المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الخلفية التاريخية للحركة الصهيونية 2/3 الدكتور عبد القادر ياسين


سهيل الجنوب
10-07-2005, 10:11 PM
الصهيونية البريطانية:

قد تبدو هذه التسمية غريبة بعض الشيء، وقد يسال البعض وهل هناك صهيونية بريطانية وأخرى المانية وفرنسية،.. وغيرها:

لقد حاولت أن أميز في هذه الدراسة بين نوعين من الصهيونية:

‌أ. الصهيونية كدعوة، وهو اتجاه اقتصر على الكتب والأفكار والنشاط الدعائي.

‌ب. الصهيونية كحركة، تنظيم تبنى إلى جانب الأفكار، العمل المنظم الدائب وفق أسس معينة ولتحقيق أهداف محددة.

الصهيونية كدعوة، اتجاه، معروفة منذ القرن السابع عشر، وبالتحديد منذ 1621. ففي ذلك العام نشر "سير هنري فينش" الإنكليزي كتاباً بعنوان (دعوة اليهود) توقع فيه المؤلف "اقتراب موعد استعادة اليهود لسلطاتهم في فلسطين، وتأسيس إمبراطورية يهودية". ويتفق مؤرخو الصهيونية على اعتبار النصف الأول من القرن السابع عشر مولداً للدعوة الصهيونية بين المسيحيين، ويطلق المؤرخون، بمن فيهم اليهود والموسوعة الصهيونية بالذات، على هذا النوع من الصهيونية اسم "صهيونية الأغيار"،.. أي صهيونية الذين لا ينتمون إلى اليهودية كديانة، وهي ترجمة كلمة "غوييم" بالعبرية أي الأغيار". في حين يطلق عليها كتاب آخرون اسم "الصهيونية المسيحية" أو "صهيونية غير اليهود" نظراً لأنها لم تنتشر إلا في صفوف المسيحيين آنذاك، وخاصة فئة المطهرين (بيوريتان) من البروتستانت. وقد استمدت هذه الدعوة مبرراتها العلنية من عقيدة العصر الألفي التي تحدد العام الألف موعداً لظهور "المسيح المنقذ"، وقيادته لبني "إسرائيل"، وإعادتهم إلى فلسطين تحقيقاً لنبوءة التوراة.

أما المبررات الحقيقة لتنامي هذه الدعوة وانتشارها في بريطانيا مع صعود "كرومويل" إلى السلطة فتتصل في الأصل بمصالح بريطانيا التجارية. وقد ساعد "كرومويل" - المسيحي البريطاني - على انتشار هذه الدعوة عندما سمح لليهود بالعودة إلى الجزر البريطانية عام 1655 بعد أن كانوا قد طردوا منها عان 1290. وبرر "كرومويل" قراره هذا بأنه "تحقيق لنبوءة التوراة بوجوب تشتت اليهود في جميع الأرض، ثم تجمعهم في الجزر (الجزر البريطانية؟) قبل ظهور مسيحهم وقيادته لهم عائدين إلى فلسطين".

وينسب المؤرخون الغربيون والصهاينة عامة إلى "كرومويل" تأثره بعقيدة العصر الألفي، بعد ظهور كتاب "جون آرثر" عام 1642 الذي حدد فيه عام 1666 عاماً ألفياً وموعداً لظهور المسيح، في حين حدد الصوفيون اليهود العام الألفي سنة 1648. ويرى هؤلاء الكتاب أن "كرومويل" رغب في أن يساهم في تحقيق النبوءة المذكورة، ولذلك سمح لليهود بالعودة إلى الجزر البريطانية.

