المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ناظر من تناظر في سكون


ابن وعيل
13-01-2005, 03:31 AM
..
كانت الحكمة القديمة تقول: ( إن الكلمات لا تقتل ).
ولكن الحقيقة عكس ذلك تماما، لأن الكلمات كثيرا ما تتسبّب في قتل العديد من الأحاسيس الحلوة،
وتحكم بالإعدام على كثير من العلاقات والمشاعر الجميلة. ففي بعض الأحيان
ندخل في حوار مع بعض الأشخاص فيتطوّر الحوار ويتحوّل إلى جدل وصراع وقد يؤدي إلى مشكلة.

..

وعلى الرغم من أن الكلمات تتلاشى وتختفي في الأثير إلا أن آثارها السلبية تبقى في النفس كالندبة والوشم الذي لا يزول.
وقد تحدث هذه الأمور مع أشخاص نحبّهم، لكن الكلمات القاسية الجارحة والمرّة سدّت الطريق إلى قلوبهم، وأشعل الاندفاع والغضب محارقه وأحرق فيها التفاهم والمودّة.
كلّ ذلك يحدث غالبا بسبب سوء في استخدام تعبير ما أو إصرار على الفوز في المعركة الكلامية،
أو بسبب تبادل الكلمات الجارحة التي تتحوّل إلى لكمات موجعة،
وتراشق الاتهامات المؤلمة في الوقت الذي يخيّم على تلك الأجواء الأصوات المرتفعة والصياح.
وقد يكون السبب في ذلك نقد الآخرين والسخرية منهم أو استخدام خفّة الظلّ استخداما جارحا
بجعل الطرف الآخر هدفا للسخرية والاستهزاء.
وبالطبع فإن النتيجة الحتمية لذلك أن ينتج عنه العديد من المشاكل بالإضافة إلى تسبّبه في إيلام
النفوس بآلام تتجدّد كلّما تذكّر المرء الموقف.
هذا غير المواقف التي يتطوّر فيها الحوار فيصبح معركة.
وكل تلك المآسي تحدث في أجواء سيطر الغضب فيها على أصحابها حتى أعماهم.
وقد قال الرسول عليه الصلاة والسلام : ( ليس الشديد بالصرعة ولكن الذي يملك نفسه عند الغضب)
وقد يبدو الأمر مألوفا أن نردّد هذا الحديث ونقرأ المقالات التي تتناول الغضب وسيئاته
لكن من المهم جدا ألا نألف الغضب والكوارث التي تحدث بسببه.
فكم من بيت دمّرته لحظة غضب، وكم من قتيل أرداه قاتله في لحظة غضب، وكم من أسر تشتتت
وضاع أفرادها بسبب ثورة غضب، وكم من صديق فارق صديقه وأخ قاطع أخاه بسبب كلمة غاضبة.
وكم من شخص أوقعه غضبه في التعدّي على الدين والربّ العظيم.
وكان عليه الصلاة والسلام قد قال موصيا من طلب منه أن يوصيه بكلمات يعيش بهن: ( اجتنب الغضب ) وكررها ثلاثا.
كما قال: ( ثلاث من كن فيه آواه الله في كنفه ونشر عليه رحمته وأدخله في محبّته. قيل له : ماذا يا رسول الله؟ قال: من إذا أُعطي شكر وإذا قدر غفر، وإذا غضب فتر ).
وإذا ما تأمّلنا هذه الأحاديث والمغزى منها تأمّلا متعمّقا وصلنا إلى حقيقة أن الشدّة والغضب لا
يوصلان إلى إقناع، ولو أننا استبدلنا الحديث الغاضب والجاف بحديث ليّن رقيق تملؤه الابتسامة الصافية وترفرف عليه أعلام الحلْـم والرفق لجنينا ثمارا أفضل،
ولقطعنا الطريق على شياطين الغضب أن تلهو بعقولنا وتبطش بصوابنا وتفقدنا هيبتنا وأحبابنا.
وما أحسن ما قاله الإمام الشافعي:
إذا كـنت ذا فضــل وعلم
............. بما اختلف عليه الأوائل والأواخر
فناظر من تناظر في سكون
......... حـليمـا لا تلـحّ ولا تكــــــــــابر

