt_WJ5j4tZSUGtBznAX-nvU6wxc8znjlrKgNINDp6AU2TWpM


تقبل مروري

محمود المختار الشنقيطي
15-11-2012, 11:05 AM
السلام عليكم .. أختي (غصون) .. وجزاكِ الله خيرا.