ابومحمد الشامري
01-02-2005, 07:23 PM
http://www.alajman.net/vb/uploaded/823[1].gif
الابيات والبيوت عند العرب :
البيت : المَسكن ، معروف ، وجمعه أبيات ، وهو قليل ، وبيوت وهو الاشهر وجمع الجمع : أباييتُ ، وهو جمع تكسير ، كمثل أقوال وأقاويل ، وبُيوتات ، وأبيات ، وهذا نادر. (1)
(1)انظر الى تاج العروس في كلمة ( بيت ).
والبيت من الشعر سمي بذلك ، لانه يضم الكلام ، كما يضم البيت أهله، ولذلك سموا مقطعاته أساباباً وأوتاداً ، على تشبيه لها بأسباب البيوت وأوتادها.(2)
(2) انظر الى لسان العرب في كلمة ( بيت ).
وقال الفيومي : ( وبيت الشعر : ما يشتمل على أجزاء معلومة وتسمى أجزاء التفعيل ، وسمي بذلك على الاستعارة بضم الاجزاء بعضها الى بعض على نوع خاص ، كما تضم أجزاء البيت في عمارته على
نوع خاض.(3)
(3) المصباح المنير في كلمة ( بيت ) .
وبيت الشعر هذا يجمع على ابيات وبيوت ، قال ابن دريد :
( وابيات الشعر وبيوته معروفة )(4). وقال الزمخشري : ( وقلت ابياتاً من الشعر وبيوتاً ). (5)
(4)جمهرة اللغة: ص 1016.
(5)أساس البلاغة : كلمة ( بيت ) .
وجاء في اللسان ، بعد الكلام على بيت الشعر : ( والجمع أبيات ، وحكى سيبويه في جمعه : بُيُوت ، فتبعه ابن جني ، فقال حين أنشد بيتي العجّاج:
يا دار سلمي يا اسلمي ثم اسلمي= فخِندِفٌ هامةُ هذا العالَمِ
جاء بالتأسيس ولم يجيء بها شيء من البيوت.
وهذا الذي حكاه صاحب اللسان عن سيبويه جاء في قوله تعليقا على شواهد نَصب ( أحقا ) قال : ( فكلُّ هذه البيوت سمعناها من أهل الثقة هكذا ) .(6)
(6) الكتاب لسيبويه : تحقيق عبد السلام هارون ج2 ص 137.
ولئن كان البيت الذي يسكن فيه والبيت من الشعر يجمعان كلاهما على بيوت وأبيات فإن في العرف اللغوي يجعل ( البيوت ) اكثر ما تُستعمل جمعاً للبيت الذي يسكن فيه ، ويجعل ( الابيات ) أكثر ما تستعمل جمعا لبيت الشعر يقول ابو البقاء الكَفَوي:
( والبيت يجمع على ابيات وبيوت ولكن البيوت بالمسكن أخصّ والابيات بالشعر ) (7)
(7) الكليات لابي البقاء الكفوي :ج1 ص413.
ومع استقرار هذا العرف وتتابع الناس عليه فقد استعمل هذا الجمع مكان ذاك وقد سبق استعمال سيبويه للبيوت جمعا لبيت الشعر ومن ذلك قول الشاعر :
وبعضُ بيوت الشِّعر حكمٌ وبعضُها= خلى لفَّه في ظُلمة الليل حاطِبهُ (8)
( 8) شرح القصائد السبع الطوال : ص396
ثم جاء ذلك مستفيضا في كلام أهل العلم. قال محمد بن سلاَّم الجمحي في سياقه المفاضلة بين جرير والفرزدق :
( وسألت الاسيدي - اخا بني سلامة - عنهما فقال : بيوت الشعر اربعة : فخر ، ومديح ، ونسيب ، وهجاء وفي كلِّها غُلِّبَ جرير ) . (9)
طبقات فحول الشعراء: ص 378.
http://www.alajman.net/vb/uploaded/823[1].gif
الثريا وعمر بن ابي ربيعة :
حدثنا الزبير بن بكار عن مسلمة المخزومي عن ايوب : أن عمر بن ابي ربيعة كان متعلقا بالثريا بنت علي بن الحارث بن أمية الاصغر. وكانت أهل ذلك جمالا وتماما وكانت تصيف بالطائف وكان عمر يغدو عليها على فرسه فيسأل الركبان الذين يحملون الفاكهة من الطائف عن الاخبار فلقى يوما بعضهم فسأله عن أخبارهم فقال : ما استطرفنا خيرا الا انني سمعت عند رحيلنا صوتا وصياحا عاليا على امراة من قريش نسيت اسمها ولعله نجم في السماء فقال عمر : الثريا قال: نعم.
