المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : دور المال في الحياة وعلاقة الانسان به


حسين علي احمد ال جمعة
27-08-2011, 10:13 AM
دور المال في الحياة وعلاقة الانسان به

«طوبى لمن أنفق الفضل من ماله ، وأمسك الفضل من قوله» .

إن من أعقد مشاكل الإنسان هي سوء تعامله مع الأشياء والتصرّف بها . . وان من أبرز تلك التصرفات المسيئة إلى قانون الوجود والطبيعة ونظام الحياة التي تجلب له المآسي ، وتسير بمجتمعه نحو الدمار ، وتعرّض علاقاته الإنسانية للتوتر والخطر ، وتحمِّله التبعات . . إن من أسوأ تلك التصرفات هو التصرف بالمال والكلمة ، تصرفاً لا يتفق والأهداف الخيِّرة التي وجدا من أجلها .
فالإنسان في تعامله مع المال يكدح ، ويبذل الجهد ، ويسلك شتى السبل للكسب وجمع المال ، مندفعاً بدافع الجشع والشح وروح الاحتكار واكتناز المال ، ومن غير وعي ، ولا تفهم لوظيفة المال ، ودوره في الحياة ، وعلاقة الإنسان به .
فإن من الناس ، وهم الأكثرون ، قد جعل همّه جمع المال واكتنازه ، وحرمان الآخرين منه ، بل وحرمان نفسه وأهله مما يجمع ويدّخر ، فتحوّل إلى أداة هدم وتخريب في الحياة . . إن هذه السلوكية المالية هي سلوكية هدامة عدوانية ، تخالف المنهج الإلهي ، والرؤية الإسلامية للمال ووظيفته الاجتماعية ، وعلاقة الإنسان به .
إنّ المنهج النبوي الذي يلخّصه هذا المبدأ الاقتصادي الفريد يتمثل بدعوة الإنسان إلى الالتزام بقانون الطبيعة ، كما خلقها بارئها ، فقانون الطبيعة يقضي بوجود حاجات للإنسان يجب إشباعها ، وهو يحصل على المال لتوفير ذلك الإشباع ، لا لإكتناز المال واحتكاره ، وحرمان الآخرين منه ، لذلك جاء البيان النبوي ليدعو الإنسان إلى أن يأخذ من المال ما يكفيه ، ثمّ ينفق ما زاد على حاجته في حقول العمل الصالح ، ومجالات البرِّ والمعروف وخدمة المجتمع ، فإن هذه السياسة المالية والتربية العقيدية هي وحدها الكفيلة بحل مشكلة الإنسان الاقتصادية ، والتي تحول دون الاحتكار والاستغلال والطبقية الاقتصادية وحرمان الآخرين .
وكما تتأصل في أعماق الإنسان مشكلة جمع المال واكتنازه ، والحيلولة دون تسرّبه إلى الآخرين ، فهو بخيل شحيح به ، يقبض يده ، فلا يخرج منها المال إلاّ بالصراع والعناء ، وربّما بالانتزاع بقوة القانون ، أو الضغط القاهر ، نراه يتعامل مع الكلمة بإسراف وتبذير ، ودونما ضوابط ولا تحفظ .
فنراه يفتح فاه ، ويطلق لسانه من غير رقابة ولا حساب . . يطلقه بكلمة السوء واللغو والثرثرة ، فلا يتورّع عن الغيبة والنميمة والكذب والخداع ، وتناول الناس ، والإساءة إلى سمعتهم ، أو الفضول ، والتدخل فيما لا يعنيه ، أو إطلاق الكلمات من غير هدفية ولا حساب .
إنّه التعامل الخاطئ مع المال والكلمة ، إنّ هذا الإنسان يسير في تعامله معهما سيراً معاكساً لما ينبغي ، إنّ التعامل الصواب هو انفاق الفضل من المال ، وامساك الكلمة الزائدة والخاطئة ، غير أنّ الإنسان أمسك الفضل من ماله ، وأطلق لسانه اطلاق السوء والفضول ، فالناس ضحايا لسانه ، كما هم ضحايا ماله لسوء تعامله مع الكلمة والمال .

وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ثلاثٌ مُنجيات: خشية الله تعالى في السّرِّ والعلانية، والعدل في الرضا والغضب، والقصد في الفقر والغنى. وثلاث مُهْلِكاتٌ: هَوَىً مُتَّبع، وشُحٌ مُطاع، وإعْجابُ المرء بنفسه" [رواه الطبراني والبزار وصححه الألباني].


أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : ( من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ، ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والاخرة ، ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والأخرة ، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه ، ومن سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا إلي الجنه ، وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ، ويتدارسونه بينهم؛ إلا نزلت عليهم السكينه ، وغشيتهم الرحمه ، وحفتهم الملائكة ، وذكرهم الله فيمن عنده ، ومن أبطأ به عمله لم يسرع به نسبه ).
رواه مسلم [ رقم : 2699 ] بهذا اللفظ .

الكرب يعني : الشدة و الضيق و الضنك ، و التنفيس معناه : إزالة الكربة ورفعها ، وقوله (من كرب الدنيا ) يعم المالية و البدنية و الأهلية و الفردية .

قال الله تعالى :
( وَأَمَّا مَن بَخِلَ واسْتَغْنَى * وَكذَّبَ بالحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ للعُسْرى) [الليل: 8 - 10].

والشح أشد في الذم من البخل ويجتمع فيه البخل مع الحرص، وقد يبخل الإنسان بأشياء نفسه، وأشد منه دعوة الآخرين للبخل، قال تعالى: {الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ} [النساء: 37].

{وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللهُ مِن فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَّهُم بَلْ هُوَ شَرٌّ لَّهُمْ سَيُطَوَّقُونَ ما بخِلُوا بِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ} [آل عمران: 180]"

من دعائه صلى الله عليه وسلم: "اللهم إنِّي أعوذُ بك من الهَمِّ والحَزَنِ، والعَجْزِ والكسَل، والبُخْلِ والجبنِ، وضلع الدّين، وغَلَبَة الرِّجَالِ..." الحديث [رواه البخاري ومسلم].

والحمد لله رب العالمين

السراب
27-08-2011, 12:54 PM
جزاك الله خير يا ااخوي وبارك الله فيك

عبيد العرجاني
27-08-2011, 03:29 PM
الله يجزاك خير الجزاء ،،

‏الحر القطام
29-08-2011, 01:49 PM
جزاك الله خير يا اخوي على النصيحه