المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الاسلام....والنظريه


أحمد هلالي تركي
21-09-2009, 11:30 PM
بعيداً عن التعريفات الجاهزة ، نرى أن الإسلام ليس نظرية تطبق أو لا تطبق ... قابلة للتطبيق أو لا ... يمكن اكتشاف بعض العيوب فيه ، ومن ثم تنقيح بعض جوانبه ... حتماً لن يكون هذا ممكناً لأن الدين عند الله الإسلام ، فهو خاتم الديانات السماوية ومادام أخذ هذه الخاصية ، فقد تكفلت به العناية الإلهية ، وما على الناس إلا أخذ هذا الدين ، كما نزل على محمد – صلى الله عليه وسلم – وذلك بما يختص بالعقيدة والأمور التوفيقية كالصوم والصلاة والزكاة ، أما أمور الحياة الأخرى ، فنحن أعلم وأدرى بها كما نص عليه الحديث النبوي ، المتعلق بأمور الزراعة والتعامل مع النخل .
إن الإسلام ليس بنظرية . بل قانون ومشروع حياة . القانون جاء ليطبق على أرض الواقع . أما النظرية فتحتمل التطبيق أو نقيضه . إن النظريات تفقد قيمتها بمرور الزمن ، وقد تفشل هذه النظرية أو تلك ، وقد تذوب في النظريات الأخرى وتتلاشى . أما الإسلام فهو صالح لكل زمان ومكان لقد فشلت النظرية المادية الشيوعية ، ، رغم الايهام بنجاحها ، بفضل قوة الآلة العسكرية ، التي أوصلت الشيوعيين في كثير من البلدان إلى مقاليد الأمور في البلاد التي ابتلاها الله بالشيوعية ، وابنتها السفاح الإشتراكية ، فشلت الشيوعية لأنها سلبت من الفرد خاصية التفكير والإرادة ، وعطلت عمل الروح لديه ، وجعلته كالآلة يعمل من أجل إسعاد النظام والدولة . وشلت لديه عمل الروح من خلال تعطيل جانب العبادة والإحساس بلذة العبودية لله الخالق العظيم ، ونظرت إلى الكون من بوابة المادة .
الإسلام قانون ومشروع حياة ... لا نظرية قابلة للذوبان




- الفهم الخاطئ


الإسلام دين الله المختار للبشر ، ومادام هو كذلك ، فلابد أن يكون للناس يد في هذا الدين . العقيدة والأمور التوفيقية تؤخذ من الله المشرع ، والنبي الخاتم ، أما أمور الحياة فمتروكة للناس ، فابن عمر رضي الله عنهما عندما كان يسأل عن مسألة غريبة كان يقول " دعوها لفقيه زمانها " وهذا من عظمة هذا الدين الصالح لكل زمان ومكان ولكل ظرف .
هذا الكلام يقودنا لآفة عظيمة يقع فيها الكثير من المسلمين وهي الفهم الخاطئ للدين . فليس كل ما يقال يطبق . المسألة تتعلق بفهم روح القوانين الدينية ، في الوقت الذي يتمسك فيه الناس بنصوص القوانين الدينية . والنصوص يغلب عليها الجمود . النصوص تعطي صورة عامة للأحكام لا خصوصية فيها كتارك الصلاة مثلاً – " فمن تركها فقد كفر " وهذا حكم عام يصعب تخصيصه على فرد بعينه . لقد حذر الرسول – صلى الله عليه وسلم – في عدة أحاديث من الذهاب للعرافين والكهان ، غير أن الرسول الخاتم قد ذهب لابن صياد اليهودي وهو يعلم بكفره ودجله وكهانته ليسأله " ماذا خبأت لك ؟ " فقال " الدخ " – والقصة معروفة . كما أن الصحابة بحثوا عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ، وحين لم يجدوه ، ذهبوا لامرأة كان يأتيها رِئِيًّا من الجن يسألونها عن مكان الخليفة ، وهناك مثال يجب ألا نغفل الحديث عنه ، حيث أن الله قال " وتلك حدود الله فلا تقربوها " وهذا نص القانون ، غير أن روح القانون ، وضحه الرسول للقانونيين والقضاة في الإسلام " ادرؤوا الحدود بالشبهات " وكذلك قال الرسول – صلى الله عليه وسلم : " احثوا التراب في وجوه المداحين " لكننا لم نعلم – حسب علمنا المحدود المتواضع – أن الرسول قد حثا التراب في وجه شاعر جاء يمدحه ، فقد كان أجود من الريح المرسلة كما وصفه أحد الصحابة .




