المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : خلق الكرام ( العدل - الحلم)


ابن وعيل
07-01-2005, 02:40 PM
لو سألتني ما هي أسس الخلق الكريم ؟ لقلت لك ( العدل والحلم) ! ولو قلت لي ما أصعب شيء على الإنسان ؟ لأجبتك أيضا : العدل والحلم) كثير منا يسمع كثيرا عن خلق الحلم وعن خلق العدل.. لكنه ربما لم يتأمل ولم يتصور عظيم شأنهما وفضيلتهما ومشقتهما أيضا على النفس.. ولذا متى ما اجتمعتا في إنسان الا وأكسبتاه المهابة والتعظيم في قلوب الناس وصار بينهم مثالا يحتذى وأسوة يقتدى بها.. أما الحلم ..فقد امتدح الله تعالى نبيه ورسوله وخليله ابراهيم عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام بقوله : ( إن ابراهيم لحليم أواه منيب) ووصف اسماعيل عليه السلام بالحلم بقوله ( وبشرناه بغلام حليم) وقول الله تعالى : ( والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين) وقال النبي صلى الله عليه وسلم لأشج عبدالقيس : ان فيك لخصلتين يحبهما الله ورسوله الحلم والأناة ) وفي الحديث: من كظم غيظا وهو يستطيع أن ينفذه دعاه الله يوم القيامة على رؤوس الخلائق حتى يخيره أي الحور شاء) وكان علي بن ابي طالب رضي الله عنه يقول : لا شرف كالعلم ولا عز كالحلم) وكان يقول ايضا: الحلم غطاء ساتر فاستروا الأخلاق بالحلم)

واستمع الى قول المتنبي :

وأحلم عن خلي وأعلم أنه .. متى أجزه حلما عن الجهل يندم

والحلم هو خلق رفيع يجمع بين كظم الغيظ وضبط النفس وهدوء البال وتماسك الأعصاب والصفح والعفو عند المقدرة.. وهذه لا يقدر عليها الا أبطال الرجال .. يقول النابغة الجعدي:

ولا خير في حلم اذا لم يكن له.. بوادر تحمي صفوه أن يكدرا


وأما العدل فهو أسمى الأخلاق وأشقها واصعبها على النفس.. انه يجمع بين الإنصاف والصدق والمروءة والشهامة والنبل وحفظ العهد واداء الأمانة.. يقول الله تعالى : يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين) وأمر الله تعالى نبيه بالعدل والقسط فقال: ( وان حكمت فاحكم بينهم بالقسط) وقوله ( إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات الى أهلها واذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل)

وان من أشنع الأخلاق وأبشعها وارذلها هو خلق الظلم الذي هو على النقيض .. فاذا كان العدل هو الميزان الذي يظبط شؤون الناس وأمورهم ويحقق المعاني السامية في المجتمع ويرسخ المباديء العالية من المساواة والانصاف بين الناس فإن الظلم يهدم كل المعاني الفاضلة ويحدث هوة سحيقة في داخل الصف الانساني .. وهو شيمة الفاشلين وخلق المرذولين الذين يعجزون عن الانتصار على ذواتهم المريضة التي لا تفكر الا في مصالحها وتدع الطوفان يغرق الآخرين.. ولئن كان العدل يحقق المساواة والتكافؤ بين الناس فان الظلم يغرق السفينة ويزرع الإحن والعداوات .. ولهذا يقول الله تعالى في الحديث القدسي : يا عبادي اني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا ) فمن عظيم شأن الظلم أن الله تعالى حرمه على نفسه .. يقول جميل صدقي الزهاوي:

العدل كالغيث يحي الأرض وابله.. والظلم في الملك مثل النار في القصب

ويقول أبو العتاهيه :

لا تمش في الناس الا رحمة لهم.. ولا تعاملهم الا بإنصاف

ويجمع كل ما سبق ذكره قول الله تعالى : إن الله يأمركم بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون)

وكفى بالظلم سوءا تهديد الله لفاعليه بقوله ( ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون) وقوله : (وما كنا مهلكي القرى الا وأهلها ظالمون) وقوله : وما للظالمين من نصير) وقوله ( وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون) وقوله ( فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا) وقوله صلى الله عليه وسلم : الظلم ظلمات يوم القايمة) وما أجمل واقوى قول محمد الزين :

واقتل داء رؤية المرء ظالما,, يسيء ويتلى في المحافل حمده


وقول زهير بن ابي سلمى :

وما من يد الا يد الله فوقها.. ولا ظالم الا سيبلى بأظلم


وقول الآخر:

يا ظالما فرحا بالعز ساعده.. ان كنت في سنة فالدهر يقظان

وختاما يجب ان ندرك ان كل فضيلة فانه يقابلها رذيلة .. فالعدل خلق رفيع عظيم يقابله الظلم الحاق الأذى بالناس وعدم الانصاف من النفس.. والحلم خلق رفيع سامي.. يقود صاحبه الى كل خير يقابله الطيش والعنف والغضب .. فلنجاهد أنفسنا لتحصيل حسن الاخلاق وحميدها ونروض أنفسنا عليها عسى الله أن يشملنا بعفوه ورحمته



محمد بن حمد الدريهم

راكان اليامي
07-01-2005, 02:43 PM
لاهنت يابو عبدالله على الموضوع يالغالي

ابن وعيل
07-01-2005, 06:36 PM
تسلم على المرور يابوسالم

فجر
03-03-2005, 06:14 AM
طرح رائع جميل ، يكفي أنه يحدثنا عن فضيلتان
العدل والحلم

جزاك الله خير ياابن وعيل


بندوول