المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : (مذكراتي ) ؟؟؟؟


أبوفزاع
18-08-2008, 05:25 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


الحمدلله والصلاة والسلام على اشرف خلق الله نبينا محمد صلوات الله عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعه الى يوم الدين


وبعد




اخواني واخواتي الكرام




رغبة مني في الرقي بأفكارنا



وتفتيق أذهاننا




وتعلمنا جميعا


لأسرار



العاطفة الصادقة

و

المعاني الجزلة

و

العبارات الجميلة

و

الخيال المصور


ممزوجة بدراسة الادب العربي ولو بالاطلاع على مواضع منه




لتسمو اخلاقنا




ونتعلق اكثر بلغة القران الكريم





فما زال العلماء يوصوون كثيرا






بالتأمل والاطلاع في كتب التراث العربي


ككتاب الاغاني

والبيان والتبيين

والحيوان

وادب الكاتب

وكتب ابن قتيبة

والاذكياء لابن الجوزي

وغيرها الكثير الكثير


ولست بصدد تعدادها فقد اهملت اغلبها وقد تكون اهم مما ذكرت




لكن المقصد هو الاطلاع





لننهض بكرامتنا وتزداد قرائحنا تفتقا







فالاطلاع فيها من أهم أسباب متانة أسلوب الكاتب







لذلك سأقوم بجمع ( مذكرات )





اختار فيها ما يروق من الحكم والأشعار والقصص




الجميلة التي تكون ( زادا للجميع )




يستفيد منها




كل من مر هنا




سيرا على طريقة الأدباء





والله وحده اسال



أن ينفع بهذه ( المذكرات )





وان يجعلها تعلقنا كثيرا بكتاب الله تعالى وفهم سنة رسوله صلى الله عليه وسلم







ولله در الشاعر حافظ ابراهيم رحمه الله


رَجَعْتُ لنفْسِي فاتَّهمتُ حَصاتِــي ~~ وناديْتُ قَوْمِي فاحْتَسَبْتُ حياتِي


رَمَوني بعُقمٍ في الشَّبابِ وليتَنــي ~~ عَقِمتُ فلم أجزَعْ لقَولِ عِداتي


وَلَدتُ ولمَّا لـم أجِــدْ لعرائسـي ~~ رِجالاً وأَكفاءً وَأَدْتُ بناتِي


وسِعتُ كِتابَ اللـهِ لَفظـاً وغايـة ً ~~ وما ضِقْتُ عن آيٍ به وعِظاتِ


فكيف أضِيقُ اليومَ عن وَصفِ آلة ٍ ~~ وتَنْسِيقِ أسماءٍ لمُخْترَعاتِ


أنا البحر في أحشائه الدر كامـن ~~ فهل ساءلوا الغواص عن صدفاتي


فيا وَيحَكُم أبلى وتَبلى مَحاسِنــي ~~ ومنْكمْ وإنْ عَزَّ الدّواءُ أساتِي


فـلا تَكِلُونـي للزّمـانِ فإنّنــي ~~ أخافُ عليكم أن تَحينَ وَفاتي


أرى لرِجـالِ الغَربِ عِزّاً ومَنعَـة ً ~~ وكم عَزَّ أقوامٌ بعِزِّ لُغاتِ


أتَوْا أهلَهُـم بـالمُعجِزاتِ تَفَنُّنـاً ~~ فيا ليتَكُمْ تأتونَ بالكلِمَاتِ


أيُطرِبُكُم من جانِبِ الغَربِ ناعِـبٌ ~~ يُنادي بِوَأدي في رَبيعِ حَياتي


ولو تَزْجُرونَ الطَّيرَ يوماً عَلِمتُـمُ ~~ بما تحتَه مِنْ عَثْرَة ٍ وشَتاتِ


سقَى اللهُ في بَطْنِ الجزِيرة ِ أَعْظُماً ~~ يَعِزُّ عليها أن تلينَ قَناتِي


حَفِظْنَ وِدادِي في البِلى وحَفِظْتُـه ~~ لهُنّ بقلبٍ دائمِ الحَسَراتِ


وفاخَرْتُ أَهلَ الغَرْبِ والشرقُ مُطْرِقٌ ~~ حَياءً بتلكَ الأَعْظُمِ النَّخِراتِ


أرى كلَّ يومٍ بالجَرائِـدِ مَزْلَقــاً ~~ مِنَ القبرِ يدنينِي بغيرِ أناة ِ


وأسمَعُ للكُتّابِ في مِصـرَ ضَجّـة ً ~~ فأعلَمُ أنّ الصَّائحِين نُعاتي


أَيهجُرنِي قومِي-عفا الله عنهــمُ ~~ إلى لغة ٍ لمْ تتّصلِ برواة ِ


سَرَتْ لُوثَة ُ الافْرَنجِ فيها كمَا سَرَى ~~ لُعابُ الأفاعي في مَسيلِ فُراتِ


فجاءَتْ كثَوْبٍ ضَمَّ سبعين رُقْعـة ً ~~ مشكَّلة َ الأَلوانِ مُختلفاتِ


إلى مَعشَرِ الكُتّابِ والجَمعُ حافِــلٌ ~~ بَسَطْتُ رجائِي بَعدَ بَسْطِ شَكاتِي


فإمّا حَياة ٌ تبعثُ المَيْتَ في البِلـى ~~ وتُنبِتُ في تلك الرُّمُوسِ رُفاتي


وإمّا مَماتٌ لا قيامَــة َ بَعــدَهُ ~~ مماتٌ لَعَمْــرِي لـمْ يُقَـسْ بممـاتِ






تابعونا دوما هنا

أبوفزاع
18-08-2008, 05:59 PM
لنبدأ





((قصة عمرو بن معد يكرب الزبيدي الفارس المغوار مع اجبن واحيل واشجع العرب ))



من أجمل القصص التي قراتها







دخل عمرو بن معد يكرب الزبيدي على عمر بن الخطاب رضي الله عنه





فقال عمر : أخبرني عن أجبن من لقيت وأحيل من لقيت وأشجع من لقيت







قال عمرو :

نعم يا أمير المؤمنين خرجت مرة أريد الغارة ،

فبينما أنا سائر إذا بفرس مشدود ورمح مركوز ،


وإذا رجل جالس كأعظم ما يكون من الرجال خلقاً ،


وهو محتب بحمائل سيفه، فقلت له : خذ حذرك فإني قاتلك


. فقال : ومن أنت ؟ قلت : أنا عمرو بن معد يكرب الزبيدي ،



فشهق شهقة فمات . (امحق رجال )


فهذا يا أمير المؤمنين أجبن من رأيت












وخرجت مرة حتى انتهيت إلى حي فإذا أنا بفرس مشدود ورمح مركوز ،


وإذا صاحبه في وهدة يقضي حاجته ،


فقلت : خذ حذرك فإني قاتلك

. فقال : ومن أنت ؟


فأعلمته بي


فقال : يا أبا ثور ما أنصفتني أنت على ظهر فرسك وأنا على الأرض،


فأعطني عهداً أنك لا تقتلني حتى أركب فرسي



، فأعطيته عهداً فخرج من الموضع الذي كان فيه واحتبى بحمائل سيفه،



وجلس فقلت : ما هذا ؟


فقال : ما أنا براكب فرسي ولا بمقاتلك فإن نكثت عهدك فأنت أعلم بناكث العهد .