- الخلل الواضح



الحكم وأمور السلطنة مواضيع تتعلق بمعالجة أمور الناس على الأرض لا في السماء . إن هذه الأمور تتعلق بأمور الدنيا الفانية ، وترتبط ارتباطاً وثيقاً بحياة الناس العامة . كان تنصيب الخليفة أبي بكر الصديق جاء عن طريق الإجماع ، ووصل عمر للحكم عن طريق التعيين ، وتبعه عثمان بن عفان من بوابة الترشيح ، وآلت الأمور لعلي بن أبي طالب عن طريق التزكية .
هكذا كانت ملامح المشهد السياسي في دولة الخلفاء الراشدين . لم يحدث أي خلخلة في عملية انتقال السلطة . غير أن أدبيات الفكر السياسي الديني السلطاني فيما بعد قد منح هذا المفهوم – مفهوم الحكم – بعداً آخر إذ قرن هذا الفكر بالأمور المقدسة التي لا مناص منها ، ولا خلاص لمن لا يوافقه هذا الرأي والتوجه السلطوي ، وهذا التوجه السلطوي المتشح بالدين ليس قاصراً على المسلمين فحسب . فنمط الحكم السائد في الغرب قديماً يقوم على منح الملوك حق التفويض الإلهي . ونمط الحكم السائد في الشرق القديم قرن الملوك بالآلهة . وفي أدبيات السياسة الشرعية عند المسلمين " أن السلطان ظل الرحمن في الأرض " وأن من ينتقد الحاكم فهو صاحب بدعة ، وكل من يدعو للحاكم دون الالتفات لِمَا يجري من تجاوزات في الشارع وفي الحياة العامة والخاصة فهو صاحب سنة . وهذا الكلام الأخير قفز على توجيهات الرسول – صلى الله عليه وسلم – القائمة على أن " الدين النصيحة " سواء لائمة المسلمين وعلمائهم وعامتهم . وفي هذا الكلام والتوجه السلطوي المسيس باسم الدين رفض أو تعارض ومعارضة لأسلوب حياة الخلفاء الراشدين السياسية الداعين والقائلين " أطيعوني ما أطعت الله فيكم فإن عصيته فلا طاعة لي عليكم " . إن مثل هذه الأمور الخارجة على المألوف هي التي ا وسعت من عمق الهوة بين الحاكم والمحكوم لصالح فئة معينة من الناس ، التي لا تعيش إلا في الظروف الإستثنائية والصيد في الماء العكر .
قال الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور ، عندما التقى بالعالم المسلم الجهبذ سفيان الثوري " نثرنا الحب للعلماء فلقطوه إلا سفيان أعيانا " فكل الذين " لقطوا الحب " حسب تعبير الخليفة العباسي هم المسؤولون عن تسويق الظلم والرضا بما هو واقع ، سواء " اللاقطين " في الماضي أو " اللاقطين " في الحاضر .
مسلسل السقوط لطائفة لا بأس بها من علماء الأمة لم يقف عند هذا الحد – حد اللقط – فقد جاء عالم من علماء المسلمين جوز للحاكم حق اغتصاب الأعراض وانتهاكها ، وان على الناس السمع والطاعة وذلك من باب " سد الذرائع " واعتماداً على القاعدة الشرعية القائمة على " درة المفاسد مقدم على جلب المصالح " وكل هذا الكلام بالتعبير عن أحقية الحاكم بالسمع والطاعة ، كما عند الإمام الآجثرّي في كتابه المعنون بـ " الشريعة " علماً بأن من حق الحاكم السمع والطاعة ، وأن في صلاحه صلاح للعباد والبلاد . لكن هذا الموقف التخاذلي حكم على الفرد المسلم بالرضا بالصغار والهوان ، وأي معنى للدين إذا فقد الإنسان عن طريقه كرامته وعرضه ؟؟!! وهل ستجدي معه فتاوي أمثال هؤلاء العلماء ؟؟!! هذا الانزلاق يتعارض مع قيم الإسلام وتعاليمه السمحه ، وشرعه الواضح الذي جاء نوراً وهداية للعالمين ، وسراجاً منيراً يهدي للناس من الظلمات إلى النور .