أما دوافع "كرومويل" الحقيقية فكانت مصالح بريطانيا التجارية، وخصوصاً المصالح البحرية، وحاجة "كرومويل" إلى أموال اليهود وأساطيلهم التجارية وخبراتهم المصرفية لاستخدامها في تدعيم صراعه مع البرتغال من أجل السيادة على البحار. وكان اليهود آنذاك يشكلون الطبقة التجارية المسيطرة في هولندا، كما كانوا يتطلعون إلى الانتقام من البرتغال وإسبانيا بسبب طردهم منهما، واضطهادهم في هذين البلدين. فاستفاد "كرومويل" من هذا الواقع الموضوعي، وعمل على استقدام اليهود بأموالهم وأساطيلهم وخبراتهم إلى بريطانيا كخطوة عملية تستفيد منها بريطانيا في حربها المقبلة ضد إسبانيا والبرتغال للسيطرة على البحار من جهة،.. وفي سباقها التجاري مع هولندا من جهة أخرى.

هكذا ولدت الصهيونية البريطانية. وقد عبرت هذه الصهيونية منذ ولادتها عن ارتباطها بالمصالح الاقتصادية والسياسية لبريطانيا. وكانت هذه الدعوة تبرز وتقوى عندما تستدعي ذلك مصالح الدولة في بريطانيا، وتختفي عندما تنتفي الحاجة إلى استخدامها. ولذا ما كاد "كرومويل" ينتصر في حربه ويحقق أغراض استخدامه للدعوة الصهيونية حتى خمدت هذه الدعوة واختفت نهائياً، ولم تعد إلى الظهور إطلاقاً إلا بعد ما يزيد على قرن كامل من الزمن، مع انتصار الثورة الفرنسية واستفحال العداء بين بريطانيا سيدة البحار، المحافظة، البروتستانتية، وفرنسا الثورة الفرنسية، حاملة المبادئ الليبرالية. إذا عادت الحاجة مرة أخرى إلى استخدام هذه الدعوة سلاحاً في التنافس البريطاني-الفرنسي.

وهكذا، بعد انقطاع دام ما يزيد على قرن من الزمن، ظهر كتاب جديد في بريطانيا عام 1794 أصدره الضابط البحري البريطاني "بروزرز" وحدد فيه عام 1795 موعداً لظهور المسيح المنقذ، ودعا لإعادة اليهود إلى فلسطين تحقيقاً لنبوءة التوراة، واعتبر الإنكليز من سلسلة الأسباط اليهود ؟!.

الصهيونية الفرنسية :

هذه المرة، لم تنفرد بريطانيا باحتضان نبوءة التوراة وتحقيقها،.. بل شاركتها فرنسا، وبالذات "نابليون بونابرت" الذي كان يتطلع إلى ضرب المصالح البريطانية الرئيسية في الشرق الأوسط. وإلى قطع طريق الهند ومد النفوذ الفرنسي إلى الشرق، وجعله منافساً أساسياً للنفوذ البريطاني.

وما كاد "نابليون" ينتصر على المماليك في حملته على مصر عام 1798، ويتجه زاحفاً إلى فلسطين فيصطدم بأسوار عكا المنيعة، حتى لجا إلى الدعوة الصهيونية، فأصدر نداءً مؤرخاً في 22 أيار عام 1799 دعا فيه اليهود إلى الانضواء تحت لوائه، والقتال معه من أجل استعادة القدس، وتأسيس "مملكة إسرائيل"، وتسليمها إلى اليهود باعتبارهم "الورثة الشرعيين لفلسطين".

وهكذا دشن نابليون "المحاولة الأولى لاستيطان اليهود في فلسطين عن طريق تهجيرهم إليها".

وبالتأكيد، لم يكن نابليون يهودياً أو صهيونياً، وإنما قصد إلى استخدام هذه الدعوة لخدمة أغراضه الاقتصادية والسياسية. وبهذا النداء، دخلت مرحلة التنافس الاستعماري البريطاني – الفرنسي مرحلة جديدة، كما أصبحت الدعوة الصهيونية أداة لخدمة أغراض هذا الاستعمار أو ذاك.