فتركته ومضيت .
فهذا يا أمير المؤمنين أحيل من رأيت .


















وخرجت مرة حتى انتهيت إلى موضع كنت أقطع فيه الطريق فلم أر أحداً


فأجريت فرسي يميناً وشمالاً وإذا أنا بفارس ،


فلما دنا مني ، فإذا هو غلام حسن نبت عذاره من أجمل من رأيت من الفتيان ،


وأحسنهم . وإذا هو قد أقبل من نحو اليمامة ،


فلما قرب مني سلم علي ورددت عليه السلام

وقلت :


من الفتى ؟


قال: الحارث بن سعد فارس الشهباء



فقلت له : خذ حذرك فإني قاتلك



فقال: الويل لك ، فمن أنت ؟ (طاح براعي الشوهات ؟؟؟)







قلت: عمرو بن معد يكرب الزبيدي


قال: الذليل الحقير ، والله ما يمنعني من قتلك إلا استصغارك



فتصاغرت نفسي ، يا أمير المؤمنين ، وعظم عندي ما استقبلني به



فقلت له: دع هذا وخذ حذرك فإني قاتلك ، والله لا ينصرف إلا أحدنا



فقال: اذهب ، ثكلتك أمك ، فأنا من أهل بيت ما أثكلنا فارس قط



فقلت: هو الذي تسمعه



قال: اختر لنفسك فإما أن تطرد لي ، وإما أن أطرد لك فاغتنمتها منه


فقلت له : أطرد لي


فأطرد وحملت عليه فظننت أني وضعت الرمح بين كتفيه فإذا هو صار حزاماً لفرسه ثم عطف عليّ فقنع
بالقناة رأسي


وقال : يا عمرو خذها إليك واحدةً ، ولولا أني أكره قتل مثلك لقتلتك



قال: فتصاغرت نفسي عندي ، وكان الموت، يا أمير المؤمنين أحب إلي مما رأيت



فقلت له : والله لا ينصرف إلا أحدنا . فعرض علي مقالته الأولى




فقلت له: أطرد لي



فأطرد فظننت أني تمكنت منه فاتبعته حتى ظننت أني وضعت الرمح بين كتفيه فإذا هو صار لبباً لفرسه ، ثم عطف عليّ فقنع بالقناة رأسي وقال : خذها إليك يا عمرو ثانية





فتصاغرت عليّ نفسي جداً ،



وقلت : والله لا ينصرف إلا أحدنا فاطرد لي فاطرد حتى ظننت أني وضعت الرمح بين كتفيه فوثب عن فرسه ، فإذا هو على الأرض فأخطأته فاستوى على فرسه واتبعني حتى قنع بالقناة رأسي





وقال: خذها إليك يا عمرو ثالثة ولولا كراهتي لقتل مثلك لقتلتك



فقلت: اقتلني أحب إلي ولا تسمع فرسان العرب بهذا




فقال: يا عمرو ، إنما العفو عن ثلاث ، وإذا استمكنت منك في الرابعة قتلتك



وأنشد يقول



وكدت إغلاظاً مـن الإيمـان //إن عدت يا عمرو إلى الطعان
لتجـدن لـهـب السـنـان. // أولاً فلست من بني شيبـان


فهبته هيبة شديدة ، وقلت له : إن لي إليك حاجة


قال : وما هي ؟



قلت : أكون صاحباً لك



قال : لست من أصحابي




فكان ذلك أشد عليّ وأعظم مما صنع ، فلم أزل أطلب صحبته حتى قال : ويحك أتدري أين أريد ؟

(صاروا ربع )





قلت : لا والله


قال : أريد الموت الأحمر عياناً



قلت : أريد الموت معك




قال : امض بنا




فسرنا يومنا أجمع حتى أتانا الليل ومضى شطر


ه . فوردنا على حي من أحياء العرب





فقال لي : يا عمرو في هذا الحي الموت الأحمر (عز الله انهم الموت الاحمر من شجاعتهم )



فإما أن تمسك عليّ فرسي فأنزل وآتي بحاجتي ،



وإما أن تنزل وأمسك فرسك فتأتيني بحاجتي



فقلت: بل أنزلت أنت . فأنت أخبر بحاجتك مني ،


فرمى إلي بعنان فرسه ورضيت والله يا أمير المؤمنين بأن أكون له سائساً



، ثم مضى إلى قبة فأخرج منها جارية لم تر عيناي أحسن منها حسناً وجمالاً




، فحملها على ناقة ثم قال: يا عمرو ،



فقلت : لبيك ! قال : إما أن تحميني وأقود الناقة أو أحميك وتقودها أنت ؟




قلت: لا بل أقودها وتحميني أنت ، فرمى إلي بزمام الناقة ثم سرنا حتى أصبحنا




قال: يا عمرو قلت: ما تشاء ؟ قال: التفت فانظر هل ترى أحداً ؟





فالتفت فرأيت رجالاً فقلت: اغذذ السير


ثم قال: يا عمرو انظر إن كانوا قليلاً فالجلد والقوة وهو الموت الأحمر ، وإن كانوا كثيراً فليسوا بشيء؟؟؟؟


(يعني ان كانت القبيلة كلها سهالات ) اما ان خرج منهم ثلاثة فقد هلكنا )



فالتفت وقلت: وهم أربعة أو خمسة



قال: اغذذ السير ففعلت ، ووقف وسمع وقع حوافر الخيل عن قرب




فقال: يا عمرو ، كن عن يمين الطريق وقف وحول وجه دوابنا إلى الطريق ففعلت




ووقفت عن يمين الراحلة ووقف عن يسارها ودنا القوم منا وإذا هم ثلاثة أنفار شابان وشيخ كبير ، وهو أبو الجارية والشابان أخواها ، فسلموا فرددنا السلام





فقال الشيخ: خل عن الجارية يا ابن أخي


فقال: ما كنت لأخليها ولا لهذا أخذتها




فقال لأحد ابنيه: اخرج إليه ، فخرج وهو يجر رمحه فحمل عليه الحارث



وهو يقول



من دون ما ترجوه خضب // الذابل من فارس ملثم مقاتل
ينمي إلى شيبان خير وائل // ما كان يسري نحوها بباطل


ثم شد على ابن الشيخ بطعنة قد منها صلبه ،



فسقط ميتاً ، فقال الشيخ لابنه الآخر اخرج إليه فلا خير في الحياة على الذل



فأقبل الحارث وهو يقول



لقد رأيت كيف كانت طعنتي. //والطعن للقرم الشديد همتي
والموت خير من فراق خلتي // فقتلتـي اليـوم ولا مذلتـي


ثم شد على ابن الشيخ بطعنة سقط منها ميتاً ،


فقال له الشيخ : خل عن الظعينة يا ابن أخي ، فإني لست كمن رأيت فقال : ما كنت لأخليها ، ولا لهذا قصدت



فقال الشيخ : يا ابن أخي اختر لنفسك فإن شئت نازلتك وإن شئت طاردتك،


فاغتنمها الفتى ونزل فنزل الشيخ وهو يقول





ما أرتجي عند فناء عمـري //سأجعل التسعين مثـل شهـر
تخافني الشجعان طول دهري //إن استباح البيض قصم الظهر


فأقبل الحارث وهو ينشد ويقول



بعد ارتحالي ومطال سفري. //وقد ظفرت وشفيت صدري
فالموت خير من لباس الغدر //والعار أهديـه لحـي بكـر





ثم دنا فقال له الشيخ: يا ابن أخي إن شئت ضربتك


، فإن أبقيت فيك بقية فيَّ فاضربني وإن شئت فاضربني .


