تنزُّه في حـدائق المــــوت .. (حصل معي )

[الشامخة فتاة شمر]

(( بسم الله الرحمن الرحيم ))




" مَدخَــــل "


كنتُ صغيرة حينها ..
حينما ذهبت برفقة ابنة عمتي للتنزُّه في حدائق المــــوت ..
في الحي الذي يقبع خلف منزل عمتي تقع " المقبرة الكبيرة " التي ضمت رفات الكثير من أجساد الأحبة ..
كان منهاجنا العبث كحال قريناتنا في تلك السن ..


قالت لي ابنة عمتي وهي تصف وتحبب لي مارأت حينما ذهبت برفقة فلانة وفلانة من قريباتنا للمقبرة ..
ثم اقترحت علي أن أذهب برفقتها ..


رفضت لأول وهلة فهذا صعب على مخيلتي تصوره ..


فإني أخاف أن تخرج لنا الهياكل البيضاء المتحركة .. أو أن تظهر لنا الأشباح التي ترقص كما كنا نتخيل سابقاً ..!!
قالت لي : " إنتي خوافه حيييل "


كم أبغض هذه الكلمة فأنا لست كذلك ..
وافقتها ..
وسرنا باتجاه المقبرة التي لم أتخيل سوى أنها حديقة لأتنزه فيها حتى أنفس عن نفسي الخوف الذي حل بي ..


أمام بوابة المقبرة دخلت ابنة عمتي بشكل أذهلني وجعلني أتصور أنها ألفت هذا المكان كثيراً ..
أما أنا فوقفت أرتجف أمام بوابة المقبرة .. وقلبي يخفق بشدة من الخوف ...
أصبحت أسمع صوت ابنة عمتي العالي وهي بالداخل بشكل ممتلئ ثقة وكأنها تريد أن تقول لي : انظري لي فأنا قوية ..!!


دخلت المقبرة ..
ياللللللله ..
ما أصعب الموقف ..
ما أكثر القبــــور ..


أردت الذهاب إلى الجهة التي بها ابنة عمتي ..
بدأت أقفز من فوق القبور ..
قفزت القبر الأول ..
الثاني ..
الثالث ..
الرابع أو الخامس لا أتذكر ..


ثم وقفت واجمــة ..
سرت الرعشة في كل جسدي ..
عياناي تغرقت بالدموع ..
نادتني قريبتي ولم استطع إجابتها ..
أتت لترى ما رأيت ..
كان قبراً صغيراً جداً ..
قد لايتجاوز ذراعي آنذاك ..
أحزنني أنه طفل صغير ..


قالت ابنة عمتي : " أكيد اللي داخله نونو ميت " ..
الآن وبعد مرور هذه السنون أقول :
هنيئاً لذاك الطفل .. ومن أراد البكاء فاليبكِ على حالنا نحن الذين ألفنا الذنوب وغشيناها ولم نرعى حق الله ..



أحبتي :


تلك هي دارنا ..
سنرحل بلا شك ..
رغماً عنا وعن من نحب ..
سنرحل غير مخيرين ولا راغبين ..
" يوم لاينفع مال ولابنون إلا من أتى الله بقلبٍ سليم "



أحبتي :
سنرحل .. شئنا أم أبينا ..


فهل أحسنا العمل والقول ..!!
وقفة مراجعة مع أنفسنا التي أرقتنا كثيراً بكثرة ماتشتهيه ..


أحبتي :
دائماً أقولها لتعلوا الهمة " هي جنة فيها ما لاعينٌ رأت ولا أذن سمعت ولاخَطرَ على قلبِ بشر " ..


لعلي أختم أحرفي بدعوة أرسلتها عمداً لاحدى صاحباتي في آخر الليل فأرعبتها قليلاً :


" اللهم اجعل قبري وقبر قارئة رسالتي روضة من رياض الجنة ولاتجعل قبري وقبرها حفرة من حفر النيران "



اللهم آمين .. اللهم آمين ..



ملاحظة : لعن الله زورات القبور <<< الحكم في زيارة النساء للمقابر .. وماحدثتكم به حينما كنت طفلةأعبث بألعابي ..


بنبض : الشامخة (فتاة شمر )

[غ’ـليص]

جزاك الله خير ونفع بك الاسلام والمسلمين

[عجمي و بكل فخر 2]

بارك الله فيك

ونسأل الباري ان يعفو عنا بفضله ورحمته