المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مفهوم العيد في الاسلام


حسين علي احمد ال جمعة
03-09-2011, 09:16 AM
الحمد لله رب العالمين الذي أنعم على عباده بنعم كثيرة لا تعد ولا تحصى، وجعل للمؤمنين مواسم ومحطات تذكرهم بأمر الآخرة والأولى، وصلى الله على عبده ورسوله محمد وعلى آله وصحبه وسلم ،

فلئن فاخرت الأمم -من حولنا- بأيامها وأعيادها وأخلعتها أقدارا زائفة، وبركات مزعومة وسعادة واهية فإنما هي تضرب في تيه وتسعى في ضلال.. ويبقى الحق والهدى طريق أمة محمد، فالحمد لله الذي هدى أمة الإسلام سبيلها وألهمها رشدها وخصها بفضل لم يكن لمن قبلها..
عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة وجدهم يحتفلون بعيدين، فقال: (كان لكم يومان تلعبون فيهما، وقد أبدلكم الله بهما خيرا منهما، يوم الفطر، ويوم الأضحى) رواه أبو داود والنسائي. والعيد شعيرة من شعائر الإسلام ومظهر من أجلِّ مظاهره.. تهاون به بعض الناس وقدموا الأعياد المحدثة عليه.. فترى من يستعد لأعياد الميلاد وأعياد الأم وغيرها ويسعد هو وأطفاله بقدومها ويصرف الأموال لإحيائها.. أما أعياد الإسلام فلا قيمة لها بل ربما تمر وهو معرض عنها غير ملتفت إليها.. قال تعالى: {ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوب} الحج:32.
إن يوم العيد يوم فرح وسرور لمن طابت سريرته، وخلصت لله نيته.. ليس العيد لمن لبس الجديد وتفاخر بالعدد والعديد.. إنما العيد لمن خاف يوم الوعيد واتقى ذا العرش المجيد.. وسكب الدمع تائبا رجاء يوم المزيد..1

أيها المسلمون: إن الأمة الإسلامية تستعد في هذه الأيام لاستقبال مناسبة عظيمة من مناسباتها، وهي عيد الأضحى المبارك. وقد قيل: من أراد معرفة أخلاق الأمة، فليراقبها في أعيادها. إذ تنطلق فيه السجايا على فطرتها، وتبرز العواطف والميول والعادات على حقيقتها. والمجتمع السعيد الصالح، هو الذي تسمو أخلاقه في العيد إلى أرفع ذروة. وتمتد فيه مشاعر الإخاء إلى أبعد مدى، حيث يبدو في العيد متماسكاً متعاوناً متراحماً، تخفق فيه القلوب بالحب والود والبر والصفاء.
أيها المسلمون: إن العيد في دين الإسلام، له مفهومه الخاص، وله معناه الذي يخصه دون سائر الأديان ودون سائر الملل والنحل.
إن العيد في الإسلام أيها الإخوة، غبطة في الدين، وطاعة لله، وبهجة في الدنيا والحياة، ومظهر القوة والإخاء، إن العيد في الإسلام فرحة بانتصار الإرادة الخيرة على الأهواء والشهوات.
إن العيد في الإسلام، خلاص من إغواءات شياطين الإنس والجن، والرضا بطاعة المولى. والوعد الكريم بالفردوس والنجاة من النار.
إن العيد في الإسلام لا كما يتصوره البعض، انطلاقاً وراء الشهوات، وحلاً لزمام الأخلاق وتفسخاً على شواطئ البحر، وعرضات هنا وهناك. إن العيد في الإسلام، ليس فيه ترك للواجبات، ولا إتيان للمنكرات.
في الناس ـ أيها الناس ـ من تطغى عليه فرحة العيد، فتستبد بمشاعره ووجدانه، لدرجة تنسيه واجب الشكر والاعتراف بالنعم، وتدفعه إلى الزهو بالجديد، والإعجاب بالنفس حتى يبلغ درجة المخيلة والتباهي. والكبر والتعالي.
وما علم هذا أن العيد قد يأتي على أناس قد ذلوا بعد عز، فتهيج في نفوسهم الأشجان، وتتحرك في صدورهم كثير من الأحزان.
قد يأتي العيد على أناس، ذاقوا من البؤس ألواناً بعد رغد العيش، قد يأتي العيد على أناس تجرعوا من العلقم كؤوساً بعد وفرة النعيم، فاستبدلوا الفرحة بالبكاء وحل محل البهجة الأنين والعناء.
فاتقوا الله أيها المسلمون في عيدكم، لا تجعلوه أيام معصية لله، لا تتركوا فيه الواجبات، ولا تتساهلوا في المنكرات. لا يكن نتيجة عيدكم غضب ربكم عليكم. فإن غضب الله شديد، وعقوبة الله عز وجل، لا يتحملها الضعفاء أمثالنا.
اتقوا الله ـ أيها المسلمون ـ في عيدكم، واجعلوه عيد عبادة لله، عيد طاعة، عيد توبة صادقة، عيداً ترتفع فيه أخلاق الأمة. عيداً نثقل فيه ميزان حسناتنا، عيداً نكفر فيه عن خطايا سابقة، ارتكبتها جوارحنا. قال الله تعالى: {قُلْ يٰعِبَادِىَ ٱلَّذِينَ أَسْرَفُواْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُواْ مِن رَّحْمَةِ ٱللَّهِ إِنَّ ٱللَّهَ يَغْفِرُ ٱلذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ ٱلْغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ} الزمر:53. وقال سبحانه: {وَإِنّى لَغَفَّارٌ لّمَن تَابَ وَامَنَ وَعَمِلَ صَـٰلِحَاً ثُمَّ ٱهْتَدَىٰ} طه:82. وقال عز وجل: {فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مّمَّا يَجْمَعُونَ} يونس:58.
أيها المسلمون، كذلك أيضاً يجب أن لا تُنسينا فرحة العيد أن هناك آلاماً وجروحاً في الأمة لم تلتئم بعد. هناك من أبناء الأمة الإسلامية أناس أبرياء مظلومون. سوف يدخل عليهم العيد، وما زالوا تحت وطأة الظلم والقهر والعدوان. كم من يتيم يبحث عن عطف الأبوة الحانية. ويتلمس حنان الأم. وأبوه قد ذهب وقطعت أوصاله بسبب رجم القنابل. وأمه لا يعلم مصيرها إلا الله. سوف يحل العيد بأمة الإسلام، وهناك من يرنو إلى من يمسح رأسه، ويخفف بؤسه. جاءنا العيد، وهناك الألوف من الأرامل اللاتي توالت عليها المحن فقدت زوجها، تذكرت بالعيد عزاً قد مضى تحت كنف زوج عطوف.