فإن أبقيت بقية ضربتك



فاغتنمها الفتى وقال: أنا أبدأ




فقال الشيخ: هات


فرفع الحارث يده بالسيف فلما نظر الشيخ


أنه قد أهوى به إلى رأسه ضرب بطنه بطعنة قد منها أمعاءه


ووقعت ضربة الفتى على رأس الشيخ فسقطا ميتين فأخذت


يا أمير المؤمنين أربعة أفراس وأربعة أسياف ثم أقبلت إلى الناقة



فقالت الجارية: يا عمرو: إلى أين ولست بصاحبتك ولست لي بصاحب ولست كمن رأيت

(اخت الشجعان شجاعة )

فقلت : اسكتي


قالت : إن كنت لي صاحباً فأعطني سيفاً أو رمحاً فإن غلبتني فأنا لك وإن غلبتك قتلتك




فقلت: ما أنا بمعط ذلك ، وقد عرفت أهلك وجراءة قومك وشجاعتهم فرمت نفسها عن البعير





ثم أقبلت تقول






أبعد شيخي ثم بعد أخوتي // .يطيب عيشي بعدهم ولذتـي
وأصحبن من لم يكن ذا همةٍ // هلا تكون قبـل ذا منيتـي


ثم أهوت إلى الرمح وكادت تنزعه من يدي



، فلما رأيت ذلك منها خفت إن ظفرت بي قتلتني ، فقتلتها.


فهذا يا أمير المؤمنين أشجع من رأيت

مسفر مبارك
18-08-2008, 06:03 PM
الأخ القدير
/
أبوفـــزاع .....!
/
سمّو الفكره وتميّزها والحكمه منها تجعل قيمتها غاليه لدى الجميع ......**
/
وهذه المذكّرات بإذن الله ستكون مرجع للثقافه والأدب كل ما إحتجنا إليهـا .....**
/
دمت بــود وكل الشكر لك يـ غالــــــــي .........**
/
1bh1

السنافي1
18-08-2008, 09:07 PM
أبـــــــــــــــــــــــــــــــــــو فــــــــــــــــــــــــــــزاع


لله درك

شموخ بنت قطر
18-08-2008, 11:07 PM
أستاذي الفاضل

درر نثرتها لنا لتنير عقولنا

بارك الله فيك وفي جهودك العظيمه

سجل فأنا من المتابعات لهذه المذكرات
:002::002::002::002:

ناصر بن محمد ال صويان
19-08-2008, 05:02 AM
بارك الله فيك اخي ابو فزاع على تلك المذكرات الجميله.. وتم تثبيته ...وارجو ان تتحفنا اكثر بتلك الكتابات الجميله والمفيده تقبل مروري بكل احتام وتقدير

فيصل المخيال
19-08-2008, 11:25 PM
الأخ القدير والغالي
ابو فزاع
:
طرح يرقى إلي أعالي السمو والرقي
و الله إن هذا ما يحتاجه كل من هو ضمآن لإرواء ذائقته
:
سلم الفكر وصاحبه . . . و القلم و منادمه
فما نثر هنا . . . حقق المتعة الكاملة :a37:
:
شرف أن أكون مع بقية الأحبة المتابعين
:
كل التقدير
:
1bh1

سراب
21-08-2008, 12:47 AM
أخوي/ ابوفزاع

بارك الله فيك ..
مذكرات بإذن الله رائعة ومفيدة :)
وبدايتها شاهد على ذلك << إختيار موفق للقصة :a37:

مشكور ويعطيك العافية

من المتابعين إن شاء الله :)

أبوفزاع
04-10-2008, 02:50 PM
2


بشر بن أبي عوانة العبدي أحدُ الشعراء الصعاليك الذين عاشوا في الجاهلية ، وكانوا
معروفين بالشجاعة والفروسية والكرم ، ولأنهم كانوا فقراء اتخذوا السطو وقطـــــــع
الطريق وسيلة ً للعيش وكسب المال . وكانوا يوزعون ما يتوافر لديهم من المال على
الفقراء



وهو صاحب هـــــــذه



القصيدة التي تفيض بمعاني البطولة والشجاعة ،

وسبب نظم هذه القصيدة فيما يُروى
.
نذكر لكم مناسبة القصيدة حتى تكونون على بينه وتدخلون في جو القصيدة

سبب تلك المعركة ، هي اشتراط عم بشر لكي يتزوج من بنته أن يحضر ألف ناقة ،



وهو طبعا شرط تعجيزي واجهه كثير من العشاق التعساء،


واشترط العم كذلك أن تكون من إبل خزاعة،

لماذا ياترى؟

لان الطريق إلى خزاعة يوجد في مسلكه أسد يتربص بالقادمين ، فلا يكاد يفلت منه أحد، ولذلك اجتنبت العرب تلك الطريق المهلكة ونظمت فيها الأراجيز
لكن صاحبنا بشر أبى إلا أن يكمل طريقه إلى خزاعة،


فواجه الأسد هناك فحصلت المعركة التي أسفرت عن نهاية ذلك الاسد

الذي كان يخوف الناس،


ولما رجع بشر بقصيدته رضى عنه عمه وزوجه بنته.





أفاطمُ لو شــــــهـــدتِ ببطن ِ خبتٍ
وقــــد لاقى الهــــــزبرُ أخاك بشرا
إذاً لرأيتِ لـــيثـــاً أمّ لـــيـثـاً
هـزبـراً أغـلـباً لاقـــى هـــزبـرا

تبـهــنسَ إذا تقاعسَ منه مُهري
مـحـاذرةً ، فـــقـلـتُ عُقـِـرْتَ مُهرا

أنـــلْ قــدميّ ظـهـــرَ الأرض إني
رأيـــتُ الأرضَ أثـــبـــتَ منك ظهرا

فحيـنَ نـزلتُ مـــدّ إليّ طـــرفاً
يُخـالُ المـوتُ يلـــمـــعُ منه شَزْرا

فـقـلـتُ لـــه وقــــد أبــدى نِصالاً
مُـحـَّددة ًووجــهــــا مُـــكـْــفهـِــَّرا

وفي يـُمـنـــايَ ماضـي الحدِّ أبقى
بمــضــر ِبه قراعُ الــدهــــر أثرا

ألــم يــبلــغــكَ مافــعــلتْ ظباه
بـكــاظــمــةٍ غــداة قــتـــلتُ عَمْرا
وأنتَ ترومُ للأشبال ِ قــُوتـــــــــــــا ً
وأطلبُ لابنة ِ الأعمام ِ مـَــهـْــــرا
وقــلــبــي مثلُ قلبك ليس يخشى؟؟؟؟؟؟؟
مصــاولةً فـــكـــيــــف يخاف ذ ُعْرا

نـصــحـتك فالتمس يا ليث غيري
طـعامــاً إن لـحمــي كــان مــــرّا

فــلمّــا ظــنّ أن الــنــُّصْـحَ غـــــشٌ
فــخــالـفــنـي كــأنــي قـلـتُ هُـجْـرا

