المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : السخرية بين الجماعات


حسين علي احمد ال جمعة
24-08-2011, 11:05 AM
قال الله تعالى في كتابه الكريم:
﴿يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيراً منهم، ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيراً منهن﴾ (الحجرات آية 11).

تبدأ العلاقات الإنسانية من أول نظرة. فإذا ما نظر الشخص للآخرين وأخذ عنهم انطباعات جيدة، فلا شك في أن العلاقة ستكون سوية وطيبة.
أما إذا أخذ من نظرته هذه انطباعات سيئة وعدم ارتياح فالعلاقة ستأخذ منحى وغير سليم، وكما يقول المناطقة: النتيجة تتبع أخس المقدمات.

التعامل مع الآخرين يعتمد على هذه النظرة الأولية، فإذا أقبل عليك شخص ونظرت إليه نظرة احترام وتقدير، أو كانت لك سابق علاقة طيبة معه، فإن شعورك تجاهه سيدفعك إلى حسن التعامل معه. على العكس فيما لو أخذت عنه انطباعاً سيئاً فإن تعاملك معه سيكون على أساس شعورك النفسي تجاهه.

العلاج يبدأ من الأساس:

الإسلام القويم وتعاليمه السمحة تريد أن تربي الإنسان على حسن المعاشرة والخلق مع الآخرين فذاك أدعى لترسيخ حالة الألفة والوئام في المجتمعات البشرية، لذلك فالإسلام يسعى لعلاج هذه الحالة النفسية من الأساس، يسعى لتوجيه النظرة الأولى والأحاسيس والمشاعر التي ستبنى عليها العلاقة بالآخرين من الأساس والقاعدة، فإذا ما قوي الأساس رسخ البنيان.

الآية الكريمة التي افتتحنا بها حديثنا تتحدث عن مفردة من مفردات الأحاسيس النفسية ـ إن صح التعبير ـ في العلاقة مع الآخرين وهي مفردة السخرية.
السخرية: تعني الـهُزء بالآخرين، والحالة النفسية للسخرية هي أن ينظر الإنسان إلى الآخرين نظرة دونية، نظرة احتقار وازدراء، وهذه النظرة تنعكس على ألفاظه معهم و إشاراته إليهم.
والقرآن الكريم ينهى نهياً قطعياً عن هذه الحالة السيئة لما يترتب عليها من آثار عكسية.
الإنسان السوي بطبعه فضلاً عن المؤمن ينبغي أن ينظر للآخرين نظرة احترام وتقدير كما يحب هو أن ينظروا إليه.

النظرة الدونية:

ولكن لماذا ينظر البعض للآخرين نظرة دونية؟
الآية الكريم تجيب على هذا التساؤل إجابة موضوعية، وترى أحد سببين:

السبب الأول: أن يرى الشخص في نفسه الأفضلية على غيره.
الآية الكريمة توجه الإنسان إلى أن يتفكر في نفسه وأن يجيب على هذا السؤال: هل تستطيع أن تقطع بأنك أفضل من هذا الذي تزدريه؟
قد يكون لهذا الشخص نقاط قوة لم تظهر لك، ولعله يصل في مستقبله إلى رتبة عالية ـ إن لم يكن في حاضره ـ أنت لا تصل إليها.
ثم هل يقبل الإنسان المؤمن أن يكون في موقع تحدٍ مع الله تعالى؟ هناك مراتب ومنازل إلهية، ولربما نظر الإنسان إلى شخص نظرة ازدراء واحتقار، وكان هذا الشخص عند الله عظيم القدر والمنزلة، فكيف سيبرر موقفه هذا أمام الله وهو قد أهان واحتقر ولياً من أوليائه؟

السبب الثاني: أن تتضخم عنده نقاط ضعف الآخرين.
وهل يستطيع شخص أن يقطع بأن ليس له نقاط ضعف؟ قد تنظر إلى شخص نظرة دونية بسبب نقاط ضعف تراها فيه ولعلّ عندك من نقاط الضعف ما هو أكثر وأفظع منه! وقد تكون نقاط ضعف غيرك لها ما يبررها، وكما قال الشاعر: ( لعلّ لها عذراً وأنت تلومها ). قد ترى شخصاً مسلماً يأكل في نهار رمضان فتعتبره عاصياً مذنباً، ولكنك لو بحثت عن السبب فقد تجده مريضاً أو مسافراً أو لأي عذر شرعي.