إلا أن فشل حملة "نابليون" وهزيمته واضطراره إلى الانسحاب، وبالتالي انخفاض حدة التنافس بين الدولتين الاستعماريتين بريطانيا وفرنسا، قلص الحاجة إلى الدعوة الصهيونية، فخمدت هذه الدعوة، بل اختفت مرة أخرى لعدة عقود من الزمن، ولم تعد إلى الظهور مجدداً إلا في أواخر الثلاثينات من القرن التاسع عشر، مع اشتداد التنافس البريطاني – الفرنسي من أجل الاستيلاء على سورية وفلسطين خلال الأعوام 1839 و1845، وبرز "محمد علي باشا" في مصر كقوة رئيسية تهدد مصالح الدولتين معاً.

والجدير بالأهمية ملاحظة أن اليهود أنفسهم لم يكونوا حتى ذاك التاريخ مهتمين عملياً بفكرة عودتهم إلى فلسطين على الرغم من كون المسألة الفلسطينية قد اتخذت في الأدبيات الأوروبية طابعاً يهودياً للمرة الثانية في مؤتمر لندن "لوسيان وولف" إذ لم يرتفع صوت يهودي واحد يطالب بالعودة إلى فلسطين حتى ذلك التاريخ.

ثم كانت هزيمة "محمد علي باشا"، الحاكم المصري الذي "عارض بصورة قاطعة إنشاء طريق مائي إنكليزي عبر الفرات لنقل البضائع أو شق قناة خاصة تنقل بواسطتها هذه البضائع إلى البصرة عبر الفرات، كما عارض مختلف المشاريع الرامية إلى إنشاء قناة السويس". ويرى المؤرخ الروسي "لوتسكي" انعقاد "مؤتمر لندن" سنة 1840 كرس هذه الهزيمة التاريخية، واعتبرها مؤشراً واضحاً لتصاعد الاهتمام السياسي البريطاني بفلسطين، وبالتالي لظهور الدعوة الصهيونية مرة أخرى، والتأكيد على الطابع المصلحي الاستعماري في تبني بريطانيا لهذه الدعوة. وقد عبر عن هذه النقطة بوضوح "اللورد بالمرستون" عندما كتب إلى السفير البريطاني في الاستانة عام 1840 طالباً إليه توصية السلطان العثماني بتشجيع هجرة يهود أوروبا إلى فلسطين بحجة أن استيطان اليهود لفلسطين "يعني ثروة مالية جديدة تزيد من موارد السلطان، كما يجعل من فلسطين حاجزاً منيعاً يقف في وجه أطماع محمد علي، أو من يخلفه في مصر". وفي عام 1842 وجه القنصل البريطاني في سورية الكولونيل "تشارلز هنري تشرشل" نداءً إلى يهود أوروبا يدعوهم فيه إلى الهجرة إلى فلسطين واستيطانها وسيادتهم عليها، معتبراً بريطانيا الدولة الوحيدة المسؤولة والقادرة على تحقيق ذلك.

وفي عام 1844 تأسست في لندن "الجمعية البريطانية الأجنبية" للعمل على إرجاع "الأمة اليهودية" إلى فلسطين التي تمتد "من النيل إلى الفرات" وترتبط بالإمبراطورية البريطانية".

وهكذا توالت الكتب والمشروعات، وأبرزها مشروع الكولونيل البريطاني "ميتفورد" عام 1845 لاستعمار فلسطين يهودياً تحت الحماية البريطانية، وكتاب الكولونيل "غولر" بعنوان: تهدئة سورية والشرق عن طريق الاستعمار اليهودي المنظم لفلسطين باعتباره يلبي الحاجات الضرورية لبريطانيا، ويحمي مراكز تجارتها عبر البحار".

وقد عبر عن هذه السياسة بكل وضوح اللورد "شافتسبيري" في رسالة موجهة إلى السفير البريطاني في تركيا عام 1854 عندما أرسل إليه تعليماته بوجوب "حمل السلطان العثماني على إصدار "فرمان" يمسخ اليهود سلطة امتلاك الأراضي في سورية الطبيعية، معتبراً أن استيلاء اليهود على سورية (فلسطين ضمناً) هو السبيل الوحيد لحل المسألة السورية".