خـَـطــا وخـــطــوتُ مـــن أسدْين راما
مــراما ًكــان إذ طـــلباه وعـــرا

يــُكـــفــكِــفُ غِـــيـلة ًإحدى يديهِ
ويـــبـــســـطُ للوثــــوب إليّ أخـــرى

هـــززتُ له الحـــســــامَ فــخـلتُ أني
شـــقـــقـــتُ بـه مــن الظـلـماءِ فجرا

وأطــلــقــتُ الــمــهــنـدَ من يميني
فــقــدّ لــه مــن الأضـــلاع عـــشـــــرا

فـخـرّ مــُضــَّـرجـــاً بـــدمٍ كــــــأني
هـدمــتُ بــه بـنــاءً مُــشــمــخِـــَّرا

فقــــلتُ لـهُ يعـــزُّ عـلــيّ أنــــي
قـتـــلتُ مــمــاثلي جَــلـداً وقــهــرا؟؟؟؟

ولكـنْ رُمْـتَ أمـراً لــم يـَــرُمــْـه ُ
ســـواك فـــلــم أطــق ياليث صبرا

تـــحـاولُ أن تــعــلــمـني فــراراً
لعـــمـــرُ أبــيـــك قـد حاولتَ نـُـكـْـرا

فلا تـَجْـزعْ فــقــد لا قــيــتَ حُـــــَّراً
يُــحـــاذِرُ أن يــعــابَ فـــمــــتَّ حُـــرا











شجاعة رائعة





وكل شجاعة في المرء تغني // ولامثل الشجاعة في الحكيم

أبوفزاع
04-10-2008, 02:57 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته



مسفر مبارك

السنافي

شموخ قطرية

ناصر محمد

فيصل المخيال

سراب




اسعدني مروركم الملكي

وتواصلكم الرائع


جزاكم الله كل خير

ناثرة الورد
04-10-2008, 07:36 PM
المتألق دائما ::

ابو فزاع ....

يبهرني حرفك دائما ....
:
بأذن الله ستكون هذه المذكرات مرجع لامر من هنا
واقطف شئ من الابداع و الحكمه و العظه ....
:
وسلمت أناملك المبدعة
دمت و دام روعه طرحك ....

شموخ بنت قطر
05-10-2008, 10:26 AM
استاذي صاحب الفكر الراقي

حروف مذكراتك نقشتها بماء الذهب
سلم الفكر وصاحبه

في انتظار ما تجود به نفسك لتلاميذك من مذكرات ,,,

لا عدمناك ,,,,,

&آهــــات الحــــزن&
06-10-2008, 06:44 PM
جـــــــــــزااااااااااك الله كل خير

ويـــعطيك العاااااااافيه

فضلا اخوي ابو فزاااع وليس امرااا

سجلني من المتااابعين لمذكرااتك لان بها فائده كبيره لكل شخص

الغروب
07-10-2008, 12:46 AM
المميز والقدير

ابوفــزاع


موضوع يليق بحضور كاتبه

كلمة الشكر صغيرة هنــــــــا ... ولكن هي دعوة بالتوفيق والسداد

لنسعد بهذا التميز .

دمت بقرب الرحمن

أبوفزاع
12-12-2008, 03:53 PM
3






هذه القصـة من كتاب وحي القلم للاديب الكبير لمصطفى صادق الرافعي


((انصحكم بشراء هذا الكتاب ))3 مجلدات



يقول :



على عتبَةِ (البنكِ) نامَ الغلامُ وأختُهُ يفترشانِ الرخامَ البارد، ويلتحفانِ جوَّا رخاميًّا في بردِه وصلابتِهِ على جسميهِما.

الطفلُ مُتَكَبْكِب في ثَوبِهِ كأنه جسم قُطّعَ ورُكمِتْ أعضاؤُه (ركب بعضها فوق بعض) بعضُها على بعض، وسُجيَتْ بثوب، ورُميَ الرأسُ من فوقِها فمالَ على خدِّه.

والفتاةُ كأنها مِنَ الهُزال رَسمٌ مُخَطَط لامرأة، بدأها المصورُ ثم أغفلَها إذْ لم تُعجبه. كتَبَ الفقرُ عليها للأعينِ ما يكتبُ الذبولُ على الزهرة: أنها صارت قَشًا... نائمة في صورةِ ميتة، أو كميتةِ في صورة نائمة، وقدِ انسكبَ ضوءُ القمرِ على وجهِها، وبقي وجهُ أخيها في الظل، كأَن في السماءِ ملَكاً وجَّه المصباحَ إليها وحدَها، إِذ عرفَ أن الطفلَ ليس فِي وجهه علامةُ همٍّ، وأنّ في وجهِها هي كلُّ همها وهمِّ أخيها.


من أجلِ أنها أنثى قد خُلقَت لتَلِدَ- خُلِقَ لها قلبْ يحملُ الهمومَ ويلدُها ويربيها.
من أجلِ أنها أُعدَّت للأمومة، تتألمُ دائماً فِي الحياةِ آلاماً فيها معنى انفجارِ الدم.
من أجلِ أنها هي التي تَزيدُ الوجودَ، يزيدُ هذا الوجودُ دائماً في أحزانها.
وإذا كانت بطبيعتِها تُقاسي الألَم لا يُطاقُ حين تلدُ فَرَحَها، فكيف بها في الحزن...!






وكان رأسُ الطفلِ إلى صدرِ أختِه، وقد نامَ مطمئناً إلى هذا الوجودِ النسوي، الذي لا بُدَ منه لكل طفلِ مثلِه، ما دامَ الطفلُ إذا خرجَ من بطنِ أمهِ خرجَ إلى الدنيا وإلى صدرِها معاً.
ونامَت هي ويدُها مُرسَلَة على أخيها كيَدِ الأم على طفلِها. يا إِلهي! نامَتْ ويدُها مستيقظة!
أهما طفلانِ؟ أم كلاهما تمثال للإنسانيةِ التي شَقِيتْ بِالسعداءِ فعوضَها اللَهُ من رحمتِه ألا تجدَ شقيا مثلَها ألا تضاعفَت سعادتُها به؟



تمثالانِ يصورانِ كيف يَسري قلبُ أحدِ الحبيبينِ في الجسمِ الآخر، فيجعلُ له وجوداً فوقَ الدنيا، لا تصلُ الدنيا إليه بفقرِها وغناها، ولا سعادتِها وشقائِها، لأنه وجودُ الحب لا وجودُ العمر، وجود سحريّ ليس فيه معنًى للكلمات، فلا فرقَ بينَ المالِ والتراب، والأميرِ والصُعلوك، إذِ اللغةُ هناك إحساسُ الدم، وإذِ المعنى ليس في أشياءِ المادةِ ولكن في أشياءِ الإرادة.



وهل تحيا الألفاظُ معَ الموت، فيكونَ بعده للمالِ معنَى وللتراب معنَى...؟


هي كذلك في الحب الذي يفعلُ شبيهاَ بما يفعلُهُ الموتُ في نقلهِ الحَياةَ إلى عالم آخَر، بَيْدَ أن أحدَ العالَمينِ وراءَ الدنيا، والآخرَ وراء النفس.