من خلال ما سبق يتضح لنا أن الفكر السياسي الديني في الإسلام قد تأثر بمعتقدات الأفكار السياسية لدى الديانات الأخرى ، إذ اقترن بالفكر السياسي المسيحي الغربي تارة ، وبالفكر السياسي الوثني الشرقي تارة أخرى ، وذلك بربط أمور الحكم بالأمور الغيبية المقدسة التي لا مناص من التسليم لها ، والإذعان لسلطانها الطاغي على الأفراد والجماعات .
إن أصحاب هذا التوجه السلطوي ، هم أنفسهم الذين يطنطنون في كتاباتهم للوالي الأموي خالد بن عبدالله القسري المعروف عنه الظلم والتعسف مع الرعية . أقول هم أنفسهم الذين يطنطنون له مباركين قتله لأحد علماء المسلمين المخالفين لهم بالرأي ، وهو الجعد بن درهم ، الذي اختلف مع بعض العلماء بالرأي ، بأن قام ذلك الوالي بربطه عند المنبر وذبحه يوم عيد الأضحى كما تذبح الشاه . نعم ... أخطأ العالم كما تقول الكتب التاريخية ، وكان خطؤه عظيماً . ولكن هل يجب مواجهته بهذه الطريقة " الإلغائية " التعسفية " ؟؟!! .. وبهذا الأسلوب الشنيع ؟؟!! .
أين هؤلاء من موقف الرسول – صلى الله عليه وسلم – مع المنافقين ؟؟!! وهو النبي الذي يوحى إليه من السماء بكل صغيرة وكبيرة . لقد نزلت آيات وسور تفضح المنافقين ، وهناك سورة بالقرآن الكريم تقرا في الصلاة وفي الجوامع باسم هذه الطائفة الذميمة ، وتكشف دعاويهم الباطلة ، وتجاوزاتهم الفاضحة . وكان من أقسى هذه التجاوزات ، حادثة الإفك ، حين طعنوا بعرض السيدة عائشة بنت أبي بكر الصديق – رضي الله عنهما - والتطاول الشنيع على آل بيت الرسول الكريم – عليه السلام – نقول رغم تلك الأحداث الإجرامية التي اقترفوها بحق الرسول وزوجته – أم المؤمنين – لم يفعل لهم أي شيء الرسول – صلى الله عليه وسلم – لأنه أقام نظاما اجتماعياً فريداً وأسس عقداً اجتماعياً راقياً بتسامي على الأمور الشخصية ، واستطاع هضم حتى المخالفين له بالرأي ضمن الدائرة الإسلامية عن طريق التعايش السلمي معهم باعتبارهم مسلمين . وهذا هو جوهر الرقي والتطور والقدرة على الانسجام والتناغم مع الآخرين القائم على التمكن من القدرة الفذة على إدارة الخلاف بشكل يمنح الجميع صفة " الإئتلافية " الثقافية والانصهار في بوتقة المجتمع الواحد

الهتون
22-09-2009, 02:40 AM
مشكور على الموضوع أخ أحمد لكن ماقاله الجعد لم يكن اختلافاً بالرأي وجزاك الله خير.....

عربي مسلم
22-09-2009, 03:49 PM
مشكور اخوي على الموضوع

تقبل تحياتي

someone
22-09-2009, 07:05 PM
لاهنت على الموضووع
بارك الله فيك

ليــه يازمـــن
23-09-2009, 02:35 AM
مشكور على الموضوع

الله يعطيك العافيه:21t:

حر قطر
23-09-2009, 10:25 AM
يعطيك العافيه