وقد علقت المؤرخة الأميركية "بربارة توخمان" في كتابها الممتاز "التوراة والسيف" على هذا الاهتمام البريطاني باليهود والعطف عليهم فكتبت:

"..وفي الواقع لم يكن الحب للأمة اليهودية هو الذي أثار جميع هؤلاء الأغيار الطيبين والمتحمسين.. إذ عارض هؤلاء أنفسهم وبثبات منح اليهود الحقوق المدنية في بلادهم، وهو ما أراده اليهود فعلاً ".

ذلك لأن "شافتسبيري" بالذات وقف في البرلمان البريطاني ضد مرسوم منح اليهود حقوقاً مدنية متساوية مع المسيحيين في بريطانيا.

مرة أخرى إذن، عادت إلى الظهور الدعوة الصهيونية، وارتبطت مجدداً بمصالح هذه الدولة أو تلك في الشرق، ولم تكن بريطانيا لتستطيع الانفراد بهذه الدعوة، إذ كان ذلك يتقرر على ضوء مصالح الدول الاستعمارية المتنافسة على اقتسام العالم.

ففي إيطاليا ظهر كتاب عام 1851 بعنوان "القدس والشعب العبراني" لمؤلفه "بنيتوموسوليني" دعا فيه إلى التعجيل بالاستعمار اليهودي لفلسطين.

كما ظهر كتاب آخر في فرنسا عام 1860 بعنوان "المسألة الشرقية الجديدة الإمبراطورية المصرية والعربية - تأسيس القومية اليهودية" لمؤلفه "أرنست لاهاران" السكرتير الخاص لـ "نابليون الثالث". ودعا المؤلف في هذا الكتاب إلى "إعادة بناء "الدولة اليهودية" في فلسطين تحت الوصاية الفرنسية". واقترح على التجار والأثرياء اليهود تقديم كميات من الذهب إلى السلطان العثماني، وأن يقولوا له:

"أعطنا بلادنا وخذ هذه الأموال لتدعيم الأجزاء المتبقية لك من إمبراطوريتك.. إن مملكتنا تمتد من السويس إلى أزمير، بما فيها سلسلة جبال لبنان الغربية.. ولن ينسى أبناء إسرائيل فضل فرنسا المعاصرة التي أحبتهم دوماً ودافعت عنهم".

ويرى المؤرخ البريطاني "نيغل باربر" أن كتاب "لاهاران" ومشروعه أثرا بصورة واضحة على "موزس هس" وكتابه "روما والقدس" الذي سبق ذكره، وأن هذا التأثير يوضح أن وجود "الصهيونيين الأغيار"، قد مارس فعله في اليهود أنفسهم، وأنعش آمالهم التي كان ممكناً أن تظل مجرد تخيلات.

هذا الاهتمام الفرنسي الجديد أثار رد فعل متوقع في بريطانيا، إذ اشتدت الدعوة مجدداً إلى توطين اليهود في فلسطين، فتأسس في لندن عام 1865 صندوق اكتشاف فلسطين، وكانت الغاية الرئيسية لهذا الصندوق دعم بريطانيا وجهودها الهادفة إلى الاحتفاظ بمواقعها، وتدعيمها في وجه التنافس البريطاني- الفرنسي الذي عاد إلى الظهور. خصوصاً بعد هزيمة فرنسا في لبنان في أحداث سنة 1860 وبروز بريطانيا كقوة رئيسية في المنطقة مرشحة لوراثة مستعمرات الإمبراطورية العثمانية في المستقبل.

وكانت خاتمة هذه المشاريع البريطانية مشروع سير "لورانس أوليفانت" عام 1880 الذي حاول إقناع المسؤولين البريطانيين "لولزري" و"دزرائيلي" بالمنافع التي ستحصل عليها بريطانيا من جراء تنفيذها لهذا المشروع، ويرى "أوليفانت" أن "الأزمة التي تناصر قضية اليهود ومسألة إرجاعهم إلى فلسطين يمكنها الاعتماد على تأييد اليهود في عمليات مالية على أوسع نطاق، كما يمكنها الاعتماد على نفوذهم الإعلامي في البلدان التي يقطنونها، وكذلك تعاونهم السياسي معها، مما قد يؤدي مستقبلاً إلى شل نشاط الدولة التي يقيمون فيها إذا دخلت في عداء مع الدول التي ناصرتهم".