تحتَ يدِ الأختِ الممدودةِ ينامُ الطفلُ المسكين، ومن شعورِهِ بِهذه اليد، خف ثقلُ الدنيا على قلبِه.
لم يبالِ أن نَبَذَه العالَمُ كلُّه، ما دامَ يجدُ في أختِه عالَم قَلبِه الصغيرِ وكأنهُ فرخ من فِراخ الطيرِ في عُشهِ المعلق، وقد جَمَعَ لحمَه الغَضَ الأحمرَ تحتَ جَناحِ أمه، فأحس أَهنأ السعادةِ حينَ ضيَّقَ في نفِسه الكونَ العظيم، وجعلَه وُجوداً مِنَ الريش. وكذلك يَسعدُ كل مَن يملكُ قوةَ تغييرِ الحقائقِ وتبديلِها، وفي هذا تفعلُ الطفولةُ في نشأة عمرِها ما لا تفعلُ بعضَه معجزاتُ الفلسفةِ العُليا في جملةِ أعمارِ الفلاسفة.





وما صنعَ الذين جُنُّوا بِالذهب، ولا الذين فُتِنوا بالسلطة، ولا الذين هَلَكوا بالحب، ولا الذين تحطموا بِالشهوات- إِلا أنهم حاولوا عبثاَ أن يَرشُوا رحمةَ اللهِ لتُعطيهم في الذهب والسلطةِ والحبً والشهواتِ ما نَاوَلَته هذا الطفلَ المسكينَ النائمَ في أشعةِ الكواكبِ تَحتَ ذراعِ كوكبِ رُوحِه الأرضي.
ألا إِن أعظمَ الملوكِ لن يستطيعَ بكلً ملكِهِ أن يشتريَ الطريقةَ الهنيئةَ التي يَنبضُ بها الساعةَ قلب هذا الطفل.





وقفتُ أشهدُ الطفلينِ وأنا مستيقن أن حولَهِما ملائكة تصعدُ وملائكة تنزل، وقلْتُ هذا موضع من مواضعِ الرحمة، فإِن اللَهَ معَ المنكَسرَةِ قلوبُهم، ولعلي أنْ أتعرضَ لنَفحةٍ من نفَحاتِها، ولعل مَلَكاَ كريماَ يقول: وهذا بائس آخر، فَيُرفني بجنَاحِه رَفةَ ما أحوَج نفسي إليها، تجدُ بها في الأرض لمسةً من ذلك النورِ المتلألىءِ فوقَ الشمسِ والقمر.





وظهرَ لي بناءُ (البنك) في ظلمةِ الليلِ من مرأى الغلامينِ- أسودَ كالحاً، كأئهُ سجنٌ أقفلَ على شيطانِ يُمسكُهُ إلى الصبح، ثم يُفتَحُ له لينطلقَ مُعَفراً، أيْ مخرباَ.... أو هم جسمُ جبار كفَر بِاللَهِ وبالإنسانيةِ ولم يؤمنْ إلا بنفِسه وحظوظِ نفسِه فمسَخهُ اللَهُ بناء، وأحاطَهُ من هذا الظلامِ الأسودِ بمعاني آثامِهِ وكفرِه،..





يا عجباً! بطنانِ جائعانِ في أطمارِ باليةٍ يبيتانِ على الطَوَى (الجوع) والهم، ثم لا يكونُ وِسادُهُما إِلا عَتبةَ البنك! تُرَى مَن الذي لَعَن (البنك) بهذهِ اللعنةِ الحية؟ ومن الذي وضعَ هذينِ القلبينِ الفارغينِ موضعَهما ذلك لِيُثبتَ للناس أنْ ليس البنك خزائنَ حديديةً يملؤُها الذهب، ولكنَّه خزائنُ قلبية يملؤُها الحب...؟










وقفْتُ أرى الطفلينِ رؤيةَ فكرٍ ورؤيَة شِعرٍ معاً، فإذا الفكرُ والشعرُ يمتدَانِ بيني وبينَ أحلامِهِما، ودخلتُ في نفسين مضَّهما الهمُ واشتدَ عليهما الفقر، وما من شيءٍ في الحياةِ إِلا كدَّهُما (أتعبهما) وعاسَرَهُما، ونمتُ نومتي الشعرية...
قال الطفلُ لاْختِه: هلمي فلنذهب من هنا فنقفَ على باب (السيما) نتفرجُ ممَّا بنا، فنَرى أولادَ الأغنياءِ الذينَ لهم أب وأم.






انظري ها هم أولاءِ يُرَى عليهم أثرُ الغِنى، وتُعرَفُ فيهم رُوحُ النعمة، وقد شَبِعوا... إنهم يلبسونَ لحماً على عِظامهم، أما نحن فنلبسُ على عظامِنا جلداَ كجلدِ الحذاء، إِنهم أولادُ أهليهم، أما نحن فأولادُ الأرض، هم أطفال، ونحن حَطَب إنسانيّ يابِس، يعيشون في الحياةِ ثم يموتون، أما نحن فعيشُنا هو سكَراتُ الموت، إلى أنْ نموتَ، لهم عيش وموت، ولنا الموت مكرراً.
وَيلي على ذلك الطفلِ الأبيض السمين، الحَسَنِ البَزةِ (الزي)، الأنيقِ الشاردة، ذاك الذي يأكل الحلوى أكلَ لص قد سرق طعاماً فأشرعَ يَحدِرُ في جوفه ما سرق، هو الغِنَى الذي جعلَه يبتلعُ بهذِه الشراهة (شدة الأكل)، كأنما يشرَبُ ما يأكل، أو له حلقٌ غيرُ الحُلوق، ونحن- إذا أكلنا- نَغَص بالخبِز لا أدمَ معه، وإذا ارتفعنا عن هذِه الحالةِ لم نجذ إِلا البَشيعَ مِنَ الطعام، وأصبناه عَفِناَ أو فاسداَ لا يَسُوغُ في الحَلق، فإذا انخفَضنَا فليسَ إِلا ما نَتقَمَمُ من قُشورِ الأرضِ ومن حُتَاتِ الخبز (فٌتاته) كالدواب والكلاب، وِإن لم نجد ومسنا العُدمُ وقفنَا نَتَحينُ طعامَ قوم في دار أَو نُزُل، فنراهم يأكلون فنأكلُ معهم بأعينِنا، ولا نطمعُ أنْ نستطعمَهم وإلا أطعمونا ضَرباً فنكونُ قد جئناهم بألم واحدِ فردُونا بألمين، ونفقدُ بالضربِ ما كان يُمسِكُ رَمَقَنا منَ الاحتمالِ والصبر.
هؤلاءِ الأطفال يتضوَرون شهوةً كلما أكلوا، ليعودوا فيأكلوا، ونحن نتضورُ جوعاً ولا نأكل، لِنعودَ فنجوعَ ولا نأكل، وهم بين سمعِ أهليهم وبصَرِهم، ما من أنَّةٍ إلا وقعَت في قلب، وما من كلمةٍ إلا وجَدَت إجابة، ونحن بين سمعِ الشوارعِ وبصرِها، أنينْ ضائعٌ ، ودموعٌ غيرُ مرحومة!