النساء والسخرية:

﴿يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيراً منهم﴾ لا تسخر من شخص فلعله كان في موقعية ومرتبة أفضل منك وأنت لا تدري. ﴿ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيراً منهن﴾ وهنا يُطرح سؤال لماذا أفردت الآية كلمة نساء وخصتهن بهذا الأمر؟

هناك أحد احتمالين: الأول، أن تكون كلمة قوم عند العرب تطلق على جماعة الرجال وفي أشعار العرب ما يدل على ذلك، فتكون الآية بذلك قد خصت الرجال والنساء. فـ ﴿لا يسخر قوم من قوم﴾ أي لا يسخر رجال من رجال، كما ﴿ولا نساء من نساء﴾.

الاحتمال الثاني، أن لفظة قوم تشمل الرجال والنساء، ولكن ورد تخصيص النساء فيما بعد لوجود هذه الظاهرة أكثر في أوساطهن سيما في تلك العصور، ولعلها لا تزال في أكثر أوساطهن إلى عصرنا هذا.
ولكن لماذا تشيع هذه الظاهرة أكثر في الأوساط النسائية؟

بعض البحوث الاجتماعية الميدانية تشير إلى أن غالب الأوساط النسائية يشتغلن ببعضهن البعض فتبرز حالة السخرية عندهن، ولعلّ من أسباب ذلك هو اهتمامات المرأة الاجتماعية والسياسية والفكرية المحدودة في أغلب المجتمعات وهذا ما يؤدي إلى اهتمامهن بالجزئيات كما هو الحال عند الرجال الذين لا تكون عندهم اهتمامات عالية.

المجتمع النسائي سيما في مجتمعاتنا العربية غالباً لا تكون عندهن اهتمامات كبيرة فينصرفن إلى خلافات تافهة مع نظرائهن.

ربما يكون الأمر مضخماً ولكني أقول مؤكداً أنه حتى لو كان هذا الأمر موجوداً عند نسائنا فإنه ليس لنقص ذاتي في المرأة، وإنما بسبب الظرف التي تعيش فيه، حيث لا تكون آفاق الاهتمامات العالية مفتوحة للمرأة. وبسبب تضييق المجالات الهامة التي ترقى بالمرأة تكون حالة السخرية عندهن أكثر من الرجال ولذلك خصصن في الآية الكريمة ﴿ولا نساء من نساء﴾.

الأحيان تكون السخرية على مستوى المناطق فتجد من يسخر من أهل هذه المنطقة وتلك وهذه حالة سيئة موجودة في كثير من المجتمعات.
أحياناً تكون السخرية على أساس المستوى الاقتصادي فالأغنياء ينظرون إلى الفقراء نظرة ازدراء واحتقار.
هذه أمور سيئة ولا ينبغي أن نقبل بها.

نأمل أن تتجاوز مجتمعاتنا هذه الظواهر السيئة، وأن نتحلى بأخلاق القرآن، وأخلاق رسول الله صلى الله عليه واله وسلم .

والحمد لله رب العالمين .

عبيد العرجاني
24-08-2011, 02:29 PM
أيضا التنافس والسخريه بين النساء موجود ونسال الله العافية والسلامه ،،

حسين علي أحمد ال جمعه ،،

تسلم يمناك على الموضوع ،،

حسين علي احمد ال جمعة
22-09-2011, 08:01 AM
الله يجزاك الخير على المرور