وهكذا اكتملت الحلقة، واتضحت أسس التحالف الاستعماري الصهيوني.

فبريطانيا ترى في فلسطين مركزاً استراتيجياً هاماً لا بد من احتلاله، بعد احتلال مصر، لحماية مناطق نفوذها في الشرق وتأمين طريق الهند، وحماية قناة السويس ولإبعاد فرنسا عن المنطقة، وإيقاف التغلغل الألماني في الإمبراطورية العثمانية. واليهود الذين سيجري تهجيرهم إلى فلسطين وتوطينهم فيها، سيظلون على استعداد لخدمة هذه المصالح وتأدية المهام المطلوبة منهم. وكان "صندوق اكتشاف فلسطين" قد ساهم بدوره في تقديم كافة المعلومات اللازمة للبدء باستعمار فلسطين.

ما الذي تبقى إذن ؟.

بقي أن تولد الصهيونية السياسية.

وقد ولدت بالفعل بعد عامين على ضوء المجازر والحرائق التي ارتكبها الحكم القيصري الروسي ضد اليهود.

وكتب "ماكس نورداو" الساعد الأيمن لـ "هرتزل"، وأحد أبرز القادة في الحركة الصهيونية فيما بعد : "لو لم تولد الصهيونية، إذن لعملت بريطانيا على خلقها".

وعن هذه الفترة التي شهدت ولادة الصهيونية السياسية كتب لينين :

"..بالنسبة لإنكلترا، كانت مرحلة اشتداد الصراع على الفتوحات الاستعمارية حافلة بين أعوام 1860-1880. كما تميزت بنشاط أكبر طوال العشرين سنة الأخيرة من القرن التاسع عشر. أما بالنسبة لفرنسا والمانيا، فإن فترة العشرين سنة الأخيرة (من القرن التاسع عشر) هي التي يعتمد بها.. ذلك أن المد الكبير للفتوحات الاستعمارية بدأ يظهر بعد تلك الفترة الممتدة بين أعوام 1860-1880 وهي الفترة التي بلغ فيها الصراع من أجل تقسيم العالم ذروته، كما بلغ درجة لا تقاس من العنف والشراسة.

كانت فرنسا قد احتلت تونس عام 1881، كما احتلت بريطانيا مصر عام 1882 وعززت المانيا سعيها الحثيث للتغلغل في الإمبراطورية العثمانية والبلدان المرتبطة بها في منطقة الشرق الأوسط خاصة. وأدى احتدام الصراع بين الإمبراطوريات الاستعمارية الإنكليزية والفرنسية والألمانية على سورية وفلسطين والعراق إلى النظر بجدية واهتمام لفكر استخدام الصهيونية لمصلحة كل من هذه الإمبراطوريات. وقد ربط المؤرخ السوفييتي "لوتسكي" في كتابه الرابع "تاريخ الأقطار العربية الحديث" بين ازدياد الحماسة للدعوة الصهيونية وتأسيس دولة يهودية في فلسطين من جهة. واحتدام التنافس والصراع الاستعماري للاستيلاء على سورية وفلسطين من جهة أخرى. ودل على ذلك بالتنافس البريطاني – الفرنسي أعوام 1798-1801، وكذلك أعوام 1839-1845 وأضاف مشيراً إلى الارتباط العضوي والطبقي بين الإمبريالية والصهيونية قائلاً :

"وكذلك في الأعوام 1860-1870، نظراً لافتتاح قناة السويس، والصراع الاستعماري من أجل السيطرة على الأراضي المجاورة لها وخصوصاً أعوام 1890-1900، التي تعتبر مرحلة التقسيم للعالم والاستيلاء على المستعمرات". مرحلة انتقال الرأسمالية إلى أعلى مراحلها الإمبريالية.