إنّ من طبيعة الحوار أن يكون موضوعه مختلفا فيه بين الطرفين لذا ينبغي على المتحاورين ضبط
النفس وشرح الصدر، وأن يتوقّع كل من الآخر احتمال الخطأ وبعض الجهل بل وأن يفترض ذلك في
نفسه أيضا. وقد علّمنا ديننا سبلا لتسكين الغضب والتخلّص منه قبل أن يسيطر علينا، كأن يغيّر المرء حالته عند غضبه إذ قال عليه الصلاة والسلام: ( إذا غضب أحدكم وهو قائم فليجلس فإن ذهب عنه الغضب وإلا فليضطجع ) أو أن يأخذ بقوله: ( إذا غضب أحدكم فليتوضأ )
أو أن يحاول أن يضبط نفسه فلا يتكلّم امتثالا لقوله : ( إذا غضب أحدكم فليسكت أو يتعوّذ بالله من الشيطان الرجيم ) .
ويكفي ما يلقاه من يكظم غيظه من أجر دافعا له ليضبط نفسه فقد قال عليه السلام: ( من كظم غيظا وهو يقدر على إنفاذه ملأه الله أمنا وإيمانا ).
قد يجد البعض في كلامي مثالية، وقد يبرّر البعض انفجارهم بالغضب بأنهم لا يستطيعون أن يملكوا أعصابهم. لكنهم لو تأمّلوا حقيقة أن الانفجار غضبا ما هو إلا دليل على الضعف
وقلّة الحيلة لعدلوا عن تبريراتهم. فكلّنا نستطيع إنفاذ غضبنا لكنّ قلّة نادرة من تستطيع
أن تلجم نفسها بلجام الحلم والأناة، وهنا يظهر التميّز وتكمن القوّة.
فهل نعزم على تربية أنفسنا والتحكّم فيها بوعي العقل أم نترك شيطان الغضب يفقدنا صوابنا
وهيبتنا وعقلنا؟

سؤال يحتاج إلى إجابة بالفعل لا بالقول، ونحن ـ مع الأسف ـ غالبا ما نقول مالا نفعل...
وهذه مشكلة أكثر تعقيدا.
..

دانية آل غالب
كاتبة اجتماعية سعودية وباحثة تربوية
جريدة المدينة / جدة

أبو محمد
13-01-2005, 01:46 PM
الله لايهينك يا ابن وعيل على الموضوع الذي وضع بعض الضوابط للحوار بين المتحاورين والاداب العامه

ابومحمد الشامري
13-01-2005, 05:25 PM
لا هنت يا ابن وعيل على الموضوع الرائع والمميز ان مشاعر الانسان تتبدل وتتغير في ساعة الرضا وفي ساعة الغضب فالفطن من كان لديه رباطة جأش وتحكم في نفسه لكي لا يخسر من كان حوله.

السياسي
13-01-2005, 06:47 PM
لا هنت يا بن وعيل على هالنقل الرائع

عوايد الطيبين

السياسي

ابن وعيل
13-01-2005, 08:17 PM
هلا وغلا

ابومحمد

ابو حمد

السياسي

يسعدني مروركم الكريم

ولاهنتوا على تواصلكم


لكم مودتي

عبدالله الوعيلي
15-01-2005, 06:04 PM
نقل رائع ومميز

تسلم يا ابن وعيــــــــــــــــل

ابن وعيل
16-01-2005, 01:02 AM
ارحب ياتايه الغربه

اشكر لك مرورك الكريم

ولاهنت غلى تواصلك

monamora
16-01-2005, 08:31 AM
ابن وعيل اختياراتك تدل على ما تخفي من ابداع في داخلك تحياتي لك

ابن وعيل
16-01-2005, 10:08 AM
هلا وغلا

اختي مونامورا

اسعدني حضورك وما حمل

الابداع هو تشريفك للموضوع



لكي احترامي

فجر
03-03-2005, 07:34 AM
جميل جداً مانقلت لنا


بندوول