آه لو كَبرتُ فصِرتُ رجلاً عريضاَ، أتدرين ماذا أصنع؟
- ماذا تصنعُ يا أحمد؟
- إنني أخنقُ بيدي كل هؤلاءِ الأطفال!
- سَؤأةٌ لك يا أحمد، كل طفل من هؤلاءِ له أمٌ مثلُ امنا التي ماتت، وله أخت مثلي، فما عسى ينزلُ بي لو ثَكِلتُك (فقدتك بموتك) إذا خنقَك رجلٌ طويل عريض؟
- لا، لا أخنقُهم، بل سأُرضيهم من نفسي، أنا أُريدُ أن أصيرَ رجلاً مثل (المدير) الذي رأيناهُ في سيارتِهِ اليومَ على حال مِنَ السطوةِ تُعلنُ أنهُ المدير... أتدرينَ ماذا أصنع؟
- ماذا تصنعُ يا أحمد؟




- أرأيتِ عربةَ الإسعافِ التي جاءَتْ عندَ الظهرِ فانقلبَتْ نعشاً (تابوتاً) للرجلِ الهرِمِ المحطَمِ الذي أُغمىِ عليه في الطريق؟ سمعتُهم يقولون: إِن المديرَ هو الذي أمرَ باتخاذِ هذهِ العربة، ولكنه رجل غُفلٌ لم يتعلم منَ الحياة مثلَنا، ولم تُحكِمهُ تجاربُ الدنيا، فالذي يموتُ بالفُجاءةَ أو غيرِها لا يُحييهِ المديرُ ولا غيرُ المدير، والذي يقعُ في الطريقِ يجدُ منَ الناس من يبتدرونه لنَجدتِه وإسعافِه بقلوبٍ إنسانية رحيمة، لا بقلبِ سواقِ عربةٍ ينتظرُ المصيبةَ على أنها رزقٌ وعَيش.
إِن عَرباتِ الإسعافِ هذه يجبُ أن يكونَ فيها أكل... ويجبُ أن تحملَ أمثالَنا مِنَ الطرقِ والشوارعِ إلى البيوتِ والمدارس، وِإن لم يكن للطفلِ أمٌ تُطعمُه وتُؤيه فلتُصنَع له أم.
كل شيءٍ أراه لا أراه إِلا على الغلَط، كأن الدنيا منقلبة أو مدبِرَةٌ إدبارَها، وما قط رأيتُ الأمورَ في بلادِنا جارية على مَجارِيها، فهؤلاءِ الحكامُ لا ينبغي أن يكونوا إِلا من أولادِ صالحي الفقراء، ليحكمُوا بقانونِ الفقرِ والرحمة، لا بقانونِ الغِنى والقسوة، وليتقحَّموا الأمورَ العظيمةَ المشتبهةَ بنفوس عظيمةٍ صريحةِ قد نبتت على صِلابةٍ وبأس، وخُلُقٍ ودينٍ ورحمة، فإنه لا ينهزمُ في معركةِ الحوادثِ إِلا روحُ النعمةِ في أهلِ النعمة، وأخلاقُ اللينِ في أهلِ اللين، وبهؤلاءِ لم يبرحِ الشرقُ من هزيمةٍ سياسية في كلِّ حادثةِ سياسية.






إن للحكمِ لحماً ودماً هم لحمُ الحاكمِ ودمُهُ فإِن كانَ صلباَ خَشِناَ فيه رُوحُ الأرضِ ورُوحُ السماءِ فذاك، وإِلا قَتَل اللينُ والتَرفُ الحكمَ والحاكمَ جميعاَ. وهؤلاءِ الحكامُ من أولادِ الأغنياءِ لا يكونُ لهم هم إِلا أنْ يرفعوا من شأنِ أنفسِهم، إِذِ السلطةُ درجة فوقَ الغِنى، ومن نال هذهِ استََرَفَ لتلك، فإذا جمعوهما كان منهما الخُلُقُ الظالمُ الذي يصورُ لهمُ الاعتداءَ قوةً وسطوةً وعلوًا، من حيثُ عَدِموا الخلُقَ الرحيمَ الذي يصورُ لهم هذِه القوةَ ضعفاً وجُبناً ونذالة. إِن أحدَهم إِذا حكم وتسلطَ أرادَ أن يضرب، ثم لم تكن ضربتُهُ الأولى إِلا في المبدأ الاجتماعي للأمة، أو في الأصلِ الأدبي للإنسانية. يحرصونَ على ما بِهِ تمامُهم، أي على السلطة، أي على الحكم، فيحملُهم ذلك على أن يتكفلوا للحرصِ أخلاقَه، واْن يجمعوا في أنفسِهم أسبابَه؟ مِنَ المداراةِ والمصانَعةِ والمهاوَنة، نازلاً فنازلاً إلى دَرَكِ بعيد، فينشرونَ أسوأ الأخلاقِ بقوةِ القانون ما داموا هُمُ القوة.
- وماذا تريدُ أن يصنَع أولادُ الأغنياءِ يا أحمد؟




- أما أولادُ الأغنياءِ فيجبُ أن يباشروا الصناعةَ والتجارةَ، ليجدوا عملاَ شريفاً يُصيبونَ منه رزقَهم باْيديهم لا بأيدي آبائِهم، فإنَّهُ واللَهِ لولا العمى الاجتماعيُّ لمَا كان فرقَ بين ابنِ أميرِ متبطل (عاطل عن العمل) في أملاكِ أبيه مِنَ القصورِ والضياع، وابنِ فقيرِ متبطلٍ في أملاكِ المجلسِ البلدي مِنَ الأزقةِ والشوارع.






وابن الأميرِ إذا كان نجاراَ أو حداداً أصلحَ السوقَ والشارعَ بأخلاقِهِ الطيبةِ اللينة، وتعففِه وكرمِه، فيتعلمُ سوادُ الناسِ منه الأمانةَ والصدق، إذ هو لا يكذبُ ولا يسرقُ ما دامَ فوقَ الاضطرار، ولا كذلك ابنُ الفقيرِ الذي يَضطرهُ العيشُ أنْ يكونَ تاجراً أو صانعاً، فتكونَ حرفتُه التجارةَ وهي السرقة، أو الصناعةَ وهي الغِش، ويكونُ في الناسِ أكثرَ عُمرِهِ مادَة كَذِبٍ وإثمٍ ولصوصيةٍ .
آهِ لو صِزتُ مديراً! أتدرينَ ماذا أصنع؟
- ماذا تصنعُ يا أحمد؟
- أعمدُ إلى الأغنياءِ فأردُهم بِالقوةِ إلى الإنسانية، وأحملهم عليها حملاَ، أُصلِحُ فيهم صفاتِها التي أفسدَها الترَفُ واللينُ والنعمة، ثم أُصلِحُ ما أخل به الفقرُ من صفاتِ الإنسانيةِ بالفقراء، وأحملُهم على ذلك حملاً، فيستوِي هؤلاءِ وهؤلاء، ويتقاربونَ على أصل في الدمِ إِنْ لم يلدهُ آباؤهم ولدَهُ القانون. ألا إِن سقوطَ أمتِنا هذه لم يأتِ إلا من تعادي الصفاتِ الأنسانيةِ في أفرادِها، فتقَطعَ ما بينهم، فهم أعداء في وطنِهم، وإن كان اسمُهم أهلَ وطنهم.
ومتى أُحكِمَت الصفاتُ الإنسانيةُ في الأمةِ كلها ودانى بعضاً- صار قانونُ كل فردِ كلمتين، لا كلمةً واحدةً كما هو الآن. القانون الاَن (حَقي) ونحن نُريدُ أنْ يكونَ (حَقي وواجبي) وما أهلَكَ الفقراءَ بالأغنياء، ولا الأغنياءَ بِالفقراءِ ولا المحكومينَ بالحكَّام- إِلا قانونُ الكلمةِ الواحدة.