وكان عمرقبل ذلك قد بلغه انها عليلة فوجه فرسه الى الطائف يركضه وسلك أخشن الطرق وأقربها حتى انتهى الى الثريا وقد توقعته وهي تتشوف له فوجدها سليمة ومعها اختاها : رضيا وأم عثمان فأخبرها الخبر فضحكت وقالت : أنا أمرتهم لأختبر مالي عندك. فقال عمر في ذلك هذا الشعر :
تشكَّى الكُمَيتُ الجري لما جهدتُه= وبيَّن لو يستطيعُ أن يتكلما
فقلت له إن ألق للعين قرةً= فهان عليّ أن تكلّ وتسأما
لذلك أدنى دون خيلي رباطه= وأوصى به ألا يهان ويكرما
عدمت إذن وفرى وفارقت مهجتي= لئن لم أقل قِرناً أن الله سلما
فقال مسلمة بن ابراهيم : قلت لايوب بن مسلمة : أكانت الثريا كما يصف عمر بن ابي ربيعة ؟ فقال : وفوق الصفة كانت والله كما قال ابن قيس :
حبَّذا الحج والثريّا ومن بالخيفِ= من أهلها وملقى الرِّحالِ
يا سليمان إن تُلاقِ الثّريا= تَلقَ عَيشَ الخلودِ قبل الهلالِ
دُرةٌ من عَقائِل البحرِ بِكر(ن)= لم يشنها مُثاقبٌ لِلآلي
تعقد المئزَرَ السَّخامَ من الحَرِّ= على حِقو بانٍ مِكسالِ
وحدثنا عمر بن شبة قال: أخبرنا محمد بن يحيى قال: زعم عبيد بن يعلى قال حدثني كثير بن كثير السهمي قال : لما ماتت الثريا أتاني الغريض فقال لي : قل أبيات شعر أنح فيها على الثريا فقلت :
ألا يا عين مالك تدمعينا= أمن رمد بكيتِ فتكحلينا ؟
أم أنتي حزينة تبكين شجواً= فشجوكِ مثله ابكى العيونا ؟
http://www.alajman.net/vb/uploaded/823[1].gif
متمم بن نويره يرثي اخاه مالك :
لقد رثى متمم اخاه في قصيدته العينية اخترت منها هذه الابيات يقول متمم:
وكنا كندماني جذيمة حقبة = من الدهر حتى قِيل لن يَتَصدَّعا
فلمّا تَفَرَّقنا كأني ومالِكاً= لِطولِ اجتماع(ن) لم نَبِت ليلةً معا
فإن تكن الايامُ فرَّقت بيننا= فقد بان محموداً أخي حينَ وَدَّعا
أقول وقد طار السَّنا في رَبابهِ= وجَونٌ يَسُحُّ الماءَ حتى تَرَيَّعا
سقى اللهُ أرضاً حَلها قبرُ مالك(ن)= ذِهاب الغوادي المُدجناتِ فأمرعا
تحيته مني وإن كان نائياً= وأمسى تُراباً فوقه الارضُ بَلقعا
(وما وجد أظآر(ن) ثلاثٍ رَوائم(ن)= أصَبنَ مَجَرًّا من حوار ومصرعا
يُذكرن ذا البَثِّ الحزينِ ببثهِ= أذا حنت الاولى سَجَعنَ لها معا
إذا شارِفٌ منهنَّ قامت فرجَّعَت= حَنيناً فأَبكى شَجوها البَركَ أَجمعا)
بأوجدَ مني يوم فارقة مالكٍ= مُنادٍ بَصير(ن) بالفراقِ فأسمعا(1)
يشبه في الثلاثة الابيات الشاعر التي بين القوسين حزنه كحزن الناقه على فقد ولدها.
(1) المنتخب في محاسن اشعار العرب لثعالبي. ج1 ص207
وروي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال لمتمم بن نويره حين سمعه ينشد في اخيه مالك :
لا يمسك العوراءَ تحت ثيابه= حلوٌ شمائله عفيف المِئزرِ
ولنعم حشوُ الدرع كنتَ وحاسرا= ولنعم مأوى الطارق المتنوِّرِ
فقال عمر :
لوددت أنك رثيت اخي بما رثيتَ به أخاك فقال له : يا ابا حفص لو اعلم أن اخي صار حيث صار اخوك ما رثيته يقول : ان اخاك قتل شهيدا - يعني به زيد بن الخطاب اخو عمر - فقال عمر :
ما عزاني أحد بمثل تعزيتك.
