المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مشهد من الواقع


شما
21-03-2006, 11:48 AM
هي امرأة لم تنجح السنوات السبعون التي بلغتها في إخفاء ملامح الجمال وومضات النشاط التي كانت تتحلى بها يوما، وما زالت بقايا منها تطل من وجه خبِرَ الحياة مع إضاءات إيمان ساطعة تبرق في عينين كاد يوهن ضوءهما الزمن.

تتخذ لها كرسيا في فناء بيتها وعيناها معلقتان بالباب، تتنسم شيئا من الهواء الساخن بعمق ثم تنفثه في زفرة حارة تعجَب إن كنت بقربها مما تحمله من مزيج عجيب من الضيق والشوق والتسليم بأمر واقع لا مفر منه.

توشك على القيام من مكانها بعد ارتفاع الشمس في كبد السماء لكن صوت سيارة في الشارع الرملي الذي يطل عليه بيتها ألصَقَ قدميها بالأرض وعينيها بفتحة صغيرة أسفل الباب، وخفق قلبُها لهفة، واشرأبّ عنقها للأمام تكاد نظَراتُها المترقبةُ تخترق جسم الباب الحديدي لتطالع ما خلفَه.

ولكن استمرار صوت محرك السيارة ومضيها في طريقها وتخطيها باب بيتها قضى على ما تراءى لها من طيف الأمل.

جاءها صوت من خلفها يطلب منها الدخول لاشتداد حرارة الشمس، التفتت لترى خادمتها الباسمة ونظراتها المشفقة، فتماسكت ونهضت متكئة على الشغالة، دخلت غرفتها وفتحت جهاز التسجيل لينطلق صوت قارئ القرآن يزيح ما بقلبها من همّ، ويستبدل بشوقها الأرضي شوقا علويا.

تلك واحدة من المنسيين في هذا العالم، وتلك وتيرة حياتها اليومية: ترقب وانتظار وتعلق بحبال الأمل الذي تمده أصوات السيارات المارة قرب الباب عسى أن تكون لأحد الأحبة ثم سماع القرآن ثم الغداء وشيء من النوم، ثم العودة للجلوس في ترقب وانتظار.

تعبت وربّت ورعَت وخرّجت أجيالا.. ولكن.. أخذتهم دوامة الحياة وأهواء النفوس، فتركوها وحيدة ولسان حالهم يقول: لسنا كمن يعق الوالدين ويلقيهم في دور العجزة ورعاية المسنين، هي في بيتها وأمورها ميسرة، والمساعدة الاجتماعية تكفيها في ظنهم والخادمة تقوم بشؤونها، ونحن نزورها بين حين وآخر مرة في الشهر أو الشهرين وأعذارنا كثيرة فلدينا أشغالنا وأولادنا وارتباطات كثيرة هنا وهناك.. فماذا نفعل أكثر من ذلك؟

أترك القصة التي رأيت بعيني هذا المشهد منها بلا تعليق، فهي أبلغ من أي تعليق

محمد الهتلاني
22-03-2006, 06:29 AM
لا حول ولا قوة الا بالله عقوق الوالدين اكبر مصيبه وراح يعيش الابناء العاقين تبعات العقوق في الدنيا والاخرة.

مشكورة اخت شما

شما
22-03-2006, 10:08 PM
شكرا لاضافتك وتعقيبك يا محمد
يعطيك العافية

أبو مسعود
23-03-2006, 03:16 PM
لا حول ولا قوة الا بالله


يعطيش العافيه

شما
23-03-2006, 03:30 PM
يعافيك ربي يا بو مسعود على المرور

المرزوقي
25-03-2006, 10:54 PM
اختي الغاليه / شما



مشااركه راائعة وهادفه

باارك الله فيك ووفقك لمافيه الخير والصلاح

اسأل الله العلي القدير ان يوفقنا في بر والدينا


دمتي بكل الود


تحيتي لك

شما
27-03-2006, 11:52 PM
شكرا لك المرزوقي
اسعدني تعقيبك ومرورك الكريم