أنا أحمدُ المدير.... لستُ المديرَ بما في نفسِ أحمد، ولا بمعدتِه وبطنِه، ولا بِما يُريدُ أحمدُ لنفسِهِ وأولادِه.... كلا، أنا عملٌ اجتماعي منظمٌ يحكمُ أعمال الناسِ بالعدلِ، أنا خُلقٌ ثابتٌ يوجهُ أخلاقَهم بِالقوة، أنا الحياةُ الأمُ معَ الحياةِ الأطفالِ الأخوةِ في هذا البيتِ الذي يُسمى الوطن، أنا الرحمةُ، عندي الجنةُ ولكنْ عندي جهنمُ أيضاَ ما دامَ في الناسِ من يعَصي، أنا بكل ذلك لستَ أحمد، لكني الإصلاح.





هأنذا قد صِرتُ مديراًَ أعُس في الطريقِ بالليلِ وأتفقدُ الناسَ ونوائبَهم.
من اْرى؟ هذا طفلٌ وأختُه على عَتبةِ البنكِ في حياةٍ كأهدامِهما (أثوابهما) المرقعة، في دُنيا تمزقَت عليهما، قمْ يا بني، لا تُرَع إنما أنا كأبيك، تقول: اسمُك أحمد، واسمُ اختك أمينة؟
تقول إِنك ما نِمْتَ مِنَ الجوع، ولكن مَضمَضتَ عينَك بشُعاعِ النوم؟
يا ولديّ المسكينين. بأي ذنب من ذنوبِكما دقَّتكما الأيامُ دقَّاً وطحنتكُما طحناً، وبأيّ فضيلةٍ منَ الفضائل يكَونُ ابنُ فلان باشا، وبنتُ فلان باشا في هذا العيشِ اللينِ يختارانِ منه ويتأنقان (يلبسان النيق من الثياب) فيه، ما الذي نفعَ الوطنَ منهما فيعيشا؟
إِن كنتَ يا بني لا تملِكُ لنفسِك الانتصارَ من هذه الظَّليمةِ فأنا أملِكُها لك، وإِنما أنا المظلومُ إِلى أنْ تنتصر، وإنَّما أنا الضعيفُ إِلى أنْ اَخذَ لكَ الحق.





إِلى يا ابنَ فلان باشا وبنتَ فلان باشا.
يا هذا عليكَ أخاك أحمدَ ولتكُن به حَفِيًا (مُرحباً)، ويا هذه، عليكَ أختَك الآنسة أمينة....
أتأبيانِ، أنَفْرَةً مِنَ الإنسانية، وتمرُداً على الفضيلة، أحَقَا بِلا واجب، دائماَ قانونُ الكلمة الواحدة؟! خُلقتُما أبيضينِ سخرية مِنَ القدرَ وأنتما في النفسِ من أحْبوشَةِ الزنجِ (شدة سواد اللون و الأدمة) ومَناكيدِ العبيد.
ورفع أحمدُ يدَه....
وكان الشرطي الذي يقومُ على هذا الشارع، وإليه حراسةُ البنك، قد تَوَسََّنَهما (أتاهما و هما نائمين) ودخلته الرّيبة، فانتهى إليهما في تلك اللحظة، وقبل أن تنزلَ يدُ سعادةِ المديرِ بالصفعة على وجهِ ابن الباشا وبنتِ الباشا كان هذا الشرطيُ قد ركَلَه برجلِه، فوثَبَ قائماً وأجتذبَ أختَه واَنطلقا عَدوَ الخيلِ من ألهُوبِ السَّوط.
وتمجدَتِ الفضيلةُ كعادتِها..!.. أنَّ مسكيناً حَلمِ بها..

أبوفزاع
12-12-2008, 04:24 PM
4



تابعونا دوما


ترجمة الاستاذ : مصطفى صادق الرافعي
1298هـ-1356 هـ

- ميلاده ونشاة تعلمه:
ولد مصطفىِ صادق الرافعي سنة 1298 هـ ببلدة (بهتيم) بمحافظة القليوبية بمصر وبها قضى شطراَ من صباه والتحق بمدرستها الابتدائية.

ثم نقل أبوه إلىالمنصورة فانتقل في صحبته، وفي المنصورة التحق بالابتدائية التي تخرج منها سنة 1315هـ ثم أصيب بالمرض الذي أضعف من صوته وأفضى بسمعه إلى الصمم فانقطع عن الدراسةوأقبل على مكتبة أبيه التي كانت تزخر بصنوف الكتب وكان أبوه من علماء الأزهر، ولذاكان مجلسه عامراً بالعلماء والأدباء ومكتبته زاخرة بنفائس الكتب ومن هذه المصادرالثلاثة: (أبو الرافعي الشيخ عبد الرازق، ومكتبته، ومرتادو مجلسه من العلماء) استقىالرافعي علمه وتحصيله.

ثم نقل الشيخ عبد الرازق إلى طنطا قاضياً بمحكمتها فانتقل معه ابنهمصطفى وبها عين كاتبا في المحكمة، وكان مثال الإخلاص والنشاط في عمله الذي لم يصرفهعن الإقبال على القراءة والكتابة وبقي بها حتى أحيل إلى التقاعد وكان قد رشح منرئيس التشريفات (نجيب باشا) لأن يكون شاعر الملك يمدحه في المناسبات فبقي كذلك حتىحدث مشاكل ادت به الى الانقطاع عن ذالك ، وباثرها انتخب عضوًا للمجمع العلمي بدمشق.

وكان منزله ومكتبته،ومتنزه اجتماعه, أمكنة يرتادها تلامذة الرافعي ومحبوه وكان يتلقى أسئلتهم ويجيبعليها بصدر رحب، كما كان يبتهج بهؤلاء ويأنس بهم إلى أن توفي رحمه اللّه سنة 1356هـ.


-أدبه:

يعد الرافعي في زمانهحامل لواء الأصالة في الأدب، ورافع راية البلاغة فيه، ثم إنه الرجل الذي وقف قلمهوبيانه في سبيل الدفاع عن القرآن ولغة القرآن، ولذا وجدنا الصراع يشتد بينه وبنأولئك الذين استراحوا للفكر الغربي وأقبلوا عليه حتى وإن كان حربا على أمتهم ودينهمولغتهم.

ولقد بدأالرافعي حياته الأدبية شاعرَاَ وأصدر إذ ذاك ثلاثة دواوين أعجب بها أهل زمانهفأطلقوا عليه [شاعر الهوى والشباب] ووجد الرافعي أن الشعر لا يحقق له طموحاته فأقبلعلى النثر ولم يعد يهتم بالشعر إلا لماما.

ولقد كانت صلة الرافعي بالصحف مبكرة حيث أقبل عليهايودع صفحاتها مقالاته وبحوثه التي كان يطرق بها كل ميدان من ميادين الحياة، فيعالجقضايا المجتمع كالفقر والجهل وزواج الشيب بالشابات، ويركز على القضايا ذات الصبغةالإسلامية كمسألة السفور مثلاً.

ويقف بقلمه في وجو أعداء الإسلام الذين تكاثروا في ميدان الطعن فيهسواء منهم من كان من الغربيين، أومن مستغربي العرب، ويجعل من بيانه حصنا يصد عناللغة العربية سهام المغرضين، ولقد عرف هؤلاء فيه قوته وصلابته فأرادوا استمالتهإلى نهجهم من طريق إغرائه بالإمامة في الأدب في العصر الحديث.