وفي حديث اخر أنه رثى زيد بن الخطاب فلم يُجِد فقال عمر: لم أرك رثيت زيدا كما رثيت مالكا! فقال : إنه والله يُحركُني لمالك مالا يحركني لزيد.(2)
الفاضل : لابن المبرد : تحقيق عبدالعزيز الميمني.ص63
http://www.alajman.net/vb/uploaded/823[1].gif
كتبه ابو حمد الشامري
الابيات والبيوت عند العرب :
البيت : المَسكن ، معروف ، وجمعه أبيات ، وهو قليل ، وبيوت وهو الاشهر وجمع الجمع : أباييتُ ، وهو جمع تكسير ، كمثل أقوال وأقاويل ، وبُيوتات ، وأبيات ، وهذا نادر. (1)
(1)انظر الى تاج العروس في كلمة ( بيت ).
والبيت من الشعر سمي بذلك ، لانه يضم الكلام ، كما يضم البيت أهله، ولذلك سموا مقطعاته أساباباً وأوتاداً ، على تشبيه لها بأسباب البيوت وأوتادها.(2)
(2) انظر الى لسان العرب في كلمة ( بيت ).
وقال الفيومي : ( وبيت الشعر : ما يشتمل على أجزاء معلومة وتسمى أجزاء التفعيل ، وسمي بذلك على الاستعارة بضم الاجزاء بعضها الى بعض على نوع خاص ، كما تضم أجزاء البيت في عمارته على
نوع خاض.(3)
(3) المصباح المنير في كلمة ( بيت ) .
وبيت الشعر هذا يجمع على ابيات وبيوت ، قال ابن دريد :
( وابيات الشعر وبيوته معروفة )(4). وقال الزمخشري : ( وقلت ابياتاً من الشعر وبيوتاً ). (5)
(4)جمهرة اللغة: ص 1016.
(5)أساس البلاغة : كلمة ( بيت ) .
وجاء في اللسان ، بعد الكلام على بيت الشعر : ( والجمع أبيات ، وحكى سيبويه في جمعه : بُيُوت ، فتبعه ابن جني ، فقال حين أنشد بيتي العجّاج:
يا دار سلمي يا اسلمي ثم اسلمي= فخِندِفٌ هامةُ هذا العالَمِ
جاء بالتأسيس ولم يجيء بها شيء من البيوت.
وهذا الذي حكاه صاحب اللسان عن سيبويه جاء في قوله تعليقا على شواهد نَصب ( أحقا ) قال : ( فكلُّ هذه البيوت سمعناها من أهل الثقة هكذا ) .(6)
(6) الكتاب لسيبويه : تحقيق عبد السلام هارون ج2 ص 137.
ولئن كان البيت الذي يسكن فيه والبيت من الشعر يجمعان كلاهما على بيوت وأبيات فإن في العرف اللغوي يجعل ( البيوت ) اكثر ما تُستعمل جمعاً للبيت الذي يسكن فيه ، ويجعل ( الابيات ) أكثر ما تستعمل جمعا لبيت الشعر يقول ابو البقاء الكَفَوي:
( والبيت يجمع على ابيات وبيوت ولكن البيوت بالمسكن أخصّ والابيات بالشعر ) (7)
(7) الكليات لابي البقاء الكفوي :ج1 ص413.
ومع استقرار هذا العرف وتتابع الناس عليه فقد استعمل هذا الجمع مكان ذاك وقد سبق استعمال سيبويه للبيوت جمعا لبيت الشعر ومن ذلك قول الشاعر :
وبعضُ بيوت الشِّعر حكمٌ وبعضُها= خلى لفَّه في ظُلمة الليل حاطِبهُ (8)
( 8) شرح القصائد السبع الطوال : ص396
ثم جاء ذلك مستفيضا في كلام أهل العلم. قال محمد بن سلاَّم الجمحي في سياقه المفاضلة بين جرير والفرزدق :
( وسألت الاسيدي - اخا بني سلامة - عنهما فقال : بيوت الشعر اربعة : فخر ، ومديح ، ونسيب ، وهجاء وفي كلِّها غُلِّبَ جرير ) . (9)
طبقات فحول الشعراء: ص 378.
http://www.alajman.net/vb/uploaded/823[1].gif
الثريا وعمر بن ابي ربيعة :
حدثنا الزبير بن بكار عن مسلمة المخزومي عن ايوب : أن عمر بن ابي ربيعة كان متعلقا بالثريا بنت علي بن الحارث بن أمية الاصغر. وكانت أهل ذلك جمالا وتماما وكانت تصيف بالطائف وكان عمر يغدو عليها على فرسه فيسأل الركبان الذين يحملون الفاكهة من الطائف عن الاخبار فلقى يوما بعضهم فسأله عن أخبارهم فقال : ما استطرفنا خيرا الا انني سمعت عند رحيلنا صوتا وصياحا عاليا على امراة من قريش نسيت اسمها ولعله نجم في السماء فقال عمر : الثريا قال: نعم.
