المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : التواصــل الاجتـمــاعـي


حسين علي احمد ال جمعة
18-07-2011, 09:11 AM
التواصــل الاجتـمــاعـي

الحمد لله رب العالمين وصلى الله على نبينا محمد وآله وسلم
هناك صلة وثيقة بين مستوى ارتباط الإنسان بمحيطه الاجتماعي، وبين استقامة السلوك ودرجة الفاعلية والإنتاج.

فكلما كانت علاقة الإنسان بمجتمعه وثيقة دافئة، كان اقرب إلى الاستقامة والصلاح في سلوكه وسيرته، وأكثر اندفاعاً للفاعلية والإنتاج.

بينما يساعد الفتور والبرود في العلاقات الاجتماعية على ظهور ونمو السلوكيات المنحرفة الخاطئة.

وقد تحدث بعض المفكرين والباحثين عن تأثير ضعف العلاقة في مجتمعاتهم بين الفرد ومحيطه الاجتماعي، في بروز الظواهر السلبية والإجرامية. كمرض الاكتئاب، والشعور بالإحباط، وشدة القلق، وسائر الأمراض النفسية، .

إن ما يجري الآن في مجتمعاتنا يجب أن يثير القلق البالغ في نفوسنا على مستقبل المجتمع، وخاصة أجياله الشابة الصاعدة، وأن يدفعنا للتفكير والعمل لمواجهة هذا المشكل الاجتماعي الخطير.

وذلك بدراسة وبحث واقع الترابط الاجتماعي، ووضع البرامج والمعالجات لتطويره ورفع مستواه بما يتناسب مع قيم ديننا الحنيف.
مستوى العلاقات الاجتماعية:

طبيعة حياة الإنسان البشرية تفرض عليه التواصل مع المجتمع الذي يعيش فيه.

أولاً: لأن الإنسان يأنس بأبناء جنسه، ولا يستطيع أن يعيش من دونهم، أو بعيداً عنهم. وقد ذكر بعض اللّغويين: أن كلمة إنسان مشتقة من الأنس، على اعتبار أن الإنسان يأنس بمثله. ولو أنك وفّرت لإنسان كل ما يحتاجه في حياته المادية، وعزلته عن الناس، فإن ذلك بالتأكيد لن يريحه، ولهذا فإن السجن الانفرادي هو من أقسى أنواع العقوبات.

فالإنسان بطبيعته يميل إلى أبناء جنسه ويأنس بهم، لديه دافع طبيعي فطري للتواصل مع الناس.

ثانياً: حاجات الإنسان الحياتية تفرض عليه أن يتواصل مع الآخرين، فهو لا يستطيع أن يوفّر كل حاجاته بنفسه، فقد يمرض فيحتاج إلى الطبيب، وهو بحاجة إلى العامل في البناء وغيره، وهو يشتري من السوق، ويبيع إنتاجه، وقد يعمل لدى أحد، أو يعمل لديه أحد، وبالتالي فإن طبيعة الحياة تجعل المصالح مشتركة، والحاجات متداخلة بين الناس، وهذا يفرض على الإنسان حالة التواصل مع محيطه الاجتماعي.

لكن هذا التواصل يبقى في مستواه الأدنى، وفي حالته البسيطة الساذجة. إذ أن المجتمع يحتاج إلى نوع من التواصل بشكلٍ أرقى، وهذا يختلف من مجتمع إلى آخر.

وقد كنا نعيش تواصلاً مكثفاً في مجتمعنا، حينما كانت الحياة على بساطتها، وكان الناس يعيشون في مناطق جغرافية محدودة، وضمن اهتمامات بسيطة، لكننا الآن، ومع التطور الذي حصل على واقع حياتنا، لم نعد نعيش درجة التواصل الاجتماعي السابقة. ولعلّ من أبرز الأسباب:

1- انتشار الناس جغرافياً، فما عاد الإنسان مقيماً في نفس الحي الذي نشأ فيه.

2- انشغالات الناس واهتماماتهم تشعبت في هذا العصر، بعكس ما كانت عليه حياتهم في الماضي، إذ أنهم كانوا بمجرد أن يحلّ الظلام تنتهي جميع أعمالهم ويُصبح الوقت متاحاً للتواصل، وحتى في النهار فإن دائرة الاهتمامات عندهم كانت محدودة. أما في زمننا المعاصر فقد انشغل الإنسان باهتمامات مختلفة، معرفية وعملية، ما قلل من حصة العلاقات الاجتماعية.

3- انخفاض الروح الاجتماعية عند أكثر الناس لصالح الاهتمام الفردي، حيث أصبح كل واحدٍ مشغولاً بنفسه، وفي بعض الأحيان حتى عن عائلته وأسرته.

