عبيد العرجاني
01-09-2011, 08:07 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أصحاب الجنّة
كانوا أغنياء، وكانت لهم جنّة، أثمرت من كل خير ونعيم، تدلّت عناقيدها، وتكاثفت أغصانها، ودنت خيراتها لكل ذي يد. نظر اصحابها اليها بكل خيلاء، وسوّلت لهم أنفسهم وزيّنت لهم كما زيّنت لقارون من قبلهم فقال: «انما أوتيته على علم عندي»!
فصاروا يدورون حول أنفسهم مخذّلين كل داعيّ خير بين جنباتهم ويرددون: لن ينال من خيرنا أحد، ولن نعين بعد اليوم أحد، ما ذنبنا اذا لم يعمل النّاس مثل عملنا، ولم يكن لهم مثل حصادنا؟ وتقاسموا حتى لا يطرأ نداء الاحسان على باغي خير بينهم، فأقسموا بمن رزقهم وأكرمهم ونعّمهم: «ليصرمنّها مصبحين؛ ولا يستثنون»!
العجب كل العجب من فعل هؤلاء، يُكرمهم الكريم سبحانه؛ ويبخلون! ويرزقهم الرازق؛ ويمنعون! «قل لو أنتم تملكون خزائن رحمة ربي اذا لأمسكتم خشية الانفاق»، ولو ملك النّاس خزائن الخير وسيطروا عليها لظنّوا، حقا، أنهم على حرمان الآخرين قادرون!
«ولله خزائن السماوات والأرض، ولكن المنافقين لا يفقهون»! ظن أصحاب الجنة أنهم قادرون مسيطرون عليها، وأن بيدهم وحدهم مقادير كل أمر، هكذا الغرور والكبر يُنسي الانسان أين كان والى أين سينتهي، فماذا كان؟
انطلقوا من صباحهم على نيّة السّوء، ومضّوا «وهم يتخافتون، أن لا يدخلنها اليوم عليكم مسكين، وغدوا على حرد قادرين». وكانت المفاجأة قاصمة، دارت عيونهم، وعلا الوجيب في صدورهم، وكأنّي بهم يتقلقلون الخطوات، يمنة حينا ويسرة أخرى، فاسقط في أيديهم وقالوا: «انا لضّالون»؛ «بل نحن محرومون»!
في لحظة الحقيقة هذه بقي للرحمة فسحة، سبحانك ربنا ما أحلمك وما أكرمك! يضلّ عبادك ويسيئون، فلا تأخذهم بذنوبهم؛ بل تبسط لهم يدك بالتوبة، ويكفيهم حينها أن يُحسنوا الظّن برحمتك حتى تفتح لهم باب القبول والمغفرة، يُذنبون، فيستغفرون، فتغفر لهم ربي، ما أكرمك!
ولقد تاب أصحاب الجنة، سبّحوا رب العزة ذي الجلال ثم تلاوموا حتى نقيت صدورهم من دنس الشّحّ، وطغيان المال، وجبروت الغرور. ثم دعوا الله مخلصين أن يُبدلهم خيرا من جنتهم البائدة، فهم الفقراء اليه.
قصتنا هذه ساقها القرآن لكل منّاع للخير، لهؤلاء الذين يسارعون بسحب أموالهم من المصارف قبل أن يمضي عليها الحول، فهم لا يريدون أن تُخرج المصارف زكاة أموالهم! قصتنا لكل من أكرمه الله ونعّمه ونسي الفقراء والمساكين ومن تقطّعت بهم السُبُل في أرض الانسان. فالزكاة «حق معلوم» يُؤخذ من أغنيائنا لاصلاح حال ضعفائنا، لتنزل علينا الرحمات؛ والاّ فهو الطوفان!.
وصلى اللهم على سيدنا محمد وعلى إله وصحبه أجمعين ..
أصحاب الجنّة
كانوا أغنياء، وكانت لهم جنّة، أثمرت من كل خير ونعيم، تدلّت عناقيدها، وتكاثفت أغصانها، ودنت خيراتها لكل ذي يد. نظر اصحابها اليها بكل خيلاء، وسوّلت لهم أنفسهم وزيّنت لهم كما زيّنت لقارون من قبلهم فقال: «انما أوتيته على علم عندي»!
فصاروا يدورون حول أنفسهم مخذّلين كل داعيّ خير بين جنباتهم ويرددون: لن ينال من خيرنا أحد، ولن نعين بعد اليوم أحد، ما ذنبنا اذا لم يعمل النّاس مثل عملنا، ولم يكن لهم مثل حصادنا؟ وتقاسموا حتى لا يطرأ نداء الاحسان على باغي خير بينهم، فأقسموا بمن رزقهم وأكرمهم ونعّمهم: «ليصرمنّها مصبحين؛ ولا يستثنون»!
العجب كل العجب من فعل هؤلاء، يُكرمهم الكريم سبحانه؛ ويبخلون! ويرزقهم الرازق؛ ويمنعون! «قل لو أنتم تملكون خزائن رحمة ربي اذا لأمسكتم خشية الانفاق»، ولو ملك النّاس خزائن الخير وسيطروا عليها لظنّوا، حقا، أنهم على حرمان الآخرين قادرون!
«ولله خزائن السماوات والأرض، ولكن المنافقين لا يفقهون»! ظن أصحاب الجنة أنهم قادرون مسيطرون عليها، وأن بيدهم وحدهم مقادير كل أمر، هكذا الغرور والكبر يُنسي الانسان أين كان والى أين سينتهي، فماذا كان؟
انطلقوا من صباحهم على نيّة السّوء، ومضّوا «وهم يتخافتون، أن لا يدخلنها اليوم عليكم مسكين، وغدوا على حرد قادرين». وكانت المفاجأة قاصمة، دارت عيونهم، وعلا الوجيب في صدورهم، وكأنّي بهم يتقلقلون الخطوات، يمنة حينا ويسرة أخرى، فاسقط في أيديهم وقالوا: «انا لضّالون»؛ «بل نحن محرومون»!
في لحظة الحقيقة هذه بقي للرحمة فسحة، سبحانك ربنا ما أحلمك وما أكرمك! يضلّ عبادك ويسيئون، فلا تأخذهم بذنوبهم؛ بل تبسط لهم يدك بالتوبة، ويكفيهم حينها أن يُحسنوا الظّن برحمتك حتى تفتح لهم باب القبول والمغفرة، يُذنبون، فيستغفرون، فتغفر لهم ربي، ما أكرمك!
ولقد تاب أصحاب الجنة، سبّحوا رب العزة ذي الجلال ثم تلاوموا حتى نقيت صدورهم من دنس الشّحّ، وطغيان المال، وجبروت الغرور. ثم دعوا الله مخلصين أن يُبدلهم خيرا من جنتهم البائدة، فهم الفقراء اليه.
قصتنا هذه ساقها القرآن لكل منّاع للخير، لهؤلاء الذين يسارعون بسحب أموالهم من المصارف قبل أن يمضي عليها الحول، فهم لا يريدون أن تُخرج المصارف زكاة أموالهم! قصتنا لكل من أكرمه الله ونعّمه ونسي الفقراء والمساكين ومن تقطّعت بهم السُبُل في أرض الانسان. فالزكاة «حق معلوم» يُؤخذ من أغنيائنا لاصلاح حال ضعفائنا، لتنزل علينا الرحمات؛ والاّ فهو الطوفان!.
وصلى اللهم على سيدنا محمد وعلى إله وصحبه أجمعين ..