وكان عمرقبل ذلك قد بلغه انها عليلة فوجه فرسه الى الطائف يركضه وسلك أخشن الطرق وأقربها حتى انتهى الى الثريا وقد توقعته وهي تتشوف له فوجدها سليمة ومعها اختاها : رضيا وأم عثمان فأخبرها الخبر فضحكت وقالت : أنا أمرتهم لأختبر مالي عندك. فقال عمر في ذلك هذا الشعر :
تشكَّى الكُمَيتُ الجري لما جهدتُه= وبيَّن لو يستطيعُ أن يتكلما
فقلت له إن ألق للعين قرةً= فهان عليّ أن تكلّ وتسأما
لذلك أدنى دون خيلي رباطه= وأوصى به ألا يهان ويكرما
عدمت إذن وفرى وفارقت مهجتي= لئن لم أقل قِرناً أن الله سلما
فقال مسلمة بن ابراهيم : قلت لايوب بن مسلمة : أكانت الثريا كما يصف عمر بن ابي ربيعة ؟ فقال : وفوق الصفة كانت والله كما قال ابن قيس :
حبَّذا الحج والثريّا ومن بالخيفِ= من أهلها وملقى الرِّحالِ
يا سليمان إن تُلاقِ الثّريا= تَلقَ عَيشَ الخلودِ قبل الهلالِ
دُرةٌ من عَقائِل البحرِ بِكر(ن)= لم يشنها مُثاقبٌ لِلآلي
تعقد المئزَرَ السَّخامَ من الحَرِّ= على حِقو بانٍ مِكسالِ
وحدثنا عمر بن شبة قال: أخبرنا محمد بن يحيى قال: زعم عبيد بن يعلى قال حدثني كثير بن كثير السهمي قال : لما ماتت الثريا أتاني الغريض فقال لي : قل أبيات شعر أنح فيها على الثريا فقلت :
ألا يا عين مالك تدمعينا= أمن رمد بكيتِ فتكحلينا ؟
أم أنتي حزينة تبكين شجواً= فشجوكِ مثله ابكى العيونا ؟
http://www.alajman.net/vb/uploaded/823[1].gif
متمم بن نويره يرثي اخاه مالك :
لقد رثى متمم اخاه في قصيدته العينية اخترت منها هذه الابيات يقول متمم:
وكنا كندماني جذيمة حقبة = من الدهر حتى قِيل لن يَتَصدَّعا
فلمّا تَفَرَّقنا كأني ومالِكاً= لِطولِ اجتماع(ن) لم نَبِت ليلةً معا
فإن تكن الايامُ فرَّقت بيننا= فقد بان محموداً أخي حينَ وَدَّعا
أقول وقد طار السَّنا في رَبابهِ= وجَونٌ يَسُحُّ الماءَ حتى تَرَيَّعا
سقى اللهُ أرضاً حَلها قبرُ مالك(ن)= ذِهاب الغوادي المُدجناتِ فأمرعا
تحيته مني وإن كان نائياً= وأمسى تُراباً فوقه الارضُ بَلقعا
(وما وجد أظآر(ن) ثلاثٍ رَوائم(ن)= أصَبنَ مَجَرًّا من حوار ومصرعا
يُذكرن ذا البَثِّ الحزينِ ببثهِ= أذا حنت الاولى سَجَعنَ لها معا
إذا شارِفٌ منهنَّ قامت فرجَّعَت= حَنيناً فأَبكى شَجوها البَركَ أَجمعا)
بأوجدَ مني يوم فارقة مالكٍ= مُنادٍ بَصير(ن) بالفراقِ فأسمعا(1)
يشبه في الثلاثة الابيات الشاعر التي بين القوسين حزنه كحزن الناقه على فقد ولدها.
(1) المنتخب في محاسن اشعار العرب لثعالبي. ج1 ص207
وروي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال لمتمم بن نويره حين سمعه ينشد في اخيه مالك :
لا يمسك العوراءَ تحت ثيابه= حلوٌ شمائله عفيف المِئزرِ
ولنعم حشوُ الدرع كنتَ وحاسرا= ولنعم مأوى الطارق المتنوِّرِ
فقال عمر :
لوددت أنك رثيت اخي بما رثيتَ به أخاك فقال له : يا ابا حفص لو اعلم أن اخي صار حيث صار اخوك ما رثيته يقول : ان اخاك قتل شهيدا - يعني به زيد بن الخطاب اخو عمر - فقال عمر :
ما عزاني أحد بمثل تعزيتك.
وفي حديث اخر أنه رثى زيد بن الخطاب فلم يُجِد فقال عمر: لم أرك رثيت زيدا كما رثيت مالكا! فقال : إنه والله يُحركُني لمالك مالا يحركني لزيد.(2)
الفاضل : لابن المبرد : تحقيق عبدالعزيز الميمني.ص63
http://www.alajman.net/vb/uploaded/823[1].gif
كتبه ابو حمد الشامري