ومن ذلك ما ورد في مقالةجبران التي صدها الرافعي في كتابه (تحت راية القرآن) أو (المعركة بين القديموالجديد) ولقد بدأ الرافعي حياته الأدبية بالهجوم على أرباب المراتب العالية فيالأدب مثل البارودي والمنفلوطي فلما صار في المقدمة من أهل هذا الفن عاد واعترف بأنعمله ذلك كان من نزق الشباب، وهذا دليل على صدق الرافعي مع نفسه والناس.

ولم يكد منهج الرافعييشتهر في الناس حتى أقبلوا عليه، وأقبلت معهم الصحف والمجلات وكان طبيعياً أن يجدمن بعض مزامنيه من يقف في وجهه إما كرها لنهجه، وإما خوفاً من مزاحمته، وإما لأسبابأخرى ليس هذا مجال بسطها.

وكان من أهم أولئك عباس محمود العقاد والدكتور طه حسين وكان العقادأكثرهم صلفاً في نقده ولذا خصه الرافعي بكتاب سماه [على السفود].

كما أودع كتاب [تحت رايةالقرآن] أو (المعركة بين القديم والجديد) ردوده على طه حسين وآخرين، وقد تتلمذ عليهكثير من الأدباء مثل حسنين مخلوف ومحمد سعيد العريان وآخرون كثير كانوا يراسلونهويقصدونه في طنطا فيجلسون إليه ويأخذون عنه رحمه الله رحمة واسعة.

ويختلف أسلوب الرافعياختلافاً واضحاً:

أ- فهوفي وحي القلم، وتاريخ آداب العرب، سهل طبيعي تَسير معه فيه فلا تجد عناءً في فهملغته وأسلوبه وإدراك مقاصده ومراميه.

ب- وهو في السحاب الأحمر ورسائل الأحزان مثلا أسلوب عصي شموس لاينقاد لك إلا بعد أناة وتأمل وإطالة نظر ولعل مرد ذلك إلى أنه في النوع الأول كانيكتب متلمساً طريق فهم الآخرين. أما في الثاني فكان يكتب لنفسه صفحات أراد منها أنتكون صوراً للبلاغة وواحات للبيان اللغوي الجزل الذي لا يمتلك ناصيته إلا مثل قلمالرافعي رحمه الله.


-آثاره:

كان الرافعي- رحمه اللّه- يكتب كثيرا وكان لا يدع خاطرة تمر دون أنيسجلها غير أن خطه كان رديئاً، ولذا ضاع كثير مما كتب، ومنه جزء كبير من كتاب (تاريخ الأدب) بعضه بسبب رداءة خط المؤلف ذكر ذلك العريان الذي حاول استخلاص مايمكن استخلاصه من مسودات ومع هذا وجدت له المؤلفات الآتية:

1- دواوينه الشعرية التيخرج منها خمسة أجزاء ثلاثة باسم ديوان الرافعي والرابع باسم نظرات، والخامس باسمأغاني الشعب.

2- تاريخآداب العرب وقد طبع منه الجزء الأول والثاني في حياة المؤلف، ثم جمع العريان مااستطاع جمعه وتصنيفه من مسودات الأجزاء الباقية فأخرجه في جزء ثالث، وعندي أن هذاالكتاب من أفضل ما كتب في تاريخ الآداب لو كملت مادته.

3- المساكين وكان الرافعي قد تأثر فيه بكتاب البؤساءلفيكتور هيجو.

4- حديث القمر.

5- رسائل الأحزان.

6- السحاب الأحمر.

7- أوراق الورد.

وهذه الكتب الأربعة نمطمن الحديث في الحب العفيف قال الرافعي إنه أراد بها أن يوجد هذا الفن في النثر كماوجد في الشعر.

8- وحيالقلم ويقع في ثلاثة مجلدات، وكان حصيلة ما نشر الرافعي في مجلة الرسالة في آخرحياته، وهو مجموعة مقالات عالج فيها قضايا الإسلام والأدب واللغة والمجتمع.

9- إعجاز القرآن ويعدونهجزءًا من تاريخ الأدب.

10- تحت راية القرآن أو (المعركة بين القديم والجديد) وهي مجموعةمقالات رد بها الرافعي على عدد من خصومه، ومن أعداء الإسلام.

11- رسالة الجهاد وقدطبعت باسم رجل طلب منه أن يكتب في هذا الموضوع فلما كتب وبعث بما كتب إلى صاحبه هذاطبع الرسالة باسمه ولم يذكر اسم المؤلف الحقيقي وهو الرافعي.

12- قول معروف، ورد ذكرهواكتمال مادته، ولم يعرف عنه شيء.

13- وهناك مؤلفات ورد خبر بدئه في بعضها وتهيؤه للبدء في الآخر ولمنر شيئاً منها وهي:

1- أسرار إعجاز القرآن الكريم

2- حياة محمد صلى الله عليه وسلم

3- معارضة كتاب كليلة ودمنة

4- إتمام تاريخ الأدب العربي.

وعلى أي حال فإنمؤلفات الرافعي رغم كثرتها وغزارة مادتها لا تمثل المنزلة التي حظي بها الرافعي في الأوساط الأدبية، ومن دلائل هذه المنزلة ما كتب عنه من مؤلفات منفصلة، ثم ما ورد منذكر له في جل مؤلفات أهل هذا العصر.





http://www.gulfkids.com/images3/Arrf.jpg







الرافعي الاديب الاروع والشاعر الثائر المبدع،
صاحب الذوق الرقيق والفهم الدقيق،
الغواص على جواهر المعاني الضارب على اوتار مثالتها والمثاني
كما يقول محمد رشيد رضا
وكتاب " وحي القلم " ربما هو كتاب الادب العربي المعاصر الاول في النثر
ذاع صيته واقتناه عاشقو العربية بل تمتع بمقالاته العامي قبل المثقف،
وكم غاب قارئه عما حوله فكأنه سكران،
وهو رغم ذلك بعيد عن الفحش والهجر وان تناول مواضيع اجتماعية واخرى عن الوصف والحب،
كما فيه مواضيع توضح ما التبس من حقائق الاسلام وآدابه وخلفياته وبعض جماليات القرآن
ينتزع من الدنيا حقائقها،
ويرسلها ضمن نصوص صيغت بصيغة القصة التي تنزع إلى لفت نظر القارئ إلى المغزى،
وبأسلوب يظهر الرافعي فيه الحياة بصورة أوفى وأدق وأجمل،
فهو يضع كل شيء في خاص معناه،
ليكشف حقائق الدنيا كشفةً تحت ظاهرها الملتبس.
وتلك هي بحق صناعة الرافعي الفنية الكاملة،
تستدرك النقص فتتمه، وتتناول السر فتعلنه،
وتلمس المقيد فتطلقه، وتأخذ المطلق فتحده،
وتكشف الخيال فتظهره،
وترفع الحياة درجة في المعنى،
وتجعل الكلام كأنه وجد لنفسه عقلاً يعيش به.

والرافعي ينسج خطوط قصصه في "وحي القلم" الذي جاء ضمن ثلاثة أجزاء،
ينسجها بريشة فنان، يحلق في عالم الوجدان،
فتأتي مصبوغة بوجدان الإيمان العميق،
تبغي البحث في خبايا وأعماق الحياة والإنسان.

البرونزي
12-12-2008, 06:01 PM
بارك الله فيك اخي ابو فزاع على تلك المذكرات الجميله