إنك حين تأسوا جراح إخوانك إنما تأسوا جراح نفسك، وحين تسد حاجة جيرانك إنما تسد حاجة نفسك، قال تعالى: {وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ فَلاِنفُسِكُمْ} البقرة:272. وقال سبحانه: {مَّنْ عَمِلَ صَـٰلِحاً فَلِنَفْسِهِ} فصلت:46. أسأل الله أن نكون بهذا المستوى ونحن نستقبل عيدنا..2

نحن -أمة الإسلام- جعل الله لنا من الأعياد عيدين فقط نفرح فيهما، عيد الفطر وعيد الأضحى. يفرح المؤمن أولا، لهداية الله تعالى له، وإنعامه عليه بدين الإسلام الذي ارتضاه له فقال {وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا} (3) سورة المائدة، يفرح لأن الله تعالى هيأ له مواسم طاعة وعبادة مستمرة متعاقبة، يغتنمها العبد ، فيجني الثواب تلو الثواب، ويحوز الخير كل الخير.
إنّ طبيعة الأعياد في الإسلام تختلف عن الأعياد في الأديان الأخرى، فالعيد في غير الإسلام هو غالباً للحصول على مكسب مادي بحت.
وبتوضيح أكثر نقول: إنّ أغلب الأعياد في غير الإسلام ترتكز على الماديات المحضة فحسب، وعلى إشباع الرغبات الجسدية فقط.

أما العيد في الإسلام فإنه يختلف اختلافاً كبيراً عن هذه الأعياد ـ من حيث المعنى والدلالة ـ فالإسلام الذي يرى الإنسان جسماً وروحاً ومادة ومعنى، ويحاول التعادل بينهما والتكافؤ فيهما، ينسّق في أعياده بين الماديات والمعنويات، ويؤكد على أنه كما يستفيد الإنسان من مظاهر العيد المادية، يستفيد كذلك من الأمور الروحية والمعنوية أيضاً.

وأعيادنا أيها المسلمون تأتي بعد هذه المواسم، فالصائم يفرح لأنه صام رمضان وقامه، وتخرج من مدرسته العظيمة، وحصل على شهادة " التقوى" حين قال الله تعالى في آية الصيام (لعلكم تتقون) وهذه " الأيام العشر من ذي الحجة" ما أعظمها وأجلها عند الله تعالى ، هي أفضل أيام السنة على الإطلاق لقوله صلى الله عليه وسلم: (ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام)، قالوا : يا رسول الله! ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: (ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشيء)3 فندب رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه العشر إلى الإكثار من التهليل والتكبير والتحميد.
في هذه الأيام تجتمع أصناف العبادة كلها من صلاة وصوم وصدقة وحج ونسك. وفيها يوم عرفة يباهي الله بأهل عرفة أهل السماء، ومن صام هذا اليوم من غير أن يكون حاجا كفرت عنه ذنوب سنتين.
ثم يأتي العيد عقب ذلك كله، لهذا نفرح، وحق لنا أن نبتهج ونفرح، هذا هو مفهوم العيد في الإسلام.
إن يوم العيد يوم شكر له على إنعامه، يوم يفرغ العبد فيه من أداء فريضته فيكافئه سيده ومولاه، لذا نقول لك أخي المسلم، هذا فهمنا للعيد، إنه يوم طاعة فلا تجعله يوم معصية4.

جعلنا الله وإياكم من عباده الصالحين وغفر لنا برحمته إنه هو الغفور الرحيم .

والحمد لله رب العالمين .

عبيد العرجاني
03-09-2011, 12:29 PM
اللهم أميـــن

الله يجزاك الخير

وبارك الله فيك

عذاااب
03-09-2011, 12:33 PM
يسلموو على الطرح المميز خيوووو

حسين علي احمد ال جمعة
04-09-2011, 07:45 AM
الله يجزاك الخير على المرور

الغروب
05-09-2011, 04:18 AM
امين

حسين علي احمد ال جمعة

جزاك الله خير.

حسين علي احمد ال جمعة
05-09-2011, 12:34 PM
الله يجزاك الخير على المرور

حسين علي احمد ال جمعة
18-09-2011, 10:56 AM
الله يجزاك الخير على المرور