هذه الاهتمامات بعضها صحيح وبعضها غير صحيح، لكنها أصبحت على حساب التوجه الاجتماعي، وإن كنا لازلنا نحتفظ بدرجة من التواصل، هو في الغالب تواصل مناسباتي شكلي، كمناسبة الزواج ومناسبة العزاء. وما نحتاج إليه هو التفكير في التواصل ذي المضمون.


مضامين التواصل الاجتماعي:

وأشير هنا إلى أبرز مضامين التواصل الاجتماعي المطلوب:

أولاًً- التقارب النفسي الروحي.

الحياة بطبيعتها فيها ضغوط ومشاكل، خصوصاً في هذا العصر، فيحتاج الإنسان إلى من يتضامن معه نفسياً، وإلى من يقترب منه روحياً، ليخفف عنه الآلام، ويرفع من معنوياته. ويحتاج الإنسان إلى من يستشيره ليستفيد من رأيه. وتُشير النصوص إلى هذا المضمون، وتُعبّر عنه بإدخال السرور إلى قلب الأخ المؤمن، ورد عن رسول الله أنه قال: «من لقي أخاه بما يسره سرّه الله يوم القيامة»[2] ، وعنه «من أحب الأعمال إلى الله ادخال السرور على المسلم أو أن تفرج عنه غماً أو تقضي عنه ديناً أو تطعمه من جوع»[3]
، ثانياًً- التعاون في تيسير شؤون الحياة.

كل مجتمع يواجه مشاكل، ولكل قوم في منطقتهم احتياجات، ولا يستطيع الإنسان بمفرده أن يحلّها ويعالجها، إنما يحتاج أن يتعاون مع الآخرين. وكمثال تقريبي: تربية الأبناء في العصر الحاضر عملية شاقّة، إذا أراد الأب أو الأم وحدهما القيام بهذا الدور، ولكن عندما تكون هناك برامج ولجان تخلق الأجواء الصالحة، وتسعى من أجل بناء الجيل الجديد بناءً سليماً، فهذا يقدم أكبر عون للأسرة على تربية أبنائها. ويؤكد القرآن الكريم على هذا المضمون في قوله تعالى: ﴿وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى﴾[4] .

ثالثاًً- خدمه الأهداف المشتركة.

للمجتمع تطلعات وأهداف مشتركة، دينية أو سياسية أو اجتماعية. هذه الأهداف المشتركة تحتاج إلى تعاون وتواصل يساعد على تحقيقها. علي عليه السلام يُوصي بهذا المضمون في آخر وصيةٍ له، فيقول : «وعَلَيْكُمْ بِالتَّوَاصُلِ والتَّبَاذُلِ وإِيَّاكُمْ والتَّدَابُرَ والتَّقَاطُعَ»[5] ، والتباذل هنا بمعنى البذل والعطاء.


التأكيد الديني على التواصل:

التواصل بين الناس محور أساس في التعاليم والتوجيهات الإسلامية، حيث يذم الإسلام الرهبنة والعزلة، ويدعو إلى أن يتعرف الناس على بعضهم بعضا يقول تعالى: >وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا<[6] ، ويجعل خدمة الناس ونفعهم من أفضل وسائل التقرب إلى الله تعالى، كما ورد عنه : «خير الناس انفعهم للناس» [7] .

وإذا كان التواصل الاجتماعي محبوباً عند الله تعالى ومطلوباً في كل وقت وآن، فإن هناك ما يدل على خصوصية ليوم الجمعة في هذا المجال، فهو يوم يفرغ فيه الإنسان لما انشغل عنه أيام الاسبوع.

إن ساعات يوم الجمعة غالية ثمينة، وحينما يأتي التوجيه الديني بصرف بعضها في التواصل الاجتماعي، فهذا دليل على أهمية هذا الجانب، وأنه يستحق أن تصرف فيه أغلى الأوقات.

وحسب تأكيدات النصوص الدينية فان أبواب قبول الأعمال عند الله مشرعة يوم الجمعة أكثر من أي يوم آخر، وثواب الأعمال فيه مضاعف، لذلك فإن أجر التواصل الاجتماعي فيه عظيم كبير.


والحمد لله رب العالمين

عبيد العرجاني
18-07-2011, 11:59 AM
جزاك الله خير وبارك الله فيك

غصون
18-07-2011, 12:44 PM
جزاك الله خير

والف عاافيه

سمو الرووح
18-07-2011, 01:51 PM
الله ينفع به .. وجزاك الله خير .. كل الشكر والتقدير والاحترام.

البحار الكبير
18-07-2011, 09:22 PM
بارك الله فيك على الطرح

ڠـٍڜـٍڨ پـٍڋۋۑۓ
22-07-2011, 08:16 AM
الله يــجــزاك خــيــر

حسين علي احمد ال جمعة
11-03-2012, 01:41 PM
جزاك الله الخير