- ويؤكد الكاتب اليهودي "إبراهام ليون" على الطابع الطبقي للصهيونية في كتابه "المفهوم المادي للمسألة اليهودية" عندما يخلص في تحليله الممتاز للمسألة اليهودية منذ القرون الأولى وحتى تاريخنا قائلاً : -

"...إن الرأسمالية التي اقتلعت اليهود (من جذورهم الاقتصادية)، سهلت في البدء استيعابهم. إلا أن بدء تحلل النظام الرأسمالي وانحطاط الرأسمالية خلق المسألة اليهودية... وبينما كانت الحركات القومية الأوروبية نتيجة مرحلة الرأسمالية الصاعدة جاءت الصهيونية ثمرة عصر الإمبريالية... فالصهيونية ليست إلا نتيجة المرحلة الخيرة من الرأسمالية الآخذة في التعفن ".

ويتفق العالم اليهودي الإنكليزي "ليفي هايمان" مع "ليون" في طرحه المسألة اليهودية إذ يرى :

"إن الرأسمالية هي التي طرحت المسألة اليهودية، ولكنها لم تستطع حلها، لأنها لم تكن قادرة على استيعاب اليهود وتمثلهم".

أما الكاتب "السوفياتي" "يوري ايفانوف" فيؤكد أيضاً على الترابط العضوي بين الإمبريالية والصهيونية في كتابه "احذروا الصهيونية".

إن التناقضات بين إنكلترا وفرنسا وألمانيا في منطقة الشرق الأدنى التي كانت جزءاً من الإمبراطورية العثمانية المريضة، والصراع الدائر من أجل تقسيمها النهائي، أرغمت كلاً من الدول الإمبريالية على البحث عن أفضل وسيلة ملائمة لتوسيع مناطق نفوذها. وظهرت فكرة تهجير اليهود إلى فلسطين، التي حملت لواءها الأوساط الإنكليزية الحاكمة منذ زمن طويل، كأفضل وسيلة للاستعمار المحتشم".

بهذه الإيديولوجية، إيديولوجية الاستعمار والإمبريالية، التوسع على حساب الشعوب واقتسام مناطق النفوذ بين الإمبرياليات السائدة آنذاك، وليس بغير هذه الإيديولوجية اقترنت الصهيونية حتى قبل تحولها إلى منظمة سياسية عالمية عام 1897. كما قامت الإيديولوجية الصهيونية بدورها في تدعيم قوى الردة والإمبريالية على الصعيدين الأوروبي والعالمي، ووقف بشدة ضد حركات تحرر اليهود واندماجهم في مجتمعاتهم، كما اصطدمت على الدوام بالحركات الثورة والديمقراطية الاشتراكية، وتبنت باستمرار الدعوة إلى الاندماج في مخططاتها الإمبريالية العالمية.

فهد بن محسن
11-07-2005, 01:40 AM
الاخ


سهيل الجنوب


تسلم والله ,, نقلت هذا البحث الذي يكشف الصوره الحقيقية للصهيونه


جزاك الله خير ونفع الله بعلمك



تحياتي

ابومحمد الشامري
11-07-2005, 07:42 PM
دراسة رائعة يا سهيل الجنوب لا هنت يا السنافي وما قصرت

سهيل الجنوب
08-08-2005, 08:08 AM
اخي الفاضل فهد بن محسن جزاك الله خير على ما قدمت من تعقيب.

سهيل الجنوب
08-08-2005, 08:41 AM
اخي الفاضل ابو حمد الشامري جزاك الله خير على ما قدمت من تعقيب.

فيصل ابو فهد
31-01-2006, 07:49 PM
بارك اللة فيك على نقل طيب

سهيل الجنوب
05-07-2010, 11:52 AM
شكرا لكم على ما قدمتم من ردود

تحياتي للجميع

samta1
16-09-2010, 05:50 PM
بــــااارك الله فيك ..